بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٥٩ ـ كنز الفوائد للكراجكي عن سالم الاعرج مولى بني زربق (١) قال : حفرنا ئبرافي دوربني زريق فرأينا أثر حفر قديم فعلمنا أنه حفر مستأثر ، فحفرناه فأفضينا إلى صخرة عظيمة فقلبناها فإذا رجل قاعد كأنه يتكلم فإذا هو لايشبه الاموات ، فأصبنا فوق رأسه كتابة فيها : أنا قادم (٢) بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن ، هربت بدين الحق من أشملك (٣) الكافر ، وأنا أشهد أن الله حق ووعده حق لا أشرك به شيئا ولا أتخذ من دونه وليا.

( باب ٦ )

* ( قصة الذبح وتعيين الذبيح ) *

الايات ، الصافات « ٣٧ » وقال إنى ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين* فلما أسلما وتله للجبين (٤) * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الآخرين* سلام على إبراهيم * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ٩٩ ـ ١١٣.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله : « فلما بلغ معه السعي » أي شب حتى بلغ سعيه

__________________

(١) بتقديم المعجمة على المهملة أو بالعكس : كلاهما بطن من العرب ، ولعل الصحيح هنا الاول.

(٢) هكذا في النسخ ، وفى المحبر : قيذم. وفى الطبرى : قيدمان وقال : يقول بعضهم : قادمن.

(٣) في نسخة : من الملك الكافر.

(٤) اصل معنى تله : اسقطه على التل كقولك : تر به : اسقطه على التراب.

١٢١

سعي إبراهيم ، والمعنى : بلغ إلى أن يتصرف ويمشي معه ويعينه على اموره ، قالوا : وكان يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة.

وقيل : يعني بالسعي العمل لله والعبادة « إني أرى في المنام » أي أبصرت في المنام رؤيا تأويلها الامر بذبحك فانظر ماذا تراه من الرأي ، والاولى أن يكون الله تعالى قد أوحى إليه في اليقظة بأن يمضي ما يأمره به في حال نومه من حيث إن منامات الانبياء لا تكون إلا صحيحة « فلما أسلما » أي استسلما لامر الله ورضيابه « وتله للجبين » أي أضجعه على جبينه ; وقيل : وضع جبينه على الارض لئلايرى وجهه فتلحقه رقة الآباء ، وروي أنه قال : إذ بحني وأنا ساجد لا تنظر إلى وجهي فعسى أن ترحمني « قد صدقت الرؤيا » أي فعلت ما أمرت به في الرؤيا « إن هذا لهو البلاء المبين » أي الامتحان الظاهر والاختبار الشديد ، أو النعمة الظاهرة « وفديناه بذبح عظيم » الذبح هو المذبوح ، فقيل : كان كبشا من الغنم ، قال ابن عباس : هو الكبش الذي تقبل من هابيل حين قر به. (١)

وقيل : فدي بو عل (٢) اهبط عليه من ثبير ، (٣) وسمي عظيما لانه كان مقبولا أو لان قدر غيره من الكباش يصغر بالاضافة إليه ; وقيل : لانه رعى في الجنة أربعين خريفا ; وقيل : لانه كان من عند الله كونه ولم يكن عن نسل ; وقيل : لانه فداء عبد عظيم « وبشرناه بإسحق » من قال : إن الذبيح إسحاق قال : يعني : بشرناه بنبوة إسحاق بصبره « وباركنا عليه وعلى إسحق » أي وجعلنا فيما أعطيناهما من الخير البركة والنماء والثبات ، ويجوز أن يكون أراد كثرة ولدهما وبقاءهم قرنا بعد قرن إلى أن تقوم الساعة « ومن ذريتهما » أي ومن أولاد إبراهيم وإسحاق « محسن » بالايمان والطاعة « وظالم لنفسه » بالكفر والمعاصي « مبين » بين الظلم. (٤)

١ ـ ن ، ل : القطان ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه

__________________

(١) فعليه وصفه بالعظيم لانه وقع موقع القبول حين قر به هابيل ، أو لانه قتل بسببه هابيل.

(٢) الوعل : تيس الجبل قال البغدادي في المحبر : كان اسم كبش ابراهيم : جرير.

(٣) ثبير كشريف : اسم جبل بمكة.

(٤) مجمع البيان ٨ : ٤٥٢ ـ ٤٥٤. م

١٢٢

قال : سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن معنى قول النبي (ص) : أنا ابن الذبيحين ، قال : يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، وعبدالله بن عبدالمطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشرالله به إبراهيم « فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر » ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت « ستجدني إن شاء الله من الصابرين » فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم بكبش أملح يأكل في سواد ، (١) ويشرب في سواد ، وينظر في سواد ، ويمشي في سواد ، ويبول ويبعر في سواد ، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما ، وما خرج من رحم انثى ، وإنما قال الله عزوجل له : كن فكان ، ليفتدى به إسماعيل ، (٢) فكلما يذبح بمنى فهو فدية لاسماعيل إلى يوم القيامة ، فهذا أحد الذبيحين. (٣)

أقول : ثم ساق الخبر وذكر قصة عبدالله وسيجئ الخبر بتمامه.

ثم قال الصدوق رحمه‌الله : فد اختلفت الروايات في الذبيح ، فمنهاما ورد بأنه إسماعيل ، ومنها ما ورد بأنه إسحاق ، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها ، وكان الذبيح إسماعيل ، لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه فكان يصبر لامر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب ، فعلم الله عزوجل ذلك من قلبه فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك.

وحدثنا بذلك (٤) محمد بن علي بن بشار ، عن المظفر بن أحمد القزويني ، عن محمد بن جعفر الكوفي الاسدي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن عبدالله بن

__________________

(١) في النهاية : فيه : أنه ضحى بكبش يطأفي سواد ، وينظر في سواد ، ويبرك في سواد أى اسود القوائم ، فعليه يكون المراد أن هذه المواضع منه كانت سودا ، وقيل : إن المراد أنه كان مقيما في الحشيش والمرعى ، والخضرة إذا أشبعت مالت إلى السواد ، أو كان ذاظل عظيم لسمنه وعظم جثته بحيث يمشى فيه ويأكل وينظر ويبعر مجازا في السمن.

