موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ علي الغروي

ولا فرق في غير المأكول بين أن يكون أصليّاً كالسباع ونحوها أو عارضيّاً كالجلاّل وموطوء الإنسان والغنم الذي شرب لبن خنزيرة (١).

______________________________________________________

هذا فيما إذا ثبت أنه مما لا نفس له ، وكذا الحال فيما إذا شككنا في أنه من هذا القبيل أو من غيره ، لأن ما دلّ على نجاسة بول الطيور مخصص بما لا نفس له ، ومع الشك في أن الخفاش مما له نفس سائلة لا يمكن التمسك بعموم ذلك الدليل ، لأنه من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية.

نعم ، ورد في رواية داود الرقي أن بول الخفاش نجس (١) إلاّ أنها غير قابلة للاعتماد.

أمّا أوّلاً : فلضعف سندها.

وأمّا ثانياً : فلمعارضتها برواية غياث : « لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف » (٢) وهي إما أرجح من رواية الرقي أو مساوية لها.

وأمّا ثالثاً : فلأن الخفاش ليست له نفس سائلة كما مر ، وقد قام الإجماع على طهارة بول ما لا نفس له ، ولا نحتمل تخصيصه بمثل هذه الرواية الضعيفة المتعارضة ومن ذهب إلى نجاسته فإنّما استند إلى أن له نفساً سائلة ، ولم يعلم استناده إلى تلك الرواية ، وبعد ما بيّنا أنه مما لا نفس له لا يبقى وجه لنجاسة شي‌ء من بوله وخرئه.

(١) فإن إطلاق حسنة عبد الله بن سنان وعموم روايته الأُخرى كما يشمل غير المأكول بالذات كالسباع والمسوخ كذلك يشمل ما لا يؤكل لحمه بالعرض ، كما إذا كان جلاّلاً أو موطوء إنسان أو ارتضع من لبن خنزيرة إلى أن يشتد عظمه لأن موضوع الحكم بنجاسة البول في الروايتين إنما هو عنوان ما لا يؤكل لحمه ، ومتى ما صدق على شي‌ء من الحيوانات الخارجية فلا محالة يحكم بنجاسة بوله.

ونظير هذا البحث يأتي في الصلاة أيضاً حيث إن موثقة ابن بكير (٣) دلّت على‌

__________________

(١) عن داود الرقي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا أجده؟ فقال : اغسل ثوبك » الوسائل ٣ : ٤١٢ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ٤.

(٢) الوسائل ٣ : ٤١٣ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ٥.

(٣) قال : « سأل زرارة أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره

٣٨١

وأمّا البول والغائط من حلال اللّحم فطاهر (١) حتى الحمار والبغل والخيل (٢)

______________________________________________________

بطلان الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، وقد وقع الكلام هناك في أن عنوان ما لا يؤكل لحمه عنوان مشير إلى الذوات الخارجية مما لا يؤكل لحمه بالذات ، أو أنه أعم مما لا يؤكل لحمه ولو بالعرض وقد ذكرنا هناك أنه عام يشمل الجميع ، ولا وجه لاختصاصه بما هو كذلك بالذات.

البول والغائط مما يؤكل لحمه :

(١) للإجماع القطعي بين الأصحاب ، ولموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كل ما أُكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه » (١) وصحيحة زرارة أنهما عليهما‌السلام قالا : « لا تغسل ثوبك من بول شي‌ء يؤكل لحمه » (٢) ، وما عن قرب الاسناد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا بأس ببول ما أُكل لحمه » (٣) ، وما ورد في ذيل صحيحة عبد الرّحمن ابن أبي عبد الله من قوله « وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله » (٤).

(٢) قد وقع الخلاف في طهارة أبوالها وأرواثها فذهب المشهور إلى طهارتهما وخالفهم في ذلك من المتقدمين ابن الجنيد (٥) والشيخ في بعض كتبه (٦) ، ومن المتأخرين الأردبيلي (٧) وغيره فذهبوا إلى نجاستهما ، وأصر صاحب الحدائق قدس‌سره على نجاسة أبوالها (٨). وتردد فيها بعض آخر.

__________________

من الوبر ، فأخرج كتاباً زعم أنه إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الصلاة في وبر كل شي‌ء حرام أكله ، فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شي‌ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله ... » الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلِّي ب ٢ ح ١.

(١) الوسائل ٣ : ٤٠٩ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٢ ، ٤ ، ١٧ ، ٩.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٩ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٢ ، ٤ ، ١٧ ، ٩.

(٣) الوسائل ٣ : ٤٠٩ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٢ ، ٤ ، ١٧ ، ٩.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٠٩ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٢ ، ٤ ، ١٧ ، ٩.

(٥) المختلف ١ : ٢٩٩.

(٦) النهاية : ٥١.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٠١.

(٨) الحدائق ٥ : ٢١.

٣٨٢

ومنشأ الخلاف في ذلك هو اختلاف الأخبار ، حيث ورد في جملة منها وفيها صحاح وموثقات الأمر بغسل أبوال الخيل والحمار والبغل (١) وقد قدمنا في محله أن الأمر بالغسل إرشاد إلى النجاسة حسبما يقتضيه الفهم العرفي ، وورد في صحيحة الحلبي التفصيل بين أبوالها ومدفوعاتها ، حيث نفت البأس عن روث الحمير وأمرت بغسل أبوالها (٢) وهي صريحة في عدم الملازمة بين نجاسة أبوال الحيوانات المذكورة ونجاسة مدفوعاتها كما توهمها بعضهم ، وقد تقدم أن الحكم بنجاسة المدفوع لم يقم عليه دليل غير عدم القول بالفصل بينه وبين البول ، والقول بالفصل موجود في المقام وعليه فلا نزاع في طهارة أرواثها ، وينحصر الكلام بأبوالها ، وقد عرفت أن مقتضى الأخبار المتقدمة نجاستها.

وفي قبال تلك الأخبار روايتان (٣) تدلاّن على طهارتها إلاّ أنهما ضعيفتان فان صحّ اعتماد المشهور فيما ذهبوا إليه على هاتين الروايتين ، وتمت كبرى أن اعتماد المشهور على رواية ضعيفة يخرجها من الضعف إلى القوة وينجبر به ضعفها فلا مناص من الحكم بطهارة أبوال الحيوانات المذكورة ، ولا يعارضهما ما دلّ على نجاسة أبوالها كما توهّمه‌

__________________

(١) كموثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يمسّه بعض أبوال البهائم أيغسله أم لا؟ قال : يغسل بول الحمار والفرس والبغل ، فأما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله ». وصحيحة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أبوال الخيل والبغال ، قال : اغسل ما أصابك منه ». المرويتين في الوسائل ٣ : ٤٠٩ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ٩ ، ١١. وموثقة سماعة قال : « سألته عن بول السنور والكلب والحمار والفرس؟ قال : كأبوال الإنسان ». المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٦ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٧.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٦ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١.

