شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

رسولا الى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، وكان هنالك ، فأتاه ، وحضر وفاته ، ودفنه ، ومن هناك قيل إنه أوصى إليه.

[ عبد الله بن معاوية ]

وقام عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن [ أبي ] طالب (١) وادعى الإمامة ، وهو الذي قيل إن أبا هاشم أوصى إليه ، ودعا لنفسه بالكوفة ، فاجابه جماعة بها ، وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة. وقال له رجال من أهل الكوفة : قد فني رجالنا بسببكم وقتل أكثرنا معكم ، فاخرج الى فارس فانهم أهل مودة.

[ فخرج إليها ] فنزل أصبهان ودعا الى نفسه ، فأجابه ناس كثير من العرب والعجم ، فاستخرج الأموال ، واستولى [ على ] أرض فارس كلها وأصبهان وما والاها من البلاد ، واستعمل أخاه الحسن بن معاوية على اصطخر (٢) ، ويزيد بن معاوية على شيراز ، وعلي بن معاوية على كرمان ، وصالح بن معاوية على قم. وجاءه بنو هاشم ، فمن أراد منهم عملا فاستعمله ، ومن أراد صلة وصله. وقدم إليه معهم أبو العباس وأبو جعفر ابنا محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، فوالاهما بعض الكور. ولم يزل عبد الله بن معاوية باصطخر حتى أتاه عامر بن صالح مع داود بن زندة ، فقاتلهم ، فانهزم عبد الله بن معاوية فيمن معه من أصحاب عبد الله بن معاوية ، فهزمهم ابن ضبارة ، وأسر منهم أربعين رجلا ، وكان فيمن أسر منهم عبد الله بن العباس.

فقال له ابن ضبارة : ما جاءك به الى ابن معاوية ، فقد عرفت خلافه على

__________________

(١) وأمه أسماء بنت العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ( الاغاني ١١ / ٧٢ ).

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : اصطبحر. قال الحموى بين اصطخر وشيراز ١٢ فرسخا ( معجم البلدان ١ / ٢١١ ).

٣٢١

أمير المؤمنين ـ يعني مروان بن محمد ـ؟

فقال : كان عليّ دين فأتيته لاصيب منه فضلا.

فقام إليه ابن وطن ، فقال : ابن أخينا.

فوهبه له ، وخلى سبيله ، وكان اسر منهم ، وبعث به وبهم الى ابن هبيرة (١) ، وحمل ابن هبيرة الى مروان بن محمد ، وابن ضبارة يومئذ في مفازة كرمان (٢) يطلب عبد الله بن معاوية.

ومرّ عبد الله بن معاوية وأخوه هاربين الى أن صاروا الى هزلة ، فقبض [ عليهم ] مالك بن الهيثم ، وكتب بأخبارهم الى أبي مسلم. وقد قام بخراسان وقوّى أمره ، فأمره بقتل عبد الله ، فقتله. وأمره بأن يرفع إليه يزيد والحسن بن معاوية أخوي عبد الله ، فرفعهما إليه ، فحبسهما أبو مسلم مدة ، ثم خلى سبيلهما وأما علي بن معاوية ، فقتله ابن ضبارة.

[ محمد بن عبد الله ]

ثم قام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٣) يدعو سرا الى نفسه ، ويخلو بالواحد بعد الواحد في ذلك ، ويدعي الامامة ، وزعم أنه المهدي الذي بشّر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أبوه قد ادعى ذلك له لما ولد. وقال : قد جاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : المهدي من ولدي ويواطي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. وهو ابني هذا. وبشّر به ، وهنئ به. وكان محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن قد أظهر أمره في أيام بني أميّة.

__________________

(١) وأظنه سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة.

(٢) بلدة في جنوب ايران.

(٣) وأمه : هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله. وكنيته : أبو عبد الله.

٣٢٢

وقيل : إنه اجتمع رجال من بني هاشم في منزل ، منهم أبو العباس ، وأبو جعفر بن علي بن عبد الله بن عباس ، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وإبراهيم بن محمد بن علي ، وغيرهم ، وحضرهم محمد بن عبد الله بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام. فتذاكروا من بني أميّة ، فقام (١) محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي وآله ، وذكر فضله ، وما اكرمه الله عزّ وجلّ به.

ثم قال : إنكم أهل بيت قد فضلكم الله عزّ وجلّ بالرسالة واختاركم لها واكثركم ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) وسائركم بنو عمه ، وعترته ، وأولى الناس بالمخافة من الله عزّ وجلّ ، إن ضيعتم أمره أن ينزع منكم ما أعطاكم كما انتزع مثل ذلك عن بني إسرائيل بعد أن كانوا أحبّ خلقه إليه ضيعوا أمره ، وقد ترون كتاب الله معطلا وسنّة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله متروكة ، والباطل حيا ، والحق ميتا. فأيكم يري لنفسه للقيام بحق الله أهل ونحن نراه لذلك ، وهذه أيد مبسوطة لبيعته ، ومن أحس لنفسه عجزا أو خاف ، وهنا فلا يحلّ له التوالي على الامة ، فليس بأفقهها في الدين ولا بأعلمها بالتأويل مع ما يعرف مما نحن به جاهلون ، وأقول قولي واستغفر الله لي ولكم.

