موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

ويشترط في صحة الصلاة أيضاً إزالتها عن موضع السجود دون المواضع الأُخر فلا بأس بنجاستها إلاّ إذا كانت مسرية إلى بدنه أو لباسه (١).

______________________________________________________

الفرض ، إلاّ أنه لو صلّى معه ولم يكن له ساتر آخر بطلت صلاته لأنه صلّى عارياً فإن المصلي كما يصح أن يقال له إنه صلّى عارياً فيما إذا صلّى في بيت مسقف أو في ظلمة ونحوهما ولم يكن لابساً لشي‌ء ، كذلك إذا صلّى تحت اللحاف من دون أن يكون له لباس فيقال إنه عريان تحته فيحكم ببطلان صلاته ، وهذا بخلاف ما إذا كان له ساتر غير اللحاف لأنّ نجاسته غير مانعة عن صحة الصلاة لعدم كون اللحاف لباساً للمصلِّي ، وإنما هو من المحمول المتنجس في الصلاة ويأتي حكمه في محلِّه (١) إن شاء الله.

(١) هذا هو المعروف بينهم بل ادعى جملة من الأصحاب الإجماع عليه وعن أبي الصلاح اشتراط الطهارة في مواضع المساجد السبعة بأجمعها (٢) ، كما حكي عن السيد قدس‌سره اعتبارها في مطلق مكان المصلي ، سواء أكان من مواضع المساجد أو غيرها (٣). والظاهر بل الواقع أن محل النزاع والكلام ومورد النفي والإثبات إنما هو النجاسة غير المتعدية لأنها إذا كانت متعدية فلا ينبغي الإشكال في بطلان الصلاة معها ، وهذا لا لأجل اشتراط الطهارة في المكان بل من جهة اشتراطها في ثوب المصلي وبدنه حيث إن النجاسة المتعدية تسري إليهما وبه تبطل صلاته.

بل عن فخر المحققين قدس‌سره اعتبار خلو المكان عن النجاسة المسرية من جهة اعتبار الطهارة في المكان (٤). وكيف كان ، فاشتراط خلو المكان عن النجاسة المسرية موضع وفاق عندهم وإنما الاختلاف بين الفخر وغيره في أنه يعتبر ذلك بما أن الطهارة شرط في المكان ، وغيره يعتبر من جهة أن الطهارة شرط في ثوب المصلي‌

__________________

(١) في ص ٤٣٦.

(٢) الكافي لأبي الصلاح : ١٤٠ ١٤١.

(٣) حكاه في الذكرى : ١٥٠ ، مستند الشيعة ٤ : ٤٢٣.

(٤) الإيضاح ١ : ٩٠.

٢٤١

وبدنه. وتظهر ثمرة الخلاف فيما إذا كانت النجاسة المسرية مما يعفى عنه في الصلاة كما إذا كان أقل من مقدار الدرهم من الدم ، أو كانت النجاسة مسرية إلى الجورب وغيره مما لا يتم فيه الصلاة ، فان في هذه الموارد لا بد من الحكم ببطلان الصلاة بناءً على ما ذهب إليه الفخر قدس‌سره من اشتراط خلو المكان عن النجاسة المسرية من جهة اعتبار الطهارة في المكان ، ويحكم بصحتها بناء على أن اعتبار عدم النجاسة المسرية في المكان من جهة اشتراط الطهارة في ثوب المصلي أو بدنه ، حيث إن نجاستهما معفو عنها على الفرض ، أو أنها إنما تسري إلى الجورب وغيره مما لا يتم فيه الصلاة والنجاسة فيه غير مانعة عن الصلاة.

إذا عرفت ذلك فالكلام تارة يقع في اعتبار الطهارة في مسجد الجبهة ، وأُخرى في اعتبارها في مواضع المساجد السبعة بأجمعها ، وثالثة في اشتراطها في مطلق مكان المصلي.

أما اعتبارها في مسجد الجبهة فالظاهر أنه مما لا شبهة فيه بل هو إجماعي عندهم. وقد يتوهم الخلاف في المسألة من جماعة منهم المحقق قدس‌سره حيث حكي عنه أنه نقل في المعتبر عن الراوندي وصاحب الوسيلة القول بجواز السجدة على الأرض والبواري والحصر المتنجسة بالبول فيما إذا تجففت بالشمس واستجوده (١) ، مع ذهابهم إلى عدم طهارة الأشياء المذكورة بذلك ، لأنّ الشمس عندهم ليست من المطهّرات لبعد طهارة المتنجس من دون ماء ، وهذا في الحقيقة ترخيص منهم في السجدة على المتنجسات. وهذا التوهّم بمكان من الفساد لأن المحقق أو غيره لا يرى جواز السجدة على المتنجس ، وإنما رخّص في السجدة على الأرض المتنجسة ونحوها من جهة ثبوت العفو عن السجود على أمثالها عند جفافها بالشمس مع الحكم ببقائها على نجاستها فانّ الشمس عندهم ليست من المطهرات ، كما التزموا بذلك في ماء الاستنجاء لأنه نجس معفوّ عند بعضهم ، ومن هنا لم يرخّصوا في السجدة على الأرض المتنجسة إذا لم تجف بالشمس.

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤٤٦ ، الوسيلة : ٧٩.

٢٤٢

فتحصّل : أنه لا خلاف في اعتبار الطهارة في مسجد الجبهة عند أصحابنا ، ويدلُّ عليه صحيحة الحسن بن محبوب عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه كتب إليه يسأله عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه‌السلام إليَّ بخطِّه : أنّ الماء والنار قد طهّراه (١) حيث قرّر عليه‌السلام السائل على اعتقاده أن النجاسة في مسجد الجبهة مانعة عن الصلاة ولم يردع عن ذلك ، وإنما رخّص في السجود على الجص نظراً إلى طهارته بالماء والنار.

هذا كله في الاستدلال بها. وأما فقه الحديث وبيان أن الجص بعد ما تنجس بملاقاة العذرة وعظام الحيوانات الميتة حيث يوقد بهما كيف يطهّره الماء والنار ، ولا سيما أن العظام تشمل المخ وأن فيه دهناً ودسومة. فقد يقال : إن المراد بالنار حرارة الشمس والمراد بالماء رطوبة الجص الحاصلة بصب الماء عليه ، لعدم إمكان التجصيص بالجص اليابس ، فمرجع الصحيحة إلى أن الجص المشتمل على الرطوبة والمتنجس بالعذرة وعظام الموتى يطهر باشراق الشمس عليه. ولا يخفى بعده لأن حمل النار على حرارة الشمس وإرادة الرطوبة من الماء تأويل لا يرضى به اللبيب. وقد يقال : إن الصحيحة غير ظاهرة الوجه إلاّ أن جهلنا بوجهها وأن الماء والنار كيف طهّرا الجص غير مضر بالاستدلال بها على اشتراط الطهارة في مسجد الجبهة ، لأن دلالتها على ذلك مما لا خفاء فيه لتقريره عليه‌السلام هذا.

