موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

[٢٢٨] مسألة ١٤ : لا يعتبر في قبول قول صاحب اليد أن يكون قبل الاستعمال (١) ـ كما قد يُقال فلو توضأ شخص بماء مثلاً وبعده أخبر ذو اليد بنجاسته يحكم ببطلان وضوئه ، وكذا لا يعتبر أن يكون ذلك حين كونه في يده فلو أخبر بعد خروجه عن يده بنجاسته حين كان في يده ، يحكم عليه بالنجاسة (*) في ذلك الزمان ، ومع الشك في زوالها تستصحب (٢).

______________________________________________________

(١) قد سبق أن ذكرنا أن اعتبار قول صاحب اليد مدركه السيرة العقلائية الممضاة في الشريعة المقدسة بعدم الردع عنها ، ولا يفرق فيها بين أن يكون إخباره عما في يده قبل استعماله وبين أن يكون بعد استعماله ، فلو توضأ أحد بماء أو اغتسل به ثم أخبر مالكه أو من بيده عن نجاسته حكم بنجاسته وبطل وضوؤه وغسله. وقد يرتفع الموضوع وينعدم باستعماله ومعه لا معنى للحكم بنجاسته أو طهارته. نعم ، تظهر ثمرة اعتبار قوله في الحكم ببطلان وضوء المتوضي أو غسل المغتسل ، وهذا كما إذا كان الماء قليلاً بحيث انعدم باستعماله في الغسل أو الوضوء ، وقد لا ينعدم كما إذا كان الماء كثيراً واغتسل فيه بالارتماس أو توضأ به.

وثالثة لا يترتب ثمرة على انكشاف نجاسة الشي‌ء المستعمل باخبار صاحب اليد كما إذا صلّى في ثوب أحد ثم أخبر من بيده عن نجاسته ، فإنّ إخباره هذا مما لا يترتّب ثمرة عليه ، لأنّ مانعية النجاسة عن الصلاة إنما هي منوطة بإحرازها وإن كانت منسية في حال العمل ، ولا مانعية للنجاسة المجهولة بوجه فلا معنى لاعتبار قول ذي اليد وعدمه حينئذ. وأما إذا ترتب على إخباره بعد الاستعمال أثر كما في المثال المتقدم لأنّ طهارة الماء في الغسل والوضوء شرط واقعي فإذا انكشفت نجاسته بعدهما فيحكم ببطلانهما لا محالة ، لأن السيرة كما عرفت لا يفرق فيها بين سبق إخباره الاستعمال وبين تأخره عنه.

(٢) إذا خرجت العين عن ملك مالكها أو عن استيلاء من بيده ثم أخبر عن أنها‌

__________________

(*) على الأحوط ولا يبعد أن لا يحكم عليه بها ، نعم إذا كان ثقة تثبت النجاسة باخباره على الأظهر.

١٨١

كانت نجسة حال كونها تحت سلطانه وسيطرته ، فهل يعتمد على قوله نظراً إلى أن المخبر به إنما هو نجاسة العين التي كانت مملوكة له أو تحت استيلائه أو لا يعتمد عليه لأنّ المخبر لا يصدق عليه صاحب اليد حال إخباره؟

فيه وجهان ، ثانيهما صحيحهما وذلك لأن مدرك اعتبار قوله هو السيرة العقلائية كما عرفت ، ولم تحرز سيرتهم على قبول قوله في أمثال المقام ، ويكفي في عدم حجيته مجرّد الشك في سيرتهم ، حيث إنّا نحتمل أن تكون سيرة العقلاء هي مدرك القاعدة المعروفة من أن من ملك شيئاً ملك الإقرار به كما أفاده المحقق الهمداني (١) قدس‌سره وبه يستكشف أن اعتبار قول ذي اليد يدور مدار ملكه واستيلائه ومع انتفائهما لا ينفذ قوله ولا يعتمد عليه.

هذا وقد يدعى قيام السيرة على قبول خبره في المقام وبالأخص فيما إذا كان إخباره قريباً من زمان استيلائه ، كما إذا باع ثوباً من أحد وبعد تسليمه إليه أخبر عن نجاسته. ولا يمكن المساعدة على هذا المدعى ، لأن سيرة العقلاء وإن جرت على قبول إخبار البائع عن نجاسة المبيع إلاّ أن المستكشف بذلك ليس هو اعتبار قول ذي اليد بعد انقطاع سلطنته ويده وإنما المستكشف هو اعتبار خبر الموثق في الموضوعات الخارجية كما هو معتبر في الأحكام ، والذي يدلنا على ذلك أن البائع في مفروض المثال لا يعتمد على إخباره عن نجاسة المبيع فيما إذا لم تثبت وثاقته عند المشتري لاحتمال أن البائع يريد أن يصل بذلك إلى غرضه وهو فسخ المعاملة حيث يبدي للمشتري نجاسته حتى يرغب عن تملكه وإبقائه ، ومع هذا الاحتمال لا يعتمد على إخباره عند العقلاء. وأظهر من ذلك ما لو باع المالك ما بيده ولما أتلف ثمنه أخبر المشتري بأنه كان مغصوباً أو وقفاً فهل يعتمد على دعواه هذه؟ نعم ، لو ادعى شيئاً من ذلك قبل أن يبيعه اعتبر قوله لأنه من إقرار العقلاء على أنفسهم ، فالإنصاف أن قول صاحب اليد لم يثبت اعتباره في أمثال المقام.

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٦١٠ السطر ١٤.

١٨٢

فصل

[ في كيفية تنجّس المتنجسات ]

يشترط (١) في تنجس الملاقي للنجس أو المتنجس أن يكون فيهما‌

______________________________________________________

فصل

في كيفية تنجّس المتنجسات‌

(١) وذلك للارتكاز حيث لا يرى العرف نجاسة ملاقي النجس أو المتنجس وتأثره من شي‌ء منهما مع الجفاف. وأما الأخبار الواردة في نجاسة ملاقي النجس أو المتنجس من غير تقييدها بما إذا كان فيهما أو في أحدهما رطوبة مسرية ، فقد ورد بعضها في مثل ملاقي البول أو الماء المتنجس ونحوهما مما فيه الميعان ، والرطوبة في مثله مفروغ عنها لا محالة ، وهذا كما في الأخبار الآمرة بغسل ما أصابه البول (١) وموثقة عمّار الآمرة بغسل كل ما لاقاه الماء المتنجس (٢) وورد بعضها الآخر فيما لا رطوبة مسرية فيه من غير أن تقيد نجاسة الملاقي بما إذا كانت في أحد المتلاقيين أو في كليهما رطوبة مسرية وهذا كما في صحيحة محمّد بن مسلم (٣) وحسنته (٤) الآمرتين بغسل المكان الذي أصابه الكلب أو بغسل اليد إذا مسسته ، إلاّ أنه لا مناص من رفع اليد عن إطلاقها بالارتكاز ، لأنّ ملاقاة اليابس مع مثله مما لا أثر له عند العرف ، ومن هنا حملنا ما ورد في خصوص الميتة من الأمر بغسل ما أصابته مطلقاً من غير تقييده بما إذا كان في أحد المتلاقيين أو في كليهما رطوبة مسرية (٥) على الاستحباب ، وقلنا إنّ ملاقاتها مع الجفاف غير مؤثرة في نجاسة الملاقي.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ١ ٧.

