شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

الحشد : الجمع إذا دعوا فأتوا لما دعوا له.

كان أبو بكر قد علم بمجيء فاطمة عليها‌السلام إليه ، فجمع الناس لئلاّ يعتابوا عليه رأيا إذ لم يكونوا بحضرته.

وقوله : نيطت دونها ودون الناس ملاءة.

نيطت : علقت ، يقال منه : ناط الشيء ينوطه : إذا علقه. يقال منه : نطت القربة إذا علقتها.

والنوط علق الشيء ، وهو مصدر ناط ، يقول : ناط الشيء بنوطة نوطا إذا علقه (١).

والملاءة : الربطة ، وهي مثل الرداء في العرض والطول.

وقوله : أجهش القوم بالبكاء.

يقال منه : أجهش نفسي ، إذا نهضت إليه وهم بالبكاء (٢). قال الطرماح :

أجهش نفسي وقلت ألا لا تبعدوا.

وقوله : حتى سكن نشيج القوم.

يقال منه : نشيج الباكي ، ينشج إذا غصها البكاء في حلقه ولما ينتحب. ومن ذلك نشيج الحمار ، لأنه صوت في حلقه. ويقال منه : نشجت القدر : إذا غلت (٣) ، والطعنة إذا سمع خروج الدم منها ، صوت في داخلها.

وقولها : فإن تعزوه : من اعتزى ، والاعتزاء : الاتصال في الدعوة ، إذا كانت حرب. فكل من ادعى في شعاره أنا فلان بن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه.

__________________

(١) لسان العرب ٧ / ٤٢١.

(٢) لسان العرب ٦ / ٢٧٦.

(٣) لسان العرب ٢ / ٣٧٨.

٤١

قال نصر بن سيار :

فكيف وأصلي من تميم وفرعها الى أصل فرعي واعتزاي اعتزاؤها وقولها : صادعا بالرسالة.

من قول الله عزّ وجلّ ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) (١). يقال منه : صدع الرجل بالحق إذا تكلم به جهارا.

وقولها : مائلا عن مدرجة المشركين. أي عن طريق الباطل الذي هم عليه.

والمدرجة : ممرّ الإنسان على مسلك الطريق. وكذلك مدارج الريح. يقال :

ريح دروج : وهي التي تؤثر في الأرض خطوطا كالطريق.

قال العجاج :

أمثالها في الراسيات مدرجة

وقولها : ضاربا ثبجهم.

الثبج : أعلى الكاهل. والكاهل : أصل العنق تعني ضرب رقابهم.

وقولها : آخذا بأكظامهم.

الكظم مخرج النفس. يقال منه : قد غمّه الشيء فأخذ بكظمه. فما يقدر أن يتنفس فهو مكظوم.

وكظيم : أي مكروب (٢).

وقولها : يجذ الهام.

تقول : بقطع الرءوس. والجذ : القطع المستأصل الوحي والكسر للشيء الصلب.

وقولها : يكبّ الأصنام.

تقول : يكفئها على وجوهها. وذلك كسره صلى‌الله‌عليه‌وآله إياها وقلبه

__________________

(١) الحجر : ٩٤.

(٢) لسان العرب ١٢ / ٥١٨.

٤٢

لها عن مواضعها التي كانت فيها على الكعبة وغيرها.

وقولها : ونطق زعيم الدين.

الزعيم هاهنا الذي يسود قومه. يقال منه : زعم يزعم زعامة : اي صار لهم زعيما (١) ، ولذلك قيل للكفيل زعيم ، كأنه ساد من كفل به. وعنت صلوات الله عليها بزعيم الدين : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، تقول : إنه نطق بالرسالة وبما أوحاه الله عزّ وجلّ إليه من القرآن.

وقولها : خرست شقاشق الشياطين.

الخرس : ذهاب الكلام وذهاب الصوت من الشيء. يقال منه : كتيبة خرساء : إذا لم يسمع لها صوت ولا جلبة ، وعلم اخرس : إذا لم يسمع صوت صدى (٢).

والشقاشق : جمع شقشقة ، وهي التي يغط بها البعير ، وتخرج من شدقه إذا هدر. وإذا نحر لم توجد كذلك ، وإنما هي لحمة في آخر فيه تنتفخ إذا هاج وتمتد حتى تخرج من حلقه ، فاذا سكن انفشت. والناقة تهدر ولا تغط (٣) ، لانه لا شقشقة لها تمتد كذلك إذ لا تهيج ، فضربت ذلك مثلا لصولة الكفار وانقطاعها برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

والشياطين جمع الشيطان ، على قدر فيعال. يقال منه : تشيطن الرجل ، وتشطن : أي صار شيطانا ، وفعل فعله.