والصحيح أنه لا هذا ولا ذاك وأنّ الماء والنار باقيان على معناهما الحقيقي وأنّ الجص طهر بهما ، وذلك لأنّ النار توجب طهارة العذرة والعظام النجستين بالاستحالة حيث تقلبهما رماداً ، ويأتي في محلِّه (٢) أنّ الاستحالة من المطهرات. وأما الماء فلأن مجرّد صدق الغسل يكفي في تطهير مطلق المتنجس إلاّ ما قام الدليل على اعتبار تعدّد الغسل فيه ، ويأتي في محلِّه (٣) أن الغسلة الواحدة كافية في تطهير المتنجسات ، كما‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥٢٧ / أبواب النجاسات ب ٨١ ح ١ وكذا في ٥ : ٣٥٨ / أبواب ما يسجد عليه ب ١٠ ح ١.

(٢) في المسألة [٣٦٢] ( الرابع : الاستحالة ).

(٣) في المسألة [٣١١].

٢٤٣

وقفت فيما سبق (١) على أن غسالة الغسلة المتعقبة بطهارة المحل طاهرة سواء خرجت عن محلها وانفصلت أم لم تنفصل ، فإنه لولا ذلك لم يمكننا تطهير الأراضي الرخوة لعدم انفصال غسالتها أبداً ، وعليه فاذا صبّ الماء على الجص المتنجس أو جعل الجص على الماء فلا محالة يحكم بطهارته وإن لم تخرج غسالته ، وبهذا يصح أن يقال : إنّ الماء والنار قد طهّراه ، كما يصح أن يسجد عليه ولا يمنع ذلك طبخه لأنّ الجص من الأرض ولا تخرج الأرض عن كونها أرضاً بطبخها ، كما أنّ اللّحم في الكباب لا يخرج عن كونه لحماً بطبخه ، فلو كان أكل اللحم محرّماً حرم أكل مطبوخه أيضاً ، فلا مانع من السجود على الأرض المطبوخة كالجص والكوز والآجر وإن منع عنه الماتن قدس‌سره في محلِّه (٢) إلاّ أنّا كتبنا في تعليقتنا : أن الأظهر جواز السجود على النورة والجص المطبوخين أيضاً لعدم خروج الجص بالطبخ عن كونه أرضاً وكذا غيره من الأجزاء الأرضية. ودليلنا على ذلك هذه الصحيحة كما يأتي في محلِّه.

هذا كلّه في اعتبار الطهارة في مسجد الجبهة. وأما اشتراطها في مواضع المساجد السبعة بأجمعها فقد حكي القول بذلك عن أبي الصلاح الحلبي كما مرّ (٣) ولم يظهر لنا وجهه ، ولعلّه اعتمد في ذلك على النبوي : « جنِّبوا مساجدكم النجاسة » (٤) فان المساجد جمع محلى باللاّم يعم المساجد السبعة بأجمعها. ويرد على الاستدلال به وجوه : الأوّل : أن الحديث نبوي ضعيف السند ولم يعمل المشهور على طبقه حتى يتوهّم انجباره. الثاني : أن المراد بالمساجد لم يظهر أنه المساجد السبعة في الصلاة فإنّ من المحتمل أن يراد بها بيوت الله المعدّة للعبادة ، ويقرِّب هذا الاحتمال بل يدل عليه أنّ هذا التعبير بعينه ورد في غيره من الأخبار وقد أُريد منها بيوت الله سبحانه كقوله عليه‌السلام « جنّبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان .. » (٥) ومن الظاهر‌

__________________

(١) بعد المسألة [١٣٣] ( فصل في الماء المستعمل ).

(٢) في المسألة [١٣٤٩].

(٣) في ص ٢٤١.

(٤) الوسائل ٥ : ٢٢٩ / أبواب أحكام المساجد ب ٢٤ ح ٢.

(٥) الوسائل ٥ : ٢٣٣ / أبواب أحكام المساجد ب ٢٧ ح ١.

٢٤٤

عدم إمكان إرادة المساجد السبعة في مثله ، فالرواية قاصرة الدلالة على المدعى.

الثالث : أنّ المراد بالمساجد لو كان هو المساجد في الصلاة فلا محالة ينصرف إلى مساجد الجبهة للانسباق والتبادر إلى الذهن من إطلاقها. وأما التعبير عن مسجد الجبهة بالجمع فهو بملاحظة أفراد المصلين كما لا يخفى ، هذا كلّه في هذا الحديث. وأما الصحيحة المتقدمة فالمستفاد منها بتقريره عليه‌السلام إنما هو مانعية النجاسة في مسجد الصلاة في الجملة ولا إطلاق لها بالنسبة إلى غير مسجد الجبهة. وكيف كان فلم نقف على دليل يدل على اعتبار الطهارة في مواضع المساجد السبعة بأجمعها.

وأما اشتراط الطهارة في مكان المصلي مطلقاً وهو الذي حكي القول به عن السيد المرتضى (١) قدس‌سره فقد استدل عليه بموثقتين : إحداهما : موثقة ابن بكير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الشاذكونة الفراش الذي ينام عليه يصيبها الاحتلام أيصلّى عليها؟ فقال : لا » (٢). وثانيتهما : موثقة عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : « سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد يبس الموضع القذر ، قال : لا يصلِّي عليه ... » (٣).

ويمكن أن يستدل على ذلك أيضاً بغيرهما من الأخبار منها : صحيحة زرارة وحديد بن حكيم الأزدي جميعاً قالا « قلنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : السطح يصيبه البول أو يبال عليه يصلّى في ذلك المكان؟ فقال : إن كان تصيبه الشمس والريح وكان جافاً فلا بأس به إلاّ أن يكون يتّخذ مبالاً » (٤). وقد أُخذ فيها في موضوع الحكم أمران :

جفاف الشي‌ء وإصابة الشمس عليه ، كما دلّت بمفهومها على عدم جواز الصلاة في المكان المتنجس إلاّ أن يطهر باشراق الشمس عليه. ومنها : صحيحته الأُخرى « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلّى فيه؟ فقال : إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر » (٥). لدلالتها على أن المكان الذي‌

__________________

(١) تقدّم في ص ٢٤١.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٥٥ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٦.

(٣) ، (٤) ، (٥) الوسائل ٣ : ٤٥٢ / أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٤ ، ٢ ، ١.

