الزّواج الموقّت في الإسلام

السيد جعفر مرتضى العاملي

الزّواج الموقّت في الإسلام

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : الحديث وعلومه
المطبعة: الحكمة
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

« عن الربيع بن سبرة الجهني ، عن أبيه سبرة ، أنه قال : أذن لنا رسول الله (ص) بالمتعة ؛ فانطلقت أنا ورجل الى امرأة من بني عامر ، كأنها بكرة عيطاء ؛ فعرضنا عليها أنفسنا ؛ فقالت : ما تعطى ؟ فقلت : ردائي. وقال صاحبي : ردائي. وكان رداء صاحبي أجود من ردائي ، وكنت أشب منه ؛ فاذا نظرت الى رداء صاحبي أعجبها ، واذا نظرت الى أعجبتها ..

ثم قالت : أنت ورد اؤك يكفيني ؛ فمكثت معها ثلاثاً ، ثم ان رسول الله (ص) قال : من كان عنده شيىء من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها ».

هذا واحد من النصوص التي لهذه الرواية أورده مسلم في صحيحه هو وغيره ، وقد اخترناه على غيره لاخصريته ، وتجده في كثير من كتب الحديث والرواية ، كسنن البيهقي ، ومسند أحمد ، وغير ذلك ..

ونحن ـ بالاضافة الى ما تقدم والى : انهم يقولون : ان المسلمين لم يكونوا بحاجة الى النساء في غزوة الفتح ؛ لانهم حجوا مع نسائهم ، كا يقولون ؛ فلا يصح القول بان الاباحة كنت للضرورة حينئذ ... نشير الى :

أ ـ قال ابن الفيم : « .. الناس في هذا طائفتان : طائفة تقول : ان عمر هو الذي حرمها ، ونهى عنها ، وقد أمر رسول الله (ص) باتباع ما

٦١

سنة الخلفاء الراشدون. (١) ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح ؛ فانه من رواية عبدالملك بن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، عن جده ؛ وقد تكلم فيه ابن معين ؛ ولم ير البخاري اخراج حديثه في صحيحه ؛ مع شدة الحاجة اليه (!!) وكونه أصلا من أصول الاسلام (!!) ولو صح عنده لم يصبر عن اخراجه ، والاحتجاج به.

قالوا : ولو صح حديث سبرة ، لم يخف على ابن مسعود ، حتى يروى أنهم فعلوها ، ويحتج بالآية ..

وأيضاً .. ولو صح لم يقل عمر : انها كانت على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنها ، وأعاقب عليها ، بل كان يقول : انه (ص) حرمها ، و نهى عنها ..

قالوا : ولو صح لم تفعل على عهد الصديق ، وهو عهد خلافة النبوة

__________________

(١) قد علق العلامة الاميني في الغدير ج ٣ ص ٣٢٦ ـ ٣٣٣ هنا بما حاصله : انه بعد أن ذكر ما يوجب الشك في صحة هذا الحديث ، قال : انه لو صح فلابد وأن يكون المراد به خلفاؤه الاثنا عشر ، الذين تواتر الحديث عنه حولهم ، ونص مرات ومرات على اسمائهم ، وهم الذين أولهم على ، وآخرهم المهدي .. اذ لو كان المراد مطلق من صار خليفة لم يستقم الحديث ، سيما بملاحظة ان بعضهم كان يستعين بغيره في معرفة الاحكام الشرعية ، بل لقد أجمعت الامة على مخالفة بعض ما سنه بعضهم ، في عدد من الامور والموارد ..

٦٢

حقاً الخ .. » (١)

ب ـ ونضيف نحن هنا : أن من العجيب حقاً : أن لايروي التحريم في فتح مكة غير سبرة هذا ، مع أن النبي (ص) كان قد قام على المنبر ، أو بين الركن والمقام ، أو بين الباب والحجر ، يخطب الناس ـ على حد تعبيرات سبره في كثير من نصوص رواياته (٢) فلماذا اختص سبرة بنقل ذلك دون سائر المسلمين الدين رافقوا النبي (ص) في فتح مكة ؟! ودون غيرهم ممن كان في مكة نفسها ؟! ولماذا لم يروه لنا ابن مسعود ، و ابن عباس ، وجابر ، وعلي ، وغيرهم من كبار الصحابه. هذا .. مع كثرة الابتلاء بها ، وتوفر الدواعي للسؤال عنها ؟!.