(٣) إحداهما : رواية أبي الأغر النحاس قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه؟ فقال : ليس عليك شي‌ء » وثانيتهما : رواية معلى بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور قالا : « كنّا في جنازة وقدامنا حمار فبال فجاءت الريح ببوله حتى صكّت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام فأخبرناه ، فقال : ليس عليكم بأس » المرويتان في الوسائل ٣ : ٤٠٧ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ٢ ، ١٤.

٣٨٣

صاحب الحدائق قدس‌سره لأنهما صريحتان في الطهارة وأخبار النجاسة ظاهرة في نجاستها.

إلاّ أن الكلام في ثبوت الأمرين المتقدمين ، ودون إثباتهما خرط القتاد ، فان القدماء ليس لهم كتب استدلالية ، ليرى أنهم اعتمدوا على أي شي‌ء ، ولعلّهم استندوا في ذلك على شي‌ء آخر. كما أن عملهم على طبق رواية ضعيفة لا يكون جابراً لضعفها على ما مرّ منّا غير مرة.

وعلى هذا لا مناص من الحكم بنجاسة أبوالها ، وإن كان يلزمه التفصيل بين أرواثها وأبوالها ولا محذور فيه بعد دلالة الدليل ، وقد عرفت ما يقتضي طهارة أرواثها ، ولا ينافي ذلك ما دلّ بإطلاقه على طهارة بول كل ما يؤكل لحمه حيث لا مانع من تخصيصه بما دلّ على نجاسة أبوال الحيوانات الثلاثة.

بل يمكن أن يقال : إنه لا دلالة في تلك المطلقات على طهارة أبوال الحيوانات الثلاثة ، لقوة احتمال أن يراد مما يؤكل لحمه في تلك الروايات ما كان مستعداً للأكل بطبعه كالشاة والبقرة ونحوهما ، ومن البديهي أن الحيوانات المذكورة غير مستعدة للأكل ، وإنما هي معدة للحمل ، وإن كانت محللة شرعاً كما أُشير إلى هذا في بعض الروايات (١) هذا.

واستدلّ شيخنا الهمداني قدس‌سره على طهارة أبوال الحيوانات الثلاثة بما ورد في ذيل موثقة ابن بكير المتقدِّمة (٢) حيث قال عليه‌السلام « يا زرارة هذا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاحفظ ذلك يا زرارة ، فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شي‌ء منه جائز إذا علمت أنه ذكي وقد ذكاه الذبح ، وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شي‌ء منه فاسد ، ذكاه الذبح أو لم يذكه ». بتقريب أن المراد بالحلية في هذه‌

__________________

(١) روى زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام « في أبوال الدواب تصيب الثوب فكرهه ، فقلت : أليس لحومها حلالاً؟ فقال : بلى ، ولكن ليس مما جعله الله للأكل » المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٨ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ٧.

(٢) في ص ٣٨١.

٣٨٤

الموثقة هي الحلية المجردة ، ولم يرد منها ما أُعد للأكل ، وقد دلت بصراحتها على جواز الصلاة في بول كل ما كان كذلك من الحيوانات ، ومنها الحمير والبغل والفرس ويستفاد منها طهارة أبوالها ، لضرورة بطلان الصلاة في النجس (١).

ويظهر الجواب عن ذلك بما نبّهنا عليه آنفاً ، وحاصله أن دلالة الموثقة على طهارة أبوال الدواب الثلاث إنما هي بالظهور والالتزام ، ولم تدل على هذا بصراحتها. وإذن فلا مانع من تخصيصها بالأخبار المتقدمة الصريحة في نجاسة أبوالها. وبعبارة اخرى : أن الموثقة إنما دلّت على جواز الصلاة في أبوال الدواب الثلاث من حيث إنها محلّل الأكل في طبعها وبالالتزام دلت على طهارتها ، والأخبار المتقدمة قد دلت بالمطابقة على نجاسة أبوالها ، فلا محالة تخصص الموثقة بما إذا كانت الحلية مستندة إلى استعدادها للأكل.

وعلى الجملة لا محذور في الحكم بنجاسة أبوال الحيوانات الثلاثة ، إلاّ أن ما يمنعنا عن ذلك ، ويقتضي الحكم بطهارة أبوالها ملاحظة سيرة الأصحاب من لدن زمانهم عليهم‌السلام الواصلة إلينا يداً بيد ، حيث إنها جرت على معاملتهم معها معاملة الطهارة ، لكثرة الابتلاء بها ، وبالأخص في الأزمنة المتقدمة فإنّهم كانوا يقطعون المسافات بمثل الحمير والبغال والفرس ، فلو كانت أبوالها نجسة لاشتهر حكمها وذاع ولم ينحصر المخالف في طهارتها بابن الجنيد والشيخ قدس‌سرهما ولم ينقل الخلاف فيها من غيرهما من أصحاب الأئمة والعلماء المتقدمين ، وهذه السيرة القطعية تكشف عن طهارتها ، وبها تحمل الأخبار المتقدمة الصريحة في نجاسة الأبوال المذكورة على التقيّة ، فإنّ العامّة ولا سيّما الحنفية منهم ملتزمون بنجاستها (٢) وقد اعترف بما ذكرناه‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٧٥ السطر ٢٥.

(٢) قدّمنا شطراً من أقوالهم في هذه المسألة في تعليقة ص ٥٧ عن ابن حزم في المحلى وننقل جملة أُخرى من كلماتهم في المقام لمزيد الاطلاع : قال في بدائع الصنائع للكاشاني الحنفي ج ١ ص ١٦١ بول ما لا يؤكل لحمه نجس وأمّا ما يؤكل لحمه فعند أبي حنيفة وأبي يوسف نجس وعند محمّد طاهر. وبهذا المنوال نسج في المبسوط ج ١ ص ٥٤. وفي عمدة القارئ للعيني

٣٨٥

في الحدائق إلاّ أنه منع عن حمل أخبار النجاسة على التقية نظراً إلى أن الرواية ما لم تبتل بمعارض أقوى لم يجز حملها على التقية ، ولا معارض لأخبار النجاسة في المقام (١).

