موسوعة الإمام الخوئي - ج ١

الشيخ علي الغروي

ما ذكره بقوله : بل قد يدعى أن الموجودين في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممن أمر بالترافع إليهم قاصرون عن مرتبة الاجتهاد وإنما كانوا يقضون بما سمعوه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعوى قصور من علم جملة من الأحكام مشافهة أو بالتقليد عن منصب القضاء بما علمه خالية عن الدليل. وردّ الإجماع المدعى في كلماتهم بقوله : وأما دعوى الإجماع الّتي قد سمعتها فلم أتحققها بل لعلّ المحقق عندنا خلافها (١). انتهى ما أردنا نقله.

وقد يجاب عن ذلك بأن استدلاله قدس‌سره هذا ليس إلاّ تمسكاً بالإطلاق ويكفي في تقييده ورفع اليد عن المطلقات الواردة في المقام ، مقبولة عمر بن حنظلة الصريحة في اعتبار النظر والاجتهاد في الحاكم ، حيث ورد فيها « ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً ... » (٢) والتوقيع الشريف بخط مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام ... ، « وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ... » (٣). لدلالتهما على لزوم الرجوع إلى رواة الحديث وهم المطّلعون بالأحكام الشرعية بواسطة الروايات المأثورة عنهم عليهم‌السلام والنظر في مداليلها ورفع معارضاتها أو الجمع بينها وهو المعبّر عنه في الاصطلاح بالاجتهاد ومن هنا يظهر أن المقبولة قد دلت على اعتبار النظر والاجتهاد في القاضي بجميع جملاتها الثلاث أعني قوله عليه‌السلام روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا. فالاستدلال بها غير مختص بالجملة الوسطانية فحسب ، فإن رواية الحديث والمعرفة بالأحكام مستتبعان أيضاً للاجتهاد بالتقريب المتقدم. ثمّ إنه وإن كانت المطلقات والمقيد كلاهما مثبتين إلاّ أن المقيد لما ورد في مقام البيان اقتضى ذلك تقديمه على المطلقات وتقييدها به لا محالة.

__________________

(١) جواهر الكلام ٤٠ : ١٥.

(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣٦ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٤٠ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٩.

٣٠١

ويرد عليه : أن رواية عمر بن حنظلة ضعيفة السند كما مرّ غير مرة وإن كانت الرواية متلقاة عند الأصحاب بالقبول ومن ثمة سميت بالمقبولة ، وكذلك الحال في التوقيع الشريف فإن في سنده إسحاق بن يعقوب ومحمد بن محمد بن عصام ولم تثبت وثاقتهما. نعم ، محمد بن محمد شيخ الصدوق قدس‌سره إلاّ أن مجرد الشيخوخة لمثله لا يقتضي التوثيق أبداً.

هذا مضافاً إلى إمكان المناقشة في دلالته ، فإن الإرجاع إلى رواة الحديث ظاهره الإرجاع إليهم بما هم رواة لا بما أنهم مجتهدون ، والنسبة بين الراوي والمجتهد عموم من وجه ، وإن كان يمكن إطلاق الرواة على المجتهدين بعناية أنهم في الحقيقة رواة الأئمة عليهم‌السلام ومستفيدين من آثارهم وعلومهم وليسوا في عرضهم بوجه إلاّ أنه إطلاق مسامحي ، ولا يقاس هذا بالإرجاع إلى آحاد الرواة كالارجاع إلى محمد بن مسلم أو يونس بن عبد الرحمن أو زكريا بن آدم وغيرهم ممن أرجعوا إليهم بأشخاصهم على ما بيّناه في أوائل الكتاب ، والفرق واضح لا يخفى على الفطن فهذا الجواب مما لا يمكن المساعدة عليه.

فالصحيح في الجواب أن يقال : إن الآيات المباركة ليست بصدد تعيين الحاكم وإنما هي بصدد بيان أن القضاوة لا بدّ أن تكون بالعدل والقسط فلا مجال للتمسك بإطلاقها.

وأما الروايات فهي أيضاً كذلك ، لأنها إنما وردت في قبال المخالفين للدلالة على عدم جواز الترافع إلى أهل الجور والفسوق ، وأن الايمان معتبر في القضاة. وأما أن القاضي يعتبر أن يكون مجتهداً أو يكفي كونه عالماً بالقضاء بالتقليد الصحيح أو أن القاضي يعتبر أن يكون رجلاً فلا يجوز الترافع إلى النساء أو غير ذلك من الأُمور فليست الروايات بصدد بيانها بوجه ، فصحّ ما ذكرناه من أن القدر المتيقن من المنصوبين للقضاء من قبلهم عليهم‌السلام هو المجتهد دون المقلّد وهو المتيقن الخروج عن الأصل. مضافاً إلى إمكان المناقشة في صحة إطلاق العالم بالقضاء والأحكام على من تعلمها بالتقليد فلاحظ ، وعلى الأقل أنه منصرف عن مثله.

٣٠٢

وحكمه ليس بنافذ (١) ولا يجوز الترافع إليه (٢) ولا الشهادة عنده (٣) ، والمال الّذي يؤخذ بحكمه حرام (*) وإن كان الآخذ محقاً (٤).

______________________________________________________

(١) لفرض عدم أهليته للقضاء كي ينفذ حكمه.

(٢) لأنه من أظهر مصاديق الركون إلى الظلمة وهو حرام بل هو من التشريع المحرّم ، لأنه إمضاء عملي لقضاوة من تصدى لها ممن لا أهلية له للقضاء. هذا إذا كان عدم أهليته من جهة عدم استجماعه الشرائط المعتبرة في القضاء غير الايمان. وأما إذا كان عدم الأهلية من جهة عدم كونه مؤمناً كقضاة العامة وحكّامهم فيدل على عدم جواز الترافع إليه مضافاً إلى ما قدمناه ، الأخبار الناهية عن التحاكم إلى حكّام الجور وقضاة العامة. وقد عقد لها باباً في الوسائل فليراجع (١). هذا إذا كان الترافع إلى من ليس له أهلية القضاء لغاية فصل الخصومة ولزوم التبعية بحكمه في الشريعة المقدسة.

وأما إذا ترافعا إليه لا لغاية الفصل شرعاً بل من جهة تراضي المتحاكمين بقوله بحيث لو صدّق المدعي تنازل المنكر فيما أنكره ، كما أنه لو صدّق المنكر تنازل المدعي عمّا ادعاه مع بقاء حق الدعوى للمدعي لعدم تحقق الفيصلة شرعاً على الفرض فهو مما لا ينبغي التأمل في جوازه ، لأنه خارج عن القضاء ومندرج تحت المصالحة كما لعلّه ظاهر.