(٢) في نسخة : ليفدى به اسماعيل.

(٣) عيون الاخبار : ١١٧ ، الخصال ج ١ : ٢٩. م

(٤) لم يذكر العدة في العيون بل قال : وقد أخرجت الخبر في ذلك مسندا في كتاب النبوة. نعم ذكره في الخصال.

١٢٣

داهر ، (١) عن أبى قتادة الحراني ، (٢) عن وكيع ابن الجراح ، عن سليمان بن مهران ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمد (ع).

وقول النبي (ص) : « أنا ابن الذبيحين » يؤيد ذلك ، (٣) لان العم قد سماه الله عزوجل أبا في قوله : « أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق (٤) » وكان إسماعيل عم يعقوب فسماه الله في هذا الموضع أبا ، وقد قال النبي (ص) : « العم والد » فعلى هذا الاصل أيضا يطرد (٥) قول النبي (ص) : « أنا ابن الذبيحين » أحدهما ذبيح بالحقيقة ، والآخر ذبيح بالمجاز ، واستحقاق الثواب على النية والتمني ، فالنبي (ص) هو ابن الذبيحين من وجهين على ما ذكرناه.

وللذبح العظيم وجه آخر : حدثنا ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : لما أمر الله عزوجل إبراهيم أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده ، وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، فأوحى الله عزوجل إليه : يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ فقال : يارب ما خلقت خلقا هو

__________________

(١) بالدال المهملة لعله عبدالله بن داهر بن يحيى بن داهر الرازى أبوسليمان المعروف بالاحمرى المترجم في لسان الميزان ٣ ص ٢٨٢ وفى فهرست النجاشى ص ١٥٨ واسم داهر محمد.

(٢) هو عبدالله بن واقد الحرانى أبوقتادة المتوفى في ٢١٠ كان أصله من خراسان ترجمه ابن حجر في التقريب ص ٢٩٥.

(٣) هكذا في طبعه القديم ، وفى الجديد نقله عن نسخ خطبة هكذا : يريد بذلك العم. قلت أى يريد بأحدهما العم وهو اسحاق وبالاخر الاب وهو اسماعيل ، وقد عرفت قبل ذلك في الخبر الاول خلاف ذلك وهو أن أحدهما جده اسماعيل ، والاخر أبوه عبدالله.

(٤) البقرة : ١٣٣.

(٥) من اطرد الامر أى تبع بعضه بعضا واستقام ، وتماثلت أحكامه.

١٢٤

أحب إلي من حبيبك محمد ، فأوحى الله إليه : أفهو أحب إليك أم نفسك؟ (١) قال بل هو أحب إلي من نفسي ، قال : فولده أحب إليك أم ولدك؟ قال : بل ولده ، قال : فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال : يارب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي ، قال : ياإبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من امة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ، ويستوجبون بذلك سخطي ; فجزع إبراهيم لذلك وتوجع قلبه وأقبل يبكي ، فأوحى الله عزوجل : ياإبراهيم قد فديت جزعك (٢) على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجز عك على الحسين وقتله ، و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، وذلك قول الله عزوجل : « وفديناه بذبح عظيم ». (٣)

أقول : قد روى هذا الخبر في « ن » أيضا. (٤)

٢ ـ فس : أبي ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن إبراهيم أتاه جبرئيل عليه‌السلام عند زوال الشمس من يوم التروية ، فقال : ياإبراهيم ارتو من الماء لك ولاهلك ، ولم يكن بين مكة وعرفات ماء فسميت التروية لذلك ، فذهب به حتى انتهى به إلى منى فصلى به الظهر والعصر والعشائين والفجر حتى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات فنزل بنمرة وهي بطن عرنة ، (٥) فلما زالت الشمس خرج وقد اغتسل فصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وصلى في موضع المسجد الذي بعرفات وقد كانت ثم أحجار بيض فادخلت في المسجد الذي بنى ، ثم مضى به إلى الموقف فقال : يا إبراهيم اعترف بذنبك ، واعرف مناسكك ; ولذلك سميت عرفة ، وأقام به حتى غربت الشمس ،

__________________

(١) في نسخة : أو نفسك.

(٢) في نسخة من المصدر : قد قبلت جزعك.

(٣) الخصال ج ١ : ٣٠ ـ ٣١. م

(٤) عيون الاخبار : ١١٦ ـ ١١٧. م

(٥) بالفتح فالكسر : ناحية بعرفة. وعرنة كهمزة : واد بحذاء عرفات. وقيل : بطن عرنة : مسجد عرفة والمسيل كله.

١٢٥

ثم أفاض به فقال : ياإبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة ، وأتى به المشعر الحرام فصلى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها حتى إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف ، ثم أفاض به إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة ، وعندها ظهر له إبليس ، ثم أمره بالذبح وإن إبراهيم عليه‌السلام حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام وهو قزح (١) فرأى في النوم أن يذبح ابنه ، (٢) وقد كان حج بوالدته (٣) فلما انتهى إلى منى رمى الجمرة (٤) هو وأهله ، وأمر سارة أن زوري البيت ، واحتبس الغلام (٥) فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى فاستشار ابنه وقال كما حكى الله : « يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى » فقال الغلام كما ذكر الله : امض لما أمرك الله به « يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين » وسلما لامر الله (٦) وأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال : اريد أن أذبحه ، فقال : سبحان الله تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين ، فقال إبراهيم : إن الله أمرني بذلك ، فقال : ربك ينهاك عن ذلك ، و إنما أمرك بهذا الشيطان ، فقال له إبراهيم : ويلك إن الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به والكلام الذي وقع في أذني فقال : لا والله ما أمرك بهذا إلا الشيطان ، فقال إبراهيم : لا والله لا اكلمك ، ثم عزم على الذبح فقال : يا إبراهيم إنك إمام يقتدى بك ، وإنك إن ذبحته ذبح الناس أولادهم ، فلم يكلمه وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح فلما أسلما

__________________

(١) في المصدر : وهو فرغ. وفى نسخة : وهو فرح. ولعلها مصحفان. وقزح بالضم فالفتح : القرن الذى يقف الامام عنده بالمزدلفة عن يمين الامام وهو الميقدة وهو الموضع الذى كانت توقد فيه النيران في الجاهلية ، وهو موقف قريش في الجاهلية إذ كانت لا تقف بعرفة ; قاله ياقوت في المعجم. قلت القرن باسكان الراء : الجبل الصغير.

