شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

إن الناس أخذوا من هاهنا وهاهنا وأنتم أخذتم أخذ الله ، إن الله اختار لكم من عباده محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واخترتم خيرة الله ، فمحمد خيرة الله ، ونحن خيرة الله ، فاتقوا الله وأدوا الامانات الى الاسود والابيض ، وان كان حروريا (١) ، وان كان شاميا (٢).

[١٣٨٦] يزيد بن حلقة الحلواني ، عن عبد الرحمن ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : انما يغبط أحد حتى يبلغ نفسه الى هاهنا ، فينزل عليه ملك [ الموت ] فيقول : أما ما كنت ترجو فقد اعطيت ، وأما ما كنت تخاف فقد أمنت منه ، ويفتح له باب الى منزله من الجنة ، فيقال له : انظر الى مسكنك من الجنة ، وهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي والحسن والحسين هم رفقاؤك ، وذلك قول الله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) (٣).

[١٣٨٧] الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : [ ... ] (٤) إن أدرك الدجال آمن به ، وان لم يدركه كتب من أصحابه. وان ربي مثل لي امتي في الطين ، وعلّمني الاسماء كلها كما علّمها آدم ، فمرّ بي أصحاب الرايات ، فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي عليه‌السلام خصلة ، قيل : وما هي يا رسول الله؟

قال : المنفرة لمن آمن منهم واتقى ، [ وان الله ] لا يغادر صغيرة ولا

__________________

(١) الحرورية هم الخوارج.

(٢) لعله اشارة الى أصحاب معاوية بن أبي سفيان ـ فقد كان اكثرهم من أهل الشام ـ وذلك لما أبدوه لامير المؤمنين عليه‌السلام وشيعته من العداوة والبغضاء.

(٣) يونس : ٦٣.

(٤) إن في الحديث سقط ، راجع تخريج الاحاديث.

٤٨١

كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات.

[١٣٨٨] الفضل بن بشار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ترى اننا ننزل بذنوبنا منزلة المستضعفين؟

قال : فقال : لا والله لا يفعل الله ذلك بكم أبدا.

[١٣٨٩] أبو بكر الحضرمي (١) ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول أبيك : لو أدركت عكرمة قبل أن يموت لعلّمته كلمات لا تطعمه النار.

قال : نعم.

قلت : جعلت فداك وما هنّ (٢).

قال : ما أنتم عليه.

ثم قال : من تولى محمدا لم تطعمه النار.

[١٣٩٠] وعنه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : اذا مات المؤمن منكم جعل روحه مع النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

[١٣٩١] وعن أبي عبد الله ابن يحيى ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : إن ابني فاطمة اشترك في حبها البر والفاجر ، وانه كتب لي : لا يحبني كافر ولا يبغضني مؤمن ، وقد خاب من افترى.

[١٣٩٢] صفوان عن عبد الله بن مسكان ، عن سليمان [ بن ] (٣) هارون العجلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال لقوم كانوا عنده من الشيعة : أما والله انكم على دين الله ، قال الله تعالى : (٤) ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً

__________________

(١) اسمه عبد الله بن محمد راجع اعيان الشيعة ٢ / ٢٩٣.

(٢) في نسختنا : وما هي ، وما أثبتناه هو الصحيح.

(٣) يحتمل وجود سقط هنا وهو كلمة بن أو و.

(٤) في الاصل : قال الله تعالى لهم.

٤٨٢

كَرِيماً ) (١).

[١٣٩٣] عبد الله بن مسكان ، عن زيد بن الوليد ، عن يحيى بن سابق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال يحيى : دخلت عليه لاودعه مع قوم من أصحابه ، فلما ودعناه ، قال لنا : أما والله إنكم لعلى دين الله وان من خالفكم لعلى غير الحق ، والله ـ ما أشدّه (٢) ـ انكم في الجنة ، واني لأرجو أن يقرّ الله أعينكم من قريب.

