بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ثم عرض عليهم بناته نكاحا قالوا : مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ، قال : فما منكم رجل رشيد؟ قال : فأبوا فقال : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ، قال : وجبرئيل ينظر إليهم قال : لو يعلم أي قوة له ، ثم دعاه فأتاه ففتحوا الباب ودخلوا فأشار إليهم جبرئيل بيده فرجعوا عميانا يلتمسون الجدار بأيديهم ، يعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحدا من آل لوط ، قال : لما قال جبرئيل : « إنا رسل ربك » قال له لوط : يا جبرئيل عجل ، قال : نعم ، قال : يا جبرئيل عجل ، قال : « إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب » ثم قال جبرئيل : يالوط اخرج منها أنت وولدك حتى تبلغ موضع كذا وكذا ، قال : يا جبرئيل إن حمري ضعاف ، قال : ارتحل فاخرج منها ، فارتحل حتى إذا كان السحر نزل إليها جبرئيل فأدخل جناحه تحتها حتى إذا استعلت قلبها عليهم ، ورمى جدران المدينة بحجارة من سجيل ، وسمعت امرأة لوط الهدة فهلكت منها. (١)

شى : عن أبي بصير مثله. (٢)

بيان : قال الطبرسي رحمه‌الله : اختلف في ذلك يعني عرض البنات فقيل : أراد بناته لصلبه ، عن قتادة ; وقيل : أراد النساء من أمته لانهن كالبنات له فإن كل نبي أو امته وأزواجه أمهاتهم ، عن مجاهد وسعيد بن جبير. واختلف أيضا في كيفية عرضهن فقيل بالتزويج ، وكان يجوز في شرعه تزويج المؤمنة من الكافر ، وكذا كان يجوز أيضا في مبتدء الاسلام وقد زوج النبي (ص) بنته من أبي العاص بن الربيع قبل أن يسلم ثم نسخ ذلك ; وقيل : أراد التزويج بشرط الايمان ، عن الزجاج ، وكانوا يخطبون بناته فلا يزوجهن منهم لكفرهم ؛ وقيل : إنه كان لهم سيدان مطاعان فيهم فأراد أن يزوجهما بنتيه : زعوراء وريثاء. (٣)

١٣ ـ ع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمد بن الحسين ، عين البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول لوط : « إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين » فقال : إن إبليس أتاهم في صورة حسنة (٤) فيه تأنيث

__________________

(١) علل الشرائع : ١٨٤ ـ ١٨٥. م

(٢) مخطوط. م

(٣) مجمع البيان ٥ : ١٨٤. م

(٤) في نسخة : في صورة شاب حسن.

١٦١

عليه ثياب حسنة ، فجاء إلى شباب منهم فأمرهم أن يقعوا به ، ولو طلب إليهم أن يقع بهم لابوا عليه ولكن طلب إليهم أن يقعوا به ، فلما وقعوا به التذوه ، ثم ذهب عنهم و تركهم فأحال بعضهم على بعض. (١)

ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال عن عمر الجرجاني ، عن أبان ، عن أبي بصير مثله. (٢)

كا : علي ، عن أبيه ، عن البزنطي مثله. (٣)

١٤ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن علي بن معبد ، عن الدهقان ، عن درست ، عن عطية ، (٤) عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال في المنكوح من الرجال : هم بقية سدوم ، أما إني لست أعني بقيتهم أنهم ولده (٥) ولكن من طينتهم ، قلت : سدوم الذي قلبت عليهم؟ قال : هي أربعة مدائن : سدوم ، وصديم ، ولدنا (٦) وعميراء ، قال : فأتاهم جبرئيل عليه‌السلام وهن مقلوبات (٧) إلى تخوم الارضين السابعة ، فوضع جناحه تحت السفلى منهن ورفعهن جميعا حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم ثم قلبها. (٨)

كا : علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد مثله. (٩)

بيان : قال الطبرسي رحمه‌الله : قيل : كانت أربع مدائن وهي المؤتفكات : سدوم ، و

__________________

(١) علل الشرائع : ١٨٣. م

(٢) مخطوط. م

(٣) فروع الكافى ٢ : ٧٠ ـ ٧١. م

(٤) في المصدر : عطية اخى ابى المعزا. م

(٥) في نسخة : انه ولدهم.

(٦) في نسخة : صيدم ولدما ، وفى الكافى : صريم ولدما.

(٧) في نسخة : مقلوعات. قال المصنف قدس‌سره في حاشيته على العلل : كذا في بعض نسخ الكافى وهو الظاهر أى قلعها الله تعالى أولا ، فجاء جبرئيل فوضع جناحه تحتها ، وعلى الاصل يكون معترضة على خلاف الترتيب والله يعلم.

(٨) علل الشرائع : ١٨٥. م

(٩) فروع الكافى ٢ : ٧٢. م

١٦٢

عامورا ، وداذوما ، وصبوايم. وأعظمها سدوم ، وكان لوط يسكنها. (١)

وقال المسعودي : أرسل الله لوطا إلى المدائن الخمسة وهي : سدوم وعموراء ، و أدوما ، وصاعورا ، وصابورا. (٢)

وقال صاحب الكامل : كانت خمسة : سدوم ، وصبعة ، وعمرة ، ودوما ، وصعوة. (٣)

١٥ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (ع) قال : قيل له : كيف كان يعلم قوم لوط أنه قد جاء لوطا رجال؟ قال : كانت امرأته تخرج فتصفر ، فإذا سمعوا التصفير جاؤوا ، فلذلك كره التصفير. (٤)

