شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

[ هرثمة وحديث الشهادة ]

[١٠٨٣] هزيمة بن سلمة (١) ، قال : غزوت مع علي عليه‌السلام صفين ، فلما نزل كربلاء صلّى بنا الفجر ، فلما سلّم على الصفوف رفع إليه من ترابها ، فشمها.

ثم قال : آه لك من تربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما انصرفت قلت لأهلي ـ وكانت تحبّ عليا صلوات الله عليه وتتولاه ـ (٢) : ألا اخبرك عن علي ـ وقصصت عليها القصة ـ ، وقلت لها :

وما يدريه بذلك ، وما أطلعه الله على الغيب؟

قالت : دعنا منك فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.

فلما نزل الحسين بن علي عليه‌السلام وأصحابه كربلاء كنت في البعث الذي بعثهم عبيد الله الى الحسين عليه‌السلام ، فلما انتهيت إليهم عرفت الموضع الذي صلّى بنا علي عليه‌السلام فيه وذكرت قوله. وكرهت مسيري ، وأقبلت على فرسي حتى أتيت الحسين عليه‌السلام ، فسلّمت عليه ، وحدثته بالذي سمعت من أبيه في ذلك الموضع.

فقال لي : أفمعنا أنت أم علينا؟

قلت : يا ابن رسول الله ـ لا عليك ولا معك تركت ولدا وعيالا أخاف عبيد الله.

__________________

(١) هكذا في الاصل وفي أمالي الصدوق ص ١١٧ : هرثمة بن أبي مسلم ، وكذا في بحار الانوار ٤٤ / ٢٥٧.

(٢) وهي جرداء بنت سمين.

١٤١

فقال عليه‌السلام : أما لا فولّ هاربا حتى لا تسمع لنا صوتا ، ولا ترى لنا مقتلا ـ فو الذي نفسي بيده ـ لا يسمع صوتنا (١) ، ولا يرى مقتلنا اليوم أحد فلا يعيننا إلا أدخله الله النار.

فأدبرت هاربا حتى لا أسمع لهم صوتا ، ولا أرى لهم مقتلا.

[١٠٨٤] علي بن موسى الجهني ، باسناده ، عن صالح بن أربد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لام سلمة :

اجلسي بالباب ولا يلجن عليّ أحد.

فجاء الحسين عليه‌السلام ـ وهو [ صغير ] ـ (٢) ، فذهبت أمّ سلمة لتتناوله ، فسبقها الباب.

قالت : فلما طال عليّ خفت أن يكون قد وجد علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فتطلعت من الباب فرأيته يقلب بكفيه شيئا ، والصبي نائم على بطنه ودموعه تسيل ، فلما نظر إليّ قال : ادخلي.

قلت : يا رسول الله إن ابنك جاء فذهبت لتناوله ، فسبقني. فلما طال عليّ خفت أن يكون وجد عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فتطلعت من الباب ، فرأيتك تقلب بكفيك شيئا ، ودموعك تسيل ، والصبي نائم على بطنك.

قال : إن جبرائيل عليه‌السلام أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أن امتي تقتله.

[١٠٨٥] محمد بن ربيعة الحضرمي ، باسناده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : أتاني جبرائيل عليه‌السلام فقال :

يا محمد إن امتك ستقتل ابنك حسينا من بعدك.

__________________

(١) وفي أمالي الصدوق : لا يسمع اليوم واعيتنا.

(٢) هكذا صححناه ، وفي الاصل : وهو وصيف.

١٤٢

قلت : أولا اراجع الله فيه؟

قال : إنه أمر قد كتبه الله عزّ وجلّ.

ولما مات الحسن عليه‌السلام ، وأفضت الإمامة من بعده الى الحسين عليه‌السلام قام بها ودعا الى نفسه واعتقد المؤمنون ولايته وإمامته.

ومات معاوية ، وولى مكانه يزيد ابنه وبلغه أخبار الحسين عليه‌السلام ، فتواعده ، وهمّ به ، وانتهى ذلك الى الحسين عليه‌السلام ، وكان بالمدينة.

[ المسير الى كربلاء ]

فتوجه الى مكة بأهله وولده ، فحجّ ، وأراد المسير الى العراق. وكان بالعراق جماعة من أوليائه وأهل دعوته.

وكان مسلم بن عقيل رحمة الله عليه قد بايع له جماعة من أهل الكوفة في استتارهم (١).

