القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي
المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩
أجلس عليا عليهما وعليه عمامة وسيف ، ثم أمر العباس ابنه بالبيعة له والناس ، فرفع علي بن موسى يده فتلقها بظهرها وجه نفسه ، ينظر وجوههم. فقال له المأمون : ابسط يديك ليبايعك القوم.
قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان إذا بايع فعل هكذا.
فبايعه القوم من الهاشميين وغيرهم من الصحابة والقواد.
وخرج الفضل بن سهل على الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وعلى أهل بيته ، وبشرهم بما منّ الله به عليهم من رأي أمير المؤمنين في البيعة للرضا إذا كان ابن علي بن أبي طالب عليهالسلام وابن رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وأمر للناس برزق سنة. ثم جلس المأمون في يوم الخميس بعد أربعة أيام ، فأذن للناس فدخلوا ، والرضا في المجلس الذي كان فيه بويع ، والفضل بينهما على كرسي ، والعباس بن المأمون على يسار أبيه على وسادة واحدة ومحمد بن جعفر في أول الصف يسرة وعبد الله بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليهالسلام على اليمين دون إسحاق بن موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن إسماعيل بن عبد الله بن العباس ، والى جنب عبد الله بن الحسن بن الفضل ، ثم عبد الصمد. ثم دخل باقي الطالبيين والعباسيين ، واجلسوا دون هؤلاء في الايوان متصلين بهم.
واقيم للناس سماطين على رسومهم ، وأتى بالمال ، فصبوا بدرا (١) في وسط الدار. وقالت (٢) الخطباء والشعراء ، فذكروا فضل أمير المؤمنين ، وما كان منه في الشعر وذكر فضل علي بن أبي طالب عليهالسلام.
ثم قام أبو العباد في آخر الايوان ، فبدأ بالعباس بن المأمون ، فقام العباس ،
__________________
(١) بدرا جمع بدرة وهو ما يصرّ فيه المال.
(٢) وفي نسخه ز : وقامت.
فدنا من أبيه ، فقبّل يده ، وأمره بالجلوس. ثم نادى محمد بن جعفر بن محمد ، فلم يقم ، فأشار إليه الفضل أن قم ، فقام ، فدنا من أمير المؤمنين ، ثم مضى نحو حارسه ، وهكذا كانت السنّة عندهم ، فلما كان في وسط الايوان ناداه المأمون (١) : يا أبا جعفر ارجع الى مجلسك.
ثم نودي بعلوي وعباسي حتى انفضّ المجلس (٢).
وأعطى محمد بن جعفر ستين ألف دينار ، وأعطى كذلك عبد الله بن الحسن ، وعيسى بن يعقوب ، وعبد الصمد بن علي ، وإسحاق بن موسى ، وعيس لكل واحد منهم ستين ألف دينار. وأعطى علي بن الحسن وزيد العلوي أربعين ألف دينار. وأعطى إسماعيل بن موسى وغيره من الطالبيين لكل واحد منهم ثلاثين ألف دينار.
وجلس علي بن موسى في مجلس المأمون يوم الجمعة بعد الصلاة. ودخل الناس إليه كما كانوا يدخلون الى المأمون ، وطرز الطراز ، وضرب السكة باسمه ، وزوّج المأمون ابنته أمّ الفضل من محمد بن علي بن موسى.
وأقام علي بن موسى على ذلك مع المأمون باقي سنة إحدى ومائتين وشهرا وإحدى عشرة ليلة من سنة ثلاث ومائتين ، ثم سقي السم.
[ شهادة الامام الرضا عليهالسلام ]
[١٢١٠] قال أبو الصلت (٣) للعراقي : دخلت على علي بن موسى حين بويع له ، فقال لي : ما ترى ما وقعت فيه؟
قلت : خير إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) هكذا صححناه وفي الاصل : المؤمنون.
(٢) قال الطبرسي في اعلام الورى ص ٣٢١ : ثم جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي فيقبضان جوائزهما حتى نفذت الأموال.