١٦ ـ ص : بهذا الاسناد ، عن ابن فضال ، عن داود بن يزيد ، عن رجل ، (٥) عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : لما جاءت الملائكة في هلاك قوم لوط مضوا حتى أتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة ، فسلموا عليه ، فلما رآهم رأى هيئة حسنة وعليهم ثياب بيض وعمائم بيض ، فقال لهم : المنزل؟ قالوا : نعم فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه عليهم المنزل فالتفت إليهم فقال : إنكم تأتون شرار خلق الله. وكان جبرئيل قال الله له : لا تعذبهم حتى يشهد عليهم ثلاث شهادات ، فقال جبرئيل : هذه واحدة ، ثم مشى ساعة فقال : إنكم تأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل : هذه ثنتان ، ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال : إنكم تأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبريل : هذه ثلاث ، ثم دخل ودخلوا معه منزله فلما بصربهم امرأته أبصرت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون إليه حتى وقفوا بالباب ، فقال لوط : « اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي » ثم كابروه حتى دخلوا عليه ، قال : فصاح

__________________

(١) مجمع البيان ٥ : ١٨٥. م

(٢) مروج الذهب ج ١ : ٢١. م

(٤) كامل التوايح ج ١ : ٤٨ وقال البغدادى في المحبرص ٤٦٧ : ومدائن قوم لوط : سدوما ، وصبوايم ، ودادوما ، وعامورا. ويقال : صبورا.

(٤) علل الشرائع : ١٨٣. م

(٥) سيأتى في الخبر انه ابويزيد الحمار.

١٦٣

جبرئيل : يا لوط دعهم يدخلوا ، قال : فدخلوا ، فأهوى جبرئيل إصبعيه (١) وهو قوله : « فطمسنا أعينهم » ثم قال جبرئيل : « إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ». (٢)

١٧ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الحسن بن متيل ، عن البرقي ، عن محمد بن سعيد ، عن زكريا بن محمد ، عن أبيه ، عن عمرو ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان قوم لوط أفضل قوم خلقهم الله عزوجل ، فطلبهم إبليس لعنه الله الطلب الشديد ، وكامن فضلهم وخيرهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم فأتى إبليس عبادتهم (٣) وكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما يعملون ، قال بعضهم لبعض : تعالوا نرصد هذا الذي يخرب متاعنا فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان ، فقالوا : أنت الذي تخرب متاعنا؟ فقال : نعم مرة بعد مرة ، واجتمع (٤) رأيهم على أن يقتلوه فبيتوه عند رجل فلما كان الليل صاح ، فقال : مالك؟ فقال : كان أبي ينو مني على بطنه ، فقال : نعم فنم على بطني (٥) قال : فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه أن يعمل بنفسه ، فأولا علمه إبليس والثانية علمه هو ، (٦) ثم انسل ففر منهم فأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ويعجبهم منه شئ لا يعرفونه ، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال بعضهم ببعض ، ثم جعلوا يرصدون مار الطريق فيفعلون بهم حتى ترك مدينتهم الناس ، ثم تركوا نساءهم فأقبلوا على الغلمان فلما رأى إبليس لعنه الله أنه قد أحكم أمره في الرجال دار إلى النساء (٧) فصير نفسه

__________________

(١) في نسخة : فأهوى جبرئيل باصبعه.

(٢) مخطوط. م

(٣) في الكافى : فكان ابليس يعتادهم. وفى المحاسن : فلما حسدهم ابليس لعبادتهم كانوا إذا رجعوا اه.

(٤) في المحاسن والكافى : فقالوا : أنت الذي تخرب متاعنامرة بعد مرة؟ وزاد في المحاسن : فقال : نعم ، فأخذوه فاجتمع اه.

(٥) في الكافى : فقال له : تعال فنم على بطنى.

(٦) في المصدر والمحاسن : فاولا عمله ابليس والثانية عمله هو.

(٧) في نسخة وفى الكافى : جاء إلى النساء.

١٦٤

امرأة ثم قال : إن رجالكم (١) يفعلون بعضهم ببعض ، قالوا : نعم قد رأينا ذلك وعلى ذلك (٢) يعظهم لوط ويوصيهم (٣) حتى استكفت النساء بالنساء ، (٤) فلما كملت (٥) عليهم الحجة بعث الله عزوجل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في زي غلمان عليهم أقبية فمروا بلوط عليه‌السلام وهو يحرث فقال : أين تريدون فما رأيت أجمل منكم قط؟ قالوا : أرسلنا سيدنا إلى رب هذه المدينة ، قال : ولم يبلغ (٦) سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة ، يا بني إنهم والله يأخذون الرجال فيفعلون بهم حتى يخرج الدم! فقالوا : أمرنا سيدنا أن نمر وسطها ، قال : فلي إليكم حاجة ، قالوا : وما هي؟ قال : تصبرون ههنا إلى اختلاط الظلام ، قال : فجلسوا ، قال : فبعث ابنته فقال : جيئيني لهم بخبز (٧) وجيئيني لهم بماء في القرعة ، وجيئيني لهم بعباءة يتغطون بها من البرد ، فلما أن ذهبت إلى البيت أقبل المطر وامتلا الوادي فقال لوط : الساعة يذهب بالصبيان الوادي ، قال : قوموا حتى نمضي ، فجعل لوط عليه‌السلام يمشي في أصل الحائط وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق ، فقال : يابني ههنا ، قالوا : أمرنا سيدنا أن نمر في وسطها ، وكان لوط عليه‌السلام يستغنم الظلام ، ومر إبليس لعنه الله فأخذ من حجرامرأته صبيا فطرحه في البئر ، فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط عليه‌السلام فلما نظروا إلى الغلمان في منزل لوط عليه‌السلام قالوا : يا لوط قد دخلت في عملنا؟ قال : هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ، (٨) قالوا : هم ثلاثة ، خذ واحدا وأعطنا اثنين ، قال : وأدخلهم الحجرة وقال لوط عليه‌السلام : لو أن لي أهل بيت يمنعونني منكم ، قال : وقد تدافعوا على

__________________

(١) في المحاسن والكافى : إن رجالكن ، وفي الكافى : يفعل بعضهم ببعض.

(٢) في نسخة وفى الكافى : وكل ذلك.

