تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ٢

الشيخ علي القوچاني

تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي القوچاني


المحقق: محمّد رضا الدّانيالي
الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 978-600-5213-31-7
ISBN الدورة:
978-600-5213-29-4

الصفحات: ٦٣٨
الجزء ١ الجزء ٢

في المنتزع؟ مدفوعة :

بأنّ الشرطية والجزئية وان لم تكن مجعولة ابتداء إلاّ أنها مما تنالها يد الجعل بالواسطة ، وهذا المقدار يكفي في جريان أدلة الرفع كأدلة الوضع من الاستصحاب ونحوه فيها ، وبعد ارتفاع الشرطية فان كان دليل المركب مطلقا فيوجب حديث الرفع توسعة دائرة موضوعه بحيث يكون المركب الفاقد للشرط من مصاديقه بالاطلاق اللفظي ، وان كان مجملا فيوجب شرحه وبيانه في شموله للأقل.

وان أبيت إلاّ عن عدم كون حديث الرفع دالا إلاّ على مجرد رفع الشرطية وارتفاع الأمر النفسي عن المشروط قهرا ، وامّا اثبات كون الواجب هو الأقل الفاقد للشرط فلا ، فنقول :

انّ تعيّن كون الواجب هو الأقل إنّما هو بمقتضى حكم العقل بعد رفع الشرطية بحديث الرفع بانضمام دليل الواجب الفعلي كما لا يخفى ، وسيجيء ، توضيحه في الشك في الجزئية.

المقام الثالث : في الشك في الجزئية ، كما لو علم بالصلاة وشك في جزئية السورة لها مثلا فقد ذهب شيخنا العلاّمة (١) أعلى الله مقامه إلى انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك البدوي بالنسبة إلى وجوب الأكثر فتجري فيه البراءة عقلا ونقلا.

امّا عقلا : فوجهه : انّه بعد العلم بالوجوب وتردده بين تعلقه بالأكثر أو الأقل فلا ريب في حصول العلم التفصيلي بوجوب الأقل امّا غيريا من باب المقدمية للأكثر أو نفسيا على تقدير كونه هو الواجب بنفسه ، ومعه فينحل العلم الاجمالي

__________________

(١) فرائد الاصول ٢ : ٣١٧ ـ ٣١٨ و ٣٢٨.

٣٠١

ويكون الشك في وجوب الجزء الزائد بدويا فيجري بالنسبة إلى وجوبه قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ولا تعارض بعدم البيان بالنسبة إلى الأقل ، لكون العقاب على تركه بنفسه أو من جهة كونه موجبا لترك الأكثر معلوما على كل حال وإنّما الشك في ترتب العقاب على ترك الجزء المشكوك.

هذا بناء على القول باتصاف الاجزاء بالوجوب الغيري فواضح.

وامّا على القول بعدم اتصافها به فيمكن ان يقال : انّ الاجزاء متصفة في ضمن الكل بالوجوب الضمني العرضي بعين وجوب المركب ، حيث انّه ليس إلاّ نفس مجموع الاجزاء بالأسر فاتصافه به يستلزم اتصافها به فحينئذ يكون اتصاف الأقل بالوجوب معلوما أيضا ويكون الشك في اتصاف الجزء المشكوك به فتجري فيه البراءة عقلا.

هذا ملخص تقريب الانحلال على مرامه قدس‌سره وقد أفاد في توضيح مختاره ما يتضح حاله في طي ما علقه.

ولكن التحقيق على ما يقتضيه النظر الدقيق : عدم صحة الانحلال وبقاء العلم بحاله :

امّا بناء على الوجه الثاني من تقريب الانحلال فبيانه : انّ المراد من الوجوب العرضي ـ بناء على عدم اتصاف الاجزاء بالوجوب الغيري ـ هو عين الوجوب النفسي البسيط المتعلق بالمركب وكان له نحو تعلق بكل واحد من الاجزاء في ضمن [ الكل ] ويكون اسناد ذاك الوجوب النفسي إلى الكل حقيقيا وإلى كل من الاجزاء عرضيا بتوسيط الكل بنحو الواسطة في العروض ، ومن المعلوم انّ ذي الواسطة في الواسطة في .... (١)

__________________

(١) الى هنا ينتهي المطلب في الاصل المخطوط في اواسط الصفحة وتبقى بقية الصفحة بيضاء ويبقى المطلب ناقصا.

٣٠٢

وامّا بناء على اتصاف الاجزاء بالطلب الغيري فالتحقيق : هو عدم انحلال الطلب الفعلي المعلوم بالاجمال أيضا.