(٢) في نسخة : انه يذبح ابنه.

(٣) في المصدر : بوالدته سارة وأهله. م

(٤) في نسخة : رمى جمرة العقبة.

(٥) في المصدر ونسخة : ومرت سارة إلى البيت واحتبس الغلام ; الا ان في النسخة : وأخذ الغلام.

(٦) في نسخة : وسلمالله الامر.

١٢٦

جميعا لامر الله قال الغلام : ياأبتاه خمر وجهي ، (١) وشد وثاقي ، فقال إبراهيم : يا بني الوثاق مع الذبح؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم ، فرمى له بقرطان الحمار ، ثم أضجعه عليه ، وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع رأسه إلى السماء ، ثم انتحى عليه المدية وقلب جبرئيل المدية على قفاها ، (٢) واجتر الكبش من قبل ثبير وأثار الغلام من تحته ، ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف : « أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين » (٣) قال : ولحق إبليس بام الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها : ما شيخ رأيته؟ قالت : ذاك بعلي ، قال : فوصيف رأيته معه؟ قالت : ذاك ابني ، قال : فإني رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، فقالت : كذبت إن إبراهيم أرحم الناس كيف يذبح ابنه؟! قال : فورب السماء والارض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ، فقالت : ولم؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك ، قالت : فحق له أن يطيع ربه ; فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر ، فلما قضت نسكها (٤) أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وهي واضعة يدها على رأسها تقول : يارب لا تؤاخذني بما عملت بام إسماعيل. قلت : فأين أراد أن يذبحه؟ قال : عند الجمرة الوسطى. قال : ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من السماء وكان يأكل في سواد ، ويمشي في سواد ، أقرن. قلت : ما كان لونه؟ قال : كان أملح أغبر. (٥)

٣ ـ قال : وحدثني أبي ، عن صفوان بن يحيى وحماد ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن سنان عن أبي عبدالله (ع) قال : سألناه عن صاحب الذبح ، فقال : إسماعيل (ع). وروي عن رسول الله (ص) أنه قال : أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل وعبدالله بن عبدالمطلب.

__________________

(١) أى استر وجهى.

(٢) في نسخة : وقلبها جبرئيل على قفاها.

(٣) الاية الاخيرة ليست في المصدر. م

(٤) في نسخة : فلما قضت مناسكها.

(٥) الاغبر : مالونه الغبرة. وفى نسخة : الاعين وهو الذى عظم سواد عينه في سعة.

١٢٧

فهذان الخبران عن الخاص في الذبيح قد اختلفا في إسحاق وإسماعيل ، وقدروت العامة خبرين مختلفين في إسماعيل وإسحاق. (١)

بيان : قوله (ع) : « والكلام الذي وقع في اذني » لعله معطوف على الموصول المتقدم أي الكلام الذي وقع في اذني أمرني بهذا ، فيكون كالتفسير لقوله : الذي بلغني هذا المبلغ ؛ أوالمراد بالاول الرب تعالى ، وبالثاني وحيه ; ويحتمل أن يكون خبرا لمبتدء محذوف ، أي وهو الكلام الذي وقع في اذني. وفي الكافي : ويلك الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بي ماترى. (٢)

وعلى التقادير المراد أن هذا الوحي هو الذي جعلني نبيا ولا أشك فيه. والقرطان : البرزعة وهي الحلس الذي يلقى تحت الرحل. وقال الجوهري : أنحيت على حلقه السكين أي عرضت له. وقال الفيروز آبادي : انتحى : جد ، وفي الشئ : اعتمد. والوصيف كأمير : الخادم والخادمة ، وإنما عبر الملعون هكذا تجاهلا عن أنه ابنه ليكون أبعد عن التهمة. والملحة : بياض يخالطه سواد. والاعين : عظيم العين. وفي بعض النسح « أغبر » ولعله أظهر.

٤ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ; والحسين ابن محمد ، عن عبدويه بن عامر جميعا ، عن البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (ع) مثل مامر في خبر معاوية ، وفيه : ثم انتحى عليه فقلبها جبرئيل عن حلقه فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة ، فقلبها إبراهيم على حدها ، وقلبها جبرئيل على قفاها ، ففعل ذلك مرارا ، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف : ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا ، واجتر الغلام من تحته. وفي آخره : قال : فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر قامت إلى ابنها تنظر فإذا أثر السكين خدوشا في حلقه ، ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت فذكر أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت ام رسول الله عند الجمرة الوسطى ، فلم يزل مضربهم يتوارثونه كابرا عن كابر

__________________

(١) تفسير القمى : ٥٥٧ ـ ٥٥٩ م

(٢) فروع الكافى ١ : ٢٢٢. م

١٢٨

حتى كان آخر من ارتحل منه علي بن الحسين عليه‌السلام في شئ كان بين بني هاشم وبين بني امية فارتحل فضرب بالعرين. (١)

