شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ قوما حشر معهم. وقوله عليه الصلاة والسلام : أنت مع من أحببت.

[١٣٤٩] أبو الجارود ، قال : قلت لجعفر بن محمد عليه‌السلام بأن الناس يعيبونا بحبكم.

قال : أعد عليّ. فأعدت عليه.

فقال : لكني اخبرك أنه اذا كان يوم القيامة جمع الله تعالى الخلائق في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ويفقدهم البعيد. ثم يأمر الله النار فتزفر زفرة يركب الناس لها بعضهم على بعض ، فاذا كان ذلك قام محمد نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله فيشفع ، وقمنا فشفعنا ، وقام شيعتنا فشفعوا ، فعند ذلك سواهم : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (١).

والله يا أبا الجارود ، ما طلبوا الكرّة إلا ليكونن من شيعتنا.

[١٣٥٠] ابن زيد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه‌السلام يقول : كان عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نفر من أصحابه وفيهم علي عليه‌السلام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تعالى إذا بعث الخلق يوم القيامة خرج قوم من قبورهم ، بياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن [ و ] نعال من ذهب شركها [ من لؤلؤ ] (٢) يتلألأ ، يؤتون بنوق من نوق الجنة بيض عليها رحائل الذهب ، فيركبونها حتى ينتهون الى الجبّار ، والناس يحاسبون ويفزعون ويعتبون وهم يأكلون ويشربون.

فقال علي عليه‌السلام : يا رسول الله من هؤلاء؟

__________________

(١) الشعراء : ١٠٢.

(٢) من البرهان ٢ / ٢٤ ، وفي الاصل : نور.

٤٦١

قال : هم شيعتك يا أبا الحسن. وذلك قوله تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً ) (١).

[١٣٥١] وقال أبو بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما يضرّ من اكرمه الله بأن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يكن يقدر على شيء يأكله إلا الحشيش.

[١٣٥٢] قال : وسمعته يقول : قال أبو جعفر ـ يعني أباه ـ : ما من مؤمن من يحضره الموت إلا رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام حيث يسره ، ولا كافرا إلا رآهم.

[١٣٥٣] مثنى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : إن حول العرش رجال لهم وجوه من نور على منابر من نور [ بمنزلة الأنبياء ] وليسوا بأنبياء [ وبمنزلة الشهداء ] ولا شهداء ليعظمهم النبيون والمرسلون.

قال : جعلت فداك ، ما أعظم منزلة هؤلاء القوم.

[ قال : ] فانهم والله شيعة علي ؛ وهو امامهم.

[١٣٥٤] خالد الكناسي ، قال : قال رجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : ألا أصف لك ديني ، يا ابن رسول الله؟

قال : بلى.

قال : فاني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا بعد رسول الله الامام الذي افترض الله طاعته ، ثم الحسن ، ثم الحسين ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت تلك المنزلة.

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يرحمك الله ، والله لا يلقى الله عبد

__________________

(١) مريم : ٨٥.

٤٦٢

هذا دينه إلا بعثه الله تعالى مع محمد وعلي وإبراهيم عليهم‌السلام.

[ المؤمن لا تمسّه النار ]

[١٣٥٥] الحضرمي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : والله لا يموت عبد يحب الله ؛ ورسوله ؛ وولايتنا أهل البيت فتمسه [ النار ] أبدا.

قال ذلك ثلاثا.

٤٦٣

[ الامام الصادق مع أبي بصير ]

[١٣٥٦] أبو بصير ، قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، وقد كبر سني وذهب بصري وقرب أجلي ، مع أني لست أدري ما أرد عليه.

فقال : وإنك لتقول هذا يا أبا محمد ، أما علمت أن الله يكرم الشباب منكم ويجلّ الشيخ.

قلت : هذا لنا يا ابن رسول الله؟

فقال : نعم ، وأكثر منه.

قلت : زدني يا ابن رسول الله.

قال : أما سمعت قول الله تعالى : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (١) أما أنه إياكم عنى [ إذ ] وفيتم بما أخذ عليكم من عهدنا ولم تستبدلوا بنا غيرنا ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.

