شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

والشهداء والصدّيقون بالحقيقة كما ذكرناهم ائمة العباد ، ومن تولاّهم ينسب إليهم ، وكان منهم بالتولي كما قال الله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (١). فمن هذا المعنى قول الحسين عليه‌السلام في هذا الحديث الذي شرحناه : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد نسبهم الى الصدّيقين والشهداء الذين هم الائمة عليهم‌السلام بتوليهم إياهم على نحو ما قدمنا ذكره.

[١٢٩٩] ابن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : إذا اجتمع الخلائق يوم القيامة لفصل القضاء وضع للائمة منابر من نور ، فصيّر الله تعالى حساب شيعتنا إلينا ، فما كان بينهم وبين الله استوهبناه ، وما كان بينهم وبين العباد قضيناه ، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحقّ بالعفو عنهم ، ومن ذلك قول الله تعالى ( إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ) (٢).

[١٣٠٠] ابن الهيثم ، عن بشير الدهان ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا بشير أقررتم وأنكر الناس ، وتوليتم وعادى الناس ، وعرفتم وجهل الناس ، وأحببتم وأبغض الناس ، فهنيئا لكم.

[ المحبّ لأهل البيت عليهم‌السلام ]

[١٣٠١] عن أبي بصير ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : يجيء من يجيئنا (٣) يوم القيامة حتى يرد على نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الحوض كهاتين ـ وجمع بين اصبعيه ـ.

[١٣٠٢] [ وبآخر ] يرفعه الى علي عليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لي :

__________________

(١) ابراهيم : ٣٦.

(٢) الغاشية : ٢٥ و ٢٦.

(٣) هكذا في الاصل وأظنه : من يحبنا.

٤٤١

يا علي ، اذا كان يوم القيامة وضعت عن يمين العرش موائد من يواقيت ولؤلؤ يجلس حولها رجال يأكلون ويشربون والناس في الحساب.

قال علي عليه‌السلام ، فقلت : من هؤلاء يا رسول الله؟

قال : شيعتك يا علي ، وأنت امامهم يوم القيامة.

[١٣٠٣] أبو عبد الله الجدلي ، قد قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : يا أبا عبد الله ألا احدثك بالحسنة (١) التي من جاء بها أمن فزع يوم القيامة ، وبالسيئة (٢) التي من جاء بها أكبه الله في النار لوجهه؟

قلت : بلى يا أمير المؤمنين.

قال : الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا.

[١٣٠٤] حماد بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه‌السلام يقول : والله لنشفعن ، والله لنشفعن ، والله لنشفعن.

قلت : لمن يا ابن رسول الله؟

قال : لشيعتنا حتى يقول عدونا ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣).

[١٣٠٥] أبو عبد الله ، عن [ أبي ] جعفر عليه‌السلام ، أنه قال : إن الله تعالى تعالى بعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من نواقيب يدورون خلال الجنة ، يوضع لهم الموائد ، فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب ، وهو قول

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بالجنة.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : السنة.

(٣) الشعراء : ١٠٠.

٤٤٢

الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ. لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١).

[١٣٠٦] ابن مصعب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : من أحبنا لا لدنيا يصيبها منه ولا لقرابة بيننا وبينه ، وعادى عدونا لا [ لا حنة كانت ] (٢) بينه وبينه ثم أتى الى الله يوم القيامة وعليه ذنوب مثل زبد البحر ورمل عالج وقطر السماء وعدد أيام الدنيا بدّلها الله له حسنات.

[ الرسول وشيعة علي ]

[١٣٠٧] أبو بصير ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لعلي عليه‌السلام : بشّر شيعتك إن الله قد رضي عنهم إذ رضيك لهم إماما ، ورضوا بك وليا.

يا علي ، أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

يا علي ، شيعتك المنتجبون ، لو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم ما أنزلت السماء قطرها.

يا علي ، شيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة الله من خلقه.

يا علي ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون (٣) يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش ، يفزع

__________________

(١) الأنبياء : ١٠١ ـ ١٠٣.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : لا تره بينه.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : المؤمنون.

٤٤٣

الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزون ، أنت وشيعتك بالموقف تطلبون ، وأنتم في الجنان تتنعمون.