(٣) لعين ما عرفته في التعليقة المتقدمة ، لأنه نوع ركون إلى الظلمة وأنه إمضاء عملي لقضاوته ، والمفروض عدم أهليته للقضاء فالشهادة عنده تشريع عملي محرّم.

(٤) المال الّذي يؤخذ بحكمه إن كان كلياً ولم يكن للمحكوم له ولا لغيره تشخيصه واختيار تطبيقه على ما في الخارج ، فلا شبهة في حرمته وعدم جواز التصرف فيه كما لو تنازعا في دين مؤجل قبل حلول أجله فادعاه أحدهما وأنكره الآخر ، وتحاكما عند من لا أهلية له للقضاء وحكم بلزوم أدائه إلى المدعي وأنه صاحب الدين ومستحقه‌

__________________

(*) هذا إذا كان المال كلياً في الذمة ولم يكن للمحكوم له حق تعيينه خارجاً ، وأما إذا كان عيناً خارجية أو كان كلياً وكان له حق التعيين فلا يكون أخذه حراماً.

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١ / أبواب صفات القاضي ب ١.

٣٠٣

وكان الأمر كذلك واقعاً ، فإن المال الّذي اشتغلت به ذمة المنكر بالاستدانة كلّي لا يتشخّص إلاّ بتشخيص المالك نفسه أعني المديون ، فإذا شخّصه الحاكم الجائر أو الدائن قبل حلول الأجل فهو تشخيص غير شرعي وليس للدائن أن يتصرف فيه لوضوح أنه مال المديون ولم يطرأ عليه ما يوجب دخوله في ملك الدائن.

وأما إذا كان المال عيناً شخصية ، كما إذا غصبها أحد أو أخذها بعنوان الإجارة أو العارية ثمّ أنكرها ، أو كان ديناً معجّلاً أو مؤجّلاً حلّ أجله وحكم الحاكم الّذي ليس له أهلية القضاء بردّه إلى صاحب المال ، فلا مانع من أخذه بوجه لأنه بعينه وخصوصياته مال لمالكه ، أو أن له أن يأخذه ويحسبه من دينه لحلول أجله. بل له أن يأخذه ممن هو عنده قهراً وقوة أو بحيلة ووسيلة. وعلى الجملة لا مانع في هذه الصورة من أن يأخذ مالك المال بماله مستنداً إلى حكم من ليست له أهلية ، لجواز استنقاذه منه ولو بأسباب أُخر غير حكم الحاكم فإنه ماله ويجوز أن يتصرف فيه ، وغاية الأمر أنه ردّه إليه بإكراه الحاكم الجائر ، ولا يشمله حديث رفع الإكراه ، لأنه على خلاف الامتنان لاستلزامه الضرر على صاحب المال. نعم ، ترافعهما عند من لا أهلية له وحكّام الجور محرّم كما مرّ. والحاصل أن الترافع إلى حكّام الجور وإن كان محرّماً مطلقاً بلا فرق في ذلك بين الدين والعين إلاّ أن المال المأخوذ بحكمهم إنما يحرم إذا كان ديناً مؤجّلاً لا عيناً كما عرفت ، هذا.

وقد يقال بالحرمة في جميع الصور المتقدمة من الدين والعين الشخصية ويستدل عليه بمقبولة عمر بن حنظلة : « وما يحكم به فإنما يأخذه سحتاً » أو « فحكم له فإنما يأخذه سحتاً ». فإن إطلاقها يقتضي عدم الفرق بين الكلّي والشخصي بل الإطلاق هو ظاهر صدرها حيث سئل فيها عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ، فإن الميراث في مقابل الدين ظاهره العين ، وحمل الميراث على الدين بعيد جدّاً.

ثمّ إن المقبولة وإن كان موردها التحاكم إلى السلطان أو القضاء إلاّ أن عموم تعليلها : لأنه أخذ بحكم الطاغوت ، يقتضي عدم الفرق بينهما وبين ما إذا كان الحاكم من المؤمنين الفاقدين لشرائط القضاء لأنه يشمل كل طاغ ، والمتصدي للقضاء المحرّم طاغ.

٣٠٤

ولا يعارضها ما رواه الحسن بن علي بن فضال قال « قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني عليه‌السلام وقرأته بخطّه سأله : ما تفسير قوله تعالى ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ ) فكتب بخطّه : الحكّام : القضاة ، ثمّ كتب تحته : هو أن يعلم الرجل أنه ظالم فيحكم له القاضي فهو غير معذور في أخذه ذلك الّذي قد حكم له إذا كان قد علم أنه ظالم » (١) وذلك لأنه إنما ورد في تفسير الآية الشريفة لا في بيان موضوع الحرمة مطلقاً ، ولا مانع من اعتبار الظلم في صدق الباطل دون صدق الحرمة ولو بعنوان آخر.

ويرد عليه أوّلاً : أن المقبولة ضعيفة السند كما مرّ وغير صالحة للاستدلال بها بوجه.

وثانياً : أنها ضعيفة الدلالة على المدعى ، لأن المستفاد من كلمات أهل اللغة أن للسحت إطلاقين فإنها قد تطلق على ما لا يحل كسبه ، وقد يطلق على ما هو خبيث الذات من المحرّمات ، ولا يصدق شي‌ء منهما في المقام ، لأن المال بعينه للمحكوم له وكونه مورداً لحكم الجائر بالرّد إليه لا يحتمل أن يكون مستلزماً لخروجه عن ملكه فلا يكون أخذه من الانتقال المحرّم ، والسحت هو الانتقال من الغير على الوجه المحرّم فإنه معنى ما لا يحل كسبه. كما أنه ليس محرّماً خبيث الذات ، وما لم يكن كذلك لا يطلق عليه السحت وإن حرم بعنوان آخر طار عليه ، فمن أفطر بطعام مملوك له في نهار شهر رمضان لم يصح أن يقال : إنه آكل السحت أو أنه أكل سحتاً ، وإن كان إفطاره هذا محرّماً.

وثالثاً : أن الميراث غير مختص بالعين الشخصية بل إنما هو مطلق يشملها كما يشمل العين المشتركة الّتي تتوقف فيها الحلية على رضى الطرفين بتقسيمها ، إذن لا مانع من حمل الميراث على العين المشتركة وهي لا تنقسم بتقسيم الحاكم الجائر ، فإذا كان هو المباشر أو الآمر بتقسيم الميراث بين المتنازعين لم يجز للمحكوم له التصرف في قسمته ، لعدم خروج العين عن الاشتراك بتقسيمه فيكون المأخوذ بحكمه كما في الدين سحتاً. على أن مورد المقبولة هي الشبهة الحكمية فلا أثر لدعوى أن مورد‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥ / أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٩.