٥ ـ فس : الحسين بن عبدالله السكيني ، عن أبي سعيد البجلي ، عن عبدالملك بن هارون ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه صلوات الله وسلامه عليهم قال : سأل ملك الروم الحسن بن علي (ع) عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم ، فقال عليه‌السلام : أول هذا آدم ، ثم حواء ، ثم كبش إبراهيم ، ثم ناقة الله ، ثم إبليس الملعون ، ثم الحية ، ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن. (٢)

٦ ـ ل : ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليشكري ، عن محمد بن زياد الازدي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن سفيان بن أبي ليلى ، عن الحسن عليه‌السلام مثله. (٣)

٧ ـ ب : محمد بن عبدالحميد ، عن الحسن بن علي بن فضال قال : سأل الحسين بن أسباط أبا الحسن الرضا (ع) ـ وأنا أسمع ـ عن الذبيح إسماعيل أو إسحاق؟ فقال : إسماعيل أما سمعت قول الله تبارك وتعالى : « وبشرناه بإسحق »؟ (٤)

٨ ـ ل ، ع ، ن : سأل الشامي أمير المؤمنين عليه‌السلام عن ستة لو يركضوا في رحم ، فقال : آدم وحواء ، وكبش إبراهيم ، وعصا موسى ، وناقة صالح ، والخفاش الذي عمله عيسى ابن مريم فطار بإذن الله عزوجل. (٥)

٩ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن جعفر بن عنبسة بن عمرو ، عن سليمان ابن يزيد ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي (ع) قال : الذبيح إسماعيل. (٦)

__________________

(١) فروع الكافى ١ : ٢٢٢ ، وفيه اختلافات راجعه. والعرين كامير في المعجم هو

قباب مكة. وفى المجمع : في الحديث : « ارتحل فضرب بالعرين » هو كأمير فناء الدار والبلد ، وعرنة

كهمزة وفى لغة بضمتين : موضع بعرفات وليس من الموقف.

(٢) تفسير القمي : ٥٩٨. وأخرجه المصنف بتمامه في باب مناظرات الحسن والحسين عليهما

السلام راجع ج ١٠ ص ١٢٩ ـ ١٣١.

(٣) الخصال ج ٢ : ٨. م

(٤) قرب الاسناد : ١٧٣. م

(٥) الخصال ج ١ : ١٥٦ ، علل الشرائع : ١٩٨ ، العيون ص ١٣٥ وقد اخرج المصنف

الحديث بتمامه في كتاب الاحتجاجات راجع ج ١٠ : ٧٥ ـ ٨٣.

(٦) امالى الشيخ ص ٢١٥ ـ ٢١٦. م

١٢٩

١٠ ـ ع : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن البزنطي ، عن أبان ابن عثمان قال : قلت لابي عبدالله (ع) : كيف صارالطحال حراما وهو من الذبيحة؟ فقال : إن إبراهيم عليه‌السلام هبط عليه الكبش من ثبير ـ وهو جبل بمكة ـ ليذبحه أتاه إبليس فقال له : أعطني نصيبي من هذا الكبش ، قال : وأي نصيب لك وهو قربان لربي وفداء لابني؟ فأوحى الله عزوجل إليه : إن له فيه نصيبا وهو الطحال ، لانه مجمع الدم ; وحرم الخصيتان لانهما موضع للنكاح ومجرى للنطفة ، فأعطاه إبراهيم عليه‌السلام الطحال والانثيين وهما الخصيتان ، قال : فقلت : فكيف حرم النخاع؟ قال : لانه موضع الماء الدافع من كل ذكر وانثى وهو المخ الطويل الذي يكون في فقار الظهر. (١)

١١ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن داود ابن كثير الرقي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أيهما كان أكبر إسماعيل أو إسحاق؟ وأيهما كان الذبيح؟ فقال : كان إسماعيل أكبر من إسحاق بخمس سنين ، وكان الذبيح إسماعيل ، وكانت مكة منزل إسماعيل ، وإنما أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيام الموسم بمنى. قال : وكان بين بشارة الله لابراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق خمس سنين ، أما تسمع لقول إبراهيم (ع) حيث يقول : « رب هب لي من الصالحين » إنما سأل الله عزوجل أن يرزقه غلاما من الصالحين ، وقال في سورة الصافات : « فبشرناه بغلام حليم » يعني إسماعيل من هاجر ، قال : ففدي إسماعيل بكبش عظيم ، فقال أبوعبدالله (ع) : ثم قال : « وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحق » يعني بذلك إسماعيل قبل البشارة بإسحاق ، فمن زعم أن إسحاق أكبر من إسماعيل وأن الذبيح إسحاق فقد كذب بما أنزل الله عزوجل في القرآن من نبأهما. (٢)

ص : بإسناده إلى الصدوق مثله. (٣)

١٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد ، عن

__________________

(١) علل الشرائع : ١٨٨. م

(٢) معانى الاخبار : ١١١. م

(٣) مخطوط. م

١٣٠

أبي الحسن عليه‌السلام قال : لو علم الله عزوجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل عليه‌السلام. (١)

١٣ ـ كا : علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابه أظنه محمد بن إسماعيل ، عن الرضا (ع) قال : لو خلق الله مضغة هي أطيب من الضأن لفدى بها إسماعيل (ع). (٢)

١٤ ـ كا : بعض أصحابنا ، عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي ، عن سعد بن سعد ، عن الرضا (ع) قال : لو علم الله خيرا من الضأن لفدى به. قال : يعني إسحاق ، (٣) هكذا جاء في الحديث. (٤)

١٥ ـ شى : عن مقرن ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كتب يعقوب إلى عزيز مصر : نحن أهل بيت نبتلي ، فقد ابتلى أبونا إبراهيم بالنار فوقاه الله ، وابتلى أبونا إسحاق بالذبح. (٥)

