منتقى الأصول - ج ٥

السيد عبد الصاحب الحكيم

منتقى الأصول - ج ٥

المؤلف:

السيد عبد الصاحب الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٧

الموصول للمستحبات ، فهو نظير الأمر الواقع عقيب الحظر أو توهمه ، أو النهي الواقع عقيب الأمر أو توهمه ، في عدم إرادة المدلول المطابقي منهما ، بل يراد الكناية عن ارتفاع التحريم في الأول وارتفاع الإيجاب في الثاني. فتدبر.

هذا تمام الكلام في دلالة الروايات على المدعى ، وقد عرفت تقريب دلالتها بأجمعها ، فهي من حيث الدلالة لا كلام فيها.

وأما من حيث السند ، فهي ضعيفة السند ، ولكن ادعي انجبارها بعمل المشهور.

أقول : لو ثبت شهرتها بين القدماء كشهرتها بين المتأخرين حتى قيل ان القاعدة مما يعرفها الأطفال والنسوان ، كان ذلك موجبا لليقين بصحتها ، ولو لم نبن علي انجبار الضعف بعمل المشهور كلية ، إذ التسالم على هذه النصوص يزيد على الشهرة. وبما انه لم يثبت ذلك لدينا ، وهو محتاج إلى مزيد فحص ، فالاحتياط في مواردها مما لا بأس به.

يبقى التنبيه على أمرين :

التنبيه الأول : في عموم القاعدة لتعذر الشرط أو الركن، وفي اختصاصها بصورة القدرة على معظم الأجزاء.

وتحقيق الكلام في ذلك : ان الميسور تارة : يراد به الميسور من المراتب ، بان يكون الشيء ذا مراتب متعددة فيقال ان الميسور من المرتبة لا يسقط بالمعسور منها. وأخرى : يراد به الميسور من الاجزاء. والفرق بين اللحاظين ، انه يعتبر على الأول ان يكون الميسور مصداقا من مصاديق الطبيعة ، وإلا لم يكن من مراتبها.وليس الأمر كذلك على الثاني ، إذ جزء الشيء لا يلزم ان يكون مصداقا له وفردا من أفراده.

ثم إنه ..

٣٠١

تارة : يلتزم بتقدير أمر في قوله : « الميسور لا يسقط بالمعسور » ، فيلتزم ..

إما بإضافة الميسور إلى عنوان : « شيء » ، فيكون المراد ميسور الشيء لا يسقط بمعسوره ، من باب إضافة الصفة إلى الموصوف مع وحدته ، فكأنه قال : « الصلاة الميسورة لا تسقط بالصلاة المعسورة » فيكون المراد بالميسور والمعسور شيئا واحدا.

وإما بتقدير : « من الشيء » بعد الميسور والمعسور ، فيراد : الميسور من الشيء لا يسقط بالمعسور منه ، على ان تكون : « من » تبعيضية ، فيكون المراد من الميسور غير المراد بالمعسور ، فيراد من الميسور اجزاء ومن المعسور اجزاء أخرى ، فلا تسقط الاجزاء الميسورة بواسطة الاجزاء المعسورة من العمل الواحد.

وأخرى : لا يلتزم بالتقدير أصلا ، بل يراد كل ما هو ميسور لا يسقط بسبب ما هو المعسور.

فالاحتمالات المتصورة ثلاثة :

وعلى الاحتمال الأول ، يختص جريان القاعدة بما إذا كان الباقي المقدور مما ينطبق عليه عنوان العمل ، إذ المفروض لحاظه مقسما لليسر والعسر ، فتكون القاعدة مساوقة لبيان الميسور بلحاظ المراتب ، فلا تشمل فاقد الركن إذا فرض تقوّم المسمى به ، كما لا تشمل فاقد المعظم لعدم صدق الصلاة ـ مثلا ـ عليه. كما انها تشمل فاقد الشرط مع صدق المسمى عليه على إشكال يأتي دفعه.

وعلى الاحتمال الثاني ، فيمكن ان يراد بها الميسور من الاجزاء والمراتب.

وعليه فتعم فاقد الركن أو المعظم وان لم يصدق المسمى عليه ، لأنه ميسور من اجزاء العمل ، وان لم يكن من مراتبه.

نعم لا يشمل فاقد الشرط إلا بتصور التبعيض فيه عرفا ، وكون فاقد الشرط وواجده من قبيل الأقل والأكثر والبعض والكل ، وهو على تقديره انما

٣٠٢

يتصور في بعض الشروط كما سننبه عليه.

