آداب الأسرة في الإسلام

السيد سعيد كاظم العذاري

آداب الأسرة في الإسلام

المؤلف:

السيد سعيد كاظم العذاري


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-84-6
الصفحات: ١٤٧

فقالت : فخبّرني عن شيء منه فقال : ليس لها أن تصوم إلّا باذنه ـ يعني تطوعاً ـ ولا تخرج من بيتها إلّا باذنه ، وعليها أن تطّيّب بأطيب طيبها ، وتلبس أحسن ثيابها ، وتزيّن بأحسن زينتها ، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية وأكثر من ذلك حقوقه عليها » (١) .

ويستحب لها كما يقول الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام : « .. إظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه » (٢) .

وفي رواية (جاء رجل إلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقتني ، وإذا خرجت شيّعتني ، وإذا رأتني مهموماً قالت : ما يهمّك ، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك ، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « بشرها بالجنة ، وقل لها : إنّك عاملة من عمّال الله ، ولك في كلِّ يوم أجر سبعين شهيداً » .

وفي رواية : « إنّ لله عزَّ وجلَّ عمّالاً ، وهذه من عمّاله ، لها نصف أجر الشهيد » (٣) .

ويحرم علىٰ الزوجة أن تعمل ما يسخط زوجها ويؤلمه في ما يتعلق بالحقوق العائدة إليه ، كادخال بيته من يكرهه ، أو سوء خُلقها معه ، أو اسماعه الكلمات المثيرة وغير اللائقة .

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل منها

_______________

١) الكافي ٥ : ٥٠٨ .

٢) تحف العقول : ٢٣٩ .

٣) مكارم الاخلاق : ٢٠٠ .

٦١

صرفاً ولا عدلاً ولا حسنة من عملها حتىٰ ترضيه » (١) .

وقال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : « أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ ، لم تقبل منها صلاة حتىٰ يرضىٰ عنها ، وأيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها ، لم تقبل منها صلاة حتىٰ تغتسل من طيبها ، كغسلها من جنابتها » (٢) .

ويحرم علىٰ الزوجة أن تهجر زوجها دون مبرر شرعي (٣) ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة حشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون في الدرك الأسفل من النار إلّا أن تتوب وترجع » (٤) .

ومن أجل الحيلولة دون تمادي الزوجة غير المطيعة في ارتكاب الممارسات الخاطئة التي تخلق أجواء التوتر في الاُسرة ، جعل الإسلام للزوج حق استخدام العقوبات المؤدبة لها إذا لم ينفع معها الوعظ والارشاد ، وتندرج العقوبة من الأخف أولاً ثم الأشد ثانياً حسب حال المرأة ومقدار نشوزها واعراضها وعدم طاعتها بعد بذل النصيحة والموعظة ، قال الله تعالىٰ : ( ... وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ... ) (٥) .

_______________

١) مكارم الاخلاق : ٢٠٢ .

٢) الكافي ٥ : ٥٠٧ .

٣) جواهر الكلام ٣١ : ٢٠١ . ومنهاج الصالحين ، المعاملات : ١٠٣ .

٤) مكارم الاخلاق : ٢٠٢ .

٥) سورة النساء : ٤ / ٣٤ .

٦٢

فتجوز له العقوبة إذا منعته من نفسها ، وتسلّطت عليه بالقول أو الفعل ، فيبدأ بوعظها وتخويفها من الله تعالىٰ ، فإن أثّر ذلك وإلّا هجرها بالاعراض عنها في مدخله ومخرجه ومبيته من غير اخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس ، فان أثّر ذلك وإلّا ضربها ضرباً غير مبرّح ، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو باذنه وامتنعت عن الرجوع إليه فله ردّها ، وإن أبت فله تأديبها بالاعراض عنها وقطع الانفاق (١) .

وأكدت الروايات علىٰ مراعاة حق الزوج ، واتّباع الأساليب الشيّقة في ادامة أواصر الحبّ والوئام ، وخلق أجواء الانسجام والمعاشرة الحسنة داخل الاُسرة ، فجعل الإمام الباقر عليه‌السلام حسن التبعل جهاداً للمرأة فقال عليه‌السلام : « جهاد المرأة حسن التبعل » (٢) .