٣٠٥

المنازعة عين شخصية.

ثمّ إنّا لو أغمضنا عن ذلك وبنينا على تمامية المقبولة بحسب السند والدلالة فالوجه في عدم كونها معارضة برواية ابن فضال المتقدمة بناء على عدم المناقشة في سندها لأن في سندها محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى وهو مما استثناه ابن الوليد عن رواياته كما تقدم أن الرواية إنما وردت تفسيراً للآية المباركة وقد دلت على أن المراد فيها بالحكّام هو القضاة ، فعلى تقدير تمامية الرواية لا بدّ من الأخذ بها في مورد الآية وهو حرمة أكل المال بالباطل ، ولا يستفاد منها بوجه أن المراد بالحاكم في جميع الموارد الّتي منها حرمة الأخذ بحكمه هو قضاة الجور.

وأما دعوى أن المراد بالقضاة في الرواية قضاة العدل ولو من جهة الجمع العرفي بينها وبين المقبولة.

فيدفعها : تفسيرها بقضاة الجور في رواية أبي بصير قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قول الله عزّ وجلّ في كتابه ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ ) فقال : يا أبا بصير إن الله عزّ وجلّ قد علم أن في الأُمة حكّاماً يجورون أما إنه لم يعن حكّام أهل العدل ولكنه عنى حكّام أهل الجور ، يا أبا محمد إنه لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكّام العدل فأبى عليك إلاّ أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له ، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت وهو قول الله عزّ وجلّ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ ) (١).

وهذه الرواية وإن كان في سندها عبد الله بن بحر فهي ضعيفة لأجله ووقوعه في سند كامل الزيارات على نسخة غير مفيد لأن مع اختلاف النسخة لا يثبت التوثيق. ويؤيده أن ابن الغضائري قد ضعّف الرجل صريحاً ، إلاّ أن الرواية المتقدمة أيضاً ضعيفة لما مرّ فالكلام فيهما إنما هو مع الغض عن الضعف في سنديهما.

فإلى هنا تحصّل أن الترافع إلى الحكّام الجائرين وإن كان محرّماً مطلقاً إلاّ أن حرمة الترافع غير مستلزمة لحرمة المال المأخوذ بحكمهم في الأعيان الشخصية كما تقدم.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢ / أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٣.

٣٠٦

إلاّ إذا انحصر استنقاذ حقّه بالترافع عنده (١).

[٤٤] مسألة ٤٤ : يجب في المفتي (٢) والقاضي العدالة (٣)

______________________________________________________

(١) لأن حكم الحاكم الشرعي لا يعتنى به في المحاكمات ولا يرتب الأثر عليه ، إما مطلقاً كما في زماننا هذا وما شابهه أو عند أحد المترافعين ، كما إذا لم يرض إلاّ بالتحاكم إلى القضاة أو لم يوجد حاكم مستجمع للشرائط أو وجد وتعسّر الوصول إليه ، أو غير ذلك من الموارد الّتي لو لم يترافع عند من لا أهلية له لذهب حقه أو ماله ، ومعه يجوز الترافع عنده كما يجوز أن يتصرف في المال المأخوذ بحكمه. وذلك للضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات ، وللضرر بترك المرافعة عند من ليس له أهلية القضاء وحديث نفي الضرر حاكم على جميع أدلة الأحكام الّتي منها ما دلّ على عدم جواز الترافع عند من لا أهلية له ، وعدم جواز التصرف في المال المأخوذ بحكمه ، فإن حرمتهما إذا كانت مستلزمة للضرر على المكلّف ارتفعت بمقتضى الحديث.

وبذلك يظهر أنه لا وجه لما عن الأكثر من المنع والاستدلال عليه بإطلاقات الأدلة وأن الترافع إليه أمر منكر وهو حرام أو أنه إعانة على الإثم ، لأنها على تقدير تماميتها في نفسها ولا تتم محكومة بما دلّ على نفي الضرر في الشريعة المقدسة ، فلاحظ.

(٢) كما مرّ ومرّ الوجه فيه.

اعتبار العدالة في القاضي :

(٣) وذلك لأن القضاء من المناصب الّتي لها أهميتها في الشريعة المقدسة بعد الولاية ، بل هو من المناصب المختصة بالنبي وأوصيائه عليهم‌السلام وهم قد ينصبون شخصاً معيّناً للقضاء وقد ينصبون على نحو العموم ، ولا يحتمل أن يجعل الشارع الحكيم هذا المنصب العظيم لمن هو خارج عن طريقته ، كيف وقد اعتبرنا العدالة في إمام الجماعة والشاهد فكيف بالقضاء الّذي هو أهم منهما.

هذا وقد ورد فيما رواه الصدوق بإسناده الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي‌

٣٠٧

وتثبت العدالة بشهادة عدلين (*) ، وبالمعاشرة المفيدة للعلم بالملكة ، أو الاطمئنان بها ، وبالشياع المفيد للعلم (**) (١)

[٤٥] مسألة ٤٥ : إذا مضت مدة من بلوغه وشكّ بعد ذلك في أن إعماله كانت عن تقليد صحيح أم لا ، يجوز له البناء على الصحة في أعماله السابقة (٢)

______________________________________________________

عبد الله عليه‌السلام « اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصي نبي » (١) ومن الظاهر أن الفاسق لا يسمح أن يكون وصي نبي.

بل يمكن الاستدلال عليه بما ورد في صحيحة أبي خديجة قال : « بعثني أبو عبد الله إلى أصحابنا فقال قل لهم : إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى في شي‌ء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفسّاق ، اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضياً وإياكم أن تخاصموا بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر » (٢) لأنها وإن وردت في قضاة العامة وحكّامهم إلاّ أن في تعليق الحكم على صفة الفسق إشعاراً قوياً على أن الفاسق ليس له أهلية القضاء.

بل يمكن أن يقال : إن التحاكم إلى الفاسق من أظهر أنحاء الركون إلى الظلمة وقد نهي عنه في الشريعة المقدسة. وبهذا كلّه نقيد إطلاق صحيحة أبي خديجة : « ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا » (٣).

ثمّ إن بما ذكرناه يظهر أن القاضي يعتبر أن يكون محرز العدالة فالمجهول حاله من حيث العدالة كالمعلوم فسقه غير صالح للقضاء لعدم العلم بأهليته.

(١) تقدم الكلام فيما تثبت به العدالة في المسألة الثالثة والعشرين فليراجع.

(٢) كما إذا صام أو صلّى مدة من الزمان ثمّ شكّ في أنه هل أتى بها عن التقليد‌

__________________

(*) مرّ أن الأظهر ثبوتها بشهادة عدل واحد بل بمطلق الثقة أيضاً.

