القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي
المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩
الله صلىاللهعليهوآله : من أحبّ قوما حشر معهم. وقوله عليه الصلاة والسلام : أنت مع من أحببت.
[١٣٤٩] أبو الجارود ، قال : قلت لجعفر بن محمد عليهالسلام بأن الناس يعيبونا بحبكم.
قال : أعد عليّ. فأعدت عليه.
فقال : لكني اخبرك أنه اذا كان يوم القيامة جمع الله تعالى الخلائق في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ويفقدهم البعيد. ثم يأمر الله النار فتزفر زفرة يركب الناس لها بعضهم على بعض ، فاذا كان ذلك قام محمد نبينا صلىاللهعليهوآله فيشفع ، وقمنا فشفعنا ، وقام شيعتنا فشفعوا ، فعند ذلك سواهم : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (١).
والله يا أبا الجارود ، ما طلبوا الكرّة إلا ليكونن من شيعتنا.
[١٣٥٠] ابن زيد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهالسلام يقول : كان عند رسول الله صلىاللهعليهوآله نفر من أصحابه وفيهم علي عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله تعالى إذا بعث الخلق يوم القيامة خرج قوم من قبورهم ، بياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن [ و ] نعال من ذهب شركها [ من لؤلؤ ] (٢) يتلألأ ، يؤتون بنوق من نوق الجنة بيض عليها رحائل الذهب ، فيركبونها حتى ينتهون الى الجبّار ، والناس يحاسبون ويفزعون ويعتبون وهم يأكلون ويشربون.
فقال علي عليهالسلام : يا رسول الله من هؤلاء؟
__________________
(١) الشعراء : ١٠٢.
(٢) من البرهان ٢ / ٢٤ ، وفي الاصل : نور.
قال : هم شيعتك يا أبا الحسن. وذلك قوله تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً ) (١).
[١٣٥١] وقال أبو بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ما يضرّ من اكرمه الله بأن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يكن يقدر على شيء يأكله إلا الحشيش.
[١٣٥٢] قال : وسمعته يقول : قال أبو جعفر ـ يعني أباه ـ : ما من مؤمن من يحضره الموت إلا رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام حيث يسره ، ولا كافرا إلا رآهم.
[١٣٥٣] مثنى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهالسلام ، أنه قال : إن حول العرش رجال لهم وجوه من نور على منابر من نور [ بمنزلة الأنبياء ] وليسوا بأنبياء [ وبمنزلة الشهداء ] ولا شهداء ليعظمهم النبيون والمرسلون.
قال : جعلت فداك ، ما أعظم منزلة هؤلاء القوم.
[ قال : ] فانهم والله شيعة علي ؛ وهو امامهم.
[١٣٥٤] خالد الكناسي ، قال : قال رجل لأبي عبد الله عليهالسلام : ألا أصف لك ديني ، يا ابن رسول الله؟
قال : بلى.
قال : فاني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا بعد رسول الله الامام الذي افترض الله طاعته ، ثم الحسن ، ثم الحسين ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت تلك المنزلة.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : يرحمك الله ، والله لا يلقى الله عبد
__________________
(١) مريم : ٨٥.
هذا دينه إلا بعثه الله تعالى مع محمد وعلي وإبراهيم عليهمالسلام.
[ المؤمن لا تمسّه النار ]
[١٣٥٥] الحضرمي ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : والله لا يموت عبد يحب الله ؛ ورسوله ؛ وولايتنا أهل البيت فتمسه [ النار ] أبدا.
قال ذلك ثلاثا.
[ الامام الصادق مع أبي بصير ]
[١٣٥٦] أبو بصير ، قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ، وقد كبر سني وذهب بصري وقرب أجلي ، مع أني لست أدري ما أرد عليه.
فقال : وإنك لتقول هذا يا أبا محمد ، أما علمت أن الله يكرم الشباب منكم ويجلّ الشيخ.
قلت : هذا لنا يا ابن رسول الله؟
فقال : نعم ، وأكثر منه.
قلت : زدني يا ابن رسول الله.