١٦ ـ شى : عن محمد بن القاسم ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن سارة قالت لابراهيم عليه‌السلام : قد كبرت ، فلو دعوت الله أن يرزقك ولدا فيقر أعيننا فإن الله قد اتخذك خليلا وهو مجيب دعوتك إن شاء الله ، فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما عليما ، فأوحى الله إليه : إني واهب لك غلاما عليما ، ثم أبلوك فيه بالطاعة لي ; قال : قال أبوعبدالله (ع) : فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ، ثم جاءته البشارة من الله بإسماعيل مرة اخرى بعد ثلاث سنين. (٦)

١٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد وابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد قال : سألت أبا جعفر (ع) أين أراد إبراهيم عليه‌السلام أن يذبح ابنه؟ قال : على الجمرة الوسطى ، وسألته عن كبش إبراهيم عليه‌السلام : ما كان لونه؟ وأين نزل؟ فقال : أملح ، وكان أقرن ، و

__________________

(١) فروع الكافى ٢ : ١٦٨. م

(٢) فروع الكافى ٢ : ١٦٧ ـ ١٦٨ وهذا جزء من الحديث. م

(٣) الظاهر أن التفسير من الراوى ، وقد تقدم عن سعد بن سعد راوى الحديث أن الذبيح إسماعيل.

(٤) فروع الكافى ٢ : ١٦٨. م

(٥ و ٦) مخطوط. م

١٣١

نزل من السماء على الجبل الايمن من مسجد منى ، وكان يمشي في سواد ، ويأكل في سواد ، وينظر ويبعر ويبول في سواد. (١)

فوائد لابد من التعرض لها :

الاولى في تعيين الذبيح ، قال الرازي في تفسيره : اختلفوا في أن هذا الذبيح من هو؟ فقيل : إنه إسحاق ، وقيل : إن هذا قول (٢) عمر وعلي والعباس بن عبدالمطلب و ابن مسعود وكعب الاحبار وقتادة وسعيد بن جبير ومسروق وعكرمة والزهري والسدي ومقاتل. وقيل : إنه إسماعيل وهو قول ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن والشعبي ومجاهد والكلبي.

واحتج القائلون بأنه إسماعيل بوجوه

الاول : أن رسول الله (ص) قال : « أنا ابن الذبيحين » وقال له أعرابي : يا ابن الذبيحين فتبسم فسئل عن ذلك فقال : إن عبدالمطلب لماحفر بئر زمزم نذر إن سهل الله (٣) له أمرها ليذبحن أحد ولده ، فخرج السهم على عبدالله فمنعه أخواله وقالوا له : افد ابنك بمائة من الابل ففداه بمائة من الابل ; والذبيح الثاني إسماعيل.

الحجة الثانية : نقل عن الاصمعي أنه قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح فقال : أيا أصمعي أين عقلك؟ ومتى كان إسحاق بمكة ، وإنما كان إسماعيل بمكة ، وهو الذي بنى البيت مع أبيه والنحر بمكة.

الحجة الثالثة : أن الله تعالى وصف إسماعيل بالصبر دون إسحاق في قوله : « و إسمعيل واليسع وذا الكفل كل من الصابرين » وهو صبره على الذبح فوفى به.

الحجة الرابعة : قوله تعالى : « وبشرناه بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب » فنقول : لو كان الذبيح إسحاق لكان الامر بذبحه قبل ظهور يعقوب منه أو بعد ذلك ، والاول باطل لانه تعالى لما بشره بإسحاق وبشر معه بأنه يحصل منه يعقوب ، فقبل ظهور يعقوب منه لم يجز الامر بذبحه وإلا حصل الخلف في قوله : « ومن وراء إسحق يعقوب » والثاني

__________________

(١) فروع الكافى ١ : ٢٢٢. م

(٢) في المصدر : وهذا قول عمر اه. م

(٣) في المصدر : نذر لله لئن سهل اه. م

١٣٢

باطل لان قوله : « فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك » يدل على أن ذلك الابن لما قدر على السعي ووصل إلى حد القدرة على الفعل أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه ، وهذه تنافي وقوع هذه القصة في زمان آخر ، فثبت أنه لا يجوز أن يكون الذبيح هو إسحاق.

الحجة الخامسة : حكى الله تعالى عنه أنه قال : « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » ثم طلب من الله تعالى ولدا ليستأنس به في غربته قال : « رب هب لي من الصالحين » وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد ، لانه لوحصل له ولد واحد لما طلب الولد الواحد لان طلب الحاصل محال ، وقوله : « هب لي من الصالحين » لا يفيد إلا طلب الواحد ، وكلمة من للتبعيض ، وأقل درجات البعضية الواحد ، فكان قوله : « من الصالحين » لا يفيد إلا طلب الولد الواحد ، فثبت أن هذا السؤال لا يحسن إلا عند عدم كل الاولاد فثبت أن هذا السؤال وقع حال طلب الولد الاول ، وأجمع الناس على أن إسماعيل متقدم في الوجود على إسحاق فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء هو إسماعيل. ثم إن الله تعالى ذكر عقيبه قصة الذبح ، فوجب أن يكون الذبيح هو إسماعيل.

الحجة السادسة : الاخبار كثيرة في تعليق قرني الكبش بالكعبة وكان الذبح بمكة ولو كان الذبيح إسحاق لكان الذبح بالشام.

واحتج من قال بأنه إسحاق بأن أول الآية وآخرها يدل على ذلك ، أما أولها فإنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه‌السلام قبل هذه الآية أنه قال : « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » وأجمعوا على أن المراد مهاجرته إلى الشام ، ثم قال : « فبشرناه بغلام حليم » فوجب أن يكون هذا الغلام الحليم قد حصل له في الشام ، وذلك الغلام ليس إلا إسحاق ، ثم قال بعده : « فلما بلغ معه السعي » هو ذلك الغلام الذي حصل في الشام ، فثبت أن مقدمة هذه الآية تدل على أن الذبيح هو إسحاق ; وأما مؤخرة الآية فهي أيضا تدل على ذلك لانه تعالى لما تمم قصة الذبيح قال بعده : « وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين » و معناه أنه بشره بكونه نبيا من الصالحين ، وذكر هذه البشارة عند حكاية تلك القصة يدل على أنه تعالى إنما بشره بهذه النبوة لاجل أنه تحمل الشدائد في قصة الذبح

١٣٣

فثبت لما ذكرنا أن أول الآية وآخرها يدل على أن الذبيح هو إسحاق عليه‌السلام.