(٢) الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب الماء المطلق ب ٤ ح ١.

(٣) ، (٤) الوسائل ٣ : ٤١٦ / أبواب النجاسات ب ١٢ ح ٩.

(٥) الوسائل ٣ : ٤٦١ / أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ١ ، ٢ ، ٣ وغيرها.

١٨٣

أو في أحدهما رطوبة مسرية فاذا كانا جافين لم ينجس ، وإن كان ملاقياً للميتة. لكن الأحوط غسل ملاقي ميت الإنسان قبل الغسل وإن كانا جافين ، وكذا لا ينجس إذا كان فيهما أو في أحدهما رطوبة غير مسرية (١). ثم إن كان الملاقي للنجس أو المتنجس مائعاً‌

______________________________________________________

وأما وجوب الغسل بملاقاة ميت الآدمي بعد برده وقبل تغسيله ولو مع الجفاف فهو أمر آخر ، لأن الكلام إنما هو في تأثير ملاقاة النجس مع الجفاف من حيث الخبث لا من ناحية الحدث. والوجه في هذا كله هو الارتكاز ، وما ورد من تعليل عدم نجاسة ملاقي النجس بأنه يابس كما في حسنة محمد بن مسلم في حديث « أنّ أبا جعفر عليه‌السلام وطئ على عذرة يابسة فأصاب ثوبه ، فلما أخبره قال : أليس هي يابسة؟ قال : بلى ، فقال : لا بأس » (١). وموثقة عبد الله بن بكير قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط ، قال : كل شي‌ء يابس زكي » (٢).

هذا كلّه مضافاً إلى أن الأوامر المطلقة الواردة بغسل ما أصابه النجس (٣) ظاهرة في أنفسها في اعتبار الرطوبة في أحد الملاقيين ، فان الغسل عبارة عن إزالة الأثر ، والأثر إنما يتحقق بملاقاة النجس مع الرطوبة المسرية حيث لا تأثير في الملاقاة مع الجفاف فهذه الأخبار أيضاً شاهدة على أن الرطوبة المسرية معتبرة في نجاسة ملاقي النجس أو المتنجس. فالمتحصل أن اعتبار الرطوبة في تأثير النجاسات مما لا إشكال فيه.

(١) إن الرطوبة بإطلاقها غير كافية في الحكم بنجاسة الملاقي وتأثره من النجس بل يعتبر أن تكون مسرية بالارتكاز بأن ينتقل بعض الأجزاء المائية في النجس إلى‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٤٤ / أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ١٤.

(٢) الوسائل ١ : ٣٥١ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٥. ثم إن الرواية وإن عبّر عنها بالموثقة في كلماتهم إلاّ أن في سندها محمد بن خالد والظاهر أنه محمد بن خالد الأشعري الذي لم تذكر وثاقته في الرجال.

(٣) كما في الروايتين المتقدمتين عن محمد بن مسلم [ في ص ١٨٣ ] وغيرهما من الأخبار.

١٨٤

تنجس كله كالماء القليل المطلق ، والمضاف مطلقاً ، والدهن المائع ونحوه من المائعات (١).

______________________________________________________

ملاقيه ، فالرطوبة التي لا تعد ماء بالنظر العرفي كما في رطوبة الطحين والملح الموضوعين على مكان رطب من سرداب ونحوه إذا كانت مكتسبة من الماء النجس غير كافية في الحكم بنجاسة الملاقي ، وذلك لأن الرطوبة وإن كانت بالنظر العقلي هي الأجزاء الدقيقة المائية غير القابلة للابصار كما الحال في البخار لأنه أيضاً أجزاء صغار من الماء يتصاعد بالحرارة إلى الهواء من غير أن تشاهد فيه الأجزاء المائية فالرطوبة جوهر وماء وليست عرضاً بوجه ، وإلاّ استحال انتقالها من شي‌ء إلى شي‌ء لاستحالة انتقال العرض كما هو ظاهر إلاّ أنها تعد بالنظر العرفي عرضاً ولا تعد ماء عندهم ، ومن هنا لا يحكم بنجاسة الرطوبة لأنها عرض ، فهي لا تقبل النجاسة كما لا تؤثر في نجاسة الملاقي لأنها أمر آخر وراء الماء المتنجس ، ولأجل هذا حكمنا بطهارة الثوب الذي صبغ بالدم النجس بعد غسله وإن كان لونه باقياً في الثوب وكذا في الحناء المتنجس ، لأن الألوان بحسب الدقة وإن كانت من الجواهر كالدم والحناء ونحوهما وغاية الأمر أنها أجزاء صغار غير قابلة للمشاهدة بالأبصار ، إذ لو كانت من الأعراض حقيقة استحال فيها الانتقال مع أن انتقالها من مثل الدم والحناء إلى ملاقيهما مما لا خفاء فيه إلاّ أنها بالنظر العرفي من الأعراض ، فهي ليست دماً ولا حناء ولا غيرهما من الأعيان النجسة أو المتنجسة فلا تتنجس في أنفسها كما لا تؤثر في ملاقيها.

(١) قد يكون ملاقي النجس أو المتنجس مائعاً وقد يكون جامداً ، والمائع إما ماء وإما غيره من زيت ودهن وأمثالهما ، كما أنّ الماء مطلق أو مضاف. أما الماء المطلق فلا كلام في انفعاله بملاقاة النجس أو المتنجس إذا لم يكن بالغاً قدر كر وإن لم تكن النجاسة ملاقية لجميع أجزائه ، حيث إن إصابة النجس لجزء من أجزائه كافية في تنجس الجميع ، فإذا لاقى طرفه الشرقي نجساً فيحكم بنجاسة طرفه الغربي أيضاً لأنه ماء واحد أصابته النجاسة. ومن هذا يظهر الحال في غير الماء من المائعات كالأدهان‌

١٨٥

والزيوت ، لأن حكمها حكم الماء القليل كما مرّ في محله. أما الماء المضاف فهو أيضاً يتنجس بأجمعه عند ملاقاة جزء منه نجساً سواء كان قليلاً أم كثيراً ، لأن الكرية إنما هي عاصمة في الماء دون المضاف وقد تقدم كل ذلك في محله.

أما الملاقي الجامد كالثوب والأرض ونحوهما مع الرطوبة المسرية في كل من المتلاقيين أو في أحدهما فالنجاسة فيه مختصة بموضع الملاقاة منه دون جميع أجزائه ، لأنّ الجامد إما أن يكون غير الموضع الملاقي منه جافاً ، وإما أن يكون مرطوباً بالرطوبة المسرية. أما مع جفاف غير موضع الملاقاة منه فلا كلام في عدم تنجس الجميع بنجاسة جزئه ، وهذا مضافاً إلى أنه المطابق للقاعدة لأن النجس لم يلاق تمامه ، مورد للنصوص منها : صحيحة زرارة « تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها » (١).