٢٤٥

يصلّى فيه إذا لم يكن طاهراً ولو باشراق الشمس عليه فلا تصح فيه الصلاة.

وقد يستدل على ذلك بما ورد « من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصلاة في المجزرة ، والمزبلة ، والمقبرة ، وقاعة الطريق ، وفي الحمام ، وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله » (١) بدعوى أنه لا وجه للمنع عنها في مثل المجزرة والمزبلة والحمام إلاّ نجاستها. ويدفعه أن ظاهر النهي في الأماكن المذكورة أنها بعناوينها الأولية ككونها حماماً أو مزبلة أو مجزرة مورد للنهي عن الصلاة فيها لا بالعنوان الثانوي ككونها نجسة أو محتمل النجاسة ، والسر في ذلك النهي أن الصلاة لأجل شرافتها وكونها قربان كل تقي ومعراج المؤمن مما لا يناسب الأمكنة المذكورة لاستقذارها واستخباثها ، فلا محالة يكون النهي فيها محمولاً على الكراهة وليس الوجه فيه نجاستها ، لأن النسبة بين تلك العناوين وبين عنوان النجس عموم من وجه ، فيمكن أن تقع الصلاة في الحمام أو غيره مع التحفّظ على طهارة المكان ولو بغسله عند الصلاة.

وأما الأخبار المتقدمة فتفصيل الجواب عنها : أن موثقة ابن بكير المانعة عن الصلاة في الشاذكونة التي أصابها الاحتلام معارضة بصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن الشاذكونة يكون عليها الجنابة أيصلّى عليها في المحمل؟ قال : لا بأس بالصلاة عليها » (٢) وفي رواية الشيخ قال : لا بأس (٣) ورواية ابن أبي عمير قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أصلِّي على الشاذكونة وقد أصابتها الجنابة؟ فقال : لا بأس » (٤) والجمع بينهما إنما هو بأحد أمرين : أحدهما : حمل قوله في الموثقة : « لا » على الكراهة بقرينة التصريح في الصحيحتين بالجواز. وثانيهما : حمل الموثقة على ما إذا كانت الشاذكونة رطبة وذلك لانقلاب النسبة بينهما وبيانه : أنّ‌

__________________

(١) أخرجه الترمذي ٢ : ١٧٨ / ٣٤٦ ، ابن ماجة ١ : ٢٤٦ / ٧٤٦ عن رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) أنه نهى أن يصلي في سبع مواطن في المزبلة .... وعنه في تيسير الوصول ٢ : ٢٥٠ ، وفي كنز العمّال ٧ : ٣٣٩ / ١٩١٦٦.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٥٤ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦٩ / ١٥٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ / ١٤٩٩.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٥٤ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٤.

٢٤٦

الصحيحتين وإن كانتا ظاهرتين في الإطلاق من حيث رطوبة الشاذكونة وجفافها ، إلاّ أنه لا بد من تقييدهما بصورة الجفاف وعدم رطوبتهما للأخبار المعتبرة الدالة على اعتبار الجفاف في مكان الصلاة إذا كان نجساً كما يأتي نقلها عن قريب ، فاذا قيدنا الصحيحتين بصورة الجفاف فلا محالة تنقلب النسبة بينها وبين الموثقة من التباين إلى العموم المطلق ، لإطلاق الموثقة وشمولها لصورتي جفاف الشاذكونة ورطوبتها ، وبما أن الصحيحتين المجوزتين مختصتان بصورة الجفاف فيتقيد بهما الموثقة وتكون محمولة على صورة الرطوبة لا محالة ، هذا كله في الجواب عن الموثقة.

وأما غيرها من الأخبار الثلاثة المتقدمة فالجواب عنها أنها أيضاً كالموثقة معارضة بغير واحد من الأخبار : منها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن البواري يبل قصبها بماء قذر أيصلّى عليه؟ قال : إذا يبست فلا بأس » (١) ومنها : موثقة عمّار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البارية يبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال : إذا جفت فلا بأس » (٢). ومنها : ما رواه في قرب الاسناد أيضاً عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل مرّ بمكان قد رش فيه خمر قد شربته الأرض وبقي نداوته أيصلِّي فيه؟ قال : إن أصاب مكاناً غيره فليصل فيه وإن لم يصب فليصل ولا بأس » (٣) ، ومنها : صحيحة أُخرى لعلي بن جعفر حيث سأل أخاه عليه‌السلام عن البيت والدار لا تصيبهما الشمس ويصيبهما البول ، ويغتسل فيهما من الجنابة ، أيصلّى فيهما إذا جفا؟ قال : نعم (٤) فان هذه الأخبار معارضة مع الأخبار الثلاثة المتقدِّمة لدلالتها على جواز الصلاة في الموضع النجس.

ويمكن الجمع بينهما أيضاً بأحد وجهين : أحدهما : حمل المانعة على إرادة خصوص مسجد الجبهة وأنه لا بد من خلّوه عن مطلق النجاسة يابسة كانت أم رطبة ولا‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٣ : ٤٥٤ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٥‌

(٣) الوسائل ٣ : ٤٥٥ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٧ ، قرب الاسناد : ١٩٦ / ٧٤٦.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٥٣ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ١.

٢٤٧

يشترط ذلك في بقية المواضع. وثانيهما : حمل المانعة على الكراهة بصراحة الأخبار المتقدِّمة في الجواز. وبذلك يظهر أنه لا وجه لاشتراط الطهارة في جميع مواضع الصلاة. نعم ، إذا كان المحل مشتملاً على نجاسة رطبة تصيب الثوب والبدن فلا محالة يكون ذلك موجباً لبطلان الصلاة إلاّ أنه خارج عن محل الكلام كما مر.

بقي الكلام في شي‌ء وهو أنّ مقتضى الأخبار المتقدِّمة عدم جواز الصلاة في الموضع المتنجس الرطب الذي يوجب سراية النجاسة إلى الثوب أو البدن ، فهل يختص ذلك بما إذا كانت النجاسة مما لم يعف عنه في الصلاة أو فيما إذا سرت إلى ثيابه التي تتم فيه الصلاة؟ أو أنها تعمه وما إذا كانت النجاسة مما يعفى عنه في الصلاة أو كانت سارية إلى مثل الجورب والقلنسوة ونحوهما مما لا تتم فيه الصلاة؟ ذهب فخر المحققين قدس‌سره إلى التعميم تمسّكاً بإطلاق الروايات ، وحكى عن والده الإجماع على عدم صحة الصلاة في ذي النجاسة المتعدِّية وإن كانت معفوّاً عنها في الصلاة (١). إلاّ أن الصحيح هو الاختصاص ، وذلك لأن العهد والارتكاز في اشتراط الصلاة بطهارة الثوب والبدن مانعان عن انعقاد الظهور في الإطلاق في الأخبار المتقدِّمة في اعتبار خلوّ المكان في الصلاة عن النجاسة المتعدِّية ، ويوجبان انصراف إطلاقها إلى بيان اشتراط الطهارة في ثوب المصلي وبدنه ، فاذا فرضنا أن النجاسة الكائنة في مواضع الصلاة غير مانعة عنها حتى إذا كانت في ثوبه أو في بدنه أو أنها أصابت التكة والجورب وغيرهما مما لا تتم فيه الصلاة فكيف تكون مانعة عن صحة الصلاة.