ولأهمية مراعاة هذا الحق قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تؤدي المرأة حقّ الله عزَّ وجلَّ حتىٰ تؤدي حقّ زوجها » (٣) .

وذكر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طاعة الزوج في سياق ذكره لسائر العبادات والطاعات التي توجب دخول الجنة ، حيث قال : « إذا صلّت المرأة خَمسها ، وصامت شهرها ، وأحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، فلتدخل من أيّ أبواب الجنة شاءت » (٤) .

ووضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام منهجاً في العلاقات بين

_______________

١) الكافي في الفقه : ٢٩٤ .

٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٧٨ .

٣) مكارم الاخلاق : ٢١٥ .

٤) مكارم الاخلاق : ٢٠١ .

٦٣

الزوجين يعصم الحياة الزوجية من التصدّع والاضطراب ، فأكد علىٰ الزوجة أن لا تكلف زوجها مالا يطيق في أمر النفقة ، وهو أمر يسبب كثيراً من المتاعب في الحياة الزوجية ويضرّ بصفوها وانسجامها .

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّما امرأة أدخلت علىٰ زوجها في أمر النفقة وكلّفته مالا يطيق ، لا يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً إلّا أن تتوب وترجع وتطلب منه طاقته » (١) .

وحث صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المرأة علىٰ اصلاح شؤون البيت واستقبال الزوج بأحسن استقبال فقال : « حقّ الرجل علىٰ المرأة إنارة السراج ، واصلاح الطعام ، وان تستقبله عند باب بيتها فترحب به ، وأن تقدّم إليه الطشت والمنديل ... » (٢) .

ويستحب للزوجة أن تكسب رضا الزوج وتنال مودته ، قال الامام جعفر الصادق عليه‌السلام : « خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتىٰ ترضىٰ عني » (٣) .

وجعل الإمام محمد الباقر عليه‌السلام رضا الزوج علىٰ زوجته شفيعاً لها عند الله تعالىٰ ، فقال : « لا شفيع للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها ، ولمّا ماتت فاطمة عليها‌السلام قام عليها أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : اللهمّ إنّي راضٍ عن ابنت نبيك ، اللهمّ إنّها قد أوحشت فآنسها » (٤) .

_______________

١) مكارم الاخلاق : ٢٠٢ .

٢) مكارم الاخلاق : ٢١٥ .

٣) مكارم الاخلاق : ٢٠٠ .

٤) بحار الانوار ١٠٣ : ٢٥٧ .

٦٤

ومن أجل التغلب علىٰ المشاكل المعكّرة لصفو المودة والوئام ، يستحب للزوجة أن تصبر علىٰ أذىٰ الزوج ، فلا تقابل الأذىٰ بالأذىٰ والاساءة بالاساءة ؛ لأنّ ذلك من شأنه أن يغمر أجواء الاُسرة بالتوترات الدائمة والمشاكل التي لا تنقضي ، والصبر هو الاُسلوب القادر علىٰ ايصال العلاقات إلىٰ الانسجام التام بعودة الزوج إلىٰ سلوكه المنطقي الهادىء ، فلا يبقىٰ له مبرر للاصرار علىٰ سلوكه غير المقبول ، قال الإمام الباقر عليه‌السلام : « وجهاد المرأة أن تصبر علىٰ ما ترىٰ من أذىٰ زوجها وغيرته » (١) .

ومن آثار مراعاة الزوجة لحقوق الزوج في الوسط الاُسري أن تصبح له مكانة محترمة في نفوس أبنائه ، فيحفظون له مقامه ، ويؤدون له حق القيمومة فيطيعون أوامره ، ويستجيبون لارشاداته ونصائحه ، فتسير العملية التربوية سيراً متكاملاً ، ويعمّ الاستقرار والطمأنينة جوّ الاُسرة بأكمله ، وتنتهي جميع ألوان وأنواع المشاحنات والتوترات المحتملة .