فلما همّ بالخروج من مكة لقيه ابن الزبير ، فقال : يا أبا عبد الله إنك مطلوب ، فلو مكثت بمكة ، فكنت كأحد حمام هذا البيت. واستجرت بحرم الله لكان ذلك أحسن لك.

فقال له الحسين عليه‌السلام : يمنعني من ذلك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيستحلّ هذا الحرم من أجلي رجل من قريش ، والله لا أكون ذلك الرجل ، صنع الله بي ما هو صانع.

( فكان الذي استحلّ الحرم من أجله : ابن الزبير ) (٢).

__________________

(١) بل علنا وفي المسجد الجامع.

(٢) في الحادثة التي تعرف بفتنة ابن الزبير.

١٤٣

وخرج الحسين يريد العراق ، فلما مرّ بباب المسجد تمثل بهذين البيتين :

لا ذعرت السوام في فلق الصبح

مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما

والمنايا يرصدنني أن احيدا

[ ضبط الغريب ]

السوام : النعم السائمة. وأكثر ما يقولون هذا الاسم على الإبل خاصة.

والسائمة : الراعية التي تسوم الكلأ إذا داومت رعيه ، وهي سوام. والرعاة يسومونها ، أي يرعونها.

وفي رواية اخرى تمثل بهذين البيتين بالمدينة.

[١٠٨٦] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن أبي سعيد المقبري (١) ، قال :

رأيت الحسين بن علي عليه‌السلام ، وأنه ليمشي بين رجلين يعمد على هذا مرة ، وعلى هذا مرة اخرى حتى دخل مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يقول :

لا ذعرت السوام في فلق الصبح

مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما

والمنايا يرصدنني أن احيدا

( وهذان البيتان لابن المفرغ الحميري تمثل بهما الحسين عليه‌السلام ) (٢).

قال : فعلمت بذلك أنه لا يلبث [ إلا قليلا ] حتى يخرج فما لبث إلا قليلا حتى لحق بمكة.

والخبر الأول عن الزبير ، باسناده ، عن مجاهد بن الضحاك ، قال :

لما أراد الحسين عليه‌السلام الخروج من مكة الى العراق مرّ بباب

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : المعري.

(٢) ما بين القوسين من قول المؤلف ولم تكن في الرواية.

١٤٤

المسجد ، فتمثل بهذين البيتين قال :

لا ذعرت السوام ...

وقد يكون قال ذلك في الموضعين جميعا.

[١٠٨٧] عمرو بن ثابت ، عن أبي سعيد ، قال :

كنا جلوسا مع الحسين بن علي عليه‌السلام عند جمرة العقبة (١) ، فلقيه عبد الله بن الزبير ، فخلا به ، ثم مضى.

فقال لنا الحسين عليه‌السلام : أتدرون ما يقول هذا؟ يقول : كن حمامة من حمام هذا المسجد ، والله لئن اقتل خارجا منه بشبر أحبّ إليّ من أن اقتل فيه ، ولئن اقتل خارجا منه بشيرين أحبّ الي من أن اقتل خارجا منه بشبر.

والله لو كنت في جحر هامة لأخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم.

والله ليعتدوا فىّ كما اعتدت اليهود في السبت.

وفي مسير الحسين عليه‌السلام الى العراق ، وذكر مقتله عليه‌السلام خبر طويل.

__________________

(١) جمرة العقبة : موضع في منى ، يرميه الحاج في ضمن أعمال الحج مع جمرتين ـ الصغرى والوسطى ـ بالحصاة.

١٤٥

[ مأساة الطف ]

وجملة ذلك باختصار أنه خرج من مكة (١) يريد العراق ، وانتهى ذلك الى

__________________

(١) وعند عزمه على الخروج الى العراق ، قال في خطبة له :

الحمد لله ، وما شاء الله ، ولا قوة إلا بالله ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف. وخير لي مصرع أنا لاقيه. كأن بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء يملأن مني اكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خطّ بالقلم.

رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفينا اجور الصابرين. لن نشذ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لحمته ، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس ، تقرّبهم عينه وينجز لهم وعده.

ألا ومن كان فينا باذلا مهجته ، وموطنا على لقاء الله نفسه ، فليرحل معنا ، فاني راحل مصبحا إن شاء الله.

ضبط الغريب :

خطّ الموت : كتب الموت.

الاسلاف : الآباء المتقدمين.

