الدكتور محمد زين الدين
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-514-4
الصفحات: ٢١٩
تفسير حقيقة المعاد :
١ ـ الإنسان روح وجسم :
إن كلمة الروح والجسم والنفس قد كثر استعمالها في القرآن والسنة ، علما بأن تصور الجسم والبدن الذي يتم عن طريق الحس قد يكون أمرا بسيطا ، إلاّ أن تصور الروح والنفس لا يخلو من إبهام وغموض.
فالروح والبدن من وجهة نظر الإسلام هما واقعيتان مختلفتان ، فالبدن يفقد خواصه الحياتية بالموت ، ويضمحل بصورة تدريجية ، ولكن الروح ليست هكذا ، فإنّ الحياة أصالة للروح ، وما دامت الروح في الجسم ، فإنّ الجسم يستمد حياته منها ، وعندما تفارق الروح البدن ، لا يقوى البدن على القيام بأي عمل ، إلاّ أن الروح تستمر في حياتها.
٢ ـ الموت من وجهة نظر الإسلام :
يعتبر الإسلام الموت انتقالاً من مرحلة حياتية إلى مرحلة حياتية أخرى ، وللإنسان حياة أبدية لا نهاية لها ، وما الموت الذي يفصل بين الروح والجسم إلاّ السبب الذي يورده المرحلة الأخرى من حياته ، وأن السعادة والشقاء فيها يعتمدان على الأعمال الحسنة أو السيئة في مرحلة حياته قبل الموت.
٣ ـ عالم البرزخ :
ومما يستفاد من القرآن الكريم والسنّة ، أن الانسان يتمتع بحياة مؤقتة ومحدودة في الحد الفاصل بين الموت ويوم القيامة ، والتي تعتبر رابطة بين
الحياة الدنيا والحياة الأخرى. وهذا هو المراد بالبرزخ.
روح الانسان في عالم البرزخ ، تعيش على النحو الذي كانت عليه في الدنيا ، فاذاكانت من الصلحاء ، تتمتع بالسعادة والنعمة وجوار الصلحاء والمقربين للّه تعالى ، وإذا ماكانت من الأشقياء ، تشقى في النقمة والعذاب ، ومصاحبة الأشرار ، وأهل الضلال.
فاللّه جل شأنه يصف حالة بعض السعداء بقوله :
«وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّه مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِن خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّه وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّه لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ» (١).
وفي وصف حالة مجموعة أخرى ، من الذين كانوا ينفقون أموالهم وثرواتهم في مشاريع غير مشروعة في الحياة الدنيا ، يصفهم بقوله تعالى :
«حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (٢).
يوم القيامة ـ المعاد :
ينفرد القرآن الكريم بين الكتب السماوية ، بالتحدث عن المعاد والحشر
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٦٩ ـ ١٧١.
(٢) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٩٩ ـ ١٠٠.
تفصيلاً ، في حين أن «التوراة» لم تشر إلى هذا اليوم وهذا الموقف ، وكتاب «الانجيل» يشير اشارة مختصرة ، والقرآن يذكره ويذكّر به في مئات الموارد ، وبأسماء شتى ، ويشرح عاقبة العالم والبشرية ، التي تنتظرهم ، فتارة باختصار واُخرى بإسهاب.
ويذكر مرارا أن الاعتقاد بيوم الجزاء (يوم القيامة) يعادل الاعتقاد باللّه تعالى ، ويعتبر أحد الأصول الأساسية للإسلام ، وأنّ منكره (منكر المعاد) خارج عن شريعة الإسلام ، وما عاقِبتُه إلاّ الهلاك والخسران.
قال تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللّه لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ» (٣).
ومما يلاحظ في الآية ، إن منشأ كل ضلال هو نسيان يوم الحساب.
وبالتدبر في خلقة الإنسان والعالم ، وكذا في الهدف من الشرائع السماوية ، يتضح الغرض من اليوم الذي سيلاقيه الإنسان «يوم الجزاء».