الحجة الثانية : ما اشتهر من كتاب يعقوب عليه‌السلام : (١) من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله.

فهذا جملة الكلام في هذا الباب ، وكان الزجاج يقول : الله أعلم أيهما الذبيح.

واعلم أنه يتفرع على ما ذكرناه اختلافهم في موضع الذبح ، فالذين قالوا : الذبيح هو إسماعيل قالوا : كان المذبح بمنى ، والذين قالوا : إنه إسحاق قالوا : هو بالشام ، وقيل بيت المقدس. والله أعلم انتهى. (٢)

وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي قدس الله روحه بعد ذكر القولين : وكلا القولين قد رواه أصحابنا عن أئمتنا عليهم‌السلام إلا أن الاظهر في الروايات أنه إسماعيل. ثم ذكر بعض مامر من الوجوه ثم قال : وحجة من قال : إنه إسحاق أن أهل الكتابين أجمعوا على ذلك ، وجوابه أن إجماعهم ليس بحجة ، وقولهم غير مقبول ، وروى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي (٣) قال : كنت عند عمر بن عبدالعزيز فسألني عن الذبيح ، فقلت : إسماعيل و استدللت بقوله : « وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين » فأرسل إلى رجل بالشام كان يهوديا وأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء اليهود فسأله عمر بن عبدالعزيز عن ذلك وأنا عنده فقال : إسماعيل ، ثم قال : والله يا أمير المؤمنين إن اليهود ليعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أبوكم الذي كان من أمر الله فيه ماكان ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لان إسحاق أبوهم انتهى. (٤)

أقول : لا يخفى ضعف ما احتجوا به على القول الاخير سوى الاخبار الدالة على ذلك لكن يعارضها ماهو أكثر وأصح منها ، ويؤيدها ماذكر من الوجوه أولا وإن كان بعضها لايخلو من وهن ، واشتهار هذا القول بين علماء الشيعة ومحدثيهم في جميع الاعصار.

__________________

(١) في المصدر : من كتاب يعقوب عليه‌السلام إلى يوسف. م

(٢) مفاتيح الغيب ٧ : ١٥٥ ـ ١٥٦. م

(٣) بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى قريظة.

(٤) مجمع البيان ٨ : ٤٥٣. م

١٣٤

وأما الجمع بين الاخبار فيمكن حمل الاخبار الدالة على المذهب الثاني على التقية بأن يكون زمان صدور الخبر هذا القول أشهر بين علماء المخالفين ، ويمكن حمل بعضها على مامر في الخبر من تمني الذبح ، ويمكن الجمع أيضا بالقول بوقوعهما معا إن لم ينعقد إجماع على كون الذبيح أحدهما.

وقال الكليني بعد أن أورد رواية عقبة بن بشير عن أحدهما عليهما‌السلام : إن إبراهيم (ع) أذن في الناس بالحج ، وكان أول من أجابه من أهل اليمن ، قال : وحج إبراهيم عليه‌السلام هو وأهله وولده ; وقال : فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن ههنا كان ذبحه.

وذكر عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبدالله عليهما‌السلام يزعمان أنه إسحاق ، وأما زرارة فزعم أنه إسماعيل. (١)

وغرضه رحمه‌الله من هذا الكلام رفع استبعاد عن كون إسحاق ذبيحا بأن إسحاق كان بالشام ، والذي كان بمكة إسماعيل عليه‌السلام ، فكون إسحاق ذبيحا مستبعد ، فدفع هذا الاستبعاد بأن هذا الخبر يدل على أن إبراهيم عليه‌السلام قد حج مع أهله وولده ، فيمكن أن يكون الامر بذبح إسحاق في هذا الوقت ، ويظهر منه رحمه‌الله أنه في ذلك من المتوقفين. (٢)

وقال الطبرسي رحمه‌الله : ومن قال : إن الذبيح إسماعيل فمنهم محمد بن إسحاق بن بشار ، (٣) وذكر أن إبراهيم كان إذا زار إسماعيل وهاجر حمل على البراق فيغدو من الشام فيقيل بمكة ، ويروح (٤) من مكة فيبيت عند أهله بالشام حتى إذا بلغ السعي اري في

__________________

(١) فروع الكافى ١ : ٢٢١. م

(٢) لا يستفاد منه توقفه قدس‌سره ، لانه ذكر دليل المخالف فقط من دون أن يوعز إلى الخلاف أو الوفاق فيمكن أن يكون قدس‌سره اكتفى بالشهرة أو الاجماع بين الامامية من أنه اسماعيل.

(٣) هكذا في النسخ وهو مصحف والصحيح محمد بن اسحاق بن يسار وهو محمد بن اسحاق بن يسار أبوبكر المطلبى مولاهم المدنى نزيل العراق إماما لمغازى ، أورده الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر والصادق عليهما‌السلام ، وقال : روى عنهما ، وترجمع العامة في كتبهم وبالغوا في الثناء عليه ، وارخ وفاته الشيخ في سنة احدى وخمسين ومائة وابن حجر في سنة ١٥٠.

(٤) يقيل أى ينام في القائلة أى منتصف النهار. يروح أى يذهب في الرواح أى العشى.

١٣٥

المنام أن يذبحه ، فقال له : يا بني خذ الحبل والمدية ثم انطلق بنا إلى هذا الشعب لنحتطب (١) فلما خلا إبراهيم بابنه في شعب ثبير أخبره بما قد ذكره الله عنه ، فقال : ياأبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب ، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح من دمي شئ فتراه امي ، واشحذ شفرتك ، (٢) واسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون علي ، فإن الموت شديد ، فقال له إبراهيم : نعم العون أنت يا بني على أمر الله ; ثم ذكر نحوا مما تقدم ذكره.