وما أفاده وإن كان صحيحاً في نفسه إلاّ أنه غير منطبق على المقام ، لقيام سيرة الأصحاب وعلمائنا الأقدمين على طهارتها ، وهي التي دعتنا إلى حمل أخبار النجاسة على التقية ، وبهذا اعتمدنا في الحكم بعدم وجوب الإقامة في الصلاة ، لأن الأخبار وإن كانت تقتضي وجوبها إلاّ أن سيرة أصحاب الأئمة عليهم‌السلام وعلمائنا المتقدمين تكشف عن عدم وجوبها في الصلاة حيث إنها لو كانت واجبة لظهر ، ولعدّ من الواضحات والضروريات ، لكثرة الابتلاء بها في كل يوم ، ونفس عدم ظهور الحكم في أمثالها يكشف كشفاً قطعياً عن عدمه.

__________________

الحنفي شرح البخاري ج ٣ ص ١٥٤ اختلف في الأبوال فعند أبي حنيفة والشافعي وأبي يوسف وأبي ثور وآخرين كثيرين الأبوال كلها نجسة إلاّ ما عفي عنه وقال أبو داود بن علية الأبوال كلها طاهرة من كل حيوان ولو غير مأكول اللحم عدا أبوال الإنسان. وفي إرشاد الساري للقسطلاني شرح البخاري ج ١ ص ٣٠٠ ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أن الأبوال كلّها نجسة إلاّ ما عفي عنه وفي فتح الباري لابن حجر شرح البخاري ج ١ ص ٣٣٨ باب أبوال الإبل والدواب والغنم ذهب الشافعي والجمهور إلى القول بنجاسة الأبوال والأرواث كلّها من مأكول اللّحم وغيره وفي البداية لابن رشد المالكي ج ١ ص ٨٢ اختلفوا في نجاسة بول غير الآدمي من الحيوان فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى انّها كلها نجسة وقال قوم بطهارتها وقال آخرون بتبعية الأبوال والأرواث للحوم فما كان منها محرم الأكل كانت أبواله وأرواثه نجسة وما كان مأكول اللحم فأبوالها وأرواثها طاهرة وبه قال مالك وفي البدائع ج ٥ ص ٣٧ في كتاب الذبائح لا تحل البغال والحمير عند عامة العلماء ويكره لحم الخيل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يكره وبه أخذ الشافعي وفي مجمع الأنهر لشيخ زاده الحنفي ج ٣ ص ٥١٣ في الذبائح يحرم أكل لحوم الحمر الأهلية والبغال لأنه متولِّد من الحمار فان كانت امّه بقرة فلا يؤكل بلا خلاف وإن كانت امه فرساً فعلى الخلاف في أكل لحم الفرس. فعلى هذا بول الحمير والبغال والفرس نجس لحرمة أكل لحمها والأخير وإن كان مكروهاً عند أبي حنيفة إلاّ أنه يرى نجاسة الأبوال كلها حسب كلماتهم المتقدِّمة.

(١) الحدائق ٥ : ٢٥.

٣٨٦

وكذا من حرام اللحم الذي ليس له دم سائل كالسمك المحرم ونحوه (١).

______________________________________________________

فضلة ما لا نفس له‌

(١) قد اختلفوا في نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه مما لا نفس له كالأسماك المحرمة والسلحفاة ولها بول كثير فذهب المشهور إلى طهارة بوله وخرئه ، وتردد المحقق في طهارتهما في بعض كتبه (١) ، والكلام في مدرك ما ذهب إليه المشهور ، لأن مقتضى إطلاق ما دلّ على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه أو عمومه أعني روايتي عبد الله بن سنان (٢) عدم الفرق في نجاستها بين كونها مما له نفس سائلة وعدمه ، فلا بدّ في إخراج ما لا نفس له من ذلك الإطلاق أو العموم من إقامة الدليل عليه.

فقد يتمسك في ذلك بالانصراف بدعوى : أن لفظتي البول والخرء منصرفتان عن بول ما لا نفس له وخرئه ، لأنهما منه بمنزلة عصارة النبات. وفساد هذا الوجه بمكان من الوضوح ، فإنّه لا مدخلية لكون الحيوان مما له نفس أو مما لا نفس له في صدق عنوان البول على بوله أو الخرء على مدفوعة ، فهذا الوجه مما لا يعتنى به.

والذي ينبغي أن يقال : إنه لا إشكال في طهارة الخرء مما لا نفس له لقصور ما يقتضي نجاسته ، لما مرّ من أن نجاسته في الحيوانات المحرمة التي لها نفس سائلة مستندة إلى عدم الفرق بين بولها وخرئها بالارتكاز ، والارتكاز مختص بما له نفس سائلة ، وعليه فالخرء من الحيوانات التي لا نفس لها خارج عن محل الكلام ، والنزاع مختص ببوله. وإذا قد عرفت ذلك فنقول :

إنّ الحيوانات المحرمة التي لا نفس لها إذا كان لها لحم معتد به كالأسماك المحرمة والحيات ونحوهما ، فلا محالة يشملها عموم ما دلّ على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه أو إطلاقه لأنها من أفراده ، وإذا لم يكن لها لحم كذلك كالخنفساء والذباب وأمثالهما لم يحكم بنجاسة بولها ، لأنها خارجة عمّا دلّ على نجاسة بول الحيوانات المحرمة ، فان في‌

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٥١.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢ ، ٣.

٣٨٧

مورد هذه الأدلّة قد فرض حيوان وله لحم محرم أكله فحكم بنجاسة بوله ، وهذا كما ترى يختص بما له لحم ، وعليه فهذه الأدلة قاصرة الشمول لما لا لحم له من الابتداء حيث لا لحم له ليحرم أكله ، فأبوال ما لا نفس له إذا كان من هذا القبيل مما لا دليل على نجاسته.

إلاّ أن هذا إنما يتم فيما إذا قلنا بانصراف ما دلّ على نجاسة مطلق البول إلى بول الآدمي كصحيحتي محمد بن مسلم المتقدِّمتين (١) وغيرهما ولا أقل من انصرافه عن بول الحيوانات التي لا لحم لها. وأمّا إذا لم يتم الانصراف فمقتضى تلك المطلقات نجاسة البول مطلقاً حتى مما لا لحم له فيما إذا كان محرم الأكل.