وعلى الاحتمال الثالث ، تشمل فاقد الركن والمعظم ، إذ هو ميسور في نفسه كما تشمل فاقد الشرط أيضا ، فانه ميسور في نفسه ، فلا يسقط بواسطة المعسور وهو واجد الشرط ، ولا يتوقف ذلك على تصور التبعيض لعدم أخذه فيها.

نعم هنا شيء ، وهو انه قد عرفت ان السقوط لا يصدق إلاّ في مورد يكون للميسور مقتض للثبوت فلا يثبت ، فلا يصدق في مطلق موارد عدم الثبوت. ومن الواضح ان فاقد الشرط بما انه يباين واجد الشرط فلا يكون له مقتض للثبوت ، فلا يصدق سقوط الفاقد على عدم ثبوت الحكم له.

والجواب عن هذا الإشكال : ان الشروط على قسمين ..

فمنها : ما يكون مقوما لذات المشروط ، بحيث يكون الفاقد للشرط مباينا بالمرة لواجد الشرط ، والمصداق الواضح لذلك ما كان مثل الناطقية للحيوان ، فإذا تعذر الحيوان الناطق ، كان الحيوان غير الناطق مغايرا لمتعلق الحكم عرفا.

ومنها : ما لا يكون مقوّما لذات المشروط عرفا ، بل يرى انه من حالاته وزوائده وكمالاته ، نظير الصلاة مع الاستقبال ، فان الصلاة بدون الاستقبال لا تكون مغايرة عرفا للصلاة معه ، بل يرى ان الصلاة بدونه صلاة ناقصة والصلاة معه صلاة وزيادة.

والإشكال المزبور انما يتم في النحو الأول من الشروط لا النحو الثاني ، إذ يقال : ان الصلاة المتعذر فيها الاستقبال ، كان لها مقتض للثبوت لو لا التعذر ، ويشهد لذلك صدق السقوط عرفا في مثل ذلك بلا إشكال أصلا في الموارد العرفية كما لا يخفى على من لاحظها.

التنبيه الثاني : قد عرفت ان موضوع الكلام في الأصل العملي ما إذا لم يكن الدليل الجزئية إطلاق ولم يكن لدليل المأمور به إطلاق ، بل كان كلا الدليلين

٣٠٣

مجملين.

ولا يخفى انه مع تمامية قاعدة الميسور لا مجال للأصل العملي المتقدم.وهذا لا إشكال فيه.

انما الإشكال فيما إذا كان لدليل الجزئية إطلاق يقتضي ثبوتها في حالتي التمكن والتعذر ، نظير قوله : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » ، فهل يتأتى في مثله الالتزام بقاعدة الميسور أو لا؟.

ومنشأ الإشكال هو وجود التنافي بين دليل الجزئية والقاعدة ، لأن مقتضى دليل الجزئية المطلقة هو سقوط الأمر عند التعذر ، ومقتضى القاعدة ثبوت الأمر بالباقي عند التعذر.

وقد يتخيل حكومة القاعدة على دليل الجزئية. ببيان : ان القاعدة ناظرة إلى دليل الجزئية وتفيد تقييدها بحال التمكن ، فتكون حاكمة على أدلة الجزئية ومقدمة عليها. ولكن هذا ممنوع (١) ، فان تفرع قاعدة الميسور على ثبوت الأمر بالمركب ذي الاجزاء مسلم لا يقبل الإنكار.

وهذا لا يلازم سوى انها متفرعة عن الدليل الدال على الأمر بالمركب في الجملة ، فتفيد عدم سقوطه بتعذر بعض اجزائه ، فهي حاكمة عليه.

لكن دليل الجزئية المطلقة ـ مثل لا صلاة إلا بطهور ـ أيضا حاكم على دليل الأمر بالصلاة ، ويفيد سقوطه بتعذر الطهور ، ولا حكومة لقاعدة الميسور عليه لعدم تعرضها بمدلولها إليه وعدم تفرعها عليه ، بل هما متعارضان بلحاظ المدلول الالتزامي لكل منهما ومنافاته للمدلول المطابقي للآخر ، فدليل الجزئية يثبت الجزئية المطلقة ولازمه سقوط الأمر بالمركب عند تعذره. وقاعدة الميسور

__________________

(١) ذكر السيد الأستاذ دام ظله في مجلس البحث وجها آخر للمنع لكنه صار محلا للإشكال والرد والبدل ، وبعد المذاكرات المتعددة اختار هذا الوجه وان لم يظهر منه العدول عن ذلك الوجه لكنه لا يبعد ذلك ولأجل ذلك لم نذكره هاهنا. ( منه عفي عنه ).