يا علي ، إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.

يا علي ، شيعتك يخافون الله في السرّ والاعلان.

يا علي ، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانهم يلقون الله تعالى وما عليهم ذنوب.

يا علي ، إن أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة ، فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم ، وأستغفر لسيئاتهم.

يا علي ، ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير ، وكذلك في الانجيل. فاسأل أهل التوراة والإنجيل فانهم إن صدقوك أخبروك ، فانهم ليعظمون عليا وشيعته.

يا علي ، اخبر شيعتك إن ذكرهم في السماء (١) في رقادهم وعند وفاتهم ، فينظر الملائكة إليها كما ينظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ، ولما يرون من منزلتهم عند الله.

يا علي ، قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن أعمال السوء التي لا يفارقها عدوهم ، فما من يوم وليلة إلا ورحمة الله تغشاهم ، فليجتنبوا الدنس.

يا علي ، اشتدّ غضب الله على من قلاهم وبرئ منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من

__________________

(١) وفي بشارة المصطفى ص ١٨١ : إن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء.

٤٤٤

تولانا. وعظمت محبة الله لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا علي ، أقرئهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني ، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم ، وكذلك من جاء من بعدهم منهم ، فليتمسكوا (١) بحبل الله ، وليعتصموا به ، وليجتهدوا في العمل ، فاني لا اخرجهم من هدى الى ضلال أبدا. وأخبرهم أن الله تعالى راض عنهم وأنه يباهي بهم ملائكته ، وينظر إليهم في جمعه برحمة ، ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.

يا علي ، لا ترغب عن نصرة قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، ودانوا الله بمودتك وأعطوك [ صفوة ] (٢) المودة من قلوبهم ، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد ، وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا مع الأذى وسوء القول ، وما يستقبلون به من مضاضة ، وكن بهم رحيما ، واقنع بهم ، فان الله اختارهم بعلمه لنا من الخلق. خلقهم من طينتنا ، واستودعهم سرّنا ، وألزم قلوبهم معرفته حبنا وشرح صدورهم ، وجعلهم مستمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يرون من الدنيا عندهم. ليس الرياء منهم وليسوا [ منه ] (٣) اولئك مصابيح الدنيا.

[١٣٠٨] محمد بن سلام ، باسناده ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ عليا بقلبه أتاه الله يوم القيامة مثل ثلث ثواب هذه الامة.

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : فيتمسكوا.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : صفقة.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : منهم.

٤٤٥

ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه [ أعطاه الله تعالى يوم القيامة مثل ثواب ثلثا هذه الامة.

ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه ] وأعانه بيده أعطاه الله تعالى يوم القيامة مثل ثواب هذه الامة كاملا.

فمن فعل ذلك بالائمة من ولده فقد فعله به لان حبهم حبه ، ونصرتهم نصرته.

٤٤٦

[ صفة من يبغض عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام ]

[١٣٠٩] وكيع الجراح (١) ، عن الأعمش (٢) ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : عهد إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[١٣١٠] عطاء (٣) ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : ما أبغض عليا إلا من هو لغير رشده ، أو من حملته أمه وهو حائض.

[١٣١١] حوثرية بن سهر ، قال : مررت بعلي عليه‌السلام وسلّمت عليه ، فأدناني ثم قال لي : يا حوثرية إني إذا رأيتك أحببتك فاحبب حبيب آل محمد ما أحبهم ، فاذا [ أبغضت ] (٤) فابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم ، واذا أحبهم فاحببه.

[١٣١٢] بشر بن غالب ، [ الاسدي الكوفي ] (٥) قال : سمعت الحسين بن علي عليه‌السلام يقول :

__________________

(١) الرواسي : أبو سفيان ولد بالكوفة ١٢٩ وتوفي بفيد ١٩٧ ه‍.

(٢) وهو سليمان بن مهران.

(٣) عطاء بن السائب.

(٤) وفي الاصل : أبغض.

(٥) اعيان الشيعة : ٣ / ٥٧٥.

٤٤٧

من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ونصرنا بيده فهو معنا في الرفيق الأعلى يوم القيامة ، ومن احبنا بقلبه ولم ينصرنا بلسانه ولا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك بمنزلة ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان (١) علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك بدرجة.