(٣) هكذا في الاصل وأظنه كما في الروايات أبا الصلت الهروي.
قال : أيّ خير في هذا؟
ثم عدت إليه بعد ، فقال : يا أبا الصلت قد والله فعلوها ـ يعني أنهم سقوه (١) ـ.
واعتلّ يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاث ومائتين. وأظهر المأمون [ الحزن ] عليه.
وان ذلك انما نالهما من طعام أكلاه جميعا ، فلما كان ليلة السبت لثلاث بقين من صفر سنة ثلاث ومائتين صرخ على علي بن موسى ، وأرسل الى اسماعيل وزيد ومحمد بن جعفر فجيء بهم في جوف الليل ، وأصبح علي ميتا.
وخرج المأمون الى الناس ، فقال : أصبح الرضا صالحا فالحمد لله. وانصرف الناس وأمر باحضار الناس دار المأمون في نصف النهار ، وأجمعوا ، وأظهروا موته ، فلما خرجت جنازته قام المأمون باكيا.
ثم قال : لقد كنت اريد أن يجعلني الله المقدم قبلك للموت ، فأبى الله إلا ما أراد ، لو لا أني خفت أن يقول قوم إنك لم تمت ما اظهرتك للناس طبابك (٢).
ثم حمل لبنة لقبره ، فقال له بعضهم : يا أمير المؤمنين ، أنا أحملها.
فقال : استكثر هذا لأخي.
ثم مشى الى القبر ، وأظهر من الجزع عليه شيئا عجيبا.
[١٢١١] وروي عن منصور بن بشير ، قال : سمعت عبد الله بن بشير ، يقول : أستغفر الله ، وما أظنه يغفر لي.
فقلت : سبحان الله ، وكيف ذلك؟
__________________
(١) أي السم.
(٢) هكذا في الاصل.
قال : دخلت يوما على المأمون ـ ونحن بخراسان ـ فقال لي : متى أخذت أظفارك ، يا أبا عبد الله؟
قلت : مذ جمعة.
فقال : طوّلها الى جمعتين.
ففعلت ، ثم جئته ، فقلت له : يا أمير المؤمنين قد فعلت ما أمرتني به من تطويل أظفاري. فأمر بخادم ، فجاء بجام مختوم ، ففكّ ختامه ، وكشف عنه ، وإذا فيه شيء شبيه بالتمر الهندي ، فقال لي : امرس هذا بيدك. ففعلت.
ثم قال لي : دع يديك حتى تجفا. وأمر بالاسراج ، وقد كان الرضا عليلا. فركب إليه ، وأمرني أن أركب ، فركبت معه ، فلما دخل عليه سأله عن حاله ، فأقبل يخبره. فقال له : ألم يأتك أحد من هؤلاء المترفقين؟
فقال : لا.
فجرد (١) ، وصاح على غلمانه ، فقال : أفلم تأخذ شيئا؟
قال : لا.
قال : فماء الرمان مما ينبغي ألاّ تفارقة ، يا غلام عشر رمان.
فجيء بها ، فرماها إليّ ، وقال : قشرها يا أبا عبد الله ، وامرسها ففعلت ( ويداي على حالهما. ثم أخذ قدحا من ماء الرمان بيده وسقاه ) (٢) إياه. فما أقام إلا يوما حتى مات (٣).
__________________
(١) وفي الارشاد : فغضب المأمون.
(٢) ما بين القوسين من نسخة ز.
(٣) وفي الارشاد واعلام الورى : إلا يومين حتى مات.
[ أيام المعتصم ]
وقام على المعتصم :
محمد بن القاسم بن علي بن عثمان (١) بن علي بن الحسين بالطالقان ، ودعا الى نفسه ، واستجاب له جماعة ، ثم أخذه عبد الله بن طاهر ، وأرسله الى المعتصم في سنة تسع عشر ومائتين مقيدا في محمل بلا وطاء ، وعليه جبة من صوف ، فحبسه المعتصم ، فاحتال في الخلاص ، وخلص من الحبس ، وهرب.