٣٠٤

تثبت عدم السقوط عند التعذر ولازمه الجزئية المقيدة. بل يمكن ان يقال : انهما متعارضان بلحاظ مدلولهما المطابقي في مثل : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب أو بطهور » ، إذ المدلول المطابقي لهذا الدليل هو سقوط الأمر وعدم ثبوته بدون الفاتحة ، وهو ينافي مدلول القاعدة رأسا.

وبالجملة : هما متعارضان بلا حكومة لأحدهما على الآخر لعدم تفرع أحدهما عن الآخر فلاحظ ولا تغفل.

ثم ان الشيخ رحمه‌الله بعد تمامية القاعدة تعرض إلى ذكر فرعين من فروع قاعدة الميسور (١) :

الفرع الأول : ما لو دار الأمر بين ترك الجزء وترك الشرط ، فهل يتعين ترك الشرط أو يتخير بينهما؟.

والّذي يظهر من الشيخ فرض المورد من موارد القاعدة ولزوم الإتيان بالباقي ، وانما يدور الأمر بين ترك الجزء أو ترك الشرط.

ولكن يخطر في الذهن إشكال في ذلك سواء في ذلك دوران الأمر بين ترك الجزء أو الشرط ، أو دورانه بين ترك أحد جزءين.

وذلك ، لأن كل جزء جزء مقدور في نفسه فلا يقال انه معسور ، وما هو المعسور ـ وهو الجمع بينهما ـ ليس متعلق الحكم الشرعي ، وظاهر النص إرادة المعسور مما كان متعلقا للحكم الشرعي ، فرواية : « الميسور لا يسقط بالمعسور » لا تشمل هذا المورد ، ومثلها رواية : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » ، لأن كلا من الجزءين في حد نفسه متعلق الاستطاعة.

نعم ، رواية : « ما لا يدرك كله » تشمل هذا الفرض.

وكيف كان ، فمع الغض عن هذا الإشكال الصناعي ، فيرد على الشيخ

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٩٦ ـ الطبعة الأولى.

٣٠٥

رحمه‌الله :

أولا : ان المورد ليس من موارد التزاحم كي تلاحظ فيه الأهمية ، بل من موارد التعارض لما تقدم من ان موارد تزاحم الواجبات الضمنية خارجة عن أحكام التزاحم ، بل هي من موارد التعارض. فراجع.

وثانيا : انه لو فرض ان المورد من موارد التزاحم ، فالالتزام بتقديم الجزء على الشرط بقول مطلق ليس كما ينبغي ، إذ قد يكون من الشروط ما هو أهم بنظر الشارع والعرف من بعض الاجزاء ، فالكلية ممنوعة.

واما ما ذكره من التعليل العرفي من ان فوات الوصف أولى من فوات الموصوف ، فهو أجنبي عما نحن فيه ، لأنه يرتبط بما إذا دار الأمر بين الشرط والمركب بتمامه ، والعمل العرفي غالبا على تقديم ترك الشرط لأنه مفقود على كل حال ، وذلك نظير دوران الأمر بين تحصيل دار مبنية بالإسمنت لا الطابوق وبين عدم الدار بالمرة ، فان البناء العرفي على القناعة بفاقد الشرط ، وما نحن فيه دوران الأمر بين ترك الشرط وترك الجزء ، نظير ما لو دار الأمر بين دار من الإسمنت ذات ست غرف ودار من الطابوق ذات خمس غرف. ولم يثبت من العرف تقديم الأولى على الثانية. فانتبه.

الفرع الثاني : ما لو كان للكل بدل اضطراري كالتيمم في باب الوضوء ، فهل يقدّم على العمل الناقص ، أو يقدّم الناقص عليه؟.

ذكر الشيخ في وجه الأول : ان مقتضى البدلية كونه بدلا عن التام في جميع آثاره ، فيقدّم على الناقص كما يقدّم التام عليه.

وذكر في وجه الثاني : ان البدل انما يجب عند تعذر التام ، والناقص بمقتضى قاعدة الميسور تام لانتفاء جزئية المفقود فيقدّم على البدل.

أقول : في كلا الوجهين ما لا يخفى ، فان دليل التيمم ليس فيه لعنوان البدلية عين ولا أثر كي يتمسك بإطلاقه بلحاظه في ترتيب جميع الآثار. كما ان

٣٠٦

قاعدة الميسور لا تفيد ان الميسور تام كالواجد ، بل غاية ما تفيد تعلق الأمر به لا غير.

فالتحقيق ان يقال : ان دليل التيمم ..

تارة : يكون مفاده تشريع التيمم عند تعذر المرتبة العليا التامة للوضوء.

وأخرى : يكون مفاده تشريع التيمم عند تعذر الوضوء بجميع مراتبه المأمور بها. وبعبارة أخرى : يفيد مشروعية التيمم عند تعذر الوضوء المشروع ، وما هو الوظيفة الفعلية للمكلف لو لا التعذر.