وقولها : فهتم بكلمة الاخلاص.

يقال منه فاه الرجل بالكلام : إذا لفظ به ، وهو يفوه به شعر ، وما فاهوا به ولهم مقيم. ورجل مفوه : قادر على الكلام.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ / ٢٦٦.

(٢) لسان العرب ٦ / ٦٢.

(٣) لسان العرب ١٠ / ١٨٤.

٤٣

وكلمة الإخلاص : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله.

وقولها : مذفة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأ الأقدام.

المذاق في الشراب : خلط الماء باللبن. تقول مذقته : إذا خلطته مذقا.

والنهزة : اسم الشيء الذي يتناول ويمكن تناوله كالغنيمة. يقال : انتهزها فقد امكنتك قبل الفوت.

والقبس : شعلة النار ، قال الله عزّ وجلّ حكاية عن موسى عليه‌السلام :

( إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) (١). يقال للآخذ من ذلك قبس واقتبس إذا أخذ من لهب النار في طعم يعلق به. ومن ذلك يقال : قبست العلم فاقتبسته ، واقتبست الرجل نارا. وأقبسته علما إذا أعطيته ذلك (٢).

وموطأ الأقدام : الموضع الذي تطأه. ضربت ذلك صلوات الله عليها مثلا لما كانوا فيه من الذلة حتى أعزّهم الله عزّ وجلّ برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن الناس كانوا يتخطفونهم من حولهم كما أخبر الله عزّ وجلّ بذلك في كتابه ويطعمون فيهم وينتهزونهم ويطئونهم بالذل والصغار.

وقولها : تشربون الطرق.

والطرق : الماء الذي بالت فيه الدواب قد اصفر (٣) تقول : هذا ماء قد طرقته الإبل وهي تطرقه طرقا ، وهو ماء طرق.

قال الشاعر :

وقال الذي يرجو الغلالة وادعوا

عن الماء لا يطرق ومن طوارق

فما زلن حتى صار طرقا وشسه

بأصفر تذريه سجالا أيانق

__________________

(١) النمل : ٧.

(٢) لسان العرب ٦ / ١٦٧.

(٣) لسان العرب ١٠ / ٢١٦.

٤٤

وقولها : تقتاتون القد.

من القوت. والقد : ما يقد من الجلد الني (١) ومنه اشتق القديد الذي يقد من اللحم وكانوا يأكلون [ ذلك ] عند المسغبة.

وقولها : أذلة خاشعين.

الذل : الهوان. والخشوع : الخضوع.

وقولها : بعد اللتيا والتي.

واللتيا : تصغير التي ، والتي : معرفة لتي ولا تقول بها في المعرفة إلا على هذه اللغة ، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للاخرى ، وجمعها اللاتي ، وجمع الجمع اللواتي. وكأنهم كنوا بها في قولهم اللتيا والتي عن شدة أو داهية صغرى وكبرى.

وقولها : بعد لفيف ذوايب العرب.

فاللفيف : ما اجتمع من الناس من قبائل شتى (٢) ، يقال منه : جاء القوم بلفهم ولفيفهم. ولف الناس ما يلف من هاهنا وهاهنا كما يلف الانسان القوم لما يريده من شهادة زور وغير ذلك مما يريد أن يجمعهم إليه من مثل هذا.

والذوايب جمع ذؤابة. وذؤابة القوم موضع عزهم وشرفهم ، يقال منه : فلان من ذؤابة بني فلان إذا كان من أهل بيت شرفهم وعزهم. والجمع ذوائب والقياس الذائب ، ولكنهم يستثقلون الجمع بين همزتين فلينوا الاولى منهما.

وقولها : كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغزة للمشركين فاها قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها.

أحشوا : أوقدوا. تقول : حششت النار بالحطب. وأنا أحشها ، وهو ضمك ما تفرق من الحطب الى النار لتستوقد. قال العجاج :

تالله لو لا أن تحش الطبخ

بي الجحيم ، حيث لا مستصرخ

__________________

(١) لسان العرب ٣ / ٣٤٤.

(٢) لسان العرب ٩ / ٣١٨.