قال : رفض الناس الخير ورفضتم الشر ، وافترقوا على فرق وتشعبوا على شعب ، وتشعبتم مع أهل بيت نبيكم ، فابشروا ثم ابشروا ، فأنتم

__________________

(١) الاحزاب : ٢٣.

٤٦٤

والله المرحومون المتقبل من محسنكم المتجاوز عن مسيئكم ، من لم يكن على ما أنتم عليه لم يتقبل منه حسنة ، ولا يتجاوز له سيئة ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : بلى زدني ، جعلت فداك.

قال : فان الله تعالى وكل ملائكة من ملائكته يسقطون الذنوب عن شيعتنا كما يسقط الورق عن الشجر أو ان سقوطه ، وذلك قوله :

( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) (١) فاستغفار الملائكة والله لكم دون هذا الخلق كلهم ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.

فقال : ذكركم الله تعالى في قوله : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (٢) فأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلت فداك ، [ فزدني ].

قال : ذكركم الله تعالى في كتابه ، فقال : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ ) (٣) والله ما استثنى أحدا غير علي وأهل بيته وشيعته.

ولقد ذكركم الله في موضع آخر من كتابه ، فقال : « اولئك ( مَعَ

__________________

(١) غافر : ٧.

(٢) ص : ٦٢ و ٦٣.

(٣) الدخان : ٤١ و ٤٢.

٤٦٥

الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (١) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا الموضع من النبيّين ونحن الصدّيقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.

قال : قد ذكركم الله تعالى في كتابه ، فقال : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (٢) والله ما عنى غيركم ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلك فداك ، فزدني.

قال : ذكركم الله تعالى في كتابه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٣) ، فأنتم والله اولو الألباب ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.

قال : قال الله تعالى : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (٤) أنتم عباده الذين عنى بذلك ، هل سررتك يا أبا محمد؟

[ قلت ] (٥) : نعم ، فزدني جعلت فداك.

قال : كل آية في كتاب الله تسوق الى الجنة وتذكر الخير فهي فينا ، وكل آية تحذر الناس وتذكر أهلها فهي في عدونا ومن خالفنا.

__________________

(١) النساء : ٦٩.

(٢) الزمر : ٥٣.

(٣) الزمر : ٩.

(٤) الحجر : ٤٢.

(٥) وفي الاصل : قال.

٤٦٦

ثم سمع الناس يعجون يومئذ بالأبطح ، فقال عليه‌السلام : ما أكثر العجيج وأقل الحجيج ، والله ما يقبل إلا منك ومن أصحابك يا أبا محمد ... الحديث.

[١٣٥٧] أبو سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : سيأتي على أهل الجنة ساعة يرون فيها نور الشمس والقمر (١). يقولون : أليس قد وعدنا ربنا أن لا نرى فيها شمسا ولا زمهريرا؟ (٢).

فيقال لهم : صدقتم ، ولكن هذا رجل من شيعة علي عليه‌السلام يتحول من غرفة الى غرفة [ فهذا الذي أشرق عليكم من نور وجهه ] (٣).

[١٣٥٨] جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة أوحى الله تعالى الى جهنم أن اخمدي ، فانه يريد أن يمرّ عليك شيعة علي عليه‌السلام.

قال : فيمرون عليها ولا يحسون بها ، فتناديهم من تحت أقدامهم : عجلوا ؛ عجلوا ؛ فقد أطفأ نوركم لهيبي.

[١٣٥٩] فضل بن الزبير ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنا أهل بيت خلقنا من علّيين وخلقت قلوبنا من الذي خلقنا ، وخلقت شيعتنا من أسفل ذلك ، وخلقت قلوب شيعتنا [ من ] الذي خلقوا منه. وان عدونا خلقوا من سجّين ، وخلقت قلوبهم من الذي خلقوا منه. فهل يستطيع أهل علّيين أن يكونوا أهل سجّين؟

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : نورا لا شمس ولا قمر.

(٢) اشارة الى الآية الكريمة ( لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) الانسان : ١٣.

(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص ١٥٩.