[١٣٩٤] حبيبة (٣) الاعشى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : عاديتم فينا الامة ، والآباء والابناء والازواج والاخوة فثوابكم على الله والرسول ، وان أحوج ما يكون فيه الى حبنا الى أن بلغت النفس الى هذه ـ وأهوى بيده الى حلقه ـ.

[١٣٩٥] أبو جارود بن المنذر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا بلغت أحدكم هذه ـ وأومى بيده الى حلقه ـ قرّت عينه.

[١٣٩٦] ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا محمد لا تعجبك كثرة صلاتهم وصيامهم فان الامر ـ والله ـ هاهنا ، نحن السبيل والوجه الذي يؤتى الله تعالى منه.

[١٣٩٧] كليب الصنداني ، قال : قال لنا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام : أما والله إنكم على دين الله ، وعلى دين ملائكته ، فأعينونا على ذلك بالورع والاجتهاد ، أما والله ما يتقبل إلا منكم ، فاتقوا الله ، وكفوا ألسنتكم ، وصلّوا في مساجدكم ، وعودوا مرضاكم ، فاذا تميّز الناس ، فتميزوا.

__________________

(١) النساء : ٣١.

(٢) كذا ظاهر الكلمة.

(٣) هذه الكلمة غير واضحة وانما وضعناها استظهارا.

٤٨٣

[ تفرحون لفرحنا ]

[١٣٩٨] وعن أبي كهمس ، قال : دخلنا على أبي عبد الله نعزيه بابنه اسماعيل ، فقال : رحمكم الله تفزعون لفزعنا ، وتفرحون لفرحنا ، أما يحسبكم اذا نادى منادي عدل من ربكم أن يكون كل قوم مع من تولّوا في دنياهم ، فنفزع الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتفزعون إلينا؟

[١٣٩٩] عبد الله بن مسكان عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (١) أخاصة هي أم عامة؟

قال : بل هي لك ولأصحابك.

[١٤٠٠] عباد بن زياد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا عباد ما على ملة ابراهيم أحد غيركم ، ولا يقبل الحجّ إلا منكم ، ولا يغفر الذنوب إلا لكم ، وان أرواحنا لتحبّ أرواحكم ، وانا لنحبّ رؤياكم وزيارتكم.

[١٤٠١] علي بن النعمان ، عن يزيد بن خليفة الحلواني ، قال : قال لنا أبو عبد الله عليه‌السلام : والله ما على (٢) أحدكم لو قد كان على قلّة جبل حتى ينتهي إليه أجله. انه من عمل لله كان ثوابه على الله ، وان كل رياء فهو شرك.

[١٤٠٢] أبو هارون الجرجاني ، عن مبشر ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن

__________________

(١) الزمر : ٥٣.

(٢) في الاصل : على ما.

٤٨٤

علي ، يقول : من لقي الله لا يشرك به شيئا ، ويجتنب المحارم التي أوجب الله عليها النار (١).

[١٤٠٣] ابن مسكان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا وكّل به ملكا حتى يأخذ بعنقه ـ وأشار باصبعه ـ فيدخله في هذا الامر شاء أو أبى.

[١٤٠٤] عمرو بن زيد ، عن اسحاق بن حبيش ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : يخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما فيهم من عيوب ولهم من ذنوب على نوق لها (٢) أجنحة ، شرك نعالهم من نور يتلألأ ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد آمنة روعاتهم ، مستورة عوارتهم ، قد اعطوا الأمن والامان ، وانقطعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، فتنطلق بهم الى ظلّ العرش ، فتوضع بين أيديهم موائد ، يأكلون منها ويشربون ، والناس في الحساب.

[١٤٠٥] أبو إسحاق النحوي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله أثنى على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ بقوله : ] (٣) ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ثم فوّض إليه فقال : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٥) ، وان نبيّ الله فوّض الى علي عليه‌السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وائتمنه.

وانكم سلّمتم وجحد [ الناس ] والله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا ،

__________________

(١) كذا في الاصل.

(٢) في نسختنا : لها على. ولعل كلمة على نسخة بدل.

(٣) زيادة منا اقتضاه السياق.

