دراسة في تنبؤات نوستردامس

دراسة في تنبؤات نوستردامس

المؤلف:


المترجم: الدكتور شريف الدين
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مركز مكالمات وپژوهشهاى فلكى نجومى
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الزمان يتبدل

« اخرجوا ، اتركوا جني‍ڤ كل واحد منكم

[ ساتَرْن ] سوف يتبدل من ذهبٍ إلى حديد

أولئك الذين هم ضدّ الزعيم الإيراني سيُبادون

قبل الخروج الصاخب ستعرض السماء علامات »

التاسع ـ ٤٤

دعنا أولاً نعرض لمدينة جني‍ڤ لنرى أيَّ موقع خاص لها في عالم اليوم.

جني‍ڤ هي مدينة تقع في أقصى غرب سويسرا وإلى الغرب من بحيرة تعرف باسمها ( بحيرة جني‍ڤ ) ، وهي الجزء السويسري الذي ينطق أهلُه فيه اللغةَ الفرنسية ، وكما هو معلوم فإن سويسرا ليس فيها لغة خاصة بها وإنما يستعمل ٧٠% من أهلها اللغة الألمانية ، ١٩% يستعملون اللغة الفرنسية ( المنطقة الغربية أعلاه ) ،

٢٨١

٩% الإيطالية ، وواحد بالمائة يستعملون لغة لاتينية قديمة تسمى رومانش ، ويُجيد أكثر السويسريين لغتين على الأقل. وقد كانت هذه المدينة تابعة للرومان ثم صارت مدينة مستقلّة غير تابعة لأية دولة حتى استولى عليها الفرنسيون سنة ١٧٩٨ أيام حروب الثورة الفرنسية وبقيت على ذلك في زمن نابليون ، وبعد هزيمة الأخير سنة ١٨١٥ صارت جني‍ڤ جزءاً تابعاً لسويسرا. وقد اكتسبت هذه المدينة صبغة عالمية منذ سنة ١٥٣٦ عندما اتخذ منها زعيم الإصلاح المسيحي ( جون كال‍ڤ‍ن ) مقراً لدعوته إلى الپروتستانتية وصار أتباع هذه الطائفة من كل أنحاء أوروبا ينزحون إليها خشية الاضطهاد في الغالب ، وصارت لهم مثل روما بالنسبة للكاثوليك ، ثم أن منظمة الصليب الأحمر تم إنشاؤها فيها سنة ١٨٦٥ كما أنشيء فيها مكتب العمل العالمي. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تم اختيارها لتكون مقراً لعصبة الأمم التي بدأت أعمالها هناك في ١٠ / ١ / ١٩٢٠ وكان هدفها الأساس هو منع حصول حرب مدمرة كالتي شهدها العالم أثناء الحرب العالمية الأولى وكان الذين خططوا ووضعوا معالم ومكونات عصبة الأمم هم رئيس أمريكي ولورد إنكليزي وجنرال جنوب أفريقي !! ، وكان نشوب الحرب العالمية الثانية ضربة قاصمة لعصبة الأمم ولأهم أهدافها فتمَّ حلُّها لتنبثق محلها منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب

٢٨٢

العالمية الثانية في ٢٤ / ١٠ / ١٩٤٥ ولتتخد من نيويورك مقراً لها ولكن جني‍ڤ بقيت مقراً للكثير من المنظمات الفرعية للأمم المتحدة ومؤسساتها مثل منظمة الصحة العالمية ، وتتواجد فيها اليوم أكثر من (٢٠٠) منظمة عالمية كما أنها مقر إتحاد الكنائس العالمي ، وهي المركز الذي تعقد فيه الكثير من المعاهدات والمحادثات والمباحثات والصفقات السياسية والتجارية والعسكرية إلى آخره. فهي مركز دولي للمؤتمرات العالمية ، وجني‍ڤ بالتالي لها موقع معنوي خاص في هذا العالم ، إنها وكرٌ من أوكار الشيطان ، إنها مركز للدسائس والمكائد التي تحاك ضد الشعوب وقد إمتد دورُها هذا لمدة طويلة من الزمن.