الأوصال : الأعضاء.

عسلان : الذئاب الكثيرة السريعة العدو. وخلاصة المعنى ( كأن بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات ) : إن هؤلاء الذين يقاتلونني هم من موضع بين نواويس ( وهي محلة قبور النصارى ) وكربلاء ، وهم أشد قساوة وخسة من الكلاب والذئاب.

أجربة : جمع جراب. وهو الهميان ، أطلق على بطونها استعارة.

السغب : ( بالفتح ) الجوع.

المهجة : الروح الكرش : ما هو في الحيوان بمنزلة المعدة في الانسان.

١٤٦

يزيد بن معاوية لعنة الله عليه.

[ مسلم بن عقيل ]

وكان مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ـ كما ذكرنا ـ قد قدم الكوفة ، وبايع للحسين بن علي عليه‌السلام جماعة من أهلها.

وكان على الكوفة يومئذ النعمان بن بشير (١) ، وانتهى ذلك إليه. فقال : إن ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحبّ إلينا من ابن بنت بجدل ـ يعني يزيد بن معاوية لعنهما الله ، أمه منسوبة بنت بجدل الكلبية ـ.

وانتهى ذلك الى يزيد لعنة الله عليه. فعزله ، وولي على الكوفة عبيد الله بن زياد ، وأمره بقتل مسلم بن عقيل ، وبأن يقطع على الحسين عليه‌السلام قبل أن يصل الى الكوفة.

فقبض على مسلم بن عقيل فقتله ، وصلبه (٢) ، ويطلب أصحابه ، ولزم الكوفة.

__________________

(١) الصحابي الخزرجي ، التزم جانب معاوية وأعانه بصفين ، فولاه الكوفة ثم ولاه يزيد حمص انتقض على الامويين بزمن مروان بن الحكم والتزم ابن الزبير ففرّ الى حمص ، اغتاله مشايعو بني أميّة من أهل حمص سنة ٦٥ ه‍.

(٢) هكذا في الاصل ولم يذكر أحد من المؤرخين أنه صلبه بل بعد أن قبض عليه بحفر حفيرة عند عجز أصحاب ابن زياد من مواجهته ، ثم قتله ورمى بجسده من فوق دار الامارة ، ثم سحب في أزقة الكوفة.

وفيه يقول الشاعر :

قصر الامارة لا بنيت وليتما

نسفتك غاشية قعدت مهيلا

فبمسلم إذ خرّ منك لوجهه

خرّ الحسين من الجواد قتيلا

ولعند ما سحبوه في أسواقهم

سحبوا علي بن الحسين عليلا

ورثاه آخر :

إن يغدروا بك عن عمد فقد غدروا

بالمرتضى وابنه سرا واعلانا

لاقاك جمعهم فى الدار منفردا

كما تلاقى بغاث الطير عقبانا

١٤٧

[ ملاقاة الحرّ بالحسين ]

وأرسل الحرّ بن يزيد الحنظلي [ اليربوعي ] في خيل ، فلقي الحسين عليه‌السلام بكربلاء (١) ، فتواقفا.

__________________

فعدت تنثر بالهندي هامهم

والرمح ينظمهم مثني ووحدانا

حتى غدوت أسيرا في أكفهم

وكان من نوب الايام ما كانا

كأنما نفسك اختارت لها عطشا

لما درت أن سيقضي السبط عطشانا

فلم تطق أن تسيغ الماء عن ظما

من ضربة ساقها بكر بن حمرانا

يا مسلم بن عقيل لا أغب ثرى

ضريحك المزن هطالا وهتانا

نصرت سبط رسول الله مجتهدا

وذقت في نصره للضرّ ألوانا

ورام تقريعك الرجس الدعي بما

قد كان لفّقه زورا وبهتانا

ألقمته بجواب قاطع حجرا

وللجهول به أوضحت برهانا

بذلت نفسك في مرضاة خالقها

حتى قضيت بسيف البغي ظمآنا

(١) قال أبو مخنف : فبينا هو ( يعني الحسين عليه‌السلام ) جالس بالثعلبية ، واذا هو بالسواد قد ارتفع.

فقال لاصحابه : ما هذا السواد؟ فقال : انظروا ما هو.

فمضى منهم رجل ، فقال : يا مولاي ، خيل مقبلة علينا. انتهى.

والثعلبية : من منازل طريق مكة الى الكوفة بين شقوق والحزيمة.