٤٥

يعني بالطبخ : ملائكة النار الموكلين بالعذاب من فيها ، شبههم بالطباخين الذين يوقدون النار على اللحم ليطبخوه (١).

ونجم قرن للضلالة ، تقول : ارتفع للضال ونجم قام. يقال للخارج الذي يخرج على السلطان ناجم لقيامه على من يقوم عليه. وقرن الرجل نده في الشجاعة والقوة. ويقال منه : تبارزت الأقران وتواجهوا واقتتلوا.

وفغرت فاغرة فاها. والفغر : فتح الفم. يقال : فغر الرجل فاه : أي فتحه.

والفاغرة : التي قد فتحت فمها. ضربت ذلك مثلا للحرب إذ اشتدت ومثلث من يقتل فيها بابتلاعها إياهم كأنها فغرت فاها : أي فتحته لتأتيهم من يقتل فيها.

قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها. تعني : إنهاض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام لمبارزة الأقران من المشركين الشجعان.

واللهوات ، جمع لهات. واللهات : لحمة مشرفة في أقصى الفم فيما يلي الحلق. ويقال : إنها شقشقة البعير ولكل ذي حلق لهاه. والجمع : اللها ، واللهوات.

وقولها : فلا ينكفئ ، تقول : لا ينقلب منهزما إذا بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لحرب. يقال منه الكفئ القوم إذا انهزموا وانكفأوا.

وقولها : حتى يطأ سماكها بأخمصه.

فالسماك والسمك : المرتفع. قال الله عزّ وجلّ ( رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ) (٢) ويقال : سنام سامك : أي مرتفع. والسماكان : نجمان مرتفعان. ومن ذلك سمي الرجل سماكا ، يريدون به العلو والرفعة. تقول : لا ينثني ولا يرجع في الحرب حتى يطأ أعلى من فيها ، فمن يقاتله ويبارزه بأخمصه.

__________________

(١) لسان العرب ٦ / ٢٨٤.

(٢) النازعات : ٢٨.

٤٦

والأخمص : ما ارتفع من أسف القدم عن الأرض وهو وسطه. ويقال : وهو خميص القدم (١).

قال الشاعر :

وكأن أخمصها بالشوك منتعل

وقولها : ويخمد حرّ لهبا بحده.

تعني الحرب شبهتها ، فاذا هو قتل المناحبين له فيها أو هزمهم اخمدوا (٢) كحدّ السيف وحدّ السنان. واحتدّ الرجل إذا غضب وحده وغضبه.

وقولها : وأنتم في رفاهية.

يقال منه : رفهه عيش فلان رفاهية ، فهو رفيه العيش ، أي هو في خير وخفض.

وقولها : ظهرت حسكة النفاق.

من حسك الصدر : وهو حقد العداوة. وتقول إنه حسك الصدر على فلان.

وقولها : واستهتك جلباب الدين.

استهتك ، استفعل من الهتك (٣) ، والهتك أن تجذب ثوبا أو سترا فتقطعه من موضعه ، أو تشق طائفة فيبدو لذلك ما وراءه ، فلذلك يقال : هتك الله ستره ، ورجل مهتوك الستر ، متهتك. ورجل مستهتك لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته. ويقال ذلك لكل شيء هتك وأهتك واستهتك.

والجلباب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، فإذا فعلت ذلك قيل تجلببت (٤) ، فضربت فاطمة صلوات الله عليها

__________________

(١) لسان العرب ٧ / ٣٠.

(٢) لسان العرب ٣ / ١٦٤.

(٣) لسان العرب ١٠ / ٤١١.

(٤) لسان العرب ١ / ٢٧٢.

٤٧

ذلك مثلا لهتكهم حرمان الدين واستخفافهم بها.

وقولها : ونطق كاظم الغاوين.

فالكظم : السكوت. والكاظم : الساكت. تقول : نطق من كان من الغد ، أن قد أسكته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. والغاوون جمع غاو من الغي. والغي مصدر من قولك غوي الغاوي ، فهو يغوى غيا. والغي : الضلال ضد الهدى.

وقولها : نبغ خامل الآفلين.

يقال : نبغ فلان إذا قال الشعر ولم يكن قاله قبل ذلك. وقيل : إن زيادا قال الشعر بعد أن كبر ، فسمي النابغة لذلك ، وقيل : بل سمي بذلك لقوله :

( وقد نبغت لهم مناشئون ) (١).

فمعنى نبغ هاهنا : ظهر اليوم من كان خاملا من الآفلين.