٤٦٧

[١٣٦٠] جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لعلي عليه‌السلام : يا علي ، إن شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب ، ولهم من الذنوب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقد فرجت عنهم الشدائد ؛ وسهلت لهم الموارد ؛ وأعطوا الأمن والأمان ؛ وارتفعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ؛ ويحزن الناس ولا يحزنون ، شرك نعالهم يتلألأ نورا ، على نوق لها أجنحة قد ذللت من غير مهانة ، وتحببت من رياضة أعناقها ذهب أحمر ألين من الحرير لكرامتهم على الله تعالى.

[١٣٦١] ابن أبي الجعد ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجت أمّ سلمة على قوم وهم يذكرون عليا وعثمان ، فقالت : أيّ شيء يقولون؟ شيعة علي هم الفائزون ، وهذا مما سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوله.

وقد ذكرناه عنه وهو خبر مشهور.

[١٣٦٢] الثوري (١) ، يرفعه الى علي عليه‌السلام ، أنه قال : نحن ومن يحبنا كهاتين ـ وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى ـ حتى نرد على نبينا الحوض.

[١٣٦٣] عن عمار بن ياسر ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول : نوديت ليلة اسري بي الى السماء ـ الى ربي ـ : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك.

قال : إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي ، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الاكبر علي وصيّك ، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك ، وابناك الحسن والحسين. أنتم من شجرة ،

__________________

(١) سفيان الثوري.

٤٦٨

أنت يا محمد أصلها وعلي غصنها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتكم من طينة علّيين ، وجعلت شيعتكم منكم ، فقلوبهم تهوي إليكم.

قلت : يا رب هو الصدّيق الاكبر؟

قال : نعم ، هو الصدّيق الاكبر.

[١٣٦٤] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن عبد الله بن محمد ، عن عمرو بن علي بن أبي طالب ، قال : نزلت في علي عليه‌السلام وشيعته آية من كتاب الله وهو قوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١).

[١٣٦٥] أبو بصير ، قال : قال لنا أبو جعفر محمد بن علي عليه‌السلام : ليهنكم الاسم الذي نحلكم الله تعالى إيّاه.

قلنا : وما هو يا ابن رسول الله؟

قال : الشيعة ، إن الله يقول : ( إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (٢) وقال : ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (٣).

وشيعة الرجل ـ في اللغة ـ : أنصاره وأصحابه والموافقون له ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شيعة علي هم الفائزون.

وذكر عليه‌السلام شيعة علي عليه‌السلام في غير حديث ، وقد ذكر بعض ذلك ، ولم يأت عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ذلك لأحد من أصحابه ـ فيما علمناه ـ لم يقل شيعة أبي بكر ولا عمر ولا غيرهما ، ولا ذكر إلا شيعة علي الذين هم أنصاره ، ودعا لهم بذلك ، ودعا على مخالفيهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من

__________________

(١) البينة : ٧.

(٢) الصافات : ٨٣ و ٨٤.

(٣) القصص : ١٥.

٤٦٩

نصره ، واخذل من خذله. ولم يقل ذلك لأحد غيره ، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وامامته دون من سواه. ومن هذا الوجه أيضا أن شيعة الرجل أنصاره وأصحابه وموافقوه قول الله تعالى في قصة نوح عليه‌السلام : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١).

وكان ابراهيم ثالث النطقاء المرسلين ، أرسله الله تعالى بعد نوح عليه‌السلام مصدّقا له ، ولما جاء به من الرسالة من عند الله ناصرا بذلك له موافقا لما جاء به من الرسالة ، فكان بذلك من شيعته كما أخبر الله تعالى بذلك.