وأمّا إذا كان بقيّة أجزائه رطباً برطوبة غير مسرية ، فلظهور أن الملاقاة مع النجس مختصة بموضع منه فلا موجب لتنجس الجميع وإن كانت فيه رطوبة ، إلاّ أنّ الرطوبة غير المسرية في حكم الجفاف حيث إنها غير معدودة من الجواهر ، والعرض لا يتنجّس كما أنه لا ينجّس لعدم كون العرض ماءً ولا غيره من النجاسات والمتنجسات ، وهذا كله ظاهر.

وإنما الكلام فيما إذا كان الملاقي الجامد رطباً برطوبة مسرية كالأرض الممطورة بعد انقطاع المطر فهل يحكم بنجاسة الجميع إذا لاقى جزء منه النجس نظراً إلى اتصال أجزائه ورطوبتها ، فاذا تنجس جزء منه يتنجس جزؤه المتصل به بملاقاته وهو يلاقي الجزء الثالث المتصل به فينجسه وهكذا إلى أن تنتهي أجزاؤه ، أو أن المتنجس إنما هو خصوص الموضع الملاقي منه للنجس دون بقية أجزائه وإن كانت مشتملة على رطوبة مسرية؟ الثاني هو الصحيح لأن الظاهر أن الاتصال بما أنه كذلك لا يكفي في الحكم بالنجاسة لعدم كونه موضوعاً لها ، إذ الموضوع المترتب عليه التنجس هو الإصابة‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٠٢ / أبواب النجاسات ب ٧ ح ٢.

١٨٦

نعم ، لا ينجس العالي بملاقاة السافل إذا كان جارياً من العالي (١) ، بل لا ينجس‌

______________________________________________________

والملاقاة ، وإصابة النجس وملاقاته مختصتان بجزء من الجامد وغير متحققتين في الجميع ، ولم يقم دليل على أن الاتصال يوجب النجاسة. نعم ، لو انفصل جزء من ذلك الجامد ثم اتصل بالموضع المتنجس منه يحكم بنجاسة ذلك الجزء لصدق إصابة النجس وملاقاته بالاتصال ، كما إذا أخذنا مقداراً من الطين ثم ألقيناه على الموضع المتنجس منه ، لصدق أنه لاقى نجساً وأصابه. ففرق واضح بين الاتصال قبل تنجس موضع من الجسم وبين الاتصال بعد تنجسه ، والفارق هو الصدق العرفي فإن الملاقاة والإصابة تصدقان في الثاني دون الأوّل ، هذا.

بل يمكن دعوى القطع بعدم تنجس تمام الجسم الجامد بتنجس بعضه ، وذلك لاستلزامه الحكم بنجاسة جميع البلد بسطوحه ودوره وأرضه إذا كانت مبتلّة بالمطر مثلاً وقد بال أحد في جانب من البلد وهو مقطوع العدم ، فالاتصال غير كاف في الحكم بنجاسة الجسم ، وقد خرجنا عن ذلك في الماء والدهن ونحوهما من المائعات للدليل ، حيث قلنا بانفعال جميع أجزائها إذا أصابت النجاسة طرفاً منها لأن الاتصال مساوق للوحدة وهو ماء أو مائع واحد لاقاه نجس فيتنجس لا محالة.

(١) بمعنى أن ما ذكرناه من الحكم بنجاسة جميع الماء القليل بملاقاة جزء منه نجساً يختص بما إذا كان واقفاً ، وأما إذا كان جارياً من الأعلى إلى الأسفل وكان النجس أسفلهما فلا يحكم بنجاسة السطح العالي بملاقاته ، فلو صبّ ماء من الإبريق على يد الكافر مثلاً لا يحكم بنجاسة الماء الموجود في الإبريق بتنجس السافل منه حيث لاقى يد الكافر هذا.

بل ذكرنا في مبحث المياه أن المناط والاعتبار إنما هما بخروج الماء بقوّة ودفع ولا يعتبر في عدم انفعال الماء أن يكون عالياً ، بل لو كان أسفل من الماء المتنجِّس أيضاً لا يحكم بنجاسته إذا خرج بقوّة ودفع وهذا كما في الفوّارات ، لأنّ تنجّس العالي في مثلها غير مستلزم لتنجس أسفله حيث إنّ القوة والدفع توجبان التعدّد عرفاً. ولا يفرق في ذلك بين الماء وغيره من المائعات ، وقد تقدّم هذا كلّه سابقاً وإنما أشرنا إليه في المقام تبعاً للماتن قدس‌سره.

١٨٧

السافل بملاقاة العالي إذا كان جارياً من السافل كالفوّارة ، من غير فرق في ذلك بين الماء وغيره من المائعات. وإن كان الملاقي جامداً اختصت النجاسة بموضع الملاقاة سواء كان يابساً كالثوب اليابس إذا لاقت النجاسة جزءاً منه ، أو رطباً كما في الثوب المرطوب أو الأرض المرطوبة ، فإنه إذا وصلت النجاسة إلى جزء من الأرض أو الثوب لا يتنجّس ما يتّصل به وإن كان فيه رطوبة مسرية ، بل النجاسة مختصة بموضع الملاقاة ، ومن هذا القبيل الدهن والدبس الجامدان ، نعم لو انفصل ذلك الجزء المجاور ثم اتصل تنجس موضع الملاقاة منه ، فالاتصال قبل الملاقاة لا يؤثر في النجاسة والسراية بخلاف الاتصال بعد الملاقاة. وعلى ما ذكر فالبطِّيخ والخيار ونحوهما مما فيه رطوبة مسرية إذا لاقت النجاسة جزءاً منها لا تتنجس البقيّة ، بل يكفي غسل موضع الملاقاة إلاّ إذا انفصل بعد الملاقاة ثم اتصل.

[٢٢٩] مسألة ١ : إذا شك في رطوبة أحد المتلاقيين ، أو علم وجودها وشك في سرايتها لم يحكم بالنجاسة (١) وأما إذا علم سبق وجود المسرية وشك في بقائها فالأحوط الاجتناب وإن كان الحكم بعدم النجاسة لا يخلو عن وجه (*) (٢).

______________________________________________________

(١) إذا شككنا في ملاقاة شي‌ء للنجس أو علمنا بملاقاتهما وشككنا في وجود الرطوبة فيهما أو في أحدهما أو علمنا بها أيضاً وشككنا في كونها مسرية ففي جميع ذلك يحكم بطهارته ، لعدم العلم بتحقّق الموضوع للحكم بالنجاسة ومع الشك قاعدة الطهارة محكّمة.

(٢) يبتني جريان الاستصحاب في بقاء الرطوبة المسرية لإثبات نجاسة الملاقي على تحقيق أنّ الموضوع في الحكم بنجاسته ما هو؟ فان قلنا أنّ موضوعه السراية كما قدّمناه آنفاً وقلنا إنّ اعتبارها هو الأظهر لأنه الذي يقتضيه الارتكاز العرفي وما أسبقنا ذكر ٠ من الأخبار فلا يمكننا استصحاب بقاء الرطوبة لإثبات سرايتها إلى الملاقي إلاّ على القول بالأُصول المثبتة ، وحيث إن السراية غير ثابتة فلا يمكننا الحكم بنجاسة الملاقي بالاستصحاب.

