موسوعة الإمام الخوئي - ج ١

الشيخ علي الغروي

« بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : أن تعرفوه بالستر والعفاف ، وكف البطن والفرج واليد واللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر الّتي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ، ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن ، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين ، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلاّ من علّة ... » (١).

وتقريب الاستدلال بها يتوقف على مقدمتين :

إحداهما : أن يكون قوله عليه‌السلام « أن تعرفوه بالستر والعفاف » معرّفاً منطقياً بأن تكون الجملة المذكورة حداً أو رسماً للعدالة وبياناً لماهيتها نظير قولنا : حيوان ناطق في الجواب عن أن الإنسان ما هو. إذن العدالة عين الاشتهار والمعروفية بالستر والعفاف وغيرهما مما ذكر في الحديث.

ثانيتهما : أن يكون العفاف والستر من الصفات النفسانية. فإنه إذا ضممنا إحدى المقدمتين المذكورتين إلى الأُخرى أنتجت أن العدالة ملكة ومن الصفات النفسانية كما ادعوه. وكلتا المقدمتين ممنوعتان :

أما المقدّمة الاولى : فلأن الجملة المذكورة معرّف أُصولي لغوي أعني ما ينكشف به الشي‌ء ، وليست معرّفاً منطقياً بمعنى الحد أو الرسم وكون المعرِّف عين المعرَّف وذلك :

__________________

إلاّ أنه معارض بتضعيفه ، وهذا لا لأنه مستثنى من كتاب نوادر الحكمة ، لأنه مستند إلى توهّم أن الرجل قد وضع أصلي زيد النرسي والزرّاد وهذا خطأ لأن أصلهما مما رواه عنهما ابن أبي عمير وقد عثروا على طريق معتبر إليهما من دون أن ينتهي إلى الرجل على ما نبّه عليه السيد الطباطبائي والسيد الصدر كما لا يخفى على من راجع ترجمة زيد الزرّاد ، بل لما ذكره ابن الوليد من أن الرجل كان يضع الحديث. فإنه مما لا يمكن حمله على وضعه خصوص أصلي الزيدين لإطلاقه. إذن لا يمكن الاعتماد على روايات الرجل بوجه.

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩١ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١.

٢٢١

أما أوّلاً : فلأن ظاهر قوله عليه‌السلام أن تعرفوه بعد قول السائل : بم تعرف عدالة الرجل؟ أنه إنما سأل عمّا يعرف ويستكشف به العدالة لا أنه عليه‌السلام سأل عن حقيقتها وماهيتها ، فإن المعرّف المنطقي اصطلاح حديث بين المنطقيين ، ومن البعيد أن يكون مراد السائل بقوله : بم تعرف. هو السؤال عن حقيقة العدالة وأن معرّفها على اصطلاح المنطقيين أي شي‌ء؟ فإن وزانه وزان قولنا : بم يعرف الشي‌ء الكذائي أو الشخص المعيّن ، فإن المراد بمثله في المحاورات العرفية الدارجة هو السؤال عمّا ينكشف به الشي‌ء وما يدل عليه ، لا السؤال عن حدّه ورسمه. إذن حمل الجملة المذكورة على المعرّف المنطقي بعيد.

وأما ثانياً : فلأنه لم يذكر في الجواب أن العدالة هي الستر والعفاف ، وإنما قال عليه‌السلام « أن تعرفوه بالستر والعفاف » فقد جعل المعرّف اشتهار الرجل ومعروفيته بهما لا نفس الستر والعفاف ، ومن البديهي أن الاشتهار والمعروفية بهما ليسا بحقيقة العدالة وإنما حقيقتها لو كانت الجملة معرّفاً منطقياً هو الستر والعفاف لا المعروفية بهما كما لا يخفى.

وعلى الجملة أن ما ادعيناه من أن المعرّف ظاهر في المعرّف الأُصولي ليس لأن السؤال راجع إلى المعرّف بظاهره فحسب ، ليتوهّم أن ذلك غير مانع من أن يجيب عليه‌السلام أولاً ببيان حقيقة العدالة تفضلاً لمكان جهل السائل بحقيقتها ، وثانياً ببيان الطريق إلى معرفتها بقوله : والدلالة على ذلك ... بل هو مستند إليه وإلى ظهور نفس الجواب في ذلك بالتقريب المتقدم ، فلاحظ فإن المعروفية والاشتهار بالستر والعفاف ليسا بحقيقة العدالة كما مرّ.

كما أن ما ادعوه من أنه من الصفات النفسانية إنما هو نفس العفاف والستر وأما المعروفية بهما فلم يتوهّم أحد كونها من الصفات النفسانية أبداً.

وعلى الجملة أن الجملة المذكورة معرّف أُصولي لغوي وليست معرّفاً منطقياً بوجه ، كما أنه المراد بقوله عليه‌السلام : « والدلالة على ذلك ... » بمعنى أنه من المعرّف اللغوي لا المنطقي فإن المراد بالدلالة هو ما ينكشف به اجتناب الكبائر ، ولا يحتمل أن يراد بها المعرّف المنطقي بأن يكون اجتناب الكبائر عين كونه ساتراً لجميع عيوبه‌

٢٢٢

لوضوح المغايرة والاثنينية بين الدال والمدلول.

وأما المقدمة الثانية : فلما بيّناه في الوجه السابق من أن العفاف هو الامتناع عمّا لا يحل ، وهو من الأفعال الخارجية لا النفسانية فضلاً عن أن تكون من الصفات النفسانية ، فإن العفيف من لم يرتكب الحرام في الخارج. نعم ، ذكر علماء الأخلاق أن العفة من صفات النفس إلاّ أنه اصطلاح مستحدث بينهم ، ولا يمكننا حمل العفاف الوارد في كلمات الأئمة عليهم‌السلام عليه. نعم ، العفاف أعني ترك ما لا يحل ، فعل من الأفعال الاختيارية ، ومن الظاهر أن الفعل الاختياري له مبادئ من الأُمور النفسانية حتى مثل الأكل والشرب وغيرهما من الأفعال المتعارفة ، إلاّ أن ذلك غير مسوّغ للقول بأن تلك الأفعال الّتي منها الأكل ونحوه ، من الصفات النفسانية كما هو ظاهر.

وأما الستر فهو أيضاً كما مرّ بمعنى التغطية وهي كناية عن عدم ارتكاب المحرمات فكان بينه وبينها حاجزاً وغطاء ، فمعنى كونه ساتراً أنه مغطى ومجتنب عن المحرمات ولعلّه بهذا الاعتبار يُدعى الله سبحانه بالستّار لدفع البلية والهلكة. فإن معناه : يا من يكون حاجزاً بيننا وبين البلية ، ادفع عنّا البلاء بسترك وحجزك. وكيف كان فهو أيضاً من الأفعال الخارجية.