فلم يجبه أحد بشيء ، وسكتوا غير أبي جعفر ، فانه قال له : أمنع الله بك قومك فلن تزال فينا تسمو الى خير وترجى لدفع الضر (٣) ما كنت حيا.

ثم حضرت صلاة العصر ، فخرجوا الى الصلاة ، وفشى ذلك عن محمد بن عبد الله من الدعاء الى نفسه ، ودعا له أخوه إبراهيم فلم يتمكن له أمر حتى غلب

__________________

(١) وفي مقاتل الطالبيين ص ١٧٠ : فقام عبد الله بن الحسن.

(٢) وفي مقاتل الطالبيين ص ١٧١ : واكثركم بركة يا ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : مضر.

٣٢٣

أبو مسلم على مروان بن محمد ، وولي أبو العباس ، فسأل من محمد وابراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن (١). فاختفيا ، ووفد عليه من وفد من بني هاشم أبوهما عبد الله بن الحسن بن الحسن ، فقرّ به واكرمه وخصه وسأل عن ابنيه فذكر أنه لا يدري أين توجها. وجعل يكرر السؤال عنهما وقتا بعد وقت ، كل ذلك ينكر أن يكون يعلم حيث هما. وذكر ذلك لاخيه الحسن بن الحسن ، فقال له : إن أعاد عليك المسألة فقل له : علمهما عند عمهما. فأعاد عليه المسألة ، فقال ذلك له. فأرسل أبو العباس الى عمهما الحسن ، فسأله عنهما ، فقال : يا أمير المؤمنين اكلمك على هيئة الخلافة أو كما يكلم الرجل ابن عمه؟

فقال له أبو العباس : بل كما يكلم الرجل ابن عمه.

فقال له الحسن : اناشدك الله يا أمير المؤمنين إن كان الله عزّ وجلّ قدّر لمحمد وابراهيم أن يليا من هذا الامر شيئا ، فجهدت وجهد أهل الارض معك أن تردّ ما قدّر الله لهما ، أتردونه؟

قال : لا.

قال : فاناشدك الله إن كان الله لم يقدّر لهما شيئا منه فجهدت ، وجهد أهل الأرض معهما على أن ينالا ما لم يقدّر لهما أن ينالا [ أينالا ]؟

قال : لا.

قال : فما تنغيصك على هذا الشيخ النعمة التي أنعمت بها عليه؟

قال أبو العباس : لا أذكرهما بعد هذا اليوم.

فما ذكرهما حتى مات. فلما مات وولي أخوه أبو جعفر يوم وفاته ، وأمر يومئذ زياد بن عبد الله بن الحارث أن يطلب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وضمنه القبض عليهما. فأرسل الى المدينة ، فقبض على أبيهما عبد الله بن الحسن واخوته : الحسن وداود وإبراهيم

__________________

(١) المعروف بالحسن المثلث.

٣٢٤

فحملوا الى أبي جعفر مصفدين في الحديد على الجمال بلا أوطية. فوافوا أبا جعفر في طريق مكة بالربذة ، فسأله عبد الله أن يأذن له عليه. فأبى أبو جعفر وصيّرهم الى السجن ، فمات عبد الله في السجن (١) بعد ثلاث سنين ، ومات إخوته ، وتغيب محمد وابراهيم في البادية. ثم ظهر محمد بن عبد الله بن الحسن في المدينة أول يوم من رجب من سنة خمس وأربعين ومائة ودخل مسجد المدينة قبل الفجر. فخطب حتى حضرت الصلاة ، فنزل وصلّى بالناس ، وذلك بعد أن اجتمع إليه من كان يبايعه ، وبايعه سائر الناس طوعا ، واستعمل العمال ، وغلب على المدينة ومكة والبصرة وجبى الأموال ، وانتهى أمره الى أبي جعفر ، وكان ابراهيم أخوه قد صار الى البصرة يدعو إليه ، وأنفذ أبو جعفر إليهما عيسى بن موسى في أربعة آلاف من الجند (٢) ، فلما أحسّ محمد بن عبد الله به قد أتى حفر خندق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان احتفره للاحزاب ، فاجتمع زهاء ألف رجل. فلما قرب منه عيسى ، قام خطيبا فيهم ، فقال :

أيها الناس إن هذا الرجل قد قرب منكم في عدد وعدة ، وأحللتكم من بيعتي ، فمن أحبّ القيام ، فليقم ، ومن أحبّ الانصراف ، فلينصرف.

فلما سمعوا ذلك تسلل اكثرهم عنه ، وبقي في شرذمة (٣) ونزل عيسى بن موسى بالخندق على أربعة أميال من المدينة يوم السبت لا ثني عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة. فأقام يوم السبت ويوم الاحد. وبرز إليه محمد غداة يوم الاثنين في أهل المدينة. فلما ترأت الفئتان نادى عيسى بن موسى بنفسه : يا محمد إن أمير المؤمنين أمرني أن لا اقاتلك حتى أعرض الأمان على نفسك وأهلك ومالك وولدك وأصحابك ، وتعطي من المال كذا وكذا ،

__________________

(١) بالهاشمية في العراق.