وقال الصدوق في أماليه : وبلغ عبيد الله بن زياد لعنه الله الخبر ، وأن الحسين قد نزل الرهيمية فأسرى إليه الحر بن يزيد في الف فارس. انتهى.

وفي معجم البلدان ج ٣ حرف الراء : الرهيمية ـ بالتصغير ـ ضيعة قرب الكوفة ، بينها وبيني خفية ثلاثة أميال.

وقال الشهيد الجلالي في حاشية القول السديد بشأن الحر الشهيد لجدي آية الله الخراساني ص ٩٨ : انها قرية صغيرة من ضواحي النجف. تقع غرب مدينة النجف الاشرف على طريق الحج البري ، تبعد عن النجف ٥ / ٢٤ كم.

وقال المفيد في الارشاد ص ٢٢٣ : ثم سار ( يعني الحسين عليه‌السلام ) من بطن العقبة حتى تزل شراف ، فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثم سار منها حتى انتصف النهار. فبينا هو يسير إذ كبّر رجل من أصحابه. فقال له الحسين عليه‌السلام : الله اكبر ، لم كبّرت ... قالوا : نراه والله أذان الخيل ... ( فكان الحر وأصحابه ).

شراف : منزل بعد بطن العقبة وقبل الرهيمية.

١٤٨

وأرسل عبيد الله بن زياد بعد ذلك عمر بن سعد بن أبي وقاص في عسكر جحفل ، وعدة عتيدة.

فوافى الحسين عليه‌السلام ، وقد واقفه الحرّ بالطف من كربلاء ، ولم يكن بينهما قتال.

فقال لهم الحسين عليه‌السلام : ما تريدون منا؟

قالوا : نريد قتلك.

قال : ولم؟

قالوا : لأنك جئت لتفسد أهل هذا المصر ـ يعنون الكوفة ـ على أمير المؤمنين ـ يعنون يزيد لعنه الله ـ.

قال : ما جئت لذلك.

قالوا : بلى قد صحّ عند أمير المؤمنين.

قال : فأنا أنصرف الى المدينة.

قالوا : لا ، والله لا ندعك لتنصرف.

قال : فأنا أمضي الى يزيد حتى أضع يدي في يده (١).

قالوا : لا ، إلا أن تسلّم نفسك إلينا ، فنمضي بك إلى الأمير ـ يعنون عبيد الله بن زياد ـ فيحكم فيك بحكمه.

__________________

وعلى كل حال فان المذكور في كتب الاصحاب : أن الحسين لم يلتق مع الحر في كربلاء بل في طريق مكة الى الكوفة وبالضبط في المنازل القريبة من الكوفة ثم اجبر على تغيير مسيره ورافقه الحر وأصحابه حتى نزل كربلاء.

(١) هكذا في الاصل. وهذا الكلام عجيب بالنظر لما عرف عنه صلوات الله عليه. وقوله جوابا لقيس بن الاشعث حيث قال : ... انزل على حكم بني عمك ، فانهم لن يروك إلا ما تجب.

فقال عليه‌السلام له : لا ، والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد.

وقوله أيضا : فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما. كما سيذكره المؤلف لاحقا.

وربما يكون جواب سيد الشهداء لهم بهذا الجواب حتى يوقفهم على مدى خباثتهم ولؤمهم.

١٤٩

فلما لم يجد عندهم غير ذلك.

[ خطبة الحسين في أصحابه ]

[١٠٨٨] قام خطيبا في أصحابه.

فحمد الله ، وأثنى عليه ، وصلّى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر فضله وقرابته منه ومكانه.

ثم قال : إنه قد نزل ما ترون من الأمر ، وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكرت ، وأدبر معروفها ، واستمرّت وولّت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون أن الحق لا يعمل به ، وأن الباطل لا يتناهى عنه ، فليرغب المؤمنون في لقاء الله عزّ وجلّ. فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين الباغين إلا برما.

[ ضبط الغريب ]

قوله عليه‌السلام : لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء.

فالصبابة : ما فضل في أسفل الإناء من الشراب ، وجمعها صبابات.

وقوله : كالمرعى الوبيل.

الوبيل : الوخيم الذي لا يتمر به ، يقال منه : استوبل القوم الارض : إذا أصابهم فيها وخم.

وقوله : الحياة مع الظالمين [ الباغين ] إلا برما.