وأما كف البطن واليد والفرج وغيرها من الأفعال المذكورة في الرواية فكونها من الأفعال الخارجية دون الأفعال النفسية فضلاً عن صفاتها ، أمر ظاهر لا خفاء فيه.

ثمّ إن بما بيّناه في المقام اندفع ما ذكره شيخنا الأنصاري قدس‌سره من أن قوله عليه‌السلام « أن تعرفوه بالستر والعفاف » معرّف منطقي للعدالة ، وبيان لماهيتها وحقيقتها وذكر في وجهه : أن الستر والعفاف والكف قد وقع مجموعها المشتمل على الصفة النفسانية معرّفاً للعدالة ، فلا يجوز أن يكون أخص منها بل لا بدّ من مساواته. وقد يكون أعم إذا كان من المعرّفات الجعلية كما جعل عليه‌السلام في هذه الصحيحة الدليل على هذه الأُمور كون الشخص ساتراً لعيوبه.

ودعوى : أن ظاهر السؤال وقوعه من الأمارة المعرّفة للعدالة بعد معرفة مفهومها تفصيلاً ، والصفات المذكورة ليست أمارة ، بل هي على هذا القول عينها فيدور الأمر‌

٢٢٣

بين حمل السؤال على وقوعه عن المعرّف المنطقي لمفهومها بعد العلم إجمالاً وهو خلاف ظاهر السؤال ، وبين خلاف ظاهر آخر وهو حمل الصفات المذكورة على مجرد ملكاتها ، فتكون ملكاتها معرفة وطريقاً للعدالة وحينئذٍ فلا يصلح أن يراد بها إلاّ نفس اجتناب الكبائر المسبب عن ملكة العفاف والكف وهو القول الثاني.

مدفوعة : ببعد إرادة مجرد الملكة من الصفات المذكورة بخلاف إرادة المعرّف المنطقي الشارح لمفهوم العدالة ، فإنه غير بعيد خصوصاً بملاحظة أن طريقية ملكة ترك المعاصي لتركها ، ليست أمراً مجهولاً عند العقلاء محتاجاً إلى السؤال ، وخصوصاً بملاحظة قوله فيما بعد : والدليل على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لعيوبه ، فإنه على ما ذكر يكون أمارة على أمارة ، فيكون ذكر الأمارة الاولى أعني الملكة خالية عن الفائدة مستغنى عنها بذكر أمارتها ، إذ لا حاجة غالباً إلى ذكر أمارة تذكر لها أمارة أُخرى بخلاف ما لو جعل الصفات المذكورة عين العدالة فإن المناسب بل اللاّزم أن يذكر لها طريق أظهر وأوضح للناظر في أحوال الناس (١). انتهى ما أردنا نقله.

والوجه في الاندفاع يتلخص في أُمور :

الأوّل : ما قدمناه من أن ظاهر الرواية أن المعرّف معرّف أُصولي لغوي وليس معرّفاً منطقياً بوجه.

الثاني : أن الستر والعفاف وغيرهما مما ورد في الرواية ليس من الأفعال النفسية فضلاً عن أن يكون من صفاتها.

الثالث : أن ما أفاده لو تمّ فإنما يتم فيما إذا جعل المعرّف نفس الستر والعفاف أو غيرهما مما ورد في الرواية ، وقد عرفت أن المعرّف هو الاشتهار والمعروفية بتلك الأوصاف لا نفسها ، والاشتهار والمعروفية لم يتوهّم أحد كونها من الصفات النفسانية وبهذا يظهر أن المعرّف في الرواية لا مناص من أن يكون معرّفاً أُصولياً ولا مجال لتوهّم كونه معرّفاً منطقياً ، لأن العدالة ليست هي المعروفية والاشتهار بتلك الصفات كما أنهما ليسا من التعريف باللاّزم المساوي وإن ذهب إليه بعض مشايخنا المحققين‌

__________________

(١) رسالة في العدالة : ٣٢٧.

٢٢٤

( قدس‌سرهم ) مدعياً أن الاستقامة العملية في جادة الشرع تلازم الكف والاجتناب عن المعاصي ، وأن السرّ في التعريف باللاّزم أن اللاّزم أقرب إلى الفهم عن ملزومه غالباً ، فالكف والاجتناب معرّفان منطقيان للعدالة (١).

والوجه فيما ذكرناه أن الاشتهار والمعرّفية بالستر والعفاف ليسا من لوازم الاستقامة العملية بوجه وإنما هما معرّفان وكاشفان تعبديان عن العدالة فحسب.

إذن الصحيح أن الرواية ليست لها أية دلالة على اعتبار الملكة في العدالة بل لا نظر لها إلى بيان حقيقة العدالة بنفسها أو بلازمها وإنما أوكلته إلى الراوي نفسه ، لوضوح معناها عند كل من يفهم اللغة العربية أعني الاستقامة وعدم الانحراف كما مرّ ، ولعلّه لذلك لم يسأله الراوي أيضاً عن حقيقة العدالة ، فهي ساكتة عن بيانها بنفسها أو بلازمها وإنما سيقت لبيان كاشفها ومعرّفها ، لأنه مورد السؤال عن الإمام عليه‌السلام وقد جعلت الكاشف عنها هو الاشتهار والمعروفية والستر وغيرهما مما ورد في الحديث. إذن هي كواشف تعبدية عن العدالة ، وأما أن العدالة أي شي‌ء فالرواية ساكتة عن بيانها ، إذ لا يكاد أن يستفاد منها غير أنها كواشف عن العدالة وأن الارتباط بينها وبين العدالة من ارتباط المعرِّف والمعرَّف والكاشف والمنكشف وحيث إن معرفة كون المكلف معروفاً بالعفاف يتوقف على الصحبة وطول المعاشرة فقد جعل عليه‌السلام الاجتناب عن الكبائر الّتي أوعد الله عليها النار طريقاً وكاشفاً عن المعروفية بترك المحرمات والإتيان بالواجبات وذلك بداعي التسهيل للمكلفين.

ثمّ إن كونه مجتنباً عن الكبائر لما لم يكن أمراً ظاهراً في نفسه وكان محتاجاً إلى طول المعاشرة ، لأن المكلف قد يجتنب عن المفطرات مثلاً وبذلك يحسبه الناس صائماً وغير مرتكب للمحرّم ، إلاّ أنه يمكن أن لا ينوي الصوم أصلاً أو يأتي به رياءً ليكون تاركاً للواجب وآتياً بالمحرّم من دون أن يلتفت الناس إليه ، احتاج ذلك أيضاً إلى طريق كاشف عنه بالسهولة ولو بالتعبد. وقد جعل عليه‌السلام الكاشف عن ذلك كون الرجل ساتراً لجميع عيوبه وهذا هو المعبّر عنه بحسن الظاهر في كلماتهم ، بأن لا يكذب عندهم ولا يغتاب ولا يعامل معاملة ربوية ويتحفظ على جميع عيوبه ، ولا‌

__________________

(١) رسالة في الاجتهاد والتقليد ( الأصفهاني ) : ٨٢.