(**) بل يكفي الاطمئنان.

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٧ / أبواب صفات القاضي ب ٣ ح ٣.

(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣٩ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٦.

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣ / أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٥.

٣٠٨

وفي اللاّحقة يجب عليه التصحيح فعلاً (١)

______________________________________________________

الصحيح أو عن تقليد غير صحيح أو لم يقلّد فيها أصلاً ، فإنه مضافاً إلى جريان حديث لا تعاد في الصلاة بإحراز موضوعه وعدم كون الجاهل مقصّراً بالاستصحاب على ما قدّمنا تقريبه في المسألة الواحدة والأربعين ، يمكن الحكم بصحة أعماله السابقة بقاعدة الفراغ لأجل أن صورة العمل غير محفوظة ، وذلك فإن ذات العمل وإن كانت معلومة إلاّ أن الشك في كيفيته وأنه أتى به مستنداً إلى فتوى من يجب تقليده أو لا عن استناد إليها ومعه يحكم بصحته بالقاعدة. وعلى الجملة أنه كلّما احتمل أن يكون المكلف به واقعاً منطبقاً على ما أتى به المكلف من العمل وشكّ في صحته وفساده حكم بصحته بالقاعدة.

نعم ، إذا كانت صورة العمل محفوظة بأن علم مثلاً أنه كان يصلّي من غير سورة أو من دون وضوء بل مع التيمم ، وشكّ في صحته وفساده من جهة احتمال مطابقته للواقع أي فتوى من يجب تقليده من باب الصدفة والاتفاق ، لم تجر فيه قاعدة الفراغ لا في هذه المسألة ولا في المسألة الواحدة والأربعين على ما بيّناه في التكلّم على قاعدة الفراغ ومعه إذا كان شكّه هذا في الوقت وجبت إعادة أعماله. وأما لو كان خارج الوقت فلا دليل على وجوب قضائها لأن القضاء بالأمر الجديد وموضوعه فوت الفريضة في وقتها وهو غير محرز في المقام ، لاحتمال أن تكون أعماله مطابقة للواقع ولو صدفة.

(١) إذ لا سبيل إلى تصحيحها بإجراء قاعدة الفراغ في الأعمال المتقدمة ، لما أسلفنا في محلّه من أن القاعدة لا تثبت لوازمها العقلية ، ولا الآثار الشرعية المترتبة على تلك اللوازم ، ومن الظاهر أن كون الأعمال الآتية واجدة لشرطها من اللّوازم العقلية لكون الأعمال الماضية واجدة له ، حتى إذا بنينا على أن القاعدة من الأمارات كما هو الصحيح وذلك لما قدّمناه في موضعه من أن الأمارات كالأُصول في عدم حجية مثبتاتها ، اللهُمَّ إلاّ أن تكون الأمارة من مقولة الحكاية كالخبر ونحوه. وعليه يجب على المكلّف التصحيح بالإضافة إلى الأعمال اللاّحقة بالرجوع إلى مجتهد جامع للشرائط بالفعل.

٣٠٩

[٤٦] مسألة ٤٦ : يجب على العامّي أن يقلّد الأعلم في مسألة وجوب تقليد الأعلم أو عدم وجوبه (١) ولا يجوز أن يقلّد غير الأعلم إذا أفتى بعدم وجوب تقليد الأعلم. بل لو أفتى الأعلم بعدم وجوب تقليد الأعلم يشكل جواز الاعتماد عليه (*) فالقدر المتيقن للعامّي تقليد الأعلم في الفرعيات (٢).

______________________________________________________

التقليد في مسألة تقليد الأعلم :

(١) لأنها كغيرها من المسائل الفرعية الّتي يجب فيها الرجوع إلى الأعلم لاستقلال العقل به ، من باب الاحتياط والأخذ بالمقدار المتيقن للشك في حجية فتوى غير الأعلم وهو يساوق القطع بعدمها. ولا ينافي ذلك ما قدّمناه من أن مسألة التقليد ليست بتقليدية ، فإنه راجع إلى أصل وجوب التقليد الّذي استقل به العقل على ما قدّمناه في أوائل الكتاب ، وأما وجوب تقليد الأعلم وعدمه فهما من المسائل التقليدية لا محالة لعدم كون العامّي متمكناً من استنباط وجوبه وعدمه.

نعم ، قدّمنا ويأتي أن العامّي يستقل عقله بوجوب تقليد الأعلم إلاّ أنه من باب الاحتياط والأخذ بالقدر المتيقن عند دوران الأمر في الحجية بين التعيينية والتخييرية لا من باب قيام الدليل عنده على حجية فتاواه ، فإذا فرضنا أن الحجة كفتوى الأعلم قامت على عدم وجوب تقليد الأعلم في المسائل الفرعية وأن فتوى غير الأعلم كفتوى الأعلم لم يبق أي مجال للاحتياط وجاز الرجوع إلى غير الأعلم فإنه في الحقيقة تقليد من الأعلم الّذي أفتى بالجواز.

(٢) لا يمكن المساعدة على ما أفاده الماتن في المقام ، بل الصحيح أن فتاوى غير الأعلم تتصف بالحجية بفتوى الأعلم بجواز الرجوع إليه ، وهذا مما لا مانع من الالتزام به فإن العامّي في رجوعه إلى فتوى غير الأعلم استند إلى ما قطع بحجيته وهو فتوى الأعلم ولا يجب على المكلّف غير العمل على طبق ما قطع باعتباره ، وقد فرضنا أن فتوى غير الأعلم مما قامت على حجيتها فتوى الأعلم المعلومة حجيتها.

__________________

(*) لا إشكال فيه أصلاً.

٣١٠

وحيث إن العامّي كما أشرنا إليه في التعليقة المتقدمة لم يقم عنده دليل على عدم حجية فتوى غير الأعلم ، وإنما قلنا بوجوب تقليد الأعلم في حقه من باب الاحتياط والأخذ بالمقدار المتيقن عند دوران الأمر في الحجية بين التعيينية والتخييرية ، ومع الفتوى المقطوعة حجيتها لا يبقى مجال للاحتياط ، ولا مانع معها من الرجوع إلى فتوى غير الأعلم.