امّا أولا : فبأن انحلال أصل الطلب المردد بين الأقل والأكثر إلى العلم التفصيلي بمطلق مطلوبية الأقل بنحو يصير طلب الأكثر مشكوكا بالشك البدوي كي تجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، إنّما هو بالنسبة إلى وجوده الذي منه يلتئم الكل لا بوجوده مستقلا الذي لا ينضم إليه الجزء الزائد فلا يلتئم منه الكل ، حيث انّه على تقدير كون الواجب النفسي هو الأكثر يكون الأقل جزءا له والجزء لأجل كونه مقدمة داخلية في مقابل المقدّمات الخارجية يكون بوجوده في ضمن الكل مطلوبا غيريا لا بوجوده مطلقا.

فمن هنا يعرف انّ الأقل الذي لا ينضم إليه الزائد كما هو المفروض لا يتصف بالطلب الغيري على تقدير كونه مقدمة داخلية للأكثر فيبقى احتمال كونه واجبا نفسيا ، فالعلم التفصيلي بمطلق مطلوبيته مع العلم بامتثال الطلب المتعلق به لا ينفك عن امتثال الطلب النفسي مطلقا ولو على تقدير تعلقه بالأكثر كما لا يخفى.

ولا يتوهم رجوع ما ذكرنا إلى القول بالمقدمة الموصلة ، لأنه من أجل خصوصية الجزء من كونه مقدمة داخلية لا من جهة كون مطلق المقدمة كذلك.

وامّا ثانيا : فلأنّه وان سلّم العلم التفصيلي بمطلق مطلوبية الأقل غيريا أو نفسيا ولو بالنسبة إلى وجوده الاستقلالي بناء على كون الاجزاء مأخوذة في مقام

٣٠٣

جزئيتها لا بشرط وانّها تتصف بالمطلوبية مطلقا ، أتى معها ببقية الاجزاء أم لا ، غاية الأمر انّه إذا أتى ببعض الاجزاء دون آخر إنّما يحصل الاختلال بالنسبة إلى الأمر بالكل من جهة الاختلال ببعض اجزائه ، دون الأمر بالاجزاء المأتي بها.

إلاّ أنّ العلم التفصيلي بمطلوبية أحد طرفي الشبهة لا يكفي في الانحلال وفي ارتفاع أثر العلم الاجمالي ما لم يعلم بفعلية طلبه وتنجزه على أي تقدير بحيث علم باستحقاق العقاب على تركه مطلقا حتى ينحل العلم الاجمالي بالنسبة إلى المرتبة الفعلية أيضا فتجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان في الآخر وهو مفقود في ما نحن فيه بالنسبة إلى الأقل.

بيانه : انّه مع العلم بالوجوب النفسي المردد بين تعلقه بالأقل أو الأكثر لو قلنا بوجوب الاحتياط وعدم جريان البراءة العقلية بالنسبة إلى الأكثر وترتب العقاب على تركه على تقدير كونه هو الواجب يكون العقاب على ترك الأقل معلوما امّا بنفسه أو من جهة كونه سببا لترك الأكثر.

وامّا لو قلنا بجريان البراءة عن الأكثر وعن الجزء الزائد الموجب تركه لترك الأكثر لا يعلم ترتب العقاب على ترك الأقل أيضا على كل تقدير ، حيث انّه على تقدير كونه واجبا غيريا يكون فعليته وتنجزه واستحقاق العقاب على تركه من جهة كونه مقدمة للأكثر تبعا لتنجزه واستحقاق العقاب على تركه لكون المقدمة بما هو مقدمة تابعة لذيها غير مترتبة على تركها العقاب إلاّ من جهة سببية تركها لترك ذيها المترتب عليه العقاب ، فمع البراءة عن الأكثر والأمن [ من ] العقوبة على تركه يكون الأقل مأمونا من العقوبة على تركه على تقدير كونه مقدمة للأكثر ، فيبقى احتمال كونه واجبا نفسيا فيكون استحقاق العقاب على تركه مشكوكا فتجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان على فرض جريانها بالنسبة إلى الأكثر.

والحاصل : انّ العلم بتنجز الأقل واستحقاق العقاب على تركه إنّما جاء من

٣٠٤

قبل تأثير العلم الاجمالي في تنجيز الوجوب النفسي المتعلق به على جميع التقادير والاحتمالات ومنها احتمال تعلقه بالأكثر ، بحيث لو فرض انتفاء التنجز والعقاب يقينا عن بعض الاحتمالات لما كان العقاب على ترك الأقل معلوما ، فكيف تجري البراءة عن الأكثر.

وان شئت قلت : انّ تنجز الطلب المتعلق بالأقل إنّما كان مسببا عن تنجز الوجوب النفسي المعلوم بالاجمال مطلقا ، فعلى تقدير رفع تنجزه على تقدير تعلقه بالأكثر يرتفع المسبب وهو تنجز الأقل على هذا التقدير ويبقى الاحتمال الآخر بحاله ، وهو لا يجدي في ارتفاع أثر العلم الاجمالي عن الأكثر.