يقال منه : برمت من كذا. وكذا اذا ضجرت منه : برما. ومنه التبرم من الشيء ، وهو الضجر منه.

البغي : الترفع والعلو ومجاوزة المقدار.

١٥٠

[ لحوق الحرّ بالحسين ]

ولما عرض عليهم الحسين عليه‌السلام ما عرضه وبذل لهم ما بذله وأبوا عليه قال الحرّ لعمر بن سعد (١) : إنه والله لو سألنا مثل الذي سألنا الحسين الترك والديلم لما وسعنا قتالهم ، فاقبلوا ذلك منه.

قال عمر : وما كنت بالذي أقبله دون أمر الأمير ـ يعني عبيد الله بن زياد ـ (٢).

قال : وكتب بذلك إليه.

فقال : الآن لما علقته أيدينا ندعه ، لا والله إلا أن يأتي على حكمي ، وأنفذ فيه ما رأيته.

فكتب بذلك إليهما.

فأما الحرّ بن يزيد ، فضرب وجه فرسه حتى دخل في أصحاب الحسين عليه‌السلام ، وصار في جملته (٣).

وأما عمر بن سعد اللعين فعبأ أصحابه ، وتقدم الى الحسين عليه‌السلام ليقاتله.

__________________

(١) وهو عمر بن سعد بن أبي وقاص قاد جيش ابن زياد واشتبك مع أبي عبد الله عليه‌السلام في معركة أسفرت عن استشهاد الحسين عليه‌السلام بعد أن أبى الاستسلام. قتله المختار على فراشه ـ كما أخبره الحسين في كربلاء قبل الشهادة ـ سنة ٦٦ ه‍ بالكوفة.

(٢) عبيد الله بن زياد بن أبيه عامل الامويين في العراق صاحب مجزرة كربلاء. قتل في معركة الخازر في شمال العراق التي جرت بينه وبين إبراهيم بن مالك الاشتر قائد جيش المختار الثقفي سنة ٦٧ ه‍ ،

(٣) واستشهد تحت لوائه مع جمع من قومه ورثاه علي بن الحسين عليه‌السلام :

لنعم الحرّ حرّ بني رياح

صبور عند مختلف الرماح

ونعم الحرّ اذا نادى حسينا

فجاد بنفسه عند الصباح

فيا ربي أضفه في جنان

وزوّجه مع الحور الملاح

وقيل : إن هذه الابيات للإمام الحسين عليه‌السلام راجع القول السديد لآيه الله الخراساني ص ١٤٦.

١٥١

[ الحسين وأصحابه ]

فقال الحسين عليه‌السلام لأصحابه :

إن هؤلاء لا يطلبون منكم غيري ، وأنا فلست اسلّم إليهم نفسي أو يقتلوني ، فمن شاء منكم فلينصرف عني محللا من ذلك.

قالوا : وكيف ننصرف عن ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نقتل بين يديه بعد أن نبذل مجهودنا في عدوه ، وفي دفعه عنه حتى نلقى الله عزّ وجلّ.

[ مصرع علي بن الحسين ]

وجعل أصحاب عمر بن سعد ينادونهم في الجواز إليهم حتى أنهم نادوا علي بن الحسين عليه‌السلام الأصغر.

وكان أخوه علي الأكبر عليه‌السلام يومئذ عليلا لا يملك من نفسه شيئا.

قالوا له : إن لك قرابة من أمير المؤمنين ـ يعنون يزيد اللعين ـ يريدون : أن ميمونة بنت أبي سفيان جدته لأمه أم ليلى بنت مرة ، وامها ميمونة بنت أبي سفيان (١).

قالوا له : فإن شئت آمنّاك ، وصرت الى الدنيا.

قال لهم علي عليه‌السلام : قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) هكذا يذكر المؤلّف هنا وهو صحيح ، ولكنه في الجزء الثالث عشر يقول : إنه وعبد الله بن الحسين وامهما : الرباب بنت امرئ القيس بن جابر بن كعب. أما بالنسبة الى اسم بنت أبي سفيان وهي رملة أم حبيبة وليس اسمها ميمونة لان ميمونة بنت الحارث. أما رملة ، فكانت تحت عبيد الله بن جحش أسلمت مع زوجها ، وهاجرت الى الحبشة. وتوفي زوجها هناك بعد أن تنصّر ، وتزوجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . توفيت ٤٤ ه‍.