٢٢٥

يرتكب المحرمات في مجامع المسلمين ومنظرهم. وأما الواجبات فلم تعتبر الرواية الإتيان بها لدى الناس طريقاً معرّفاً إلى ذلك إلاّ الصلاة ، حيث دلت على أن الإتيان بالفرائض في المجامع علناً وبمرأى ومنظر من المسلمين أمر لا بدّ منه ، وأنه كاشف تعبدي عن أن فاعلها مجتنب عن المحرمات بحيث لو لم يتعاهد الفرائض في المجامع لم يحكم بعدالته ، لاحتمال أنه لم يصل أصلاً ومقتضى الرواية أن حمل فعل المسلم على الصحة لا يأتي في مثلها لأنها عمود الدين ولا خير في من لا صلاة له أو لغير ذلك من الوجوه ، ولعظمتها وأهميتها اعتبر في العدالة أن يكون الرجل متعاهداً بالحضور في جماعة المسلمين. نعم ، لا بأس في غير الفرائض من الصلوات المسنونات بالإتيان بها خفاءً بل هو الأرجح فيها كما لا يخفى.

وعلى الجملة دلتنا الرواية على أن الرجل متى ما تعاهد الإتيان بالفرائض في المجامع العامة ، وكان ساتراً لجميع عيوبه المعبّر عنه بحسن الظاهر في كلماتهم حكم بعدالته. ولا دلالة فيها على اعتبار الملكة فيها بوجه. إذن العدالة كما قدّمناه بمعنى الاستقامة العملية في جادة الشرع.

نعم ، لا بدّ أن تكون الاستقامة مستمرة وكالطبيعة الثانوية للإنسان حتى يصدق أنه مستقيم ، فإن الاستقامة في بعض الأوقات دون بعض لا يوجب صدق الاستقامة كما أشرنا إليه آنفاً واحتملنا أن يكون هذا هو المراد بالملكة في كلام من اعتبرها في العدالة ، فإن بذلك ترتفع المخاصمة من البين وتقع المصالحة بين الطرفين. والّذي يسهّل الخطب أن الرواية ضعيفة السند وغير قابلة للاستدلال بها على شي‌ء.

بقي في المقام أمران

أحدهما : لا كلام ولا شبهة في أن الكبائر وهي الّتي أوعد الله عليها النار في كتابه كما في الرواية المتقدمة هادمة للعدالة ومانعة عن تحققها ، وأما الصغائر فهل هي كالكبائر أو لا؟ فيه كلام بين الأعلام.

العدالة والصغائر‌

المعروف أن الصغائر غير قادحة في العدالة إلاّ بالإصرار على ارتكابها ، فإن‌

٢٢٦

الإصرار على الصغيرة بنفسه من الكبائر ولا صغيرة مع الإصرار. ومقتضى إطلاق كلام الماتن في المقام أن العدالة يعتبر فيها التجنب عن كل من الصغائر والكبائر وأن ارتكاب أي منهما قادح في تحققها. وذكر في المسألة الثانية عشرة من شرائط إمام الجماعة أن المعتبر في العدالة عدم الإصرار على الصغائر لا عدم ارتكابها أصلاً ، وهما كلامان متنافيان وما أفاده في المقام هو الصحيح ، ولا فرق بين المعاصي الكبيرة والصغيرة وأن ارتكاب أية معصية ينافي العدالة والاستقامة في جادة الشرع.

ويدلنا على ذلك ملاحظة نفس العدالة بمفهومها ، حيث إن ارتكاب المعصية على إطلاقها انحراف عن الجادة وتعد وطغيان وخروج عن زي العبودية ، ومانع عن كون مرتكبها خيّراً أو مأموناً أو عفيفاً أو غير ذلك من العناوين المتقدمة بلا فرق في ذلك بين الصغائر والكبائر ، وكذلك الحال بالإضافة إلى ستر العيوب لو تمت الرواية المتقدمة فإن ارتكاب الصغائر ينافي ستر العيوب ولا يتصف مرتكبها بأنه ساتر لعيوبه فإن المعصية من العيوب وكيف لا يكون معصية الله سبحانه عيباً وهي خروج عن وظيفة العبودية. فإذا فرضنا مثلاً أن أحداً يتطلع دار جاره وينظر إلى من يحرم عليه النظر إليه ، سلب ذلك عنه العفة والمأمونية والخير والصلاح فلا يقال إنه عفيف أو مأمون أو خيّر ، مع أنه من الصغائر التي لم يتوعد عليها بالنار في الكتاب. إذن نفس العدالة بمفهومها يقتضي عدم الفرق بين الكبائر والصغائر.

ومن هنا ذهب جمع إلى أن المعاصي كلّها كبيرة في نفسها فإن معصية الكبير كبيرة على كل حال ، وإنما تقسّم المعاصي إلى الصغائر والكبائر من جهة مقايستها بما هو أعظم منها ، وذلك لوضوح أن معصية الزنا أكبر وأعظم من معصية الغيبة ، كما أن معصية قتل النفس المحترمة أعظم من معصية الزنا وهكذا. وعلى الجملة المعاصي منافية للعدالة بإطلاقها ، هذا.

واستدل لما ذهب إليه المشهور من أن الصغائر غير قادحة في العدالة بوجوه :

الأوّل : وهو العمدة رواية عبد الله ابن أبي يعفور المتقدمة (١) لما ورد فيها من قوله : « وتعرف باجتناب الكبائر الّتي أوعد الله عليها النار » بتقريب أن الاجتناب عن‌

__________________

(١) راجع ص ٢٢٠.

٢٢٧

الصغائر أيضاً لو كان معتبراً في العدالة لم يكن للحصر باجتناب الكبائر وجه.