وسرّ ما قلنا من تبعية المقدمة لذيها : انّ همّ الموالي العقلائية في مقام الطلب وهمّ العبيد في مقام الامتثال إنّما هو بالنسبة إلى المطلوب النفسي لا الغيري إلاّ تبعا وترشحا منه ، ومع رفع الاهتمام عن طلب ذي المقدمة لا يبقى اهتمام بالنسبة إليها أبدا ، وحينئذ فكيف يعلم تفصيلا الاهتمام بالنسبة إلى الأقل مطلقا مع رفع الاهتمام عن الأكثر؟

ومن هنا ظهر عدم صحة الانحلال في طلب الموالي العرفية أيضا إذا دار بين الأقل والأكثر.

هذا كله لو لم يعلم بتعلق طلب آخر نفسي لغرض آخر على الاقل غير الطلب النفسي المردد بين الاقل والاكثر ، واما لو علم بطلبه على حدة لغرض حاصل منه بخصوصه وشك في حصول الغرض الآخر الناشئ من قبله الطلب منه أو من الأكثر فلا اشكال في الانحلال كما يظهر وجهه [ قريبا ]. (١)

وامّا ثالثا : على تقدير صحة الانحلال والعلم التفصيلي بالطلب الفعلي للأقل

__________________

(١) في الاصل المخطوط ( آنفا ).

٣٠٥

ولو مع اجراء البراءة بالنسبة إلى الأكثر فنقول : انّ اليقين بامتثال نفس الطلب الفعلي المتعلق بالأقل لا يحصل إلاّ مع الاتيان بالأكثر ، وبيانه يحتاج إلى مقدمتين :

الاولى : انّ الامتثال اليقيني لا يكون إلاّ مع القطع بسقوط الأمر عن الذمة ، وإلاّ فمع عدم سقوطه يقينا أو احتمالا لا يحصل الامتثال اليقيني الذي لا بدّ منه بحكم العقل القطعي بعد القطع بالأمر.

الثانية : انّ الأمر من المولى لمّا كان من أفعاله الاختيارية ... (١)

__________________

(١) هنا ينقطع المطلب وتنتهي الصفحة في هذا الموضع من الاصل المخطوط ، وبعده عدة صفحات بيضاء ثم يأتي قوله : « من ملاحظة مسامحة العرف .... » الخ في رأس الصفحة التالية للصفحات البيضاء.

٣٠٦

من ملاحظة مسامحة العرف وعدمها.

ومنها : استصحاب وجوب اتمام العمل وحرمة قطعه بعد الزيادة. ولا يخفى انّ أركان الاستصحاب من اليقين السابق والشك اللاحق وكون المستصحب بنفسه أثرا شرعيا في المقام متحققة إلاّ انّ موضوع المستصحب وهو إتمام العمل المأمور به يشك في القدرة على احرازه بعد تلك الزيادة المشكوك في مانعيتها واقعا ولا بدّ من احراز القدرة على العمل واقعا في كل حكم سواء كان واقعيا أو ظاهريا ، وهي في المقام غير محرزة.

وتوهّم الاستصحاب التعليقي في الموضوع فيما نحن فيه بأن يقال : انّه لو لا هذه الزيادة كان العمل تامّا بالحاق الاجزاء اللاحقة بالاجزاء السابقة ويشك في كونه كذلك بعد هذه الزيادة فيستصحب تمامية العمل ، مدفوعة :

بعدم الحالة السابقة لتمامية العمل مع هذه الزيادة وبدونها كانت متيقنة إلاّ أنّه لا جدوى له بالنسبة إلى صورة الزيادة المشكوكة ، لعدم الترتب بين الحالة المتيقنة والمشكوكة كما هو الشرط في الاستصحاب ، هذا بالنسبة إلى استصحاب الموضوع.

وامّا بالنسبة إلى استصحاب الحكم فقد عرفت حاله ؛ وسرّه : انّ التمسك حينئذ بعموم « لا تنقض » يكون تمسكا بالعام في الشبهة الموضوعية. نعم لو ورد دليل خاص على وجوب الاتمام في مورد خاص فلا بدّ بدلالة الاقتضاء :

امّا من استكشاف عدم كون المشكوك في مانعيته وقاطعيته مانعا وقاطعا.

أو من حمله على وجوب اتمام العمل صوريا بالحاق الاجزاء اللاحقة

٣٠٧

بالاجزاء السابقة ولو لم يكن الاتمام الحقيقي ـ وهو كون الاجزاء كل واحد منها مع غيره مرتبطا واقعا ـ غير متيقن.

أو من استكشاف مرتبتين للعمل : الكمال ، والطبيعة ، وانّ المشكوك لا [ يتنافى ] (١) مع مرتبة الطبيعة وان كان [ متنافيا ] (٢) مع مرتبة الكمال ، فيكون الاتمام بالنسبة إلى مرتبة الطبيعة مستكشفا من هذا الدليل.

ولكن كلا من الوجوه الثلاثة لا ربط له بالاستصحاب ولا مستكشفا من عموم « لا تنقض » لعدم اللغوية في عدم الشمول لمورده حتى يستكشف أحدها بدلالة الاقتضاء.