ثانياً : حقوق الزوجة :

وضع الإسلام حقوقاً للزوجة يجب علىٰ الزوج تنفيذها وأداءها ، وهي ضرورية لاشاعة الاستقرار والاطمئنان في أجواء الاُسرة ، وإنهاء أسباب المنافرة والتدابر قبل وقوعها .

ومن حقوق الزوجة علىٰ زوجها : حق النفقة ، حيث جعله الله تعالىٰ من الحقوق التي يتوقف عليها حقّ القيمومة للرجل ، كما جاء في قوله تعالىٰ : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا

_______________

١) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٧٧ .

٦٥

مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) (١) .

فيجب علىٰ الزوج الانفاق علىٰ زوجته ، وشدّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علىٰ هذا الواجب حتىٰ جعل المقصّر في أدائه ملعوناً ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ملعون ملعون من يضيّع من يعول » (٢) .

والنفقة الواجبة هي الاطعام والكسوة للشتاء والصيف وما تحتاج إليه من الزينة حسب يسار الزوج (٣) .

والضابط في النفقة القيام بما تحتاج إليه المرأة من طعام وأداء وكسوة وفراش وغطاء واسكان واخدام وآلات تحتاج إليها لشربها وطبخها وتنظيفها (٤) .

ويقدم الاطعام والاكساء علىٰ غيره من أنواع النفقة ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « حقّ المرأة علىٰ زوجها أن يسدَّ جوعتها ، وأن يستر عورتها ، ولا يقبّح لها وجهاً ، فإذا فعل ذلك أدّىٰ والله حقّها » (٥) .

والنفقة هي ملك شخصي للزوجة ، فلو دفع لها الزوج نفقتها ليوم أو اسبوع أو شهر ، وانقضت المدة ولم تصرفها علىٰ نفسها بأن أنفقت من غيرها ، أو أنفق عليها أحد بقيت ملكا لها (٦) .

_______________

١) النساء ٤ : ٣٤ .

٢) عدة الداعي / أحمد بن فهد الحلي : ٧٢ ـ مكتبة الوجداني قم .

٣) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٢٨٥ .

٤) مهذب الاحكام ٢٥ : ٢٩٨ . والصراط القويم : ٢١٥ .

٥) عدة الداعي : ٨١ .

٦) مهذب الاحكام ٢٥ : ٣٠٥ .

٦٦

ولو مضت أيام ولم ينفق الزوج عليها اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة سواء طالبته بها أو سكتت عنها (١) .

ولضرورة هذا الحق جعل الاسلام للحاكم الشرعي ـ وهو الفقيه العادل ـ صلاحية إجبار الزوج علىٰ النفقة ، فإن امتنع كان له حق التفريق بينهما (٢) ، قال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : « إذا أنفق الرجل علىٰ امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة ، وإلّا فرّق بينهما » (٣) .

ولا تسقط النفقة حتىٰ في حال الطلاق ، فما دامت المطلقة في عدتها فعلىٰ الزوج الانفاق عليها ، وتسقط نفقتها في حال الطلاق الثالث ، قال الإمام محمد الباقر عليه‌السلام : « إنَّ المطلقة ثلاثاً ليس لها نفقة علىٰ زوجها ، إنّما هي للتي لزوجها عليها رجعة (٤) ، إلّا الحامل فإنّها تستحقُّ النفقة بعد الطلاق الثالث » (٥) .

قال الإمام الصادق عليه‌السلام : « إذا طلّق الرجل المرأة وهي حبلىٰ ، أنفق عليها حتىٰ تضع .. » (٦) .

وتسقط النفقة في حال عدم التمكين للزوج ، ولا تسقط إن كان عدم التمكين لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب

_______________

١) مهذب الاحكام ٢٥ : ٣٠٤ .

٢) مهذب الاحكام ٢٥ : ٣٠٥ .

٣) وسائل الشيعة ٢١ : ٥١٢ .

٤) الكافي ٦ : ١٠٤ .