(٤) القلم : ٤.

(٥) الحشر : ٧.

٤٨٥

وتصمتوا اذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين الله تعالى واقية ، ما جعل الله لأحد [ خيرا ] خلاف أمرنا (١).

[١٤٠٦] ابن العلي ، قال : كنت عند أبي عبد الله وزرارة ومحمد بن مسلم ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تطعم النار من كان على هذا الامر. فقال له زرارة : يا ابن رسول الله إن في من ينتحل هذا الامر من يريى ويشرب الخمر.

قال : اذا كان ، ضيّق الله عليه في معيشته وابتلاه في الدنيا وعاقبه فيها حتى يخرج منها وليس له ذنب.

[١٤٠٧] حماد بن عيسى ، عن ابراهيم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله تعالى خصّكم بأربع ، الولاية : وهى خير ما طلعت عليه الشمس ، وعفا عنكم عن ثلاث : الخطأ ، والنسيان ، وما اكرهتم عليه.

[١٤٠٨] حماد بن عيسى ، عن ابراهيم ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه قال لقوم من شيعته : ما من يوم إلا يذكركم الله فيه بخير ، وما من ليلة إلا يكفيكم الله تعالى فيها بعافية ، ولقد نزلتم من الله بمنزلة ما ينظر معها الى غيركم إلا أن يتوب تائب فيتوب عليه ، فأنتم سيف الله ، وأنتم سوط الله ، وأنتم أنصار الله ، وأنتم السابقون الأولون والآخرون ، السابقون في الدنيا الى الايمان ، والسابقون في الآخرة الى الجنة ، وما من شيء في أيدي مخالفيكم من أهل ولا مال إلا وهو لنا.

وقد تجاوز الله عن سيئاتكم ، وقد ضمنا لكم الجنة بضمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضمان الله تعالى لكم.

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : لأحد من خلاف فيما امر به. راجع تخريج الاحاديث.

٤٨٦

فأنتم أهل الرشاد والتقوى ، وأهل الخير والايمان ، وأهل الفتح والظفر.

[١٤٠٩] أبو عبيدة [ زياد الحذّاء ] قال : دخلت على أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام فقلت : بأبي وأمي أنت ، خلا بي الشيطان فخشيت نفسي ، ثم أذكر حبي إياكم ، وانقطاعي لكم ، وموالاتي لكم ، فتطيب نفسي.

فقال لي : يا زياد ، وهل الدين إلا الحب ، ألم تسمع قول الله تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (١) وقال : ( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ ... ) (٢).

فالدين هو الحب.

[١٤١٠] ابن شعيب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يسأل الرجل في قبره عن امام زمانه ، فاذا أثبته وسّع له في قبره سبعة أذرع ، وفتح منه باب الى الجنة وقيل له : نم نومة العروس قرير العين.

[١٤١١] ابن جعفر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان الناس بعد نبيهم أهل جاهلية إلا من عصم الله تعالى من أهل البيت.

[١٤١٢] ابن عبد الله ، باسناده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أمرني ربي بحبّ أربعة ، قيل : ومن هم يا رسول الله؟

قال : علي وسلمان والمقداد وعمار (٣).

[١٤١٣] عن أبي ليلى ، عن الحسين بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول الله : الزموا مودّتنا أهل البيت ، فانه من لقي الله يوم القيامة

__________________

(١) آل عمران : ٣١.

(٢) الحشر : ٩ : ( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ... ) الآية.

(٣) وفي بحار الانوار ٢٢ / ٣٢١ بدل كلمة عمار : كلمة أبا ذر الغفاري.

٤٨٧

وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا. [ والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفته بحقنا ] (١).

[١٤١٤] معمر بن حثيم ، عن أخيه ، قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا معمر ليس منا من قطعك (٢) ولكن من وصلكم وتركهم ، وليس منا ولا منكم من ظلم الناس.

يا معمر زينونا بالورع.