نعم ، يمكن أن يستدل على طهارة أبوال ما لا نفس له مطلقاً كان له لحم أم لم يكن بموثقة حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام قال : « لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة » (٢) فقد دلت بإطلاقها على عدم تنجس الماء ببول ما لا نفس له ولا بدمه ولا بميتته ولا بغيرها مما يوجب نجاسة الماء إذا كانت له نفس سائلة ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون له لحم أم لم يكن.

وأصحابنا ( قدس الله أسرارهم ) وإن ذكروا هذه الرواية في باب عدم نجاسة الميتة مما لا نفس له إلاّ أنه لا يوجب اختصاصها بها ، فإنّها مطلقة ومقتضى إطلاقها عدم‌

__________________

(١) في ص ٣٧٤ ، ٣٧٦.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٦٤ / أبواب النجاسات ب ٣٥ ح ٢. ثم إن في سند الرواية أحمد بن محمد عن أبيه والظاهر أنه أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وهو وإن كان من مشايخ الشيخ المفيد قدس‌سره إلاّ أنه لم تثبت وثاقته بدليل ، وكونه شيخ إجازة لا دلالة له على وثاقته فالوجه في كون الرواية موثقة أن في سندها محمد بن أحمد بن يحيى وللشيخ إليه طرق متعددة ، وهي وإن لم تكن صحيحة بأسرها إلاّ أن في صحة بعضها غنى وكفاية ، وذلك لأن الرواية إما أن تكون من كتاب الراوي أو من نفسه ، وعلى كلا التقديرين يحكم بصحة رواية الشيخ عن محمّد بن أحمد لتصريحه في الفهرست [ ١٤٤ / ٦١٢ ] بأن له إلى جميع كتب محمد بن أحمد ورواياته طرقاً متعددة وقد عرفت صحة بعضها ، وإذا صحّ السند إلى محمد بن أحمد بن يحيى صحّ بأسره لوثاقة الرواة الواقعة بينه وبين الإمام عليه‌السلام وبهذا الطريق الذي أبديناه أخيراً يمكنك تصحيح جملة من الروايات كذا أفاده ( دام ظله ).

٣٨٨

[١٦١] مسألة ١ : ملاقاة الغائط في الباطن لا توجب النجاسة كالنوى الخارج من الإنسان أو الدود الخارج منه ، إذا لم يكن معه شي‌ء من الغائط وإن كان ملاقياً له في الباطن (١). نعم ، لو أدخل من الخارج شيئاً فلاقى الغائط في الباطن كشيشة الاحتقان إن علم ملاقاتها له ، فالأحوط الاجتناب (*) عنه. وأمّا إذا شكّ‌

______________________________________________________

تنجس الماء بشي‌ء من أجزاء ما لا نفس له ، والنسبة بينها وبين ما دلّ على نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه وإن كانت عموماً من وجه إلاّ أنها كذلك بالإضافة إلى غير بوله أيضاً من دمه وميتته ومع ذلك فهي مقدمة على معارضاتها مما دلّ على نجاسة الدم أو الميتة. والوجه فيه أن الموثقة حاكمة على غيرها مما دلّ على نجاسة البول أو الدم أو الميتة على وجه الإطلاق فإنّها فرضت شيئاً مفسداً للماء من أجزاء الحيوان. وحكمت عليه بعدم إفساده للماء فيما إذا لم يكن له نفس سائلة ، هذا.

وأيضاً يمكن الاستدلال على طهارته بالروايات الواردة في عدم نجاسة الميتة مما لا نفس له كموثقة عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه ، قال : كل ما ليس له دم فلا بأس » (١) والمراد بما ليس له دم هو ما لا نفس سائلة له ، وإلاّ فلمثل الذباب دم قطعاً. وتقريب الاستدلال بها أنها دلت بإطلاقها على عدم انفعال الماء وغيره من المائعات بموت ما لا نفس له فيه سواء تفسخ أم لم يتفسخ ، ومن الظاهر أنه على تقدير تفسخه تنتشر أجزاؤه في الماء ومنها ما في جوفه من البول والخرء مع أنه عليه‌السلام حكم بطهارة المائع مطلقاً ، هذا وفي الرواية الأُولى غنى وكفاية.

ملاقاة الغائط في الباطن‌

(١) هذا الذي أفاده قدس‌سره لا يوافق ذيل كلامه ، لأنه لا فرق فيما لاقاه‌

__________________

(*) والأظهر طهارته ، ولم يظهر الفرق بينه وبين النوى.

(١) الوسائل ٣ : ٤٦٣ / أبواب النجاسات ب ٣٥ ح ١.

٣٨٩

في ملاقاته فلا يحكم عليه بالنجاسة ، فلو خرج ماء الاحتقان ولم يعلم خلطه بالغائط ولا ملاقاته له لا يحكم بنجاسته.

______________________________________________________

الغائط في الباطن بين ما دخل من طريق الحلق كما في النوى ، وبين ما دخل الجوف من طريق آخر كشيشة الاحتقان. نعم ، يمكن أن يقال في الدود الخارج من الإنسان أنه كسائر الحيوانات إما لا يتنجس أصلاً أو إذا قلنا بتنجسه يطهر بزوال العين عنه كما في الدود الخارج من الخلاء إذا لم يكن عليه أثر من النجاسات ، وأمّا النوى وشيشة الاحتقان فلم يظهر لنا الفرق بينهما وتفصيل الكلام في المقام أن لملاقاة النجاسة في الباطن صوراً أربع :

الصورة الأُولى : أن يكون الملاقي والملاقى من الداخل بأن تلاقي النجاسة المتكونة في الباطن أحد الأجزاء الداخلية للإنسان أو الحيوان نظير الدم الملاقي لمحله والغائط المماس لمكانة. وملاقي النجاسة في هذه الصورة محكوم بالطهارة ، وذلك مضافاً إلى قصور ما دلّ على نجاسة الملاقي عن الشمول لهذه الصورة كما سيظهر وجهه ، يمكن أن يستدل عليها بما دلّ على طهارة البلل الخارج من فرج المرأة (١) فإنّه يلاقي مجرى البول والدم والمني ، فلو كانت ملاقاة شي‌ء من ذلك موجبة لنجاسة مواضعها الداخلية لكان البلل الملاقي لتلك المواضع محكوماً بالنجاسة لا محالة. وبما دلّ على طهارة المذي وأخواته (٢) فإنّه أيضاً يلاقي مواضع البول والمني. وبما دلّ على وجوب غسل الظاهر‌

__________________

(١) كما في الصحيح عن إبراهيم بن أبي محمود قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن المرأة وليها قميصها أو إزارها من بلل الفرج وهي جنب أتصلِّي فيه؟ قال : إذا اغتسلت صلّت فيهما ». وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل مسّ فرج امرأته ، قال : ليس عليه شي‌ء وإن شاء غسل يده » الوسائل ٣ : ٤٩٨ / أبواب النجاسات ب ٥٥ ح ١ ، ٣ وغيرهما من الأخبار.