[١٣١٣] [ سفيان ] بن ليلي الهمداني ، قال : دخلت على علي بن الحسين عليه‌السلام ، قال لي : يا سفيان من أحبنا ولا يحبنا إلا لله وقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحق الله الذي افترضه فأحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ؛ وقاتل عنا بسيفه كان معنا في الدرجات العلى. ومن أحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ، وضعف أن يعيننا بسيفه كان في الجنة دون ذلك.

يا سفيان ، ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وقاتلنا بسيفه كان في أسفل درك من النار. ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وجبن أن يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك. ومن أبغضنا ولم يلعننا بلسانه ولم يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك.

قال : يا سفيان ، إن لم اكن سمعت هذا من الحسين عليه‌السلام فاكلت مع الرجال يوم يخرج (٢).

[١٣١٤] ابن اكتم الخزاعي ، قال : كنا مع علي عليه‌السلام يوم الجمل بالبصرة ، فسمعته يقول :

اشهدوا قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ترد عليّ أنت وشيعتك رواء ، ويرد عليّ عدوكم عطاشا مقمحين ، وجمع كتفيه الى ذقنه.

__________________

(١) وفي الاصل : أعلن.

(٢) هكذا في الاصل.

٤٤٨

[ ضبط الغريب ]

قوله : يرد عليّ عدوكم مقمحين.

القامح من الابل : الذي قد اشتدّ عطشه حتى فتر لذلك فتورا شديدا. ويقال للذليل : مقمح لا يكاد يرفع بصره من الذل ، وفي القرآن : ( فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) أي خاشعون لا يرفعون أبصارهم من الذل. ويقال : القامح من الابل : الذي يرد الحوض ولا يشرب.

فهذا كله يكون على أعداء آل محمد يوم القيامة يكونون أذلة خاشعين لا يرفعون رءوسهم من الذل.

[١٣١٥] عمران بن [ ميثم ] ، قال : دخلت على حبابة [ الوالبية ] (١) ، فسمعتها تقول (٢) : والله ما أحد على الفطرة إلا نحن وشيعتنا ، والناس براء.

وهذا صحيح لأن من لم يكن من شيعة محمد وآل محمد فهو من عدوهم ، وقال الله تعالى ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (٣) ومن كان عدوا لمحمد وآله لم يكن على فطرة الإسلام حتى يتولاه.

[ الرسول يستغفر لشيعة علي ]

[١٣١٦] أبو رافع ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا

__________________

(١) وهى أم الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية.

(٢) وفي اعيان الشيعة ٤ / ٣٨٣ : عن عمران بن ميثم ، قال : دخلت أنا وعباية الاسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبية فقال لها عباية : تدرين من هذا الشاب الذي معي؟ قالت : لا. قال لها : هذا ابن أخيك ميثم. قالت : ابن أخي والله حقا ألا احدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله الحسين بن علي عليه‌السلام؟ قلنا : بلى. قالت : سمعت الحسين بن علي يقول : نحن وشيعتنا على الفطرة ... الحديث.

(٣) القصص : ١٥.

٤٤٩

علي ثلاث لامتي وعلّمت الأسماء كلها كما علمتها. ورأيت أصحاب الراية فلما مررت عليك وعلى شيعتك استغفرت لكم.

[١٣١٧] عبد الرحمن بن قيس (١) ، عن رجل من قومه ، قال : رأيت عليا عليه‌السلام جالسا في الرحبة يتحدث ، فأطال الحديث حتى اضطره الشمس الى حائط القصر. فقام فتعلق بثوبه رجل من همدان ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به.

فقال عليه‌السلام : أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرد أنا وشيعتي [ الحوض ] رواء مرويين ، ويرد عداتنا ظماء مظمئين [ مسودة وجوههم ]. خذها إليك قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت. [ أرسلني يا أخا همدان ، ثم دخل القصر ] (٢).