وقولها : وهدر فنيق المبطلين.

البعير يهدر هديرا وهدرا. والحمامة أيضا تهدر.

والفنيق : الفحل من الإبل.

ضربته مثلا لمن استفحل من المبطلين من الامة فراءس عليها وتناول ما ليس له منها.

وقولها : يخطر في عرصاتكم.

تعني : الفحل من الإبل الذي ضربته مثلا. والفحل من الإبل يخطر بزينه إذا مشى مختالا. وكذلك الناقة ، وكذلك الإنسان إذا مشى يخطر بيديه كبرا.

والعرصات : جمع عرصة. وعرصة الدار : وسطها.

وقولها : واطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم.

__________________

(١)

وحلت في بني القين بن جسر

وقد نبغت لنا منهم شئون

( لسان العرب ٨ / ٤٥٢ ).

٤٨

مغرز الشيء : أصله مثل مغارز الريش ، ومغارز الاضلاع.

وقولها : ولعزمه متطاولين.

المتطاول : الشيء المستشرف إليه. قال الشاعر :

تطاولت فاستشرفته فرأيته

فقلت له أأنت عمرو الفوارس

وقولها : واحمشكم فألفاكم غضابا.

تقول : أغضبكم فوجدكم كذلك. يقال منه الرجل إذا اشتدّ غضبه : قد استحمش غضبا.

وقولها : فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم.

مثل ضربته لاغتصابهم الامامة من أهلها وأخذهم غير حقهم منها.

وقولها : هذا والعهد قريب.

تعني برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن ذلك كان منهم بقرب وفاته.

وقولها : والكلم رحيب.

أي واسع. تعني ما تكلم به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في امامة علي عليه‌السلام فما أوجبها وأكدها.

وقولها : والجرح لما يندمل.

تقول يبرأ. واندمال الجرح : برؤه. تعني : موت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقولها : أنى تؤفكون.

تقول : أين تصدون عن الحق. والأفاك الذي يأفك الناس عن الحق بالكذب. والإفك ، تقول : أفك الرجل عن أمر كذا ، إذا صرف عنه بالكذب والباطل.

وقولها : ابتز ارثيه.

تقول : اسلب ارثي ، تعني ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي استلبته ومنعته.

٤٩

والبز هاهنا الاستلاب. والعرب تقول : من عزّ بزّ معناه من غلب سلب.

والهاء من ارثيه زائدة وهي تسمى هاء الاستراحة من قول الله عزّ وجلّ ( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) (١) وقوله تعالى : ( وَما أَدْراكَ ماهِيَهْ ) وهي لغة قريشية.

وقولها : لقد جئت شيئا فريا.

والفريّ ـ هاهنا ـ : الأمر العظيم. والفري أيضا : الكذب. والفري : القذف.

وقولها : فدونكها مخطومة مرحولة.

تعني ظلامتها مثلتها بناقة عليها رحلها وخطامها ، ضربتها مثلا لظلامتها التي ارتكبها منها.

وقولها : والزعيم محمد.

فالزعيم : الكفيل. لأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله قد تكفل لمن أطاعه بالجنة. وتكفل لمن بغي عليه بالنصر ، والانتصاف ممن بغى عليه وظلمه.

وقولها : ما هذه السنة عن ظلامتي.

السنة : الوسن. يقال منه : قد وسن الرجل ، إذا أخذته سنة النعاس ، وقد غلبه وسنه. قال الله عزّ وجلّ : ( اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) (٢) فالسنة النعاس من غير استشغال نوم.

قال الشاعر :

وسنان أقصده النعاس فرنقت

في عينه سنة وليس بنائم (٣)

ومعنى قولها ما هذه السنة عن ظلامتي تعني التغافل عنها. والتهاون بها كما يكون الناعس عن الشيء غافلا عنه إذا لم ينصروها في ذلك ، ولا أعانوها عليه.

وقولها : سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. هي كلمات تقولها العرب

__________________

(١) الحاقة : ٢٨ و ٢٩.

(٢) البقرة : ٢٥٥.

(٣) لسان العرب ٦ / ٢٣٣.

٥٠

لسرعان ما صنعت كذا وكذا. تعني أسرع ما صنعته ولوشكان ما خرجت ولعجلان ما جئت. قال الشاعر :

أيخطب فيكم بعد قتل رجالكم

لسرعان هذا والدماء تصبب (١)

قولها : فخطب جليل استوسع وهيه.

