دراسة في تنبؤات نوستردامس

دراسة في تنبؤات نوستردامس

المؤلف:


المترجم: الدكتور شريف الدين
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مركز مكالمات وپژوهشهاى فلكى نجومى
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

وعلى الرغم من غموض عبارة العروبة وجانبها الإنساني ، فإن عفلق ورفاقه سلكوا لشرحها ولإثباته مذاهب سريالية ورمزية معقدة تُنبيء عن قلب مريض حقيقة وعن فكر ملتوٍ معوجّ أبعد ما يكون عن العقل الفطري السليم ، ولكنهم مع ذلك جعلوا من أحاديثهم الفارغة تلك قرآناً يجب على كلّ من وقع تحت رحمتهم أن يتلوَهُ آناء الليل وأطراف النهار ، وصار هدفهم أن يجعلوا من إيمان الناس بحزب البعث بديلاً عن إيمانهم بالإسلام.

وقد جاء نوستردامس في نبوءته هذه بالعجب العُجاب ، لأنه أشار بالعصابة التابعة لطائفة الصليبيين التي ستظهر في العراق إلى حزب البعث العربي الإشتراكي الذي حكم العراق منذ سنة ١٩٦٨ وإلى حد الآن ، وقبلها لحوالي السنة وذلك في سنة ١٩٦٣ ، ولم يكونوا غير عصابة من القتلة واللصوص الذي لم يتركوا حرمة إلا انتهكوها ولا فاحشة إلا وفعلوها. وقد سمّى العراق باسمه اليوناني القديم وهو ( ميزوبوتيميا ) والذي يعني أرض ما بين النهرين.

والنهر القريب هو نهر الفرات ، والرفاق الذين عنده هم حزب البعث السوري حيث أن الفرات يجري في الأراضي السورية قبل دخوله الأراضي العراقية. وقد أشار

١٤١

في السطر الرابع بوضوح إلى مسألة الانشقاق الذي حصل في حزب البعث العربي الإشتراكي عندما حاول الزعماء السوريون طرد ميشيل عفلق من القيادة القومية وذلك عندما تبنّى صلاح جديد السوريّ اتجاهاً ماركسياً واضحاً فانقسم البعثيون بين مؤيّد لعفلق ومؤيّد لجديد وصاروا بذلك يميناً ويساراً وصار كل منهما عدواً للآخر.

٣ ـ هجوم الحلفاء ضد صدام

« ملكُ أوروبا سيأتي كالنسر

مصحوباً بأولئك أَهلَ الشمال

وسوف يقودُ جيشاً عظيماً من الأحمر والأبيض

وسوف يذهبون ضدّ ملك [ بابل Babylon ]

العاشر ـ ٨٦

[ بابل ] مدينةٌ قديمة تقع في العراق عند مدينة الحلّة الحالية وحوالي ٩٠ كيلومتراً عن بغداد العاصمة ، وقد أُنشئت بابل في الألف الثالث قبل الميلاد وقامت فيها عدة ممالك على مدى تأريخها السحيق الموغل في القدم ، ومن مشاهير ملوكها الملك البابلي ( نبوخذ نصر ) الذي حارب المصريين على عهد الفراعنة وهزمهم سنة (٦٠٥) قبل الميلاد وأسس إمبراطوريةً إمتدت من العراق

١٤٢

إلى سوريا إلى فلسطين ، وفي هذه الفترة غزا أورشليم ( القدس الحالية ) سنة ( ٥٨٦ ) ق. م ودمّر هيكلها وسوّاها بالأرض وأسَر عظماء اليهود وكبارهم وأخذهم إلى بابل عاصمة ملكه ، وتمّ على عهد دولته بناء الجنائن المعلَّقة التي كانت تعتبر إحدى عجائب الدنيا السبعة في ذلك الوقت.

والملك تبوخذ نصر هذا هو الذي حاول صدام حسين طاغية العراق الحالي أن يستعير إسمَه أو أن ينسب نفسه إليه بنوع من النسبة فصار يطلق على نفسه مختلف الألقاب « البايلية » ، فهو نبوخذ نصر العراق الجديد وهو سلالة نبوخذ نصر وحفيده المخلص وهو نبوخذ نصر الثاني أو الثالث .. الخ في محاولة لتضخيم حجمِهِ كطاغية صغير ولتكريس صنميَّتِهِ من خلال مثل هذه الأساليب الإعلامية.