وروى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق؟ قال : كان بين البشارتين خمس سنين ، قال الله سبحانه : « فبشرناه بغلام حليم » يعني إسماعيل ، وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد ، ولما ولد لابراهيم إسحاق من سارة وبلغ إسحاق ثلاث سنين أقبل إسماعيل إلى إسحاق وهو في حجر إبراهيم فنحاه وجلس في مجلسه فبصرت به سارة فقالت : يا إبراهيم ينحي ابن هاجر ابني من حجرك ويجلس هو مكانه! لا والله لايجاورني هاجر وابنها في بلادأبدا ، فنحهما عني ، وكان إبراهيم مكرما لسارة يعزها ويعرف حقها ، وذلك أنها كانت من ولد الانبياء وبنت خالته ، فشق ذلك على إبراهيم واغتم لفراق إسماعيل ، فلما كان في الليل أتى إبراهيم آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة ، فأصبح إبراهيم حزينا للرؤيا التي رآها ، فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجرو إسماعيل في ذي الحجة من أرض الشام فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم فبدأ بقواعد البيت الحرام ، فلما رفع قواعده وخرج إلى منى حاجا وقضى نسكه بمنى رجع إلى مكة فطافا بالبيت اسبوعا ثم انطلق إلى السعي ، فلما صارا في المسعى قال إبراهيم لاسماعيل : يا نبي إني أرى في المنام أني أذبحك في الموسم عامي هذا ، فما ذاترى؟ قال : يا أبت افعل ما تؤمر ، فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى وذلك يوم النحر ، فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه

__________________

(١) هذا لايخلو عن غرابة على مذهب الامامية ، وهو بمذهب العامة أشبه ، وقد عرفت أن قائله من العامة وإن كان يروى عن أئمة الشيعة أيضا.

(٢) شحذ الشفرة : أحدها. والشفرة : السكين العظيمة العريضة.

١٣٦

الايسر وأخذ السكين (١) ليذبحه نودي : « أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا » إلى آخره ، و فدي إسماعيل بكبش عظيم فذبحه وتصدق بلحمه على المساكين.

وعن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه سئل عن صاحب الذبح ، قال : هو إسماعيل.

وعن زياد بن سوقة عن أبي جعفر (ع) قال : سألته عن صاحب الذبح فقال : إسماعيل عليه‌السلام انتهى. (٢)

اقول : هذه الاخبار المعتبرة أيضا مصرحة بكون الذبيح إسماعيل ، وسيأتي في كتاب الدعاء وكتاب المزار في تضاعيف الدعوات والزيارات مايدل على ذلك أيضا. (٣)

الثانية في كيفية هذا الامر ورفعه :

قال الرازي : اختلف الناس في أن إبراهيم عليه‌السلام هل كان مأمورا بماذا ، وهذا الاختلاف متفرع على مسألة من مسائل اصول الفقه ، وهي أنه هل يجوز نسخ الحكم قبل حضور مدة الامتثال؟ فقال : أكثر أصحابنا أنه يجوز ، وقالت المعتزلة وكثير من فقهاء الشافعية والحنفية : إنه لايجوز ، فعلى القول الاول إن الله تعالى أمره بالذبح ، وعلى القول الثاني لم يأمره بالذبح وإنما أمره بمقدمات الذبح ، وهذه مسألة شريفة من مسائل باب النسخ ، واحتج أصحابنا على أنه يجوز نسخ الامر قبل مجئ مدة الامتثال بأن الله تعالى أمر إبراهيم (ص) بذبح ولده ، ثم إنه تعالى نسخه عنه قبل إقدامه عليه ، وذلك يفيد المطلوب ; وإنما قلنا إنه تعالى أمره بذبح الولد لوجهين :

الاول : أنه عليه‌السلام قال لولده : « إني أرى في المنام أني أذبحك » فقال الولد : « افعل ما تؤمر » وهذا يدل على أنه عليه‌السلام ما كان مأمورا بمقدمات الذبح بل بنفس الذبح ، ثم إنه أتى بمقدمات الذبح وأدخلها في الوجود ، فحينئذ يكون قد امر بشئ وقد اتى به ، وفي هذا الموضع لا يحتاج إلى الفداء ، لكنه احتاج إلى الفداء بدليل قوله تعالى :

__________________

(١) في نسخة : وأخذ الشفرة.

(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٥٤ ـ ٤٥٥. م

(٣) ومما يؤيد ذلك ماورد أن ام الذبيح اشتكت ومرضت فماتت بعد مارأت أثر السكين في حلق ابنه ، ولاخلاف أن هاجر ماتت بمكة ودفنت في حجر ، وان سارة ماتت بالشام.

١٣٧

« وفديناه بذبح عظيم » فدل هذا على أنه لما أتى بالمأمور به وقد ثبت أنه أتى بكل مقدمات الذبح ، فهذا يدل على أنه تعالى كان قد أمره بنفس الذبح ، فإذا ثبت هذا فنقول : إنه تعالى نسخ ذلك الحكم قبل إثباته ، وذلك يدل على المقصود.

وقالت المعتزلة : لا نسلم أن الله تعالى أمره بذبح الولد ، بل نقول : إنه تعالى أمره بمقدمات الذبح ، ويدل عليه وجوه :

الاول : أنه ما أتى بالذبح وإنما أتى بمقدمات الذبح ، ثم إن الله تعالى أخبر عنه بأنه أتى بما امر به بدليل قوله تعالى : « وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا » وذلك يدل على أنه تعالى إنما أمره في المنام بمقدمات الذبح لا بنفس الذبح ، وتلك المقدمات عبارة عن إضجاعه ووضع السكين على حلقه والعزم الصحيح على الاتيان بذلك الفعل.