(٣) في الكافى هنازيادة وهى هكذا : وابليس يغويهم.

(٤) في المصادر : حتى استغنت النساء بالنساء.

(٥) في المحاسن : نعم قد رأينا ذلك ، فقال : وأنتن افعلن كذلك ، وعلمهن المساحقة ففعلن حتى استغنت النساء بالنساء ، وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم ، فلما كملت.

(٦) في المصادر : أو لم يبلغ.

(٧) في الثواب والكافى : جيئى. في المواضع.

(٨) في الكافى والمحاسن : فلا تفضحون في ضيفى.

١٦٥

الباب فكسروا باب لوط عليه لسلام وطرحوا لوطا ، فقال له جبرئيل : « إنا رسل ربك لن يصلوا إليك » فأخذ كفا من بطحاء فضرب بها وجوههم وقال : شاهت الوجوه ، فعمى أهل المدينة كلهم ، فقال لهم لوط : يارسل ربي بما أمركم فيهم؟ (١) قالوا : أمرنا أن نأخذهم بالسحر قال : فلي إليكم حاجة ، قالوا : وما حاجتك؟ قال : تأخذونهم الساعة ، (٢) قالوا : يالوط إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب لمن يريد أن يؤخذ؟ (٣) فخذ أنت بناتك وامض ودع امرأتك.

قال أبوجعفر عليه‌السلام : رحم الله لوطا لو يدري من معه في الحجرة لعلم أنه منصور حين يقول : « لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد » أي ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة قال الله عزوجل لمحمد (ص) : « وما هي من الظالمين ببعيد » أى من ظالمي امتك إن عملوا عمل قوم لوط. (٤)

كا : العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن سعيد مثله (٥)

سن : محمد بن سعيد مثله. (٦)

بيان : قوله : « فأولا علمه إبليس » هكذا في الكتابين وفي الكافى ، ولعل الاظهر « عمله » بتقديم الميم في الموضعين ، وعلى ما في النسخ لعل المراد أنه كان أولا معلم هذا الفعل إبليس حيث علمه ذلك الرجل ، ثم صار ذلك الرجل معلم الناس. وانسل بتشديد اللام : انطلق في استخفاء. والقرعة بالفتح : حمل اليقطين. وشاهت الوجوه أي قبحت.

١٨ ـ فقال رسول الله (ص) : من ألح في وطي الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه.

__________________

(١) في المصدر : بم امركم ربى فيهم؟ وفى الكافى : فما أمركم ربى فيهم؟.

(٢) زاد في الكافى والمحاسن : فانى أخاف أن يبدو لربى فيهم. قلت : قد عرفت معنى البداء في كتاب التوحيد راجعه.

(٣) في نسخة : لمن تريد أن يؤخذ. وفى اخرى : لمن نريد أن نأخذ. والمصدر خال عنهما جميعا والموجود فيه : لكن تريد أن ترحل فخذ إه. نعم هى في الكافى والمحاسن موجود هكذا : لمن يريد أن يأخذ.

(٤) ثواب الاعمال : ٢٥٥ ـ ٢٥٧. م

(٥) فروع الكافى ٢ : ٧١. م

(٦) المحاسن : ١١٠ ـ ١١٢. م

١٦٦

١٩ ـ وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام في رجل لعب بغلام قال : إذا وقب لن يحل له أخته أبدا.

٢٠ ـ وقال عليه‌السلام : لو كان ينبغي لاحد أن يرجم مرتين لرجم لوطي مرتين.

٢١ ـ وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : اللواط مادون الدبر وهو لواط والدبر هو الكفر. (١)

٢٢ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن سعيد بن غزوان ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (ع) قال : قال رسول الله (ص) : لما عمل قوم لوط ماعملوا بكت الارض إلى ربها حتى بلغت دموعها السماء وبكت السماء حتى بلغت دموعها العرش ، فأوحى الله عزوجل إلى السماء : أن احصبيهم (٢) وأوحى إلى الارض أن اخسفي بهم. (٣)

سن : ابن فضال مثله. (٤)

٢٣ ـ شى : عن يزيد بن ثابت (٥) قال : سأل رجل أميرالمؤمنين عليه‌السلام : أيؤتى النساء في أدبارهن؟ فقال : سفلت سفل الله بك ، ما سمعت الله يقول : « أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ». (٦)

٢٤ ـ شى : عن عبدالرحمن بن الحجاج قال سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام ذكر عنده إتيان

__________________

(١) الاحاديث الاربعة الاخيرة موجود في المطبوع فقط وغير موجود فيما عندنا من سائر النسخ.

(٢) أى ارميهم بالحصباء.

(٣) ثواب الاعمال : ٢٥٥. م

(٤) محاسن البرقى ١١٠. م

لعله يزيد بن ثابت بن الضحاك الانصارى أخو زيد بن ثابت وأخرجه الشيخ الحر عن تفسير العياشى في الوسائل في باب الوطى في الدبر عن زيد بن ثابت ، وعلى أى فالرجل من العامة والحديث يوافق مذهبهم في حرمة الوطى دبرا ، واما اصحابنا رضوان الله تعالى عليهم فأكثرهم قد حكموا بكراهة ذلك ، والروايات تختلف ففى بعضها الجواز ، وفى اخرى النهى عن ذلك ، وحملوا النهى على الكراهة.