وهذا الكلام بعينه نقوله بالنسبة الى النسخ في غزوة تبوك ، و حنين ، وأوطاس وغيرهما .. مما كان التحريم فيه أمام الجيش الاسلامي الفاتح. سيما في حجة الوداع ، التي يقولون : ان التحريم للمتعة قد ورد في ضمن خطبة النبي (ص) فيها. (٣)

ولعل من الطريف أن نذكر هنا : أن الفكيكي قال : انه تتبع

__________________

(١) زاد المعاد ج ٢ ص ١٨٤

(٢) راجع سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥ ـ ٤٠٦

(٣) مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٤ و ٤٠٦

٦٣

كتب السيرة ، والتاريخ ، فلم يجد في خطب النبي ولكماته ، سواء في خيبر ، او الفتح ، او تبوك الخ .. ما يدل على تحريم المتعة فيها ، مع أننا نجد أنه قد تعرض لنظائره من الاحكام (١)

ج ـ يضاف الى كل ما تقدم : أن هذه الرواية لم يروها عن سبرة الا ولده الربيع وهو أمر غريب أيضاً ، وتشاركها في هذه الخصوصية روايات اخرى مما روى عن بعض الصحابة في النسخ ..

د ـ لم نجد في كتب الرجال ما يدل على وثاقة سبرة بن معبد ، لاهو ولا ولده الربيع ، أما حفيده عبدالملك فالقدح فيه موجود .. هذا مع غض النظر عن القدح في بقية رجال السند. (٢)

ومجرد كون سبرة صحابياً لايكفي ، بل لابد من ثبوت عدالته ووثاقته (٣) كما أننا لم نجد ما يدل على وثاقة ولده الربيع ، مع أنه ليس صحابياً !!

ه‍ ـ وأخيراً .. فان مما هو جدير بالملاحظة هنا : هو اختلاف رواية سبرة هذا ؛ ففي بعضها : فسى مسلم ومسند أحمد والبيهقى : أن

__________________

(١) راجع : المتعة للفكيكى ص ٦٦ حتى ٧٨

(٢) راجع : تهذيب التهذيب ، وغيره من كتب الرجال ..

(٣) راجع : مقالنا في مجلة « الهادي » السنة الخامسة عدد ٢ عن الصحابة

٦٤

النسخ كان يوم الفتح ، وفي بعض روايات البيهقي ، وأحمد ، وابن ماجة : أنه كان في حجة الوداع ، وفي بعضها : بلا تعيين ..

وبعضها يقول : ان الاذن بالمتعة كان بعد خمسة عشر يوماً من دخول مكة ، وفي أخرى : أن الترخيص كان حين دخول مكة ..

وفي بعضها : ان التحريم كان في الغد ، وفي أخرى : أنه كان بعد ثلاث.

وهذه تقول : ان المتمتع قد أعطى بردين أحمرين ، وفي تلك : أنه أعطى برداً واحداً.

وواحدة تدعى : أن رفيق سبرة كان ابن عم له ، وسبرة من جهينة ، وجهينة بطن من قضاعة ، وأخرى تدعى : أن صاحبه كان من بني سليم وهم اما بطن من عدنان ، أو من قحطان. (١)

ثم في الرواية الواحدة تجد : أنه يقول : أنهما التقيا بالفتاة في أسفل مكة أو أعلاها !! ولم نعرف معنى لهذا التريد بعد ! ومن عرف له معنى فليخبرنا ، ونحن له شاكرون ..

ونضيف هنا تناقضاً آخر في روايات سبرة ، حيث ان هذه تقول : ان الذي استمتع منها هو سبرة نفسه ، وكان وسيماً وبرده خلق أما ابن عمه ، فكان قريباً من الدمامة وبرده جديد .. ورواية أخرى

__________________

(١) راجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٢٦١ و ٣٧٩ و ٤٠٨ و ٤٤٤

٦٥

في مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥ نقول : ان سبرة هو الدميم وبرده الجديد ، وابن عمه كان جميلا وبرده خلق ، وأن ابن عمه هو الذي استمتع بها وليس سبرة ..