__________________

(*) هذا الوجه هو الأظهر.

١٨٨

[٢٣٠] مسألة ٢ : الذباب الواقع على النجس الرطب إذا وقع على ثوب أو بدن شخص ، وإن كان فيهما رطوبة مسرية لا يحكم بنجاسته إذا لم يعلم مصاحبته لعين النجس ، ومجرد وقوعه لا يستلزم نجاسة رجله لاحتمال كونها مما لا تقبلها (*) ، وعلى فرضه فزوال العين يكفي (**) في طهارة الحيوانات (١).

______________________________________________________

وأمّا إذا قلنا إن موضوع الحكم بنجاسته عبارة عن ملاقاته مع النجس أو المتنجس حال رطوبتهما أو رطوبة أحدهما فلا مانع من استصحاب بقاء الرطوبة حينئذ ، فإنّ ملاقاتهما محرزة بالوجدان فإذا أثبتنا رطوبتهما أو رطوبة أحدهما بالاستصحاب فلا محالة يتحقّق الموضوع للحكم بنجاسة الملاقي. وأما إذا شككنا في ذلك ولم ندر أن الموضوع في الحكم بنجاسته هو السراية أو الملاقاة مع رطوبة أحدهما ، فأيضاً لا مجال لإجراء الاستصحاب في المقام للشك في أن بقاء الرطوبة يترتّب عليه أثر أو لا أثر له ، ولا مناص معه من الرجوع إلى قاعدة الطهارة وهي تقتضي الحكم بطهارة الملاقي في مفروض المسألة. وقد ظهر من ذلك أن الاحتياط في كلام الماتن استحبابي ، وأن الوجه في قوله : « إن الحكم بعدم النجاسة لا يخلو عن وجه » هو الأظهر الوجيه كما أشرنا إليه في تعليقاتنا على المتن.

(١) قد حكم قدس‌سره بطهارة ما لاقاه الذباب ونحوه من الحيوانات الملاقية مع النجس الرطب بقاعدة الطهارة ، لاحتمال أن لا يتأثر بدن الحيوان بالنجاسة ولا يقبل الرطوبة من النجس كما قيل بذلك في الزئبق ونحوه ، أو من جهة أن زوال عين النجس مطهّر لبدنه كما يأتي في محلِّه (٣). وتفصيل الكلام في المقام : أنه لا ينبغي التأمل في أن زوال العين عن بدن الحيوان كاف في الحكم بطهارته من غير حاجة في ذلك إلى عروض أي مطهّر عليه ، وذلك لأن أكثر الحيوانات بل جميعها مما نعلم بنجاسته ولو حين ولادته بدم النفاس ، ومع القطع بعدم طرو أي مطهّر عليه ولا سيما في‌

__________________

(*) هذا الاحتمال خلاف الوجدان.

(**) لا تبعد كفاية احتمال الزوال أيضاً لإطلاق النص.

(٣) المسألة [٣٨٥] ( العاشر من المطهرات ).

١٨٩

الصحاري والقفار لقلة الماء وعزّته يعامل معه معاملة الأعيان الطاهرة بعد زوال العين عنه ، فطهارة بدن الحيوان بعد زوال العين مما لا ريب فيه.

ثم إن الشك في تنجس ما وقع عليه مثل الذباب في مفروض المسألة من ثوب أو بدن ونحوهما ، قد يكون مستنداً إلى الشك في السراية من جهة الشك في رطوبة الجسم الملاقي أو الشك في بقاء الرطوبة النجسة في رجل الذباب مثلاً ، حيث علمنا بوقوعه على النجس الرطب وقد كانت رجله مشتملة على عين النجس ورطوبتها يقيناً ، إلاّ أنّا نشك في بقائها فيما إذا طار عن العين النجسة ووقع على الثوب أو البدن الجاف أو الرطب بغير رطوبة مسرية ، ففي مثل ذلك لا يحكم بنجاسة ما وقع عليه الذباب مثلاً باستصحاب بقاء الرطوبة ، لما عرفت من أنه لا يثبت سراية النجاسة إلى الملاقي إلاّ على القول بالأصل المثبت. ولا يفرق في ذلك بين القول بتنجس بدن الحيوان وطهارته بزوال العين عنه وبين القول بعدم تنجسه من الابتداء.

وقد يستند إلى الشك في بقاء العين النجسة أو المتنجسة في رجل الذباب مثلاً مع العلم برطوبة الشي‌ء الذي وقع عليه الذباب كالماء أو الثوب أو البدن الرطبين ونحوها مما نعلم أن فيه رطوبة مسرية ، ويفصّل في هذه الصورة بين ما إذا قلنا بتنجس بدن الحيوان وطهارته بزوال العين عنه ، وبين ما إذا قلنا بعدم تنجسه من الابتداء ، فإنه على الأوّل قد علمنا بنجاسة رجل الذباب في المثال وقد فرضنا أنه لاقاه ماء أو ثوب فيه رطوبة مسرية بالوجدان فلا مناص معه من الحكم بنجاستهما ، ومجرّد الشك في زوال النجاسة عنه لا يوجب الحكم بطهارة الملاقي بل يحكم ببقائها وعدم زوال النجاسة عن الحيوان بالاستصحاب. وأما على الثاني فلا يمكننا الحكم بنجاسة ملاقي بدن الحيوان ، لعدم نجاسة بدنه على الفرض. وأما اشتماله على عين النجس فهو وإن كان قطعياً في زمان إلاّ أن استصحاب بقائها على بدنه إلى حين ملاقاته الماء أو الثوب لا يثبت أنه لاقى النجس للشك في أنه لاقى رجل الذباب أو لاقى العين النجسة الموجودة على رجله ، فالتعبد ببقاء العين على رجله لا يثبت ملاقاة الماء أو الثوب مع النجس إلاّ على القول بالأصل المثبت.

وبعبارة واضحة الموضوع المعلوم في الخارج وهو ملاقاة الماء لرجل الذباب مثلاً‌

١٩٠

لا أثر له ، إذ المفروض أن بدن الحيوان لا ينجس ، وما هو موضوع الأثر وهو ملاقاة الماء مع العين الملاقية لرجل الذباب لم يحرز إلاّ على القول بالأصل المثبت ، فإذن لا يحكم بنجاسة الماء.