(٦) مخطوط. م

١٦٧

النساء في أدبارهن ، فقال : ما أعلم آية في القرآن أحلت ذلك إلا واحدة « إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء » الآية. (١)

٢٥ ـ شى : عن أبى يزيد الحمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله بعث أربعة أملاك بإهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل. فمروا بإبراهيم وهم متعممون ، فسلموا عليه ولم يعرفهم ورأى هيئة حسنة فقال : لا يخدم هولاء إلا أنا بنفسي – وكان صاحب أضياف ـ فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قر به إليهم ، فلما وضعه بين أيديهم ورأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ، فلما رأى ذلك جبرئيل حسر العمامة عن وجهه (٢) فعرفه إبراهيم ، فقال له : أنت هو؟ قال : نعم ، ومرت امرأته سارة « فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب » قالت ما قال الله وأجابوها بما في الكتاب ، فقال إبراهيم : فيما جئتم؟ قالوا : في هلاك قوم لوط ، فقال لهم : إن كان فيها مائة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال له جبرئيل : لا ، قال : فإن كانوا خمسين؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا ثلاثين؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا عشرين؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا عشرة؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا خمسة؟ قال : لا ، قال : فإن كانوا واحدا؟ قال : لا ، قال : « إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا أمرأته كانت من الغابرين » ثم مضوا. قال : وقال الحسن بن علي : لا أعلم هذا القول إلا وهو يستبقيهم وهو قول الله : « يجاد لنا في قوم لوط ». (٣)

٢٦ ـ شى : عن عبدالله بن أبي هلال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله وزاد فيه : فقال كلوا ، فقالوا : لا نأكل حتى تخبرنا ماثمنه ، فقال : إذا أكلتم فقولوا : باسم الله ، وإذا فرغتم فقولوا : الحمد لله ، قال : فالتفت جبرئيل إلى أصحابه وكانوا أربعة رئيسهم جبرئيل فقال : حق لله أن يتخذ هذا خليلا. (٤)

__________________

(١) مخطوط. م

(٢) أى كشفها عن وجهه.

(٣ و ٤) مخطوط. وقد أخرج الزيادة أيضا عن كتاب العلل في الباب الاول من قصص إبراهيم عليه‌السلام ، وفيه : داود بن أبى يزيد ، عن عبدالله بن هلال.

١٦٨

بيان : « قال الحسن بن علي » أي ابن فضال كما سيظهر مما سنورده من سند الكافي ، أي أظن أن غرض إبراهيم (ع) كان استبقاء القوم والشفاعة لهم لا محض إنجاء لوط من بينهم.

٢٧ ـ شى : عن أبي يزيد الحمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل ، فأتوا لوطا وهو في زراعة (١) قرب القرية ، فسلموا عليه وهم متعممون ، فلما رآهم رأى هيئة حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بيض ، فقال لهم : المنزل؟ فقالوا : نعم ، فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه المنزل عليهم ، فقال : أي شئ صنعت؟ آتي بهم قومي وأنا أعرفهم! فالتفت إليهم فقال : إنكم لتأتون شرارا من خلق الله فقال جبرئيل : لاتعجل عليهم (٢) حتى يشهد عليهم ثلاث مرات ، فقال جبرئيل : هذه واحدة ، ثم مضى ساعة ثم التفت إليهم فقال : إنكم لتأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل : هذه اثنتان ، ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال : إنكم لتأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل : هذه الثالثة ، ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت (٣) فلم يسمعوا : فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون حتى جاؤوا إلى الباب فنزلت المرأة فقالت : عنده قوم ما رأيت قوما قط أحسن هيئة منهم ، فجاؤوا إلى الباب ليدخلوا ، فلما رآهم لوط قام إليهم فقال لهم : ياقوم اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد؟ وقال : هؤلاء بناتي هن أطهرلكم ; فدعاهم إلى الحلال فقالوا : مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ، قال لهم : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد. قال : فقال جبرئيل : لو يعلم أي قوة له. قال : فكاثروه حتى دخلوا البيت فصاح به جبرئيل فقال : يالوط دعهم يدخلون ، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قول الله : « فطمسنا أعينهم » ثم ناداه جبرئيل : « إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل » وقال له جبرئيل : إنا بعثنا في إهلاكهم ، فقال : ياجبرئيل عجل ، فقال : إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب؟ فأمره فتحمل ومن معه إلا امرأته ، ثم اقتلعها ـ يعني المدينة – جبرئيل بجناحه من سبع أرضين ، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصراخ

__________________

(١) في نسخة : وهو في زراعته.

(٢) كذا في النسخ والظاهر أن يكون هكذا : فقال الله لجبرئيل : لا تعجل عليهم اه.

(٣) في نسخة : فصعقت.

١٦٩

الديوك ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل. (١)

كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن داود بن فرقد ، عن أبي يزيد مثل الخبرين معا. (٢)

٢٨ ـ شى : عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « جاء بعجل حنيذ » قال : مشويا نضيجا. (٣)

٢٩ ـ شى : قوله تعالى : « هؤلاء بناتي هن أطهر لكم » قال أبوعبدالله عليه‌السلام : عرض عليهم التزويج. (٤)

٣٠ ـ شى : عن صالح بن سعد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد » قال : قوة : القائم ، والركن الشديد : ثلاث مائة وثلاثة عشر أصحابه. (٥)

بيان : يحتمل أن يكون المعنى أنه تمنى قوة مثل قوة القائم وأصحابا مثل أصحابه ، أو مصداقهما في هذه الامة : القائم وأصحابه ، مع أنه لا يبعد أن يكون تمنى إدراك زمان القائم عليه‌السلام وحضوره وأصحابه عنده إذ لا يلزم في المتمني إمكان الحصول.

٣١ ـ شى : عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : « إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل مظلما » قال : قال أبوعبدالله (ع) : وهكذا قراءة أمير المؤمنين عليه‌السلام. (٦)

٣٢ ـ شى : عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى لما قضى عذاب قوم لوط وقدره أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم ليسلي به مصابه بهلاك قوم لوط ، قال : فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل قال : فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا ، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا قالوا سلاما قال : سلام إنا منكم وجلون قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام

__________________

(١) مخطوط. م

(٢) فروع الكافى ٢ : ٧١ ـ ٧٢ ، وقد اخرجه الكلينى أيضا في الروضة : ٣٢٧ – ٣٣٠ وفيه : قال الحسن العسكرى ابومحمد. قلت : لعل كلمة « العسكرى » زيادة من النساخ ، وأبومحمد كنية للحسن بن على بن فضال. واحتمله وغيره المصنف في شرحه على الكافى راجع.