[ ساترن Saturn ] هو كوكب زحل ، وهو بالنسبة للرومان إله البذور والزراعة ورمز الزمان وأوقات السنة ، وتبدُّله من ذهب إلى حديد يعني به أن زمان أهل جني‍ڤ وأهل الغرب سوف يتغير من أيام الرخاء والرفاه والسعادة إلى أيام حرب وشدة وشقاء.

أما عبارة الزعيم الإيراني التي وردت في نص الرباعية فإنها جاءت في الأصل بعبارة [ Raypoz ] وهي لا تعني شيئاً على الإطلاق ، وإنما هي في الحقيقة قلبٌ عكسيّ لكلمة [ Zopyra ] وهي إسم للواحد من النبلاء

٢٨٣

الفرس الذين كان على يدهم قتل أحد ملوك بلاد فارس القدماء والذي كان يدعى سمردس الكذّاب ونصّبوا بدلاً منه الملك داريوس الأول ، وبهذا فإنها تعطي معنى القائد أو الزعيم أو الرئيس الإيراني. وكما ذكرنا فإن هذا الأسلوب من إشاعة الألغاز والتعمية في كلامه هو مما درج عليه نوستردامس في نبوءاته من أجل أن لا يكتشف رجال محاكم التفتيش على وقته شيئاً من طبيعة ممارساته فيتهمونه بالسحر وتداوله حيث أن عقوبة مثل هذه التهمة هي الإعدام حرقاً بالنار.

إذن فنوستردامس يصرخ بكل من هو موجود في جني‍ڤ أن يخرج وأن يترك المدينة ، وقد رأينا أن جني‍ڤ هي مدينة عالمية وذات صبغة خاصة تجعل منها مقرّاً لإدارة شؤون أجزاء كبيرة أخرى من العالم ، فكأنه عندما صرخ وقال : ( كل واحد منكم ) فإنه يخاطب كل من أَلِف الجلوس على موائد المفاوضات والمحادثات فيها وليس أهلها ( بمعنى مواطنيها المحليين ) فقط ، ثم إنه يخبرهم بأن أيامهم الذهبية الرائقة سوف تتبدّل إلى أيام بؤس وشدّة وحديد سلاح وحرب. وقد أتى على ذكر زعيم إيرانيّ يقف الكثيرون من أهل جني‍ڤ وغيرها ضدّه ، ومن تراه يكون هذا الزعيم الإيراني غير آيه الله الخميني رحمه الله تعالى عليه ، وهو الذي صرخ في وجه الغرب

٢٨٤

والشرق أن « لا » ، كفانا ذلاًّ وتبعية وهواناً ، وأراد للإسلام وللمسمين أن يعيشوا بعزّة وشموخ مرفوعي الرأس يحكمون أنفسهم بأنفسهم ويقرّرون لنفسهم المصير الذي يريدون ولا دخل لشرق ولا لغرب في أي شيء من ذلك كله ، وما لكم ولنا !! أتركونا لحالنا ندبّر أمرنا ونعيش حياتنا كما نريد ونختار. صرخ بدعوته هذه فوقف العالم بأسره على قدمية ضدّه ، وكان لمدينة جني‍ڤ وأولئك الذين ألفوا الأجتماع فيها أخطر الأدوار في تدبير المكائد ضد هذه الموجةِ الجديدة التي لم يكن قدومها وانتشارها السريع في حسبانهم وذلك من أجل احتوائها. وتأتي هنا نبوءة من نوستردامس في شأن مستقبل يبدو قريباً فإن أولئك الذين وقفوا ضدّ الزعيم الإيراني سوف يواجهون مصيراً أسود بائساً للغاية ، إنهم سوف يُبادون إبادةً ، ويبدو لي أن بعض هذه النبوءة بالإبادة قد تحقّق فعلاً عندما شاهدنا ما حصل للجيش العراقي في حرب الخليج الأخيرة ، فأفراد هذا الجيش وإن كانوا في الغالب من المغلوبين على أمرهم إلاّ أن الجيش العراقي ببعض فصائله الخاصة كان من أهم الأدوات القمعية والارهابية التي بيد صدام ومن هم وراءه لضرب أبناء الشعب العراقي أنفسهم ، وكان هذا الجيش هو الأداة الرئيسية طبعاً لضرب الإيرانيين على عهد زعامة آية الله الخميني أيام الحرب العراقية ـ الإيرانية ، وقد شاهدنا ما لا يقل