ويرد على ذلك : أن الاستدلال بها إنما يتم فيما لو حملنا فيها المعرّف على المعرّف المنطقي وقلنا إن حقيقة العدالة وماهيتها هو اجتناب الكبائر ، فإن الاجتناب عن الصغائر أيضاً لو كان مقوّماً للعدالة لم يكن للحصر باجتناب الكبائر وجه ، إلاّ أنّا ذكرنا أن المعرّف أُصولي لغوي فالاجتناب عن الكبائر والمعروفية بالفقه والستر وغير ذلك مما ورد في الرواية دوال وكواشف عن العدالة ، وعليه فلا مانع من أن يكون الاجتناب عن الكبائر معرّفاً وكاشفاً عن العدالة ويكون الاجتناب عن الصغائر أيضاً معتبراً في العدالة ، وذلك لأن المعرّف إنما يعتبر عند الشك والتردد ، وإلاّ فمع العلم مثلاً بأن الرجل يشرب الخمر خفاء أو أنه كافر بالله حقيقة وإنما غش المسلمين بإظهاره الإسلام عندهم ، لا معنى لجعل حسن الظاهر والمعروفية بما ورد في الرواية معرّفاً وكاشفاً عن العدالة ، فعلى ذلك إذا علمنا انه يرتكب الصغائر جزمنا بفسقه وانحرافه عن جادة الشرع ولم يترتب أثر على المعرّف بوجه. وإذا لم نعلم بارتكابه لها وشككنا في عدالته وفسقه ، كانت المعروفية بالستر والعفاف واجتنابه الكبائر معرّفان وكاشفان عن عدالته هذا.

على أن الرواية قد ورد في ذيلها : « والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه » ومعنى ذلك أن الستر لجميع العيوب معتبر في استكشاف العدالة. ومن البديهي أن النظر إلى الأجنبية ولا سيما في مجامع الناس من العيوب ، وكيف لا فإنه معصية لله وإن لم يتوعد عليه بالنار في الكتاب ، فإذا لم يكن ساتراً لعيبه لم تشمله الرواية في نفسها. وعلى الجملة الرواية بنفسها تدلنا على أن الاجتناب عن الصغائر معتبر في العدالة ، لعدم صدق الساتر للعيوب مع ارتكاب الصغائر ومع عدمه لا طريق لنا إلى استكشاف اجتنابه عن الكبائر ، لأنه مع الإتيان بالصغيرة يحتمل أن يأتي بالكبيرة أيضاً. إذن استكشاف أن الرجل مجتنب عن الكبائر منحصر بما إذا ستر جميع عيوبه ، فالرواية بنفسها يقتضي اعتبار الاجتناب عن كل من الصغيرة والكبيرة (١).

__________________

(١) وقد قدمنا [ في ص ٢٦٣ ] أنها ضعيفة السند وغير صالحة للاستدلال بها على شي‌ء.

٢٢٨

الثاني : أن الصغائر مورد لعفو الله سبحانه وقد وعد العفو عنها على تقدير التجنب عن الكبائر وقال عزّ من قائل ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ... ) (١) ومع الوعد بالعفو عن الصغيرة على التقدير المذكور كان ترك الكبائر كالتوبة مانعاً عن العقاب ، فلا يمكن أن يكون ارتكابها موجباً للفسق ومنافياً للعدالة وذلك لأن التوبة وهي رافعة للمعصية وعقابها فإن التائب من ذنب كمن لا ذنب له لا تجتمع مع الفسق أي لا تضر معها المعصية ، بالعدالة فما ظنك بالاجتناب عن الكبائر الّذي دافع للمعصية والعقاب ، لأنه يوجب العفو من الابتداء فهو لا يجتمع مع الفسق ، ولا تضر معه المعصية بالعدالة بطريق أولى ، فإن ارتفاع الفسق بالدفع أولى من ارتفاعه بالرفع ، والعدالة تزول بالكبيرة وتعود بالتوبة ، ولكنها لا تزول بالصغيرة من الابتداء.

وفيه : أوّلاً : منع التلازم بين العفو عن المعصية وعدم الفسق ، فإن الفسق كما اتضح في تفسير العدالة هو الخروج عن وظيفة العبودية والانحراف عن الجادة ، والعفو عنه أمر آخر غير مانع عن كونه فسقاً وانحرافاً ، فإن لله سبحانه أن يعفو عن أعظم المعاصي تفضلاً أو لشفاعة نبي أو وصي أو مؤمن أو لصدقة تصدّق بها أو إحسان صنعة أو لغير ذلك من أسباب العفو والغفران ، إلاّ أن العفو عن أي معصية لا يمنع عن حصول الفسق بارتكابها. ويتضح ما ذكرناه بملاحظة الموالي العرفية وعبيدهم ، أفلا يعدّون مخالفة العبد وعصيانه لسيده عصياناً وتمرداً إذا كان السيد ممن لا يعاقب عبده بوجه؟ فإن العفو شي‌ء والفسق والانحراف بارتكاب الصغيرة شي‌ء آخر ، فلا تلازم بين العفو وعدم الفسق أبداً.

وثانياً : هب أن العفو مانع عن الفسق ، إلاّ أنه لا سبيل لنا إلى إحراز ذلك في من يرتكب الصغائر ، فإن العفو عنها قد علق في الكتاب العزيز على اجتناب الكبائر ومن أين لنا إحراز أن مرتكب الصغيرة لا يرتكب الكبائر طيلة حياته. وذلك فإن المراد بقوله عزّ من قائل ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ... ) ليس هو الاجتناب عنها آناً ما ، لأنه أمر حاصل لكل شخص حتى لأفسق الفسقة بل المراد به الاجتناب عنها أبداً. نعم ، لا‌

__________________

(١) النساء ٤ : ٣١.

٢٢٩

يضر ارتكابها إذا ندم وتاب ، وهذا مما لا سبيل لنا إلى إحرازه ، ومن المحتمل أن يرتكب فاعل الصغيرة الكبيرة أيضاً بعد ذلك ، ومعه لا عفو عن الصغيرة ، إذن يكون الصغائر كالكبائر مانعة عن العدالة.

لا يقال : إن استصحاب عدم ارتكابه الكبائر طيلة حياته هو المحقق لشرط العفو عن الصغائر وهو المثبت لعدالته.

فإنه يقال : إن استصحاب عدم الارتكاب إنما يفيد في إحراز عدم ارتكابه المحرمات وأما الواجبات إذا شككنا مثلاً أنه يخمّس أو لا يخمّس أو يصلي أو يحج أو غير ذلك من الواجبات ، فاستصحاب العدم ينتج العكس لاقتضائه عدم الإتيان بالواجبات إذن لا سبيل لنا إلى إحراز أن الرجل لا يرتكب الكبائر ، ومع عدم إحرازه لا يمكن التمسك بالعموم لأنه من الشبهات المصداقية حينئذٍ.

الثالث : ما ذكره المحقق الهمداني قدس‌سره حيث إنه بعد ما ذهب إلى أن العدالة هي الاستقامة في جادة الشرع ، وأن ارتكاب المعصية خروج عن جادته ولم يفرّق في ذلك بين الكبائر والصغائر ، فصّل في الصغائر بين ما كان صدورها عن عمد والتفات تفصيلي إلى حرمتها ، فإنها حينئذٍ كالكبائر فادحة في العدالة ، وبين ما إذا صدرت لا عن التفات إلى حرمتها كما إذا صدرت غفلة أو لعذر من الأعذار العرفية ، وذكر أنها غير قادحة في العدالة وقتئذٍ.