فعلى الثاني : تكون قاعدة الميسور حاكمة على دليل التيمم ، لأنها تتكفل تشريع الوضوء وتوظيف المكلف به فعلا ، فيرتفع موضوع مشروعية التيمم.

وعلى الأول : يتصادم دليل التيمم مع قاعدة الميسور ، إذ دليل التيمم يثبت مشروعية التيمم عند تعذر الوضوء التام ، وقاعدة الميسور تثبت مشروعية الوضوء الناقص ، وبما انه يعلم بعدم مشروعية الجمع بينهما ، إذ الطهارة إذا حصلت بأحدهما لا مجال لتحصيلها بالآخر يتحقق التصادم.

وعلاج التعارض هو الالتزام بالتخيير ، وذلك لأن منشأ التصادم هو ظهور إطلاق الدليلين في مشروعية كل منهما بنحو التعيين ، ومقتضى تعارض الإطلاقين هو تساقطهما ، فيرتفع اليد عن ظهور كل من الدليلين في التعيين ، وينحفظ على ظهور كل منهما في أصل المشروعية والوجوب. ونتيجة ذلك هو التخيير بينهما.

فتدبر. هذا تمام الكلام في قاعدة الميسور بشئونها (١).

التنبيه الثالث : في دوران الشيء بين كونه شرطا وكونه مانعا، أو دورانه بين كونه جزء أو زيادة مبطلة. وقد تعرض صاحب الكفاية للكلام فيه هنا. وبما أنه قد تقدم منا البحث فيه في مبحث دوران الأمر بين محذورين فلا نعيد. فراجع البحث هناك.

__________________

(١) تم البحث في يوم الخميس ١٣ ـ ٦ ـ ٩١.

٣٠٧
٣٠٨

فصل : في دوران الأمر بين المحذورين

في دوران الأمر بين الواجب والحرام ، بان كان هناك فعل واجب وفعل حرام واشتبه أحدهما بالآخر. فهو يعلم إجمالا بوجوب أحد الفعلين ، كما انه يعلم إجمالا بحرمة أحدهما. وفي الوقت نفسه يدور أمر كل فعل منهما بين محذورين ، فيعلم المكلف بأنه إما واجب أو حرام.

وقد ذهب الشيخ رحمه‌الله إلى لزوم الإتيان بأحدهما وترك الآخر بنحو التخيير ، لأن الموافقة القطعية لأحد العلمين تستلزم المخالفة القطعية للآخر ، فيتعين الموافقة الاحتمالية لكل منهما ، لأنها أولى من الموافقة القطعية لأحدهما والمخالفة القطعية للآخر. وذكر ان منشأه ان الاحتياط لدفع الضرر المحتمل لا يحسن بارتكاب الضرر المقطوع (١).

وقد وافق المحقق النائيني رحمه‌الله الشيخ قدس‌سره في الالتزام بتنجيز العلم الإجمالي في المورد ، لكنه خالفه في الحكم بالتخيير مطلقا ، فذكر : انه لا يخلو عن إشكال ، بل لا بد من ملاحظة مرجحات باب التزاحم ، فتقدم الموافقة القطعية للأهم منهما ملاكا وان استلزم ذلك المخالفة القطعية للآخر ، لأن

__________________

(١) الأنصاري المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٩٨ ـ الطبعة الأولى.

٣٠٩

المورد من صغريات باب التزاحم ، وإن كان يختلف التزاحم هنا عن التزاحم في موارده المعروفة ، فان التزاحم فيها يرجع إلى عدم القدرة على الجمع بين المتعلقين ، والتزاحم هنا يرجع إلى ناحية تأثير العلم الإجمالي ، لأن العلم الإجمالي يقتضي تنجيز التكليف وتأثيره في لزوم القطع بامتثاله ، وبما انه لا يمكن تحصيل القطع بالموافقة بالنسبة إلى كلا العلمين ـ هنا ـ ، فلا محالة يقع التزاحم في تأثير العلم في وجوب الموافقة القطعية ، فيقدم الأقوى ملاكا بلحاظ متعلقه ويسقط الآخر عن التأثير. والنوبة إلى التخيير الّذي ذكره لا تصل إلا عند فرض عدم الأهمية لأحد الحكمين على الآخر (١).

أقول : لا بد من البحث في جهات :

الجهة الأولى : في الفرق بين هذا المقام وبين مورد دوران الأمر بين محذورين في الوقائع المتعددة.