يا معمر أخذ الناس يمينا وشمالا وأخذتم القصد ، اخترتم من اختار الله ، ونظرتم بنور الله ، واتبعتم الله وتقربتم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فطوبى لمن كان في زمرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطيبين الطاهرين غدا وأهل بيته.

فالويل والخزي لمن حشره الله ضدا لرسوله ولأهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

يا معمر ما نحن وأنتم إلا كهاتين يوم القيامة ـ وجمع بين اصبعيه ـ المسبحة والوسطى ـ.

يا معمر شيعتنا من أحبّ الله ، وعدونا من أبغضنا لقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

يا معمر أيستأثرون من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

يا معمر من أهل بيت أضيع منا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ وما يستطيع أحدنا أن يكلّم خادمه بحاجته ، فالله المستعان.

[١٤١٥] بشر بن غالب ، قال : سألني الحسين بن علي عليه‌السلام عن أهل

__________________

(١) الزيادة من أمالي المفيد ص ٣٥.

(٢) كذا في نسختنا ، ولعل الصحيح : قطعهم.

٤٨٨

الكوفة فقال : ما فعل أبناء العرب بها؟

قلت : يا ابن رسول الله ، أسبلوا الستور ، وشربوا الخمور ، ويزينون بالخلاهنات (١).

قال : فما فعل أبناء الموالي؟

قلت : يغدون ويروحون الى الاسواق ، فيقعدون على الكرسي ، ويحلفون بالأيمان الفاجرة.

فقال : أما أنه لا تذهب الايام حتى يكونوا دفّتين كدفّتي المصحف ، لا يحبنا أحد منهم إلا كان معنا يوم القيامة ، له نور يعرف به حتى يؤتى بهم أبانا عليا عليه‌السلام ، فيسقيهم من الحوض ، ثم ندخل نحن وهم الجنة ، يقدمنا أبونا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[١٤١٦] سليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين علي عليه‌السلام :

إن أهل بيتي يقطعوني واوصلهم ، ويحرموني فاعطيهم ، ويكلموني وأعفو عنهم ، ويشتموني ولا أشتمهم.

فقال أمير المؤمنين علي عليه‌السلام : عهدت الناس ورقا لا شوك فيه ، وهم اليوم شوك لا ورق فيه.

فقلت : فكيف أصنع يا أمير المؤمنين؟

قال : ولّهم غرضك ليوم فقرك.

شيعتنا ثلاثة أصناف : صنف يصلونا ، وصنف يصلون الناس ، وصنف والوا وليّنا وعادوا عدوّنا. اولئك الاولياء الاخيار الحكماء العلماء وطوبى لهم وحسن مآب.

[١٤١٧] محمد بن الهارون الهمداني ، قال : خرج أبو جعفر عليه‌السلام يوما على أصحابه وهم جلوس على بابه ينتظرون خروجه فقال لهم :

__________________

(١) الكلمة غير واضحة في نسختنا.

٤٨٩

تنجّز ـ والبشرى من الله ـ ، والله ما أحد من الناس يتنجّز لي البشرى من الله غيركم ، ثم قرأ : ( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) (١).

ثم قال : نحن أهل البيت قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[١٤١٨] الحسين بن محمد الطيالسي ، قال : حدثنا اسحاق ـ مولى جعفر بن محمد ـ قال : سمعت مولاي جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة لم يعتذر الى أحد من خلقه إلا الى فقراء شيعتنا ، فيقول لهم : وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا لهوانكم عليّ ولكني ذخرت لكم ما عندي ، فتصفّحوا وجوه الخلق ، فمن كان صنع الى أحد منكم معروفا في الدنيا فليأخد بيده ، فليدخله الجنة فانهم يومئذ ليتعلّقون بفقراء شيعتنا فيقول كل واحد منهم : ألم أفعل بك في الدنيا كذا؟ فمن عرّفوه ممّن كان فعل ذلك لهم أدخلوه الجنة.