قال : أما سمعت قول الله تعالى : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (١) أما أنه إياكم عنى [ إذ ] وفيتم بما أخذ عليكم من عهدنا ولم تستبدلوا بنا غيرنا ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.
قال : رفض الناس الخير ورفضتم الشر ، وافترقوا على فرق وتشعبوا على شعب ، وتشعبتم مع أهل بيت نبيكم ، فابشروا ثم ابشروا ، فأنتم
__________________
(١) الاحزاب : ٢٣.
والله المرحومون المتقبل من محسنكم المتجاوز عن مسيئكم ، من لم يكن على ما أنتم عليه لم يتقبل منه حسنة ، ولا يتجاوز له سيئة ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : بلى زدني ، جعلت فداك.
قال : فان الله تعالى وكل ملائكة من ملائكته يسقطون الذنوب عن شيعتنا كما يسقط الورق عن الشجر أو ان سقوطه ، وذلك قوله :
( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) (١) فاستغفار الملائكة والله لكم دون هذا الخلق كلهم ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.
فقال : ذكركم الله تعالى في قوله : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (٢) فأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلت فداك ، [ فزدني ].
قال : ذكركم الله تعالى في كتابه ، فقال : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ ) (٣) والله ما استثنى أحدا غير علي وأهل بيته وشيعته.
ولقد ذكركم الله في موضع آخر من كتابه ، فقال : « اولئك ( مَعَ
__________________
(١) غافر : ٧.
(٢) ص : ٦٢ و ٦٣.
(٣) الدخان : ٤١ و ٤٢.
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (١) فرسول الله صلىاللهعليهوآله في هذا الموضع من النبيّين ونحن الصدّيقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.
قال : قد ذكركم الله تعالى في كتابه ، فقال : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (٢) والله ما عنى غيركم ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم جعلك فداك ، فزدني.
قال : ذكركم الله تعالى في كتابه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٣) ، فأنتم والله اولو الألباب ، هل سررتك يا أبا محمد؟
قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.
قال : قال الله تعالى : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (٤) أنتم عباده الذين عنى بذلك ، هل سررتك يا أبا محمد؟
[ قلت ] (٥) : نعم ، فزدني جعلت فداك.
قال : كل آية في كتاب الله تسوق الى الجنة وتذكر الخير فهي فينا ، وكل آية تحذر الناس وتذكر أهلها فهي في عدونا ومن خالفنا.
__________________
(١) النساء : ٦٩.
(٢) الزمر : ٥٣.
(٣) الزمر : ٩.
(٤) الحجر : ٤٢.
(٥) وفي الاصل : قال.
ثم سمع الناس يعجون يومئذ بالأبطح ، فقال عليهالسلام : ما أكثر العجيج وأقل الحجيج ، والله ما يقبل إلا منك ومن أصحابك يا أبا محمد ... الحديث.
[١٣٥٧] أبو سعيد الخدري ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال : سيأتي على أهل الجنة ساعة يرون فيها نور الشمس والقمر (١). يقولون : أليس قد وعدنا ربنا أن لا نرى فيها شمسا ولا زمهريرا؟ (٢).
فيقال لهم : صدقتم ، ولكن هذا رجل من شيعة علي عليهالسلام يتحول من غرفة الى غرفة [ فهذا الذي أشرق عليكم من نور وجهه ] (٣).
[١٣٥٨] جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة أوحى الله تعالى الى جهنم أن اخمدي ، فانه يريد أن يمرّ عليك شيعة علي عليهالسلام.
قال : فيمرون عليها ولا يحسون بها ، فتناديهم من تحت أقدامهم : عجلوا ؛ عجلوا ؛ فقد أطفأ نوركم لهيبي.
[١٣٥٩] فضل بن الزبير ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنا أهل بيت خلقنا من علّيين وخلقت قلوبنا من الذي خلقنا ، وخلقت شيعتنا من أسفل ذلك ، وخلقت قلوب شيعتنا [ من ] الذي خلقوا منه. وان عدونا خلقوا من سجّين ، وخلقت قلوبهم من الذي خلقوا منه. فهل يستطيع أهل علّيين أن يكونوا أهل سجّين؟
__________________
(١) هكذا صححناه وفي الاصل : نورا لا شمس ولا قمر.