وقام عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ودعا الى نفسه ، فاخذ ، وحبس [ في سامراء ] ، ومات في الحبس.
[ أيام المتوكل ]
وقام منهم في أيام المتوكل :
الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقام بالري ، أحمد بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقام هارون بن الحسين ـ ويعرف بالكركي ـ بن أحمد بن محمد بن اسماعيل بن محمد ـ المعروف بالارقط ـ بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وقام بالحجاز اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم بن موسى بن عبد الله بن [ الحسن بن ] الحسن بن علي بن أبي طالب ، وهو ابن عشرين سنة.
وقام بعده محمد بن يوسف وهو أخوه الاكبر منه عشرين سنة ، ويعرف بالاخصير.
__________________
(١) وفي مقاتل الطالبيين ص ٣٨٢ : محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين.
وقام أيضا عبد الله بن موسى [ بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ].
[ أيام المستعين ]
وممن قام منهم في أيام المستعين :
قام بالكوفة ، يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (١).
وقام أيضا معه عبد الله بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
وصالح ، وابراهيم ابنا عثمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وأحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
[ أيام المهتدي ]
وممن قام منهم في أيام المهتدي :
يحيى بن عبد الرحمن بن القاسم بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن عبد الله [ بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام بن محمد بن علي ] (٢) بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
ومحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن زيد بن محمد بن ابراهيم بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب.
__________________
(١) هكذا صححناه وفي الاصل : يحيى بن عمير بن يحيى بن الحسين.
(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
ومحمد بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وجعفر بن محمد بن اسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وممن قام منهم في أيام المهتدي أيضا :
موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وابنه ادريس بن موسى.
وابن أخيه محمد بن يحيى بن عبد الله بن موسى.
وأحمد بن زيد بن الحسن بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن [ علي بن ] أبي طالب.
وابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (١).
وعيسى بن اسماعيل بن جعفر بن ابراهيم [ بن محمد بن علي ] بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
[ أيام المعتمد العباسي ]
وممن قام منهم في أيام المعتمد :
محمد بن أحمد بن موسى بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب (٢).
وأحمد بن محمد بن عبد الله بن ابراهيم طباطبا [ بن الحسن ] بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكان لقيه : نعثل.
__________________
(١) هكذا في الاصل.
(٢) وأظنه محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عمر بن علي.
وحمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
ومحمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وعبد الله بن علي بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن أحمد [ بن محمد ] بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
والحسن بن ابراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن [ علي بن الحسين بن ] علي بن أبي طالب.
ومحمد بن عبد الله بن عبد الله [ بن ] الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ويعرف بالعصفي.
والحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن ابراهيم بن موسى بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن القاسم بن اسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
وعبد الله بن الحسن بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وعلي وعبد الله ابنا موسى بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وعلي بن جعفر بن هارون بن اسحاق بن الحسن بن زيد [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
[ أيام المعتضد العباسي ]
وممن قام منهم في أيام المعتضد :
محمد بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وابنه زيد بن محمد.
[ أيام المكتفى العباسي ]
وممن نسب الى القيام أيام المكتفي :
محمد بن علي بن ابراهيم بن محمد بن [ الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي ] بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ومحمد بن حمزة بن عبيد الله بن العباس بن [ الحسن بن عبيد الله بن العباس ] بن علي بن أبي طالب.
فهذه أسماء الذين قاموا يدعون الامامة من الطالبيين الى أن قام المهدي بالله أمير المؤمنين (١) ، وكانوا كما وصفهم الإمام محمد بن علي عليه وعلى الائمة من آبائه وذريته أفضل السلام : مثل أفراخ نهضت من أعشاشها قبل أن تستوي أجنحتها كما كان إلا أن نهض كل فرخ نهضة أو نهضتين حتى أخذه الصبيان يتلاعبون به. فمن هؤلاء من قتل ، ومنهم من حبس فمات في الحبس ، ومنه من غلب عليه ، فهرب ، فمات مطلوبا مختفيا. وهذا عاجل الجزاء في الدنيا (٢).