(٣ ـ ٦) مخطوط.

١٧٠

عليم. قال أبوجعفر (ع) : والغلام العليم هو إسماعيل من هاجر ، فقال إبراهيم للرسل : أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون؟ قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين ، قال إبراهيم للرسل : فما خطبكم بعد البشارة؟ قالوا : إنا ارسلنا إلى قوم مجرمين قوم لوط إنهم كانوا قوما فاسقين ، لننذرهم عذاب رب العالمين ، قال أبوجعفر : قال إبراهيم : إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ; فلما عذبهم الله أرسل الله إلى إبراهيم رسلا يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط ، وذلك قوله : « ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام قوم منكرون * فما لبث أن جاء بعجل حنيذ » يعني زكيا مشويا نضيجا « فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة » قال أبوجعفر إنما عنوا سارة (١) قائمة ، فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، فضحكت ـ يعني فعجبت من قولهم ـ وفي رواية أبي عبدالله : فضحكت قال : حاضت فعجبت من قولهم وقالت : « يا ويلتئ ألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب » إلى قوله : « حميد مجيد » فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق فذهب عنه الروع أقبل يناجي ربه في قوم لوط ويسأله كشف البلاء عنهم فقال الله يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذابي بعد طلوع الشمس من يومك محتوما غير مردود. (٢)

٣٣ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن يعقوب ابن شعيب ، عن أبي عبدالله (ع) في قول لوط (ع) : « هؤلاء بناتي هن أطهرلكم » قال : عرض عليهم التزويج. (٣)

٣٤ ـ يب : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام إن النبي (ص) قال : الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ، ثم تلا عليه‌السلام « وتأتون في ناديكم المنكر » قال : هو الخذف.

٣٥ ـ فس : « كانت تعمل الخبائث » قال : كانوا ينكحون الرجال. (٤)

__________________

(١) في نسخة : انما عنى سارة.

(٢) مخطوط. م

(٣) فروع الكافى ٢ : ٧٢. م

(٤) تفسير القمى : ٤٣١. م

١٧١

( باب ٨ )

* ( قصص ذى القرنين ) *

الايات : الكهف « ١٨ » ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا * إنا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سببا * فأتبع سببا * حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما * قلنا يا ذاالقرنين إما أن تعذب و إما أن تتخذ فيهم حسنا * قال أما من ظلم فسوف نعذ به ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا * وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا * ثم أتبع سببا * حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا * كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا * ثم أتبع سببا * حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الارض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينكم ردما * آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا * قال آتوني أفرغ عليه قطرا * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا ٨٣ ـ ٩٨.

تفسير : قال الطبرسى رحمه‌الله في قوله تعالى : « إنا مكنا له في الارض » : أي بسطنا يده في الارض وملكناه حتى استولى عليها. وروي عن علي عليه‌السلام أنه قال : سخر الله له السحاب فحمله عليها ، ومد له في الاسباب ، وبسط له النور ، فكان الليل والنهار عليه سواء ، فهذا معنى تمكينه في الارض « وآتيناه من كل شئ سببا » أي وأعطيناه من كل شئ علما وقدرة وآلة يتسبب بها إلى إرادته « فاتبع سببا » أي فأتبع طريقا وأخذ في سلوكه ، أو فأتبع سببا من الاسباب التي أوتيها في المسير إلى المغرب « حتى إذا بلغ مغرب الشمس » أي أخر العمارة من جانب المغرب ، وبلغ قوما لم يكن وراءهم أحد إلى موضع غروب

١٧٢

الشمس « وجدها تغرب » أي كأنها تغرب « في عين حمئة » وإن كانت تغرب وراءها ، لان الشمس لا تزائل الفلك ولا تدخل عين الماء ، ولكن لما بلغ ذلك الموضع تراءى له كأن الشمس تغرب في عين ، كما أن من كان في البحر يراها كأنها تغرب في الماء ، ومن كان في البر يراها كأنها تغرب في الارض الملساء ، والعين الحمئة : هي ذات الحمأ وهي الطين الاسود المنتن. والحامية : الحارة ، وعن كعب قال : أجدها في التوراة : تغرب في ماء وطين « إما أن تعذب » أي بالقتل من أقام منهم على الشرك « وإما أن تتخذ فيهم حسنا » أي تأسرهم وتمسكهم بعد الاسر لتعلمهم الهدى ; وقيل : معناه : وإما أن تعفو عنهم ، واستدل من ذهب إلى أنه كان نبيا بهذا ، وقيل : ألهمه ولم يوح إليه « أما من ظلم » أي أشرك « فسوف نعذبه » أي نقتله إذا لم يسلم « نكرا » أي منكرا غير معهود في النار « فله جزاء الحسنى » أي له المثوبة الحسنى جزاء « وسنقول له من أمرنا يسرا » أي قولا جميلا ، وسنأمره بما يتيسر عليه « ثم أتبع سببا » أي طريقا آخر من الارض يوصله إلى مطلع الشمس « حتى إذا بلغ مطلع الشمس » أي ابتداء المعمورة من جانب المشرق. (١)