(٢) اشارة الى الآية الكريمة ( لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) الانسان : ١٣.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص ١٥٩.
[١٣٦٠] جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال لعلي عليهالسلام : يا علي ، إن شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب ، ولهم من الذنوب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقد فرجت عنهم الشدائد ؛ وسهلت لهم الموارد ؛ وأعطوا الأمن والأمان ؛ وارتفعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ؛ ويحزن الناس ولا يحزنون ، شرك نعالهم يتلألأ نورا ، على نوق لها أجنحة قد ذللت من غير مهانة ، وتحببت من رياضة أعناقها ذهب أحمر ألين من الحرير لكرامتهم على الله تعالى.
[١٣٦١] ابن أبي الجعد ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجت أمّ سلمة على قوم وهم يذكرون عليا وعثمان ، فقالت : أيّ شيء يقولون؟ شيعة علي هم الفائزون ، وهذا مما سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله يقوله.
وقد ذكرناه عنه وهو خبر مشهور.
[١٣٦٢] الثوري (١) ، يرفعه الى علي عليهالسلام ، أنه قال : نحن ومن يحبنا كهاتين ـ وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى ـ حتى نرد على نبينا الحوض.
[١٣٦٣] عن عمار بن ياسر ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يقول : نوديت ليلة اسري بي الى السماء ـ الى ربي ـ : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك.
قال : إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي ، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الاكبر علي وصيّك ، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك ، وابناك الحسن والحسين. أنتم من شجرة ،
__________________
(١) سفيان الثوري.
أنت يا محمد أصلها وعلي غصنها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتكم من طينة علّيين ، وجعلت شيعتكم منكم ، فقلوبهم تهوي إليكم.
قلت : يا رب هو الصدّيق الاكبر؟
قال : نعم ، هو الصدّيق الاكبر.
[١٣٦٤] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن عبد الله بن محمد ، عن عمرو بن علي بن أبي طالب ، قال : نزلت في علي عليهالسلام وشيعته آية من كتاب الله وهو قوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١).
[١٣٦٥] أبو بصير ، قال : قال لنا أبو جعفر محمد بن علي عليهالسلام : ليهنكم الاسم الذي نحلكم الله تعالى إيّاه.
قلنا : وما هو يا ابن رسول الله؟
قال : الشيعة ، إن الله يقول : ( إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (٢) وقال : ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (٣).
وشيعة الرجل ـ في اللغة ـ : أنصاره وأصحابه والموافقون له ، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : شيعة علي هم الفائزون.
وذكر عليهالسلام شيعة علي عليهالسلام في غير حديث ، وقد ذكر بعض ذلك ، ولم يأت عنه صلىاللهعليهوآله مثل ذلك لأحد من أصحابه ـ فيما علمناه ـ لم يقل شيعة أبي بكر ولا عمر ولا غيرهما ، ولا ذكر إلا شيعة علي الذين هم أنصاره ، ودعا لهم بذلك ، ودعا على مخالفيهم ، فقال صلىاللهعليهوآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من
__________________
(١) البينة : ٧.
(٢) الصافات : ٨٣ و ٨٤.
(٣) القصص : ١٥.
نصره ، واخذل من خذله. ولم يقل ذلك لأحد غيره ، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وامامته دون من سواه. ومن هذا الوجه أيضا أن شيعة الرجل أنصاره وأصحابه وموافقوه قول الله تعالى في قصة نوح عليهالسلام : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١).
وكان ابراهيم ثالث النطقاء المرسلين ، أرسله الله تعالى بعد نوح عليهالسلام مصدّقا له ، ولما جاء به من الرسالة من عند الله ناصرا بذلك له موافقا لما جاء به من الرسالة ، فكان بذلك من شيعته كما أخبر الله تعالى بذلك.