فالخطب : الأمر ، يقال ما خطبك : أي ما أمرك. ويقال : هذا خطب جليل. وخطب يسير. والجمع خطوب. قال الله تعالى : ( فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ) (٢).

واستوسع وهيه : أي اتسع ما وهي من أجله ، تعني : مصاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما وهي من أجله من الأمر واتسع وهيه لذلك.

وقولها : واستشمر فتقه لفقدان راتقه.

يقال منه : رتق الفتق إذا لحمه وأصلحه. تعني فقدان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان يرتق ما انفتق من الامور.

وقولها : واكتابت خيرة الله في خلقه.

تعني بموت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والكآبة من الهمة ، والانكسار من الحزن في الوجه خاصة. تقول : كئب الرجل ، والكئب كأبة ، يوقف الألف ، وكآبة بالمد.

وقولها : واكدت الآمال.

تقول : انقطعت. قال الله عزّ وجلّ : ( وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) (٣) أي قطع ما كان يعطيه. وقد قيل : إن المعطي إذا أعطى عطاء نزرا قليلا قيل أكدى ، والأول أشبه بالمعنى. ويقال : فلان قد بلغ الناس كديته : أي أنه كان يعطي ثم أمسك. قالت الخنساء :

__________________

(١) لسان العرب ٨ / ١٥٢.

(٢) الحجر : ٥٧.

(٣) النجم : ٣٤.

٥١

فتى الفتيان ما بلغوا كداها

وقولها : [ إيها ] بني قيلة.

فهو من الدعاء المنسوب ، تقول : يا بني قيلة ، تعني : الأنصار ، وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مادر بن حبد الله بن الأمرد بن عوف بن نبتة بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، وهما ابنا قيلة ، وهم الأنصار ، نسبوا الى امهم.

وقولها : اهتضم تراث أبي.

تقول : انقص ميراث أبي. ويقال منه : هضمت حقي : أي انتقصته.

وهضمت من حقي طائفة : أي تركتها. والهضام : الذي يترك من حقه ويعطي غيره. يقال : قد هضم له من حقه (١) قال لبيد :

ومقسم يعطي العشيرة حقها

ومعدلم لحقوقها هضامها

والتراث تاؤه واو وهو تركه الميراث. ولا يجمع كما يجمع الميراث. فيقال : تواريث.

وقولها : وأنتم نخبة الله التي انتخب لدينه.

النخبة : الخيرة لما اختير ، واستخلص نخبة ونخابة ، وهو مصدر النخيب :

المختار المستخلص المصطفى اختيارا على غيره. وتنخب : اختار واستخلص.

وقولها : فنابذتم العرب وكافحتم الامم.

المنابذة : انتباذ الفريقين للحرب. تقول : نبذت إليهم الحرب على سواء :

أي نابذناهم الحرب. والنبذ طرحك الشيء ، والمنبوذ : ولد الزنا الذي تنبذه أمه : أي تطرحه ليخفي أمرها. فكأن المنابذة طرح ما بين الفريقين من الصلح والاتفاق بين بعضهم وبعض.

والمكافحة ـ في الحرب ـ : المضاربة تلقاء الوجوه. قال الشاعر :

__________________

(١) لسان العرب ١٢ / ٦١٢.

٥٢

تكافح لوحات الهواجر بالضحى

مكافحة للمنخرين وللفم (١)

وقولها : وخبت نيران الباطل.

الخبو : سكون لهب النار. وخبت النار : اذا سكنت. وخبت الحرب كذلك. وخبت النار تخبو خبوا : إذا طفئت.

وقولها : واستوسق نظام الدين.

تقول : اجتمع وانضمّ بعضه الى بعض.

والوسق : ضمّك الشيء بعضه الى بعض. والاتساق : الانضمام والاستواء. ويقال : استوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت. واستوسق النظام كذلك. وهذا مثل ضربته لاجتماع المؤمنين والفتهم على إقامة دين الله عزّ وجلّ في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقولها : فنكصتم بعد الإقدام.

النكوص : الإحجام عن الشيء. يقال لمن أراد أمرا ثم رجع عنه : نكص على عقبيه.

وقولها : نكثوا أيمانهم.

نكث اليمين ، ونكث العهد والعقد : حلّه من بعد أن عقد وأبرم. وكذلك النقض. قال الله عزّ وجلّ : ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) (٢) وقال أيضا : ( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) (٣) وقال : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) (٤). قيل : إن ذلك ضرب مثلا لامرأة حمقاء كانت تغزل الغزل ، ثم تفتله على خلاف ما فتلته إذا غزلته ، فينحلّ ويفسد وذلك النكث. والنكيثة اسم.