« كذلك » قال البيضاوي : أي أمر ذي القرنين كما وصفناه في رفعة المكان وبسطة الملك ، أو أمره فيهم كأمره في أهل المغرب من التخيير والاختيار « وقد أحطنا بما لديه » من الجنود والآلات والعدد والاسباب « خبرا » أي علما تعلق بظواهره وخفاياه ، والمراد أن كثرة ذلك بلغت مبلغا لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير « ثم أتبع سببا » يعني طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من الجنوب إلى الشمال « حتى إذا بلغ بين السدين » بين الجبلين المبني عليهما سده ، وهما جبلا أرمنية وآذربيجان ; وقيل : جبلان في أواخر الشمال في منقطع أرض الترك ، من ورائهما يأجوج ومأجوج « لا يكادون يفقهون قولا » لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم « قالوا يا ذاالقرنين » أي قال مترجمهم ; وفي مصحف ابن مسعود : قال الذين من دونهم « فهل نجعل لك خرجا » أي جعلا نخرجه من أموالنا؟ « قال ما مكني فيه ربي خير » أي ما جعلنا فيه مكينا من المال والملك خير مما تبذلون لي من الخراج ، ولا حاجة بي إليه « فأعينوني بقوة » أي بفعلة ، أو بما أتقوى به من الآلات « ردما » أي حاجزا

__________________

(١) مجمع البيان ٦ : ٤٨٩ ـ ٤٩١. م

١٧٣

حصينا ، وهو أكبرمن السد « زبر الحديد » أي قطعه « بين الصدفين » أي بين جانبي الجبلين بتنضيدها « قال انفخوا » أي قال للعملة : انفخوا في الاكوار والحديد « حتى إذا جعله » أي جعل المنفوخ فيه « نارا » أي كالنار بالاحماء « قال آتوني افرغ عليه قطرا » أي آتوني قطرا ، أي نحاسا مذابا أفرغ عليه قطرا ، فحذف الاول لدلالة الثاني عليه « فما اسطاعوا » بحذف التاء حذرا من تلاقي متقاربين « أن يظهروه » أي أن يعلوه بالصعود لارتفاعه وانملاسه « وما استطاعوا له نقبا » لثخنه وصلابته ; قيل : حفر للاساس حتى بلغ الماء ، وجعله من الصخرة والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى ساوى أعلى الجبلين ثم وضع المنافخ حتى صارت كالنار فصب النحاس المذاب عليها ، فاختلط والتصق بعضها ببعض وصار جبلا صلدا ; وقيل : بناه من الصخور مرتبطا بعضها ببعض بكلاليب من حديد ونحاس مذاب في تجاويفها « قال هذا » السد أو الاقدار على تسويته « رحمة من ربي » على عباده « فإذا جاء وعد ربي » وقت وعده بخروج يأجوج ومأجوج ، أو بقيام الساعة بأن شارف يوم القيامة « جلعه دكاء » مدكو كا مسويا بالارض. (١)

وقال : الطبرسي رحمه‌الله : قيل : إن هذا السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط ، وقيل : إنه وراء دربند وخزران من ناحية أرمنية وآذربيجان ، وقيل : إن مقدار ارتفاع السد مائتا ذراع ، وعرض الحائط نحو من خمسين ذراعا ; وجاء في الحديث : إنهم يدابون في حفره نهارهم حتى إذا أمسوا وكادوا يبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان ، حتى إذا جاء وعدالله قالوا : غدا نفتح ونخرج إن شاء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالامس فيخرقونه فيخرجون على الناس فينشفون المياه ، وتتحصن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء فيقولون : قد قهرنا أهل الارض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله عليهم نغفا (٢) في أقفائهم فتدخل في آذانهم فيهلكون بها ، فقال

__________________

(١) انوار التنزيل ٢ : ١١ ـ ١٢. م

(٢) قال في القاموس : النغف محركة : دود في انوف الابل والغنم ، الواحدة النغفة ; أودود أبيض يكون في النوى المنقع ; أو دود عقف ينسلخ عن الخنافس ونحوها.

وقال في النهاية : في حديث يأجوج مأجوج : « فيرسل الله عليهم النغف » هو بالتحريك : دود يكون في انوف الابل والغنم ، واحدتها نغفة. منه طاب ثراه.

١٧٤

النبي (ص) : والذي نفس محمد بيده إن دواب الارض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرا. وفي تفسير الكلبي : إن الخضر وإلياس يجتمعان كل ليلة على ذلك السد يحجبان يأجوج ومأجوج عن الخروج. (١)

١ ـ ص : كان اسم ذي القرنين عياشا ، وكان أول الملوك بعد نوح عليه‌السلام ملك مابين المشرق والمغرب. (٢)

٢ ـ ع ، لى : محمد بن هارون الزنجاني ، عن معاذ بن المثني العنبري ، عن عبدالله ابن أسماء ، عن جويرية ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن وهب قال : وجدت في بعض كتب الله عزوجل أن ذاالقرنين لما فرغ من عمل السد انطلق على وجهه ، فبينا هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من صلاته فقال له ذو القرنين : كيف لم يروعك ما حضرك من جنودي؟ قال : كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك ، وأعز سلطانا ، وأشد قوة ولو صرفت وجهي إليك لم أدرك حاجتي قبله ، فقال له ذو القرنين : هل لك في أن تنطلق معي فاواسيك بنفسي ، وأستعين بك على بعض أمري؟ قال : نعم إن ضمنت لي أربع خصال : نعيما لا يزول ، وصحة لاسقم فيها ، وشبابا لاهرم فيه ، وحياة لاموت فيها ، فقال له ذو القرنين : وأي مخلوق يقدر على هذه الخصال؟ فقال الشيخ : فإني مع من يقدر عليها ويملكها وإياك.

ثم مر برجل عالم فقال لذي القرنين : أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله عزوجل قائمين ، وعن شيئين جاريين ، وشيئين مختلفين ، وشيئين متباغضين ، فقال له ذوالقرنين : أما الشيئان القائمان فالسماوات والارض ، وأما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر ، وأما الشيئان المختلفان فالليل والنهار ، وأما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة. فقال : انطلق فإنك عالم ، فانطلق ذوالقرنين يسير في البلاد حتى مر بشيخ يقلب جماجم الموتى فوقف عليه بجنوده فقال له : أخبرني أيها الشيخ لاي شئ تقلب هذه الجماجم؟ قال : لاعرف الشريف من الوضيع ، والغني من الفقير فما عرفت

__________________

(١) مجمع البيان ٦ : ٤٩٥. م

(٢) مخطوط. م

١٧٥

وإني لاقلبها منذ عشرين سنة ، فانطلق ذو القرنين وتركه ، فقال : ما عنيت بهذا أحدا غيري.