[١٤١٩] الفضل بن يسار ، قال : حدثني الثقة من أصحابنا ، عن عبد الله بن الحسين بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : والله الذي لا إله غيره لا يحب محبنا ـ على غير يد كانت منه إليه ـ ، ولا يبغض عبد مبغضنا ـ على غير شحناء كانت بينه وبينه ـ ، ثم لقي الله تعالى وعليه من الذنوب مثل زبد البحر إلا غفر الله [ له ].

[١٤٢٠] أبو الجارود ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : أليس عدل من ربكم أن يقوم منادي يوم القيامة فينادي ليقم كل قوم الى من تولوه في الدنيا ، فتفزعون إلينا فتجدونا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

٤٩٠

[ مرحبا يا بشير ]

[١٤٢١] يحيى بن مشاور ، قال : أخبرني بشير النبال ـ وكان يرمي بالنبل ـ قال : أردت زيارة أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام فاشتريت بعيرا نضوا لم أجد بما تهيأ لي من الثمن غيره ، فقال لي قوم :

[ لا ] يحملك. فركبت ومشيت حتى قدمت المدينة وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي ، فأتيت باب أبي جعفر عليه‌السلام فأصبت غلاما بالباب فقلت له : استأذن لي على ابن رسول الله وقل له : بشير النبال ماثل بالباب. فسمع صوتي فقال : ادخل يا بشير. فلما رآني قال : مرحبا يا بشير ، ما هذا الذي أرى بك.

قلت : جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا فركبت ومشيت.

فقال : وما الذي دعاك الى ذلك؟

قلت : حبكم والله.

قال : أفلا افيدك؟

قلت : بلى.

قال : اذا كان يوم القيامة ، فزع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الله تعالى ، وفزعنا الى رسول الله ، وفزع محبّونا إلينا فالى أين ترون نذهب بكم؟

٤٩١

قال : الى الجنة.

قال : الى الجنة وربّ الكعبة ، الى الجنة ـ قالها مرتين ـ.

[١٤٢٢] عبد الحميد بن سعيد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما أحسبك تأنس بأحد في المدينة.

قلت : لا يا ابن رسول الله.

قال : فاني لك ذلك.

فقال عليه‌السلام : يا عبد الحميد لكم والله يغفر الذنوب ، ومنكم يقبل الحسنات ، أبشروا ، [ فاني ] (١) كثيرا ما [ كنت ] (٢) أسمع أبي رضي‌الله‌عنه يقول لاصحابه : أبشروا ، فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويلقى السرور إلا أن تبلغ نفسه الى هاهنا ـ وأشار بيده الى حلقه ـ.

ثم قال : إنه اذا كان ذلك واحتضر ، أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجبرئيل ، وملك الموت ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام. فيدنو منه علي عليه‌السلام ، فينظر إليه ، ثم يلتفت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول : يا رسول الله هذا كان يحبنا فأحبه ، فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل إن هذا كان يحبّ الله ورسوله وأهل بيته فأحبه. فيقول جبرئيل : يا ملك الموت إن هذا كان يحبّ الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه. فيدنو [ منه ] (٣) ملك الموت ، فيقول : يا عبد الله أخذت فكاك رهانك ، أخذت براءة أمانك.

ثم يقول (٤) : تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟

__________________

(١ ـ ٢) ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.

(٣) كملة « منه » لا بد لها هنا من أجل السياق.

(٤) في الاصل : قال.

٤٩٢

فيوفّقه الله فيقول : نعم.

فيسأل ملك الموت عمّا تمسك به؟

فيقول : ولاية علي بن أبي طالب.

فيقول : أبشر ، فقد أدركت ما كنت ترجوه ، وأمنت مما كنت تخافه ، أبشر بالسلف الصالح بمرافقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام.

ثم يسلّ روحه سلاّ رفيقا ، ثم ينزل إليه بكفن من الجنة وحنوط وحلّة خضراء يكفن بها ويحنط.

فاذا وضع في قبره قيل له : نم نومة عروس على فراش ، أبشر بروح وريحان وربّ غير غضبان وجنة نعيم.

ثم يفتح له في قبره مسيرة شهر أمامه وعن يمينه وعن شماله ومن خلفه ، ويفتح له باب الى الجنة ، فيدخل عليه روحها وريحانها الى أن يبعث.