هذا كله في الاصول.

وقد استدل للصحة ـ مضافا إليها ـ بقوله تعالى : ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (٣) فانّ حرمة الابطال إيجاب للمضي فيها وهو مستلزم لصحتها ولو بالاجماع المركب ، أو بعدم القول بالفصل بينهما في غير الصوم والحج.

ولكن لا يخفى : انّه لا يتم الاستدلال بالآية الشريفة بناء على كون المراد بالابطال هو احداث البطلان في العمل الصحيح وجعله باطلا بعد تماميته بعد ان لم يكن كذلك لكون الآية حينئذ نهيا عنها بحبط العمل بعجب أو شرك كما في بعض الأخبار ، ويؤيده قوله تعالى : ( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (٤) ؛ ولا بناء على كون المراد منه إيجاد العمل على وجه باطل من أول الأمر نظير قوله : « ضيّق فم الركية » لأنّه بناء عليه نهى عن اتيان العمل مقارنا للوجوه الباطلة ؛ بل يتم

__________________

(١) في الاصل المخطوط ( ينافي ).

(٢) في الاصل المخطوط ( منافيا ).

(٣) سورة محمد (ص) : ٣٣.

(٤) سورة البقرة : ٢٦٤.

٣٠٨

الاستدلال بناء على كون المراد منها قطع العمل المركب ورفع اليد عنه في أثنائه.

ويرد عليه : بعد الاغماض عن ظهور الآية وتفسيرها بالمعنى الأول انّ التمسك بها في المقام يكون من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية التي لم يحرز فيها أصل عنوان العام لعدم احراز كون رفع اليد من العمل بعد وقوع الزيادة المشكوكة ابطالا له لاحتمال البطلان في نفسه.

وهذا نظير ما لو شك في كون زيد مثلا من العلماء كي يجب اكرامه بقوله : « أكرم العلماء » أم لا ، ومن المعلوم انّ هذا القسم من الشبهات المصداقية ممّا لا يجوز فيها التمسك بالعام اتفاقا ؛ وليس نظير القسم الآخر منها الذي كان عنوان العام فيه محرزا وكان الشك في صدق عنوان المخصص كما لو شك في كون زيد العالم فاسقا حتى لا يجب اكرامه أم لا. وهذا القسم من الشبهة المصداقية ممّا اختلف [ فيه ] في جواز التمسك بالعام وعدمه.

وما ذكرنا كاف في ردّ الاستدلال بالآية الشريفة ولا يحتاج إلى اتعاب النفس باثبات انّ الابطال فيها يكون بالمعنى الأول كما في فرائد (١) الشيخ أعلى الله مقامه.

الأمر الثالث : في حكم زيادة الجزء سهوا فيما كان زيادته عمدا مبطلا وإلاّ فما لا يقدح عمدا فسهوه بطريق أولى.

ولا يخفى انّ حكم الزيادة السهوية حكم النقص نسيانا وقد مرّ انّ التحقيق فيه جواز التمسك بحديث الرفع لاثبات عدم الاخلال به ، خلافا للشيخ قدس‌سره في الفرائد (٢). هذا مع قطع النظر عن القواعد الخاصة في خصوص بعض المركبات مثل الصلاة مثلا فانّ الزيادة فيها بالنسبة إلى الأركان محكومة بالابطال وبالنسبة إلى

__________________

(١) فرائد الاصول ٢ : ٣٧٧ ـ ٣٨٠.

(٢) فرائد الاصول ٢ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧.

٣٠٩

غيرها بعدمه بتقديم خبر « لا تعاد إلاّ من خمسة » (١) على ما دل ببطلان الصلاة بمطلق الزيادة.

الأمر الرابع : انّه إذا ثبت جزئية شيء وشرطيته فهل الأصل يقتضي جزئيته وشرطيته المطلقتين حتى إذا تعذرا سقط التكليف بالكل؟ أو اختصاص اعتبارهما بحال التمكن فلو تعذرا لم يسقط التكليف؟ وجهان ، بل قولان.

التحقيق ان يقال : انّه :

لو كان لدليل الجزء والشرط إطلاق ، فيكون موجبا لتقييد الأمر بالكل فيسقط بتعذرهما.

وان لم يكن كذلك ، بل كان دليلهما مهملا من حيث الاختيار والاضطرار ، وحينئذ :

فان كان لدليل الكل إطلاق كما هو بناء على الأكثر مع عدم كون الجزء والشرط مما يتقوم بهما الكل فيتمسك باطلاق دليل المركب في نفي الجزئية والشرطية في حال الاضطرار ويحكم بوجوب الباقي.

وان لم يكن لدليليهما اطلاق فيكون الأصل بحسب الدقة البراءة ، لكون الباقي بعد تعذر الجزء والشرط مشكوك الوجوب بالوجوب النفسي من أول الأمر وغير مسبوق بذاك الوجوب وان كان مسبوقا بالوجوب الغيري إلاّ أنّه غير مجد بعد القطع بارتفاعه ، هذا.