٥) المقنعة : ٥٣١ .

٦) الكافي ٦ : ١٠٣ .

٦٧

أو مرض (١) .

وتسقط النفقة إن خرجت بدون إذن زوجها، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتىٰ ترجع » (٢) .

وحثّ الإسلام علىٰ اتخاذ التدابير الموضوعية للحيلولة دون وقوع التدابر والتقاطع ، فدعا إلىٰ توثيق روابط المودّة والمحبة وأمر بالعشرة بالمعروف ، قال الله تعالىٰ : ( ... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) (٣) .

ومن مصاديق العشرة بالمعروف حسن الصحبة ، قال الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية : « إنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، فدارها علىٰ كلِّ حال ، وأحسن الصحبة لها ، فيصفو عيشك » (٤) .

ومن حقها أن يتعامل زوجها معها بحسن الخلق ، وهو أحد العوامل التي تُعمّق المودة والرحمة والحب داخل الاُسرة ، قال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : « لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته ، وهي : الموافقة ؛ ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها ، وتوسعته عليها .. » (٥) .

_______________

١) مهذب الاحكام ٢٥ : ٢٩٢ .

٢) الكافي ٥ : ٥١٤ .

٣) سورة النساء : ٤ / ١٩ .

٤) مكارم الاخلاق : ٢١٨ .

٥) تحف العقول : ٢٣٩ .

٦٨

ومن حقها الاكرام ، والرفق بها ، واحاطتها بالرحمة والمؤانسة ، قال الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام : « وأمّا حقُّ رعيتك بملك النكاح ، فأن تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية ، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد الله علىٰ صاحبه ، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها ، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحبّت وكرهت ما لم تكن معصية ، فإنّ لها حقّ الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها .. » (١) .

وقد ركّز أهل البيت عليهم‌السلام علىٰ جملة من التوصيات من أجل ادامة علاقات الحب والمودّة داخل الاُسرة ، وهي حق للزوجة علىٰ زوجها .

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائي » (٢) .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من اتخذ زوجة فليكرمها » (٣) .

وقال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : « رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته » (٤) .

وجاءت توصيات جبرئيل إلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مؤكّدة لحق الزوجة قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أوصاني جبرئيل عليه‌السلام بالمرأة حتىٰ ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها

_______________

١) تحف العقول : ١٨٨ .

٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٨١ .

٣) مستدرك الوسائل / النوري ٢ : ٥٥٠ .

٤) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٨١ .

٦٩

إلّا من فاحشة مبيّنة » (١) .

ونهىٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن استخدام القسوة مع المرأة ، وجعل من حق الزوجة عدم ضربها والصياح في وجهها ، ففي جوابه علىٰ سؤال خولة بنت الأسود حول حق المرأة قال : « حقك عليه أن يطعمك ممّا يأكل ، ويكسوك ممّا يلبس ، ولا يلطم ولا يصيح في وجهك » (٢) .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « خير الرجال من أُمتي الذين لا يتطاولون علىٰ أهليهم ، ويحنّون عليهم ، ولا يظلمونهم » (٣) .

ومن أجل تحجيم نطاق المشاكل والاضطرابات الاُسرية ، يستحسن الصبر علىٰ إساءة الزوجة ، لأنّ ردّ الاساءة بالاساءة أو بالعقوبة يوسّع دائرة الخلافات والتشنجات ويزيد المشاكل تعقيداً ، فيستحب الصبر علىٰ إساءة الزوجة قولاً كانت أم فعلاً ، قال الامام محمدالباقر عليه‌السلام : « من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة، أعتق الله رقبته من النار، وأوجب له الجنّة » (٤) .

وحثّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الزوج علىٰ الصبر علىٰ سوء أخلاق الزوجة ، فقال : « من صبر علىٰ سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر ما أعطىٰ أيوب علىٰ بلائه » (٥) .

ولقد ورد في سيرته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يصبر علىٰ أذىٰ زوجاته وغضبهن

_______________

١) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٧٨ .