نعم ، إذا فرضنا أن العامّي يتمكن من الاستنباط في تلك المسألة وادي نظره إلى عدم جواز تقليد غير الأعلم وإن أفتى الأعلم بجوازه ، لم يجز له الرجوع إلى غير الأعلم بفتوى الأعلم بالجواز. وأما العامّي غير المتمكن من استنباط ذلك فلا بدّ من أن يرجع إلى الأعلم في تلك المسألة ، فإذا أفتى بجواز الرجوع إلى غير الأعلم اتصفت فتاوى غير الأعلم بالحجية بفتواه ، نظير حجية خبر الثقة فيما إذا أثبتنا حجية الخبر الواحد بالأخبار المتواترة إجمالاً وأخذنا بما هو القدر المتيقن من مداليلها وهو خبر العدل الإمامي ، وبعد هذا أخبر الثقة العدل بحجية خبر الثقة وإن لم يكن عدلاً إمامياً فإنه يثبت بذلك حجية خبر الثقة بعد ما لم يكن حجة على ما بيّناه في التكلّم على حجية الخبر ، وعلى الجملة لا مانع من أن يقلّد غير الأعلم بعد تقليده من الأعلم وإفتائه بجواز الرجوع إليه ، هذا.

على أن الاستشكال في حجية فتوى غير الأعلم لا تترتب عليه ثمرة في محل الكلام ، وذلك لأن الشبهة في ذلك إن كانت من الأعلم فالمفروض أن الأعلم أفتى بجواز تقليد غير الأعلم ولم يستشكل في جوازه ، وإن كانت من غير الأعلم فالمفروض عدم حجية فتاواه إذ الحجة على العامّي إنما هي فتوى الأعلم فحسب ، فإذا أفتى الأعلم بجواز تقليد غير الأعلم لم يكن أي مانع من تقليده وكان هذا في الحقيقة تقليداً من الأعلم.

٣١١

[٤٧] مسألة ٤٧ : إذا كان مجتهد ان أحدهما أعلم في أحكام العبادات والآخر أعلم في المعاملات فالأحوط تبعيض (*) التقليد وكذا إذا كان أحدهما أعلم في بعض العبادات مثلاً والآخر في البعض الآخر (١).

______________________________________________________

التبعيض في التقليد :

(١) قد اتضح مما ذكرناه في مسألة وجوب تقليد الأعلم وجوب التبعيض في التقليد فيما إذا كان هناك مجتهدان أحدهما أعلم في العبادات مثلاً والآخر في المعاملات لكثرة اطلاع أحدهما بالمصادر والأخبار وتضلعه في الفروع والنظائر وقدرته على الجمع بين متعارضات الروايات ، والآخر كان أكثر اطلاعاً على القواعد الأُصولية والكبريات ، ومن هنا كان الأول أعلم في العبادات والآخر في المعاملات فإنه يجب على المقلّد أن يبعّض في تقليده بأن يقلّد الأعلم في العبادات في العبادات ، ويقلّد الأعلم في المعاملات ، في المعاملات والوجه فيه هو الأدلة الدالة على وجوب تقليد الأعلم كما قدّمناها في محلّها. هذا كلّه عند العلم بالمخالفة بينهما.

وأما مع عدم العلم بالمخالفة فمقتضى ما قدّمناه من جواز تقليد غير الأعلم أو المتساويين حينئذٍ ، جواز التبعيض في تقليدهما دون وجوبه لجواز أن يقلد العامّي أحدهما في مورد ويقلّد الآخر في مورد آخر ، لعدم العلم بالمخالفة بينهما بل الحال كذلك بالنسبة إلى أجزاء عمل واحد وشرائطه ، فللمكلف أن يقلّد من أحدهما في الاكتفاء بالمرة الواحدة في غسل الثياب أو في عدم وجوب السورة في الصلاة ، ويقلّد الآخر في جواز المسح منكوساً مثلاً أو الاكتفاء في التسبيحات الأربع بالمرّة الواحدة وذلك لأنه استند في عمله وقتئذٍ إلى ما هو حجة في حقه.

نعم ، لو قلنا بالتخيير بين الأعلم وغير الأعلم أو المتساويين حتى مع العلم بالمخالفة في الفتوى بينهما ، فالعامّي وإن جاز أن يبّعض في تقليده بأن يقلّد أحدهما في باب أو عمل ويقلّد الآخر في باب أو عمل آخر كما في فعلين أو بابين مستقلين كالعبادات والمعاملات ، إلاّ أنه لا يتمكن من التبعيض في تقليدهما بالإضافة إلى أجزاء عمل‌

__________________

(*) بل الأظهر ذلك مع العلم بالمخالفة على ما مرّ ، وكذا الحال فيما بعده.

٣١٢

[٤٨] مسألة ٤٨ : إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه إعلام من تعلّم منه وكذا إذا أخطأ المجتهد في بيان فتواه يجب عليه الإعلام (*) (١)

______________________________________________________

واحد وشرائطه ، وذلك لأن صحة الأجزاء في المركبات الارتباطية ارتباطية لا محالة وصحة كل جزء من أجزائها مقيدة بصحة الجزء الآخر فمع بطلان أحد أجزاء المركب تبطل بقية أجزائه ، وعليه لو أتى بالصلاة فاقدة للسورة مع الاكتفاء في التسبيحات الأربع بالمرة الواحدة ، واحتمل بعد ذلك فساد صلاته لعلمه في كل من السورة والتسبيحات بمخالفة المجتهد الآخر ، وجب أن يستند في تركه الإعادة أو القضاء إلى ما هو حجة في حقه كفتوى المجتهد ، لأن مقتضى قاعدة الاشتغال لزوم الإعادة أو القضاء وعدم فراغ الذمة بما أتى به من الصلاة للشك في صحتها ، وليس في البين من يفتي بصحة عمله وعدم وجوب الإعادة لأن ما أتى به غير صحيح عند كل من المجتهدين ، وإن كان الوجه في فساده مختلفاً عندهما فإن أحدهما يرى بطلانها مستنداً إلى الإخلال بالسورة ويراه الآخر مستنداً إلى الإخلال بالتسبيحات الأربع ثلاثاً ومع بطلان العمل عند كليهما وعدم الفتوى بالصحة لا بدّ من إعادته أو قضائه كما عرفت.

حكم الخطأ في بيان الفتوى :

(١) يقع الكلام في هذه المسألة تارة فيما إذا نقل فتوى المجتهد بالإباحة ثمّ ظهر أن فتواه هو الحرمة أو الوجوب أو أن المجتهد أخطأ في بيان فتواه فأفتى بالإباحة مع أن فتواه الحرمة أو الوجوب ، كما إذا سئل عن العصير العنبي إذا غلى فأفتى بعدم حرمته وظهر بعد ذلك أن فتواه حرمته وإنما الجائز عنده هو العصير الزبيبي واشتبه أحدهما بالآخر.