٢٨٥

عن ٢٠٠٠٠٠ من إفراد الجيش العراقي وهم يُحرقون بنار القوات الأمريكية وحلفائها في أبشع مجزرة في التأريخ المعاصر وبلا رحمة من أحد ، ولكن بقي تحقق الجزء الأهم من هذه النبوءة وهو إبادة الرؤوس الحقيقية التي تقف وراء إثارة الحروب وإشاعة الدمار والشقاء في العالم.

أما الخروج الصاخب المذكور في السطر الرابع فهو إشارة إلى خروجين ؛ أولهما هو خروج أهالي جني‍ڤ وقد تبدل الزمان واستحال النعيم إلى جحيم ، وثانيهما هو خروج تلك الحشود الهائلة من الجياع والمستضعفين الطالبين بالثأر وباسترجاع الحقوق وإقامة العدل والسلام في ربوع العالم وبقيادة ملك الرعب ، الإسماعيلي العظيم ، القوي في دين محمد (ص) ولن يقف أمام زحفهم أحد.

وعلامات السماء أمرٌ خافٍ علينا في هذه المرحلة.

٢٨٦

قلب لا يعرف الرحمة

« دموعٌ ، صراخ ، نحيب ، وَلولةٌ ورعب

قلبٌ لا يعرف الرحمة ، قسوة سوداء ، مرعب

بحيرة جني‍ڤ ، الجُزُر ، رؤساء جَنَوا

دماءٌ تصبّ ، جوع وبرد ، لا رحمةَ لأحد »

السادس ـ ٨١

سبقت الإشارة إلى جني‍ڤ وبحيرتها ، وجَنَوا هي أكبر الموانيء الإيطالية على البحر الأبيض المتوسط وهي مركز مقاطعة [ ليغوريا ] التي وردت علينا فيما قبل ، الجزُرُ المذكورة هي الجزر البريطانية على أقوى التقادير بدلالة رباعيات أخرى سترد علينا.

إنه هنا يصف ملك الرعب العظيم وما سيفعله وما سيترك وراءه في حملته الكبرى لتطهير الأرض من الرّجس الذي يدنّس إسمَ الإنسان ، الإنسان الذي كرّمه الله تعالى في البر والبحر وجعل منه خليفةً له على هذه

٢٨٧

الأرض ، وإذا به يستحيل اليوم إلى صنفين ، صنفٌ من الوحوش دونها وحوش الفَلَوات قُدَّتْ قلوبهم من الصّخر أو ما هو أشد وأصلب ، وصنف من الحشرات التي لا قيمة لها ولا حُرمة والتي من حقّ الصنف الأول أن يسحقها بالأقدام وبدون كثير عناية أو تأمّل.

إن ملك الرعب هذاله قلب لا يعرف الرحمة ، قسوتُه مرعبة ، لا رحمة عنده لأحد. وكيف لك أن تتعامل مع من لا يعرف الرحمة إلاّ بضرب لا رحمة فيه ولا هوادة ؟! وهل يفلُّ الحديدَ إلا الحديد ؟! من الذي يرمي بملايين الأطنان من الحبوب والمراد الغذائية في البحر من أجل الحفاظ على أسعارها وإلى جواره الملايين من الأطفال الذين يموتون من الجوع موتاً ؟! أليس هو الغرب الذي يتباكى على حرية والأنسانية !! وما زال حيّاً أمامي مشهد ذلك الطيّار الأمريكي الذي كان قد عاد لتوّه من قصف مدينة بغداد في العراق في حرب الخليج الأخيرة في جملة أسراب الطائرات التي قصفت المدينة بملايين الأطنان من القنابل ، يتحدث أمام كاميرات المراسلين على أرض الجزيرة العربية وهو نشوان مسرور ويقول بأنهم دمروا كل شيء وأشعلوا النيران في كل مكان وبأنه كان يرى بغداد من طائرته مضاءةً بنيران قنابلهم في ظلام الليل الحالك وكأنها شجرة كرسمس ( شجرة عيد الميلاد