وكذلك قوله : ( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (٢). كان الذي استغاث موسى عليه‌السلام رجل مؤمن من أنصار موسى عليه‌السلام وأتباعه ، والشيعة في اللغة ـ أيضا ـ : كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أصنافهم (٣) ، ومن ذلك قول الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ) (٤) ، وقوله : ( كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) (٥) أي : بأمثالهم من الشيع الماضية. والمشايعة ـ في اللغة ـ : المتابعة في الأمر ، ويقال منه : شايعت فلانا على كذا : اذا تابعه عليه. وقد كان لعلي عليه‌السلام في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوم اتبعوه على أمر وتولّوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أمره يعرفون بذلك ، ولم يكن مثل ذلك لأحد من الصحابة غيره ، إذ لم [ يكن ] أحد منهم في مقام من يتّبع ويتولى من له أمر يتّبع ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرّفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم : « شيعة علي » ويذكر فضله مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار.

__________________

(١) الصافات : ٨٣ و ٨٤.

(٢) القصص : ١٥.

(٣) في نسختنا هذه العبارة كما يلي : فهم شيعة أصنافهم شيعة. والظاهر أنه سهو من النساخ.

(٤) الحجر : ١٠.

(٥) سبأ : ٥٤.

٤٧٠

وقال لعمار : تقتلك الفئة الباغية. وقد علم أنه من فئة علي عليه‌السلام ومن شيعته ، فتبيّن [ من ] ذلك أن فئته فئة العدل ، فقتله أصحاب معاوية بصفين ، وقد تقدم ذكر خبره بتمامه وشرحه (١).

[ قارئ القرآن يزهر ]

[١٣٦٦] عبد العلي بن أعين ، قال : سمعت أبا عبد الله ـ يعني : جعفر بن محمد ـ عليه‌السلام يقول : إنا وأتباعنا ، ليكون منا الرجل في البيت يتلو القرآن ، فيزهر لأهل السماء كما يزهر الكوكب الدرّي لأهل الأرض.

[١٣٦٧] وعنه عليه‌السلام ، أنه قال : والله لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة ، فاستظلّ بظلّنا ، ورافقنا في منازلنا. والله لا يحبنا عبد حتى يطهّر الله قلبه ، ولا يطهّر قلبه حتى يسلّم لنا ، واذا سلّم لنا سلّمه الله من سوء الحساب ، وآمنه من الفزع الاكبر.

[١٣٦٨] وعنه عليه‌السلام ، أنه قال لقوم من أصحابه : عرفتمونا وأنكرنا الناس ، وأحببتمونا وأبغضنا الناس ، فرزقكم الله موافقة محمد وسقاكم من حوضه.

[١٣٦٩] ميمون الايادي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ، أنه ذكر أبا هريرة الشاعر [ العجلي ] رحمة الله عليه قال : فقلت : إنه كان يشرب الخمر!.

فقال : ويحك! يا ميمون أعزيز على الله أن يغفر لرجل من شيعة علي مثل هذا (٢)؟

__________________

(١) راجع الجزء الرابع.

(٢) إن هذا محمول على عدم اصراره على شرب الخمر وعدم استحلاله ذلك ، وإلا فان شارب الخمر مع علمه بحرمته واصراره على ذلك لا يكون من شيعة علي ، انما شيعته من اتبع هداه وأطاعه.

٤٧١

[١٣٧٠] رفاعة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : ما ضرّ من كان على هذا الرأي ألاّ يكون له ما يستظلّ به إلا الشجر ، ولا يأكل إلا من ورقها؟

[١٣٧١] الرازي ، قال : قال أبو جعفر محمد بن علي عليه‌السلام : ما يقول من قبلكم (١) في هذه الآية : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ) (٢).

قال : قلت : يقولون : نزلت في أهل القبلة.

قال : كلّهم؟

قلت : كلّهم.

قال : فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلّهم.

قلت : يا ابن رسول الله فيمن نزلت؟

قال : فينا.

قلت : فما لشيعتكم؟

قال : لمن اتقى وأصلح ـ منهم ـ الجنة ، بنا يغفر الله ذنوبهم وبنا يقضي ديونهم ، ونحن باب حطتهم كحطة بني اسرائيل (٣). اسرائيل [١٣٧٢] وقال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم بني (٤) نبيكم فأبشروا.

__________________

(١) يريد : من لم يكن على هذا الأمر وهم أبناء العامة.

(٢) فاطر : ٣٢ و ٣٣.