والتفصيل بذلك هو الذي ذهب إليه المشهور وهو الوجه المؤيد المنصور ، إلاّ أنه قد يقال بعدم نجاسة ملاقي الحيوان مطلقاً ولو على القول بتنجس بدنه وذلك لعدم جريان الاستصحاب في الحيوان نفسه ، لأن زوال العين مطهّر للحيوان على الفرض فنجاسة بدنه إنما هي ما دام لم تزل عنه عين النجس ، فلو حكمنا بنجاسة ملاقي الحيوان حينئذ مع الشك في بقاء العين وزوالها فهو من جهة استصحاب بقاء العين النجسة وعدم زوالها عن بدنه ، ولكن الاستصحاب غير جار لأنّ الأُصول العملية التي منها الاستصحاب يعتبر في جريانها أن يترتب عليها أثر عملي كما هو مقتضى كونها أصلاً عملياً ولا أثر لنجاسة بدن الحيوان في المقام ، لأن الملاقي إنما يلاقي العين النجسة قبل أن يلاقي الحيوان بزمان فالأثر الذي هو نجاسة الملاقي مستند إلى ملاقاة نفس العين النجسة لا إلى ملاقاة عضو الحيوان ليستصحب نجاسته.

ولا يخفى فساده وذلك لأن هذا القائل إن أراد أن الحكم بالنجاسة في ظرف اليقين ببقاء العين لا أثر له فإن نجاسة الملاقي يستند إلى ملاقاة العين لا إلى ملاقاة المحل فيردّه : أن للنجاسة أحكاماً أُخر غير نجاسة الملاقي فلا مانع من الحكم بها من جهة تلك الآثار ، ومع ذلك لا مانع من الاستصحاب والحكم بنجاسة الملاقي بقاءً ، ولا يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون الأثر أثراً للمتيقن حدوثاً بل يكفي أن يكون أثراً له بقاءً. وإن أراد أن الاستصحاب لا يترتب عليه الحكم بنجاسة الملاقي ، فإن العين إذا كانت باقية فنجاسة الملاقي مستندة إلى ملاقاتها ، وإن لم تكن باقية فالمحل طاهر ولا أثر لملاقاته فبالنتيجة نعلم وجداناً بعدم تنجس الملاقي بملاقاة المحل فكيف يمكن الحكم به بالتعبد ببقاء نجاسة المحل ، فيرد عليه : أن الحكم بنجاسة الملاقي ليس مسبباً ومعلولاً للملاقاة ونجاسة الملاقي بأن يكون حكماً شرعيّاً مترشحاً من موضوع خارجي أو من حكم شرعي آخر ، فإن الأحكام الشرعية كلّها اعتبارات خاصّة لا تنشأ إلاّ من إرادة من بيده الاعتبار ويستحيل أن تنشأ من أمر تكويني أو من اعتبار‌

١٩١

تشريعي ، وعليه فالحكم بنجاسة الملاقي إنما يترتب على الملاقاة الخارجية وعلى نجاسة ما لاقاه ترتّب الحكم على موضوعه لا ترتّب المعلول على علّته ، ومعه لا يضر بالاستصحاب العلم بنجاسة الملاقي قبل أن يلاقي ما حكم بنجاسته بالتعبد على تقدير نجاسته واقعاً ، وذلك كما إذا علمنا بطهارة جسم بعينه وبنجاسة جسم آخر كذلك ثم علمنا إجمالاً بعدم بقائهما على ما كانا عليه فاما أن الجسم الطاهر قد تنجس أو أن النجس قد طهر فإنه حينئذ لا إشكال في جريان الاستصحاب في كل منهما فيحكم بطهارة ما كان طاهراً وبنجاسة ما كان نجساً ، ثم إذا لاقى الجسم المحكوم بطهارته ما حكم بنجاسته فلا ينبغي الشك في الحكم بنجاسته ، مع أنّا نعلم أنه لم يتنجس من قِبَل هذه الملاقاة إذ المفروض أنّا نعلم أنه إما كان نجساً قبل الملاقاة أو أن ما لاقاه طاهر ، وليس ذلك إلاّ من جهة ما ذكرناه من أنه لا تأثير ولا تأثر في الأحكام الشرعية وإنما هي اعتبارات شرعية تترتب على الأُمور الخارجية ترتب الأحكام على موضوعاتها لا ترتّب المعاليل على عللها.

فالمتحصل : أنّ ما ذهب إليه المشهور من التفصيل بين المسلكين والحكم بجريان استصحاب النجاسة على الأول هو الصحيح. هذا كله حسبما تقتضيه القاعدة في نفسها إلاّ أنّا لا نقول باستصحاب النجاسة على كلا المسلكين نظراً إلى النصوص الواردة في المسألة وهي كثيرة : منها ما ورد من نفي البأس عن التوضؤ أو الشرب مما شرب منه باز أو صقر أو نحوهما من جوارح الطيور فيما إذا لم ير في منقارها دم (١). ومنها : ما ورد من نفي البأس عن الصلاة في ثوب وقع عليه الدود من الكنيف إلاّ أن يرى فيه أثر (٢). ومنها غير ذلك من الأخبار ، حيث إن موردها بعينه ما نحن بصدده للقطع بنجاسة الدود قبل خروجه من الكنيف إلاّ أنه عليه‌السلام حكم بطهارته ما دام لم ير فيها عين النجس فالحكم بنجاسته منوط برؤية العين فيه ، وأما مع الشك في بقائها على الحيوان وعدمه فلا بدّ من الحكم بطهارته ، لأنّ الاستصحاب إنما يقوم مقام العلم بما أنه علم كاشف ولا يقوم مقام الرؤية التي هي بمعنى العلم الوجداني‌

__________________

(١) كموثقة عمّار المرويّة في الوسائل ١ : ٢٣٠ / أبواب الأسآر ب ٤ ح ٢ ، ٤.

(٢) وهو صحيحة علي بن جعفر المرويّة في الوسائل ٣ : ٥٢٦ / أبواب النجاسات ب ٨٠ ح ١.

١٩٢

حيث إنه الظاهر منها بعد القطع بعدم مدخلية خصوص الرؤية في الحكم بنجاسته ، إذ لو علم بها علماً وجدانياً ولو من غير طريق الرؤية كما إذا علم بها باللّمس في اللّيل المظلم أيضاً يحكم بنجاسته ، وحيث إنه قد أُخذ في موضوع الحكم بما أنه صفة وجدانية فلا يقوم الاستصحاب مقامه ، ومعه لا بد من الحكم بطهارة الحيوان عند الشك في بقاء العين على بدنه وزوالها عنه بلا فرق في ذلك بين القول بعدم تنجس الحيوان من الابتداء وبين القول بتنجسه وطهارته بزوال العين عنه.