٢٨٨

التي يزينونها بالأضوية ليلة عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام ) ، أية قسوة وأي وجه بشع يحمله هؤلاء المجرمون القتلة ، يبيدون البشر بملايينهم ولا يرفّ لهم طرف ويَرون أن ذلك إنسانية وخدمة للسلام والحرية والديمقراطية. كيف تتعامل مع من لا يعترف بحقّ الحياة والوجود والحرية ( وهي أبسط حقوق الإنسان وأكثرها بداهة وأوّلية ) إلا لنفسه فلا يعون بذلك أصلاً أهمية وجود البشر في مواقع العالم الأخرى ، لا رحمة لأحد من هؤلاء ومن أشياعهم. وستكون نتيجة أفعالهم تلك مجاعةً ونقصاً في الوقود ( برد ) ودماءاً تصب صبّاً ، ويلٌ وثبور ، صراخٌ ودموع ورعب يتلوه رعب ، فكما نسيتنا أول مرة فكذلك اليوم تُنسى.

وقد ذكر بحيرة جني‍ڤ والجزر البريطانية وإيطاليا وهي في تباعد أطرافها تصلح أن تكون إشارة إلى أن هذا البلاء سيكون عاماً منتشراً في أوروبا أو في الغرب بصورة عامة.

٢٨٩
٢٩٠

حشد يتلوه حشد

« بعد تحشدٍ بشريّ عظيم يتمّ تحضيرُ تحشّدٍ أعظم

عندها تتجدّدُ الدورةُ العظيمة للقرون

ثورةٌ ، إراقةُ دماء ، مجاعة ، حربٌ ووباء

سوف تُشاَهد نارٌ في السماء تَسحبُ وراءها ذيلاً من الشَّرر »

الثاني ـ ٤٦

إن نوستردامس يبدو في رؤيته المستقبلية هذه كأنه ينظر إلى شاشة تلفزيون ، هل تراه رأى حشود الجيش الأمريكي وغيره من جيوش الحلفاء تتوالى على أرض الجزيرة العربية حشداً يتلوه حشد من عشرات الألوف من الجنود والآليات ، وتقابلها حشود تلو حشود من جانب الجيش العراقي وهي تجتمع على أرض الكويت ، هل تراه رأى صواريخ ( سكد ) و ( توم كروز ) وغيرها وهي تجوز الفضاء تجر وراءها ذيلاً من نار متجهة إلى أهدافها ،

٢٩١

يطلقها هذا الجانب أو ذاك في الحرب الخليجية الأخيرة ؟! وما السطر الأخير إلا إشارة واضحة إلى صواريخ أرض ـ أرض أو بحر ـ أرض إلى آخر القائمة ( كما يمكن أن تكون إشارة إلى صورايخ اكتشاف الفضاء التي لم تُعرف إلا في قرننا هذا ) ، ثم ما صاحب هذه الحرب وما تلاها من مجاعة لا سابق لها في أرض العراق ، وأراقه دماء أكثر من ربع مليون من أبناء العراق والأوبئة التي تهدده بسبب الدمار الذي أصاب منشآت المياه والمجاري والكهرباء وشحة الدواء واللقاحات !! أم تراه يتحدث عن مستقبل لم نره بعد !! أنا شخصياً أراه يصف حرب الخليج التي مرت بنا قريباً. وهو على كل حال يرى هذه الحوادث كمؤشرات لفترة تجدد القرون وهناك إشارة واضحة إلى أنه يتحدث عن سنواتنا هذه وما سيليها حتى تمام القرن العشرين ودخولنا في القرن الحادي والعشرين بدليل بسيط هو ذكره للنار التي تسحب وراءها ذيلاً من الشررو التي هي الصواريخ سواء منها الحربية أو الفضائية الاستكشافية والتي لم يُعرف لها مثيل في التأريخ إلا في قرننا هذا وبالذات في النصف الثاني منه.