__________________
(١) اشارة الى الخليفة الفاطمي.
(٢) فهذا حكم مستعجل على ثوار قاموا لله ودافعوا عن دينه وطلبوا الشهادة لاجل مرضاته.
فمن سمي بغير اسمه وطلب ما ليس له ، وتعجيل ما أجل الله تعالى ، ووضع الأمر في غير موضعه الذي وضعه سبحانه. وقد كان من هؤلاء ما كان ومن غيرهم ممن قام منهم بغير أسباب السلطان بل بالبغي من بعضهم على بعض وعلى الناس ما يطول ذكره وذكر أخبارهم. وكيف تفرقت الأحوال بهم ، وقتل من قتل منهم (١) ، وذلك ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب لطوله ، ولأن ذلك لو ذكر في هذا الكتاب لقطع المراد به.
وانما ذكرنا هذه الجملة من أخبارهم عن تشبههم من أفرد الله جلّ اسمه بالقيام بحقه ، وتقدم الخبر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله بصفته وحاله ووقته ، وعن آبائه بذلك بالدلالة عليه والتحذير من ادعى مقامه والتقدم بين يديه ، والأخبار بأن ذلك يوجب هلاك من فعله ، وادعاه ، وقام بما ليس له به منه ، وكان ما حلّ بهؤلاء مصداق ما قاله الائمة من آبائه صلوات الله عليهم ، فلم يزالوا واحدا بعد واحد منهم مستترين لتغلّب أعداء الله عليهم حافظين لامانة الله عندهم التي .... من الإمامة التي أوجبها على العباد لهم وما استودعهم من مكنون علمه بنقله واحد الى واحد منهم صار ذلك عنهم إليه ، صلوات الله عليه (٢).
__________________
(١ ـ ٢) أقول : نستنتج من مفاد كلام المؤلف أن من ادعى الإمامة والمهدوية فيما سبق الدولة الفاطمية باطلة لأنها لم تدم ، ولو استقامت لفترة من الزمان فسرعان ما غلب عليهم الظالمون أو أزلامهم وأبادوهم أو فرقوهم. وأن المهدي الفاطمي هو الحق المهدي الموعود لان دولته تدوم الى الأبد وتشمل البلدان شرقا وغربا ، وتجسد فيها كل ما ذكره النبي صلىاللهعليهوآله والائمة الأطهار عليهمالسلام من التنبوءات والعلامات. وبما أن هذه الدولة ازيلت كسابقتها ولم تدم بعد غزوة صلاح الدين الايوبي على مصر وقتله الفاطميين بطلت هذه الدعوى ، وأن المهدي الذي ركز المؤلف عليه وادعاه وجعله مصداقا للأحاديث والاخبار التي يذكرها المؤلف فيما يأتي وادعى صحتها متنا وسندا ودلالة لم يكن هو المهدي الموعود.
وأظن أن الذي أوقعه في هذا الالتباس هو عدم مراجعته للروايات التي تحدد عدد الائمة والخلفاء بعد الرسول الكريم. وبهذا التحديد نعرف أن المهدي الذي هو المصداق الحقيقي لما اسرده ونذكره من الروايات هو خاتمة هذه الائمة والخلفاء.
__________________
والعجيب أن الأحاديث الواردة في أن الائمة عليهمالسلام اثنا عشر متواترة بشكل يمكن القول بأنها من المسلّمات ، مما حدى ببعض الحاقدين والمناوئين أن يخرجوها عن مداليلها الأصلية حتى تنطبق على أناس آخرين فمهما حاولوا تجاوز العدد أو قلّ فالخلفاء الراشدون دون العدد والامويون أو العباسيون أكثر وكذلك الفاطميون. وصفوة القول أن هذه الاحاديث لا يمكن تأوليها ولا انطباقها إلا على أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. وقد ألف بعض الاعلام كتابا يبحث عن الأحاديث الواردة عن الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآله في الائمة الاثنى عشر سندا ومتنا ودلالة ، أمثال الشيخ علي بن محمد الرازي في كتابه كفاية الاثر في النصوص على الائمة الاثنى عشر ، والشيخ أحمد بن محمد بن عبد الله بن عياش في كتابه مقتضب الأثر في النصّ على الائمة الاثنى عشر ، والشيخ محمد الكراجكي في الاستنصار في النصّ على الائمة الاطهار ، وغيرهم.