[١٣١٨] ابن المنذر عن محمد بن علي عليه‌السلام أنه قال : لا تنتصروا لنا بألسنتكم من الناس فانكم لا تزيدوهم إلا غراء بنا ، إنا لنسمع الحسنة فنقبلها ، ونسمع السيئة فنتركها. يحبوننا إلا حبّونا (٣) ، ألا إن الله قد أخذنا وشيعتنا ، فما من أحد هو يستطيع أن يدعنا ، ولا أحد لم يأخذه معنا فيستطيع أن يكون فينا ، إنا يوم القيامة أخذنا بحجز أبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزنا.

[ أول أربعة يدخلون الجنة ]

[١٣١٩] أبو رافع ، قال : شكا علي عليه‌السلام الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغض قريش وحسدهم إياه.

__________________

(١) وفي أمالي المفيد : عبد الرزاق بن قيس الرحبي.

(٢) أمالي المفيد ص ٢٠٨.

(٣) هكذا في الاصل.

٤٥٠

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى يا علي إنك أخي ، وأنا أول أربعة يدخلون الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا ، انك وشيعتك تردون عليّ الحوض رواء مرويين ، وان عدوك يردون عليّ ظماء مقمحين.

[١٣٢٠] [ عن ] أبي الحجاف (١) ، قال : بلغني أن الحارث أتى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ليلا ، فقال له : يا حارث ما جاء بك هذه الساعة؟

فقال : حبك يا أمير المؤمنين.

قال : والله ما جاء بك إلا حبي؟

قال : والله ما جاء بي إلا حبك.

قال عليه‌السلام : فأبشر يا حارث لن تموت نفس تحبني إلا رأتني حيث تحب ، والله لا تموت نفس تبغضني إلا رأتني حيث تبغضني (٢).

يعني : إن أولياءه يرونه حيث يقتصون ، يبشرهم برحمة الله إياهم ، وأعداؤه يرونه حينئذ وقد نزل بهم الموت يبشرهم بعذاب لهم. وقد مضى مثل هذا فيما تقدم (٣).

[١٣٢١] عبد الرحمن بن قيس الاربحي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه

__________________

(١) وهو داود بن أبي عوف. أعيان الشيعة ٢ / ٣٦٩.

(٢) قال الشاعر :

يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن أو منافق قبلا

يعرفني طرفه وأعرفه

بعينه واسمه وما عملا

(٣) راجع الجزء الاول ، الحديث ١٢١.

٤٥١

السلام ، أنه قال : إن الرجل من شيعتنا ليخرج من بلية ، فيغشاه أن لا يتكلم بكلمة ولا يعمل عملا حتى يرجع الى بيته ، وما يرجع حتى يملأ الله صحيفته برا.

يمرّ على من يحبنا فإذا رأوه ذكرونا به ، ويمرّ على عدونا فيؤذونه فينا ويشتمونه ، فيأجره الله كما آذوه فينا ، ما ننتظر نحن وشيعتنا إلا إحدى الحسنيين ، إما فتح يقرّ الله به أعيننا ، وإما قبض الى رحمة الله ، فما عند الله خير للأبرار.

[١٣٢٢] جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام قال : شيعتنا من يأمن إذا آمنا ، ويخاف إذا خفنا.

[١٣٢٣] أبو وقاص العامري ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ قالت ] : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام : ألا ابشرك يا علي؟

قال : نعم ، قبلت البشرى من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال : هذا مقام جبرائيل عليه‌السلام من عندي الآن ، وقد أمرني أن ابشرك لانك ومحبك في الجنة ، وعدوك في النار.

[١٣٢٤] ابن سماك ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب.

قال علي عليه‌السلام : من هم يا رسول الله؟

قال : شيعتك يا علي أنت امامهم.

[١٣٢٥] وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أنه قال : نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (١) وذلك أن الله تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون ، فلما رأى

__________________

(١) الشعراء : ١٠٠ و ١٠١.

٤٥٢

ذلك من ليس منهم ، قالوا : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ).

[١٣٢٦] ابن فاختة ، عن أبيه ، قال : كنت عند أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فجاءه رجل عليه أثر سفرة (١). فسلّم عليه ، ثم قال : قدمت يا أمير المؤمنين من بلد لم أجد لك فيها محبا ، فلم أر المقام به.

قال : وأيّ بلد هو؟

قال : البصرة.