ولهذا فيمكن القول بأن صدام حسين هو بالذات المقصود بعبارة ( ملك بابل ) التي وردت في السطر الأخير وبما لا يقبل الشك.

ولما لم يكن لأوروبا ملكٌ بعينه ، ولما كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة العسكرية الأعظم في عالم اليوم ( والعظمة لله وحده ) إضافة لما لها من سيطرة ونفوذ خاص على أوروبا ناهيك عن تسلطها

١٤٣

الأهوج على شعوب العالم الأخرى واستكبارها في الأرض بغير الحق فإننا نستطيع أن نجعل تأويل ملك أوروبا على أنه الولايات المتحدة أو رئيسها وبالتالي فإنه جورج بوش بالذات ويكون بذلك هو المقصود بهذه الكلمة.

والشمال لا شك أنه شمال الكرة الأرضية وأهلُه هم أهل أوروبا وأمريكا الشمالية ، وقد رأينا كيف جاء ( بوش ) بجيش عرمرم من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا ... الخ في تحالف عسكري هائل من حوالي ثلاثين دولة لقتال صدام حسين ، ونُصِرُّ على أنه كان قتالاً ضد صدام لأن الصراع كان شخصياً بين قوى استكبارية تلعب دور شرطة للعالم وترى من حقها أن تنصّب هذا الحاكم أو تعزل ذاك بحسب هواها وبحسب ما تقتضيه مصالحها.

وبين عميل موظفٍ لديها ولكنه تمرد على التعليمات أو أنه يقوم بدوره في لعبة أخرى تنفذها قوى الاستكبار هذه ضد عالم العرب والمسلمين ( ولا تغرنك حفنة صواريخ هي أشبه بلعب الأطفال بمقاييس عالم اليوم سقطت على إسرائيل فإنها قد تكون جزءاً من لعبة تحقيق السلام » في المنطقة ) ، وإلا فأيُّ شأن لصدام بالعراقيين وما شأن العراقيين به !! ، فإن صدام نصفه

١٤٤

أمريكي ونصفه الآخر إنكليزي ولا علاقة له بالعراقيين غير أنه شاء سوء طالع هذا الشعب المظلوم أن يقع تحت رحمته وبتنصيبٍ مباشر من نفس أولئك الذين جيّشوا الجيوش لحربه وليس لأهل العراق ناقةً ولا جمل في الأمر كله ، بل هم الضحية الأولى والأخيرة في ذلك الصراع الدامي الطويل الذي ما فتيء فيه الشعبُ في معسكر والنظامُ الحاكم في معسكر آخر وعلى مدى ٢٤ سنة وحتى يومنا هذا. ومما يثير عجبي هو أن نوستردامس أيضاً يجعل الحرب وكأنها أمرٌ شخصي بين طرفين أو بين شخصين وهما ملك أوروبا وملك بابل.

ولنوستردامس إستدراك في محله على عناصر ذلك الجيش ، إذ أن ما سيتبادر إلى الذهن هو أنه ملك أوروبا سوف يأتي بجيش من أهلها من ذوي البشرة البيضاء ولكننا نراه يقول بأن ملك أوروبا سيقود جيشاً عظيماً من الأحمر والأبيض ، وهذا هو الذي حصل ، فإن ( جورج بوش ) قد حشد بالفعل جيشاً يزيد على نصف مليون جندي فيهم الأبيض وغير الأبيض من سمر العرب والآسيويين ومن سود أمريكا وأفريقيا.

كذلك فإن لكلمة ( النسر ) موقع خاص هنا إذا ما لاحظنا ما كان للقوة الجوية الأمريكية والأوروبية من دور

١٤٥

جوهري وحاسم في هذه الحرب ، ولا ننسى أن النسر يكاد أن يكون شعاراً عالمياً للقوة العسكرية.

والطريف في أمر هذه الرباعية من نبوءات نوستردامس أنني وجدت كل من كتب عن نبوءات هذا الرجل وهو يذهب في تأويلها كل مذهب ومن دون أن يخطر على باله أو أن يتجرأ فيقول أن أمراً كهذا الذي شهدناه في تأريخنا المعاصر يمكن له أن يحصل وبالكيفية التي تنبأ بها وصوّرها صاحبنا هذا ، ولكنها حصلت كما رأينا وإلى درجة كبيرة من الصحة ، وهذا مما يزيد في مصداقيته ويجعلنا نعطيه مزيداً من الاعتبار في خصوص ما سيتنبأ به عن مستقبل هذا القرن.