بيان ذلك : انه قد تقدم (٢) في دوران الأمر بين محذورين البحث في التخيير البدوي أو الاستمراري مع تعدد الواقعة ، وقد مرّ هناك انه كما يوجد علم إجمالي بحرمة أو وجوب كل من الواقعتين كذلك يوجد علم إجمالي بحرمة هذه الواقعة أو وجوب تلك الواقعة ، وعلم إجمالي بوجوب هذه الواقعة أو حرمة تلك الواقعة ، وهذان العلمان الإجماليان المنعقدان بلحاظ تعدد الواقعة مما لا يمكن موافقتهما القطعية معا ، بل الموافقة القطعية لأحدهما مستلزمة للمخالفة القطعية للآخر ، ولأجل ذلك يدور الأمر بين ترجيح أحد العلمين أو الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية لكل منهما ونتيجته التخيير البدوي.

ولا يخفى ان هذا المقام يشابه ما نحن فيه ـ أعني : دوران الأمر بين

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٢٦٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) راجع ٥ ـ ٣٢ من هذا الكتاب.

٣١٠

الواجب والحرام ـ من حيث تعدد العلم الإجمالي وعدم التمكن من الموافقة القطعية لكل منهما.

والمحقق النائيني رحمه‌الله في ذلك اختار التخيير الاستمراري ، لأجل عدم منجزية العلم الإجمالي ، فلا مانع من المخالفة القطعية (١). وهاهنا التزم بمنجزية العلم وان اختلف مع الشيخ في تقديم الأهم.

فلا بد من معرفة جهة الفرق وانها صالحة للتفريق بين المقامين أو لا؟.

وقد أفاد المحقق النائيني في مقام بيان عدم تنجيز العلم الإجمالي في الوقائع المتعددة لدوران الأمر بين محذورين ما يمكن إرجاعه إلى ما أوضحه المحقق الأصفهاني ـ في ذلك المبحث ـ من : ان العلم لا ينجز سوى طرفه مع القدرة على امتثاله. ومن الواضح ان لدينا تكاليف متعددة بتعدد الوقائع ، فهناك علوم متعددة في الوقائع المتعددة ، وكل علم لا ينجز سوى طرفه ، والمفروض ان كل علم بلحاظ كل واقعة غير منجز لدورانه بين محذورين ، وانضمام العلوم المتعددة بعضها إلى بعض لا يوجب علما آخر بتكليف آخر. نعم ينتزع من انضمام الوقائع تكليف انتزاعي يتصور فيه المخالفة القطعية ، فليس هناك تكليف مجعول غير التكليف في كل واقعة المفروض عدم تنجزه (٢).

وبالجملة : العلم الإجمالي بالتكليف المردد بين الواقعتين ناشئ من العلم الإجمالي الموجود في كل واقعة بحيالها ، وهو غير منجز على الفرض. فلا يكون العلم الإجمالي بالتكليف المردد منجزا ، لأنه ليس تكليفا آخر وراء التكليف الموجود في كل واقعة.

وهذا البيان لا يتأتى هاهنا ، إذ العلم الإجمالي متعلق أولا بوجوب أحد

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٤٥٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٣٦ ـ الطبعة الأولى.

٣١١

الأمرين وبحرمة أحدهما. وكل منهما قابل للتنجيز في نفسه ، ويتصور فيه المخالفة القطعية. والعلم الإجمالي بدوران كل فعل بين الوجوب والحرمة لا أثر له لأنه ناشئ من انضمام العلمين المزبورين أحدهما إلى الآخر ، فلا يضر بتنجيزهما.

فحاصل الفرق بين الموردين : ان العلم الإجمالي المردد بين الواقعتين ـ هناك ـ متفرع عن العلم الإجمالي بالوجوب أو الحرمة في كل واقعة المفروض عدم تنجيزه.

وهاهنا الأمر بالعكس ، فان العلم بوجوب أو حرمة كل من الفعلين من فروع العلم الإجمالي المردد بين الواقعتين والفعلين ، وقد عرفت قابليته للتنجيز في نفسه.

هذا غاية ما يمكن أن يوجّه به الفرق بين الموردين. لكنك عرفت فيما تقدم الإشكال فيما أفاده المحقق الأصفهاني. وان عدم تنجيز التكليف بالعلم الإجمالي بلحاظ كل واقعة بحيالها لا ينافي حدوث علم إجمالي حقيقي آخر يستلزم تنجيز التكليف بلحاظ تعدد الواقعة ، فراجع ما ذكرناه هناك ، ولو لا ذلك لتأتي نفس البيان هاهنا ، فان كل فعل في نفسه واقعة لها تكليفها الخاصّ ، والعلم الإجمالي بلحاظ غير منجز ، لأن الأمر يدور بين محذورين ، وضم أحد الفعلين إلى الآخر وان استلزم حدوث علم إجمالي آخر ، لكنه لا ينفع في التنجيز بعد ان كان التكليف في كل واقعة بحيالها غير منجز.