وكذلك قوله : ( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (٢). كان الذي استغاث موسى عليهالسلام رجل مؤمن من أنصار موسى عليهالسلام وأتباعه ، والشيعة في اللغة ـ أيضا ـ : كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أصنافهم (٣) ، ومن ذلك قول الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ) (٤) ، وقوله : ( كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) (٥) أي : بأمثالهم من الشيع الماضية. والمشايعة ـ في اللغة ـ : المتابعة في الأمر ، ويقال منه : شايعت فلانا على كذا : اذا تابعه عليه. وقد كان لعلي عليهالسلام في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله قوم اتبعوه على أمر وتولّوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من أمره يعرفون بذلك ، ولم يكن مثل ذلك لأحد من الصحابة غيره ، إذ لم [ يكن ] أحد منهم في مقام من يتّبع ويتولى من له أمر يتّبع ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعرّفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم : « شيعة علي » ويذكر فضله مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار.
__________________
(١) الصافات : ٨٣ و ٨٤.
(٢) القصص : ١٥.
(٣) في نسختنا هذه العبارة كما يلي : فهم شيعة أصنافهم شيعة. والظاهر أنه سهو من النساخ.
(٤) الحجر : ١٠.
(٥) سبأ : ٥٤.
وقال لعمار : تقتلك الفئة الباغية. وقد علم أنه من فئة علي عليهالسلام ومن شيعته ، فتبيّن [ من ] ذلك أن فئته فئة العدل ، فقتله أصحاب معاوية بصفين ، وقد تقدم ذكر خبره بتمامه وشرحه (١).
[ قارئ القرآن يزهر ]
[١٣٦٦] عبد العلي بن أعين ، قال : سمعت أبا عبد الله ـ يعني : جعفر بن محمد ـ عليهالسلام يقول : إنا وأتباعنا ، ليكون منا الرجل في البيت يتلو القرآن ، فيزهر لأهل السماء كما يزهر الكوكب الدرّي لأهل الأرض.
[١٣٦٧] وعنه عليهالسلام ، أنه قال : والله لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة ، فاستظلّ بظلّنا ، ورافقنا في منازلنا. والله لا يحبنا عبد حتى يطهّر الله قلبه ، ولا يطهّر قلبه حتى يسلّم لنا ، واذا سلّم لنا سلّمه الله من سوء الحساب ، وآمنه من الفزع الاكبر.
[١٣٦٨] وعنه عليهالسلام ، أنه قال لقوم من أصحابه : عرفتمونا وأنكرنا الناس ، وأحببتمونا وأبغضنا الناس ، فرزقكم الله موافقة محمد وسقاكم من حوضه.
[١٣٦٩] ميمون الايادي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهالسلام ، أنه ذكر أبا هريرة الشاعر [ العجلي ] رحمة الله عليه قال : فقلت : إنه كان يشرب الخمر!.
فقال : ويحك! يا ميمون أعزيز على الله أن يغفر لرجل من شيعة علي مثل هذا (٢)؟
__________________
(١) راجع الجزء الرابع.
(٢) إن هذا محمول على عدم اصراره على شرب الخمر وعدم استحلاله ذلك ، وإلا فان شارب الخمر مع علمه بحرمته واصراره على ذلك لا يكون من شيعة علي ، انما شيعته من اتبع هداه وأطاعه.
[١٣٧٠] رفاعة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام قال : ما ضرّ من كان على هذا الرأي ألاّ يكون له ما يستظلّ به إلا الشجر ، ولا يأكل إلا من ورقها؟
[١٣٧١] الرازي ، قال : قال أبو جعفر محمد بن علي عليهالسلام : ما يقول من قبلكم (١) في هذه الآية : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ) (٢).
قال : قلت : يقولون : نزلت في أهل القبلة.
قال : كلّهم؟
قلت : كلّهم.
قال : فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلّهم.
قلت : يا ابن رسول الله فيمن نزلت؟
قال : فينا.
قلت : فما لشيعتكم؟
قال : لمن اتقى وأصلح ـ منهم ـ الجنة ، بنا يغفر الله ذنوبهم وبنا يقضي ديونهم ، ونحن باب حطتهم كحطة بني اسرائيل (٣). اسرائيل [١٣٧٢] وقال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم بني (٤) نبيكم فأبشروا.