١٤٦

الحرب الباردة

« الآلهة ستُظهِر الأمرَ للناس

وكأنّهم يدبِّرون لحربٍ عظيمة

قبلَها السماءُ صافيةٌ من أسلحةِ البر والجو

الضررُ الأعظمُ سيصيب اليسار »

الأول ـ ٩١

الآلهة هم حكام الغرب والشرق ، أو ليسوا هم الأرباب الذين يقسمون حظوظ الناس من السعادة والشقاء !! فهذا شعب تجوز إبادته حتى ولو كان يتكون من عدة ملايين ولكن من الممكن الاستغناء عنهم ، وهذا شعب يستحقّ العيش المرفَّهَ الناعم ، تلك أمة من الناس تقتضي حاكماً جائراً يأخذهم بألوان الضيم والاستعباد ، وتلك أُمة سنمنحُها الحريةَ والديمقراطية وسنُعطيها حقَّ الإنسان الطبيعي في التفكير الحرّ والتعبير الحرّ. إنهم آلهة من صنف تلك الآلهة التي عرفتها أساطير الأقدمين.

وكلنا يعرف فترة الحرب الباردة بين المعسكرين

١٤٧

الشرقي والغربي ، أو اليسار واليمين ولم تكن الحرب الباردة غير خطاب مستمر يتوجّه به هؤلاء الحكام إلى الناس يقولون لهم فيه بأن هناك خطرُ حربٍ وشيكة وأننا يجب أن نأخذ حذرنا ونستعد لإحتمال هجوم برّي وبحري وجوي ونووي .. الخ من الجانب الآخر ، هذه كانت دعوى كل من الطرفين الشرقي والغربي وعلى مدى حوالي أربعين سنة وهذا هو المقصود من أن هذه « الآلهة » ستجعل الأمور تبدو للناس وكأنهم يخططون ويدبرون ويتهيؤون لحرب عظمى وقد صدق في ما تنبأ به من أن الدائرة ستدور أول ما تدور على اليسار أو الشرق وقد رأينا بأم أعيننا كيف تداعي الإتحاد السوڤيتي وتهاوى وهو لا يملك حيلة ولا مخرجاً من أزمته هذه وقد كان للضغط الإقتصادي الذي خلّفته فترة الحرب الباردة عليه أثراً مهماً في الوصول إلى هذه النتيجة ، وسنرى في نبوءة تالية أن الغرب سيضعف أيضاً وسوف ينهار وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق في ظل المخاضات العالمية الجديدة.

١٤٨

١٤٩
١٥٠

مستقبل

ما برح نوستردامس يكتب تأريخ المستقبل ، وقد تناولنا إلى حد الآن قسماً مختاراً من نبوءاته التي يبدو فيها وكأنه رأى المستقبل وشاهده عياناً وأتى على ذكرها قبل حصولها بمئات السنين ، ما ذكرناه إلى حد الآن قد صار تأريخاً فمنه ما أكل الدهر على صفحاته وشرب ومنه ما عاصرناه وشاهدناه أو ما زلنا نشاهده.

وهناك قسم آخر من نبوءاته لم تتحقق إلى حد الآن وهي تخصّ زماناً ما زال مطوّياً عنا خبره ، كما أن منها ـ كما سنرى فيما بعد ـ ما يتحدث عن ظرف تأريخي معاصر ، أي أننا نعيش جزءاً من منطق النبوءة وننتظر تحقق باقي أجزائها.

والملاحظة المهمة التي يجب أن نسجلها هنا هي أنه إذا ما كان نوستردامس صادقاً في كل هذا العدد من النبوءات فإن الجدير بنا أن نأخذ كلامه بشيء من الأعتبار

١٥١

عندما يتطرق فيه إلى حديث المستقبل الذي ينتظر جيلنا هذا لأنه قد يحتمل الصدق والتحقق.