وبالجملة : ظهر مما ذكرنا انه لا فرق في التنجيز بين المقامين ، وان الالتزام به هاهنا وعدم الالتزام به هناك بلا موجب.

ثم إنه قد جاء في تقريرات المرحوم الكاظمي في مقام بيان عدم منجزية العلم الإجمالي في دوران الأمر بين محذورين مع تعدد الواقعة التعبير : بتفرع وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية عقلا عن تنجز التكليف

٣١٢

عقلا (١).

وهذا لا يخلو من مسامحة ، إذ الأمر بالعكس ، فان الحكم بالمنجزية يرجع إلى الحكم باستحقاق العقاب على المخالفة ، وهذا متفرع عن الحكم عقلا بقبح المخالفة القطعية ولزوم الموافقة القطعية ، ويتضح ذلك بمراجعة أول مباحث القطع. فراجع تعرف والأمر سهل.

الجهة الثانية : قد عرفت عدم الفرق بين محل الكلام وبين دوران الأمر بين محذورين مع تعدد الواقعة من حيث تنجز العلم الإجمالي ، لكن هناك فرقا من جهة أخرى وهي : عدم تأتي التقييد الّذي ذكره المحقق النائيني في محل الكلام ـ عدم تأتيه ـ في ذلك المورد ، وهو ما أفاده قدس‌سره من : انه إذا كان أحد التكليفين المعلومين بالإجمال هاهنا أهم من الآخر لزم موافقته القطعية ولو استلزم ذلك المخالفة القطعية للآخر (٢).

فان هذا المعنى لا يتأتى ـ صغرويا ـ في مورد دوران الأمر بين محذورين.

وذلك لعدم تصور أهمية متعلق أحد العلمين من الآخر ، إذ ما هو متعلق كل علم من التكليف المردد بين وجوب إحدى الواقعتين وحرمة الأخرى هو نفسه متعلق العلم الآخر مع تبديل ظرف متعلق الحكم. فالوجوب والحرمة في قولنا : « يعلم إجمالا بحرمة الجلوس يوم الجمعة أو وجوبه يوم السبت » هما أنفسهما في قولنا : « يعلم إجمالا بوجوب الجلوس يوم الجمعة أو حرمته يوم السبت ». وانما اختلف ظرف المتعلق وزمانه ، لأنه ليس لدينا إلا حكم واحد مردد بين الطرفين.

وعليه ، فلا معنى لدعوى أهمية المتعلق في أحدهما ، لكي يدعى تقدمه في مقام التأثير.

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٤٥٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٢٦٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

٣١٣

وهذا بخلاف ما نحن فيه مما كان هناك حكمان ثابتان لا يعرف متعلقهما. فالتفت ولا تغفل.

الجهة الثالثة : في حكم دوران الأمر بين الواجب والحرام على تقدير عدم أهمية أحدهما.

وقد عرفت ان الشيخ ذهب إلى لزوم الاقتصار على الموافقة الاحتمالية في كل منهما وعدم جواز الموافقة القطعية لأحدهما لاستلزامها المخالفة القطعية للآخر ، ولا يحسن دفع الضرر المحتمل بالوقوع في الضرر المقطوع.

وهذا التعليل بظاهره لا يخلو من خدش ، إذ المراد بالضرر هو العقاب ، ومن الواضح انه بحكم العقل المتفرع على حرمة المخالفة القطعية ، فإذا فرض انه يحكم بجواز الموافقة القطعية لأحدهما وان استلزمت المخالفة القطعية للآخر ، فمقتضاه انه لا يرى حسن العقاب على المخالفة القطعية فلا ضرر أصلا.

فلا معنى لتعليل حرمة المخالفة القطعية هنا بأنه ارتكاب للضرر المقطوع ، إذ القطع بالضرر من توابع الحكم بالحرمة ومتفرعاته فالتفت ولا تغفل.