٢٩٢

تحولات بعد قرن طويل

« ذروةُ أيريز ، جوبتر وساترن

أيةُ تحولات سيُحدثها الأله الأزليّ

عنئذ ستعود الأيامُ السيئةُ بعد قرن طويل

أيُّ اضطراب في فرنسا وإيطاليا »

الأول ـ ٥١

هنا أيضاً تنبؤ عن حصول تغيّرات وتحوّلات كبرى في العالم في نهاية هذا القرن.

السطر الأول في هذه الرباعية يحتمل تفسيرين وسنأتي إليهما تباعاً ، وأعتقد أنّ كلا التفسيرين صحيح وأنّ هذا السطر يتضمنهما معاً ويعنيهما معاً.

[ أيريز Aries ] هو برج المنجنيق من الأبراج الفلكية ويعرف أيضاً باسم برج الحمل. والمنجنيق هو تلك الآلة الحربية القديمة التي كانت تستعمل في رمي أسوار المدن بالحجارة لتهديمها أو إحداثِ ثَلمةٍ فيها كمقدمة لغزو الجنود.

٢٩٣

[ جوبتر Jupiter ] أو كوكبة المشتري ، هو إسم إله عبدته كل الشعوب الرومانية وكان يمثل بالنسبة لهم النور وكلَّ الظواهر السماوية.

[ ساتَرن Saturn ] أو كوكبة زُحل ، هو إله البذور والزراعة عند الرومان ورمز الزمان والخصب والرفاه عندهم.

والتفسير الأول يأتي من زاوية فلكية ، فإذا كان مُراد نوستردامس هو أن يعطي تأريخاً معيناً للأحداث التي سيذكرها في نبؤته من خلال حركة الكواكب في أبراجها الفلكية ، فإن إقتران المشتري وزحل في برج المنجنيق ( الحمل ) سيكون في ٢ / ٩ / ١٩٩٥.

والتفسير الثاني هو من خلال ما ترمز إليه تلك الكواكب والبروج بحسب ما ذهب إليه قدماء الرومان في أساطيرهم وعقائدهم الوثنية. وعنئذ فإن [ أيريز ] سوف يرمز للقوة الآلية العسكرية من ناحية تكنولوجية ويرمز [ جوبتر ] إلى التنوّر والقدرة العلمية التي تُفيد في إستخدام الطبيعة من خلال معرفة قوانينها ، ويرمز [ ساترن ] إلى الخصب وزمان الرفاه وحالة الرخاء.

وعنئذ وبموجب التفسير الثاني يصير معنى السطر الأول وما يليه : في ذروة القدرة العسكرية التكنولوجية وذروة التقدم العلمي الطبيعي وفي ذروة الرفاه والرخاء

٢٩٤

عند عالم الرومان ستحدث تحوّلات هائلة في كذا وكذا بعد قرن طويل من التطوير والفتوحات العلمية والطبيعية الهائلة والذي هو القرن العشرين لأنه بالفعل هو القرن الذي بلغت فيه القدرات العسكرية التكنولوجية والعلوم الطبيعية والرخاء لدى العالم الغربي ( عالم الرومان ) إلى درجة لم يبلغونها في أي قرن من القرون السابقة. وعنئذ وهم في اطمئنانهم وكفرهم بأنعُم الله ، وهم آمنون إلى أن جنّتهم دائمة لهم وأن كل شيء إنما جاءهم بعلمٍ من عندهم ، وقتذاك سوف يأتيهم عذاب الله عز وجل وسيُحدث هناك من التحوّلات الجذريّة والتغييرات الأساسية ما يشاء فتعود لهم الأيام السيئة الخالية وكأنهم لم يغنَوا بالأمس وكذلك الله يُمهل ولا يُهمل. فإذا جمعنا التفسيرين معاً حصلنا على جواب السؤال : ومتى سيكون ذلك ؟؟ إنه سيكون في ١٩٩٥ أو قريباً من ذلك وهذا التوقيت ينسجم تماماً مع ما أعطاه من تأريخ واضح وبالأرقام مما ذكرناه قبل هذا وهو شهر تموز من سنة ١٩٩٩ ، وهذا يجعل من السنوات القليلة القادمة أيام حاسمة في تأريخ العالم سيكون فيها بؤس وشقاء عظيمين وخصوصاً في العالم الغربي ( فرنسا وإيطاليا ) ولا حاجة لذكر بقية أقطار العالم لأنها غارقة بالفعل بمتاعب لا حدّ لها وهي تسير من سيء إلى أسوأ.