وحاصل ما ذكره في تقريبه موضّحاً : أن ارتكاب الصغائر قد يكون مع العمد والالتفات إلى حرمتها وكونها معصية من دون أن يكون هناك أي عذر من الأعذار العرفية من خجل أو حياء ونحوهما ، ولا شبهة أنه حينئذٍ يوجب الفسق والانحراف عن جادة الشرع فهو مناف للاستقامة فيها. وقد يكون ارتكابها مستنداً إلى عدم الالتفات إلى حرمتها حال الارتكاب ، لأن الذنوب الّتي ليست في أنظار الشرع كبيرة قد يتسامحون في أمرها فكثيراً ما لا يلتفتون إلى حرمتها ، أو يلتفتون إليها إلاّ أنهم يكتفون في ارتكابها بأعذار عرفية مسامحة كترك الأمر بالمعروف ، والخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياءً ، أو لاستدعاء صديق ونحوها مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم ، والظاهر عدم كون مثل ذلك منافياً لاتصافه بالفعل عرفاً بكونه من أهل‌

٢٣٠

الستر والعفاف والخير والصلاح وغير ذلك من العناوين المعلّق عليها قبول شهادته في أخبار الباب.

وأما الكبائر مثل الزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، وقتل النفس ، ونظائرها مما يرونها كبيرة ، فإنها غير قابلة عندهم للمسامحة ، ولا يقبلون فيها الاعتذار بالأعذار العرفية من خجل واستدعاء صديق ونحوهما. فالّذي يعتبر في تحقق وصف العدالة أن يكون الشخص مجتنباً عن كل ما هو كبيرة شرعاً أو في أنظار أهل العرف ، وكذا الصغائر الّتي يؤتى بها مع الالتفات إلى حرمتها من غير استناده إلى شي‌ء من الأعذار العرفية دون الصغائر الّتي لا يلتفت إلى حرمتها أو يستند ارتكابها إلى معذّر عرفي فإن تلك المعصية كلا معصية بالنظر العرفي وتسامحاتهم ، حيث إن مفهوم العدالة والفسق كسائر المفاهيم الّتي يغتفر فيها التسامحات العرفية ، كما في إطلاق الصاع من الحنطة على الحنطة المدفوعة فطرة المشتملة على شي‌ء يسير من ترب أو تبن ونحوه مما يتسامح فيه ، وإطلاق الماء على ما ليس بماء خالص حقيقة لاختلاطه بشي‌ء من الملح أو التراب أو غيرهما ، والذهب على ما امتزج بغيره من الصفر ونحوه مما يخرجه عن الخلوص ، إلى غير ذلك مما يراه العرف مصداقاً لشي‌ء توسعة في المفهوم مع أنه ليس بمصداق له عقلاً وحقيقة.

وعلى الجملة أن حكمهم متبع في تشخيص موضوعات الأحكام ، وإن كان مبنياً على هذا النحو من المسامحات الغير الموجبة لكون الإطلاق مجازياً في عرفهم. اللهُمَّ إلاّ أن يدل دليل شرعي على خطئهم في مسامحتهم ، كما في الكبائر الّتي يستصغرها العرف ويتسامحون في أمرها أي يرونها صغيرة كالكذبة في مقام المزاح أو الغيبة أو غيرهما مما يعدّونه صغيرة لدى العرف وهو من الكبائر واقعاً ، فإن ارتكاب مثلها موجب للفسق والانحراف ، وتلك الموارد من باب تخطئة الشرع للعرف ، وهذا بخلاف الصغائر لما عرفت من أنه من باب التوسعة في المفهوم ، والأنظار المسامحية العرفية متبعة فيها كما مرّ (١).

ولا يخفى أن ما أفاده قدس‌سره لا يرجع إلى محصّل وذلك لأن العدالة بمفهومها‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٦٧٥.

٢٣١

أمر يعرفه كل عارف باللسان ، وأنها كما بيّناه عبارة عن الاستقامة العملية في جادة الشرع ، والأنظار العرفية وتسامحاتهم إنما تتبع في مفاهيم الألفاظ ، فإن التوسعة والتضييق في استفادة المفاهيم من ألفاظها راجعان إلى العرف ، ومن هنا نرتب آثار الماء على المياه الممتزجة بالزاج والجص وغيرهما مما لا يخلو منه الماء عادة ، وكذا آثار الذهب على ما هو ذهب وغيره ، وذلك لأن مفهوم الماء والذهب عند إطلاقهما أعم من الخالص والخليط بغيرهما بمقدار يسير. وأما تطبيق المفاهيم العرفية على مصاديقها ومواردها فلم يقم فيه أيّ دليل على اعتبار النظر العرفي وفهمه. وقد ذكرنا أن مفهوم العدالة أمر يعرفه أهل اللسان ، ومع وضوح المفهوم المستفاد من اللفظ لا يعبأ بالتسامحات العرفية في تطبيقه على مصاديقه ، ومن هنا لا يعتنى بتسامحاتهم في المفاهيم المحددة كثمانية فراسخ في السفر الموضوع لوجوب القصر في الصلاة ، وسبعة وعشرين شبراً في الكر ونحوهما ، حيث يعتبر في القصر أن لا يكون المسافة أقل من ثمانية فراسخ ولو بمقدار يسير لا يضر في إطلاق الثمانية لدى العرف ، وكذا يعتبر في الكر أن لا يكون أقل من سبعة وعشرين شبراً ولو بإصبع وهكذا. وحيث إن مفهوم العدالة أمر غير خفي فلا مناص من أن ينطبق ذلك على مصاديقه انطباقاً حقيقياً عقلياً ، ولا يكفى فيه التطبيق المسامحي العرفي بوجه.

وعلى هذا نقول : إذا كان ارتكاب الصغيرة لا عن عذر وغفلة فلا شبهة في أنه يوجب الفسق والانحراف ، ويمنع عن صدق الخيّر والعفيف والكاف بطنه وغيرها من العناوين الواردة في الأخبار. وأما إذا كان عن غفلة فلا كلام في أن ارتكابها غير مضر للعدالة ، لأنه من الخطأ المرفوع في الشريعة المقدسة من دون فرق في ذلك بين الكبائر والصغائر.

وأما إذا كان عن عذر عرفي فإن بلغ ذلك مرتبة يراه الشارع أيضاً عذراً في الارتكاب ، كما إذا بلغ مرتبة العسر والحرج ، نظير ما لو قدّم له الظالم ماءً متنجّساً وهدّده بضربة أو هتكه أو إخراجه عن البلد على تقدير مخالفته ، جاز له ارتكابه ولم يكن ذلك موجباً للفسق والانحراف أيضاً بلا فرق في ذلك بين الكبيرة والصغيرة. وأما لو لم يبلغ العذر العرفي مرتبة يراه الشارع معذّراً فلا مناص من الحكم بحرمة ارتكابه‌

٢٣٢

وعصيانه واستلزامه الفسق والانحراف ، وعدّ العرف ذلك معذّراً وتسامحهم في عدّ ارتكابه معصية لا يترتب عليهما أثر شرعي أبداً.