(٣) باب حطة ، باب كان في بني اسرائيل من دخله كان آمنا وغفر له خطاياه.

(٤) العبارة هنا غير واضحة في نسختنا وانما وضعناها استظهارا. وفي الاصل : ولزمتم بين نبيكم. وفي بشارة المصطفى ص ٩٢ : وانكم لزمتم صاحبكم.

٤٧٢

قال : قلت : جعلت فداك إني لأرجو أن لا يجعلنا الله واياهم سواء.

فقال : لا والله ولا كرامة.

[١٣٧٣] عقبة بن خالد قال : دخلت أنا والمعلّى [ بن خنيس ] على أبي عبد الله عليه‌السلام في مجلسه وليس هو فيه ، ثم خرج علينا من جانب البيت من عند سارية ، فجلس ، ثم قال : أنتم اولو الالباب في كتاب الله ، قال تعالى : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١) فأبشروا ، فأنتم على إحدى الحسنيين من الله ، إن أبقيتم حتى ترون ما تمدون إليه رقابكم ، شفى الله صدوركم ، وأذهب غيض قلوبكم ، وأحاد لكم (٢) على عدوكم وهو قول الله عزّ وجلّ : ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ) (٣) وان مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين الله تعالى الذي رضيه لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعثتم على ذلك.

ثم أقبل عليّ ، فقال : يا عقبة ، إن الله تعالى لا يقبل من العباد ـ يوم القيامة ـ إلا ما أنتم عليه ، وما بين أحدكم وبين أن يقرّ به عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذه ـ وأهوى بيده الى حلقه ـ.

[١٣٧٤] وعنه عليه‌السلام ، أنه قال لجماعة من شيعته اجتمعوا عنده : أخبروني أيّ هذه الفرق أسوأ حالا عند علمة (٤) الناس؟ فقال له بعضهم : جعلت فداك ما أعلم أحدا أسوأ حالا عندهم منا. قال :

__________________

(١) زمر : ٩.

(٢) أحال : من الحول والقوة. والمعنى : نصركم. وفي البرهان ٢ / ١٠٨ : أدانكم.

(٣) التوبة : ١٥.

(٤) علمة الناس أي علماؤهم ، ومن يدعي منهم العلم.

٤٧٣

فاستوى جالسا ، ثم قال : أما والله ما في النار منكم اثنان ، والله ولا واحد ، وما نزلت هذه الآية إلا فيكم : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (١).

ثم قال : أتدرون لم ساءت حالكم عندهم؟

قالوا : لا.

قال : لأنهم أطاعوا ابليس وعصيتموه فأغراهم بكم.

[١٣٧٥] سليمان بن خالد ، قال : كنت في طريق الحج أسير ليلا في محملي وأنا أقرأ في آخر ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ) إذ خامرني النوم فاذا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام في محمله الى جانبي يقول : اقرأ يا سليمان ، فقرأت ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ) (٢).

فقال لي : هذه فينا ، أما والله لقد وعظنا وهو يعلم إنّا لا نزني ، اقرأ يا سليمان.

فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) (٣).

فقال لي : قف. فوقفت.

فقال : هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب منكم يوم القيامة فيكون هو الذي يلي [ حسابه ] (٤) فيوقفه على سيئاته شيئا فشيئا

__________________

(١) ص : ٦٢ و ٦٣.

(٢) الفرقان : ٦٨.

(٣) الفرقان : ٧٠.

(٤) هكذا صححناه وفي الاصل : حسناته.

٤٧٤

فيقول : عملت كذا في يوم كذا؟ فيقول : نعم يا رب.

[ قال : حتى يوقفه على سيئاته كلها ].

فيقول : سترتها عليك في دار الدنيا ، وأغفرها لك اليوم ، ابدّلها لعبدي حسنات.

ثم ترفع صحيفته للناس فيقولون : سبحان الله أما كان لهذا العبد ولا سيئة واحدة؟

فذلك قوله : فاولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات.

ثم قال : اقرأ.

فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) (١).

قال : هذه فينا ، اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) (٢).

قال : هذه فيكم ، اذا ذكرتم فضلنا لم تشكّوا فيه.