(٢) أما في مقاتل الطالبيين لأبي فرج الاصفهاني فقد ذكر أن عيسى بن موسى أرسله الى محمد بن عبد الله. ووجه الى ابراهيم خازم بن خزيمة في أربعة آلاف الى أهواز.

(٣) المجموعة القليلة.

٣٢٥

ويقضي عنك دينك ويفعل بك.

فصاح إليه محمد : دع عنك هذا ، فو الله ما يثنيني عنكم جزع ، ولا يقربني منكم طمع.

واستحرّ القتال ، وانهزم أصحاب محمد بن عبد الله بن الحسن ، ونزل وقاتل ، وقتل بيده جماعة وحمل عليه ابن قحطبة ، فطعنه في صدره ، فصرعه ، ثم نزل فاحتز رأسه وأتى به عيسى بن موسى.

وكان أخوه ابراهيم قد صار الى البصرة في أول سنة ثلاث وأربعين ومائة يدعو إليه ، وأجاب دعوته بشر كثير. فأرسل إليه أبو جعفر عيسى بن موسى (١) ، والتقيا ، فتناجزا ، فقتل إبراهيم بن عبد الله يوم الاثنين لخمس بقيت من ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة ، واتي أبو جعفر برأسه وهو بالكوفة ، فلما وضع بين يديه سجد ، وكان عيسى بن يزيد فيمن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن ، ومع أخيه ابراهيم ، وطلبه أبو جعفر واختفى ، ومات بالكوفة عند الحسن بن صالح بن حي مختفيا هاربا من أبي جعفر.

وهرب عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بالأشتر ، فلم يزل مختفيا لا يعرف له خبر حتى ظهر بطبرستان ، ودعا الى نفسه ، فقتل هناك (٢).

وخرج موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في حياة إخوته محمد وإبراهيم الى الشام يدعو الى محمد أخيه ، فلما قتل محمد وابراهيم قدم موسى من الشام ، فصار الى منزل بني العنب بالبصرة ، وعليها يومئذ عامل ـ محمد بن سليمان ـ لأبي جعفر. فاخبر بخبره. فأرسل إليه ، وأخذ وأتى إليه وهو خاله. فقال له محمد بن سليمان : قطع الله رحمك ، ما أردت إذ قصدت بلدا أنا فيه إن أنا وجهتك الى المنصور قال الناس : قطع رحمه وأساء الى أخواله ، وإن

__________________

(١) لقد مرّ أنه ذكرنا عن مقاتل الطالبيين : أنه خازم.

(٢) وفي مقاتل الطالبيين ص ٢٠٨ : إن هشام بن عمرو قتله في أرض السند.

٣٢٦

أطلقتك أغضب أمير المؤمنين.

ثم وجه به ومن كان معه الى المنصور. فلما وصلوا إليه قدم موسى بن عبد الله ، فضربه خمسمائة سوط ، وموسى لا ينطق ولا يتحرك. فعجب المنصور ، لصبره ، وقال : يصبني عذر (١) أهل الجرائم على صبرهم ، فكيف بهذا الفتى الذي لم يصبه الشمس.

فقال : يا أمير المؤمنين ، إذا صبر أهل الباطل على باطلهم كنا على الحق أولى بالصبر.

فلما دفع عنه ، قال له الربيع : لقد كنت عندي من رجال أهلك حتى رأيتك ، وكأنه يحزّ في جلد غيرك.

فقال موسى هذا البيت :

أني من القوم الذين تزيدهم

قسوا وصبرا شدة الحدثان

وبلغ أبا جعفر عن حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر (٢) أنه يريد القيام عليه ، فبعث به الى المدينة فاوقف بها ، وشتم وحبس حتى مات.

وكان أبو جعفر قد ولى الحسن بن يزيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة ، فكان أحد من أعان على أبي عبد الله. ثم بلغ أبا جعفر عنه أنه يريد القيام عليه. فعزله ، وأمر به فاوقف ، وشتم ، وقبضت أمواله وحبس معه ابنه علي. وأما علي فتوفي في السجن في حياة أبيه ، ولم يزل الحسن أيضا محبوسا حتى مات أبو جعفر ، فأطلقه ابنه المهدي فيمن أطلق من بني هاشم.

[ صاحب فخ ]

وأما الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن المقتول بفخ (٣) ، فانه كان مقيما

__________________

(١) هكذا في الاصل.

(٢) ابن جعفر بن أبي طالب.

(٣) روى أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص ٢٨٩ : بسنده عن الحسين بن الحكم ، عن

٣٢٧

ببغداد لا يؤمر بالخروج حتى توفي المسمى بالمهدى بن أبي جعفر وبويع ابنه الملقب بالهادي. وقدم وفد من جرجان ، فأذن الحسين بن علي له بالخروج ، فلم يلبث أن خرج عليه بالمدينة ، وذلك سنة تسع وستين ومائة ، وبايعه فيها كثير من الشيعة. ثم خرج الى مكة ، فدخلها ، فسار إليه سليمان بن أبي جعفر ـ وكان على الموسم ـ ومعه موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله ، فصيّره على ميسرته ، ومحمد بن سليمان على ميمنته ، والعباس بن محمد وسليمان [ بن أبي جعفر ] في القلب.