وتناقض آخر .. أن واحدة تقول : انه في اليوم الثاني غدا على النبي ، فاذا هو يعلن تحريمها .. وأخرى تقول : انه انما لقيه بعد ثلاث ، فاذا هو يحرمها أشد التحريم ..

وهكذا .. فقد صدق المثل المعروف : « لا حافظة ل‍ ...!! ».

٦٦



التشريع والمنع :

متى كان التحريم.

النصوص والآثار.

وأخيراً ..

من روايات أهل البيت.

ملاحظات ذات مغزى.

سبب تحريم عمر للمتعة.

عمر لم يحرم المتعة.

٦٧
٦٨



متى كان التحريم ؟!

ونبادر هنا الى القول : ان المتعة كانت حلالا في زمن النبي صلى الله عليه وآله ، وزمن الخليفة أبي بكر ، وشطراً بل والى أواخر خلافة الخليفة عمر بن الخطاب ، ثم كان : « التحريم ».

والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جداً ، ولعلها بمجموعها متواترة ، فضلا عن تواتر كثير من آحادها ، كما أن أكثرها قد ورد بطرق صحيحة ، ومعتبرة.

وهذه النصوص قد وردت في مختلف الكتب المعتبرة لدى طائفة كبيرة من المسلمين القائلين بالتحريم .. هذا عدا عن عشرات الروايات ؛ التي وردت عن اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، والتي سوف نذكر بعضها لمجرد الاشارة والتدليل في أواخر هذا البحث ان شاء الله تعالى ..

٦٩

وها نحن نذكر شطراً من النصوص ، التي وردت في الكتب المعتبرة عند القائلين بالتحريم ، مع ذكر بعض مصادرها ، التي تهيأ لنا في هذه العجالة الاطلاع عليها ، فنقول ، مع حذف بعض الاسانيد اختصاراً :

النصوص والآثار :

١ ـ أبو الزبير عن جابر ، قال : كنا نستمتع بالقبضة من التمر ، و الدقيق الايام على عهد رسول الله (ص) ، وأبي بكر ، حتى ـ ثم ـ ثم نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (١) .. سنده صحيح ..

٢ ـ عن عطاء قال : سمعت جابر بن عبدالله يقول : تمتعنا على عهد رسول الله (ص) ، وأبي بكر ، ونصفاً من خلافة عمر ، ثم نهى عمر

__________________

(١) صحيح مسلم ، ط مشكول سنة ١٣٣٤ ج ٤ ص ١٣١ ، ونصب الراية ج ٢ ص ١٨١ ، ومصنف عبدالرزاق ج ٧ ص ٥٠٠ ، ومنتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج ٦ ص ٤٠٥ ، وزاد فيه : « وكنا نعتد من المستمتع بهن بحيضة » ، وطرائف ابن طاووس ص ١٤٠ عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين ، و الجواهر ج ٣٠ ص ١٤٥ ، ودلائل الصدق ج ٣ ص ٩٩ ، وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٩ ، وتيسير الوصول لابن البديع ج ٢ ص ٣٢٩ ط الهند ، وزاد المعاد لابن القيم ج ٢ ص ١٨٤ ، والايضاح لابن شاذان ص ٤٣٥ ، والغدير ج ٦ ص ٢٠٦ عن بعض من تقدم وعن جامع الاصول لابن الاثير.

٧٠

الناس (١) قال الزيلعي : « وهو يحكي عن أبي سعيد الخدري ، واليه ذهب الشيعة ».

٣ ـ عن أبي نضرة ، عن جابر : متعتان كانتا على عهد النبي (ص) ؛ فنهانا عنها عمر ؛ فانتهينا (٢) .. سنده صحيح.

٤ ـ عن جابر قال : كانوا يتمتعون من النساء ، حتى نهاهم عمر بن الخطاب (٣).

٥ ـ عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبدالله قال : تمتعنا متعتين على عهد النبي (ص) : النساء ، والحج ؛ فنهانا عنهما عمر ؛ فانتهينا (٤) .. سنده صحيح عن عاصم.