هذا ثم لو شككنا في ذلك ولم ندر أن الصلاة مقيدة بخلو موضعها عن النجاسة المتعدِّية أو أن الطهارة معتبرة في خصوص بدن المصلي وثيابه ، فأصالة البراءة عن اشتراط الطهارة في مكان الصلاة وتقييده بأن يكون خالياً عن النجاسة المتعدية محكمة ، وعليه فلا بأس بالصلاة في المواضع المتنجسة إذا كانت نجاسته مما يعفى عنه في الصلاة أو كانت سارية إلى ما لا تتم فيه الصلاة ، إذ لا إخلال حينئذ بشي‌ء من شرائطها.

__________________

(١) الإيضاح ١ : ٩٠.

٢٤٨

[٢٤٢] مسألة ١ : إذا وضع جبهته على محل بعضه طاهر وبعضه نجس صح (١) إذا كان الطاهر بمقدار الواجب ، فلا يضر كون البعض‌

______________________________________________________

(١) بعد الفراغ عن اعتبار الطهارة في مسجد الجبهة وخلوّه عن مطلق النجاسة يقع الكلام في أن الطهارة شرط للسجود بمعنى أن السجود كما يشترط أن يكون واقعاً على وجه الأرض أو نباتها كذلك يشترط أن يكون واقعاً على الجسم الطاهر أو أن الطهارة من شرائط مسجد الجبهة؟ فعلى الأول إذا وضع جبهته على محل بعضه طاهر وبعضه نجس صحت سجدته ، إذا كان الطاهر بمقدار الواجب ولا يضرها نجاسة البعض الآخر منه ، وذلك لأنه يصدق حينئذ أنه سجد على شي‌ء طاهر حقيقة وإن كان أيضاً يصدق أنه سجد على شي‌ء نجس ، إلاّ أن السجود على النجس لا يحسب من السجدة المأمور بها لفقدان شرطها وهو الطهارة ، ولا تكون مانعة عن صحة السجود على البعض الطاهر بوجه ، وهو نظير ما إذا سجد على جسم بعضه من الأرض وبعضه من المأكول أو الملبوس فان وضع الجبهة بمقدار الواجب على الأرض كاف في تحقق المأمور به وإن كان يلزمه صدق السجدة على الملبوس أو المأكول أيضاً.

وأما إذا قلنا إن الطهارة من شرائط مسجد الجبهة فلا تكفي السجدة على محل بعضه نجس لعدم طهارة المحل ، حيث إنه شي‌ء واحد ومع نجاسة بعض أجزائه لا يتّصف بالطهارة بوجه. ويصح أن يقال إنه نجس لكفاية تنجس بعض الجسم في إطلاق النجس عليه ، لوضوح أن الثوب إذا تنجس بعضه يصح أن يقال إنه نجس ، فإذا لم يصدق أنّ المحل طاهر فلا محالة يبطل السجود عليه ، وعليه فيعتبر أن يكون مسجد الجبهة طاهراً بتمامه. ولا دلالة للصحيحة المتقدِّمة (١) الواردة في الجص التي دلت بتقريره عليه‌السلام على اعتبار الطهارة في مسجد الجبهة على أن الطهارة شرط للسجود أو أنها من شرائط مسجد الجبهة ، لأنها إنما دلّت على أن المسجد يعتبر فيه الطهارة في الجملة في قبال كونه نجساً بتمامه كما في الجص المسئول عنه في الصحيحة لنجاسته بتمامه لأجل إيقاد العذرة والعظام عليه ، ولا نظر لها إلى ما إذا كان‌

__________________

(١) في ص ٢٤٣.

٢٤٩

المحل بعضه طاهراً وبعضه الآخر نجساً. وعلى الجملة أنها إنما سيقت لبيان عدم جواز كون المسجد نجساً بتمامه ، ولا نظر لها إلى غير تلك الصورة بوجه.

وبذلك نجيب عن دعوى دلالة الصحيحة على مانعية مطلق النجاسة في مسجد الجبهة ، وذلك لما سبق من أنها سيقت لبيان عدم جواز السجود على مثل الجص الذي يكون متنجساً بتمامه. وكيف كان ، فلا يستفاد من الصحيحة شي‌ء من الاحتمالين. وأما إطلاق كلمات أصحابنا حيث اشترطوا الطهارة في مسجد الجبهة ولم يقيّدوا ذلك بخصوص المقدار الواجب في السجود فقد يتوهم أن ذلك يدل على اعتبار طهارة المسجد بتمامه. وفيه أنّ ذلك كالصحيحة مما لا دلالة له على أن الطهارة معتبرة في المسجد بمقدار الواجب أو في تمامه ، وسرّه أن إطلاق كلماتهم فيما نحن فيه كإطلاق كلماتهم في اشتراط وقوع السجدة على ما يصح السجود عليه أعني الأرض ونباتها من غير تقييد ذلك بخصوص المقدار الواجب في السجود ، مع أنّ الجبهة إذا وقعت على جسم بعضه مما يصح السجود عليه وبعضه مما لا يصح صحت السجدة من غير كلام فلتكن طهارة المسجد أيضاً كذلك.

فالصحيح أن الطهارة شرط للسجود ولا تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة زائداً على المقدار الواجب ، لأن القدر المتيقن من الصحيحة المتقدمة وإطلاق كلماتهم ومعاقد إجماعاتهم المدعاة إنما هو اعتبار الطهارة في خصوص المقدار الواجب من مسجد الجبهة ولم يقم دليل على اعتبارها في المسجد بتمامه ، فلو شككنا في اعتبارها في الزائد عن المقدار الواجب كانت أصالة البراءة عن اشتراط الطهارة في الزائد عن المقدار المتيقن محكمة ، فاعتبار الطهارة كاعتبار وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه. وما أفاده في المتن مما لا غبار عليه.