إذن الصحيح أن ارتكاب المعصية كبيرة كانت أم صغيرة تستتبع الفسق والانحراف وينافي العدالة سواء استند إلى عذر عرفي أم لم يستند ، هذا كلّه في عدم الفرق بين المعاصي في استلزامها الانحراف الّذي هو ضد العدالة ، وأما تقسيمها إلى الكبيرة والصغيرة وبيان الفارق بينهما فيأتي الكلام فيه عند تعرض الماتن له في التكلم على صلاة الجماعة واعتبار العدالة في الإمام إن شاء الله.

الأمر الثاني : في اشتراط المروّة في العدالة وعدمه.

العدالة والمروّة‌

المعروف على ما نسب إليهم أن ارتكاب خلاف المروّة مما يقدح في العدالة فيعتبر فيها أن لا يرتكب المكلّف شيئاً ينافي مروّته بأن لا يرتكب ما يخالف العادة المتعارفة وما يعدّ عيباً لدى الناس ، وإن لم يكن محرّماً شرعياً في نفسه كما إذا خرج أحد الأعلام حافياً إلى الأسواق أو جلس في الطرقات أو ارتكب غير ذلك مما ينافي عادة الناس. ويختلف هذا باختلاف الأماكن والبلدان ، فقد يكون الخروج إلى السوق مثلاً من دون عمامة عيباً في بلد ولا يكون عيباً في بلد آخر ، فمع ارتكاب ما يعدّ عيباً في ذلك المحل لا بدّ من الحكم بزوال العدالة. نعم ، لا يتصف الرجل بذلك بالفسق لأنه لم يرتكب شيئاً من المحرّمات ولم ينحرف عن جادة الشرع ، فلا يترتب عليه الآثار المترتبة على الفسق كما لا يترتب عليه الآثار المترتبة على العدالة.

والصحيح أن ارتكاب خلاف المروّة غير مضرّ بالعدالة ، لأن ما استدل به على اعتبارها في العدالة أمران كلاهما ضعيف ، ولا سيما أن القائلين باعتبارها ممن ذهبوا إلى أن الصغائر غير قادحة في العدالة ، ولعمري أنه من العجائب حيث إن ذهاب العدالة بارتكاب أمر مباح قد رخّص الشارع في الإتيان به ، وعدم ذهابها بارتكاب ما منع عن ارتكابه عجيب.

وكيف كان فقد استدل على اعتبار المروّة بأمرين :

٢٣٣

أحدهما : ما ورد في رواية ابن أبي يعفور المتقدمة (١) من قوله عليه‌السلام : « والدليل على ذلك أن يكون ساتراً لجميع عيوبه ... » وذلك بتقريب أن العيوب فيها مطلقة فتعم العيوب العرفية والشرعية ، فإذا ارتكب المكلف ما هو عيب لدى العرف فلا يصدق أنه ساتر لجميع عيوبه ، فلا يمكن الحكم بعدالته.

ويدفعه : أنها وإن كانت مطلقة في نفسها إلاّ أن مقتضى مناسبة الحكم والموضوع وكون الإمام عليه‌السلام هو الملقي للكلام قرينة متصلة ظاهرة في صرفها إلى العيوب والنقائص الشرعية ، لأن كونه صادراً من الإمام عليه‌السلام يقتضي أن يراد بها ما هو العيب لدى الشارع لا ما هو كذلك لدى الغير. إذن لا يكون ارتكاب ما هو خلاف المروّة منافياً للعدالة بوجه.

وثانيهما : أن من لم يخجل من الناس ولم يستحي عن غير الله سبحانه بأن لم يبال بالنقائص العرفية لم يخجل ولم يستحي من الله وذلك لأن عدم مبالاته بتلك الأُمور يكشف عن أنه ممن لا حياء له.

وفيه : أن عدم مبالات الإنسان بالأُمور الدارجة لدى الناس وعدم استحيائه وخجله عن غير الله سبحانه لا كاشفية له عن عدم استحيائه من الله ، وذلك لأنه قد يكون ذلك مستنداً إلى كونه متفانياً في الله وفي الأُمور الأُخروية ومتمحّضاً فيما يرجع إلى النشأة الباقية ، ولأجله لا يعتني بغير الله جلت عظمته ولا يهمه الأُمور الدنيوية ولا يبالي بما هو ممدوح أو مذموم لدى الناس ، ومعه كيف يكون عدم مبالاته بالأُمور المتعارفة والدنيوية كاشفاً عن عدم خجله واستحيائه من الله سبحانه. إذن لا تلازم بين الأمرين. والإنصاف أن هذا الوجه أضعف من سابقه ، وعلى الجملة أن ارتكاب ما ينافي المروّة غير قادح للعدالة.

نعم ، ارتكاب ما يعدّ خلاف المروّة قد يكون أمراً غير مناسب للمرتكب بل هتكاً في حقه ، كما إذا خرج أحد المراجع العظام إلى الأسواق بلا عباء أو جلس في الطرقات ، أو دخل المقاهي وبالأخص إذا اقترنه بعض الأُمور غير المناسبة ، فإنه‌

__________________

(١) راجع ص ٢٢٠.

٢٣٤

وتعرف بحسن الظاهر الكاشف عنها علماً أو ظنا (١).

______________________________________________________

لا شبهة في أنه هتك في حقه وموجب لسقوطه عن الأنظار ، ومثله ينافي العدالة لا محالة إلاّ أنه لا لأنه خلاف المروّة والتعارف بل من جهة أنه محرّم شرعاً ، إذ كما يحرم على المكلف أن يهتك غيره كذلك يحرم عليه أن يهتك نفسه ، لأنه أيضاً مؤمن محترم. وأما إذا كانت العيوب العرفية غير مستلزمة للهتك فلا دليل على أن عدم ارتكابها معتبر في العدالة.