إنَّ العدالة الالهية تقتضي أن تكون هناك نشأة أخرى ، حتى يجد فيها بنو الإنسان جزاء أعمالهم ، ويحيون حياة تناسب حالهم ، ويشير اللّه تعالى في كتابه العزيز إلى هاتين الحالتين بقوله :
«وَمَا خَلَقْنَا السَّماوَاتِ وَالاْءَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ
__________________
(١) سورة صآ : ٣٨ / ٢٦.
بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» (١).
«وَمَا خَلَقْنَا السَّماءَ وَالاْءَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِين كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الاْءَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ» (٢).
ويذكر في آية اُخرى ، وقد جمع فيها الدليلين بقوله جل شأنه :
«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللّه السَّماوَاتِ وَالاْءَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ» (٣).
الإمامة
عقيدتنا في الإمامة :
نعتقد : أنّ الإمامة أصل من اُصول الدين ، لا يتم الإيمان إلاّ بالاعتقاد بها ، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربّين مهما عظموا وكبروا ، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوّة.
بناءً على ما تقدم فإنّ الإمامة كالنبوّة لطف من اللّه تعالى؛ فلا بدّ أن يكون في كل عصر إمام هادٍ يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر ، وإرشادهم إلى
__________________
(١) سورة الدخان : ٤٤ / ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) سورة صآ : ٣٨ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) سورة الجاثية : ٤٥ / ٢١ ـ ٢٢.
ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين ، وله ما للنبي من الولاية العامّة على الناس ، لتدبير شؤونهم ومصالحهم ، وإقامة العدل بينهم ، ورفع الظلم والعدوان من بينهم.
وعلى هذا ، فالامامة استمرار للنبوّة ، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضا نصب الإمام بعد الرسول.
فلذلك نقول : إنّ الإمامة لا تكون إلاّ بالنص من اللّه تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله ، وليست هي بالإختيار ، والانتخاب من الناس ، فليس إذا شاؤوا أن ينصّبوا أحدا نصّبوه ، وإذا شاؤوا أن يعيّنوا إماما لهم عيّنوه ، ومتى شاؤوا أن يتركوا تعيينه تركوه ، ليصح لهم البقاء بلا إمام ، بل «مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة» على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض.
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة ، منصوب من اللّه تعالى؛ سواء أبى البشر أم لم يأبوا ، وسواء ناصروه أم لم يناصروه ، أطاعوه أم لم يطيعوه ، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس؛ إذ كما يصح أن يغيب النبي ـ كغيبته في الغار والشعب ـ صحّ أن يغيب الإمام ، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها.
قال اللّه تعالى : «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» (١).
__________________
(١) سورة الرعد : ١٣ / ٧.
وقال : «وَإِن مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ» (١) (٢).
بيان في معنى الإمامة وخصائصها :
معنى الإمام :
تطلق كلمة الإمام أو القائد على شخص يقود جماعة أو فئة ، ويتحمل عب ء هذه المسؤولية ، أما في المسائل الاجتماعية أو السياسية أو الدينية. ويرتبط عمله بالمحيط الذي يعيش فيه ، ومدى سعة المجال للعمل فيه أو ضيقه.
إن الشريعة الإسلامية المقدسة تنظر إلى الحياة العامة للبشر من كل جهة ، فهي تصدر أوامرها لإرشاد الإنسان في الحياة المعنوية ، وكذا في الحياة الصورية من الناحية الفردية ، وتتدخل في إدارة شؤونه ، كما تتدخل في حياته الاجتماعية والقيادية (الحكومة) أيضا.
وعلى ما مر ذكره ، فإنّ الإمام أو القائد الديني في الإسلام ، يمكن أن يكون مورد اهتمام من جهات ثلاث :
الأولى : من جهة الحكومة الإسلامية.
الثانية : من جهة بيان المعارف والأحكام الإسلامية ونشرها.
الثالثة : من جهة القيادة والإرشاد في الحياة المعنوية.
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٢٤.
(٢) عقائد الامامية : ٣٠٩ ـ ٣١٢.