فلما لقيهم الحسين بفخ تطارد له سليمان ، فحمل عليه الحسين مع أصحابه حتى انحدروا في الوادي ، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطعنهم طعنة واحدة ، ورمى الحسين بن علي بن الحسن رجل من الأتراك ـ يقال له : حماد ـ بسهم ، فقتله. فأعطاه محمد بن سليمان مائة الف درهم ومائة ثوب وقتل خلق من الشيعة والطالبيين ، وذلك في يوم التروية سنة تسع وستين ومائة ، وحمل رأسه الى موسى ـ المعروف بالهادي ـ ، فادخل الى بغداد في أول سنة سبعين ومائة (١).

__________________

الحسن بن الحسن عن الحكم بن جامع الثمالي عن الحسين بن زيد ، عن ريطة بنت عبد الله ، عن زيد بن علي ، قال : انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله موضع فخ فصلّى بأصحابه صلاة الجنازة ، ثم قال : يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة ... الحديث.

وبسنده أيضا عن الحسن بن عبد الواحد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن الحسين بن المفضل العطار ، عن محمد بن فضيل ، عن محمد بن اسحاق ، عن أبي جعفر محمد بن علي قال : مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بفخ ، فنزل فصلّى ركعة ، فلما صلّى الثانية بكى وهو في الصلاة ، فلما رأى الناس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يبكي بكوا. فلما انصرف ، قال : ما يبكيكم؟

قالوا : لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول الله.

قال : نزل عليّ جبرائيل لما صلّيت الركعة الاولى فقال : يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان ، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين.

(١) وقبل ارسال الرءوس المطهرة الى بغداد حمل الى موسى بن جعفر وعنده جماعة من ولد الحسن

٣٢٨

وقتل مع الحسين يومئذ سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، وعبد الله بن إسحاق بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن قتلا في المعركة. وكان فيهم الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فطلب الأمان ، فأمنه العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، فصار إليه ، فاستسقاه ماء ، فأمر له بماء فهو يشرب إذ أتاه محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس من خلفه ، وهو واقف يشرب ، فضربه بسيفه ، فرمى برأسه ، فلما قتله شدّ عليه موسى بن عيسى بالسيف ، فقال له : بابن الخنا ، أقتلت خالي بعد الأمان ، فقد أحلّ الله دمك. فزجرهما العباس بن محمد حتى يكفّا.

واستأمن منهم علي بن إبراهيم ، فاومن ، وحمل الى الهادي ، فحبسه ، وأمر في عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسن ، فحمل أيضا ، ثم حبس حتى خليا بعد ذلك ، وتفرق كل من كان مع الحسين بعد أن قتل من قتل بفخ من الطالبيين.

__________________

والحسين ، فلم يتكلم أحد منهم بشيء إلا موسى بن جعفر عليه‌السلام. فقيل له : هذا رأس الحسن.

قال : نعم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، مضى والله مسلما صالحا صواما قواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله.

فلم يجيبوه بشيء.

وقال عيسى بن عبد الله يرثي الحسين صاحب فخ :

فلأبكين على الحسين

بعولة وعلى الحسن

وعلي ابن عاتكة الذي

أتوه ليس بذي كفن

تركوا بفخ غدوة

في غير منزلة الوطن

كانوا كراما فانقضوا

لا طائشين ولا جبن

غسلوا المذلة عنهم

غسل الثياب من الدرن

هدي العباد بجدهم

فلهم على الناس المنن

وقال آخر :

يا عين ابكي بدمع منك منهمر

فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن

صرعى بفخ تجري الريح فوقهم

أذيالها وغوادي الدلج المرن

حتى عفت أعظم لو كان شاهدها

محمد ذبّ عنها ثم لم تهن

٣٢٩

[ يحيى بن عبد الله ]

فلحق يحيى بن عبد الله (١) بالديلم فظهر فيهم ، ودعا الى نفسه ، ـ وجمع الجموع هناك واستعدّ للحرب واستجأش بالديلم ، وغيرهم.

وعلم هارون الرشيد ، فأرسل إليه الفضل بن يحيى بن برمك ، وعقد له على الخيل وثغور الديلم وطبرستان وما يليهما ، وضمّ إليه خلقا كثيرا من الجنود من قواد خراسان وغيرهم ، فسار إليه الفضل بن يحيى ، ونزل بازائه وكاتبه وآتاه الأمان والعهود المؤكدة ، ووعده بالإحسان والهبات والصلاة والجوائز والقطائع ، وأرغبه ، ومشت السفراء بينهما بذلك حتى أجابه الى قبول ما عرض عليه من الأمان ، والدخول فيه بغير حرب ، ولا قتال ، فتقدم به الفضل به يحيى على الرشيد ، وقد كان يتخوف سوء كتمه وشدة أمره وهاله وكبر في صدره موقع ما كان من الفضل بن يحيى في ذلك عنده وسرّ به. وكان الفضل يلاطف يحيى بن عبد الله ويبره ، فبلغ ذلك الرشيد فجفا الفضل وغضب عليه ، حتى كلمته فيه أمّ محمد بنت الرشيد ، فرضي عنه. ثم بعث الرشيد بعد ذلك بيحيى بن عبد الله الى المدينة فحبسه بها ، فلم يزل محبوسا حتى مات (٢). وقيل : إنه حبسه في بئر ، فوجد فيها ميتا قد غص على حملها (٣).