كاشفية حسن الظاهر

(١) الكلام في ذلك يقع في موضعين :

أحدهما : أن حسن الظاهر هل يكشف عن العدالة في الجملة أو لا؟

وثانيهما : أن كاشفية حسن الظاهر مقيّدة بما إذا أوجبت العلم أو الظن بالملكة ولو بمعنى الخوف النفساني من الله كما في كلام جملة من الأعلام ومنهم الماتن قدس‌سره حيث قال : حسن الظاهر يكشف عن الملكة علماً أو ظنا. أو أن كاشفيته غير مقيّدة بشي‌ء ، وأنه كاشف عن العدالة مطلقاً أفادت العلم أو الظن بالملكة أم لم تفد ، بل ومع الظن بعدم الملكة أيضاً؟

أما الموضع الأول : فالصحيح كما هو المعروف بينهم أن حسن الظاهر كاشف عن العدالة ، وهذا مضافاً إلى أنه المتسالم عليه بين الأصحاب وأنه لولاه لم يمكن كشف العدالة ولو بالمعاشرة ، لاحتمال أن يكون الآتي بالواجبات غير قاصد للقربة بل وغير ناوٍ للواجب ، فلا يمكن الحكم بأن المكلف أتى بالواجب إلاّ من جهة حسن الظاهر يمكن أن يستدل عليه بجملة من الأخبار :

منها : صحيحة عبد الله بن المغيرة قال : « قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : رجل طلّق امرأته ، وأشهد شاهدين ناصبيين قال : كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته » (١).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٣ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ٥.

٢٣٥

ومنها : موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفاً صائناً » (١).

ومنها : صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « في أربعةٍ شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان ، ولم يعدل الآخران ، فقال : إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أُجيزت شهادتهم جميعاً ... » (٢) إلى غير ذلك من الروايات. فإنها دلتنا على أن من حَسن ظاهره ولم يكن معروفاً بشهادة الزور ونحوها من المحرمات حكم بعدالته ورتب عليها آثارها ، وإن لم يتحقق لنا حاله بأزيد من ذلك بحيث احتملنا ارتكابه المعاصي واقعاً.

ثمّ إن هناك جملة أُخرى من الروايات استدل بها على أن حسن الظاهر كاشف عن العدالة ، إلاّ أنها لمكان ضعفها سنداً أو كونها ظاهرة في أصالة العدالة لا كاشفية حسن الظاهر عن العدالة ، غير صالحة للاستدلال بها في المقام ومن هنا نجعلها مؤيدة للمدعى وإليك بعضها :

منها : ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن البينة إذا أُقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال : خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ فيها بظاهر الحكم : الولايات والمناكح ، والذبائح ، والشهادات ، والأنساب ، فإذا كان ظاهر الرجل ظاهراً مأموناً جازت شهادته ، ولا يسأل عن باطنه » (٣) وهي ضعيفة بإرسالها.

ومنها : ما رواه إبراهيم بن زياد الكرخي عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : « من صلّى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيراً وأُجيزوا شهادته » (٤) وهي ضعيفة بجعفر بن محمد بن مسرور (٥) وغيره من المجاهيل.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٥ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١٠.

(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٧ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١٨.

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٢ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ٣.

(٤) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٥ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١٢.

(٥) نعم احتمل الوحيد قدس‌سره في التعليقة انه جعفر بن محمد بن قولويه لأن قولويه اسمه

٢٣٦

ومنها : رواية علقمة قال : « قال الصادق عليه‌السلام وقد قلت له : يا ابن رسول الله أخبرني عمّن تقبل شهادته ومن لا تقبل؟ فقال : يا علقمة كل من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته. قال فقلت له : تقبل شهادة مقترف بالذنوب؟ فقال : يا علقمة لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلاّ شهادة الأنبياء والأوصياء لأنهم المعصومون دون سائر الخلق ، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً ، أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة ... » (١) وهي ضعيفة بعلي ابن محمد بن قتيبة ، على أنها تناسب أصالة العدالة لا كاشفية حسن الظاهر عن العدالة كما لا يخفى. إلى غير ذلك من الروايات.

اعتبار المعاشرة وعدمه :

هل تعتبر المعاشرة في كاشفية حسن الظاهر عن العدالة؟ أو أن مجرد كون الرجل ساتراً لعيوبه ، متعاهداً للحضور في جماعة المسلمين ونحو ذلك مما يجمعه حسن الظاهر كاف في استكشاف عدالته ، وإن لم نعاشره بوجه؟

قد يقال باعتبار المعاشرة في كاشفيته ويستدل عليه بوجهين :

أحدهما : أن ستر العيوب إنما يتحقق في موارد كانت معرضاً للظهور أي في مورد قابل للظهور ، نظير الأعدام والملكات لوضوح أنها لو لم تكن قابلة للظهور فهي متسترة في نفسها ، لا أن المكلف قد سترها ، فعدم ظهورها لأجل فقدان المقتضي لا من جهة المانع وهو الستر ، وإحراز أن المكلف قد سترها في مورد كانت معرضاً‌

__________________

مسرور ، فإن النجاشي ذكر في ترجمة علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن مسرور أنه روى عنه أخوه جعفر بن محمد بن قولويه [ رجال النجاشي : ٢٦٢ / ٦٨٥ ].

ولكن هذا الاحتمال بعيد جدّاً ، فإن علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن مسرور لم يسمع منه على ما ذكره النجاشي ، وجعفر بن محمد بن قولويه لم يرو عن علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن مسرور ، وإنما روى كتابه عن أخيه علي كما روى عن أخيه في كامل الزيارات كثيراً ، وليس في كلام النجاشي أن جعفر بن محمد بن قولويه روى عن أخيه علي بن محمد بن جعفر بن موسى بن مسرور وعليه لم يثبت أن قولويه اسمه مسرور ، بل الثابت خلافه.

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٥ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١٣.

٢٣٧

للظهور لا يتحقق إلاّ بالمعاشرة ، فإنه لولاها لم يعلم كونها في مورد قابل للظهور. إذن لا بدّ من المعاشرة والمصاحبة بمقدار لو كان في المكلف نقص ديني لظهر ، فهي معتبرة في كاشفية حسن الظاهر عن العدالة.

وثانيهما : موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من عامل الناس فلم يظلمهم وحدّثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته وكملت مروءته وظهر عدله ووجبت اخوّته » (١) وبهذا المضمون روايتا الخصال عن عبد الله بن أحمد الطائي عن أبيه (٢) وعيون الأخبار (٣) تركنا نقلهما لضعف إسنادهما ، لدلالتها على أن العدالة تتوقف على عدم ارتكاب الأُمور المذكورة فيها بعد المعاملة والتحديث والمواعدة ، وهي كما ترى تتوقف على المعاشرة.

ويرد على الوجه الأول : أن ستر العيوب يكفي في صدقه وتحققه أن يسترها المكلف في حضوره لجماعة المسلمين مثلاً وعدم ارتكابه ما ينافي ذلك قبل إقامة الجماعة وبعدها وهو بمرأى من المسلمين ، لأنه قد يبتلي قبلها أو بعدها بما هو مورد للظهور فإذا ستر عيوبه ولم يرتكب أمراً ينافي عدالته ، صدق أنه حَسن الظاهر وأنه ساتر لجميع عيوبه فلا يحتاج كاشفية الستر إلى أزيد من ذلك بوجه.