٦ ـ عن أبي سعيد الخدري ، وجابر ، قالا : تمتعنا الى نصف من

__________________

(١) بداية المجتهد ج ٢ ص ٥٨ ، والغدير ج ٦ ص ٢٢٣ و ٢٠٧ عن الزيلعي في تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق ، وليراجع مروج الذهب ج ٣ ص ٨١ وفيه : « تمتعنا في عهد رسول الله (ص) ، وخلافه أبي بكر ، وصدر من خلافة عمر ». والاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية ج ١ ص ٢٧.

(٢) مسند احمد ج ٤ ص ٣٢٥

(٣) الغدير ج ٦ ص ٢٠٧ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٩٣ عن الطبري.

(٤) مسند أحمد ج ٣ ص ٣٥٦ و ٣٦٣ ، والغدير ج ٦ ص ٢١٠ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٩٣ ، عن الطبري أيضاً.

٧١

خلافة عمر رضي الله عنه ، حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث (١) ..

٧ ـ أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبدالله يقول : استمتعنا أصحاب النبي (ص) ، حتى نهى عمرو بن حريث (٢) .. سنده صحيح.

٨ ـ أخرج الطبري عن سعيد بن المسيب ، قال : استمتع عمرو بن حريث ، وابن فلان كلاهما ، وولد له من المتعة زمان أبي بكر و عمر (٣) ..

٩ ـ قال عطاء : قدم جابر بن عبدالله معتمراً ؛ فجئناه في منزله ؛ فسأله القوم عن أشياء ، ثم ذكروا المتعة ؛ فقال : نعم ، استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبى بكر ، وعمر (٤). سنده صحيح.

__________________

(١) الغدير ج ٦ ص ٢٠٨ عن عمدة القارى للعينى ج ٨ ص ٣١٠ ، و ليراجع : تبيان الحقائق للزبلعي.

(٢) مصنف الحافظ عبدالرزاق ج ٧ ص ٤٩٩ ، والايضاح لابن شاذان ص ٤٤١ ، وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٩ ، والغدير ج ٦ ص ٢٠٧ عنه.

(٣) منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج ٦ ص ٤٠٤ ، والغدير ج ٦ ص ٢٢١ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٩٣ والنص له.

(٤) صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣١ ، ومسند أحمد ج ٣ ص ٣٨٠ ، و

٧٢

ولست أدرى : أذا كانت المتعة قد نسخت بالقرآن ، او بقول النبي (ص) في زمن النبي ، عام خيبر ، او الفتح الخ .. فلماذا لم ينه عنها أبوبكر ، طيلة ايام خلافته ؟! ولماذا لم ينه عنها عمر في النصف الاول من خلافته أيضاً ؟!

١٠ ـ قال أبو الزبير : سمعت جابر بن عبدالله يقول : استمتع معاوية بن أبي سفيان مقدمه من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي ، يقال لها : « معانة ». قال جابر : ثم أدركت معانة خلافة معاوية حية ؛ فكان معاوية يرسل اليها بجائزة كل عام (١).

ولعل سند هذه الرواية يكون صحيحاً ، اذا كان كلام أبي الزبير لايزال متصلا بالذي قبله ؛ لان سند الذي قبله صحيح .. أما اذا كان قد قطع ما قبله ، و جعل ينقل كلاماً آخر لابي الزبير غير كلامه السابق. فالرواية تكون مرسلة ..

١١ ـ عن أبي نضرة قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير

__________________

زاد فيه : « حتى اذا كان في آخر خلافة عمر » وسنده فيه صحيح أيضاً ، وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٩ ، ونصب الراية ج ٣ ص ١٨١ ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ ، والجواهر ج ٣٠ ص ١٤٥ كلاهما عن مسلم ، والبحار ط قديم ج ٨ ، و الغدير ج ٦ ص ١٣١ ودلائل الصدق ج ٣ ص ٩٩ عن أحمد ومسلم.

(١) مصنف الحافظ عبدالرزاق ج ٧ ص ٤٩٩.