قال : أما والله لو استطاعوا أن يحبوني لأحبوني ، إني وشيعتي لفي ميثاق الله لا يزداد فينا رجل ولا ينقص منا رجل. والله لو ضربت المؤمن على أنفه بالسيف ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.

وكان هذا بعقب ما أوقعه علي عليه‌السلام بأهل البصرة لما قاموا مع عائشة لم يكن حينئذ من يحبه ، فأما اليوم ففيهم كثير يتوالونه ، وأن اكثرهم يذهب مذهب الاعتزال.

[١٣٢٧] حسن بن حسين (٢) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه قال : إن لله ملائكة يسيرون في الارض ، فإذا مرّوا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد احتفوا به ، وفتحت أبواب السماء لهم ، ثم تقول الملائكة لهم : إن سبّحتم سبّحنا ، وان مجّدتم مجّدنا ، وان قدّمتم قدّمنا ، فلا يزالون يؤمنون عليهم حتى يتفرقوا.

[ من دمعت عيناه فينا ]

[١٣٢٨] ربيع [ ابن ] المنذر ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسين بن علي عليه

__________________

(١) هكذا في الاصل وأظنه : السفر.

(٢) وأظنه الحسن بن الحسين الكوفي السكوني.

٤٥٣

السلام يقول : من (١) دمعت عيناه فينا دمعة ، أو قطرت قطرة فينا بوّأه الله بها في الجنة أضعافا (٢).

[١٣٢٩] يحيى بن علاء ، عن أبان ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : إن العبد ليكون على طريقه حسنة فهو لا يعرف شيئا من أمرنا ، فلا يقبل الله منه ذلك ، فاذا أراد الله به خيرا عرّفه أمرنا ، وكتب له بكل حسنة عشر أمثالها.

[١٣٣٠] جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ، قال : قالت أمّ سلمة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.

[١٣٣١] أبو ولاّد الحناط (٣) ، قال : كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، فدخل عليه من أصحابنا ، فقال له : يا ابن رسول الله ما ذا نلقى فيكم من الناس إذا علموا [ إنا ] نحبكم أبغضونا وكرهونا واستثقلوا مجالسنا ونلقي منهم.

وكان أبو عبد الله عليه‌السلام متكئا ، فاستوى جالسا ، فقال :

وما عليكم والله ما في النار واحد منكم ، محسنكم والله سيد مسود في الجنة ، ومسيئكم مغفور له اي والله. إذا كان يوم القيامة فزع نبينا الى الله ، وفزعنا الى نبينا ، وفزع محبونا إلينا.

ثم نظر فقال : يا أبا ولاّد ، فالى أين ترى أنه يراد بنا وبكم؟

قلت : الى الجنة إن شاء الله.

قال : الى الجنة والله ، الى الجنة والله.

__________________

(١) وفي بشارة المصطفى ص ٦٢ : ما من عبد.

(٢) وفي بشارة المصطفى : حقبا.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : أبو ولاّد الخياط ، واسمه حفص.

٤٥٤

[ الأصناف الخمسة ]

[١٣٣٢] حصين الازدي ، قال : قال لي أبو جعفر محمد بن علي عليه‌السلام : الناس يوم القيامة خمسة أصناف :

صنف أخذوا الملك بالجبر به كما أخذ كسرى ملكه.

وصنف لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، اولئك المبتدعة. ـ يعني المرجئة ـ.

وصنف وضعوا السيوف على عواتقهم وقادوا المقدر الى أهوائهم ـ يعني الخوارج ـ.

وصنف ساقوا الناس في حبنا الى النار ، اولئك الغالية.

وصنف أحبونا في الله تعالى وجاهدوا عدونا لله فاولئك منا ونحن منهم.

[١٣٣٣] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه‌السلام يقرأ : ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ ) (١) ثم قال : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين.

[١٣٣٤] [ الحارث ] ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثلي [ ومثل علي بن أبي طالب ] شجرة أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمرها ، والشيعة ورقها ، فهل يخرج من الطيب [ إلا ] الطيب.

[١٣٣٥] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه‌السلام يقول : وشيعتنا في الناس كالنحل في الطير ، لو يعلم الطير ما في أفواهها اكلتها (٢) ،

__________________

(١) المدثر : ٣٨ و ٣٩.