وأُخرى فيما إذا نقل فتوى المجتهد بالحرمة أو الوجوب ثمّ ظهر أن فتواه هي الإباحة أو أنه أفتى السائل بهما ثمّ التفت أن فتواه الجواز ، كما لو سئل عن الانتفاع بالميتة فأفتى‌

__________________

(*) الأظهر هو التفصيل بين ما إذا نقل فتواه بإباحة شي‌ء ثمّ بان أن فتواه هي الوجوب أو الحرمة وبين ما إذا نقل فتواه بالوجوب أو الحرمة ثمّ بان أن فتواه كانت الإباحة ، فعلى الأوّل يجب الاعلام دون الثاني ، وكذا الحال بالإضافة إلى المجتهد نفسه.

٣١٣

بحرمته ثمّ انكشف أنه يفتي بجوازه وإنما يرى حرمة بيع الميتة واشتبه عليه الانتفاع بالبيع. ويقع الكلام في هاتين الصورتين في أن الناقل أو المجتهد هل يجب عليهما إعلام الجاهل بالحال وبيان أن الأمر قد اشتبه عليهما أو لا يجب؟

أما الصورة الاولى : فلا ينبغي التوقف في وجوب الاعلام في تلك الصورة لأنه بفتواه بالإباحة أو بنقله الفتوى بها قد سبّب إلى الوقوع في الحرام أعني ترك الواجب أو فعل الحرام. وقد ذكرنا في محلّه أن المستفاد حسب المتفاهم العرفي من دليل الحرمة في جميع الموارد إنما هو مبغوضية انتساب العمل المحرّم إلى المكلفين ، بلا فرق في ذلك بين الانتساب بالمباشرة والانتساب بالتسبيب ، ومن هنا قلنا إن تقديم الطعام النجس إلى الجاهل ليأكله أمر حرام ، لأن النهي والتحريم وإن كانا قد تعلقا بأكل النجس إلاّ أن العرف يفهم من ذلك أن أكل النجس مبغوض مطلقاً سواء صدر ذلك عن المكلّف بالمباشرة أم صدر بالتسبيب ، كتقديمه الطعام النجس إلى من يحرم عليه أكل النجس واقعاً وإن كان بالفعل معذوراً لجهله ، وكذلك الحال فيما إذا نهى عن الدخول عليه فإن العرف يفهم من مثله عدم الفرق في مبغوضية الدخول عليه بين صدوره بالمباشرة كما إذا دخل عليه بنفسه وبين صدوره بالتسبيب كما إذا أدخل الغير عليه.

إذن مقتضى أدلة المحرّمات عدم جواز التسبيب إلى الحرام. بل العقل أيضاً مستقل بذلك لأن ما هو الملاك في المنع عن العمل بالمباشرة موجود في العمل بالتسبيب ، وبما أن المجتهد أفتى بإباحة الحرام أو الواجب أو أن الناقل نقل الفتوى بالإباحة فيهما فقد سبّبا إلى وقوع المكلّف في ترك الواجب أو فعل الحرام ، وغاية الأمر أنهما ما داما غافلين ومستمرين في اشتباههما معذوران في التسبيب إلى الحرام ، فإذا ارتفعت غفلتهما والتفتا إلى الحال وجب عليهما إعلام الجاهل وبيان أن الفعل واجب أو حرام وأن الإفتاء بالإباحة أو نقلها إنما صدرا غفلة ونحوها.

ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما ورد من أن المفتي ضامن كما في صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج قال : « كان أبو عبد الله عليه‌السلام قاعداً في حلقة ربيعة الرأي فجاء أعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه فلما سكت قال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ، ولم يردّ عليه شيئاً فأعاد المسألة عليه ، فأجابه بمثل ذلك‌

٣١٤

فقال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام هو في عنقه قال أو لم يقل ، وكل مفتٍ ضامن » (١) والمراد بالمفتي مطلق من ينقل الحكم فيشمل المجتهد والناقل كليهما.

بل ورد في بعض الأخبار أن كفارة تقليم المحرم أظفاره على من أفتى بجوازه (٢) وتدل عليه أيضاً صحيحة أبي عبيدة الحذاء قال : « قال أبو جعفر عليه‌السلام : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه » (٣) وكذلك غيرها من الأخبار الدالة على حرمة الفتوى بغير علم وذلك لأن الفتوى بالإباحة في المقام أيضاً من غير علم وإن كان المجتهد أو الناقل معذورين ما داما مشتبهين أو غافلين إلاّ أنه إذا ارتفعت الغفلة وجب عليهما إعلام الجاهل بالحال كما مرّ ، هذا.

وقد أسبقنا عند التكلّم على معنى التقليد أن كون المفتي ضامناً هو الموافق لمعنى التقليد ومفهومه ، لأنه بمعنى جعل الشخص ذا قلادة فكأنّ العامّي جعل أعماله الّتي استند فيها إلى فتوى ذلك الشخص قلادة ووضعها على رقبته ، وإذا كان الأمر كذلك فلا مناص من الحكم بوجوب الاعلام في المقام ، لأنه لو تركه بعد ما زالت غفلته ضمن ما أتى به الجاهل من المحرّمات أو ما تركه من الواجبات وكان وزر ذلك عليه.

نعم ، لا مجال للاستدلال في المقام بما دلّ على وجوب تبليغ الأحكام الشرعية وحفظها عن الاندراس ، وذلك لأنها إنما دلت على وجوب تبليغها فحسب ويتحقق ذلك ببيان الأحكام الشرعية على نحو يتمكن العامّي من الوصول إليه حتى لا يندرس الدين بلا فرق في ذلك بين المجتهد وغيره من المكلّفين ، وأما إيصالها إلى كل فرد فرد من آحاد المكلّفين ولو بدقّ أبوابهم فلم يقم على وجوبه دليل ولم يلتزم به الأئمة عليهم‌السلام فما ظنك بغيرهم ، وإنما التبليغ كذلك كان لازماً على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمقدار الممكن منه دون بقية المكلّفين ، ويتحقق بيان الأحكام‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٢٠ / أبواب آداب القاضي ب ٧ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ١٣ : ١٦٤ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٣.

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٠ / أبواب صفات القاضي ب ٤ ح ١.

٣١٥

الشرعية على النحو المزبور في حق المجتهد بطبع رسالته العملية وجعلها مورداً يتمكن من الوصول إليه ، أو بجلوسه في بيته وتهيئه للجواب عند السؤال عن الأحكام الشرعية. وهذا بخلاف المقام لأن المطلوب فيه ليس هو التحفظ على الأحكام الشرعية عن الاندراس ببيانها على نحو يتمكن المكلّف من الوصول إليها ، بل المراد إيصال الحكم إلى العامّي الجاهل بشخصه ، وهذا مما لا تقتضيه الأدلة الواردة في وجوب تبليغ الأحكام الشرعية فالاستدلال بتلك الأدلة مما لا وجه له في المقام ، هذا كلّه في الصورة الأُولى.