__________________
(١) يريد : من لم يكن على هذا الأمر وهم أبناء العامة.
(٢) فاطر : ٣٢ و ٣٣.
(٣) باب حطة ، باب كان في بني اسرائيل من دخله كان آمنا وغفر له خطاياه.
(٤) العبارة هنا غير واضحة في نسختنا وانما وضعناها استظهارا. وفي الاصل : ولزمتم بين نبيكم. وفي بشارة المصطفى ص ٩٢ : وانكم لزمتم صاحبكم.
قال : قلت : جعلت فداك إني لأرجو أن لا يجعلنا الله واياهم سواء.
فقال : لا والله ولا كرامة.
[١٣٧٣] عقبة بن خالد قال : دخلت أنا والمعلّى [ بن خنيس ] على أبي عبد الله عليهالسلام في مجلسه وليس هو فيه ، ثم خرج علينا من جانب البيت من عند سارية ، فجلس ، ثم قال : أنتم اولو الالباب في كتاب الله ، قال تعالى : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١) فأبشروا ، فأنتم على إحدى الحسنيين من الله ، إن أبقيتم حتى ترون ما تمدون إليه رقابكم ، شفى الله صدوركم ، وأذهب غيض قلوبكم ، وأحاد لكم (٢) على عدوكم وهو قول الله عزّ وجلّ : ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ) (٣) وان مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين الله تعالى الذي رضيه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعثتم على ذلك.
ثم أقبل عليّ ، فقال : يا عقبة ، إن الله تعالى لا يقبل من العباد ـ يوم القيامة ـ إلا ما أنتم عليه ، وما بين أحدكم وبين أن يقرّ به عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذه ـ وأهوى بيده الى حلقه ـ.
[١٣٧٤] وعنه عليهالسلام ، أنه قال لجماعة من شيعته اجتمعوا عنده : أخبروني أيّ هذه الفرق أسوأ حالا عند علمة (٤) الناس؟ فقال له بعضهم : جعلت فداك ما أعلم أحدا أسوأ حالا عندهم منا. قال :
__________________
(١) زمر : ٩.
(٢) أحال : من الحول والقوة. والمعنى : نصركم. وفي البرهان ٢ / ١٠٨ : أدانكم.
(٣) التوبة : ١٥.
(٤) علمة الناس أي علماؤهم ، ومن يدعي منهم العلم.
فاستوى جالسا ، ثم قال : أما والله ما في النار منكم اثنان ، والله ولا واحد ، وما نزلت هذه الآية إلا فيكم : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (١).
ثم قال : أتدرون لم ساءت حالكم عندهم؟
قالوا : لا.
قال : لأنهم أطاعوا ابليس وعصيتموه فأغراهم بكم.
[١٣٧٥] سليمان بن خالد ، قال : كنت في طريق الحج أسير ليلا في محملي وأنا أقرأ في آخر ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ) إذ خامرني النوم فاذا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام في محمله الى جانبي يقول : اقرأ يا سليمان ، فقرأت ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ) (٢).
فقال لي : هذه فينا ، أما والله لقد وعظنا وهو يعلم إنّا لا نزني ، اقرأ يا سليمان.
فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) (٣).
فقال لي : قف. فوقفت.
فقال : هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب منكم يوم القيامة فيكون هو الذي يلي [ حسابه ] (٤) فيوقفه على سيئاته شيئا فشيئا
__________________
(١) ص : ٦٢ و ٦٣.
(٢) الفرقان : ٦٨.
(٣) الفرقان : ٧٠.
(٤) هكذا صححناه وفي الاصل : حسناته.
فيقول : عملت كذا في يوم كذا؟ فيقول : نعم يا رب.
[ قال : حتى يوقفه على سيئاته كلها ].
فيقول : سترتها عليك في دار الدنيا ، وأغفرها لك اليوم ، ابدّلها لعبدي حسنات.
ثم ترفع صحيفته للناس فيقولون : سبحان الله أما كان لهذا العبد ولا سيئة واحدة؟
فذلك قوله : فاولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات.
ثم قال : اقرأ.
فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) (١).
قال : هذه فينا ، اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) (٢).