وهنا نذكر عدة روايات فهي غيض من فيض :
١ ـ روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة ١ / ٥٤٦ الحديث ٣٦٦ : عن محمد بن عثمان ، عن أحمد بن أبي خيثمة الاصبحي ، عن يحيى بن معين ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خلف بن يزيد ، عن سعد بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف ، قال : كنا عند شقيّ الاصبحي فقال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يكون خلفي اثنا عشر خليفة.
٢ ـ وعن زهير بن معاوية ، عن زياد بن علاقة ، وسماك بن حرب ، وحسين بن عبد الرحمن ، كلهم ، عن جابر بن سمرة : أن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : يكون بعدي اثنا عشر خليفة. ثم تكلم بكلام لم أفهمه.
قال بعضهم : فسألت القوم ، فقالوا : قال : كلهم من قريش.
٣ ـ وعن جعفر بن محمد بن مسرود ، عن الحسن بن محمد بن عامر ، عن المعلّى بن محمد البصري ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : نحن اثنا عشر اماما منهم الحسن والحسين ثم الأئمة من ولد الحسين عليهالسلام.
٤ ـ وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن ابراهيم ، عن الصادق عليهالسلام ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهالسلام قال :
سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، من العترة؟
فقال : أنا والحسن والحسين والائمة تسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله على الحوض.
٥ ـ وعن علي بن أحمد بن محمد الدقاق ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عبد الله
__________________
النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن محمد بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن القاسم ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على امتي بعدي المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر.
٦ ـ وعن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهالسلام ، عن الحسين بن علي عليهالسلام ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الائمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي. يفتح الله تعالى ذكره على يده مشارق الارض ومغاربها.
٧ ـ وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهروي ، قال : سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليهالسلام قصيدة التي أولها :
مدارس آيات خلت عن تلاوة |
|
ومهبط وحي مقفر العرصات |
فلما انتهيت الى قوله :
خروج امام لا محالة خارج |
|
يقوم على اسم الله والبركات |
يميز فينا كل حقّ وباطل |
|
ويجزي على النعماء والنقمات |
بكى الرضا عليهالسلام شديدا ثم رفع رأسه إليّ ، ثم قال : يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام ، ومتى يقوم؟
فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج امام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلا.
فقال : يا دعبل الامام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا ... الحديث.
٨ ـ وعن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخلت على فاطمة عليهاالسلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي.
[ ظهور المهدي الفاطمي ]
فلما آن وقته وحان حين قيامه الذي قدره الله عزّ وجلّ فيه وحدّه له ، ودعت الدعاة إليه ، وسلّم من كان الأمر بيده إليه ما كان بيده منه عليهالسلام ، فقام وحده وأولياءه والدعاة إليه بائعون عنه وحيدا فريدا ، كما جاء الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك عنه ، وقد طلبه أعداء الله ، وأمروا بالقبض عليه ، فخرج من محل داره ومكان قراره بنفسه لم يصحبه من أوليائه ، ولا حضره أحد ، ولا كان معه غير وديعة الله في يديه حجته ووصيه وليّ الامر بعده ، وهو حينئذ طفل صغير يقطع به وبنفسه المفاوز ، ويجوز المخاوف ويقتحم المتالف ، والعيون والرصد عليه ، والرسل قد انفذت الى كل سلطان بين يديه بأخذه بالقبض عليه بقطع من لدن المشرق الى أقصى المغرب ، سبق أعداء الله المتغلبين في أرضه سبقا ، وقد وكلوا بأخذه ويترصدوا الرصد سرا عيونهم عليه ، وتفجروا أعينهم إليه ، وهو مع ذلك في الهيئة الحسنة ، والزيّ الأنيق ، والنعمة الظاهرة ، واللباس الحسن ، والمركب السني ، غير مشهور بزيّ الفقراء ، ولا يظهر حالا من أحوال الوضعاء ، ومعه الحدة والأموال والاثقال والجمال والاحمال ، يظهر أنه من التجار ، وبهاء منظره وظاهره وسره ومخبوبه يدل على ما هو عليه في باطن أمره وانكشف ذلك عنه لكثرة من رآه وصحبه ممن فيه أقل تمييز.