ويؤكِّد ما ذكرناه بل يدل عليه أن المسجد إذا كان بطول شبر مثلاً وتنجّس أحد جوانبه بشي‌ء فلا نظن فقيهاً يفتي بعدم جواز السجدة على الجانب الطاهر منه نظراً إلى أنه شي‌ء واحد ، مع أنه لا يصدق أنه طاهر بل يصح أن يطلق عليه النجس كما مر ، وهذا أقوى شاهد على أن المعتبر في مسجد الجبهة إنما هي طهارته بالمقدار الواجب دون تمامه.

٢٥٠

الآخر نجساً ، وإن كان الأحوط طهارة جميع ما يقع عليه. ويكفي كون السطح الظاهر من المسجد طاهراً وإن كان باطنه أو سطحه الآخر أو ما تحته نجساً ، فلو وضع التربة على محل نجس ، وكانت طاهرة ولو سطحها الظاهر صحّت صلاته (١).

[٢٤٣] مسألة ٢ : تجب إزالة النجاسة عن المساجد : داخلها وسقفها وسطحها (٢)

______________________________________________________

(١) لأنّ المستفاد من صحيحة ابن محبوب المتقدمة ليس إلاّ اعتبار طهارة المسجد وما يلاصق منه الجبهة في الجملة ، ويكفي في صدق ذلك وتحققه طهارة خصوص السطح الظاهر من المسجد ، وأما طهارة باطنه أو سطحه الآخر فلم يقم على اعتبارها دليل.

(٢) لا إشكال في وجوب إزالة النجاسة عن المساجد وحرمة تنجيسها لارتكازهما في أذهان المتشرعة ، حيث إن المساجد بيوت الله المعدّة لعبادته فلا تجتمع مع النجاسة ، لمكان أهميتها وعظمتها وللإجماع القطعي المنعقد في المسألة. ولا ينافي ذلك ما عن صاحب المدارك قدس‌سره من الميل إلى جواز تنجيسها (١) وذلك لشذوذه وإن وافقه صاحب الحدائق (٢) قدس‌سره لأن موافقته لا تخرج المخالفة عن الشذوذ ولا يضر في الحكم لقطعيته. ومن العجيب ما عن صاحب الحدائق قدس‌سره حيث إنه استشهد على جواز تنجيس المساجد بموثقة (٣) عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الدمّل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة ، قال : يمسحه ويمسح يده بالحائط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة » (٤) بدعوى أن إطلاقها يشمل ما إذا كانت الصلاة في المسجد فتدل على جواز تنجيس أرض المسجد وحائطه. ويدفعه : أن الرواية إنما سيقت لبيان أن مسح المنفجر من الدمل بمثل الحائط أو الأرض ليس من الفعل الكثير القاطع للصلاة ، ولا نظر لها إلى جواز تنجيس‌

__________________

(١) راجع المدارك ٢ : ٣٠٥ ، ٤ : ٣٩٩.

(٢) الحدائق ٥ : ٢٩٤.

(٣) كذا عبّر عنها في الحدائق [ ٥ : ٢٩٤ ] وغيره ولم يظهر لنا وجهه.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٣٥ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٨.

٢٥١

المسجد أو غيره من الأمكنة بوجه ، فهل ترى صحة الاستدلال بإطلاقها على جواز تنجيس الحائط إذا كان مِلكاً لغير المصلي؟ ولا وجه له إلاّ أن الرواية غير ناظرة إلى تلك.

وكيف كان ، إنّ حرمة تنجيس المساجد ووجوب إزالة النجاسة عنها حكمان قطعيّان وأمران ارتكازيّان في أذهان المتشرِّعة. على أنه يمكن أن يستدل على وجوب الإزالة بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : « سألته عن الدابة تبول فتصيب بولها المسجد أو حائطه أيصلّى فيه قبل أن يغسل؟ قال : إذا جف فلا بأس » (١) حيث دلّت على أن وجوب إزالة النجاسة عن المسجد كان مرتكزاً ومفروغاً عنه عند السائل ، وإنما تردد في وقتها حيث سأله عن أنها على الفور أو يجوز تأخيرها إلى بعد الصلاة وقد قرّره الإمام عليه‌السلام على هذا الارتكاز ولم يردع عن اعتقاده الوجوب. وأما سؤاله عن بول الدابة فيحتمل أن يكون مستنداً إلى احتماله نجاسة بول الدواب أو إلى اعتقادها كما دلّ عليها بعض الأخبار الواردة بطريقنا (٢) وحملناه على التقيّة لموافقته العامّة حيث ذهب جملة منهم إلى نجاسة بول الدواب (٣) ، ومن هنا يظهر أنّ عدم حكمه عليه‌السلام بطهارته مستند إلى التقية وعدم إظهاره المخالفة مع المخالفين. وأما تفصيله عليه‌السلام بين صورتي جفاف البول ورطوبته فلعله من جهة استقذاره مع الرطوبة وإذا يبس فلا يبقى مجال لاستقذاره.

وعلى الجملة أنّ الرواية لا إشكال في سندها حيث إن صاحب الوسائل قدس‌سره رواها بطريقين فبطريق عبد الله بن الحسن تارة وهو الذي ضعّفناه في بعض أبحاثنا ، وعن كتاب علي بن جعفر اخرى وطريقه إلى كتابه صحيح ، كما أن دلالتها واضحة. نعم ، يمكن المناقشة فيها أي في دلالتها بأنّ الاستدلال بالرواية على‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤١١ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٨.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٦ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٧ وب ٩ ح ١ ، ٥ ، ٨ ، ٩ ، ١١.

(٣) بداية المجتهد ١ : ٨٠ ، المجموع ٢ : ٥٤٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٥٣ ٥٤ المحلي ١ : ١٦٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٦١ ، حلية العلماء ١ : ٣٠٦ روضة الطالبين ١ : ١٢٥. كما تقدّم نقل أقوالهم في شرح العروة ٢ : ٥٧.

٢٥٢

وجوب إزالة النجاسة عن المسجد وحرمة تنجيسه إنما يصح فيما إذا كان لها ظهور عرفي في ارتكازهما ومفروغيتهما عند السائل وأن الوجه في سؤاله عن غسل بول الدابة إنما هو احتماله أو اعتقاده نجاسته ، وأما إذا لم يكن لها ظهور عرفي في انحصار وجه السؤال في ذلك وكان الاستدلال بها مبتنياً على الحدس والتخمين بأن احتملنا أن يكون لسؤاله وجه آخر فلا يمكننا الاعتماد عليها أبداً ، لأنّا كما نحتمل أن يكون الوجه في سؤاله أحد الأمرين المتقدِّمين كذلك نحتمل أن يكون سؤاله راجعاً إلى حكم ترجيح أحد الأمرين المستحبين على الآخر ، حيث إن ظاهر الصحيحة سعة الوقت للصلاة وتمكّن المكلّف من إتيانها قبل خروج وقتها مع تقديم تطهير المسجد على الصلاة ، ومن الظاهر أن المبادرة إلى الواجب الموسّع مستحبة كما أن تنظيف المسجد عن القذارة والوساخة أمر مرغوب فيه في الشريعة المقدسة ، ومن هنا تصدى للسؤال عن أنّ المستحبين أيّهما أولى بالتقديم على غيره؟ لا أنه احتمل نجاسة أبوال الدواب أو كان معتقداً بها ، لبعد ذلك في حق علي بن جعفر ونظرائه لجلالة شأنه وكثرة رواياته فلعلّه كان عالماً بطهارة بول الدواب كما دلت عليها جملة من الأخبار على ما أسلفناه في محلِّه وإنما سأل أخاه عن تقديم أحد المستحبين على الآخر ، فبذلك تصبح الصحيحة غير مبينة فلا يعتمد عليها في مقام الاستدلال.