٧٣

ينهى عنها ؛ فذكرت ذلك لجابر بن عبدالله ؛ فقال : على يدي جرى الحديث ؛ تمتعنا مع رسول الله (ص) ؛ فلماذا قام عمر قال : ان الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، وان القرآن قد نزل منازله ، فاتموا الحج والعمرة كما أمركم الله ، وأبتوا نكاح هذه النساء : فلن أوتي برجل نكح امرأة الى أجل الا رجمته بالحجارة (١) .. سنده صحيح ..

صورة أخرى :

عن أبى نضرة ، قال قلت لجابر بن عبدالله : ان ابن الزبير ينهي عن المتعة ، وان ابن عباس يأمر بها. قال : على يدي جرى الحديث ، تمتعناه مع رسول الله (ص) ، ومع أبي بكر (رض) ؛ فلما ولى عمر خطب الناس ؛ فقال : ان القرآن هذا القرآن ، وان رسول الله (ص) هذا الرسول ، وانهما كانتا متعتان على عهد رسول الله (ص) ، وأنا أنهى عنهما ، واعاتب عليهما : احداهما : متعة النساء ، ولا أقدر على

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٤ ص ٣٨ ، وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٤٧ ، والدر المنثور ج ٢ ص ٢١٦ ، وسنن البيهقي ج ٥ ص ٢١ ، ومنحة المعبود في تهذيب مسند الطيالسي ج ١ ص ٣٠٩. والطرائف ص ١٤٠ عن الجمع بين الصحيحين ، والجواهر عن مسلم ج ٣٠ ص ١٤٠ ، ودلائل الصدق ج ٣ ص ١٠٠ والبحار ط قديم ج ٨ ص ٢٨٦ ، والغدير ج ٦ ص ٢١٠ عن بعض من تقدم وعن تفسير الرازي ج ٣ ص ٢٦ ، وكنز العمال ج ٨ ص ٢٩٣ ، و قريب منه ما في مسند الطيالسي ج ٨ ص ٢٤٧.

٧٤

رجل تزوج امرأة الى أجل الا غيبته بالحجارة ، والاخرى متعة الحج (١). سنده صحيح من طريق أحمد.

صورة ثالثة :

عن أبى نضرة قال : كنت عند جابر بن عبدالله ، فأتاه آت ؛ فقال : ابن عباس ، وابن الزبير اختلفا في المتعتين ؛ فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله (ص) ، ثم نهانا عنهما عمر ؛ فلم نعد لهما (٢) .. سنده صحيح ..

ويقول الشوكاني : قولهم : ان جابراً لم يبلغه النسخ ، لا يخلو من تعسف (٣).

ونزيد نحن هنا : ان قولهم بعدم بلوغ النسخ لعلي وابن عباس ، وابن مسعود وغيرهم من كبار الصحابة لابد وأن يكون اكثر تعسفاً ، وبعداً عن الحقيقة وواقع الامر !!.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠٦ ، وقال : أخرجه مسلم من وجه آخر عن همام. ومسند أحمد ج ١ ص ٥٢ ، لكنه ذكره مبتوراً والغدير ج ٦ ص ٢١٠. ونقل أيضاً عن الجمع بين الصحيحين.

(٢) صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣١ ، وسنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠٦ ، والغدير ج ٦ ص ٢٠٩ عنهما ، والجواهر ج ٣٠ ص ١٤٥ ، والبحار للعلامة المجلسي ط قديم ج ٨ ص ٢٨٦ ، عن جامع الاصول لابن الاثير ..

(٣) نيل الاوطار ج ٦ ص ٢٧٤.

٧٥

١٢ ـ عن ابن عباس : ان آية المتعة محكمة ليست بمنسوخة (١)

١٣ ـ وسئل الحكم بن عتيبة عن آية المتعة ، هل هي منسوخة ؟ فقال : لا. (٢) سنده صحيح.

١٤ ـ وقال سويد بن غفلة : سمعت عمر ينهي عن متعة النساء (٣)

١٥ ـ عن ابن جربج قال : أخبرني عبدالله بن عثمان بن خثيم ، قال : كانت بمكة امراة عراقية تنسك ، جميلة ، لها ابن يقال له : أبو أمية. وكان سعيد بن جبير يكثر الدخول عليها. قلت : ياأباعبدالله ، ما اكثر ما تدخل على هذه المرأة ؟!