__________________

(١) وهو من أصحاب الحسين صاحب فخ الناجين من القتل فاستتر مدة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه حتى لحق بالديلم.

(٢) قال ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد الله : قتل جدي بالجوع والعطش في الحبس.

(٣) هكذا في الاصل.

قال علي بن إبراهيم العلوي يرثيه :

يا بقعة مات بها سيد

ما مثله في الأرض من سيد

مات الهدى من بعده والندى

وسمي الموت به معتدي

فكم حيا حزت من وجهه

وكم ندى يحيى به المجتدي

لا زلت غيث الله يا قبره

عليك منه رائح مغتدي

٣٣٠

[ إدريس بن عبد الله ]

وكان إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قد شهد مع الحسين بن علي فخ ، فلما كان من الأمر ما كان اخرجه مولى له يقال له : راشد ، مختفيا حتى سار به الى مصر. ثم أخرجه منهما حتى سار الى المغرب ، فأظهره وعرفه أهل البلاد من البربر ، فأجابوه ، وتولوه. فلم يزل فيهم أمره يقوى ويزيد إلى أن بلغ ذلك الرشيد ، فوجه إليه مولى كان يسمى المهدي ، يقال له : شماخ ، وكان شيخا مجربا محكما وأمره بأن يحتال عليه ويقتله ، فخرج شماخ حتى صار الى المغرب ، وتوصل الى إدريس بعلم الطب ، وليس في موضع طبيب (١) ، فقرّبه ، وأنس به انسا شديدا. ثم شكا إليه علته ، فصنع له دواء ، وجعل فيه سما ، فسقاه إياه ، ومات ، وهرب شماخ فلم يقدر عليه ، وصار الى الرشيد ، فأخبره ، وأجازه ، وأحسن إليه ، وخلف إدريس حملا بام ولد ، فولدت ولدا سمي إدريس. وبلغ وضبط الأمر ، وولد له فسماه محمد ، فتناسلوا وكثروا وهم في المغرب.

[ أحمد بن عيسى ]

وصار أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الى عبادان ناحية البصرة. فبلغ هارون أنه تحرك بها للقيام ، فار تحل هارون لما بلغ إليه الخبر من الكوفة الى مدينة السلام ، وذلك في سنة خمس وثمانين ومائة

__________________

كان لنا غيثا به نرتوي

وكان كالنجم به نهتدي

فإن رمانا الدهر عن قوسه

وخاننا في منتهى السؤدد

فمن قريب نبتغي ثاره

بالحسنيّ الثائر المهتدي

إن ابن عبد الله يحيى ثوى

والمجد والسؤدد في ملحد

(١) قال أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص ٣٢٦ : وكان طبيبا.

٣٣١

وأرسل الى العمال بالقبض عليه. وكان أحمد بن عيسى بن زيد وابن ادريس يترددان من البصرة وكور الاهواز ونواحيها وأطرافها. فكتب الرشيد الى أبي [ الساج ] (١) مع اخيه الرشيد الخادم وكان على البحرين ، والى خالد بن الأزهر وكان بالأهواز ، بالسمع والطاعة لعيسى الدوراني (٢). وأمر عيسى بطلب أحمد بن عيسى بن زيد ، فقدم الأهواز ، وأظهر أنه قدم لأخذ الزنادقة ، وانصب إليه الهدايا والالطاف ، وجاء العمال ، وهابه الناس. وجعل يسأل سرا عن أحمد بن عيسى. فجاءه رجل من البربر ، وكان يختلف الى أحمد بن عيسى ، ويخدمه ويمشي في حوائجه واموره فذكر له أنه وابن ادريس يختلفان الى عبادان والى ربط اخرى والى البصرة اخرى. فقدم عيسى البصرة ، وأخبر أن هناك رجلا من شيعتهم لا يدين الله إلا بمحبتهم وموالاتهم ، وأنه رجل مؤثر ومكثر ، وله جمع وعدة ، ومنعة. فدسّ رجلا عنه إليهما برسالاته وكتابه ، وضرب فيه على خطه حتى داخلهما الرسول ، وعلم مكانهما ووثقا به واطمأنا إليه ، فأخبرهما بأخبار عيسى ، وأخافهما عنه ، فسألاه عن حيلة إن كانت عنده لهما ، فقال : أنا اخرجكما إن شئتما الى مصر ، وإن شئتما الى المغرب.

قالا : فأيّ طريق تأخذ بنا؟.

قال : على واسط ، ثم اخرجكما على الدواب وآخذكما على طريق الكوفة.

فوثق القوم به واطمأنوا إليه ، وكان معهم الخضر كاتب إبراهيم بن عبد الله. فحملهم من البصرة في سفينة الى واسط ، وقال : اسبقكم إليها لأكري لكم الدواب حتى تقدموا ، وقد فرغت من حوائجكم.