١٥٢

صدام حسين

« صدّام سوف يموت بعدها

وسيأتي دمارٌ رهيب يصيب الناس والحيوانات

فجأة سوف يظهر الثأر ويحلّ

مائة يد ، عطش وجوع ، عندما يمرّ المذنَّب »

الثاني ـ ٦٢

في موضع كلمة [ صدام ] جاء في الأصل كلمة [ Mabus ] وهي كلمة جاءت إشارة إلى إسم علم ولكنها لا تعني شيئاً مطلقاً لا لغوياً ولا غيره ، إلا إذا قلبنا الكلمة قلباً تامّاً من ناحية ترتيب حروفها لكي تصير [ Subam ] أو صدام ولكن باختلاف حرف واحد هو ( b ) بدل ( d ) والذي هو عكسه تماماً. وهو أسلوب استعمله نوستردامس في مواضع عديدة من نبوءاته وذلك إمعاناً في التعمية على أغلب الظن من أجل أن تبقى مثل هذه

١٥٣

البرقيات التي يرسلها من تلك الأزمنة السحيقة في قدمها ، أن تبقى في طيّ الكتمان حتى يحين حينها وتنكشف لأهل زمانها ، وإيراده لهذا الإسم في ضمن الظروف التي يذكرها في رباعيته هذه هو في الواقع من غرائب نوستردامس في أن تكون لديه هذه القدرة على تسلم مثل هذه الرؤى والرسائل من المستقبل وبهذه الصورة العجيبة للغاية.

وصدام حسين يعرفه الجميع وهو اليوم على كل لسان في الشرق والغرب ، عند العرب وعند العجم ، عند المسلمين وعند الكافرين ، إذن فهو كبقية مخلوقات الله له أجل موعود ، وليس هذا كشفاً بحد ذاته ولكن ما سيحلّ بعده هو الجدير بالنظر ، دمارٌ ورعب وهول ، وسوف يسود الثأر ويحلّ الانتقام.

وأيّ ثأر وأيّ انتقام !! إنه ثأر الشعب العراقي من جلاّديه وسالبي نعمته وأمنه وقاتلي أبنائه ومشرديهم. وهو انتقامهم من الطواغيت الكبار الذين أشرفوا على عملية التّدمير والأبادة الجماعية لهذا البلد المنكوب بنفطه وثرواته الطبيعية والحضارية وبقدراته البشرية والاستراتيجية.

لقد واجه صدام حسين قوات الحلفاء بإسم الشعب العراقي وبأسم المحرومين والمستضعفين من

١٥٤

أبناء العالم الإسلامي ودارت حربٌ على الأثير تلفزيونياً وإذاعياً بين الجانبين ، وإذا به يبرز أمام جماهير البؤساء بطلاً عبقرياً جادّت به رحم الزمان في ساعة عسرة وحرج ، أنه بطل أحلامهم الذي تحدّى إسرائيل ووقف بوجه أمريكا ، حتى إذا جدّ الجدّ وآ أوان الضربة القاتلة في نحر المستكبرين والتي كان يمنّيهم بها وكانوا يتوقّعونها منه إذا بالبطل ينسحب فجأة ويجعل البلد عُرضةً لدمارٍ شامل عمّ كل شيء ، وإذا به يرضى بكل شروط الحلفاء ويوقّع موافقاً على كل مطاليبهم وبذُل وخنوع غريبين جداً.

وبعد هزيمة جيشه المخزية تلك أحسّ الشعب العراقي المكبوت بضعف النظام القمعي ووجد الناس والأهالي بأن الرياح تجري معهم فثاورا ضدّ جزّارهم وثاروا للثأر من هذا النظام الصليبيّ الطاغوتيّ الذي أذاقهم المرّ والهوان وسلبهم نعمة الحياة الإنسانية الكريمة ، وذلك عندما سحب العالمُ إعترافه بهذا النظام ولو ظاهرياً وسحب مساعداته عنه ولو مؤقتاً ، وتركه لوحده في مواجهة أمام إرادة الشعب وأختياره ، وهو الأمر الذي كان أبناؤه يحملون بحصوله في يوم من الأيام ليأخذوا بزمام الأمور بأيديهم ، وإذا بقوات جيش صدام التي لم نسمع بأنها قد اشتبكت في أية معركة مهمّة ضدّ