قال : هذه فيكم ، اذا ذكرتم فضلنا لم تشكّوا فيه.
ثم قال : اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) (٣) الى آخر هذه السورة.
قال : هذه فينا.
[ إنكم على دين الله ]
[١٣٧٦] عقبة (٤) ، عن ميسر ، قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان [ العجلي ] (٥) وابو عبد الله بن عجلان (٦) جلوسا ننتظر أبا جعفر
__________________
(١) الفرقان : ٧٢.
(٢) الفرقان : ٧٣.
(٣) الفرقان : ٧٤.
(٤) وأظنة عقبة بن شيبة الاسدي.
(٥) الكوفي واسمه موسى بن عبدة.
(٦) هكذا صححناه وفي الاصل : عجلاف.
عليهالسلام ، فخرج علينا ، فقال : مرحبا وأهلا ، والله اني لاحبّ ريحكم وأرواحكم ، وانكم على دين الله.
فقال علقمة : فمن كان على هذا الدين تشهد له بالجنة يا ابن رسول الله؟
فمكث هنيئة ، ثم قال : انظروا ، فان تكونوا فارقتم الكبائر ، فأنا أشهد.
قالوا له : وما الكبائر؟
قال : هذا في كتاب الله سبع : الشرك بالله العظيم ، واكل مال اليتيم ، واكل الربا بعد البينة ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وقتل المؤمن ، وقذف المحصنة.
قال : قلنا : ما منا أحد أصاب من هذه شيئا.
قال : أنتم اذا.
[ أنتم أخذتم من رسول الله ]
[١٣٧٧] وعنه ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله ـ يعني : جعفر بن محمد ـ عليهالسلام يقول : اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوا للناس ، فانه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى الله ، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة عرضة القلب (١) ، إن الله قال لنبيه محمد : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٢) وقال : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (٣).
__________________
(١) وفي البرهان ٣ / ٢٣٣ : فان الخصومة ممرضة للقلب.
(٢) القصص : ٥٦.
(٣) يونس : ٩٩.
ذروا الناس ، فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واني سمعت أبي يقول : إن الله عزّ وجلّ اذا كتب لعبد أن يدخل هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير الى وكره.
[١٣٧٨] [ محمد الحلبي ] قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : من اتقى الله [ منكم ] وأصلح ، فهو منا أهل البيت (١).
يعني عليهالسلام : أن يكون منهم بالتولي لهم لقول الله حكاية عن خليله ابراهيم عليهالسلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٢) وقوله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (٣).
[١٣٧٩] وقال : دخلت المسجد أنا وأبان بن تغلب (٤) ، فرأينا أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام جالسا والناس حوله يستفتونه ، فقصدنا إليه ، فقال له أبان : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الكعبة؟
قال : نعم اذا رأيتها فقل : الحمد لله الذي شرّفك وكرّمك وجعلك مثابة للناس وأمنا.
ثم قال : إن الله تعالى أول ما خلق من الارض الكعبة ، ثم بث الارض من تحتها وجعلها جوفاء ، وهي بازاء البيت المعمور ، وما بينهما حرم ، ولو أن رجلا كان يطوف بها فأتاه أخوه المسلم في كل حين يسأله أن يمضي معه في حاجة ، لكان قطع طوافه وذهابه معه أفضل. ولو أن رجلا من أهل ولايتنا لقي الله تعالى بعدد رمل عالج ذنوبا لكان حقا على الله أن يغفر له.
__________________
(١) البرهان ٢ / ٣١٨.
(٢) ابراهيم : ٣٦.
(٣) المائدة : ٥١.
(٤) وهو أبو سعيد أبان بن تغلب بن رياح الكوفي البكري الكندي توفي في حياة الامام الصادق عليهالسلام سنة ١٤١ ه.