__________________

(١) لسان العرب ٢ / ٥٧٣.

(٢) الفتح : ١٠.

(٣) النحل : ٩١.

(٤) النحل : ٩٢.

٥٣

وقولها : لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفزّ قلوبكم.

[ خامر صدوركم ] (١) : خالطها. يقال منه : خامره الداء : إذا خالط جوفه.

وكلما يخمر بالماء يقال : اختمر. إذا خالطه يختمر به من طعم أو ريح لم يكن قبل ذلك فيه.

واستفزّ ـ استفعل ـ : من الإفزاز. والإفزاز : الإفزاع والذعر. ويقال : استفزّ الرجل حتى القي في الجهل ، واستفزّ حتى اخرج من داره : بمعنى خوّف وافزع حتى فعل ذلك.

وقولها : لبثة الصدر وبعثة الغيظ.

فبثة الصدر : خروج ما في القلب ، والحديث به. وأصل البث : تفريق الأشياء ، كبث الخيل في الغارة وبث الكلاب للصيد. وخلق الله الخلق وبثهم في الأرض وتقول : أبثه الحديث ابثاثا ، فأنا مبثه. والحديث مبث. تقول عليها‌السلام : ولكنني بثثت ما في الصدر. والبث أيضا شدة الحزن. قيل : لأن صاحبه لا يصير حتى يبثّه : أي يشكوه. قال الله عزّ وجلّ حكاية عن يعقوب :

( إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ ) (٢) وقد يكون قولها أيضا في هذا إنها تبث ما في قلبها من الغم بما ذكرته وان كانت تعلم أن ذلك لا يصرفهم عما هم عليه.

وبعثة الغيظ ، ما يبعثه : أي يرسله. ويبعث عنه من القول وغيره.

وقولها : فدونكموها ، فاحتقبوها.

تعني ظلامتها التي تظلمت إليهم ، تقول : احتقبوا إثمها. وأصل الاحتقاب : شدّ الحقبة من خلف ، وكل ما حمل من خلف ، تقول : احتقب واستحقب ، والاثم كذلك يحتقب. قال الشاعر :

__________________

(١) وفي الاصل : صدوركم خامر صدوكم.

(٢) يوسف : ٨٦.

٥٤

فاليوم فاشرب (١) غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل

وقولها : دبرة الظهر.

تعني بثقلها كما يدبر ظهر الدابة الحمل الثقيل.

وقولها : موسومة بشنار الأبد.

العيب والعار يلزم الرجل من فعل يفعله. عار وشنار. وقلّ ما يقرءون الشنار في العار. وكذلك جاء في هذا الكلام بعد ذكر العار ويجيء مفردا في الشعر.

قال الشاعر :

ولو لا رعيهم سمع الشنار

فهذا شرح آخر هذه الخطبة التي خطبتها فاطمة عليها‌السلام.

[ نعود الى فضائل الزهراء ]

[٩٧٥] الربيع بن صبيح (٢) ، باسناده عن عائشة ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، أنها سئلت : أيّ النساء احبّ الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قالت : فاطمة. ومن الرجال ، علي.

قيل لها : وكيف ، وقد بلغنا أنه سئل أيّ النساء أحبّ إليك؟

فقال : عائشة بنت أبي بكر. وقيل : أيّ الرجال أحبّ إليك؟ قال : أبوها.

فقالت عائشة : اللهمّ غفرا لا تخدعوني إني والله ما أنا عصبته فأقول ما لا أملكه ، إنهم إنما سألوه عن أيّ الناس أحبّ إليه ، ولم يسألوه عن

__________________

(١) وفي لسان العرب ١ / ٣٢٥ : فاليوم اسقي غير.

(٢) وهو أبو بكر ، الربيع بن صبيح السعدي البصري خرج غازيا إلى السند فمات في البحر ودفن في إحدى الجزر ١٦٠ ه‍.

٥٥

نفسه. وكيف يكون ذلك ، وفاطمة التي يقول لها : [ فداك ] (١) نفسي أنت سيدة نساء العالمين. فقيل له : يا رسول الله فأين مريم؟

قال : تلك سيدة نساء قومها.

فقال لها : يا فاطمة ، زوّجتك سيد العرب. فقيل له : يا رسول الله ، فأنت؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، وأبناؤه الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.