(٢) كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن المذي يصيب الثوب؟ قال : ينضحه بالماء إن شاء » وعن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام

٣٩٠

في الاستنجاء وفي غيره دون البواطن (١) مع ملاقاتها للغائط وغيره من النجاسات ، ولم تثبت ملازمة ولا ارتكاز عرفي بين نجاسة الدم والبول والغائط في الخارج ونجاستها في الجوف ، وحيث إن النجاسة تستفاد من الأمر بغسلها ، ولم يرد أمر بغسل البواطن فيستكشف من ذلك طهارتها. وعلى الجملة لا دليل على نجاسة البواطن بوجه ، أو إذا قلنا بنجاستها فلا مناص من الالتزام بطهارتها بمجرّد زوال عين النجس.

الصورة الثانية : أن تكون النجاسة خارجية وملاقيها من الأجزاء الداخلية كما إذا شرب مائعاً متنجساً أو نجساً كالخمر فإنّه يلاقي الفم والحلق وغيرهما من الأجزاء الداخلية ، وملاقي النجاسة في هذه الصورة أيضاً محكوم بالطهارة ، فإن الأجزاء الداخلية لا تتنجس بملاقاة النجس الخارجي ، وهذا من غير فرق بين أن تكون الأجزاء الداخلية محسوسة كداخل الفم والأنف والأُذن وغيرها أم لم تكن ، والسرّ في ذلك ما تقدم في الصورة الاولى من أنه لا دليل على نجاسة الأعضاء الداخلية بملاقاة النجس ، وعلى تقدير تسليمها لا مناص من الالتزام بطهارتها بمجرّد زوال العين عنها. هذا مضافاً إلى ما ورد من عدم نجاسة بصاق شارب الخمر (٢) لأن الفم لو كان يتنجس بالخمر كان بصاق شارب الخمر نجساً لا محالة.

__________________

عن المذي يصيب الثوب؟ قال : ليس به بأس » الوسائل ٣ : ٤٢٦ / أبواب النجاسات ب ١٧ ح ١ ، ٥ وغيرهما.

(١) ففي الصحيح عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : « سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : يستنجي ويغسل ما ظهر منه على الشرج ولا يدخل فيه الأنملة ». وعن عمار الساباطي قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل يسيل من أنفه الدم ، هل عليه أن يغسل باطنه يعني جوف الأنف؟ فقال : إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه » الوسائل ٣ : ٤٣٧ / أبواب النجاسات ب ٢٤ ح ١ ، ٥ وغيرهما.

(٢) كما رواه عبد الحميد بن أبي الديلم قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل يشرب الخمر فيبصق فأصاب ثوبي من بصاقه؟ قال : ليس بشي‌ء » ونظيرها رواية الحسن بن موسى الحناط. المرويتان في الوسائل ٣ : ٤٧٣ / أبواب النجاسات ب ٣٩ ح ١ ، ٢.

٣٩١

الصورة الثالثة : أن يكون الملاقي خارجاً والنجاسة باطنية كما في الأسنان الصناعية الملاقية للدم المتكون في الفم أو الإبرة النافذة في الجوف وشيشة الاحتقان والنوى الداخل فيه إلى غير ذلك من الأجسام الخارجية الملاقية لشي‌ء من النجاسات المتكونة في الباطن ، وهذه الصورة على قسمين :

أحدهما : ما إذا كان الملاقي أعني النجاسة الداخلية كائنة في الجوف ، وغير محسوسة بإحدى الحواس كالنجاسة التي لاقاها النوى أو شيشة الاحتقان أو الإبرة وغيرها.

وثانيهما : ما إذا كان قابلاً للحس بإحدى الحواس كالدم المتكون في الفم أو في داخل الأنف وغيرهما.

أمّا القسم الأوّل : فلا إشكال في أن الجسم الخارجي الملاقي لشي‌ء من النجاسات الداخلية طاهر ، لأنه لا دليل على نجاسة الدم في العروق أو البول والغائط في محلهما فضلاً عن أن يكون منجساً لملاقيه ، والأدلة الواردة في نجاسة الدم والبول والغائط مختصة بالدم الخارجي أو البول والغائط الخارجيين ، لأن أمره عليه‌السلام بغسل ما يصيبه البول من البدن والثياب (١) لا يشمل لغير البول الخارجي ، فإن البول في الداخل لا يصيب الثياب أو البدن.

وكذلك ما دلّ على نجاسة الدم (٢) وكذا أمره عليه‌السلام بالغسل في الغائط الذي‌

__________________

(١) كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن البول يصيب الثوب قال : اغسله مرتين » ورواية البزنطي ، قال : « سألته عن البول يصيب الجسد قال : صب عليه الماء مرّتين » الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ١ ، ٧ وغيرهما من الأخبار.

(٢) كما في صحيحة زرارة ، قال : « قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شي‌ء من مني فعلّمت أثره إلى أن أُصيب له الماء فأصبت وحضرت الصلاة ، ونسيت أن بثوبي شيئاً وصليت ثم إني ذكرت بعد ذلك قال : تعيد الصلاة وتغسله ... » المروية في الوسائل ٣ : ٤٧٩ / أبواب النجاسات ب ٤٢ ح ٢.

٣٩٢

يطأه الرجل برجله (١) أو المني الذي أصابه (٢) يختص بالغائط والمني الخارجيين ، ولا يحتمل إرادة الغائط في الجوف لأنه لا معنى لوطئه بالرجل ، وكذا الحال في المني.

وكيف كان فلم يقم دليل على وجوب الغسل بملاقاة النجاسة في الجوف. ويدلُّ على ما ذكرناه الأخبار الواردة في طهارة القي‌ء (٣) فإن ملاقاة النجس الداخلي لو كانت موجبة للنجاسة لم يكن وجه للحكم بطهارة القي‌ء لاتصاله في المعدة بشي‌ء من النجاسات لا محالة.