أما الصورة الثانية : فالصحيح أن الاعلام غير واجب حينئذٍ ، إذ لا دليل على وجوبه ، فإذا سئل المجتهد عن الصوت المرجّع مثلاً فأفتى بحرمته وأنه غناء وظهر بعد ذلك أن فتواه فيه الإباحة وأن المحرّم هو الصوت المرجّع المطرب ، لم يجب عليه إعلام السائل بالحال ، لأنه أو الناقل وإن سبّب ترك العمل للمكلّف إلاّ أنه تسبيب إلى التزام المكلّف بترك أمر مباح أو بإتيان عمل غير واجب ولا حرام وهو مما لا محذور فيه بل هو أمر مستحسن لأنه موافق للاحتياط ، فما استدللنا به على حرمة التسبيب غير جار في المقام.

وأما الاستدلال على وجوب الاعلام في هذه الصورة بما دلّ على وجوب تبليغ الأحكام وحفظها عن الاندراس فيرد عليه :

أوّلاً : ما قدّمناه من أن تلك الأدلة إنما تقتضي وجوب تبليغ الأحكام بمعنى بيانها على نحو يتمكن من الوصول إليها ولا دلالة لها على وجوب إيصالها إلى آحاد المكلّفين الّذي هو المطلوب في المقام.

وثانياً : أن الآيات والأخبار المستدل بهما على وجوب تبليغ الأحكام مختصة بالأحكام الإلزامية ، ولا تعمّ الأحكام الترخيصية إما لاقترانها بالقرينة في نفسها كقوله عزّ من قائل ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ ... ) (١) فإنه يدل على أن كتمان ما هو سبب للهداية‌

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٥٩.

٣١٦

[٤٩] مسألة ٤٩ : إذا اتفق في أثناء الصّلاة مسألة لا يعلم حكمها يجوز له أن يبني على أحد الطرفين (*) بقصد أن يسأل عن الحكم بعد الصلاة ، وأنه إذا كان ما أتى به على خلاف الواقع يعيد صلاته ، فلو فعل ذلك وكان ما فعله مطابقاً للواقع ، لا يجب عليه الإعادة (١).

______________________________________________________

هو المبغوض المحرّم لدى الله ، وما به الهداية الأحكام الإلزامية فحسب وقوله ( وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١) لوضوح أن الإنذار لا يتحقق إلاّ ببيان الأحكام الإلزامية ، إذ لا إنذار في الأحكام الترخيصية. وإما لما أسلفناه من أن التعلّم واجب طريقي وليس بواجب نفسي ، والوجه في هذا الوجوب الطريقي هو التحفظ على المصالح لئلاّ تفوت ، والتجنب عن الوقوع في المفاسد ، ومن الظاهر عدم وجوب التعليم إلاّ فيما وجب فيه التعلّم ، لأنه لا معنى لوجوبه من دون وجوب التعلّم ، ثمّ إن التعليم إنما يجب وجوباً طريقياً في خصوص الأحكام الإلزامية لما مرّ من أن الأحكام الترخيصية من المباحات والمستحبات والمكروهات لا يجب فيها التعلّم والتقليد ، لأنه لا مفسدة في ارتكابها أو تركها ، ومع عدم وجوب التعلّم لا معنى لوجوب التعليم.

والمتلخّص : أن الأدلة المستدل بها على وجوب تبليغ الأحكام وتعليمها مختصة بالأحكام الإلزامية ولا تعمّ الترخيصية بوجه ، ومن هنا لا يجب على المجتهد الإفتاء بالإباحة في المباحات بل له الإفتاء فيها بالاحتياط لمكان أنها خلاف المشهور أو لغير ذلك من الوجوه المناسبة للاحتياط.

إذا ابتلي في أثناء الصلاة بما لا يعلم حكمه

(١) ذكرنا فيما تقدم (٢) أن المسائل الّتي يبتلى بها المكلّف يجب أن يتعلّمها كما مرّ فإذا تعلمها قبل الابتلاء بها فهو ، وأما إذا لم يتعلّم مسائل الشك والسهو مثلاً وابتلي بها‌

__________________

(*) كما يجوز له قطع الصلاة واستئنافها من الأول.

(١) التوبة ٩ : ١٢٢.

(٢) راجع ص ٢٥٠.

٣١٧

وهو في أثناء الصلاة فإن أمكنه الاحتياط في عمله ، كما إذا شكّ في قراءة الفاتحة بعد ما دخل في قراءة السورة ولم يعلم أن بذلك تحقق التجاوز عن الفاتحة لتعددهما أو لم يتحقق لأنهما شي‌ء واحد مثلاً ، أو شكّ في قراءة آية بعد ما دخل في آية أُخرى فإن الاحتياط بالإتيان بالقراءة أو الآية المشكوكة ثانياً أمر ممكن إذا أتى بها رجاءً لعدم كونها مخلة بصحة الصلاة ، لأنها ليست من الأركان الموجبة لبطلان الصلاة بزيادتها ونقيصتها.

وأما لو لم يتمكن من الاحتياط كما إذا أهوى إلى السجود فشكّ في أنه ركع أم لم يركع ، ولم يعلم أن الدخول في مقدمة الجزء المترتب على المشكوك فيه محقق للتجاوز أو لا بدّ في صدقه من الدخول في الجزء المترتب نفسه ، فإن الاحتياط بالإتيان بالركوع ثانياً غير ممكن ولو رجاءً لأنه من المحتمل أن يكون المكلّف آتياً بالركوع واقعاً أو بالتعبد لقاعدة التجاوز وكفاية الدخول في مقدمة الجزء المترتب ، ومعه يكون الإتيان بالركوع ثانياً زيادة ركنية مبطلة للصلاة ، كما لا يتمكن من قطع الصلاة واستئنافها من الابتداء ، لاحتمال أن تكون صلاته صحيحة واقعاً والمشهور حرمة قطع الفريضة فللمسألة صورتان :

وذلك لأن المكلّف قد يكون مأموراً بالتعلم قبل ذلك لتمكنه منه واطمئنانه أو احتماله الابتلاء بالمسألة ويتركه بالاختيار. وقد لا يكون مكلفاً بتعلمها لغفلته أو لعلمه واطمئنانه بعدم ابتلائه بالمسألة.