هذا ، ثم لو تنزلنا عن ذلك وقلنا أن الرؤية كناية عن العلم الكاشف سواء كان وجدانياً أم تعبدياً ، أو عملنا بما ورد في بعضها من قوله عليه‌السلام : « وإن لم تعلم أن في منقارها قذراً توضأ منه واشرب » (١) وقلنا إنّ المراد بالعلم فيها أعم من الوجداني والتعبّدي كما في قوله عليه‌السلام : « كل شي‌ء نظيف حتى تعلم ... » (٢) وقوله عليه‌السلام : « كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف ... » (٣) فلا مناص من الحكم بنجاسة ملاقي الحيوان بالاستصحاب لأنه يقوم مقام العلم الطريقي وبه يثبت بقاء النجاسة على بدنه بلا فرق في ذلك بين المسلكين ، فان استصحابها لا يكون مثبتاً حينئذ على القول بعدم تنجس بدن الحيوان ، وذلك لأنه إنما يكون مثبتاً فيما إذا اعتبرنا في موضوع الحكم بنجاسة الملاقي ملاقاته للعين النجسة كما هو الحال مع قطع النظر عن الأخبار ، وأما إذا قلنا إن الموضوع في الحكم بنجاسة الملاقي إنما هو ملاقاته لعضو من أعضاء الحيوان كالمنقار لأنه مقتضى الروايات المتقدِّمة ، حيث دلّت على نجاسة ما لاقاه منقار الجوارح أو غيرها مشروطاً بما إذا علمت أن في منقارها قذراً ، فلا يكون الاستصحاب مثبتاً بوجه لإحراز ما هو الموضوع بنجاسة الملاقي وهو ملاقاة المنقار مثلاً بالوجدان كما أن شرطه وهو وجود النجاسة فيه محرز بالاستصحاب. هذا ولكن الأظهر أنّ الرؤية بمعنى خصوص العلم الوجداني ومعه لا يترتّب على استصحاب بقاء النجاسة أثر على كلا المسلكين.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٣١ / أبواب الأسآر ب ٤ ح ٣.

(٢) كما في موثقة عمّار المروية في الوسائل ٣ : ٤٦٧ / أبواب النجاسات ب ٣٧ ح ٤.

(٣) الوسائل ٢٥ : ١١٨ / أبواب الأطعمة المباحة ب ٦١ ح ١.

١٩٣

[٢٣١] مسألة ٣ : إذا وقع بعر الفأر في الدهن أو الدبس الجامدين يكفي إلقاؤه وإلقاء ما حوله ولا يجب الاجتناب عن البقية ، وكذا إذا مشى الكلب على الطين ، فإنه لا يحكم بنجاسة غير موضع رجله إلاّ إذا كان وحلا (١).

______________________________________________________

(١) قد تقدّم منه قدس‌سره ومنّا اعتبار السراية في الحكم بنجاسة ملاقي النجس أو المتنجِّس ، وذكرنا أنه لا بد فيه من وجود الرطوبة المسرية في كليهما أو في أحدهما وأما الرطوبة المعدودة من الأعراض بالنظر العرفي فهي غير كافية في الحكم المذكور أبداً ، كما ذكرنا أن تنجس جزء من أجزاء غير المائعات لا يوجب سراية النجاسة إلى أجزائها الأُخر ولو مع الرطوبة المسرية. وإنما أعاده الماتن في المقام نظراً إلى النصوص الواردة في بعض الفروع ، وقد وردت فيما بأيدينا من المسألة عدّة نصوص ربما تبلغ ثلاث عشرة رواية ، وقد فصّل في بعضها بين الذوبان والجمود كما في حسنة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه فان كان جامداً فألقها وما يليها وكل ما بقي وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به والزيت مثل ذلك » (١) وفي بعضها التفصيل بين الزيت وغيره من السمن والعسل كما في رواية إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سأله سعيد الأعرج السمّان وأنا حاضر عن الزيت والسمن والعسل تقع فيه الفأرة فتموت كيف يصنع به؟ قال : أما الزيت فلا تبعه إلاّ لمن تبين له فيبتاع للسراج ، وأما الأكل فلا ، وأما السمن فان كان ذائباً فهو كذلك وإن كان جامداً والفأرة في أعلاه فيؤخذ ما تحتها وما حولها ثم لا بأس به ، والعسل كذلك إن كان جامداً » (٢).

والسر في تفصيلها بين الزيت وغيره أن الزيت كالماء ينصرف عند إطلاقه إلى معناه الحقيقي وهو خصوص الزيت المتخذ من الزيتون ، وإنما يحمل على غيره فيما إذا قيد بقيد كما إذا قيل زيت اللوز أو زيت الجوز وهكذا ، كما هو الحال في الماء بعينه فإنه‌

__________________

(١) الوسائل ٢٤ : ١٩٤ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٤٣ ح ٢ ، وكذا في ١٧ : ٩٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٦ ح ١.

(٢) الوسائل ١٧ : ٩٨ / أبواب ما يكتسب به ب ٦ ح ٥.

١٩٤

ينصرف إلى إرادة الماء المطلق إلاّ أن يقيد بقيد كماء الرمّان أو البطيخ ونحوهما. والزيت المستحصل من الزيتون لا ينجمد في الصيف والشتاء وإن كان يرق في الصيف أكثر منه في الشتاء ، ومن هنا دلّت الرواية على نجاسته بموت الفأرة فيه من غير تفصيل ، وفصّلت في السمن والعسل بين ذوبانهما وعدمه.

وفي ثالث التفصيل بين الصيف والشتاء كما في صحيحة الحلبي ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفأرة والدابة تقع في الطعام والشراب فتموت فيه ، فقال : إن كان سمناً أو عسلاً أو زيتاً فإنه ربما يكون بعض هذا ، فان كان الشتاء فانزع ما حوله وكله وإن كان الصيف فارفعه حتى تسرج به ، وإن كان برداً فاطرح الذي كان عليه ولا تترك طعامك من أجل دابّة ماتت عليه » (١) وقد أسندها شيخنا الأنصاري قدس‌سره إلى سعيد الأعرج (٢) وهو اشتباه من قلمه الشريف كما نبهنا عليه في بحث المكاسب (٣). والمراد بالصيف والشتاء فيها إنما هو التفصيل بين الذوبان والانجماد وذلك للقرينة الخارجية والداخلية : أما الخارجية فهي ظهور أن المائعات تنجمد في الشتاء كما تذوب في الصيف ، وأما القرينة الداخلية فهي قوله عليه‌السلام : « فانزع ما حوله » لوضوح أن النزع لا يمكن إلاّ فيما له صلابة وانجماد فمن ذلك يظهر أن مراده عليه‌السلام هو التفصيل بين الذوبان والانجماد. وأما ما في ذيلها أعني قوله عليه‌السلام : « وإن كان برداً فاطرح الذي كان عليه » فلعله تأكيد لما أمر به في صدرها بقوله عليه‌السلام : « فان كان الشتاء فانزع ما حوله » ويبعّده أنه تكرار في الكلام وهو من الاستهجان بمكان. والصحيح كما في بعض النسخ هو الثرد بمعنى القطعات المبللة من الخبز بماء القدر أو غيره ، فهذه الجملة حينئذ من متفرعات ما ذكره في صدرها بقوله عليه‌السلام : « فان كان الشتاء فانزع ما حوله » وذلك لأنّ تنجس قطعة من القطعات المبللة بالمرق مثلاً لا يوجب تنجس الجميع‌

__________________

(١) الوسائل ٢٤ : ١٩٥ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٤٣ ح ٣.

(٢) المكاسب : ١ : ٦٦.

(٣) مصباح الفقاهة ١ : ١٤٦.