قال : واذا احتضر الكافر حضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وجبرئيل وملك الموت عليهم‌السلام ، فيدنو منه علي عليه‌السلام ، ثم يلتفت ، فيقول : يا رسول الله إن هذا كان يبغضنا أهل البيت.

فيقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيل : يا جبرئيل إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسول الله ، فابغضه.

فيقول جبرئيل لملك الموت : إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله ، فاعنف عليه وابغضه.

فيدنو منه ملك الموت فيقول : يا عبد الله أخذ [ ت ] (١) فكاك

__________________

(١) زيادة منا اقتضاه السياق.

٤٩٣

رهانك؟ أخذت براءة أمانك؟ تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟

فيقول : لا ، وما أعرف شيئا مما تقول.

فيقول له ملك الموت : أبشر يا عدوّ الله بخزي الله وعذابه في نار جهنم ، أما ما كنت ترجو فقد فاتك ، وأما ما كنت تحذر فقد نزل بك.

ثم يسلّ روحه سلاّ ، ويوكّل به ثلاثمائة شيطان فيبصقون بوجهه حتى يوضع في قبره ، ويفتح له فيه باب الى جهنم ، فيدخل عليه زفيرها وحرّها الى أن يبعث ، ثم ينطلق بروحه الى برهوت (١).

[١٤٢٣] ( وعنه ) قال : سمعني أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا اقول : أسأل [ الله ] الجنة.

فقال لي : يا أبا محمد أنت والله في الجنة ، فاسأل الله أن لا يخرجك منها.

قلت : وكيف ذلك ـ جعلت فداك ـ.

فقال : من كان في ولايتنا فهو في الجنة.

[ أقول : ] يعني عليه‌السلام أنه من أهل الجنة. فاسألوا الله أن لا يخرجكم منها الى ولاية عدونا.

[١٤٢٤] الفضل ، قال : تحدثنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فذكرنا عين الحياة فقال عليه‌السلام : أتدرون ما عين الحياة؟

قلنا : الله وابن رسوله أعلم.

قال : نحن عين الحياة ، فمن عرفنا وتولاّنا فقد شرب عين الحياة ، وأحياه الله الحياة الدائمة في الجنة وأنجاه من النار.

__________________

(١) برهوت واد بحضرموت تحضر فيه ارواح المشركين.

٤٩٤

[١٤٢٥] الاصبغ ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي إن لله تعالى قضبا (١) من ياقوت لا يناله إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس براء.

[١٤٢٦] جابر بن عبد الله الانصاري ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي : ألا أمنحك ، ألا ابشرك؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا [ فاذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسماء امهاتهم إلا شيعتك ] (٢) فانهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لطيب مولدهم.

[١٤٢٧] أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام أنه قال : لما نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) (٣) قال المقداد بن الاسود الكندي : يا رسول الله وما طوبى؟

قال : يا مقداد ، شجرة في الجنة ، لو يسير الراكب الجواد في ظلها مائة عام ما قطعها ، وورقها وقشرها [ زبرجد ] (٤) أخضر ، وزهرها رياض صفر ، وضيعتها زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر ، وترابها مسك وعنبر ، وحشيشها زعفران ، خلالها لجوج

__________________

(١) القضب : جمع قضيب.

(٢) زيادة من بشارة المصطفى ص ١٥ وفيه « فإنهم يدعون بأسماء آبائهم ... ».

(٣) الرعد : ٢٩.

(٤) هذا ما استظهرناه والكلمة غير واضحة.

٤٩٥

[ كذا ] يتأجّج من غير وقود ، يتفجّر من أصلها السلسبيل ، (١) ظلها مجلس من مجالس شيعة علي عليه‌السلام ، يألفونه ويتحدثون فيه.