٢٩٥
٢٩٦

شمس الشرق

« دمٌ يشاهَد وهو يمطر على الجبال شمس الشرق تبذر وتزرع الرعب حربٌ قرب [ أورغون ] ،

شرّ عظيم يُشاهد قرب روماسُفنٌ يتمُّ إغراقها ويُؤخَذَ حاملُ الرمح الثلاثيّ الرؤوس »

الخامس ـ ٦٢

[ أورغون Orgon, Oregon, Orgun ] هو إسم يطلق على عدد من المدن والمناطق في العالم ، أوّلها هو ولاية أورِغون الأمريكية إحدى الولايات الخمسين في الولايات المتحدة الأمريكية وتقع إلى الشمال الغربي على محيط الباسفيك وعاصمتها [ سالم Salem ]. والثانية مدينة أمريكية أيضاً تقع إلى غرب مدينة شيكاغو. والثالثة هي مدينة على ضفاف نهر ديورانس في فرنسا في مقاطعة پروفنس الواقعة جنوب شرق فرنسا قرب حدودها

٢٩٧

مع إيطاليا وهي المقاطعة التي ولد فيها نوستردامس. والرابعة هي مدينة صغيرة تقع قرب الحدود بين أفغانستان وباكستان.

وأغلب الظن أنه يريد بها المدينة الفرنسية لأنها تنسجم مع ما يتنبأ به من الهجوم المتوقع على فرنسا ( أو واحد منها على الأقل ) من جانب القوات الإسلامية بقيادة الإسماعيلي ملك الرعب العظيم والذي سيأتي من جانب إيطاليا.

الرمح الثلاثي الرؤوس ويسمى [ ترايدنت Trident ] هو الرمح الذي يحمله [ نبتون Neptune ] إله البحر عند الرومان وعند اليونان ، وحاملُ رمحه يرمز إلى من يملك السلطة والسيطرة على البحار ، وتقليدياً وعلى مدى قرنين أو ثلاثة من الزمن فإن بريطانيا كانت هي كذلك ، وقد ارتبط إسمها إلى درجة كبيرة بنبتون هذا وبرمحه ، أما في عالم اليوم ، عالم التكتّلات والأحلاف الضخمة ، فإن الإشارة لا بد وأن تكون بذلك إلى أمريكا وحلفاتها من دول حلف شمال الأطلسي ( الناتو).

أمّا الشمس فقد صوّرها القدماء على أنها حاكمة العوالم العليا والسّفلى وواهبة الحياة والنور لكل الكون ، مصدر العدل والحكمة ( لأنها مصدر النور والضوء ) فهي رمز الهيمنة والسلطة والعدل والحكمة والإحسان.

٢٩٨

ونوستردامس يحدّث في بنوءته هنا بأن هذا كلّه الذي ترمز إليه الشمس عند الأقدمين سوف يبزغ في الشرق ومن ثم فإنه سيأتي إلى عالم الغرب فيبذر فيه بذوراً جديدة لتنمو فيه حياة من نوع جديد ، إنه ذلك الإسماعيلي العظيم القادم من الشرق ، من أرض الجزيرة العربية ومن أرض العراق ، الذي سيعيد إنشاء الغرب بنشأة جديدة كلّها خير وعدل وإحسان ، وفي السبيل إلى ذلك كله سيكون هناك شرّ عظيم بالقرب من روما وكذلك في فرنسا ، وسوف يتم إغراق سُفُن تابعة لبريطانيا ولغيرها من دول حلف الناتو ( أي لصاحب السلطة على البحار ) وسوف يتمّ إسقاط النفوذ الاستكباري القائم في عالم اليوم ، وهو ما عناه بأسْرِ أو بأخذ حامل الرمح.

أما الدم الذي يُشاهد وهو يمطر على الجبال فأمره غير واضح.

٢٩٩
٣٠٠