١٩٥

والمناط في الجمود والميعان أنه لو أُخِذَ منه شي‌ء فان بقي مكانه خالياً حين الأخذ وإن امتلأ بعد ذلك فهو جامد ، وإن لم يبق خالياً أصلاً فهو مائع (١).

[٢٣٢] مسألة ٤ : إذا لاقت النجاسة جزءاً من البدن المتعرق لا يسري (٢) إلى سائر إجزائه إلاّ مع جريان العرق.

[٢٣٣] مسألة ٥ : إذا وضع إبريق مملوء ماء على الأرض النجسة وكان في أسفله ثقب يخرج منه الماء ، فان كان لا يقف تحته بل ينفذ في الأرض أو يجري‌

______________________________________________________

لخروجه من الميعان إلى الانجماد بإلقاء القطعات فيه ، بل إنما يؤخذ عنه تلك القطعة المتنجسة بخصوصها ويؤكل الباقي.

وكيف كان ، فقد دلتنا هذه الأخبار على أن المائع إذا جمد ووقع فيه شي‌ء من النجاسات أو المتنجسات فيؤخذ منه ما حول النجس دون بقية أجزائه ، وكذلك الحال في الجوامد بالأصالة كالأرض الرطبة إذا مشى عليها الكلب مثلاً فإنه لا ينجس منه إلاّ خصوص موضع الملاقاة وهو موضع قدم الكلب لا جميعه ولو مع الرطوبة المسرية ، اللهمّ إلاّ أن يدخل في المائعات كما إذا كان وحلاً فانّ وقوع النجاسة فيه يوجب تنجس الجميع كما هو الحال في جميع المائعات على ما قدّمناه سابقاً لدلالة الأخبار ، بل لولاها أيضاً كنّا نلتزم به لأنه المرتكز العرفي في أذهاننا.

(١) ليس المراد بالجامد ما بلغت صلابته صلابة الحجر لأنه لا يتّفق في العسل والسمن المذكورين في الروايات ، بل المراد به كما هو المتفاهم العرفي عند إطلاقه هو ما لا يسري أجزاؤه ولا تميل إلى المكان الخالي منه بسرعة بأخذ مقدار من أجزائه وإن مالت إليه وتساوت سطوحه شيئاً فشيئاً ، ويقابله المائع وهو الذي إذا أُخذ منه شي‌ء مالت أجزاؤه إلى المكان الخالي منه بسرعة.

(٢) لما تقدّم من أن الجوامد لا تسري نجاسة جزء منها إلى جميع أجزائها ولو مع الرطوبة المسرية ، اللهمّ إلاّ أن يسيل العرق من الموضع المتنجس ، لأنه يوجب نجاسة كل ما أصابه.

١٩٦

عليها فلا يتنجّس ما في الإبريق من الماء (١) ، وإن وقف الماء بحيث يصدق اتحاده مع ما في الإبريق بسبب الثقب تنجّس (*) وهكذا الكوز والكأس والحب ونحوها.

[٢٣٤] مسألة ٦ : إذا خرج من أنفه نخاعة غليظة وكان عليها نقطة من الدم لم يحكم بنجاسة ما عدا محله من سائر أجزائها فاذا شك في ملاقاة تلك النقطة لظاهر الأنف لا يجب غسله ، وكذا الحال في البلغم الخارج من الحلق (٢).

[٢٣٥] مسألة ٧ : الثوب أو الفرش الملطّخ بالتراب النجس يكفيه نفضه ولا يجب غسله ولا يضر احتمال بقاء شي‌ء منه بعد العلم بزوال القدر المتيقن (٣).

______________________________________________________

(١) لما مر من أن القوة والدفع يوجبان تعدد الماء عرفاً ، فإذا كان الماء الخارج من الثقب جارياً على وجه الأرض أو نافذاً فيها كما في الأراضي الرخوة أو الرملية فيكون خروجه من الثقب بقوّة ودفع مانعاً عن سراية النجاسة من الماء الخارج إلى داخل الكوز أو الإبريق ، لأنهما ماءان متعدِّدان بالنظر العرفي ونجاسة أحدهما غير مستلزمة لنجاسة الآخر. وأما إذا لم يكن الماء الخارج جارياً على وجه الأرض ولا نافذاً فيها بل كان مجتمعاً حول الإبريق أو الكوز ، فلا مناص من الحكم بتنجس الماء الموجود فيهما وذلك لسقوط الماء الخارج حينئذ من القوة والدفع ، وحيث إن الماءين متحدان لاتصالهما بالثقب فتسري نجاسة أحدهما إلى الآخر لا محالة. ولعل ما ذكرناه هو مراد الماتن قدس‌سره من قوله : « وإن وقف الماء ». وذلك لوضوح أن وقوف الماء الخارج من الكوز أو الإبريق في مكان آخر بعيد عنهما غير مستلزم لتنجس الماء في داخلهما ، لأنّ الماء الخارج لا يسقط بذلك عن القوة والدفع.

(٢) لما بيّناه في المسائل المتقدِّمة فليراجع.

(٣) قد أسبقنا أن من شرائط تنجس ملاقي النجس أن تكون فيهما أو في أحدهما رطوبة مسرية ، وعلى هذا إذا أصابت الفرش أو الثوب أجزاء ترابية متنجسة أو أجزاء العذرة اليابسة ولم تكن في شي‌ء من المتلاقيين رطوبة مسرية لم يحكم بنجاسة‌

__________________

(*) تقدّم أنّ العبرة في الانفعال وعدمه بالدفع وعدمه.

١٩٧

الملاقي كالثوب والفرش ونحوهما فلا يجب غسله. نعم ، لا بد من نفضه وإخراج الأجزاء النجسة أو المتنجسة الموجودة فيه. وهذا الذي أفاده قدس‌سره مضافاً إلى أنه مقتضى القاعدة على ما طبقناها آنفاً مما دلّ عليه النص الصحيح ، فروى علي ابن جعفر في كتابه عن أخيه عليه‌السلام « عن الرجل يمر بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتسفي عليه من العذرة فيصيب ثوبه ورأسه ، يصلي فيه قبل أن يغسله؟ قال : نعم ينفضه ويصلي فلا بأس » (١).

هذا وينبغي أن ننبِّه على أمرين : أحدهما : أنه لو قلنا بجواز حمل النجس في الصلاة لقلنا بجواز الصلاة في الثوب المتلطخ بأجزاء العذرة اليابسة من غير حاجة إلى نفضه لو لا الصحيحة المتقدِّمة لأن الثوب غير متنجس على الفرض وإنما هو حامل للأجزاء النجسة ، وقد بيّنا أن حمل النجس غير مانع عن الصلاة إلاّ أن الصحيحة دلتنا على عدم جواز الصلاة في مثله وأن حمل النجس بتلك الكيفية مانع عنها وكأنه من الصلاة في النجس ولا مناص من الأخذ بظاهرها وهو اعتبار النفض في الصلاة في مثل الثوب المتلطخ بأجزاء العذرة ونحوها ومانعية حمل النجس في الصلاة ، إلاّ أنه لا بدّ من الاقتصار في ذلك على موردها وهو حمل النجس بالكيفية الواردة في الصحيحة.