ثم قال : اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) (٣) الى آخر هذه السورة.

قال : هذه فينا.

[ إنكم على دين الله ]

[١٣٧٦] عقبة (٤) ، عن ميسر ، قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان [ العجلي ] (٥) وابو عبد الله بن عجلان (٦) جلوسا ننتظر أبا جعفر

__________________

(١) الفرقان : ٧٢.

(٢) الفرقان : ٧٣.

(٣) الفرقان : ٧٤.

(٤) وأظنة عقبة بن شيبة الاسدي.

(٥) الكوفي واسمه موسى بن عبدة.

(٦) هكذا صححناه وفي الاصل : عجلاف.

٤٧٥

عليه‌السلام ، فخرج علينا ، فقال : مرحبا وأهلا ، والله اني لاحبّ ريحكم وأرواحكم ، وانكم على دين الله.

فقال علقمة : فمن كان على هذا الدين تشهد له بالجنة يا ابن رسول الله؟

فمكث هنيئة ، ثم قال : انظروا ، فان تكونوا فارقتم الكبائر ، فأنا أشهد.

قالوا له : وما الكبائر؟

قال : هذا في كتاب الله سبع : الشرك بالله العظيم ، واكل مال اليتيم ، واكل الربا بعد البينة ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وقتل المؤمن ، وقذف المحصنة.

قال : قلنا : ما منا أحد أصاب من هذه شيئا.

قال : أنتم اذا.

[ أنتم أخذتم من رسول الله ]

[١٣٧٧] وعنه ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله ـ يعني : جعفر بن محمد ـ عليه‌السلام يقول : اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوا للناس ، فانه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى الله ، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة عرضة القلب (١) ، إن الله قال لنبيه محمد : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٢) وقال : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (٣).

__________________

(١) وفي البرهان ٣ / ٢٣٣ : فان الخصومة ممرضة للقلب.

(٢) القصص : ٥٦.

(٣) يونس : ٩٩.

٤٧٦

ذروا الناس ، فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واني سمعت أبي يقول : إن الله عزّ وجلّ اذا كتب لعبد أن يدخل هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير الى وكره.

[١٣٧٨] [ محمد الحلبي ] قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : من اتقى الله [ منكم ] وأصلح ، فهو منا أهل البيت (١).

يعني عليه‌السلام : أن يكون منهم بالتولي لهم لقول الله حكاية عن خليله ابراهيم عليه‌السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٢) وقوله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (٣).

[١٣٧٩] وقال : دخلت المسجد أنا وأبان بن تغلب (٤) ، فرأينا أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام جالسا والناس حوله يستفتونه ، فقصدنا إليه ، فقال له أبان : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الكعبة؟

قال : نعم اذا رأيتها فقل : الحمد لله الذي شرّفك وكرّمك وجعلك مثابة للناس وأمنا.

ثم قال : إن الله تعالى أول ما خلق من الارض الكعبة ، ثم بث الارض من تحتها وجعلها جوفاء ، وهي بازاء البيت المعمور ، وما بينهما حرم ، ولو أن رجلا كان يطوف بها فأتاه أخوه المسلم في كل حين يسأله أن يمضي معه في حاجة ، لكان قطع طوافه وذهابه معه أفضل. ولو أن رجلا من أهل ولايتنا لقي الله تعالى بعدد رمل عالج ذنوبا لكان حقا على الله أن يغفر له.

__________________

(١) البرهان ٢ / ٣١٨.

(٢) ابراهيم : ٣٦.

(٣) المائدة : ٥١.

(٤) وهو أبو سعيد أبان بن تغلب بن رياح الكوفي البكري الكندي توفي في حياة الامام الصادق عليه‌السلام سنة ١٤١ ه‍.