وذكر بعضهم ذلك له وتفاوضوا مما بينهم فيه ، والشمس لا يخفي عن ذوي الأبصار ، والقمر لا يستتر عن النظار ، فلم يزل على ذلك ، والله يحميه ويستره
ويقيه ، ويدفع عنه حتى أظهر منه وأعزّ نصره وأنجز وعده. وقام طالعا من المغرب في أوانه كما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الشمس تطلع من مغربها على رأس ثلاثمائة ـ وسنذكر ذلك في موضعه بيانه إن شاء الله تعالى ـ ، ذلك بالقهر والعز الظاهر ـ المغرب من أقصى الى أدنى ـ وانتشرت دعوته دعاؤه وأولياؤه بالمشرق ، وعمّ ذلك كل من فيه ظاهرا ومستورا الى أن ينجز الله وعده لمن أوجب له من ولد ظهره على جميع الأرض ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، كما وعد الله عزّ وجلّ بذلك في كتابه (١) فيملأ الارض عدلا ، كما أخبر بذلك عنه رسول الله صلىاللهعليهوآله كان ما كان في حياته ، وما يكون بعد ذلك من ولده فهو منسوب إليه صلوات الله عليه ، كما أن جميع ذلك ينسب الى رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ كان أول ما جاء به ، وعنه تأصل وتفرع ، ولم يزل صلىاللهعليهوآله في عزّ ومنعة وسلطان وقوة الى أن مضى لسبيله (٢) بعد أن قام بما افترض الله عليه من القيام بدينه وكتابه وسنّة نبيه صلىاللهعليهوآله عزيزا في نفسه قويا في اموره مذلا لأعدائه ، معزا لأوليائه ، وكل من سميناه وذكرناه ممن ادعى من أهل بيته مقامه ، وأقام طمعا في نيل ما أفرده الله عزّ وجلّ به ، فلم يقم أحد منهم إلا بعد أن أعدّ العدة والرجال ، وجمع الأموال ، ورأى أنه يغلب ويبلغ ما دام وطلب ولم يكن أحد منهم في ذلك إلا معذرا بنفسه ، وملقيا الى التهلكة بيده ، فمحقوا عن آخرهم ، وبددت جموعهم ، وأعزّ الله وليه وأظهر كذلك وأعزّ محمدا صلىاللهعليهوآله وحده ، فلو لم يكن من آياته ودلائله ، والشواهد له ومعجزاته غير هذا لكفى من تأملها بحقيقة الإنصاف ، وانقاد الى الحق بعد الاعتراف ، وان كنا إنما ذكرنا من أمره في هذا الباب جملا ونكتا إذ كان ذكره ذلك يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرنا ذلك واثبتناه في كتاب الدولة.
__________________
(١) التوبة : ٣٣.
(٢) اشارة الى المهدي الفاطمي.
[ معالم المهدي ]
ونحن نذكر الآن أيضا جملا ، مما جاء به صفاته والبشارة فيه بمقدار ما اتسع له هذا الكتاب ، وان كنت أفردت كتابا قبل هذا لذلك ، وهو كتاب معالم الهدى ، ولكنا نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه جملا إن شاء الله تعالى.