٢) مكارم الاخلاق : ٢١٨ .

٣) مكارم الاخلاق : ٢١٦ ـ ٢١٧ .

٤) مكارم الاخلاق : ٢١٦ .

٥) مكارم الاخلاق : ٢١٣ .

٧٠

عليه وهجرهن إياه ، فحري بنا أن نقتدي بسيرة سيّد البشر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكي نتجنب كثيراً من حالات التصدّع والتفكك في حياتنا الزوجية ، ونحافظ علىٰ سلامة العلاقات داخل محيط الاُسرة .

عن عمر بن الخطاب قال : غضبت علىٰ امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فانكرت أن تراجعني ، فقالت : ما تنكر من ذلك ! فو الله إنّ أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهنّ اليوم إلىٰ الليل (١) .

وقال عمر لحفصة ابنته : أتغضب احداكنّ علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اليوم إلىٰ الليل ؟ قالت : نعم (٢) .

وكانت سيرة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام مثالاً لسيرة جدهم المصطفىٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل مفردات العقيدة والسلوك ، وهكذا كانت في مسألة الصبر علىٰ أذىٰ الزوجة لأجل تقويم سلوكها واصلاحها ، فعن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام قال: « كانت لأبي عليه‌السلام امرأة، وكانت تؤذيه، وكان يغفر لها » (٣) .

ومن حقوق الزوجة حق المضاجعة ، فإذا حرمها الزوج من ذلك ـ كما هو الحال في الايلاء ، بأن يحلف أن لا يجامع زوجته ـ فللزوجة حق الخيار ، إن شاءت صبرت عليه أبداً ، وإن شاءت خاصمته إلىٰ الحاكم الشرعي ، حيث يمهله لمدة أربعة أشهر ليراجع نفسه ويعود إلىٰ مراعاة حقها ، أو يطلقها ، فان أبىٰ كليهما حبسه الحاكم وضيّق عليه في المطعم

_______________

١) الدر المنثور ٦ : ٢٤٣ .

٢) المعجم الكبير ٢٣ : ٢٠٩ .

٣) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٧٩ .

٧١

والمشرب حتىٰ يرجع إلىٰ زوجته ، أو يطلقها (١) .

وإذا تزوجت من رجل علىٰ أنّه سليم ، فظهر أنه عنّين انتظرت به سنة ، فان استطاع مجامعتها فتبقىٰ علىٰ زوجيتها ، وإن لم يستطع كان لها الخيار ، فان اختارت المقام معه علىٰ أنّه عنّين لم يكن لها بعد ذلك خيار (٢) .

ولا يجوز اجبار المرأة علىٰ الزواج من رجل غير راغبة فيه ـ كما تقدم ـ .

وإن كان للرجل زوجتان ، فيجب عليه العدل بينهما (٣) .

ووضع الإسلام حدوداً في العلاقات الزوجية ، فلا يجوز للزوج أن يقذف زوجته ، فلو قذفها جلد الحدّ (٤) .

ثالثاً : حقوق الوالدين :

للوالدين الدور الأساسي في بناء الاُسرة والحفاظ علىٰ كيانها ابتداءً وإدامة ، وهما مسؤولان عن تنشئة الجيل طبقا لموازين المنهج الاسلامي ، لذا حدّد الإسلام أُسس العلاقة بين الوالدين والأبناء ، طبقاً للحقوق والواجبات المترتّبة علىٰ أفراد الاُسرة تجاه بعضهم البعض ، فقد قرن الله تعالىٰ في كتابه الكريم بوجوب برّ الوالدين والاحسان إليهما بوجوب عبادته ، وحرّم جميع ألوان الاساءة إليهما صغيرها وكبيرها ، فقال تعالىٰ : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ

_______________

١) المقنعة : ٥٢٣ .

٢) المقنعة : ٥٢٠ .

٣) المقنعة : ٥١٦ .

٤) المقنعة : ٥٤١ .

٧٢

الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) (١) .

وأمر بالاحسان إليهما والرحمة بهما والاستسلام لهما ، فقال تعالىٰ : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) (٢) .