فبينا هو يسير إذا وقع إلى الامة (١) العالمة من قوم موسى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون ، فلما رآهم قال لهم : أيها القوم أخبروني بخبركم ، فإني قد درت الارض شرقها وغربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها ونورها وظلمتها فلم ألق مثلكم ، فأخبروني ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟ قالوا : فعلنا ذلك لئلا ننسي الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا ، قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا : ليس فينا لص ولاظنين وليس فينا إلا أمين ، قال : فما بالكم ليس عليكم امراء؟ قالوا : لانتظالم ، قال : فما بالكم ليس بينكم حكام؟ قالوا : لا نختصم ، قال : فما بالكم ليس فيكم ملوك؟ قالوا : لا نتكاثر ، قال : فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون؟ قالوا : من قبل أنا متواسون متراحمون ، قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا : من قبل الفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا ، قال : فما بالكم لا تستبون ولا تقتلون؟ قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسسنا (٢) أنفسنا بالحلم ، قال : فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة؟ قالوا : من قبل أنا لانتكاذب ولا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا ، قال : فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير؟ قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية ، قال : فما بالكم ليس فيكم فظ (٣) ولا غليظ؟ قالوا : من قبل الذل والتواضع ، قال : فلم جعلكم الله عزوجل أطول الناس أعمارا؟ قالوا من قبل أنا نتعاطي الحق ونحكم بالعدل ، قال : فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا : من قبل أنا لا نغفل عن الاستغفار ، قال : فما بالكم لا تحزنون؟ قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا (٤) على البلاء فعزينا أنفسنا ، (٥) قال : فما بالكم لا يصيبكم الآفات؟ قالوا : من قبل أنا

__________________

(١) في نسخة : وقع على الامة. وفى العلل : الامة العادلة.

(٢) ساس الدواب : قام عليها وراضها. ساس القوم : دبرهم وتولى أمرهم. وفى الامالى : وسبينا.

(٣) الفظ : الغليظ السئ الخلق الخشن الكلام.

(٤) وطن نفسه على الامر وللامر : هيئأها لفعله وحمله عليه ، توطنت نفسه على كذا : حملت عليه.

(٥) في العلل : فقوينا أنفسنا. م

١٧٦

لا نتوكل على غير الله عزوجل ، ولا نستمطر بالانواء (١) والنجوم ، قال : فحدثوني أيها القوم هكذا وجدتم آباءكم يفعلون؟ قالوا : وجدنا آباءنا يرحمون مسكينهم ، و يواسون فقيرهم ، ويعفون عمن ظلمهم ، ويحسنون إلى من أساء إليهم ، ويستغفرون لمسيئهم ويصلون أرحامهم ، ويؤدون أمانتهم ، ويصدقون ولا يكذبون ، فأصلح الله لهم بذلك أمرهم. فأقام عندهم ذو القرنين حتى قبض ، وكان له خمسمائة عام. (٢)

٣ ـ ل : الطالقاني ، عن عبدالعزيز بن يحيى البصري ، عن محمد بن عطية ، عن عبدالله بن عمرو بن سعيد البصري ، عن هشام بن جعفر ، عن حماد ، عن عبدالله بن سليمان ـ وكان قارئا للكتب ـ قال : قرأت في بعض كتب الله عزوجل : إن ذا القرنين لما فرغ من عمل السد انطلق على وجهه ، فبينا هو يسير وجنوده إذ مر برجل عالم ، فقال لذي القرنين : أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله عزوجل قائمين. وساق الحديث إلى قوله : انطلق فإنك عالم ، ثم قال : والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. (٣)

بيان : الظنين : المتهم. وقوله : لا تستبون غير مهموز من السبي يقال : سباه و استباه بمعنى.

٤ ـ فس : جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : سألته عن قول الله تعالى : « يسئلونك عن

__________________

(١) قال الجزرى : قد تكرر ذكر النوء والانواء في الحديث ومنه الحديث : « مطرنا بنوء كذا » والانواء هو ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها ومنه قوله تعالى : « والقمر قدرناه منازل » يسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر وتطلع اخرى مقابلتها ذلك الوقت في الشرق ، فتنقضى جميعها مع انقضاء السنة وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر وينسبونه إليها ، فيقولون : مطرنا بنوء كذا ، وانما سمى نوءا لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ، من ناء ينوء أى نهض وطلع ، وإنما غلظ النبى صلى الله عليه وآله وسلم في امر الانواء لان العرب كانت تنسب المطر إليها ، فاما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله : بنوء كذا أى في وقت هذا فان ذلك جائز.

(٢) علل الشرائع : ١٦١ ـ ١٦٢ ، الامالى : ١٠٣ ـ ١٠٤. م

(٣) الخصال ج ١ : ٣١. قلت : أورده بتمامه في كتابه كمال الدين وأخرجه المصنف بعد ذلك راجع مايأتى تحت الرقم ١٦.

١٧٧

ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا » قال : إن ذا القرنين بعثه الله تعالى إلى قومه فضرب على قرنه الايمن فأماته الله خمسمائة عام ، ثم بعثه الله إليهم بعد ذلك فضرب على قرنه الايسر فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك فملكه مشارق الارض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب فهو قوله : « حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة » (١) إلى قوله : « عذابا نكرا » قال : في النار ، فجعل ذو القرنين بينهم بابا من نحاس وحديد وزفت وقطران (٢) فحال بينهم وبين الخروج. ثم قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ليس منهم رجل يموت حتى يولد له من صلبه ألف ذكر. ثم قال : هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة.