أما الصورة الاولى : فلا شبهة في تنجّز التكليف الواقعي في تلك الصورة لتمكن المكلّف من التعلم واطمئنانه أو احتماله الابتلاء ، وإنما تركه بالاختيار فلا مناص له من أن يخرج عن عهدة التكليف المتوجه إليه لقدرته على الإتيان بالمأمور به وغاية الأمر أنه غير متمكن من إحراز الامتثال. وحيث إن المسألة اتفقت في أثناء الصلاة وأن مفروضنا عدم جواز قطعها واستئنافها من الابتداء الموجب لحصول القطع بالامتثال كما هو المشهور بينهم ( قدّس الله أسرارهم ) فلا مناص من أن يبني على أحد طرفي الشك حال الصلاة ويتمها رجاءً بقصد أن يسأل المسألة بعد الصلاة. فإن أفتى مقلّده بصحتها فهو ، لا تجب عليه إعادتها لأنه أتى بها رجاءً أي مضيفاً بها إلى الله وهو كافٍ في صحة عمله وعباديته. وإذا أفتى بالفساد يعيدها أو يقضيها خارج الوقت. بمعنى أنه‌

٣١٨

يرتكب قطع الفريضة احتمالاً وإن قلنا بعدم جواز قطعها جزماً برفعه اليد عن صلاته.

وأما الصورة الثانية : فليس فيها الحكم متنجّزاً على المكلّف وله أن يبني على أحد طرفي الشك حال الصلاة وإتمامها رجاءً على الكيفية المتقدمة في الصورة السابقة ، كما أن له قطع الصلاة واستئنافها من الابتداء ، وذلك لأن حرمة قطع الصلاة غير مستفادة من الأدلة اللفظية حتى يتمسك بإطلاقها وإنما مدركها الإجماع والقدر المتيقن منه ما إذا تمكن المكلف من إتمام الصلاة جازماً بصحتها ولو من جهة كونه متمكناً من التعلّم قبل العمل ، ولا سبيل للمكلّف إلى ذلك في المقام لأنه من المحتمل بطلانها في الواقع باختياره أحد طرفي الشك في مقام العمل ومعه كيف يمكنه إحراز أنه أتمها صحيحة والمفروض أنه لم يكن مكلفاً بالتعلّم قبل العمل.

وهذا بخلاف الصورة المتقدمة لأنها مشمولة للإجماع بلا كلام ومن ثمة ذهب بعضهم إلى وجوب تعلّم مسائل الشك والسهو. بل ادعى شيخنا الأنصاري قدس‌سره فسق تارك تعلمها ، فإن هاتين الدعويين لا وجه لهما سوى عدم جواز قطع الصلاة على من وجب عليه تعلّم مسائل الشك والسهو ، لأنه لو جاز له قطع الصلاة تمكن المكلّف حينما عرضه الشك في صلاته من أن يقطع ما بيده ويستأنفها ابتداءً ومعه لماذا يجب عليه تعلّم المسائل الراجعة إلى الشك والسهو ، ولماذا يتصف المكلّف بالفسق بترك تعلمها.

ثمّ إنه على كلتا الصورتين إذا رجع المكلّف إلى مقلّده وهو أفتى ببطلان ما أتى به من الصلاة وجبت إعادته كما مرّ.

وهل يختص وجوب الإعادة بما إذا كان العمل المأتي به فاقداً لشي‌ء من الأجزاء والشرائط الركنيتين أو أن الإعادة واجبة مطلقاً سواء أكان العمل المأتي به فاقداً لشي‌ء من الأُمور الركنية أو كان فاقداً لغيرها من الأجزاء والشرائط؟

الثاني هو الصحيح وذلك لأن العمل المأتي به ناقص حينئذٍ وغير مشتمل على الأُمور المعتبرة فيه ، ولا يجري في المقام حديث لا تعاد ، لما مرّ من أن مورده ما إذا كان العمل صحيحاً عند الفاعل ، بالتقليد أو الاجتهاد بحيث لو لم ينكشف له الخلاف لم تجب إعادته ، وليس الأمر كذلك في المقام لأن المكلّف تجب عليه الإعادة انكشف له الخلاف أم لم ينكشف ، لقاعدة الاشتغال القاضية بوجوب الإعادة والإتيان بالمأمور به‌

٣١٩

[٥٠] مسألة ٥٠ : يجب على العامّي في زمان الفحص عن المجتهد ، أو عن الأعلم أن يحتاط في أعماله (*) (١).

[٥١] مسألة ٥١ : المأذون والوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو في أموال القُصّر ، ينعزل بموت المجتهد (٢) بخلاف المنصوب من قبله كما إذا نصبه متولياً للوقف أو قيّماً على القُصّر فإنه لا تبطل (**) توليته وقيمومته على الأظهر (٣).

______________________________________________________

من الابتداء لمكان الشك في صحة ما أتى به من الصلاة.

(١) للعلم الإجمالي بوجود أحكام إلزامية في الشريعة المقدسة ، فإنه يقتضي تنجّزها على المكلّفين وبه يستقل العقل بلزوم الخروج عن عهدتها خروجاً قطعياً ولا يمكن ذلك إلاّ بالاحتياط ، ففي كل مورد احتمل فيه المكلّف حكماً إلزامياً وجب عليه الاحتياط تحصيلاً للمؤمّن ودفعاً للضرر المحتمل بمعنى العقاب على ما بيّناه في أوائل الكتاب عند قول الماتن : يجب على كل مكلّف .... أن يكون مجتهداً أو مقلّداً أو محتاطاً.

ثمّ إن أطراف الاحتياط في زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم هي أقوال من يحتمل اجتهاده أو أعلميته دون الوجوه المحتملة في المسألة ، فإذا علم اجتهاد أحد شخصين أو أعلميته كفى في الاحتياط الأخذ بأحوط قوليهما ، ولم يجب عليه الأخذ بأحوط الوجوه المحتملة في المسألة ، وذلك لعلمه بحجية أحد ذينك القولين في حقّه ومعه يكون العمل بأحوطهما مؤمّناً من العقاب.

المأذون والوكيل عن المجتهد :

(٢) فإنه لا معنى لبقاء الاذن بعد موت المجتهد الآذن في التصرفات كما أن الوكالة تبطل بموت الموكّل لخروجه عن أهلية التصرف بالموت ، ومع عدم أهلية الموكّل للتصرف لا معنى للاستنابة والوكالة عنه ، إذ الوكيل هو الوجود التنزيلي للموكّل ومن هنا تنسب تصرفاته إلى موكّله ، وإليه يتوجّه الأمر بالوفاء بتلك التصرفات من بيع أو شراء أو إجارة ونحوها.

(٣) يأتي في المسألة الثامنة والستين أن الفقيه لم تثبت له الولاية المطلقة في زمان‌

__________________

(*) ويكفي فيه أن يأخذ بأحوط الأقوال في الأطراف المحتملة إذا علم بوجود من يجوز تقليده فيها.

(**) فيه إشكال ، والاحتياط لا يترك.

٣٢٠