١٥٢

أحق أن ترعى. ثم حمل فيهم ، وهو يقول شعرا :

أنا علي بن الحسين بن علي

أنا وبيت الله أولى بالنبي

اضربكم بالسيف أحمي عن أبي

تالله لا يحكم فينا ابن الدعي

[ ضرب غلام هاشمي قرشي ]

[ ابن الدعي ] يعني عبيد الله بن زياد اللعين.

والتحم القتال ، ولم يزل علي بن الحسين عليه‌السلام يحمل فيهم على فرسه ، ويقتل منهم ، ويرجع الي أبيه ويقول : يا أبة ، العطش.

وكانوا يومئذ قد منعوهم الفرات ، وأجهدهم العطش.

فيقول له الحسين عليه‌السلام : اصبر حبيبي فلعلك لا تمسي حتى يسقيك جدك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فلم يزل كذلك يحمل فيهم ، ويقتل منهم حتى أصاب حلقه سهم رمي به.

ويقال : بل حمل عليه مرة بن منقذ بن النعمان من عبد القيس ، فطعنه ، فأنفذه.

فأخذه الحسين عليه‌السلام ، فضمه إليه ، فجعل يقول له : يا أبة هذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لي : عجّل القدوم علينا (١).

ولم يزل كذلك على صدره حتى مات. فلما نظر إليه عليه‌السلام ميتا قال : [ ولدي ] على الدنيا بعدك العفا.

[ تحقيق في علي الأكبر ]

واختلف القول فيهما.

__________________

(١) وفي مقتل الخوارزمي ٢ / ٣١ : أبتاه هذا جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد سقاني بكأسه الا وفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا وهو يقول لك العجل فان لك كأسا مذخورا.

١٥٣

فقيل : إن المقتول ـ كما ذكرنا ـ هو علي الأصغر ، إنه قتل يومئذ وفي اذنه قرط.

وان علي الأكبر هو الباقي يومئذ. وكان عليه‌السلام عليلا دنفا ، وانه يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان معه ابنه محمد بن علي عليه‌السلام ابن سنتين. وانه كان وصيّ أبيه الحسين عليه‌السلام. وهذه الرواية هي الرواية الفاشية الغالبة.

وقال آخرون : المقتول هو علي الأكبر وصيّ أبيه. فلما قتل عهد الى علي الأصغر الذي هو لام ولد.

فأما المقتول يومئذ فامه [ ليلى ] بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وعلي الباقي لام ولد فيما أجمعوا عليه (١).

[ نعود إلى ذكر الحسين وأصحابه ]

ولم يزل أصحاب الحسين رحمة الله عليهم أجمعين يقاتلون ويقتلون من أصحاب عمر بن سعد ويقتلون واحدا بعد واحد حتى قتلوا عن آخرهم (٢) لكثرة عدوهم وقلتهم.

وبقي الحسين عليه‌السلام وحده بنفسه ، وامتنع أن يسلّم نفسه إليهم ليحكموا فيه.

وقيل : إنه لما عرض على من كان معه الانصراف وحلّ لهم من ذلك انصرف عامتهم (٣) ، فلم يبق معه إلا أقل من سبعين رجلا رضوا بالموت معه.

__________________

(١) وسيعود المؤلف الكلام في هذا الموضوع في الجزء ١٣.

(٢) وقد ذكر المؤرخون أن بعضهم جرح وعولج وبرأ منهم الحسن بن الحسن بن علي ( الحسن المثنى ) وتولى صدقات علي عليه‌السلام. كما سيذكره في الجزء الثالث عشر.

(٣) اشارة الى خطبته عليه‌السلام التي قال فيها : ألا واني قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ، ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل

١٥٤

فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم.

وقيل : إنهم كانوا اثنين وسبعين (١) رجلا. فقتلوا عن آخرهم بعد أن قتلوا في المعركة من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانين رجلا غير من أدركته الجراحة بعد ذلك ، فمات منها.

[ مصرع أبي عبد الله عليه‌السلام ]

وجرح الحسين صلوات الله عليه جراحات كثيرة. وثبت لهم [ و ] قد أوهنته الجراح ، فأحجموا عنه مليا. ثم تعاوروه رميا بالنبل ، وحمل عليه سنان بن أنس النخعي فطعنه ، فأثبته ، وأجهز خولى بن يزيد الأصبحي من حمير ؛ واحتزّ رأسه ، وأتى عبيد الله بن زياد ، فقال :

املأ ركابي فضة وذهبا

إني قتلت السيّد المحجّبا

قتلت خير الناس امّا وأبا (٢)

وقتل صلوات الله عليه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.