ولكنه لا يخفى انّه يمكن التمسك بالاستصحاب لاثبات الوجوب للباقي :

تارة : باستصحاب القدر المشترك بين الوجوب الغيري المرتفع والوجوب النفسي المشكوك ويكون داخلا في استصحاب القسم الثاني من القسم الثالث في

__________________

(١) وسائل الشيعة ٤ : ٦٨٣ الباب ١ من ابواب افعال الصلاة ، الحديث ١٤ باختلاف.

٣١٠

استصحاب الكلي وهو أن يكون الكلي موجودا أولا في ضمن فرد تيقّن بارتفاعه ويشك في وجوده في ضمن فرد آخر مقارن لارتفاع الفرد الزائل.

ولكنه يشكل ذلك بأنّ المستصحب وهو الكلي وان كان بنفسه أثرا شرعيا في المقام فلا يكون الأصل مثبتا إلاّ أنّه يرد عليه بما أورد على استصحاب القسم الثالث : من انّ المستصحب وهو الكلي وان كان بحسب الماهية مشتملا على شرائط الاستصحاب من اليقين السابق والشك اللاحق إلاّ أنّه بحسب الوجود ـ كما هو المناط في الاستصحاب ـ ليس كذلك ، لكونه بحسبه تابعا للفرد في الوحدة والتعدد والارتفاع والبقاء ، ومن المعلوم انّ الشك بالنسبة إلى الفرد إنّما هو في الحدوث لا في البقاء فيكون بالنسبة إلى الكلي أيضا كذلك ، إلاّ أن يتسامح عرفا ويعدّ الوجود اللاحق المشكوك والمتيقن الزائل مضافا إلى الكلي وجودا واحدا كي يكون الشك في البقاء وان كان مضافا إلى الفرد شكّا في حدوث فرد بعد اليقين بارتفاع فرد آخر ؛ وعلى أيّ حال يكون حال استصحاب القدر المشترك من الوجوب حال القسم الثالث من الكلي في الجريان وعدمه.

واخرى : باستصحاب الوجوب النفسي لبقية الاجزاء ولكن بعد المسامحة العرفية في الموضوع بعدّ الباقي عين الموضوع الأوّلي بجعل الجزء المتعذر من قبيل الحالات فيما لم يكن ممّا يتقوم به الموضوع ، ولا أكثر الاجزاء كما في استصحاب الكرّية للماء المسبوق بها بعد نقص بعض اجزائه والمسامحة فيه بجعله من قبيل الحالات.

ولكنه يمكن الفرق : بين ما نحن فيه ، وبين المثال ، بدخل الجزء المتعذر في حال اليقين في الوجوب وعدم العلم بدخله في المثال ، إلاّ أن يدفع بدخله في العلم بالكرّية أيضا ؛ وعلى أيّ حال يبتني استصحاب الوجوب النفسي على المسامحة العرفية في الموضوع وان كان الثاني بحسب الدقة مغايرا للموضوع

٣١١

الأول.

ويدل على المطلب أيضا : النبوي ، والعلويان ، المرويات في عوالي اللآلي فعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » (١) وعن علي عليه‌السلام :

« الميسور لا يسقط بالمعسور » (٢) و « ما لا يدرك كله لا يترك كله ». (٣)

أمّا النبوي : فيتمّ وجه دلالته ببيان محتملات الخبر فنقول :

انّ الأمر للوجوب ، أو للأعم منه ومن الاستحباب ؛ وعلى كلا الاحتمالين يكون المراد من الشيء : امّا عدة امور يجمعها الحكم الواحد مثل « أكرم العلماء » ، أو جملة المركب مثل الصلاة المشتملة على اجزاء ، أو جنس الشيء سواء كان مركبا أم لا ، والمراد من كلمة « من » امّا للتبعيض أو للبيان أو زائدة ، وكلمة « ما » امّا موصولة أو موصوفة أو ظرفية.

والاستدلال يتم على تقدير كون المراد من الأمر هو الوجوب والمراد من الشيء هو المركب أو الأعم [ المشتمل ] (٤) عليه مع كون كلمة « من » للتبعيض وكلمة « ما » للموصول ، بل ولو كانت ظرفية مع التبعيض في كلمة « من » وإرادة المركب من الشيء إلاّ انّ الشأن في ظهور الشيء في المركب لقوة ارادة الجنس أو الكلي المشتمل على الافراد التي يتوهّم بينها الارتباط في الحكم ليكون الخبر في مقام دفع توهم السقوط رأسا بسقوط بعض الافراد.

ويؤيده ورود الخبر في مقام الأمر بأصل الطبيعة بعد قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّ الله كتب عليكم الحج » فقام عكاشة فقال : في كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه

__________________

(١) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، ويلاحظ الهامش ؛ بحار الانوار ٢٢ : ٣١.