قيل لها : فإن ما بلغنا أن أبا بكر وعمر سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين.

فقالت : إني والله ما أدري ما هذا ولأن يكون كذلك أحبّ إليّ من حرم النعم ، فإن كان قاله ، فأين إبراهيم خليل الرحمن؟ ولكني سمعته يقول :

أهل الجنة شباب جرد مرد ليس عليهم شعر إلا على رءوسهم والحواجب منهم وأشفار العيون. ولم أسمعه يقول إن فيها كهولا. ولقد علمت أنكم إنما تدرءون فضل علي فو الله ما يمنعه أن يكون له الفضل وهو أول المؤمنين إيمانا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأسبقهم الى نصرته ، وأقولهم بالحق ، ولقد كان صواما وقواما وآخر الخلق عهدا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى فاضت نفسه في يده ، ولقد أوصى إليه بما لم يطمع فيه غيره.

[٩٧٦] شريك بن عبد الله ، باسناده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه لما زوّج فاطمة عليها‌السلام من علي صلوات الله عليه ودخل بها ، جعلت أم أيمن (٢) معها تؤنسها ، وفارقها من الليل ثم غدا إليها بالغداة

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : فذلك.

(٢) وهي بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حسن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان مولاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . غلبت عليها كنيتها ، كنيت بابنها أيمن بن عبيد وهى أم اسامة بن زيد.

٥٦

يدق الباب.

فقالت أم أيمن : من هذا؟

قال : أنا رسول الله.

فأتته مسرعة وهي تقول : فداك أبي وأمي. وفتحت له الباب.

فقال لها : يا أم أيمن ، هاهنا أخي (١).

قالت : يا نبيّ الله ، ومن أخوك؟

قال : علي بن أبي طالب.

قالت : يا نبيّ الله ، إنما عرف الناس الحلال والحرام بك ، أتزوج ابنتك من أخيك؟

قال : يا أم أيمن ليس هو أخي من أبي وأمي الذي يحرم عليه نكاح ابنتي هو أخي في الدين ، ومعي في أعلى علّيين.

ثم دخل على فاطمة ، فوجد عندها أسماء بنت عميس (٢).

__________________

تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشي فولدت له اسامة ، وهي التي استشهدت فاطمة بها في أمر فدك ، فشهدت لها ، ورفض شهادتها. توفيت ١١ ه‍.

(١) وفي كفاية الطالب ص ٣٠٦ : أثم أخي يا أم أيمن.

(٢) وهي أسماء بنت عميس بن معبد بن الحرث بن تميم بن كعب الخثعمية ، أسلمت في مكة وهاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب الى الحبشة سنة ٥ بعد بعثة الرسول ، فولدت عبد الله ( الذي عاش ثمانون عاما وتوفي في المدينة. الدر المنثور ص ٣٥ ).

فلما استشهد جعفر تزوجها أبو بكر ، فطلقها ، فتزوجها علي بن أبي طالب. وتوفيت بالكوفة سنة ٣٦ ، ودفنت في احدى جبانات الكوفة ، ويدعى أن في ضواحي الهاشمية على نهر الجر بوعية من محافظة بابل ( الحلة ) قبر مشيد لها ( مراقد المعارف ١ ـ ١٤١ ).

أخواتها :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله الأخوات من أهل الجنة :

١ ـ أسماء بنت عميس وكانت تحت جعفر بن أبي طالب.

٢ ـ سلمى بنت عميس وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب.

٣ ـ أمّ الفضل لبابة وكانت تحت عباس بن عبد المطلب.

٥٧

فقال لها : ما خلفك عند فاطمة؟

قالت : يا رسول الله إن الفتاة إذا زفت الى زوجها لا بدّ أن يكون عندها امرأة تخبرها بحاجتها.

قال : اللهمّ أسكن أسماء الجنان (١).

ثم أقبل على فاطمة [ فقال ] : أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى ، يا فاطمة.

فقال : يا فاطمة ، إني لم آلك نصحا ولا زوجتك عن أمري بل عن أمر ربي ، لقد زوجتك أقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما ، وأكثرهم علما

__________________

٤ ـ وأم المؤمنين ميمونة.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن عميس أكرم الناس اصهارا. وقال أيضا لهند امهن : هي أكرم عجوز جمعت على الارض اصهارا ( ذخائر العقبى ص ٢٢ طبقات ابن سعد ٨ / ٢٠٥ ، الدر المنثور ص ٣٥ ، ذيل المذيل ص ٨٥ ، الحلية ٢ / ٧٤ ، خلاصة الذهب ص ٤٢١ ).