__________________

بيتي. وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فانهم لا يريدون غيري.

(١) وعدّهم الفضل بن الزبير الأسدي في تسمية من قتل مع الحسين عليه‌السلام الى مائة وسبعة رجلا.

(٢) وفي الصواعق المحرقة ص ١١٧ :

املأ ركابي فضة وذهبا

فقد قتلت الملك المحجبا

ومن يصلّي القبلتين في الصبا

وخيرهم إذ يذكرون النسبا

قتلت خير الناس امّا وأبا

فغضب ابن زياد من قوله ، وقال : إذا علمت ذلك فلم قتلته؟ والله لا نلت مني خيرا ولا لحقك به. ثم ضرب عنقه.

١٥٥

[ وقائع بعد الشهادة ]

ولما قتل عليه‌السلام انتهبوا ما كان معه ومع أصحابه من الأمتعة والأسلحة والمال والكراع.

وساقوا من كان معهم من الحرم سبايا ومضوا بعلي بن الحسين الأكبر الباقي [ من ولده ] (١) وهو شديد العلة لا يعقل ما هو فيه (٢).

وقيل : إن ابنه محمد بن علي عليه‌السلام يومئذ كان مع الحرم ابن سنتين.

[١٠٨٩] وقال علي بن الحسين عليه‌السلام : فما فهمته وعقلته مع علتي وشدتها أنه أتي بي الى عمر بن سعد. فلما رأى ما بي أعرض عني ، فبقيت مطروحا لما بي.

فأتاني رجل من أهل الشام ، فاحتملني ، فمضى بي وهو يبكي ، وقال لي :

يا ابن رسول الله ، إني أخاف عليك فكن عندي.

ومضى بي الى رحله وأكرم نزلي ، وكان كلما نظر إليّ يبكي. فكنت أقول في نفسي إن يكن عند أحد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل.

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : الباقي وولده في هو شديد.

(٢) كيف وهو الامام بعد أبيه؟

١٥٦

فلما صرنا الى عبيد الله بن زياد سأل عني.

فقيل : قد ترك. وطلبت ، فلم اوجد. فنادى مناد : من وجد علي بن الحسين ، فليأت به ، وله ثلاثمائة درهم.

فدخل عليّ الرجل الذي كنت عنده ـ وهو يبكي ـ وجعل يربط يدي الى عنقي ، ويقول : أخاف على نفسي يا ابن رسول الله إن سترتك عنهم أن يقتلوني.

فدفعني إليهم مربوطا ، وأخذ الثلاثمائة درهم وأنا انظر [ إليه ].

[ مجلس ابن الباغية ]

ومضى بي الى عبيد الله بن زياد اللعين فلما صرت بين يديه قال :

من أنت؟

قلت : أنا علي بن الحسين.

قال : أو لم يقتل الله علي بن الحسين؟

قلت : كان أخي ، وقد قتله الناس.

قال عبيد الله بن زياد : بل قتله الله.

فقال علي عليه‌السلام : ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ) (١).

فأمر عبيد الله بن زياد اللعين بقتل علي بن الحسين.

فصاحت زينب بنت علي : [ يا ابن ] زياد حسبك من دمائنا ، اناشدك الله إن قتلته إلا قتلتني معه.

فتركني.

__________________

(١) الزمر : ٤٢.

١٥٧

[ أهل البيت في الشام ]

ووجه بي الي يزيد لعنه الله مع سائر حرم الحسين عليه‌السلام وحرم من اصيب معه.

فلما صرنا بين يدي يزيد اللعين قام رجل من أهل الشام فقال : يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال.

فقال علي بن الحسين عليه‌السلام : كذبت ، إلا أن تخرج من ملة الإسلام ، فتستحلّ ذلك بغير دين.

فأطرق يزيد مليا ، وأمر بالنسوة ، فادخلن الى نسائه (١). ثم أمر برأس الحسين عليه‌السلام فرفع على سن قناة. فلما رأين ذلك نساؤه أعولن.

فدخل ـ اللعين ـ يزيد على نسائه ، فقال : ما لكن لا تبكين مع بنات عمكن.

وأمرهن أن يعولن معهن تمردا على الله عزّ وجلّ واستهزاء بأولياء الله عليهم‌السلام.