[ ذكر معالم المهدي ]
قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدنا في جملة هذا الكتاب مما اثبته في أوله من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الأسانيد ، واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب ، ويختصر الباب.
مما جاء من البشرى بالمهدي عليهالسلام ومما يكون من الخبر المشهور المأثور.
[١٢١٢] عن رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي يرويه الخاصّ والعام ، أنه قال :
لو لم يبق من القيامة (١) إلا يوم واحد لطوّل الله حقا بذلك (٢)
__________________
(١) وفي سنن أبي داود ٤ / ١٠٦ : لو لم يبق من الدنيا.
(٢) وفي سنن أبي داود : لطوّل الله ذلك اليوم.
اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي يملأ بها عدلا كما ملئت جورا.
[١٢١٣] وعن علي عليهالسلام مثله.
[١٢١٤] وعن عبد الله بن عباس ، أنه قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم وليلة لخرج فيه المهدي.
[١٢١٥] وعن أبي جعفر ـ محمد بن علي بن الحسين عليهالسلام ـ أنه قال في قول الله عزّ وجلّ ( اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) (١) يعني بموتها : كفر أهلها. والكافر (٢) ميت ، فيحييها الله عزّ وجلّ بالقائم منا أهل البيت ، ويحيى الأرض ويحيى أهلها بعد موتها.
[ المتشبّه بالمهدي ]
وما جاء في هلاك من تشبه بالمهدي عجل الله فرجه :
[١٢١٦] مما جاء عن أبي جعفر محمد بن علي عليهالسلام ، أنه سئل عن الفرج ، متى يكون؟
فقال : إن الله عزّ وجلّ يقول : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (٣).
ثم قال : يرفع لآل جعفر بن أبي طالب راية ضلال ، ثم يرفع آل عباس راية أضلّ منها وأشر ، ثم يرفع لآل الحسن بن علي عليهالسلام رايات وليست بشيء ، ثم يرفع لولد الحسين عليهالسلام راية فيها الأمر.
[١٢١٧] وعن أبي جعفر محمد بن علي ، أنه قال : كل خارج منا مقتول
__________________
(١) الحديد : ١٧.
(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : والكافرين.
(٣) الاعراف : ٧١.
فلا تتبعوه إن كان ابنى هذا ـ ووضع يده على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ـ فلا تتبعوه حتى تروا ما تعرفون (١).
[١٢١٨] وعن علي بن الحسين عليهالسلام ، أنه قال : لا يخرج منا أحد قبل خروج القائم إلا كان مثله مثل فرخ [ طار ] من وكره قبل أن يستوي جناحاه ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به.
[ حديث في الانتظار ]
ومما جاء في انتظار المهدي [ عجّل الله فرجه ] [١٢١٩] ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال : من حبس نفسه لداعينا ، وكان منتظرا لقائمنا كان كالمتشحط [ بدمه ] بين سيفه وترسه في سبيل الله.
[ فضل المهدي عليهالسلام ]
ومما جاء في فضل المهدي [ عجل الله فرجه : ] [١٢٢٠] روي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، أنه قال : اذا قام قائمنا أهل البيت نزع البخل والجبن عن قلوب شيعتنا ، فيقتل الرجل منهم المائة فلا يبالي بهم ويشرف أهل هذا الامر ، ويحفظ نسلهم حتى تنقضي الدنيا. ويتقرب الناس الى الامام بزيارة قبور المؤمنين ، ويزار قبر كل مؤمن من عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله في مشارق الارض ومغاربها ، ويقف المؤمن فيقول : يا أخي قد وددت أنك باق حتى تشهد هذه الدولة فقد كنت توليت أهلها وتناصبت عدوها ، فبارك الله لك فيما أنت فيه ، وثبتنا على ما كنت عليه.
__________________
(١) راجع تخريج الأحاديث.
[١٢٢١] وعن أبي بشرين (١) ، أنه قال :
المهدى يعدل نبينا.
[١٢٢٢] وعن المشا (٢) ، أنه قال : داود النبي تمنّى أن يلحق المهدي ويكون من أصحابه.