ويمكن توجيه كلامه : بان المراد من الضرر ليس هو العقاب ، بل المراد المفسدة الواقعية التي يحكم العقل بلزوم التحرز عنها ، أو نحوها مما له وجود واقعي مع قطع النّظر عن التنجيز ، فإذا دار الأمر بين دفع الضرر المحتمل ـ بهذا المعنى ـ أو الضرر المقطوع ، قدّم الثاني بنظر العقل. وبعبارة أخرى : ان كلا من الموافقة القطعية وعدم المخالفة القطعية لازم بنظر العقل بأي ملاك كان ، مع قطع النّظر عن المزاحمة. فكلّ من العلمين تلزم موافقته قطعا وتحرم مخالفته قطعا مع قطع النّظر عن التزاحم. إذن فهناك ملزم عقلي يستلزم حكم العقل بدفع احتمال عدم الموافقة ، ويستلزم حكما العقل لعدم المخالفة. فإذا دار الأمر بينهما في مقام ـ كما فيما نحن فيه ـ كان الترجيح لعدم المخالفة على تحصيل الموافقة ، لأن ما يستلزم تحصيل الموافقة القطعية لا يستلزمها مع حصول المخالفة القطعية.

٣١٤

هذا توضيح ما أفاده الشيخ. وقد مرّ في مبحث دوران الأمر بين محذورين بيان رجحان دفع المخالفة القطعية على تحصيل الموافقة القطعية عند دوران الأمر بينهما ، بوجهين. فراجع.

هذا تمام الكلام في مباحث قاعدتي البراءة والاشتغال ويبقى مبحث واحد في شرائط العمل بالأصول العملية ذكره الاعلام بعنوان الخاتمة (١).

__________________

(١) كما في كفاية الأصول ـ ٣٧٤ ، وفوائد الأصول ٤ ـ ٢٦٤ ، ومصباح الأصول ١ ـ ٤٨٨. ، ونهاية الأفكار ٣ ـ ٤٦١ القسم الثاني ، وفرائد الأصول ـ ٢٩٨.

٣١٥
٣١٦

« خاتمة : في شرائط الأصول »

والكلام يقع في مقامات :

المقام الأول : في الاحتياط.

وقد ذكر صاحب الكفاية ـ تبعا لمن تقدمه وتبعه من تأخر عنه ـ : انه لا يعتبر في حسن الاحتياط شيء أصلا ، بل هو حسن على كل حال بلا تفاوت بين الموارد ولا استثناء.

نعم إذا كان مستلزما لاختلال النظام لم يكن حسنا ، ولعل منه الاحتياط في باب الطهارة والنجاسة لندرة حصول العلم الجزمي بالطهارة فيما هو محل الابتلاء من المأكول والملبوس ونحوهما (١).

ثم انه وقع الكلام في الاحتياط في العبادات مع التمكن من العلم لا من جهة حسنه كبرويا ، بل من جهة الإشكال في تحققه صغرويا فيها. فالإشكال في الاحتياط في العبادة صغروي لا كبروي.

وقد تقدم بعض الكلام في ذلك في أواخر مباحث القطع (٢).

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٧٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) راجع ٤ ـ ١٢٧ من هذا الكتاب.

٣١٧

ونتكلم الآن فيما أفاده المحقق النائيني رحمه‌الله من الإشكال في الاحتياط ، وما يدور حوله من كلام ونقض وإبرام.

فقد تعرض قدس‌سره أولا لبيان شبهة شبهة تحوم حول الاحتياط في العبادة ، وهي : شبهة لزوم قصد الوجه في العبادة ، ومع الإتيان بالعبادة بعنوان الاحتياط لا يتحقق قصد الوجه فيختل العمل ، فلا بد من الفحص وتحصيل العلم ليتحقق قصد الوجه لأنه يتوقف على العلم بوجه الأمر من وجوب أو استحباب. ودفعها :

أولا : بالقطع بعدم دخل قصد الوجه في تحقق الامتثال والطاعة ، بل يكفى مجرد العلم بالأمر وقصده بلا لزوم قصد وجهه من وجوب أو استحباب.

وثانيا : بأنه لا أثر لاعتبار قصد الوجه في الاخبار التي بأيدينا ، مع انها من الأمور العامة البلوى ، مع غفلة عموم الناس عن دخله في العبادية ، وليست من الأمور الارتكازية عند العموم كي يصح للشارع الاعتماد على ارتكاز العامة ، فلو كان معتبرا للزم تنبيه الشارع وتأكيده عليه ، فحيث لم يثبت ذلك أصلا كان ذلك دليلا على عدم اعتباره.

ثم ذكر : انه لو تنزل عن دعوى القطع بعدم اعتبار قصد الوجه ، فلا أقل من الشك فيه ، فتجري أصالة البراءة فيه ، لأنه مما يمكن أخذه في متعلق الأمر بنحو نتيجة التقييد ، فيكون اعتباره بيد الشارع ، فيصح إجراء البراءة فيه. خلافا للشيخ حيث التزم بالاشتغال مع الشك بدعوى انه ليس من قيود متعلق الأمر (١).

ودعوى احتمال دخل قصد الوجه في حصول الطاعة عقلا ، بحيث لا تتحقق بدونه.