وأما الوجه الثاني : فيرد عليه :

أوّلاً : أن الموثقة أجنبية عن المدعى ، حيث إنها لم تدل على أن العادل لا بدّ له من أن يعامل الناس فلا يظلمهم ويحدّثهم فلا يكذبهم ويواعدهم فلا يخلفهم ، لأن عدم ارتكاب الظلم والكذب وخلف الوعد متفرع على الأفعال المذكورة في الموثقة تفرع النتيجة على الشرط ، بأن يعاملهم ويكون نتيجة معاملته عدم ظلمهم ، ويحدّثهم وتكون نتيجته أن لا يكذبهم وهكذا نظير القضايا الشرطية ، ولم تدل على أن ارتكاب الأفعال المذكورة معتبر في حصول العدالة. وبعبارة واضحة أن قوله عليه‌السلام « من عامل الناس .... » في قوة قوله : من ترك ظلم الناس على فرض معاملتهم. ولم‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٢٧٨ / أبواب أحكام العشرة ب ١٥٢ ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٦ / أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١٥.

(٣) المصدر السابق.

٢٣٨

يرتكب الكذب على تقدير تحدّثهم وهكذا ، فالمعاملة والتحدّث والمواعدة كالمقدّمة والتوطئة لترك الظلم والكذب وخلف الوعد ، لا أنها أُمور مطلوبة في نفسها ومعتبرة في تحقق العدالة ، إذ من البيّن عدم توقفها على شي‌ء من الأفعال المذكورة ، ولم يقل أحد أن العدالة لا تتحقق إلاّ بالتحديث للناس أو مواعدتهم ومعاملتهم بحيث لو لم تصدر منه لم يحكم بعدالته ، فلا دلالة للموثقة على أن المعاشرة معتبرة في العدالة ، وإنما تدلنا على أن من صدر منه تلك الأفعال ولم يرتكب الظلم والكذب وخلف الوعد فهو محكوم بالعدالة ومعه لا تنافي بين الموثقة والروايات المتقدمة الدالة على أن حسن الظاهر يكشف عن العدالة ، وإن لم تكن هناك أية معاشرة في البين ، كما إذا كان منزوياً لا يشاهد إلاّ في أوقات الصلاة.

وثانياً : أن الموثقة لا دلالة لها بوجه على حصر العدالة في من عامل الناس ولم يظلمهم ... فإنها إنما تدل على أن من لم يظلم الناس إذا عاملهم ... فهو ممن كملت عدالته وتمت مروّته ، ولا تنفي العدالة عن غيره إذا وجد سبب من أسبابها ، كما إذا تعاهد حضور الجماعة وستر عيوبه ، فإن مقتضى رواية ابن أبي يعفور المتقدمة أنهما كاشفان عن العدالة كما مرّ ، فلا تنافي بين الموثقة والأخبار المتقدمة ورواية ابن أبي يعفور. فمقتضى الجمع بين الأخبار الثلاث على تقدير صحة الأخيرة أن يقال : العدالة إنما تستكشف بأحد أمرين : إما حضور الجماعة وتعاهد الصلوات في أوقاتها وستر العيوب ، وإما عدم الظلم والكذب وخلف الوعد عند الابتلاء بالمعاشرة بالمعاملة والتحدّث والمواعدة. إذن لم يدلنا دليل على أن المعاشرة معتبرة في استكشاف العدالة بحسن الظاهر ، هذا كلّه في الموضع الأول.

أما الموضع الثاني : فالصحيح أن كاشفية حسن الظاهر عن العدالة لا يعتبر فيها إفادته العلم أو الظن بالملكة ولو بمعنى الخوف النفساني من الله ، بحيث لو ظننا أن حسن الظاهر في مورد مستند إلى الرياء أو غيره من الدواعي غير القربية أيضاً قلنا باعتباره وكشفه عن العدالة ، وذلك لعدم الدليل على أن كاشفية حسن الظاهر مقيّدة بما إذا أفادت العلم أو الظن بالملكة فهو تقييد للروايات المتقدمة من غير مقيد.

وما استدل به على ذلك روايتان :

٢٣٩

إحداهما : مرسلة يونس بن عبد الرحمن المتقدمة (١) « إذا كان ظاهره مأموناً جازت شهادته ». نظراً إلى أن كون الظاهر مأموناً بمعنى كونه مطابقاً للواقع فحسن الظاهر إنما يكشف عن العدالة إذا حصل لنا الوثوق بكونه مطابقاً للواقع ، وهذا معنى كشف الظاهر عن الملكة علماً أو ظنا.

وثانيتهما : ما رواه الكليني بإسناده عن أبي علي بن راشد قال : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام إن مواليك قد اختلفوا فأُصلي خلفهم جميعاً؟ فقال : لا تصل إلاّ خلف من تثق بدينه » (٢) وفي رواية الشيخ « إلاّ خلف من تثق بدينه وأمانته ». لدلالتها على عدم جواز الصلاة إلاّ خلف من يوثق بدينه ، ومعه لا يكون حسن الظاهر كاشفاً عن العدالة إلاّ إذا علمنا أو ظننا كونه مطابقاً للواقع وإلاّ كيف يحصل الوثوق بدينه.

ولا يمكن المساعدة على شي‌ء من الروايتين.

أما الرواية الأُولى فلأنها ضعيفة السند بإرسالها ، وقاصرة الدلالة على المدعى حيث إن المأمونية جعلت وصفاً لظاهر الرجل ، ومعنى ذلك أن يكون ظاهره ظاهراً موثوقاً به بأن يرى عاملاً بالوظائف الشرعية مرتين أو ثلاثاً أو أكثر ليظهر حسن ظاهره وعدم ارتكابه المعاصي والمحرمات ، فإن ذلك لا يظهر برؤيته كذلك مرة واحدة. وليست المأمونية صفة لواقعة كي نطمئن أن ظاهره مطابق للواقع وغير متخلف عنه.

وأما الرواية الثانية فلأنها أيضاً ضعيفة السند بسهل بن زياد الواقع في كلا طريقي الكليني والشيخ ، وما ذكره بعضهم من أن الأمر في سهل سهل ليس بشي‌ء ، بل الأمر في سهل ليس بسهل على ما مرّ منا غير مرّة فلاحظ. وبمضمون هذه الرواية روايتان تركنا التعرض لهما لضعفهما من حيث السند. كما أنها قاصرة الدلالة على المدعى ، إذ المراد بالوثوق بدين الرجل هو أن يكون الإمام ، إمامياً اثنى عشرياً للروايات المانعة عن الصلاة خلف المخالفين ، وفي بعضها أنهم عنده عليه‌السلام بمنزلة الجدر (٣) ولم‌

__________________

(١) راجع ص ٢١٩.

(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٣٠٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة ٨ : ٣٠٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ١.

٢٤٠