وأمّا القسم الثاني : فهو على عكس القسم الأول والملاقي فيه محكوم بالنجاسة لأن ما دلّ على نجاسة ملاقي الدم مثلاً يشمله لا محالة فيصح أن يقال إن إصبعه لاقى الدم في فمه أو الطعام لاقى الدم في حلقه.

الصورة الرابعة : أن يكون الملاقي والملاقى من الخارج بأن يكون الباطن ظرفاً‌

__________________

(١) كما في رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يطأ في العذرة أو البول أيعيد الوضوء؟ قال : لا ولكن يغسل ما أصابه » المروية في الوسائل ١ : ٢٧٤ / أبواب نواقض الوضوء ب ١٠ ح ٢.

وصحيحة زرارة بن أعين قال : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام رجل وطأ على عذرة فساخت رجله فيها ، أينقض ذلك وضوءه؟ وهل يجب عليه غسلها؟ فقال : لا يغسلها إلاّ أن يقذرها ، ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلِّي » وصحيحة محمد بن مسلم ، قال : « كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام إذ مرّ على عذرة يابسة فوطأ عليها فأصابت ثوبه ، فقلت : جعلت فداك قد وطأت على عذرة فأصابت ثوبك ، فقال : أليس هي يابسة؟ فقلت : بلى ، قال لا بأس ، إن الأرض يطهّر بعضها بعضاً » الوسائل ٣ : ٤٥٨ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٧ ، ٢ إلى غير ذلك من الأخبار.

(٢) صحيحة محمد بن مسلم في حديث « في المني يصيب الثوب؟ قال : إن عرفت مكانه فاغسله ، وإن خفي عليك فاغسله كلّه » وعن عنبسة بن مصعب قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المني يصيب الثوب فلا يدري أين مكانه قال : يغسله كله ، وإن علم مكانه فليغسله » الوسائل ٣ : ٤٢٣ / أبواب النجاسات ب ١٦ ح ١ ، ٣ وغيرهما من الأخبار.

(٣) في موثقة عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتقيأ في ثوبه أيجوز أن يصلي فيه ولا يغسله؟ قال : لا بأس به » ونظيرها روايته الأُخرى المرويتان في الوسائل ٣ : ٤٨٨ / أبواب النجاسات ب ٤٨ ح ١ ، ٢.

٣٩٣

[١٦٢] مسألة ٢ : لا مانع من بيع البول والغائط من مأكول اللّحم (١).

______________________________________________________

لملاقاتهما كما إذا ابتلع درهماً وشرب مائعاً متنجساً فتلاقيا في جوفه ثم خرج الدرهم نقياً ، وفي هذه الصورة لا يمكن الحكم بطهارة الملاقي بوجه ، لأن ما دلّ على وجوب غسل ما أصابه الدم أو الخمر مثلاً يشمل الدرهم حقيقة لأنه جسم خارجي لاقى نجساً فينجس.

ولا يصغي إلى دعوى أن الملاقاة في الباطن غير مؤثرة ، لأن مواضع الملاقاة داخلة كانت أم خارجة مما لا مدخلية له في حصول النجاسة ولا في عدمه ، وإلاّ لانتقض بما إذا كانت إحدى أصابعه متنجسة ، وكانت الأُخرى طاهرة فادخلهما في فمه وتلاقيا هناك ثم أخرجهما بعد ذهاب عين النجس عن الإصبع المتنجس في فمه ، فان لازم عدم تأثير الملاقاة في البواطن عدم نجاسة الإصبع الملاقي للإصبع النجس في المثال ، وهو أمر لا يتفوّه به أحد فالحكم بطهارة الملاقي في هذه الصورة غلط ظاهر.

ومما يدلنا على ذلك مضافاً إلى ما تقدم موثقة عمار الآمرة بغسل كل ما أصابه الماء المتنجس (١) لأنها بعمومها تشمل الدرهم في مفروض الكلام لأنه مما لاقاه المائع المتنجس ولو في الجوف ، فلا مناص من الحكم بنجاسته.

بيع البول والغائط

(١) في المقام مسائل ثلاث :

الاولى : جواز بيع البول والغائط مما يؤكل لحمه.

الثانية : عدم جواز بيعهما إذا كانا من محرم الأكل.

الثالثة : جواز الانتفاع بهما ولو كانا مما لا يؤكل لحمه ، لعدم الملازمة بين حرمة بيعهما وضعاً وبين عدم جواز الانتفاع بهما.

أمّا المسألة الأُولى : فالمعروف بينهم جواز بيع البول والروث من كل حيوان محلل‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب الماء المطلق ب ٤ ح ١.

٣٩٤

شرعاً ، بل ولا ينبغي الإشكال في صحة بيع الأرواث مما يؤكل لحمه للسيرة القطعية المتصلة بزمان المعصومين ( عليهم السلام ) الجارية على بذل المال بإزائها ، وعلى جواز الانتفاع بهما في الإحراق والتسميد وغير ذلك. فالإشكال ينحصر ببوله وقد عرفت أن المشهور جواز بيعه ، وربما يستشكل في ذلك بوجهين :

أحدهما : أن البيع زائداً على ما اعتبروه في صحته يشترط فيه أن يكون العوضان مالاً بأن يكونا مما يرغب فيه الناس نوعاً ، ويبذلون المال بإزائه ومن هنا عرّفه في المصباح المنير بمبادلة مال بمال (١) وحيث إن الأبوال مستقذرة لدى العرف وإن كانت طاهرة شرعاً ، فلا يرغب فيها العقلاء بنوعهم ولا يبذلون المال بإزائها والتداوي بها لبعض الأمراض لا يقتضي ماليتها ، إذ لا يبتلى به إلاّ القليل ، ومثله لا يقتضي المالية في المال.

ويرد على هذا الوجه أُمور :

الأوّل : أن صحة المعاملات لا تتوقف على مالية العوضين نوعاً والعقلاء والعرف شاهدان على هذا المدعى ، لصحة بيع ما لا مالية له نوعاً كما إذا أراد شراء خط والده مع فرض أنه ردي‌ء ولا يساوي عند العقلاء بشي‌ء إلاّ أنه يبذل بإزائه المال بداعي أنه خط والده ، فالمالية النوعية غير معتبرة في صحة البيع بوجه ، وأمّا تعريف المصباح المنير فلا اعتبار له لأنه في مقام شرح الاسم وليس بصدد بيان ما يعتبر في ماهية البيع وحقيقته.