(٢) وفى بحار الانوار ٢٤ / ١١٢ : ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا اكلته. راجع التخريج.

٤٥٥

فمثل العلم الذي في صدور شيعة أولياء الله كالعسل الذي في بطون النحل ، وكان الناس لو علموا في صدورهم من ذلك لأخذوه منهم.

[١٣٣٦] وعن جابر ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أنه قال : ليس من شيعتنا من ظلم الناس ، ولن ينال ولايتنا إلا بالورع.

[١٣٣٧] وعنه ، أنه قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام جالسا إذ جاء شاب فجلس عنده وجعل ينظر إليه ، ويبكي.

فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : يا فتى [ مالك ]؟

قال : من حبكم أهل البيت.

فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : نظرت حيث نظر الله ، واخترت من اختار الله.

[١٣٣٨] سالم بن [ أبي ] جعدة ، قال : قال علي عليه‌السلام شيعتنا ذيل شفاههم ، خمص بطونهم ، تعرف الرهبانية في وجوههم.

[ الشيعة حراس في الارض ]

[١٣٣٩] وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال [ لعلي ] : إن في السماء حرسا ، وهم الملائكة ، وفي الأرض حرسا ، وهم شيعتك يا علي.

[ بنا فتح الله وبنا يختم ]

[١٣٤٠] الأعمش ، [ عن ] (١) قيس بن غالب الاسدي ، قال : ولما وفد الناس على يزيد بن معاوية لما استخلف ، قلت لأهل بيتي : هل أن نجعل نحن وفادتنا على ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسين بن

__________________

(١) وفي الاصل : الاعمش بن قيس.

٤٥٦

علي عليه‌السلام ، فأجابوني ، فخرجت أنا وأخي عبد الله بن غالب ، وزر بن حبيش (١) ، وهاني بن عروة ، وعبادة بن ربعي في جماعة من قومنا حتى انتهينا الى المدينة ، فأتينا منزل الحسين بن علي عليه‌السلام ، فاستأذنا عليه ، فخرجت إلينا جارية ، فقلت لها : استأذني لنا على ابن رسول الله ، وأعلميه أن مواليه بالباب.

فأذنت لنا ، فدخلنا عليه ، فقال : ما أقدمكم هذا البلد في غير حجّ ولا عمرة؟

قلنا : يا بن رسول الله ، وفد الناس على يزيد بن معاوية ، فأحببنا أن وفادتنا عليك.

قال : والله؟

قلنا : والله.

قال : ابشروا يقولها ثلاثا ، ثم قال : أتأذنون لي أن أقوم؟

قلنا : نعم.

فقام فتوضا ثم صلّى ركعتين ، وعاد إلينا.

فقال ابن ربعي : يا ابن رسول الله ، إن الحواريين كانت لهم علامات يعرفون بها ، فهل لكم علامات تعرفون بها؟

فقال له : يا عبادة نحن علامات الايمان في بيت الايمان ، من أحبنا أحبه الله ونفعه ايمانه يوم القيامة ويقبل منه عمله ، ومن أبغضنا أبغضه الله ولم ينفعه ايمانه ولم يتقبل عمله.

قال : فقلت : وان دأب ونصب؟

قال : نعم ، وصام وصلّى. ثم قال : يا عبادة نحن ينابيع الحكمة وبنا جرت النبوة وبنا يفتح وبنا يختم لا بغيرنا.

__________________

(١) زر بن حبيش بن حباشة الكوفي عاش ١٢٠ سنة ومات ٨٣ ه‍.

٤٥٧

[١٣٤١] [ عاصم بن ] (١) حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه قال : إذا مات العبد المؤمن دخل معه قبره ستة صور منهن صورة حسنة أحسنهن وجها [ وأبها هن هيئة ] وأطيبهن ريحا ، وأنظفهن صورة ، فيكون منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى خلفه ، والاخرى قدامه ، والاخرى عند رجليه. [ وتقف ] التي هي أحسنهن عند رأسه. فان أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه ، ثم كذلك تمنعه من جميع الجهات الست ، فيقول لأحسنهن صورة ، وهي التي عند رأسه : من أنت جزاكنّ الله خيرا؟

فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة. وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة. وتقول التي بين يديه : أنا الصيام. وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة. وتقول التي عند رجليه : أنا [ برّ من ] وصلت إخوانك.