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٢٦٨ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

٣١٨

تندفع : بأنه ليس من وظيفة العقل اعتبار شيء في حسن الطاعة والامتثال ، بل هو وظيفة الشارع ، والمرجع عند الشك فيه هو البراءة.

وبعد ان تعرض لما عرفت ذكر : انه يعتبر في حسن الاحتياط عقلا عدم التمكن من إزالة الشبهة. بتقريب : ان مراتب الامتثال عقلا أربعة : الأولى : الامتثال التفصيليّ. الثانية : الامتثال الإجمالي. الثالثة : الامتثال الظني. الرابعة :الامتثال الاحتمالي. وهذه المراتب مترتبة عقلا ، فلا يجوز الانتقال إلى المرتبة اللاحقة إلا بعد تعذر المرتبة السابقة.

وقد علّل تقدم المرتبة الأولى : بان المعتبر في العبادة قصد الإطاعة ، وهي كون إرادة العبد تابعة لإرادة المولى وانبعاث العبد عن بعث المولى ، وهذا يتوقف على العلم بالأمر ، والانبعاث عن الأمر المحتمل ليس انبعاثا عن الأمر حقيقة.

نعم الانبعاث عن البعث المحتمل مرتبة من العبودية ونحو من الطاعة ، لكن لا يكون حسنا إلا عند عدم التمكن من الانبعاث عن الأمر المعلوم.

وذكر بعد ذلك : انه على تقدير الشك في ذلك وانتهاء الأمر إلى الأصول العملية ، فالمرجع قاعدة الاشتغال لا البراءة ، لأن الأمر يدور بين التعيين والتخيير ، والأصل يقتضي التعيين. ولا جامع بين الامتثال التفصيليّ والاحتمالي كي يجري فيه حكم الشك بين الأقل والأكثر ، بل حكم الشك فيه حكم الشك بين المتباينين.

ولأجل التزامه بتقدم رتبة الامتثال التفصيليّ على الامتثال الاحتمالي ، ذهب إلى : انه في مورد توقف الاحتياط على التكرار إذا قامت الحجة الشرعية المعتبرة على تعيين الواجب في أحد المحتملين ، فطريقة الاحتياط ان يأتي أولا بما قامت عليه الحجة ثم يأتي بالمحتمل الآخر ، ولا يجوز له العكس ، لأنه مع التمكن من الامتثال التفصيليّ بواسطة الحجة لا يحسن له الامتثال الاحتمالي.

كما علّله بوجه آخر ، وهو : ان مؤدى دليل اعتبار الأمارة هو إلغاء احتمال

٣١٩

الخلاف ، والإتيان بالمحتمل الآخر أولا بداعي الأمر المحتمل ينافي ذلك ، لأنه اعتناء باحتمال الخلاف. هذا ملخص ما أفاده قدس‌سره في هذا المقام (١).

ولا بد من تنقيح جهات عديدة في كلامه :

إحداها : الفرق بين الامتثال التفصيليّ وقصد الوجه ، حيث نفي دخالة العقل في الحكم باعتبار قصد الوجه في الطاعة وانه من وظائف الشارع ، مع التزامه بحكم العقل باعتبار الامتثال التفصيليّ في الطاعة ، لأنه إذا فرض ان تشخيص ما يعتبر في الطاعة بيد الشارع فكيف انعكس الأمر في الامتثال التفصيليّ؟!.

الثانية : حكمه بالاشتغال مع وصول النوبة للشك في اعتبار الامتثال التفصيليّ لأجل دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، إذ قد يورد عليه : بان الجامع بين الامتثال التفصيليّ والاحتمالي موجود وهو طبيعي الامتثال ، والشك في خصوصية زائدة ، فالمرجع هو البراءة.

الثالثة : ما ذكره من لزوم تقديم المحتمل الّذي قامت عليه الحجة الشرعية على المحتمل الآخر وعدم جواز العكس ، فانه فيه شبهة ، بل المقرر نفسه توقف فيه.

وتحقيق الكلام في ذلك يقتضي أولا بيان مراد المحقق النائيني ودليله ، فان ما جاء في التقريرات في مقام بيان مراده أشبه بالدعوى المصادرة التي لم يذكر لها دليل ، ولعل كثيرا من الإيرادات عليه ناشئ من عدم تشخيص مراده كما سيتضح إن شاء الله تعالى.

فنقول : قد تكرر في الكلمات أخذ داعي الأمر في العبادة ، وانه يعتبر فيها الإتيان بها بداعي الأمر. وهذا التعبير لا يخلو من مسامحة ، وذلك لأن الداعي

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٢٦٩ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

٣٢٠