وقرن الله تعالىٰ الشكر لهما بالشكر له ، فقال : ( ... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) (٣) .

وأمر تعالىٰ بصحبة الوالدين بالمعروف ، فقال : ( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ... ) (٤) .

وتجب طاعة الأبناء للوالدين ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ... ووالديك فأطعمها وبرهما حيّين كانا أو ميتين ، وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل ، فإنّ ذلك من الايمان » (٥) .

وقرن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام بر الوالدين بالصلاة والجهاد ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قلت : أي الأعمال أفضل ؟ قال : « الصلاة لوقتها ، وبر الوالدين ، والجهاد في سبيل الله عزَّ وجلَّ » (٦) .

ومن حقوق الوالد علىٰ ولده كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا يسميه

_______________

١) سورة الاسراء : ١٧ / ٢٣ .

٢) سورة الاسراء : ١٧ / ٢٤ .

٣) سورة لقمان : ٣١ / ١٤ .

٤) سورة لقمان : ٣١ / ١٥ .

٥) الكافي ٢ : ١٥٨ ، كتاب الايمان والكفر ، باب البر بالوالدين .

٦) الكافي ٢ : ١٥٨ / ٤ .

٧٣

باسمه ، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسبّ له » (١) .

ومعنىٰ (لا يستسب له) أي لا يفعل ما يصير سبباً لسبّ الناس له .

وقدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برّ الوالدة علىٰ برّ الوالد لأنّها أكثر منه في تحمّل العناء من أجل الأولاد في الحمل والولادة والرضاع ، عن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام ، قال : « جاء رجل إلىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، من أبرُّ ؟ قال : أُمّك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أُمّك ، قال ثم من ؟ قال : أباك » (٢) .

وكانت سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائمة علىٰ تكريم من يبر والديه ، فقد أتته أُخته من الرضاعة ، فلمّا نظر إليها سرَّ بها وبسط ملحفته لها فأجلسها عليها ، ثم أقبل يحدّثها ويضحك في وجهها ، ثم قامت وذهبت وجاء أخوها ، فلم يصنع به ما صنع بها ، فقيل له : يا رسول الله ، صنعت بأخته مالم تصنع به وهو رجل ؟! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لأنّها كانت أبرَّ بوالديها منه » (٣) .

وقدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طاعة الوالدين علىٰ الجهاد ، ففي رواية جاءه رجل وقال : يا رسول الله ، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فقرَّ مع والديك ، فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة » (٤) .

وورد في الحديث أنّه يجب برّ الوالدين وإن كانا فاجرين ، قال الإمام

_______________

١) الكافي ٢ : ١٥٩ / ٥ .

٢) الكافي ٢ : ١٥٩ ـ ١٦٠ / ٩ .

٣) الكافي ٢ : ١٦١ / ١٢ .

٤) الكافي ٢ : ١٦٠ / ١٠ .

٧٤

محمد الباقر عليه‌السلام : « ثلاث لم يجعل الله عزَّ وجلَّ لأحد فيهنَّ رخصة : أداء الامانة إلىٰ البرّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبر الوالدين برّين كانا أو فاجرين » (١) .

وفي الآية المتقدمة ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) قال الإمام الصادق عليه‌السلام : « لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلّا برحمة ورقّة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، ولا يدك فوق أيديهما ، ولا تقدَّم قدّامهما » (٢) .

وبرّ الوالدين لا يقتصر علىٰ حال حياتهما ، بل يشملهما حال الحياة وحال الممات ، قال الامام الصادق عليه‌السلام : « ما يمنع الرجل منكم أن يبرَّ والديه حيّين وميّتين ، يصلي عنهما ، ويتصدّق عنهما ، ويحجّ عنهما ، ويصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما ، وله مثل ذلك ، فيزيده الله عزَّ وجلَّ ببره وصلته خيراً كثيراً » (٣) .