وثانيهما : أن الشك في بقاء الأجزاء النجسة أو المتنجسة في الثوب مثلاً بعد نفضه يتصوّر على وجهين : أحدهما : أن يشك في مقدار الأجزاء النجسة أو المتنجسة الطارية عليه ، وهل هي المقدار الخارج منه بنفضه أو أنها أكثر من المقدار الخارج وبقي مقدار منها في الثوب ، ففي هذه الصورة لا يمكن الرجوع إلى استصحاب بقائها لأن الزائد مشكوك التحقّق من الابتداء فيكون الاستصحاب معه من القسم الثالث من الكلي وقد برهنا في محله على عدم جريان الاستصحاب فيه. وثانيهما : ما إذا علمنا بطرو مقدار معيّن من الأجزاء النجسة على الثوب ونفرضه مثقالين مثلاً وبعد نفضه نشك في خروج ذلك المقدار المعلوم العروض وعدمه للشك في أن الخارج بمقدار مثقالين أو أقل ، وهل يجري استصحاب بقاء المقدار المعلوم من الأجزاء النجسة أو‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٤٣ / أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ١٢.

١٩٨

[٢٣٦] مسألة ٨ : لا يكفي مجرد الميعان في التنجس ، بل يعتبر أن يكون مما يقبل التأثر وبعبارة اخرى يعتبر وجود الرطوبة في أحد المتلاقيين ، فالزئبق إذا وُضِعَ في ظرف نجس لا رطوبة له لا يتنجّس وإن كان مائعاً ، وكذا إذا اذيب الذهب أو غيره من الفلزات في بوتقة نجسة أو صب بعد الذوب في ظرف نجس لا يتنجّس إلاّ مع رطوبة الظرف أو وصول رطوبة نجسة إليه من الخارج (١).

______________________________________________________

المتنجِّسة في الثوب؟

فيه تفصيل وذلك لأن الأثر المترتب على وجود تلك الأجزاء في الثوب مثلاً أمران : أحدهما : الحكم بنجاسة ملاقي الثوب ونحوه إذا كان رطباً كاليد الرطبة أو الماء القليل كما إذا ألقينا الثوب في حبّ من الماء. وثانيهما : بطلان الصلاة فيه لأنه حامل للنجس وحمله بتلك الكيفية مبطل لها. أما بالإضافة إلى الأمر الأوّل فلا يمكن استصحاب بقاء الأجزاء النجسة في الثوب لأجل الحكم بنجاسة ملاقيه الرطب وذلك لأن المقدار المتيقن إنما هو ملاقاة الثوب للماء مثلاً ، وهي غير موجبة للحكم بنجاسة الماء لعدم نجاسة الثوب على الفرض ، وإنما الموجب للحكم بنجاسة الماء هو ملاقاة الأجزاء النجسة الطارئة على الثوب ، إلاّ أن استصحاب بقائها لا يثبت أنها لاقت الماء إلاّ على القول بالأصل المثبت ، فالاستصحاب بالإضافة إلى هذا الأثر غير جار سواء أدرجناه تحت القسم الثالث من الكلي أم تحت غيره. وأما بالإضافة إلى الأثر الثاني فلا مانع من استصحاب بقاء الأجزاء النجسة في الثوب لأن المفروض ان الثوب الحامل للنجاسة بتلك الكيفية محكوم ببطلان الصلاة فيه ، فاذا شككنا في بقائه على وصفه يجري استصحاب بقائه على الأوصاف السابقة وبه يحكم ببطلان الصلاة الواقعة فيه.

(١) قد عرفت أن المائع إذا لاقى نجساً يحكم بنجاسته لأنه مرطوب برطوبة مسرية ، ومعها لا حاجة إلى اعتبار رطوبة النجس في نجاسة ملاقية إلاّ أن هذا يختص بالمائع الرطب ، وأما المائع الجاف الذي لا يؤثر في ملاقيه كما لا يتأثر منه كالزئبق ونحوه فملاقاته النجس أو المتنجس اليابس لا يقتضي نجاسته وإن كان مائعاً ، كما إذا وضعناه على ظرف يابس متنجس فإنه لا يتأثر بذلك ولا ينتقل شي‌ء من أجزائه إلى‌

١٩٩

[٢٣٧] مسألة ٩ : المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ولو بنجاسة أُخرى ، لكن إذا اختلف حكمهما يرتب كلاهما فلو كان لملاقي البول حكم ولملاقي العذرة حكم آخر يجب ترتيبهما معاً ، ولذا لو لاقى الثوب دمٌ ثم لاقاه البول يجب غسله مرّتين ، وإن لم يتنجس بالبول بعد تنجسه بالدم وقلنا بكفاية المرة في الدم. وكذا إذا كان في إناء ماء نجس ثم ولغ فيه الكلب يجب تعفيره وإن لم يتنجّس بالولوغ. ويحتمل أن يكون للنجاسة مراتب في الشدّة والضعف ، وعليه فيكون كل منهما مؤثراً ولا إشكال (١).

______________________________________________________

الظرف ، فحكم المائعات اليابسة حكم الجوامد اليابسة ، ونظيره الفلزات المذابة كالذهب والفضّة والنحاس ونحوها لأنها إذا صُبّت في ظرف نجس كالبوتقة النجسة لا يحكم بتنجسها لأنها مائع جاف لا يؤثر في الأشياء اليابسة ولا يتأثر منها ، ومع عدم السراية والرطوبة لا يحكم بنجاستها. نعم ، إذا فرضنا أن الزئبق أو الفلز المذاب لاقى نجساً أو متنجِّساً وهو رطب ، كالدهن المتنجس المصبوب في البوتقة كما يستعمل في الصياغة فإنه يحكم بتنجّس الزئبق أو الفلز لتأثرهما من النجس أو المتنجِّس الرطبين.

ثم إنّها إذا تنجست فقد نقطع أن النجاسة إنما أثّرت في سطحها الظاهر فقط فحينئذ إذا غسلنا سطحها طهرت كغيرها من المتنجسات ، وقد نعلم أن النجاسة أثّرت في جميع أجزاء الفلز الداخلية منها والخارجية لتصاعدها وتنازلها حال إذابتها فإنه قد تسري النجاسة بذلك إلى الجميع فيشكل تطهيرها حينئذ ، لعدم إمكان إيصال المطّهر إلى كل واحد من الأجزاء الظاهرية والداخلية فلا مناص من أن تبقى على نجاستها إلى الأبد. وعلى الجملة أن الفلز حال ذوبانه إذا أمكن أن يتنجس بمثل الدهن أو البول ونحوهما يخرج بذلك عن قابلية الطهارة إلى الأبد ، وأظهر من ذلك ما لو تنجّس الفلز أوّلاً ثم اذيب ، لأنّ الذوبان في مثله يوجب سراية النجاسة إلى باطنه وبه يسقط عن قابلية الطهارة كما عرفت.

(١) الكلام في هذه المسألة في أن الاشكال الذي كان يرد على كلامه إذا أنكرنا‌

٢٠٠