ثم قال :

نفلق هاما من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

صبرنا وكان الصبر منا سجية

بأسيافنا يفرين هاما ومعصما (٢)

__________________

(١) روى المجلسي في بحار الانوار ٤٥ / ١٤٠ : عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن نصر بن مزاحم ، عن لوط بن يحيى ، عن الحارث بن كعب ، عن فاطمة بنت علي عليها‌السلام ، قالت : ثم إن يزيد لعنه الله أمر بنساء الحسين فحبسن مع علي بن الحسين في محبس لا يكنهم من حرّ ولا قرّ حتى تقشرت وجوههم.

(٢) ورواه الخوارزمي في مقتله ٢ / ٥٦ ، هكذا.

أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت

قواضب في ايماننا تقطر الدما

١٥٨

وجعل يستفره الطرب والسرور ، والنسوة يبكين ويندبن ، ونساؤه يعولن معهن ، وهو يقول :

شجي بكى شجوة فاجعا

قتيلا وباك على من قتل

فلم أر كاليوم في مأثم

كان الظبا به والنفل

[ ضبط الغريب ]

الشجي : الهيم. والشجاء : الهم. قال الشاعر :

ولقد شجتك هموم شجوها شاجي

فما ترى من تولى قصب أمواجي

والنفل : المغنم.

فشبه اللعين نساءه بالظبي ، وجعل نساء الحسين عليه‌السلام مغنما.

ثم أمر يزيد اللعين برأس الحسين عليه‌السلام فطيف به في مدائن الشام وغيرها.

وأمر باطلاق علي بن الحسين عليه‌السلام. وخيّره بين المقام عنده ، أو الانصراف. فاختار الانصراف الى المدينة ، فسرحه.

ولما أمر اللعين بأن يطاف برأس الحسين عليه‌السلام في البلدان اتي به الى المدينة ، وعامله عليها يومئذ عمرو بن سعيد [ الأشدق ] (١). فسمع صياح النساء ، فقال : ما هذا؟

قيل : نساء بني هاشم يبكين لما رأين رأس الحسين.

__________________

صبرنا وكان الصبر منّا عزيمة

وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما

نفلق هاما من اناس أعزة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

(١) عمرو بن سعيد بن العاص سمي الاشدق لفصاحته ، ولي مكة والمدينة لمعاوية وابنه يزيد ، عاضد مروان بن الحكم في طلب الخلافة فجعل له مروان ولاية العهد بعد ابنه عبد الملك ، ولما ولي عبد الملك ساءت الامور بينهما الى أن تمكن منه عبد الملك فقتله سنة ٧٠ ه‍.

١٥٩

[ لؤم مروان ]

وكان عنده مروان بن الحكم.

فقال مروان اللعين متمثلا :

عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الاذيب (١)

عنى اللعين عجيج نساء بني عبد الشمس لمن قتل منهم يوم بدر.

فأما ما أقاموه ظاهرا من أمر عثمان ، فمروان اللعين فيمن ألب عليه وشمت بمصابه ، وهو القائل :

لما أتاه نعيه ذينه

من كسر ضلعا كسر جنبه

ولكن دخول بني أميّة بدماء الجاهلية التي طلبوا بها رسول الله في عترته وأهل بيته.

ولما قال ذلك مروان اللعين ، قال عمرو بن سعيد ـ عامل المدينة يومئذ ـ :

لوددت والله أن أمير المؤمنين لم يكن يبعث إلينا برأس الحسين.

فقال له مروان : اسكت لا أم لك ، وقل كما قال الأول :

ضربوا رأس شريز ضربة

اشتت أوتاد ملك فاستتر

ثم أتى برأس الحسين الى عمرو بن سعيد ، فأعرض بوجهه عنه واستعظم أمره (٢).

__________________

(١) وفي أنساب الاشراف ٣ / ٢١٧ :

عجت نساء بني زبيد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الأرنب

(٢) وفي كشف الغمة ٢ / ٦٨ : عمن أخبر عمرو بن سعيد بقتل الحسين عليه‌السلام قال : فدخلت عليه فلما رآني تبسم إليّ ضاحكا ثم أنشأ متمثلا بقول عمرو بن معدى كرب :

عجت نساء ... الخ.

ثم قال عمرو : هذه واعية بواعية عثمان. ثم صعد المنبر فأعلم الناس بقتل الحسين ودعا ليزيد بن معاوية ، ونزل.

١٦٠