ويجب علىٰ الولد الأكبر أن يقضي عن والده مافاته من صلاة وصوم (٤) ، أما بقية الأولاد فلا يجب عليهما القضاء عن والدهم ، بل يستحب للرواية المتقدمة .

وحرّم الإسلام عقوق الوالدين بجميع ألوانه ومراتبه ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « من أحزن والديه فقد عقّهما » (٥) .

_______________

١) الكافي ٢ : ١٦٢ / ١٥ .

٢) الكافي ٢ : ١٥٨ / ١ .

٣) الكافي ٢ : ١٥٩ / ٧ .

٤) منهاج الصالحين / السيد السيستاني ، العبادات : ٢٤٨ ، ٣٣٨ .

٥) بحار الانوار ٧٤ : ٧٢ ، كتاب العشرة ، باب بر الوالدين / ٥٣ .

٧٥

وعن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام قال : « أدنىٰ العقوق أفّ ، ولو علم الله عزَّ وجلَّ شيئاً أهون منه لنهىٰ عنه » (١) .

وقال عليه‌السلام : « ... ومن العقوق أن ينظر الرجل إلىٰ والديه فيحدّ النظر إليهما » (٢) .

وقال عليه‌السلام : « من نظر إلىٰ أبويه نظر ماقتٍ وهما ظالمان له ، لم يقبل الله له صلاة » (٣) .

وعقوق الوالدين من الكبائر التي تستلزم دخول النار ، قال الإمام الصادق عليه‌السلام : « عقوق الوالدين من الكبائر ، لأنّ الله عزَّ وجلَّ جعل العاقّ عصياً شقياً » (٤) .

ولا يقتصر وجوب البر وحرمة العقوق علىٰ الجوانب المعنوية والروحية ، بل يتعداها إلىٰ الجوانب المادية ، فتجب النفقة عليهما إن كانا معسرين (٥) .

وتجب رعاية الوالدين رعاية صحية ، عن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : إنّ أبي قد كبر جداً وضعف ، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة ؟ فقال : « إنّ استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ، ولقّمه بيدك ، فإنّه

_______________

١) الكافي ٢ : ٣٤٨ كتاب الايمان والكفر ، باب العقوق .

٢) الكافي ٢ : ٣٤٩ .

٣) الكافي ٢ : ٣٤٩ .

٤) بحار الانوار ٧٤ : ٧٤ .

٥) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٢٨٦ .

٧٦

جُنّة لك غداً » (١) .

وخلاصة القول : يجب طاعة الوالدين في جميع ما يأمرون به إلّا المعصية أو ما يترتب عليه مفسدة فلا تجب طاعتهما .

ومع جميع الظروف يجب علىٰ الأبناء إحراز رضا الوالدين بأيّ أُسلوب شرعي إن أمكن ، لأنّ رضاهما مقروناً برضىٰ الله تعالىٰ ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « رضا الله مع رضىٰ الوالدين ، وسخط الله مع سخط الوالدين » (٢) .

وبرّ الوالدين بطاعتهما والاحسان إليهما ، كفيل باشاعة الودّ والحبّ والوئام في أجواء الاُسرة وبالتالي إلىٰ تحكيم بنائها وإنهاء جميع عوامل الاضطراب والتخلخل الطارىء عليها ، ولا يتحقق ذلك إلّا بالالتزام بالحقوق والواجبات المترتبة علىٰ أفرادها .

رابعاً : حقوق الأبناء :

للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام بالقول : « وأمّا حق ولدك فإنّك تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حسن الأدب والدلالة علىٰ ربّه عزَّ وجلَّ والمعونة له علىٰ طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب علىٰ الاحسان إليه ، معاقب علىٰ الاساءة إليه » (٣) .

_______________

١) الكافي ٢ : ١٦٢ .

٢) بحار الانوار ٧٤ : ٨٠ .

٣) بحار الانوار ٧٤ : ٦ .

٧٧

ومن حقّ الأبناء علىٰ الآباء الاحسان إليهم وتعليمهم وتأديبهم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « رحم الله عبداً أعان ولده علىٰ برّه بالاحسان إليه والتألف له ، وتعليمه وتأديبه » (٢) .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « رحم الله من أعان ولده علىٰ برّه ... يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به » (٣) .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم » (٤) .