ومما يؤيد ذلك أن بول الدواب لو كان محكوماً بالنجاسة عند السائل لم يكن يرتضي بتفصيله عليه‌السلام بين صورتي جفافه وعدمه ، وكان من حقه أن يعترض على الإمام ، لوضوح أن النجس واجب الإزالة عن المساجد جف أم لم يجف ، وهذا بخلاف ما إذا كان معتقداً بطهارته ، لأنّ تفصيله عليه‌السلام بين الصورتين حينئذ وحكمه بتقديم إزالة البول على الصلاة مع الرطوبة مستند إلى استقذاره واشتماله على الرائحة الكريهة ، ولذلك كانت إزالته أولى من المبادرة إلى الصلاة ، كما أن حكمه عليه‌السلام بتقديم الصلاة على الإزالة عند الجفاف مستند إلى انقطاع رائحته وعدم استقذاره ، ولذا كانت المبادرة إلى الصلاة أولى من المبادرة إلى إزالته فلا مورد للاعتراض حينئذ. فالمتحصل أن الصحيحة مجملة ولا دلالة لها على المدعى.

٢٥٣

نعم ، يمكن الاستشهاد على ذلك بجملة من الأخبار المستفيضة الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجداً بعد تنظيفه وطمه بالتراب معللاً في بعضها بأنّ التراب يطهره (١) لدلالتها على أن الأرض المتنجسة لا يجوز اتخاذها مسجداً إذا لم ينظف ولم تطم بالتراب ، فمقتضى تلك الأخبار أن المسجدية والنجاسة أمران متنافيان ولا يجتمعان فتجب إزالتها عنه كما يحرم تنجيسه.

ثم إنها إنما تقتضي وجوب إزالة النجاسة عن ظاهر المساجد فحسب ، وأما باطنها فلا تجب إزالتها عنه كما لا يحرم تنجيسه ، لعدم منافاة نجاسة الباطن مع المسجدية وإلاّ لم يكف طمّ الكنيف في جواز اتخاذه مسجداً ، لأن طمه بالتراب إنما يقطع رائحته ويمنع عن سراية نجاسته لا أنه يطهّره كما لعله ظاهر.

وهل هذا حكم تعبدي مخصوص بمورد الروايات المتقدمة أو أنه يعم غيره من الموارد أيضاً؟ ذهب صاحب الجواهر قدس‌سره إلى اختصاص ذلك بمورد الأخبار وهو المسجد المتخذ من الكنيف وما يشبهه فلا يجوز تنجيس الباطن في سائر المساجد كما تجب إزالة النجاسة عنه (٢). وفيه : أن حرمة تنجيس باطن المسجد لم تثبت بدليل وكذا وجوب الإزالة عنه ، لأن مدركهما إن كان هو الإجماع والارتكاز فمن الظاهر أنهما مفقودان في الباطن وإنما تختصان بظاهر المساجد ، وإن كان مدركهما هو الصحيحة المتقدِّمة فهي أيضاً كذلك لأن المرتكز في ذهن السائل إنما كان وجوب الإزالة عن السطح الظاهر من المسجد لأنه الذي بالت عليه الدابة وسأل الإمام عليه‌السلام عن حكمه ، وأما إذا كان مدرك الحكمين هو الأخبار الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجداً بعد طمّه بالتراب فلا إشكال في أنها لا تنفي جواز تنجيس البواطن في غير موردها فمقتضى الأصل جواز تنجيسها وعدم وجوب الإزالة عنها. فالصحيح أن حرمة التنجيس ووجوب الإزالة حكمان مخصوصان بظاهر المساجد وسطحها هذا.

وقد يستدلّ على أصل وجوب الإزالة بموثقة الحلبي ، قال : « نزلنا في مكان بيننا‌

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٢٠٩ / أبواب أحكام المساجد ب ١١ ح ١ ، ٤ ، ٥.

(٢) الجواهر ١٤ : ٩٩ ١٠٠.

٢٥٤

وبين المسجد زقاق قذر ، فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : أين نزلتم؟ فقلت : نزلنا في دار فلان ، فقال : إن بينكم وبين المسجد زقاقاً قذراً ، أو قلنا له : إن بيننا وبين المسجد زقاقاً قذراً ، فقال : لا بأس إنّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً ... » (١) وبما رواه صاحب السرائر عن نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر عن المفضل بن عمر عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال « قلت له : إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه وليس عليَّ حذاء فيلصق برجلي من نداوته؟ فقال : أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة؟ قلت : بلى ، قال : فلا بأس إنّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً ... » (٢) حيث دلتا على أن تنجس الرجل بملاصقة الزقاق القذر أو المتنجس بنداوة البول يمنع عن الدخول في المساجد لئلاّ يتنجّس بملاقاتها ، إلاّ أن يمشي بعد ذلك في أرض يابسة لأنّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً.

ويدفعه : أن ذيل الرواية الثانية أعني قوله « قلت : فأطأ على الروث الرطب ، قال : لا بأس أنا والله ربما وطئت عليه ثم أُصلي ولا أغسله » لقرينة واضحة على أن ما لصق برجله من النجاسات في الطريق إنما كان يمنع من ناحية الصلاة فحسب لاستلزامه نجاسة البدن لا من ناحية دخول المساجد كما لعله ظاهر.

وأُخرى يستدل عليه بقوله تعالى ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (٣) أي المصلِّين ، حيث إنّ التطهير بمعنى إزالة النجاسة كما أنّ الأمر للوجوب ، ولا فرق بين البيت وسائر المساجد لعدم القول بالفصل. ويندفع بأنّ الأمر بالإزالة متوجِّه إلى إبراهيم الخليل ولم يثبت أن الطهارة كانت في زمانه بمعنى الطهارة المصطلح عليها في زماننا ، بل الظاهر أنها بمعناها اللغوي أعني النظافة من القذارات فالآية لو دلّت فإنما تدل على وجوب تنظيف المساجد لا على وجوب إزالة النجاسة عنها.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٥٨ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٤.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٥٩ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٩ ، السرائر ٣ : ٥٥٥.