الثاني : هب أن المالية معتبرة في العوضين إلاّ أن ذلك لا يمنع عن جواز بيع الأبوال لغرض التداوي بها لبعض الأمراض ، فحكم الأبوال حكم سائر الأدوية التي لا يبتلى بها إلاّ في بعض الأوقات ، ومعه يبذل بإزائها الأموال للاتجار بها لا لأجل الحاجة إليها فهل ترى بطلان بيع الأدوية ممن لا يحتاج إليها بالفعل؟ فالمنع عن بيع الأبوال من جهة أن الحاجة إلى التداوي بها قليلة مما لا يصغي إليه.

الثالث : هب أنّا سلمنا كلا الأمرين ، وقلنا بعدم صحة بيع الأبوال المذكورة إلاّ أن‌

__________________

(١) المصباح المنير ١ : ٦٩.

٣٩٥

في صدق عنوان التجارة عن تراض على معاملة الأبوال غنى وكفاية ، وبذلك يحكم بصحتها ، والتجارة أعم من البيع وغير مقيدة بالمالية في العوضين.

وثانيهما : ما ربما يوجد في بعض الكتب من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إن الله إذا حرّم أكل شي‌ء حرّم ثمنه » (١) وأبوال الحيوانات مما يحرم أكله وعليه فبيع الأبوال باطل ، وهذه الرواية على تقدير ثبوتها كما تدل على بطلان بيع أبوال الحيوانات المحللة كذلك تدل على بطلان بيع أرواثها بملاك حرمة أكلها.

والذي يسهل الخطب أن هذه الرواية لم تصل إلينا بطرقنا وإنما نقلت من طرق العامة فهي ساقطة عن الاعتبار بل وفي جوهر النقي في حاشية سنن البيهقي (٢) أن عموم هذه الرواية متروك اتفاقاً. فاذا كان هذا حال الرواية عندهم فكيف يسوغ لنا العمل على طبقها.

__________________

(١) المستدرك ١٣ : ٧٣ / أبواب ما يكتسب به ب ٦ ح ٨ عن عوالي اللئالي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها وإن الله إذا حرّم على قوم أكل شي‌ء حرم عليهم ثمنه » ونقله عن دعائم الإسلام أيضاً باختلاف يسير.

وفي السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١٣ باب تحريم بيع ما يكون نجساً لا يحل أكله عن خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالساً عند الركن فرفع بصره إلى السماء فضحك وقال لعن الله اليهود « ثلاثاً » إن الله تعالى حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شي‌ء حرم عليهم ثمنه.

ورواه أبو داود في السنن ج ٣ ص ٢٨٠ / ٣٤٨٨ من الطبعة الحديثة عن ابن عباس.

وفي المسند لأحمد بن حنبل ج ١ ص ٢٩٣ عن خالد الحذاء عن بركة بن العريان المجاشعي قال : سمعت ابن عباس يحدث قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن الله اليهود ... إلخ وليست فيها كلمة « ثلاثاً » وفي ص ٢٤٧ بهذا السند عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاعداً في المسجد مستقبلاً الحجر فنظر إلى السماء فضحك ثم قال لعن الله ... إلخ من دون لفظة « ثلاثاً ».

(٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٣ في الهامش. قلت عموم هذا الحديث « مشيراً به إلى الحديث المتقدم نقله عن البيهقي » متروك اتفاقاً بجواز بيع الآدمي والحمار والسنور.

٣٩٦

وأمّا بيعهما من غير المأكول فلا يجوز (*) (١)

______________________________________________________

المسألة الثانية : هذه هي المسألة الثانية من المسائل الثلاث ، والكلام فيها يقع في مقامين :

(١) أحدهما : في جواز بيع الأبوال مما لا يؤكل لحمه.

وثانيهما : في جواز بيع خرئه وإنما جعلناه مستقلا في البحث ، لورود نصوص في خصوص بيع العذرة.

أمّا المقام الأوّل : وهو البحث عن بيع أبوال ما لا يؤكل لحمه فالمشهور المعروف بين الأصحاب عدم جوازه ، وقد يدعى عليه الإجماع أيضاً إلاّ أن الصحيح هو الجواز كما ذكرناه في بيع أبوال ما يؤكل لحمه ، وذلك لضعف مستند المانعين فإنّهم استدلوا على حرمة بيعها بوجوه :

الأوّل : الإجماع كما مرّ ويدفعه : أن المحصل منه غير حاصل والمنقول منه ليس بحجة. على أنّا نحتمل أن يكون مدرك المجمعين أحد الوجوه الآتية ، ومعه لا يكون الإجماع تعبدياً فيسقط عن الاعتبار ، حيث إن اعتباره ليس لأجل دلالة الدليل على حجيته بل إنما يعتمد عليه لكشفه عن رأي المعصوم عليه‌السلام ومع احتمال استنادهم إلى مدرك آخر لا يبقى له كشف عن رأيه عليه‌السلام.

الثاني : ما تقدم في المسألة الاولى من حيث اعتبار المالية في العوضين ، والأبوال مما لا مالية له ، وقد تقدم الجواب عن ذلك مفصلاً وناقشنا فيه صغرى وكبرى فلا نعيد.

الثالث : رواية تحف العقول (١) الناهية عن بيع النجس في قوله : « أو شي‌ء من وجوه النجس فهذا كلّه حرام ومحرم ... ».

ويدفعها أوّلاً : أن مؤلف كتاب تحف العقول وهو حسن بن علي بن شعبة وإن‌

__________________

(*) على الأحوط الأولى.

(١) الوسائل ١٧ : ٨٣ / أبواب ما يكتسب به ب ٢ ح ١ ، وفي تحف العقول : ٣٣١.

٣٩٧

كان فاضلاً ورعاً ممدوحاً غايته إلاّ أنه لم يسند رواياته في ذلك الكتاب فرواياته ساقطة عن الاعتبار لإرسالها.

وثانياً : أن الرواية إنما دلّت على عدم جواز بيع النجس معللة بحرمة الانتفاع منه حيث قال : « لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه ... » ومقتضى هذا التعليل دوران حرمة بيع النجس مدار حرمة الانتفاع منه ، وبما أن الأبوال مما يجوز الانتفاع به في التسميد والتداوي واستخراج الغازات منها كما قيل وغير ذلك كما يأتي تحقيقه في المسألة الثالثة فلا مناص من الالتزام بجواز بيعها.