__________________

(١) الكشاف للزمخشرى ج ١ ص ٤٩٨ ط بيروت ، وأصل الشيعة و أصولها ص ١٧٠ ، والغدير ج ٦ عن : تفسير الخازن ج ١ س ٣٥٧ ، والبغوي هامش الخازن ج ١ ص ٤٢٣.

(٢) تفسير الطبري بسند صحيح ج ٥ ص ٩ ، والدر المنثور ج ٢ ص ١٤٠ عنه وعن عبدالرزاق ، وأبى داود في ناسخه ، وكنز العرفان ج ٢ ص ١٤٨ ، والبحار ط قديم ج ٨ ص ٢٨٦ ، ومجمع البيان ، والجواهر ج ٣٠ ص ١٤٥ ، ودلايل الصدق ج ٣ ص ١٠١ ، والمتعة للفكيكي ص ٦٢ و ٩٨ ، والغدير ج ٦ ص ٢٢٩ عن الطبري وص ٢٠٦ عنه وعن تفسير الرازي ج ٣ ص ٢٠٠ ، و تفسير الثعلبي ، والنيسابورى ، وأصل الشيعة واصولها ص ١٧٠.

(٣) مصنف عبدالرزاق ج ٧ ص ٥٠٦.

٧٦

قال : انا قد نكحناها ذلك النكاح ـ للمتعة ـ. (١) سنده صحيح.

١٦ ـ قال : وأخبرني : أن سعيداً قال له : هي أحل من شرب الماء ـ للمتعة ـ (٢) سنده صحيح ..

١٧ ـ وروى يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال عمر : لو تقدمت في متعة النساء لرجمت فيها (٣) .. سنده صحيح.

١٨ ـ قال يحيى بن اكثم لشيخ بالبصرة : بمن اقتديت في جواز المتعة ؟! قال : بعمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال : كيف ! وعمر كان أشد الناس فيها ؟! قال : لان الخبر الصحيح : أنه صعد المنبر فقال : ان الله ورسوله قد احلا لكم متعتين ، واني محرمهما عليكم ، وأعاقب عليهما ؛ فقبلنا شهادته ، ولم نقبل تحريمه (٤) ..

__________________

(١ و ٢) مصنف الحافظ عبدالرزاق ج ٧ ص ٤٩٦ ، والايضاح ص ٤٣٦ ، ٤٣٧ و ٤٧١.

(٣) الايضاح ص ٤٤٤ ، ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٥٩٣ عنه.

(٤) محاضرات الراغب ج ٢ ص ٩٤ ، والغدير ج ٦ ص ٢١٢ عنه ، والمسالك ج ١ ص ٥٠٠ والجواهر ج ٣٠ ص ١٤٨ ، ١٤٩ وأصل الشيعة

٧٧

١٩ ـ وصح بل تواتر النقل عن عمر : أنه قال في خطبة له : متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) ، وأنا أنهى عنهما ، وأعاقب ـ أضرب ـ عليهما : متعة الحج ، ومتعة النساء. وزاد الجصاص : « لو تقدمت لرجمت » (١).

__________________

وأصولها ص ١٧٨ ، والمتعة للفكيكي ص ٧٢ ومرآة العقول ج ٣ ص ٤٨١.