(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، ويلاحظ الهامش.

(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨.

(٤) في الاصل المخطوط ( الشامل ).

٣١٢

حتى عاد مرتين ، فقال : « ويحك وما يؤمّنك أن أقول نعم ، لو قلت لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ، إذا أمرتكم ... الخ » (١) وحينئذ يمكن كون كلمة « من » للتبعيض ولكن بلحاظ الافراد لا الاجزاء وكلمة « ما » تكون عبارة عن المقدار ، فيكون حاصل المعنى : إذا أمرتكم بشيء ذي افراد فأتوا من افراده مقدارا منها استطعتم به.

ولكن الانصاف : ظهور كلمة « من » في التبعيض مع ارادة المركب أو الأعم منه من الشيء ، [ و ] لا يخلو عن قوّة فيتم الاستدلال فتدبر.

وامّا قوله عليه‌السلام : « الميسور لا يسقط بالمعسور » فوجه دلالته يبتني على أن يكون المراد من « المعسور » هو المركب من عدة اجزاء ومن « الميسور » عدة اجزاء من ذاك المركب بعد تعذر بعض اجزائه غير المقومة لماهيته وكان قوله : « لا يسقط » انشاء حكم نفسي للباقي بعد كونه واجبا غيريا سابقا ؛ وعدم السقوط :

امّا يراد منه عدم سقوط حكم الميسور بلحاظ تلبسه سابقا بالحكم سواء جعل مقدارا أو جعل الموضوع كناية عنه.

أو يراد منه عدم سقوط نفس فعل الميسور على المكلف ، بمعنى ثبوته عليه ، فيكون انشاء طلب بالنسبة إليه مع قطع النظر عن حالته السابقة.

وقد أورد عليه بوجوه :

الأول : انّه يدور الأمر بين كون المراد من المعسور كليا ذا افراد مجتمعة في الحكم الواحد بتوهّم الارتباط بينها في الحكم بحيث يسقط الكل عند تعذر البعض ، والميسور عدة افراد باقية منه بعد تعذر بعضها الآخر وكان الخبر في مقام دفع ذاك التوهم ، وبين كون المراد منهما المركب وبعض اجزائه كما عرفت. ولا أولوية للثاني لو لم يدّعى الأولوية للأول بلحاظ التعبير بعدم السقوط المشعر باتّصاف الثاني بما

__________________

(١) بحار الانوار ٢٢ : ٣١.

٣١٣

يحكم عليه من الحكم وهو كذلك بالنسبة إلى افراد الكلي لا اجزاء المركب كما لا يخفى.

إلاّ أن يراد من المعسور الأعم من الكلي والمركب وكان المراد من عدم السقوط بالنسبة إلى الكلي انشاء حكم للباقي من افراده بداعي التنبيه على دفع توهم الارتباط ، وبالنسبة إلى المركب انشاء حكم مولوي نفسي لافراده الباقية ولا بأس باستعمال الجملة في الطلب الانشائي بتعدد الداعي لا انّه يستعمل انشاء بالنسبة إلى أحدهما وإخبارا بالنسبة إلى الآخر حتى يلزم نظير استعمال اللفظ في المعنيين.

أو يدّعى ظهور الخبر في خصوص المركب ويكون التعبير بعدم السقوط من جهة المسامحة العرفية في الموضوع الباقي بعده عين الموضوع السابق بجعل الجزء المتعذر من الحالات ولذا اعتبرنا كونه من غير الاجزاء المقومة وسنشير إلى اعتبار كون الميسور ممّا يعدّه العرف ميسورا للمعسور.

الثاني : انّ اطلاق المعسور والميسور يشمل الواجب والمستحب.

فان اريد من قوله : « لا يسقط الخ » حكم الميسور الثابت له سابقا في كل ميسور بحسبه ان واجبا فواجبا وان مستحبا فمستحبا فيدل على المطلوب كما لا يخفى.

وامّا ان اريد منه عدم سقوط نفس الموضوع ليكون انشاء حكم له ابتداء بلا نظر إلى الحالة السابقة فيشكل الاستدلال ، لأنّه بعد إرادة الأعم من الواجب والمستحب من الميسور فلا بدّ من أن يراد من الجملة الخبرية في مقام الانشاء مطلق الطلب ، وحيث انّه يكفي في صدق عدم سقوط اجزاء الواجب عن المكلف وثبوتها عليه اتصافها بمطلق الطلب ولو في ضمن الاستحباب فلا يدل على اتصاف الميسور من الواجب بالوجوب كما هو المطلوب.