٥ ـ وسئل أمير المؤمنين (ع) عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ فقال : لا نبيا ولا ملكا بل عبدا (٣) أحب الله فأحبه ، (٤) ونصح لله فنصح له ، فبعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الايمن فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب ، ثم بعثه الثانية فضربوه (٥) على قرنه الايسر فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب ، ثم بعثه الله الثالثة فمكن الله له في الارض وفيكم مثله ـ يعني نفسه فبلغ مغرب الشمس فوجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما (٦) « قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال » ذو القرنين : « أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا » إلى قوله : « ثم أتبع سببا » أي دليلا « حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا » قال : لم يعلموا صنعة ثياب « ثم أتبع سببا » أي دليلا « حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذاالقرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الارض فهل نجعل لك خرجا على أن تعجعل بيننا وبينهم سدا » فقال ذو القرنين : « ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد » فأمرهم أن يأتوه بالحديد

__________________

(١) في نسخة : في عين حامية وكذا فيما يأتى بعده.

(٢) الزفت : القير القطران : سيال دهنى يتخذ من بعض اللاشجار كالصنوبر والارز.

(٣) في المصدر : لا نبى ولا ملك بل عبد. م

(٤) في نسخة : فأحبه الله.

(٥) في المصدر : فضرب. م

(٦) في المصدر : ووجد عندها قوما ، وسألوا ياذا القرنين. م

١٧٨

فأتوا به فوضعه بين الصدفين يعني بين الجبلين حتى سوى بينهما ، ثم أمرهم أن يأتوا بالنار فأتوا بها فنفخوا تحت الحديد حتى صار (١) مثل النار ، ثم صب عليه القطر وهو الصفر حتى سده وهو قوله : « حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا » إلى قوله : « نقبا » فقال ذو القرنين : « هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء و كان وعد ربي حقا »

قال : إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج يأجوج و مأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس وهو قوله : « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (٢) » قال : فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الاسد المغضب ، فينبعث في القرية ظلمات ورعد وبرق وصواعق يهلك من ناواه (٣) وخالفه ، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب ، فقال أميرالمؤمنين (ع) : وذلك قول الله عزوجل : « إنا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سببا » أي دليلا.

فقيل له : إن الله في أرضه عينا يقال لها عين الحياة لا يشرب منها ذو روح إلا لم يمت حتى الصيحة ، فدعا ذالقرنين الخضر وكان أفضل أصحابه عنده ودعا ثلاث مائة وستين رجلا ودفع إلى كل واحد منهم سمكة وقال لهم : اذهبوا إلى موضع كذا وكذا فإن هناك ثلاث مائة وستين عينا ، فليغسل كل واحد منكم سمكته في عين غير عين صاحبه فذهبوا يغسلون ، وقعد الخضر يغسل فانسابت (٤) السمكة منه في العين وبقي الخضر متعجبا مما رأى ، وقال في نفسه : ما أقول لذي القرنين؟ ثم نزع ثيابه يطلب السمكة فشرب من مائها واغتمس فيه ولم يقدر على السمكة ، فرجعوا إلى ذي القرنين فأمر ذوالقرنين بقبض السمك من أصحابه ، فلما انتهوا إلى الخضر لم يجدوا معه شيئا فدعاه وقال له : (٥)

__________________

(١) في المصدر : حتى صار الحديد. م

(٢) حدب أى نشز ، وهو كل مرتفع من الارض ، أراد من كل جانب أى من البلدان والاراضى البعيدة والغريبة. ينسلون أى يسرعون.

(٣) أى عاداه وقصد عليه.

(٤) اى مشت مسرعة.

(٥) في نسخة : فقال له.

١٧٩

ما حال السمكة؟ فأخبره الخبر ، فقال له : فصنعت ماذا؟ (١) قال : اغتمست فيها فجعلت أغوص وأطلبها فلم أجدها ، قال : فشربت من مائها؟ قال : نعم ، قال : فطلب ذوالقرنين العين فلم يجدها ، فقال للخضر : كنت أنت صاحبها. (٢)

بيان : الزأر والزئير صوت الاسد من صدره ، يقال : زأر كضرب ومنع وسمع.

٦ ـ شى ، ج : عن الاصبغ قال : قام ابن الكواء إلى علي (ع) : وهو على المنبر فقال : ياأمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ وأخبرني عن قرنيه (٣) أم من ذهب كان أم من فضة؟ فقال له علي عليه‌السلام : لم يكن نبيا ولا ملكا ، ولم يكن قرناه من ذهب ولا من فضة ، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه ، ونصح لله فنصح الله له ، وإنما سمي ذوالقرنين لانه دعا قومه إلى الله عزوجل فضربوه على قرنه فغاب عنهم حينا ، ثم عاد إليهم فضربوه بالسيف على قرنه الآخر ، وفيكم مثله. (٤)

ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عن القاسم بن عروة ، عن بريد العجلي ، عن الاصبغ مثله. (٥)

ك : العطار ، عن أبيه. (٦)

٧ ـ فس : « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون » قال : إذا كان آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون الناس. (٧)

٨ ـ لى : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن عيسى بن محمد ، عن علي بن مهزيار ، عن عبدالله بن عمر ، (٨) عن عبدالله بن حماد ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمد (ع)

__________________

(١) في نسخة : ماذا صنعت؟

(٢) تفسير القمى ص ٤٠١ ـ ٤٠٣. م

(٣) زعم أن كان له تاج ذو قرنين فسأل عن قرنيه كان من ذهب ام فضة؟.

(٤) تفسير العياشى مخطوط ، الاحتجاج : ١٢٢. م

(٥) علل الشرائع : ٢٥. م

(٦) كمال الدين : ٢٢٠. م

(٧) تفسير القمى : ٤٣٣. م

(٨) هكذا في النسخ ; ولعل الصحيح : عبدالله بن عمرو كما يأتى عن التهذيب.

١٨٠