أيّ أسماء كانت في الزفاف :

لقد ذكرت أسماء بنت عميس في هذا الحديث وفي الحديث المرقم ٩٦٧ ذكر فقط أسماء دون ذكر أبيها.

مع العلم أن أسماء بنت عميس كما ذكرنا كانت تحت جعفر بن أبي طالب وهاجر بها الى أرض الحبشة.

وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة. وقدم جعفر المدينة يوم فتح خيبر سنة سبع للهجرة ، مع أن زواج فاطمة الزهراء عليها‌السلام بعد واقعة بدر بايام قلائل.

ويدل على عدم كون أسماء هي أسماء بنت عميس الخبر الذي ذكره المؤلف رقم ٩٧١ حول كيفية تشييع النساء في الحبشة وصنعها لفاطمة الزهراء عليها‌السلام التابوت.

فمحصل ما ذكرنا أنها ليست هي بنت عميس بل هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري ـ المكناة بام سلمة وهي غير أمّ سلمة أم المؤمنين كما لا يخفى ـ.

قال الكنجي في كفاية الطالب ص ٣٠٨ : ولها أحاديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . روى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس والله اعلم.

(١) وفي كفاية الطالب : أسأل إلهي ان يحرسك من فوقك ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك من الشيطان الرجيم.

٥٨

في الدنيا من الأولين ، وفي الآخرة من الصالحين. أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى.

يا فاطمة ، إن الله عزّ وجلّ اطلع الى الأرض اطلاعة ، فاختارني منها ، فجعلني نبيا ، ثم اطلع عليها الثانية ، فاختار منها عليا بعلك وجعله لي وصيا.

[٩٧٧] حسن بن عبد الله ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أنه قال : جاء سهل بن عبد الرحمن الى عمر بن عبد العزيز (١) فقال : إن قومك يقولون إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة.

فقال له عمر : سمعت الثقة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تخبر عنه حتى كأني سمعته منه أنه قال :

إنما فاطمة بضعة مني ، يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها ، فو الله إني لحقيق أن أطلب رضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله [ ورضاه ] ورضاءها في ولدها.

[ وقد علموا أن النبي يسره

مسرتها جدا ويشني اغتمامها ] (٢)

[٩٧٨] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده عن أمّ سلمة ، أنها قالت :

دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام فأسرّ إليها سرا ، فبكت. ثم أسرّ إليها سرا ، ضحكت (٣) فسئلت عن ذلك.

فقالت : ما كنت لأفشي سره أيام حياته.

قالت أمّ سلمة : فلما توفي سألتها ، فقالت : أسرّ إليّ أنه يموت ،

__________________

(١) وهو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الخليفة الاموي ولد ٦١ ه‍ وتوفي ١٠١ ه‍.

(٢) بحار الانوار ٤٣ / ٣٩.

(٣) وفي خصائص النسائي ص ١١٧ : دعا فاطمة ( ره ) فناجاها فبكت ثم حدثها فضحكت.

٥٩

فبكيت. ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران ، فضحكت.

[٩٧٩] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.

[ فاطمة سيدة نساء العالمين ]

[٩٨٠] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : أبطأ عنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما ، ثم جاء. فقلنا : يا رسول الله لقد شقّ علينا تخلفك اليوم.

فقال : إن ملكا من ملائكة السماء لم يكن زارني ، فاستأذن الله تعالى في زيارتي ، فأذن له. كان عندي ، ويبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين (١) وأن ابنيها ـ الحسن والحسين ـ سيد اشباب أهل الجنة.

[٩٨١] وبآخر ، عن المسور بن مخرمة (٢) ، قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على المنبر يقول :

إن بني هشام بن المغيرة (٣) استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا اذن ، ثم لا اذن ، ثم لا اذن إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي ، وأن ينكح ابنتهم ، فإنما هي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ، وما كان لعلي أن يجمع بين بنت رسول الله

__________________

(١) وفي خصائص النسائي ص ١١٨ : سيدة نساء امتي.

(٢) وهو أبو عبد الرحمن المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي البصري ولد ٢ ه‍. خاله عبد الرحمن بن عوف قتل في فتنة ابن الزبير ٦٤ ه‍.

(٣) يعنى بني مخزوم.

٦٠