(٣) الحج ٢٢ : ٢٦.

٢٥٥

وطرف الداخل من جدرانها (١) بل والطرف الخارج على الأحوط (*) (٢) إلاّ أن لا يجعلها الواقف جزءاً من المسجد ، بل لو لم يجعل مكاناً‌

______________________________________________________

وثالثة بقوله عزّ من قائل ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ) (٢) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « جنِّبوا مساجدكم النجاسة » (٣) ونحن نتعرض للاستدلال بهما عند التكلّم في حرمة إدخال النجاسة في المسجد ونجيب عنهما بما يأتي في تلك المسألة فانتظره.

(١) لأنها من أجزاء المسجد.

(٢) بعد الفراغ عن وجوب إزالة النجاسة عن المسجد وحرمة تنجيس داخله وسطحه الظاهر يقع الكلام في اختصاصهما بداخل المسجد وشمولهما لخارجه بحيث يحرم تنجيس حائط المسجد من الخارج وتجب إزالة النجاسة عنه ، فيما إذا لم يكن تنجيس خارجه أو ترك إزالة النجاسة عنه هتكاً وإهانة في حقه وإلاّ فلا تأمل في حرمة تنجيسه ووجوب الإزالة عنه. مقتضى إطلاق كلماتهم عدم الفرق بين داخل المسجد وخارجه كما لا فرق بين سطحه وحائطه ، وناقش بعضهم في ذلك وذهب إلى عدم حرمة تنجيس خارج المسجد إذا لم يستلزم هتكه وإهانته.

والصحيح أن ذلك يختلف باختلاف مدرك الحكمين ، فان كان مدركهما الأخبار الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجداً بعد طمّه فلا بد من تخصيصهما بداخل المسجد لأن مقتضى تلك الروايات أن المسجدية لا تجتمع مع نجاسة السطح الظاهر من داخل المسجد ، وأما منافاتها مع نجاسة الخارج منه فلا يكاد يستفاد منها بوجه. وكذا إذا كان مدركهما الإجماع والارتكاز لأنهما دليلان لبيان يقتصر فيهما على المقدار المتيقن وهو داخل المسجد فحسب.

نعم ، إذا اعتمدنا فيهما على صحيحة علي بن جعفر المتقدمة فلا مناص من تعميمهما‌

__________________

(*) لا بأس بتركه في غير ما إذا استلزم الهتك.

(١) التوبة ٩ : ٢٨.

(٢) المتقدِّمة في ص ٢٤٤.

٢٥٦

مخصوصاً منها جزءاً لا يلحقه الحكم. ووجوب الإزالة فوري فلا يجوز التأخير بمقدار ينافي الفور العرفي (١). ويحرم تنجيسها أيضاً (٢) بل لا يجوز إدخال عين النجاسة فيها وإن لم تكن منجسة إذا كانت موجبة لهتك حرمتها بل مطلقاً على الأحوط (*) (٣).

______________________________________________________

إلى كل من داخل المسجد وخارجه ، لأن المستفاد من إطلاقها إن تنجيس المسجد حرام كما أن إزالة النجاسة عنه واجبة بلا فرق فيهما بين الداخل والخارج ، ولا سيما أن الدابة إذا بالت فإنما تبول على خارج الحائط من المسجد لعدم تعاهد بولها على داخله وهو الذي أمر عليه‌السلام بغسله ، ولكن المناقشة المتقدمة تمنعنا عن الاستدلال بالصحيحة ومعه ينحصر مدرك الحكمين بالإجماع والارتكاز والأخبار الواردة في اتخاذ الكنيف مسجداً بعد طمّه ، وقد عرفت عدم دلالة شي‌ء من ذلك على التعدي إلى خارج المسجد ، فالحكمان مختصان بداخله وإن كانت الإزالة عن خارجه وعدم تنجيسه هو الأحوط.

(١) لشرافة المساجد وأهميتها لأنها بيوت الله المعدة لعبادته ولا تناسبها النجاسة بوجه ، فترك المبادرة إلى تطهيرها خلاف الاحترام والتعظيم ، ويدلُّ عليه صحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة مع الغض عن المناقشة السابقة في دلالتها حيث لم يرخّص الإمام عليه‌السلام تأخير إزالة بول الدابّة عن المسجد إلى الفراغ عن الصلاة.

(٢) لأنّ المساجد متى ثبت وجوب الإزالة عنها بالإجماع والارتكاز وما أسلفناه من الروايات ثبتت حرمة تنجيسها للملازمة العرفية بينهما ، فان العرف يستفيد من وجوب إزالة النجاسة عن موضع حرمة تنجيسه وبالعكس.

(٣) لأنّ المساجد بيوت الله فلا بد من تعظيمها فهتكها وخلاف تعظيمها من المحرمات ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون هتكها بسبب إدخال النجاسة فيها كما إذا جمع فيها العذرة ليحملها إلى مكان آخر ، وبين أن يكون بسبب أمر آخر كجمع الزبالة‌

__________________

(*) لا بأس بتركه.

٢٥٧

فيها لنقلها عنها بعد ذلك ، فإنه وأشباهه هتك للمساجد عرفاً والهتك محرم كما مرّ وإنما الكلام فيما إذا لم يستلزم إدخال النجاسة في المسجد هتكه ولا تنجسه ، كما إذا جعل مقداراً من الدم أو البول في قارورة وسدّ رأسها ووضعها في جيبه حتى دخل المسجد فهل يحكم بحرمة إدخال النجاسة حينئذ؟

نسب القول بذلك إلى المشهور واستدل عليها بوجهين : أحدهما : النبوي « جنِّبوا مساجدكم النجاسة » (١) لأنّ إدخال النجاسة فيها ينافي التجنب المأمور به. ويرد عليه أوّلاً : أنّ الرواية نبويّة ضعيفة السند كما أشرنا إليه سابقاً ، ولم يعمل المشهور بها حتى يتوهم انجبار ضعفها بذلك ، لأنّ كثيراً ممن ذهب إلى حرمة إدخال النجاسة في المسجد حمل المساجد في الرواية على مسجد الجبهة. وثانياً : أن الرواية قاصرة الدلالة على المدعى لأن النجاسة لها معنيان : أحدهما : الأعيان النجسة لصحة إطلاقها عليها من باب قولنا : زيد عدل ، فيقال : النجاسات اثنتا عشرة البول والغائط وهكذا. وثانيهما : المعنى المصدري وهو الوصف القائم بالجسم. والاستدلال بها إنما يتم فيما إذا كان للرواية ظهور في إرادة المعنى الأول ليكون معناها : جنبوا مساجدكم البول والدم وغيرهما من الأعيان النجسة ، ودون إثبات ذلك خرط القتاد ، حيث لا نرى في الرواية ظهوراً عرفياً في ذلك بوجه. ومن المحتمل أن يكون النجاسة بمعناها المصدري ومعه تدل على حرمة تنجيس المساجد ، وقد مرّ أنها مما لا تردد فيه بل هو أجنبي عما نحن بصدده أعني حرمة إدخال النجاسة في المسجد فيما إذا لم يستلزم هتكه ولا تنجيسه.