ثم [ يقول ] (٢) للتي عند رأسه : من أنت؟ فأنت [ أحسنهن وجها ] وأطيبهن ريحا وأبها هن هيئة.

فتقول : أنا الولاية لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

[ يشهدون مجالس المؤمنين ]

[١٣٤٢] ابن الكيسان الصنعاني ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : إن لله ملائكة سياحين في الارض ليس لهم عمل إلا السياحة ، فاذا مرّوا بملإ يذكرون آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ينادون : هاهنا ، الى ذكر أولياء الله ، ويشهدونهم في مجلسهم ، ويسمعون حديثهم ، ثم يعرجون الى السماء ، فيكتبون ذلك فيها ،

__________________

(١) بحار الانوار ٦ / ١٣٥ الحديث ٥٠.

(٢) وفي الاصل : قال.

٤٥٨

ويقولون : ذكر محمد وآل محمد في مجلس كذا وكذا.

[١٣٤٣] وهب عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما من مجلس فيه أبرار ولا فجار يتفرقون عنه من غير أن يذكروا الله فيه أو يذكروننا إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة.

[١٣٤٤] علي بن حمزة ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام :

ما اجتمع من أصحابنا جماعة في ذكر الله أو في شيء من ذكرنا إلا بعث إبليس شيطانا في عنقه شريط ليفرق جماعتهم.

ثم قال علي بن حمزة : جاءني قوم من أصحابنا ليستمعوا مني شيئا ، فتجللت بهم موضعا حتى جئنا الى مسجد بني كاهل (١) ، فدخلنا المسجد ، فلما أخذنا في الحديث ، فلم نلبث أن جاء صبيان يرموننا بالآجر ، فذكرت الحديث.

قوله : في عنقه شريط : ستة خيوط تفتل من خوص.

[١٣٤٥] [ عبد الله ] بن الوليد السمان ، قال : دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام [ في زمن بني مروان ] ، وأربعون شابا من أهل الكوفة.

[ فقال عليه‌السلام : ممن أنتم؟

قلنا : من أهل الكوفة ] (٢).

فقال : ما من بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة ، إن الله تعالى هداكم لأمر جهله الناس ، فأحببتمونا وأبغضنا الناس ، وتابعتمونا وخالفنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فأحياكم الله محيانا ، وأماتكم مماتنا. وأشهد على أبي [ عليه‌السلام ] أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينيه

__________________

(١) وأظنه مسجد بني وائل ، والله اعلم.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص ٧٩.

٤٥٩

أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هاهنا ـ وأومى بيده الى حلقه ـ وان الله تعالى قال لجدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً ) (١).

[١٣٤٦] ابن زياد عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : من أحبنا لله تعالى وصلّى الصلاة لوقتها فله أن يدخل الجنة من حيث شاء.

[١٣٤٧] وقال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٢).

قال : هو والله ما أنتم عليه من المعرفة.

[١٣٤٨] جعفر بن محمد عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام : إن الله قد غفر لك ولولدك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك.

وهذا خبر يشهده القرآن ويؤيده غيره من الحديث المشهور ، وذلك أن ولد علي عليه‌السلام ذرية الرسول لان الله تعالى قد أخبر في كتابه بأن عيسى عليه‌السلام من ذرية ابراهيم عليه‌السلام ، وذلك من قبل أمه بقوله : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ ) (٣) وقد قال تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) (٤) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أول المؤمنين ، فمن آمن من ذريته فهو مغفور له لان الله تعالى يلحقهم به ، ومن أحبهم وكان من شيعتهم فهو منهم.

وقوله حكاية عن ابراهيم عليه‌السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٥) وقول رسول

__________________

(١) الرعد : ٣٨.

(٢) البقرة : ٢٦٩.

(٣) الانعام : ٨٤ و ٨٥

(٤) الطور : ٢١

(٥) ابراهيم : ٣٦.

٤٦٠