الثاني : الذبح عبارة عن قطع الحلقوم ، فلعل إبراهيم عليه‌السلام قطع الحلقوم إلا أنه كلما قطع جزءا أعاده الله التأليف ، فلهذا السبب لم يحصل الموت.

والوجه الثالث : وهو الذي عليه تعويل القوم أنه تعالى لو أمر شخصا معينا بإيقاع فعل معين في وقت معين فهذا يدل على أن إيقاع ذلك الفعل في ذلك الوقت حسن ، فإذا نهي عنه فذلك النهي يدل على أن إيقاع ذلك الفعل في ذلك الوقت قبيح ، فلو حصل هذا النهي عقيب ذلك الامر لزم أحد أمرين ، لانه تعالى إن كان عالما بحال ذلك الفعل لزم أن يقال : أمر بالقبيح أو نهى عن الحسن ، وإن لم يكن عالما به لزم جهل الله تعالى وإنه محال فهذا تمام الكلام في هذا الباب.

والجواب عن الاول أنا قد دللنا على أنه تعالى إنما أمره بالذبح ، أما قوله تعالى : « قد صدقت الرؤيا » فهذا يدل على أنه اعترف بكون ذلك الرؤيا (١) واجب العمل به ، ولا يدل على أنه أتى بكل ما رآه في ذلك المنام.

وأما قوله ثانيا : كلما قطع إبراهيم عليه‌السلام جزءا أعاد الله التأليف إليه فنقول : هذا باطل لان إبراهيم عليه‌السلام لو أتى بكل ما امر به لما احتاج إلى الفداء وحيث احتاج إليه علمنا أنه لم يأت بما امر به.

__________________

(١) في المصدر : تلك الرؤيا. م

١٣٨

وأما قوله ثالثا : إنه يلزم إما الامر بالقبيح وإما الجهل فنقول : هذا بناء على أن الله تعالى لا يأمر إلا بما يكون حسنا في ذاته ، ولا ينهى إلا عما يكون قبيحا في ذاته ، وهذا قولك بناء (١) على تحسين العقل وتقبيحه وهو باطل ، وأيضا إنا نسلم ذلك إلا أنا نقول : لم لا يجوز أن يقال : إنه تعالى الآمر بالشئ تارة يأمر لكون المأمور به حسنا ، وتارة يأمر لاجل أن ذلك الامر يفعل لمصلحة (٢) من المصالح ولو لم يكن المأمور به حسنا ، ألا ترى أن السيد إذا أراد أن يروض عبده فإنه يقول له : إذا جاء يوم الجمعة فافعل الفعل الفلاني ، ويكون ذلك الفعل من الافعال الشاقة ، ويكون مقصود السيد من ذلك الامر ليس أن يأتي ذلك العبد بذلك الفعل بل أن يوطن العبد نفسه على الانقياد والطاعة ، ثم إن السيد إذا علم منه أنه وطن نفسه على الطاعة فقد يزيل عنه ذلك التكليف ، فكذا ههنا ، فلما لم تقيموا الدلالة على فساد هذا الاحتمال لم يتم كلامكم. والله أعلم انتهى. (٣)

اقول : لا ريب في وقوع مثل ذلك الامر الذي رفع قبل وقت الامتثال ، وإنما الخلاف في توجيهه ، فذهبت المعتزلة وأكثر المتكلمين من الامامية إلى أن رفع التكليف قبل الامتثال قرينة دالة على أن الامر لم يكن على ظاهره ، بل كان المراد به أمرا آخر غير ما كان متبادرا منه كما في قصة الذبح ، فإن رفع التكليف به قرينة على أن الامر إنما كان متوجها إلى مقدمات الذبح ، وأما الآخرون فقالوا : إن الامر كان متوجها إلى نفس الذبح لكنه كان مشروطا بعدم النسخ قبل الفعل ، فالفريقان متفقان في أنه قد ظهر بعد ذلك أمر كان المتبادر قبل ذلك خلافه ، وأن ثمرة هذا التكليف ليس إلا العزم وتوطين النفس على الفعل ، وإن الفداء كان لامر قد ظهر عدم تعلق التكليف به ، إما لنسخه وكونه مشروطا بعدم النسخ ، أو لانكشاف أن الامر إنما كان متوجها إلى مقدمات الفعل ، فإذا تأملت فيما ذكرناه يظهر لك أن الاشكالات الموردة في هذا المقام مشتركة

__________________

(١) في المصدر : وهذا بناء. م

(٢) في المصدر : الامر يفيد صحة مصلحة اه. م

(٣) مفاتيح الغيب ٧ : ١٥١ ـ ١٥٢. م

١٣٩

بين الفريقين ، وأن الخلاف في ذلك قليل الجدوى ، وتفصيل القول في ذلك يطلب من مظانه.

الثالثة : قال البيضاوي في قوله تعالى : « فلما بلغ معه السعي » أي فلما وجد وبلغ أن يسعى معه في أعماله ، و « معه » متعلق بمحذوف دل عليه « السعي » لا « به » لان صلة المصدر لا يتقدمه ، ولا ببلغ فإن بلوغهما لم يكن معا انتهى (١)

اقول : قد ظهر من بعض الاخبار السالفة أنه يحتمل أن يكون المراد بالسعي النسك المعروف بين الصفا والمروة ، فلا يحتاج إلى ما تكلفه ، إذ يحتمل تعلقه ببلغ كما لا يخفى.

( باب ٧ )

* ( قصص لوط عليه السلام وقومه ) *

الايات ، الاعراف « ٧ » ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم اناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ٨٠ ـ ٨٤.

هود « ١١ » ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب* وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد*

__________________

(١ ) انوار التنزيل ٢ : ١٣٤ وتمام كلامه هذا : كأنه قال : فلما بلغ السعى ، فقيل مع من؟ فقيل : معه. وتخصيصه لان الاب أكمل في الرفق والاستصلاح له فلايستسعيه قبل أوانه ، أو لانه استوهبه لذلك وكان له يومئذ ثلاث عشرة سنة انتهى. م

١٤٠