وثانيهما : قوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ) (٢) لأنّ الآية المباركة فرّعت حرمة قرب المشركين من المسجد الحرام على نجاستهم ، فظاهرها أن النجس لا يجوز أن يقرب المسجد ويدخله ، فكأنه عزّ من قائل قال : المشركون نجس وكل نجس لا يدخل المسجد الحرام ، وإذا ثبت حرمة إدخال النجاسة في‌

__________________

(١) قدّمنا مصدرها في ص ٢٤٤.

(٢) التوبة ٩ : ٢٨.

٢٥٨

المسجد الحرام ثبتت في جميع المساجد لعدم القول بالفصل.

ويبتني الاستدلال بهذه الآية المباركة على أن يكون المراد بالنجس في زمان نزول الآية الشريفة النجاسة بالمعنى المصطلح عليه الذي له أحكام ، كحرمة الأكل والمانعية في الصلاة وغيرهما من الآثار المترتبة عليه في الشريعة المقدسة كما كانت تستعمل بهذا المعنى في عصرهم عليهم‌السلام ، وأنى للمدعي بإثباته إذ لا علم لنا بثبوت النجاسة بالمعنى المصطلح عليه في ذلك الزمان ، ومن المحتمل أن لا يكون منها عين ولا أثر في زمان نزول الآية المباركة ، بل الظاهر أن المراد فيها بالنجس هو القذر المعنوي أعني قذارة الشرك كما هو المستفاد من تعليق النهي عن دخولهم المسجد بوصف أنهم مشركون ، فان فيه إشعاراً بعلية الشرك في حرمة الدخول.

على أن حمل النجس على ذلك هو الذي يساعده الاعتبار ، لأن المشرك عدوّ الله فلا يناسب أن يدخل المسجد الحرام لعظمته وشرافته ، ولأنه قد أسس لتوحيد الله وعبادته فكيف يدخله من يعبد غيره فهل يدخل المشرك بيت الله سبحانه وهو يعبد غيره. فالآية المباركة أجنبية الدلالة على حرمة إدخال النجاسة في المساجد. ويؤكد ذلك أن ظاهر الآية أن النجاسة هي العلة في النهي عن دخولهم المسجد الحرام فلو حملنا النجس فيها على معناه المصطلح عليه لزم الحكم بحرمة إدخال أيّ نجس في المساجد مع أن هناك جملة من النجاسات يجوز إدخالها في المساجد بضرورة الفقه والأخبار :

منها : المستحاضة وإن كان دمها سائلاً وموجباً لتلوث بدنها ، حيث يجوز لها أن تطوف بالبيت كما ورد في الأخبار المعتبرة (١). ومنها : الحائض والجنب وإن كان بدنهما مصاحباً للنجاسة ، لأن مقتضى الأخبار جواز دخولهما في المساجد مجتازين (٢). ومنها : من كان على بدنه جرح أو قرح ، لأن السيرة خلفاً عن سلف قد استقرت على جواز دخوله المسجد مع اشتمال بدنه على الدم ، وكذلك الحال في من تنجس بدنه أو‌

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٤٦٢ / أبواب الطواف ب ٩١ ح ١ ٣.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٠٥ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٦ ، ١٠ ، ١٧.

٢٥٩

ثيابه بغير دم الجروح والقروح هذا.

ثم لو سلمنا أنّ النجس في الآية المباركة بمعناه المصطلح عليه فلا مناص من تخصيص ذلك بالمشركين ولا يسعنا التعدي عنهم إلى بقية النجاسات ، وذلك لأن قذارة الشرك أشد وآكد من سائر القذارات ، إذ الشرك يقذّر الأرواح والأجسام فهو من أعلى مصاديق النجس ، بحيث لو تجسمت النجاسة في الخارج لكانت هو الشرك بعينه ، فاذا حكمنا على تلك القذارة بحكم فكيف يسعنا التعدي عنها إلى غيرها مما هو أدون من الشرك بمراتب. وتوضيح ذلك :

أن النجس مصدر نجس فيقال : نجس ينجس نجساً وله إطلاقان : فقد يطلق ويراد منه معناه الاشتقاقي وهو بهذا المعنى يصح إطلاقه على الأعيان النجسة فيقال : البول نجس أي حامل لنجاسته فهو نجس أي قذر بمعنى الفاعل أو الصفة المشبهة ، والنجس في الآية المباركة لو كان بهذا المعنى الاشتقاقي أمكننا أن نتعدى من المشركين إلى سائر الأعيان النجسة ، وكذا المتنجسات كما هو ظاهر كلمات جماعة لصحة إطلاق النجس على المتنجس على ما يشهد له بعض الأخبار (١) وبما أن ظاهر الآية أن النهي عن دخولهم المسجد متفرع على نجاستهم فتدلنا على أن الحكم يعم كل ما صدق عليه أنه نجس.

وقد يطلق ويراد منه معناه الحدثي المصدري وهو بهذا المعنى لا يصح إطلاقه على الأعيان النجسة ، فإنّ العين لا معنى لكونها حدثاً مصدرياً ، اللهُمَّ إلاّ بضرب من العناية والمبالغة كقولهم زيد عدل ولكنه يحتاج إلى مرخص في الاستعمال ، والآية المباركة لم يظهر إرادة المعنى الاشتقاقي فيها من النجس ، بل الظاهر أنه إنما أُطلق بالمعنى الحدثي المصدري كما هو المناسب لكل مصدر وإنما صح إطلاقه على المشركين لتوغلهم في القذارة وقوة خباثتهم ونجاستهم كإطلاق العدل على زيد في المثال ، ولم يثبت أيّ مرخص في إطلاقه على بقية الأعيان النجسة ، فصح اختصاص‌

__________________

(١) كمكاتبة سليمان بن رشيد المتقدِّمة في ص ٢٢٧ حيث أطلق فيها النجس على الثوب المتنجس في قوله : إذا كان ثوبه نجساً. وكذا غيرها من الأخبار.

٢٦٠