وتترتب علىٰ الوالدين جملة من الحقوق ينبغي مراعاتها من أجل اعداد الأبناء إعداداً فكرياً وعاطفياً وسلوكياً منسجماً مع المنهج الالهي في الحياة ، ولا يتحقق ذلك إلّا باشباع حاجات الأبناء الأساسية ، كالحاجة إلىٰ الايمان بالغيب ، والحاجة إلىٰ الامان وتوكيد الذات والمكانة بالمحبة والتقدير ، والحاجة إلىٰ التربية الصالحة .

ويمكن تحديد أهم حقوق الأبناء بما يلي :

١ ـ ينبغي علىٰ كلِّ من الوالدين اختيار شريك الحياة علىٰ أساس الايمان والتدين والصلاح والسلامة من العيوب العقلية كالجنون والحمق ، لأنّ ذلك يؤثر علىٰ تنشئة الجيل وسلامته .

وينبغي الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للاُمّ أثناء الحمل ، لكي يخرج الأبناء إلىٰ الدنيا وهم يتمتّعون بالصحة الجسدية والنفسية

_______________

١) مستدرك الوسائل ٢ : ٦٢٦ .

٢) الكافي ٦ : ٥٠ .

٣) مستدرك الوسائل ٢ : ٦٢٥ .

٧٨

لانعكاسها عليهم أثناء الحمل .

٢ ـ يستحب تسمية الأبناء بأحسن الأسماء، ورعاية الاُمّ رعاية صالحة، وتوفير حاجاتها اللازمة للتفرّغ إلىٰ رعاية الأبناء في مهدهم ، ويجب علىٰ الوالد اشباع حاجات الوليد من الرضاعة ، وذلك بالاعتماد علىٰ حليب الاُمّ أو اختيار المرضعة الصالحة ، واشباع حاجاته المادية والمعنوية في فترة الحضانة .

٣ ـ يجب علىٰ الوالدين تعليم الطفل معرفة الله تعالىٰ ، وتعميق الايمان في قلبه وجوارحه ، وتعليمه سائر أصول الدين ليترعرع علىٰ الايمان بالله وبرسوله وبالأئمة عليهم‌السلام وبيوم القيامة ، ليكون الايمان عوناً له في تهذيب نفسه في الحاضر والمستقبل .

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أدّبوا أولادكم علىٰ ثلاث خصال : حبّ نبيكم ، وحبّ أهل بيته ، وقراءة القرآن » (١) .

ويجب تربية الأطفال علىٰ طاعة الوالدين .

٤ ـ ويجب الاحسان إلىٰ الأبناء في هذه المرحلة وتكريمهم من أجل تعميق أواصر الحبّ بينهم وبين الوالدين ، وذلك ضروري في كمالهم اللغوي والعقلي والعاطفي والاجتماعي ، فالطفل يقلد من يحبّه ، ويتقبّل التعليمات والنصائح والأوامر ممّن يحبّه .

والمنهج الإسلامي في التعامل مع الأبناء يؤكد علىٰ التوازن بين اللين والشدة في التربية ، ويؤكد علىٰ العدالة بين الأطفال في الحبّ والتقدير

_______________

١) كنز العمال ١٦ : ٤٥٦ / ٤٥٤٠٩ .

٧٩

وفي العطاء واشباع الحاجات لكي يترعرعوا متحابين متآزرين لا عداء بينهم ولا شحناء ولا تقاطع ولا تدابر .

ويجب علىٰ الوالدين وقاية الابناء من الانحراف الجنسي والانحراف السلوكي ، وتنمية عواطفهم اتجاه الأعمال الصالحة ، وتوجيهها توجيهاً سليماً يقوم علىٰ أساس المنهج الاسلامي في التربية والسلوك .

ويجب الاهتمام بالطفل اليتيم ورعايته رعاية حسنة لكي يكون رجلاً صالحاً في المستقبل .

٨٠