(١) تقدم ذلك وسيأتي بعدة طرق والفاظ عن كثير من الصحاح ، و نزيد هنا : شرح المنهج للمعتزلي ج ١ ص ١٨٢ وج ١٢ ص ٢٥١ ، والام ج ٧ ص ٢١٩ ؛ وسنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠٦ ، ومنتخب كنز العمال هامش مسند احمد ج ٦ ص ٤٠٤ ، والاوائل لابي هلال العسكري ج ١ ص ٢٣٨ ، وتفسير النيسابوري هامش الطبري ج ٥ ص ١٧ ، والبيان والتبيين ط سنة ١٣٨٠ ج ٤ ص ٢٧٨ ، وزاد المعاد ج ٢ ص ١٨٤ ، وفيه : « ثبت عن عمر » ، وتفسير الرازي مستدلا به ج ١٠ ص ٥٠ ط سنة ١٣٥٧ ، ووفيات الاعيان ، وصحيح مسلم ، وتلخيص الشافي ج ٣ ص ١٥٣ ، وج ٤ ص ٢٩ ، ومجمع البيان ج ٣ ص ٣٢ ، وكنز العرفان ج ٢ ص ١٥٨ ، والجواهر ج ٣٠ ص ١٣٩ و ١٤٠ ، والايضاح ص ٤٤٣ ، ودلائل الصدق ج ٣ س ١٠٢ ، ١٠٣.

والغدير ج ٦ ص ٢١١ عن بعض من تقدم ، وعن : البيان والتبيين ج ٢ ص ٢٢٣ ، واحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٣٤٢ و ٣٤٥ وج ٢ ص ١٥٢ ، وتفسير القرطبي ج ٢ ص ٣٧٠ ، والمبسوط للسرخسي ج ٥ ص ١٥٤ ، باب القرآن ،

٧٨

سنده صحيح.

قال الاميني رحمه الله : « استدل المأمون على جواز المتعة بهذا الحديث ، وهم أن يحكم بها ، كما في تاريخ ابن خلكان ج ٢ ص ٣٥٩ط ايران ، واللفظ هناك :

« متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) ، وعلى عهد أبي بكر رضي الله عنه ، وأنا أنهى عنهما (١) ... ».

وقال السيد المرتضى : « فلو كان ثمة رواية عن النبي صلى الله عليه وآله ، لكان اللازم أن ينسبه ( التحريم ) الى النبي (ص) ؛ لانه أبلغ في الانتهاء (٢) .. »

وقال الباقوري : « .. وقد أضاف عمر النهي عن المتعتين الى نفسه ،

__________________

من كتاب الحج ، وصححه ، وكنز العمال ج ٨ ص ٢٩٣ عن أبي صالح ، و الطحاوي وص ٢٩٤ عن الطبري في تهذيب الآثار ، وابن عساكر ، وضوء الشمس ج ٢ ص ٩٤.

(١) الغدير ج ٦ ص٢١١ ، والنص والاجتهاد ص ١٩٣ ، وقاموس الرجال ج ٩ ص ٣٩٧ عن الخطيب في تاريخ بغداد ، وتاريخ ابن خلكان ، ترجمة يحيى بن أكثم ج ٢ ص ٢١٨ ط سنة ١٣١٠ ه‍ ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٦.

(٢) تلخيص الشافي ج ٤ ص ٢٩ ، ودلائل الصدق ج ٣ ص ١٠٣.

٧٩

فقد دل ذلك على أن هذا من عنده ، وأنه رأى له (١) .. ».

وتقدم عن ابن القيم : أن جماعة قالوا : « .. وأيضاً .. ولو صح ( يعني حديث سبرة ) لم يقل عمر : انها كانت على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنها ، وأعاقب عليها. بل كان يقول : انه (ص) حرمها ، ونهى عنها (٢). ».

ونزيد نحن هنا : أنه لو كان ثمة نهى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فلماذا اختص هو فقط بالعلم به ، وخفى عن جميع الصحابة ، أمثال : جابر ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وعلي ، وأضرابهم من كبار الصحابة ، ممن سوف يأتي أسماء طائفة منهم ؟!.

ولماذا ينقم الناس عليه تحريمه للمتعة ، حسبما جاء في رواية الطبري الآتية ؟! بل كان يجب ان تكون نقمتهم على الله ورسوله ، لاعلى عمر ..

ولماذا لايحمل نهيه عن متعة الحج على النسخ ، كما يحمل كلامه في متعة النساء على ذلك ؛ فانه قد حرمهما ونهى عنهما بلفظ واحد ، وفي موقف واحد ؟!.

واذا كانوا يعتبرون نهيه عن متعة الحج محمولا على الكراهة ، ـ

__________________

(١) مع القرآن ص ١٧٤.

(٢) زاد المعاد ج ٢ ص ١٨٤.

٨٠