فقالوا : امض على اسم الله.

فمضى ، وجاء الى أبي [ الساج ] ، فأخبره. فأرسل أبو الساج معه قوما من

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : ابن شماخ.

(٢) وفي مقاتل الطالبيين ص ٤١٢ : عيسى الرواوزدي.

٣٣٢

ثقاته ، وأمرهم ولا يعلمونهم أنهم من أسباب السلطان في شيء حتى يوافوا بهم. ومضى الى مدينة السلام (١) ، فدخل على الرشيد ، وأخبره انه ظفر بهم وحملتهم السفينة ، وأرسل الرشيد من ينزلهم ويأتيه بهم.

وجاءهم الرجل مع أعوان أبي الساج ، فذكر لهم أنهم قوم سيارة ، وأنه قد اكترى لهم. فلما صاروا الى [ بعض الطريق ] (٢) أتاهم أهل الصدقة ليأخذوا ما يجب عليهم. فخلى أصحاب أبي الساج بهم ، وأخبروهم الخبر أنهم أعوان أبي الساج ، وعرفوهم أمرهم ، فتركوهم ، وسمع ذلك أحمد بن عيسى ، ومن معه ، فعلموا ما صاروا إليه ، فلما حضرت صلاة الظهر نزلوا ليصلّوا ، فتسلّلوا من بين النخيل وتركوا السفينة ، وما فيها لهم من قليل وكثير (٣).

فلما انتهوا الى واسط وجدوا رسل الرشيد الذين بعث بهم ليستلموهم منهم. فأخبروهم بخبرهم. فمضى بهم أعوان الرشيد ، فأوصلوهم إليه ، فضربهم ضربا مبرحا ، وصيّرهم الى المنطبق (٤) ، وأمر بقتل أبي الساج وصلبه ، وقال : صانعت وداهنت عليّ. فسأله فيه أخوه ، واستعان عليه ، فتركه.

وامر بطلبهم ، فثبت عنده أن الخضر ـ كاتب ابراهيم ـ مات فامر به فنبش ، واحرق بالنار ، وأفلت الباقون ، وصار أحمد بن عيسى وابن ادريس الى البصرة واستتر بها. ثم خرجا الى الكوفة.

ثم عاد أحمد الى البصرة وكان بها مختفيا الى أن مات على ذلك. وخلف ابنيه محمدا وعليا مستترين. وتوفي محمد بالشام ، وإليه انتمى الناجم بالبصرة

__________________

(١) اسم لمدينة بغداد الحالية.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : صاروا الى الجاز الاكبر.

(٣) وأظن أن هنا كلمة ساقطة : وطال انتظار الموكلين بهم ، فلم يعرفوا خبرهم وما الذي أبطأ بهم ، فخرجوا يطلبونهم فلم يجدوهم ، وتتبعوا آثارهم وجدّوا في أمرهم ، فرجعوا إلى الزورق خائبين حتى وصلوا واسط.

(٤) السجن المظلم تحت الارض.

٣٣٣

سنة خمس وخمسين ومائتين سنة المعروف العلوي (١).

[ أبو السرايا ]

ثم قام أبو السرايا ـ وهو السري بن المنصور من بني ربيعة [ بن ذهل بن شيبان ] (٢) سنة تسع وتسعين ومائة يدعو الى محمد بن إبراهيم طباطبا ولم يسمه ، وأظهر الدعاء الى الوصي من آل محمد والى كتاب الله وسنّة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان ذلك سبّب أن أبا السرايا من الجند مع هرثمة (٣) بن أعين ، فمنعوه إذرافه ، فغضب ، وخرج حتى أتى الابصار ، فقتل العامل بها. وأتى بن طباطبا محمد بن إبراهيم ، وكان في حبس الرشيد ، كانت فتنة محمد بن رشيدة وفتحت السجون ، خرج فيمن خرج الى ناحية الرقة مع محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر ، وكان معه في حبس الرشيد ، وكان محمد قد سار إليها يدعو الى نفسه ، فمات قبل أن يصل إليها ، ووصل محمد بن ابراهيم طباطبا فحاول الدعوة الى نفسه بها ، فلم يمكنه ذلك ، فصار الى الكوفة واستتر بها الى أن دخل أبو السرايا ، فبايعه ، وقام يدعو إليه ، واستجاب له بشر كثير ، وأقبل بهم وأخذوا واسط الكوفة ، وأظهر أمر محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي ، وسار بهم حتى دخل الى نهر صرصر. فأرسل حسن بن سهل [ عبدوس بن عبد الصمد وهارون بن محمد ] (٤) بن أبي خالد في عسكر إليهم ، فالتقوا بهم ، فلم يصنعوا شيئا ، فبعث الحسن بن سهل الى هرثمة (٥) ، وهو يخلو أنه يريد الى خراسان نحو المأمون فردّه ، وبعثه إليهم ـ الى [ نهر ] صرصر ـ والتقى بهم ، فهزمهم ، واتبعهم الى قصر ابن هبيرة (٦) ،

__________________

(١) هكذا في الاصل.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : الحسن بن المنصور بن رسعة.