[ عبد مات على حبّ علي ]
[١٣٨٠] عبد الله بن مالك ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ، أنه قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما بالمدينة جالسا وحوله نفر من أصحابه إذ نظر الى سواد عظيم نازل من السماء ، فقام فزعا وقام معه أصحابه ، فتخلل طرق المدينة ، وهو ينظر الى السواد حتى أتاه ، فاذا بنعش يحمله أربعة من العبيد ، وليس وراءه تبع ، فقال : من هذا الميت؟
قالوا : يا رسول الله عبد كان لبني رباح مسرفا على نفسه أوثقه مواليه ، فمات في الوثاق ، فأمرونا بدفنه.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [ لعلي ] (١) : انظر إليه لعلك أن تعرفه.
فكشف عنه علي عليهالسلام فاذا بأسود في عنقه غلّ وفي رجليه قيد.
فقال علي عليهالسلام : بلى والله يا رسول الله إني لأعرفه ، وما لقيته ـ قط ـ إلا وقال لي : يا مولاي أنا والله احبك ، وأشهد أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر.
__________________
(١) زيادة منا اقتضاه السياق.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا جرم أنه قد نفعه ذلك ، هذا ـ والله ـ سبعون قبيلا (١) من الملائكة ، ففي كل قبيل (٢) سبعون ألف ملك هبطوا من السماء يشهدون جنازته ويصلّون عليه.
وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بقطع الغلّ من عنقه والقيد من رجليه وصلّى عليه ودفنه وترحّم عليه.
[١٣٨١] ثروة الرماح (٣) قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام :
قول الله : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) (٤) ثم قال لي : ما يقول هؤلاء في هذه الآية؟
قلت : جعلت فداك لا أدري.
قال : لكني أدري ، يزعمون أنها لهم على العموم ، ولا والله ما هي إلا لكم خاصة ، أنتم الحجيج والناس سواد.
[ العبادة بدون الولاية ]
[١٣٨٢] أبو حمزة الثمالي ، قال : قال علي بن الحسين عليهالسلام : أيّ البقاع أفضل؟
قلت : الله ورسوله [ وابن رسوله ] أعلم.
قال : أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلا عمّر ما عمّر نوح عليهالسلام في قومه [ الف سنة إلا خمسين ] (٥) ، يصوم النهار
__________________
(١) القبيل : الجماعة.
(٢) وفي الاصل : قبيلة ـ وهو خطأ ـ.
(٣) وفي البرهان ١ / ٢٠٤ : اسماعيل بن نجيح الرماح.
(٤) البقرة : ٢٠٣.
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص ٧١.
ويقوم الليل في ذلك الموضع ، ثم لقي الله تعالى بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك [ شيئا ].
[١٣٨٣] أبو حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر ـ محمد بن علي عليهالسلام ـ [ يقول : ] لو أن عبدا عبد بين الركن والمقام حتى ينقطع أوصاله ثم لم يلق الله بحبنا وولايتنا ـ أهل البيت ـ ما قبل الله منه.
[١٣٨٤] وعنه ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : إن الجنة تشتاق ، وليشتدّ ضوؤها لمجيء شيعة علي ، وهم في الدنيا قبل أن يدخلوها.
[١٣٨٥] ابراهيم بن أبي السبيل ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ـ ونحن جماعة من أوليائه جلوسا بين يديه ، ابتدأ من قبل نفسه ـ : احببتمونا وأبغضنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فجعل الله محياكم [ ومماتكم ] (١) محيانا ومماتنا ، والله ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّبه عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذا المكان ـ وأومى بيده الى حلقه ، ومدّ جلده ـ.
ثم أعاد ذلك ، والله ما رضي بذلك حتى حلف لنا ، فقال : والله الذي لا الله إلا هو يحدّثني ابن عمي ـ ابن علي ـ بذلك ، أما ترضون أن تصلّوا ويصلّو [ ن ] (٢) فيقبل منكم ولا يقبل منهم ، والله لا تقبل (٣) الصلاة إلا منكم ، ولا الزكاة إلا منكم ، ولا الحج إلا منكم ، فاتقوا الله فانكم في هدنة ، وأدوا الامانة ، فاذا تميّز الناس فعند ذلك يذهب كل قوم الى جهة أهوائهم ، وتذهبون حيث ذهب رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام.
__________________
(١ ـ ٢) ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.
(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : يقبل.