فبيناهم يوما في ظلها إذ جاءتهم الملائكة تقود لهم (٢) خيلا بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا ، وبرها [ كذا ] خزّ أحمر ومرعر [ كذا ] أبيض محيطا لم ينظر (٣) الناظرون الى مثلها حسنا وبهاء ، قد ذللت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة ، عليها رحال ألواحها من الدرّ والياقوت مضيئة بألوان المرجان ، وصفاتها [ كذا ] من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والارجوان فأناخوها لهم.

ثم قالوا : ربكم يقرئكم السلام فقوموا فزوروه ليزيدكم من فضله ، فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. فيستوي كل رجل منهم على راحلته وينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت أحد منهم أحدا ، ولا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا اتحفتهم بثمارها ، ورحلت لهم عن طريقهم كرامة لهم ، من غير أن تفرق بينهم ، حتى اذا انتهوا الى الجبار تعالى ، قالوا : ربنا أنت السلام ومنك السلام وأنت ذو الجلال والاكرام.

فيقول تعالى : كذلك أنا ومرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل [ بيت ] (٤) نبيي ، ورعوا حقي ، وخافوني بالغيب وكأني مني على حال مشفقين.

فيقولون : وعزتك وجلالك ما قدرناك حقّ قدرك ولا أدّينا حقك فائذن لنا بالسجود.

__________________

(١) السلسبيل : الماء العذب السهل المساغ.

(٢) في الاصل : تقودهم.

(٣) في الاصل : ولم ينظر.

(٤) زيادة منا اقتضاه السياق.

٤٩٦

فيقول لهم ربهم : اني قد وضعت عنكم العبادة وأرحت أبدانكم فطال ما أنصبتم لي الابدان ، فالآن أفضتم الى روحي ورحمتي فاسألوني بما شئتم ، فلا يزال يا مقداد ممنونا عليهم في العطايا والمواهب حتى أن المقصّر من شيعة علي ليتمنى يومئذ في امنيته مثل جميع الدنيا مذ خلقها الله تعالى الى يوم القيامة.

فيقول لهم ربهم : لقد قصّرتم في أمانيكم ، ورضيتم بدون ما لحق لكم ، فانظروا الى مواهب ربكم.

فينظرون ، فاذا هم بقباب وقصور في أعلى علوّ ، من الياقوت الاحمر والجوهر الاخضر والابيض والاصفر يزهر نورها ، فلولا أنها مسخرة لم تكد الابصار أن تراها لشدة نورها ، فما كان منها من الياقوت الاحمر فهو مفروش بالسندس الاخضر ، وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالرياض مشوب بالفضة البيضاء والذهب الاحمر ، قواعدها وأركانها من الجوهر ، يخرج من أبوابها وعرصتها (١) نور مثل شعاع الشمس ، وعلى كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان ، فاذا أرادوا الانصراف الى منازلهم حولوا الى فرس من نور بأيدي ولدان مخلدين ، بيد كل واحد منهم حكمة (٢) فرس من تلك الافراس ، لجمها وأعينها من الفضة البيضاء والذهب الاحمر والجوهر ، فلما دخلوا منازلهم أتتهم الملائكة يهنئونهم بكرامة الله لهم ، حتى اذا استقروا قيل لهم : هل ( وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ) (٣).

__________________

(١) كذا ظاهر الكلمة.

(٢) حكمة الفرس : لجامه ( ط ).

(٣) الأعراف : ٣٣

٤٩٧

قالوا : نعم ربنا رضينا فارض عنا.

قال : برضاي عنكم ، وبحبكم أهل بيت نبيكم أحللتكم داري وصافحتكم الملائكة فهنيئا لكم عطاء غير مجذوذ ليس ينغّص.

فعندها قالوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ ) (١).

[١٤٢٨] هاشم الصداني ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا هاشم حدثني أبي ، وأبي وهو خير مني ، عن جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : ما من رجل من شيعتنا يموت إلا خرج من قبره يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر ، فيقال له : سل.

فيقول : أسأل في النظر الى محمد عليه‌السلام.