٣١٤

اللهمّ إلاّ أن يدّعى ظهور الجملة الخبرية في الوجوب فيدور الأمر بين الأخذ بظهورها والأخذ باطلاق الموضوع الشامل للواجب والمستحبّ فيؤخذ بظهورها لا من جهة دوران الأمر بين خلاف الظهور في الجملة وبين زيادة التقييد في الموضوع بعد اخراج المباحات عنه كما توهم ، لوضوح عدم تمامية الاطلاق بالنسبة إلى المباحات لكون المقام مقام بيان كون الميسور مطلوبا فيكون خروج المباح تخصصا لا تخصيصا ، بل لأظهريتها في نفسها في الوجوب خصوصا مع ملاحظة التعبير بعدم السقوط الظاهر في بقائه على ما هو عليه سابقا وهو الوجوب كما لا يخفى.

الثالث : انّ الميسور من المفاهيم العرفية فلا بدّ في تعيين مفهومه من الرجوع إلى العرف ؛ وامّا انطباقه على المصاديق :

فان كان الاشتباه فيها من جهة العوارض الخارجية فليس المرجع هو العرف.

وان كان الاشتباه من جهة عدم الاحاطة بالمفهوم سعة وضيقا فيرجع إليهم في تعيين المفهوم فيزول الشك ثانيا ؛ وعلى كل حال فلا بدّ من كون الميسور ميسورا للواحد عرفا ، وحينئذ فيشكل الأمر في القاعدة :

عكسا ، للزوم التخصيص الكثير باخراج كثير مما يعدّه العرف ميسورا للواحد مع عدم إجراء حكم القاعدة عند الأصحاب في كثير من الموارد ، بل بالدليل القطعي في مثل فاقد الطهورين ونحوه.

وطردا أيضا ، لجريان حكمها في كثير ممّا لا يعدّه العرف ميسورا للمعسور كما في صورة الغرقى ونحوه ، فيكشف ذلك عن عدم كون القاعدة حجة متبعة.

ولكنه يدفع الاشكال من جهة عدم الاطراد والانعكاس : بكون الدخول والخروج من باب التخصيص والحقيقة ، حيث انّ الميسور وان كان من المفاهيم

٣١٥

العرفية إلاّ أنّه كان من منشأ انتزاعي واقعي وارتباط حقيقي بينه وبين المعسور موجب لكونه ميسورا له لا لغيره ، فربما يرى العرف بحسب نظرهم القاصر تحقق المناط مع عدمه واقعا فيكشف الشارع عن عدم تحققه واقعا فيكون تخصيصا ، وبالعكس فيما لا يعدّه العرف ميسورا مع جريان حكم القاعدة فيه فيكشف الشارع عن تحققه واقعا وحينئذ فيكون فهم العرف حجة فيما لا ردع من الشارع وإلاّ فلا تخصيص أيضا كما عرفت ، هذا.

مع انّه على فرض تسليم التخصيص وكثرته يكون موجبا للعلم الاجمالي قبل الفحص عن المعارض بوجود المخصص بالنسبة إليها في الأطراف التي لم يعملوا بها لا في غيرها ، فلا بدّ من الاقتصار في العمل بها على موارد العمل خروجا عن العمل بها في أطراف العلم الاجمالي وجبرا للوهن الحاصل بها من جهة وقوعها في معرض التخصيص.

وأمّا قوله : « ما لا يدرك كله لا يترك كله » فوجه دلالته يتوقف على ظهور لفظ ال « كل » في المركب ويكون معناه حينئذ : انّ كل مركب لا يدرك جميع اجزائه لا يترك جميع اجزائه حتى الاجزاء الممكنة بل يؤتى منها بقدر الامكان.

وقد اورد على الرواية بعدم ظهور لـ « كل » في المركب بل يحتمل أن يكون المراد منه هو الكلي المشتمل على الافراد فيكون في مقام دفع توهّم الارتباط بينها الموجب لسقوط كل الافراد بسقوط بعضه.

ويدفع ذلك مضافا إلى ظهور لفظ ال « كل » بمادته في المركب دون الكلي إلاّ بالعناية كما يشهد بذلك عدم العناية في اضافته إلى المركب كإضافة لفظ البعض إليه واحتياجه في إضافته الى الطبيعة كاضافة لفظ البعض إليها إلى ارادة مجموع الافراد من حيث المجموع من المضاف إليه كما لا يخفى ؛ بأنّ الظاهر من الموصول هو فعل المكلف وان كان دالا على العموم أيضا ، فإذا انضمّ إليه ظهور الجملة الخبرية في

٣١٦

جريان حكمها في كل فعل من أفعاله فلا بدّ أن يحمل على الأفعال المركبة كما لا يخفى.

وأمّا الجواب : بلزوم اللغو في الجملة لو حمل الموصول على الكلي بنحو الاستغراق في افراده لكون الجملة ظاهرة في عموم السلب ، مدفوع :

بظهور النفي الداخل على العموم في سلب العموم لا في عمومه كما لا يخفى ، الاّ ان يقوم دليل خارجي على ذلك كما في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ). (١)

واورد أيضا : باطلاق الموصول في الواجب والمستحب ، فلا بدّ من حمل الجملة على مطلق الرجحان.