الرابع : ما رواه الشيخ في خلافه (١) والعلاّمة في بعض كتبه من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إن الله إذا حرّم شيئاً حرم ثمنه ». وحيث إن الأبوال محرّمة من جميع الجهات أو في أكثر منافعها بحيث يصح أن يقال إن الله حرّمها على وجه الإطلاق فيكون ثمنها أيضاً محرماً. وهذه الرواية وإن كانت موجودة في بعض كتب الشيخ والعلاّمة قدس‌سرهما إلاّ أنّا لم نقف على مأخذها بعد التتبع الكثير في كتب أحاديثنا ، ولا في كتب العامّة. نعم عثرنا عليها في مسند أحمد حيث نقلها في موضع من كتابه عن ابن عباس في ذيل رواية الشحوم (٢). ولكن الظاهر أن الرواية غير ما نحن بصدده لاشتمالها على كلمة « أكل » إلاّ أنها سقطت فيما نقله أحمد في ذلك المورد لأنه بنفسه نقلها في مواضع اخرى (٣) من كتابه بإضافة لفظة « أكل » وإن الله إذا حرم أكل شي‌ء حرم ثمنه. كما نقلها غيره كذلك (٤) مع أن الراوي عن ابن عباس في جميعها بركة المكنّى بأبي الوليد والراوي عنه واحد وهو خالد.

__________________

(١) الخلاف ٣ : ١٨٤ / ٣٠٨ ، وص ١٨٥ / ٣١٠.

(٢) مسند أحمد ج ١ ص ٣٢٢ عن خالد عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لعن الله اليهود حرم عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم شيئاً حرم عليهم ثمنه.

(٣) كما قدّمنا نقله في تعليقه ص ٣٩٦.

(٤) كما قدّمنا نقله عن سنن البيهقي ، وعن سنن أبي داود سليمان بن أشعث السجستاني في ص ٣٩٦.

٣٩٨

نعم ، نقل الرواية الدميري في حياة الحيوان (١) بإسقاط كلمة « أكل » وأسندها إلى أبي داود ولكنه أيضاً خطأ فإن الموجود منها في نفس سنن أبي داود (٢) مشتمل على كلمة « أكل » وعلى هذا فالرواية المستدل بها في المقام مما لا مأخذ له فلا مانع من بيع أبوال ما لا يؤكل لحمه.

وأمّا المقام الثاني : وهو البحث عن بيع الخرء من حيوان لا يؤكل لحمه فقد ظهر الحال فيه من مطاوي ما ذكرناه في المقام الأول ، فإنّه لا ملازمة بين النجاسة وبين عدم جواز بيعها بل مقتضى القاعدة صحة بيع النجاسات لأنها مشمولة للإطلاقات وأمّا دعوى الإجماع على بطلان بيع الغائط أو غيره من النجاسات فقد عرفت ضعفها ، هذا كله حسبما تقتضيه القاعدة.

وأمّا بالنظر إلى الأخبار الواردة في المقام فقد وردت في بيع الغائط عدة روايات.

منها : رواية يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ثمن العذرة من السحت » (٣).

ومنها : ما عن دعائم الإسلام من أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن بيع العذرة (٤) وظاهر النهي في باب المعاملات هو الإرشاد إلى بطلانها ، فمقتضى هاتين الروايتين بطلان بيع العذرة وفي قبالهما روايتان :

إحداهما : عن محمد بن مضارب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس ببيع‌

__________________

(١) قال عند نقل استدلالهم على بطلان بيع ذرق الحمام وسرجين البهائم المأكولة وغيرها وحرمة ثمنه ما هذا نصه : واحتج أصحابنا بحديث ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إن الله تعالى إذا حرم على قوم شيئاً حرم عليهم ثمنه » وهو حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح وهو عام إلاّ ما خرج بدليل كالحمار ، حياة الحيوان ١ : ٣٧٤.

(٢) كما قدّمنا نقله في ص ٣٩٦.

(٣) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ١.

(٤) دعائم الإسلام ٢ : ١٨ / ٢٢.

٣٩٩

العذرة » (١) وفي بعض نسخ المكاسب وتعليقاته محمد بن مصادف بدل مضارب وهو غلط.

وثانيتهما : عن سماعة قال : « سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال : إني رجل أبيع العذرة فما تقول؟ قال : حرام بيعها وثمنها وقال : لا بأس ببيع العذرة » (٢). واختلفت الأنظار في الجمع بينهما ، وقد ذكروا في ذلك وجوهاً لا طائل تحتها ، ولا ترجع إلى محصل سوى ما ذكره الفاضل السبزواري قدس‌سره من حمل أخبار المنع على الكراهة (٣). وتفصيل الكلام في ذلك :

أن رواية يعقوب بن شعيب ضعيفة بعلي بن مسكين أو سكن لأنه مجهول ، ورواية الدعائم لا اعتبار بها لإرسالها. ودعوى انجبارها بعمل الأصحاب مندفعة : بأن المشهور لم يعملوا بهاتين الروايتين ، لأنهم ذهبوا إلى بطلان بيع مطلق النجاسات بل المتنجسات أيضاً إلاّ في موارد معينة ، فلا محالة اعتمدوا في ذلك على مدرك آخر دونهما لأن مدلول الروايتين بطلان البيع في خصوص العذرة دون مطلق النجس. هذا مضافاً إلى أن عمل المشهور على طبق رواية ضعيفة لا يكون جابراً لضعفها على ما مرّ منّا غير مرّة ، فروايتا المنع ساقطتان.

وأمّا رواية محمّد بن مضارب فهي من حيث السند تامّة (٤) ودلالتها على جواز بيع العذرة ظاهرة.

وأمّا رواية سماعة فإن قلنا إنها رواية واحدة فلا محالة تسقط عن الاعتبار لتنافي صدرها لذيلها فتكون مجملة ، وأمّا إذا قلنا بأنها روايتان وقد جمعهما الراوي في الرواية‌

__________________

(١) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ٣ ، ٢.

(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ٣ ، ٢.

(٣) كفاية الأحكام : ٨٤.

(٤) وهذا لا لما قد يتوهّم من أنها حسنة نظراً إلى رواية بعض الثقات عنه أو ما روي من لطف الصادق عليه‌السلام في حقه وكونه مورداً لعنايته ، لأن شيئاً من ذلك لا يدرجه في الحسان بل لوقوعه في أسانيد كامل الزيارات فإنّه يكفي في الحكم بوثاقته عند سيدنا الأُستاذ ( مدّ ظلّه ).

٤٠٠