[١٢٢٣] ابراهيم بن مسيرة ، قال : قلت لطاوس : إن قوما يقولون : إن عمر بن عبد العزيز هو المهدي.
قال طاوس : وليس كما يقولون ، إن المهدي إذا كان زاد المحسن في احسانه وخفف المسيء في اساءته ، والمهدي جواد بالمال شديد على العمال رحيم بالمساكين.
__________________
(١) وفي عقد الدرر ص ١٤٨ : عن محمد بن سيرين ، راجع تخريج الأحاديث.
(٢) هكذا في الاصل.
[ اتباع المهدي والقيام معه ]
ومما جاء من الامر في اتباع المهدي عليهالسلام والقيام معه ، وغير ذلك من الأخبار عنه :
[١٢٢٤] أنه روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه ذكر المهدي ، فقال : من رآه فليتابعه ولو حبوا على الثلج ـ النار ـ فانه خليفة الله في أرضه.
[١٢٢٥] وعنه عليهالسلام ، أنه قال : يقوم رجل من ولدي على مقدمته رجل يقال له : المنصور+ يوطئ له ـ أو قال : يمكّن له (١) ـ واجب على كل مؤمن نصرته ـ أو قال : إجابته ـ.
هذا حديث عبد الرزاق ، باسناده عن النبي صلىاللهعليهوآله .
وكان بين يدي المهدي صلوات الله عليه أبو القاسم صاحب دعوة اليمن ، وكان يسمي المنصور ، وهو وطّأ ومكّن للمهدي صلوات الله عليه عن المنصور أخذوا به ما سار إليه ، ارسل لما أطلق الدعوة ليتمثل سيرته وينتفي أفعاله ، وكان قد أظهر أمره باليمن وعزت دعوته وكثر أتباعه. فأقام أبو عبد الله عنده مدة ، ثم توجه نحو المغرب ، ففتح الله على يديه ، ووطأ لوليه البلاد تلك ، وهاجر الى الجهة التي كان بها.
__________________
(١) وفي سنن أبي داود ٦ / ١٦٣ : يواطئ أو يمكّن لآل محمد كما مكّنت قريش لرسول الله صلىاللهعليهوآله .
[١٢٢٦] ومن رواية محمد بن عيسى بن مسكين القاضي ، عن سحر يرفعه الى [ ابن ] مسعود ، أنه قال : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما إذ جاء إليه فئة (١) من بني هاشم ، فلما رآهم تغير وجهه ، وأطرق ، فقلنا : يا رسول الله إنا نرى وجهك الذي تنكره.
فقال : إنا أهل بيت اختار الله لهم الآخرة على الدنيا ، و [ إن أهل بيتي ] سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا حتى يقوم رجل من أهل بيتي يملأها عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فمن أدركه فليأته ولو حبوا على الثلج.
[١٢٢٧] وعن مجاهد ، يرفعه ، وذكر أخبارا مما يكون ، أنه قال : ثم بعث قائم آل محمد في عقابه لهم أدق في أعين الناس من الكحل ، يفتح الله عليه مشارق الأرض ومغاربها ، ألا وهم المؤمنون حقا ، ألا وانه خير الجهاد في آخر الزمان.
وكذلك كان أنصار المهدي صلوات الله عليه عند عامة الناس في حال جهال ينظرون إليهم بعين القلة والجهل.
[١٢٢٨] وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال : لا يلبث العدل بعدي إلا قليل حتى ينقطع ، فكلما انقطع من العدل شيء جاء من الجور مثله حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره ثم يأت الله عزّ وجلّ بالعدل. وكلما جاء من العدل شيء ذهب من الجور مثله حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره.
فقيل : يا رسول الله ، من أهل الجور؟
قال : بنو عمنا إذا أسلمت لهم الدنيا.
قيل : فمن أهل العدل؟
__________________
(١) وفي سنن ابن ماجة ٢ / ٢٦ : فتية.