(٣ ـ ٥) هكذا صححناه وفي الاصل : هزيمة.

(٤) هكذا صححناه وفي الاصل : عدوس بن محمد وابن أبي خالد.

(٦) أنساب الاشراف ٣ / ٢٦٦.

٣٣٤

وقتل منهم خلقا كثيرا ، وانهزموا. وادخلوا الكوفة. ومات محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي. وقام أبو السرايا مكانه فتى من العلويين ، يقال له : محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ، ولم يزل هرثمة يحاربهم حتى ضعفوا وهرب أبو السرايا ، ودخل هرثمة الكوفة وأقام بها أياما ، ثم توجه الى المأمون وهو بخراسان ، فظفر بعد ذلك بأبي السرايا والعلوي الذي كان معه قد أقامه. فقتل أبا السرايا (١) ، وحمل العلوي الى المأمون الى خراسان. فكان الذي ... منهما الحسن بن سهل. وقطع أبا السرايا نصفين وصلبه على باب الجسر (٢) ، وبعث بمحمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين الى المأمون الى خراسان (٣).

[ ابن الأفطس ]

وقتل في أيام المأمون عبد الله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسن

__________________

(١) قال الهيثم بن عبد الله الخثعمي في رثائه :

وسل عن الظاعنين ما فعلوا

وأين بعد ارتحالهم نزلوا

يا ليت شعري والليت عصمة من

يأمل ما حال دونه الأجل

أين استقرت نوى الاحبة أم

هل يرتجى للأحبة القفل

ركب الحت يد الزمان على

إزعاجهم في البلاد فانتقلوا

الى أن يقول

أبا السرايا نفسي مفجعة

عليك والعين دمعها خضل

من كان يغضي عليك مصطبرا

فان صبري عليك مختزل

هلا وقاك الردى الجبان إذا

ضاقت عليه بنفسه الجبل

أم كيف لم تخشك المنون ولم

يرهبك إذ حان يومك الأجل

فاذهب حميدا فكلّ ذي أجل

يموت يوما إذا انقضى الأجل

والموت مبسوطة حبائله

والناس ناج منهم ومحتبل

(٢) قال أبو الفرج الأصفهاني : فصلب رأسه في الجانب الشرقي وصلب بدنه في الجانب الغربي.

(٣) فأقام مدة يسيرة ـ ٤٠ يوما ـ ثم دست إليه شربة فكان يختلف كبده وحشوته ، حتى مات.

٣٣٥

المعروف بابن الأفطس (١). وكان ممن حضر وقعة فخ ، وأخذ الأمان ، ثم حبس بعد ذلك ، ثم أقدم عليه جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك ، فضرب عنقه.

[ الحسن بن الحسين بن زيد ]

والحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قتل مع أبي السرايا بالتنوين.

[ زيد بن عبد الله ]

وزيد بن عبد الله بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قتل أيضا بالتنوين.

[ علي بن عبد الله ]

وعلي بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قتل باليمن مع ابراهيم بن موسى (٢).

[ محمد بن جعفر بن محمد ]

وقام جماعة من العلويين في سنة المائتين على المأمون ، وكان من قام منهم عليه محمد بن جعفر بن محمد ، قام بمكة ، فبايعه أهل الحجاز وتهامة على الخلافة ولم يبايعوا أحدا من ولد علي قبله ، وادعى الإمامة.

وكانت قد أصاب إحدى عينيه شيء ، فاستبشر به. وقال : إني لأرجو أن

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن الحسن المعروف بالافطس.

(٢) وفي نسخة : قتله باليمن ابراهيم بن موسى.

٣٣٦

أكون [ المهدي ] القائم ، فقد بلغني أنه يكون في إحدى عينيه شيء. فانفذ إليه الحسن بن سهل وهارون بن موسى المسيب ، وعيسى بن يزيد الجلودي وورقاء بن محمد الشيباني وهم من جملة قواد المأمون وأوقعوا على أصحابه بالمدينة ومكة وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وتفرق عامتهم واستأمن ، واكذب نفسه فبما ادعاه من الإمامة ، فاومن وحمل الى المأمون الى خراسان ، فمات بها (١).

وقام بالبصرة ابنه علي بن محمد بن جعفر وأقامه معه العباس بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

ثم قام معهما بها زيد بن موسى بن جعفر ، فظفر بهم أجمعين ، وحملوا الى المأمون فعفا عنهم ولطف بهم ، وأقاموا عنده بخراسان.

__________________

(١) راجع مقاتل الطالبيين ص ٣٦٠.

٣٣٧

[ ولاية العهد للامام الرضا عليه‌السلام ]

وقيل : إنه وقع الى المأمون رجل من الشيعة فكاسره (١) ، فقامت الحجة عليه ، وانقطع المأمون وأراه القبول لما أجابه ، وجعل يستحثه عن إمام الزمان عندهم ، فأومى له علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، فرأى أنه قد ظفر ببغيته ، ودبر امرا وأدار الحيلة فيه أن يظهره ويدعو إليه ، ثم يعمل في قتله ، ولم يطلع أحدا من الناس على باطن مراده في ذلك [ كي ] لا يفشوا ذلك عنه غير أنه دعا الفضل بن سهل فقال له : هل أنت مانعي من أمر أردته.