١٥٥

الأمريكان وحلفائهم تنشط من عُقال فتُهيّء وتستعدّ لمهاجمة المدن العراقية الآهلة بالسكان ، وإذا بنا نراها وهي ترسم الخطط وتتقدم وفق محاور وخطط عسكريّة فنّية لمهاجمة أبناء العراق من سكان هذه المدن وبمختلف أنواع الأسلحة من دبابات ومدفعية ميدان وصواريخ أرض ـ أرض وطائرات هليكوبتر وغيرها فدمرّوا مدناً بكاملها وقتلوا عشرات الآلاف من الأهالي وأسروا منهم آلافاً ، وكان مصير غالبية الأسرى هو القتل أما بالرصاص أو شنقاً أو بأحراقهم جماعياً بالبنزين في داخل الغرف والقاعات أو بالقائهم من شاهق من طائرات الهلكوبتر ، إنها حرب بكامل صورها وأبعادها شنّها صدام حسين ضدّ شعب العراق ومدنه. وتحوّلت الأزمة الخليجية من مشكلة إحتلال الكويت إلى مشكلة لاجئين عراقيين.فأي ثأر وأيّ انتقام سيظهر إذا ما تهاوى النظام بموت رأسه ؟!! إنّها مائة يد ، إنّها مائة ضربةٍ بكلّ ضربة سلفت ، إنها مائة بركان متفجّر.

أما الجوع والعطش التي يتنبأ بها نوستردامس لأهل هذا البلد فهي واقع مشهود اليوم في العراق وقد بلغ هذا الأمر إلى درجة مأساوية حقاً وقد يستمر ذلك إلى وقت لا يُعرف مداه إلا الله ؟!!.

المذنَّب المذكور هو مذنّب [ هالي Haley ] الذي

١٥٦

مرّ بالقرب من الكرة الأرضية وبشكل واضح سنة ١٩٨٦ ولعلك تشاركني الرأي بأن نوستردامس قد أصاب الفترة الزمنية بدقة لا بأس بها عندما نضع في حسابنا أنه كتب هذه النبوءة منذ أكثر من أربعة قرون في سنة ١٥٥٥ إذ تضمنها الجزء الأول من كتابه هذا في النبوءات ( القرون ) والذي صدر في فرنسا في التأريخ المذكور.

١٥٧
١٥٨

طاغية يقضى عليه

« الطاغيةُ سوف يُحكَمُ عليه بالموت في ميناء إسلاميّ

ولكن ذلك سوف لن يسترجع الحرية

حرب جديدة سوف تندلع بسبب الضغينة والثأر

الجمهورية الفرنسية ستقبض رعباً بواسطة القوة »

الأول ـ ٩٤

كلمة ( إسلامي ) في السطر الأول جاءت في النص الأصلي بعبارة ( Selin ) وهي كلمة يونانية تعني ( الهلال ) ، وهو تعبير تردد في عدة مواضع لدى نوستردامس للإشارة إلى الإسلام أو إلى المسلمين ، والهلال شعار معروف لهم لدى الغريبيين بصورة عامة.

واعتقد أن لهذه النبوءة صلةٌ وثيقة بالنبوءة التي سبقتها والتي تحدثت عن صدام بالإسم ، وكأن هذه تشير

١٥٩

إلى صدام حسين مرة ثانية ، وكأني بنوستردامس يعني بالميناء إمارة الكويت بالذات ، فبعد أن تمّت حرب الحلفاء بقيادة أمريكا ضدّ صدام تعالت الصيحات في كل أرجاء العالم بضرورة إزالة هذا الطاغية ومحاكمته أو حتى اغتياله على يد المخابرات السّرية ، لقد أصبحت الحالة بمثابة إصدار حكم بأعدامه ولعل هذا هو المقصود بالسطر الأول. ولكن وكما هو المتوقع فأن هلاك هذا الطاغية أو غيره من الطواغيت الصغار سوف لن يكون إيذاناً بالحرية وبالانعتاق لأهل العراق أو لغيرهم من شعوب دول العالم المستضعَف ، وذلك أن المشكلة لا تقوم ولا تقف عند حدّ هؤلاء الجلاّدين الصغار ، ولكن مشكلتنا الحقيقية هي في من يقف وراءهم من الطواغيت الكبار في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأمثالها ، وسوف لن نجد طعم الحرية والأمان والكرامة في أوطاننا إلا بأنهيار وموت قلب الطغيان والاستكبار في العالم الذي يضخّ السموم والشقاء والحرمان في كل أرجاء الأرض من خلال شرايينه ( الأنظمة السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية .. الخ ) التي يقوم بها كيانه البشع ، القلب الذي يغذّي ويُديم وجود هؤلاء الجلادين الصغار من أمثال صدام حسين.

فإذا كان المقام في هذه النبوءة مقاماً عراقياً وفي

١٦٠