وقد اجيب : بأولوية ظهور الجملة بعد لزوم التخصيص في الموصول قطعا باخراج المباح ، لكون الدوران حينئذ بين زيادة التخصيص والمجازية فيقدم الأول على الثاني.

وفيه : انّ خروج المباحات من باب التخصيص ، حيث انّ الظاهر من الموصول بعد تقيده بالصلة وهو الادراك هو كونه محبوبا في نفسه ومرغوبا عند المولى ، والمباح ليس كذلك ، فيدور الأمر حينئذ بين أصل التخصيص وخلاف الظاهر في الجملة لو لم يدّعى أظهرية الموصول لكون عمومه بالصلة وضعيا وظهور الجملة في اللزوم اطلاقيا.

هذا كله في تعذر الجزء.

وامّا تعذر الشرط ، فلا يجري بالنسبة إلى الباقي استصحاب مطلق الوجوب ، لعدم اتصافه سابقا بالوجوب أصلا لما مرّ سابقا من المباينة بين واجد الشرط

__________________

(١) سورة لقمان : ١٨.

٣١٧

وفاقده.

وامّا استصحاب الوجوب النفسي فيحتاج إلى المسامحة العرفية في الباقي بعدّ الفاقد عين الواجد للشرط ، ولا يبعد ذلك بالنسبة إلى بعض الشروط.

وامّا دلالة قوله : « إذا أمرتكم الخ » فيتوقف على استفادة البعضية من كلمة « من » الواقعة فيه.

وامّا قوله : « الميسور لا يسقط الخ » فيتوقف دلالته على كون الفاقد للشرط ميسورا للواجد عرفا بعد عدم كونه كذلك حقيقة.

وامّا قوله : « ما لا يدرك الخ » فلا يبعد اختصاصه بالمركب الخارجي على ما استظهرناه من لفظ ال « كل ».

٣١٨

خاتمة

في اجراء الاصول قبل الفحص

امّا الاحتياط ، فنقول : انّه في مقامين :

[ المقام ] الأول : في مقام العمل في كل أحد بالنسبة إلى عمل نفسه.

ففي التوصليات لا بأس به قطعا.

اما العبادات :

ففي الاقل والاكثر : فكذلك حتى بناء على اعتبار قصد الوجه والتميز ، لحصولهما في الأكثر بعد ما مرّ مرارا من كون الطبيعة عين الفرد خارجا وعدم منافاة الخصوصية الفردية في الاتحاد. نعم بناء على اعتبار التميز في الاجزاء فيشكل ، إلاّ أنّ احتماله سخيف في الغاية.

وامّا في المتباينين : فقد قيل بعدم الجواز بناء على اعتبار قصد الوجه والتميز ، هذا مع انّ التكرار يكون لعبا بأمر المولى. ولكن الحق الجواز لحصول قصد الوجه معه أيضا وعدم اعتبار التميز قطعا بعد كونه مما يغفل عنه غالبا وعدم عين منه في الآثار والأخبار مع انّه لو كان معتبرا لكان على الشارع البيان ، للزوم نقض الغرض بدونه كما لا يخفى.

٣١٩

وامّا اللعب ، ففيه : مع عدمه أصلا لو كان التكرار بداعي عقلائي ؛ انّه على فرض التسليم يكون في الاتيان بالزائد مع التمكن على الاقتصار بالواحد بالفحص لا في أمر المولى مع انّه على فرض التسليم لا فرق بين المقام وغيره في البطلان.

المقام الثاني : في مقام الفتوى للمقلد ، فنقول :

لا يجوز للمجتهد الافتاء بالاحتياط قبل الفحص إلاّ ببيان الحال وانّه من جهة عدم الفحص. نعم بعد الفحص واليأس بالظفر بالدليل فان ظفر بفتوى واحد من الفقهاء :

فان حصل له الاطمئنان بظفره على ما لم يظفر به من خبر في المسألة فان علم بعدم خطئه في فهم المراد من الخبر بالطرق المتعارفة للمجتهد بحيث يكون فهمه منها كفهمه بنفسه كان فتواه بمنزلة نقل الخبر بالمعنى فيكون حجة له على تقدير حجية المنقول بالمعنى.

وامّا لو لم يحصل له الاطمئنان بوجود المدرك أو القطع بصحّة حدس المفتي لما كان فتواه حجة.

ومن هنا ظهر : انّ المجتهد لو اعتقد بأعلميته وكان ممن لا يجوّز تقليد غير الأعلم لا يجوز له في موارد الاحتياطات المطلقة ارجاع مقلديه قبل الفحص أو بعده الاّ إذا علم قبله بحصول الشرطين المذكورين كما لا يخفى.

هذا كله في جريان الاحتياط قبل الفحص.

وامّا اجراء سائر الاصول قبله : فان كان موافقا للاحتياط كالاستصحاب المثبت للتكليف فحكمه حكمه.

وان كان مخالفا له كالبراءة والاستصحاب النافي للتكليف مثلا :

٣٢٠