قال : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟

قال : ابايع الرجل من ولد علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأختاره وأسرّ هذا الأمر إليه.

فقال له الفضل : ما أردته يا أمير المؤمنين ، فأنا معك عليه.

وبلغ ذلك الحسن بن سهل ، فأنكره على الفضل ، واجتمعا عند المأمون ، فقال للفضل : أما علمت أبا محمد؟

قال : نعم يا أمير المؤمنين.

قال : فما قال فيه؟

قال : نفر منه ، فأنكره عليّ.

__________________

(١) أي خاصمه.

٣٣٨

فقال الحسن : أياذن لي أمير المؤمنين بالكلام؟

قال : تكلم.

فتكلم وعظّم دولة بني العباس وقدر المأمون ، وذكر ما يتخوفه من الانحراف إن فعل ما ذكر.

فقال المأمون : قد رأيت أما يكون على هذا الأمر ثلاثة ما رآني واحد منا.

قد ذهب ، ثم أغلظ في القول ووكد قوله. وذكر أنه لم ير في أهله من يصلح لذلك ، وان كان عاهد الله أن يظفر بالمخلوع أن يصير هذا الأمر إليه في ولد علي عليه‌السلام.

فلما سمع الحسن منه ذلك ورأى عزمه عليه قال : رأيي مع رأيك يا أمير المؤمنين.

فأمر أن يخرج الى بغداد وأن يتلطف بإشخاص علي بن موسى إليه برفق واكرام (١) ، وكان علي بن موسى بالشام (٢). فلما صار الحسن الى بغداد ، وكان المأمون كتب معه الى علي بن موسى ، وأرسل به الحسن رسولا إليه ، وكتب معه كتابا ، وكان ذلك الكتاب قبل أن يشخص إليه من كان قام عليه من الطالبيين ، وأمره بإشخاصهم معه وكتب الى الجلودي في حمل محمد بن جعفر ، وعلي بن موسى ، وعلي بن الحسن بن زيد ، وإسماعيل بن موسى ، وابن الارقط ، ومن كان قد خرج ، فحملهم الجلودي وأخذ بهم على طريق البصرة وإبراهيم بن المهدي بها ، وقد انتهى الخبر إليه ، وما اريد به علي بن موسى بن جعفر ، وذكر ذلك لمن يخصه من العباسيين وغيرهم ، فأشار عليه إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بقتل علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، فلم يقدر إبراهيم على ذلك. وحملوا على طريق الأهواز ، وصاروا الى فارس فلقيهم رجاء

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بر وإكرام.

(٢) لم يكن الامام الرضا عليه‌السلام بالشام أبدا.

٣٣٩

بن الضحاك وتسلمهم من الجلودي ، وقدم بهم على مرو وعلى المأمون لعشر خلون من جمادى الآخر سنة إحدى ومائتين ، فصيروا في دار ميدان الفضل ، ويقال لها : داراسي ، أنزل علي بن موسى منها في بيت وحده ، والباقون في بيت آخر بجماعتهم وفرش لهم. وجاء الفضل فدخل الى علي بن موسى بن جعفر متعظما له ، [ فأخبره ] (١) أنه يوجب حقه ، ثم ذكر ما أراد له ، فرأى عنه انقباض. ثم ادخل على المأمون فاكرمه وشكره كما كان من تركه التعرض لما دخل فيه أهلا. وأن محله عنده محل العم لسنه وقدره ، وأمر له بوسادة ، فصيرت له بقربه ، وأجلسه عليها ، وأذن الناس حتى رأوا ذلك ، وانصرف ، ثم نقلهم من تلك الدار الى غيرها. وادخل علي بن موسى عليه في حجره من داره ليس بينه وبينه إلا ستر ، وجعل الفضل يراسله ويكاتبه في أن يبايع له وهو في كل ذلك يأبى.

ثم لقيه الفضل بنفسه في ذلك ، فقال له : إن أمير المؤمنين أعطى الله عهدا أن يصير هذا الأمر في خير من يعلم ، وليس ذلك إلا أنت.

قال [ عليه‌السلام ] : فلست كذلك.

وامتنع ، وأدخله المأمون الى نفسه ، فقال : يا أبا الحسن إني أعطيت الله عهدا ، ولست تاركه حتى اصير هذا الامر إليك من بعدي ، وقد علمت أن عمر بن الخطاب أدخل عليا في الشورى ، وأمر بضرب عنقه إن لم يصر الى أمره (٢).

ولم يزل به حتى أجابه وذلك بعد قدومه شهر رمضان سنة احدى ومائتين ، وكان المأمون قبل ذلك بأيام لبس الخضرة ، وكساها رجاله ، وأمر الناس بلباسها ، ولبسها الناس جميعا ، ولبسها القاضي ، وجلس المأمون للبيعة لعلي بن موسى ، وسماه الرضا ، وأمر بوسادتين ، فاكثر حشوهما حتى لحقا بفراشه ، ثم

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : فخبره.

(٢) الارشاد ص ٣١٠.

٣٤٠