قال : فيأذن الله تعالى لشيعتنا في زيارة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجنة ، وينصب لمحمد منبر فيصعد عليه هو وعلي عليه‌السلام ويحف بذلك المنبر شيعة آل محمد ويلقى عليهم النور ، حتى أن أحدهم اذا رجع الى منزله لم تقدر الحور أن تملأ أبصارها منه.

ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فلمثل هذا فليعمل العاملون.

[١٤٢٩] الاصبغ ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال في قوله الله تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (٢) قال : ليفرح شيعتنا بما اعطوا ، فذلك خير مما اعطي عدونا من الذهب والفضة.

[١٤٣٠] أبو الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه قال في قول الله

__________________

(١) فاطر : ٣٤ و ٣٥

(٢) يونس : ٥٨.

٤٩٨

تعالى : ( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (١) قال : قال علي عليه‌السلام : ليس من عبد امتحن الله قلبه [ بالايمان إلا وجد مودتنا في قلبه ] (٢) فهو يودنا ، وليس من عبد ممّن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه ، فهو يبغضنا ، فأصبحنا نفرح بحبّ للمحبّ.

وأصبح محبنا ينتظر رحمة الله ، وكأن أبواب الجنة قد تفتحت له وأصبح مبغضنا على شفا حفرة من النار ينهار به في نار جهنم.

فهنيئا لاهل الرحمة برحمة ربهم ، وتعسا لاهل النار بمثواهم ، ولا يستوي من أحبنا ومن أبغضنا ، ولا يجتمع حبنا وبغضنا في قلب واحد ، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه ، يحبّ بهذا ويبغض بهذا ، أما المحبّ فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه.

ومبغضنا على تلك المنزلة ، ونحن النجباء ، وأفراطنا أفراط الأنبياء وأنا وصيّ الاوصياء وشيعتي من حزب الله ، والفئة الباغية من حزب الشيطان. فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه ، فان شارك حبنا عدوّنا ، فليس منا ولسنا منه ، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل ، والله عدو للكافرين.

[١٤٣١] علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : ما ابتلى الله به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع ، بأن يكونوا لغير رشدهم ، أو يمنوا في أكفهم ، أو يبتلوا في أدبارهم ، أو يكونوا منهم خصي.

[١٤٣٢] أبو حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : أربع خصال

__________________

(١) الأحزاب : ٤.

(٢) الزيادة من البرهان ٣ / ٢٩٠.

٤٩٩

لا تكون في شيعتنا المؤمنين : لا يكون من شيعتنا مجبوبا ، ولا يسأل على الابواب ، ولا يولد له من الزنا ، ولا ينكح في دبره.

[١٤٣٣] عبد الحميد الواسطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : (١) إن الشفاعة لمقبولة ، ولا تقبل عن ناصب ، وان المؤمن [ من ] شيعتنا ليشفع في جاره ، وما له من حسنة ، فيقول : يا ربّ جاري كان يكفّ عني الاذى. [ فيشفع فيه ] (٢) فيقول الله تعالى : أنا أحق لمكافأته عنك ، فيشفعه فيه وما له من حسنة. فان أدنى المؤمنين شفاعة لمن يشفع لثلاثين انسانا ، فعند ذلك يقول عدونا ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (٣).

[١٤٣٤] أبو بصير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أنه قال في قول الله تعالى : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (٤) قال : هم شيعة علي عليه‌السلام.

[١٤٣٥] وعنه قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام عن قول الله تعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٥).

قال : نحن نعلم وعدونا الذين لا يعلمون ] (٦). وشيعتنا اولو الالباب.

[١٤٣٦] مالك ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا مالك ، أما ترضون [ أنكم ] تقيمون الصلاة وتؤتون الزكاة [ ل ] امام آل محمد وتدخلون

__________________

(١) إن المؤلف ترك ذكر صدر الحديث. راجع تخريج الاحاديث.

(٢) زيادة من البرهان ٣ / ١٨٦.

(٣) الشعراء : ١٠٠.

(٤) الزمر : ٢١.

(٥) الزمر : ٩.

(٦) الزيادة من البرهان ٤ / ٧٠.

٥٠٠