٤٧٧

[ عبد مات على حبّ علي ]

[١٣٨٠] عبد الله بن مالك ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أنه قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما بالمدينة جالسا وحوله نفر من أصحابه إذ نظر الى سواد عظيم نازل من السماء ، فقام فزعا وقام معه أصحابه ، فتخلل طرق المدينة ، وهو ينظر الى السواد حتى أتاه ، فاذا بنعش يحمله أربعة من العبيد ، وليس وراءه تبع ، فقال : من هذا الميت؟

قالوا : يا رسول الله عبد كان لبني رباح مسرفا على نفسه أوثقه مواليه ، فمات في الوثاق ، فأمرونا بدفنه.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ لعلي ] (١) : انظر إليه لعلك أن تعرفه.

فكشف عنه علي عليه‌السلام فاذا بأسود في عنقه غلّ وفي رجليه قيد.

فقال علي عليه‌السلام : بلى والله يا رسول الله إني لأعرفه ، وما لقيته ـ قط ـ إلا وقال لي : يا مولاي أنا والله احبك ، وأشهد أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر.

__________________

(١) زيادة منا اقتضاه السياق.

٤٧٨

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا جرم أنه قد نفعه ذلك ، هذا ـ والله ـ سبعون قبيلا (١) من الملائكة ، ففي كل قبيل (٢) سبعون ألف ملك هبطوا من السماء يشهدون جنازته ويصلّون عليه.

وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقطع الغلّ من عنقه والقيد من رجليه وصلّى عليه ودفنه وترحّم عليه.

[١٣٨١] ثروة الرماح (٣) قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام :

قول الله : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) (٤) ثم قال لي : ما يقول هؤلاء في هذه الآية؟

قلت : جعلت فداك لا أدري.

قال : لكني أدري ، يزعمون أنها لهم على العموم ، ولا والله ما هي إلا لكم خاصة ، أنتم الحجيج والناس سواد.

[ العبادة بدون الولاية ]

[١٣٨٢] أبو حمزة الثمالي ، قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : أيّ البقاع أفضل؟

قلت : الله ورسوله [ وابن رسوله ] أعلم.

قال : أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلا عمّر ما عمّر نوح عليه‌السلام في قومه [ الف سنة إلا خمسين ] (٥) ، يصوم النهار

__________________

(١) القبيل : الجماعة.

(٢) وفي الاصل : قبيلة ـ وهو خطأ ـ.

(٣) وفي البرهان ١ / ٢٠٤ : اسماعيل بن نجيح الرماح.

(٤) البقرة : ٢٠٣.

(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص ٧١.

٤٧٩

ويقوم الليل في ذلك الموضع ، ثم لقي الله تعالى بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك [ شيئا ].

[١٣٨٣] أبو حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر ـ محمد بن علي عليه‌السلام ـ [ يقول : ] لو أن عبدا عبد بين الركن والمقام حتى ينقطع أوصاله ثم لم يلق الله بحبنا وولايتنا ـ أهل البيت ـ ما قبل الله منه.

[١٣٨٤] وعنه ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن الجنة تشتاق ، وليشتدّ ضوؤها لمجيء شيعة علي ، وهم في الدنيا قبل أن يدخلوها.

[١٣٨٥] ابراهيم بن أبي السبيل ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ـ ونحن جماعة من أوليائه جلوسا بين يديه ، ابتدأ من قبل نفسه ـ : احببتمونا وأبغضنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فجعل الله محياكم [ ومماتكم ] (١) محيانا ومماتنا ، والله ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّبه عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذا المكان ـ وأومى بيده الى حلقه ، ومدّ جلده ـ.

ثم أعاد ذلك ، والله ما رضي بذلك حتى حلف لنا ، فقال : والله الذي لا الله إلا هو يحدّثني ابن عمي ـ ابن علي ـ بذلك ، أما ترضون أن تصلّوا ويصلّو [ ن ] (٢) فيقبل منكم ولا يقبل منهم ، والله لا تقبل (٣) الصلاة إلا منكم ، ولا الزكاة إلا منكم ، ولا الحج إلا منكم ، فاتقوا الله فانكم في هدنة ، وأدوا الامانة ، فاذا تميّز الناس فعند ذلك يذهب كل قوم الى جهة أهوائهم ، وتذهبون حيث ذهب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام.

__________________

(١ ـ ٢) ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : يقبل.

٤٨٠