تعتقد الشيعة بأن المجتمع الإسلامي يحتاج إلى الجهات الثلاث التي سبق ذكرها ، احتياجا مبرما ، والذي يتصدى لقيادة الجهات الثلاث ، بما فيها قيادة المجتمع ، يجب أن يعين من قبل اللّه والرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله (١) ، علما بأن النبي صلىاللهعليهوآله أيضا يعين الإمام بأمر من اللّه تعالى.
مما تقدم نستطيع أن نحصل على النتائج التالية :
١ ـ إنّ الإمام لكل أمة ، يمتاز بسمو روحي وحياة معنوية رفيعة وهو يروم هداية الناس إلى هذه الحياة.
٢ ـ بما أنّهم قادة وأئمة لجميع أفراد ذلك المجتمع ، فهم أفضل من سواهم.
٣ ـ إنّ الذي يصبح قائدا للأمّة بأمر من اللّه تعالى ، فهو قائد للحياة الظاهرية والحياة المعنوية معا ، وما يتعلق بهما من أعمال ، تسير مع سيره ونهجه.
خصائص الإمامة :
تعتقد الشيعة : أنّ الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، من سنّ الطفولة إلى الموت.
كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان؛ لأنّ الأئمة حفظة الشرع ، والقوّامون عليه ، حالهم في ذلك حال النبي صلىاللهعليهوآله ، والدليل الذي اقتضانا أن نعتقد بعصمة الأنبياء هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الأئمة ، بلا فرق.
__________________
(١) أوائل المقالات / المفيد : ٣٩ ـ ٤١.
ونعتقد : أنّ الإمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال ، من شجاعة ، وكرم ، وعفّة ، وصدق ، وعدل ، ومن تدبير ، وعقل ، وحكمة وخلق.
والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الإمام ...
أمّا علمه؛ فهو يتلقّى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله. وإذا استجدّ شيء لا بدّ أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودععها اللّه تعالى فيه ، فإن توجّه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي ، لايخطئ فيه ولا يشتبه ، ولا يحتاج في كلّ ذلك إلى البراهين العقلية ، ولا إلى تلقينات المعلّمين ، وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد ، ولذا قال صلىاللهعليهوآله في دعائه : «رَبِّ زدني علما» (١).
الأئمة الاثنا عشر عليهمالسلام :
تستكمل العقيدة الشيعية في الإمامة حلقاتها بتسمية الأئمة الذين ورد النص بأسمائهم ، أئمة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهم اثنا عشر إماما ، من سادة وزعماء آل بيت النبي صلىاللهعليهوآله ، تباعا وهم :
١ ـ الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام :
أبوه : أبو طالب واسمه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم
أمه : فاطمة بن أسد بن هاشم بن عبد مناف.
مولده : في مكة المكرمة (في بيت اللّه الحرام) يوم الجمعة الثالث عشر من
__________________
(١) عقائد الإمامية : ٣١٣ ـ ٣١٤.
شهر رجب قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة.
شهادته : استشهد في الكوفة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة (٤٠ هـ) ودفن في النجف الأشرف.
عمره الشريف : ٦٣ سنة وقيل ٦٥ سنة.
٢ ـ الإمام الحسن بن علي عليهماالسلام :
أبوه : الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
أمه : سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله .
مولده : في المدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان السنة الثانية للهجرة وقيل السنة الثالثة.
شهادته : في المدينة المنورة في اليوم السابع من شهر صفر سنة (٥٠ هـ) ودفن في البقيع.
عمره الشريف : ٤٦ أو ٤٧ أو ٤٨ سنة.
٣ ـ الإمام الحسين بن علي عليهماالسلام :
أبوه : الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
أمه : سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله .
مولده : بالمدينة المنورة في الثالث من شهر شعبان السنة الثالثة للهجرة.
شهادته : في كربلاء في اليوم العاشر من شهر محرم سنة (٦١ هـ) ودفن في كربلاء.
عمره الشريف : ٥٨ سنة.
٤ ـ الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام :
أبوه : الإمام الحسين بن علي عليهالسلام.
أمه : شاه زنان بنت يزدجر وقيل إسمها شهربانويه.
مولده : بالمدينة المنورة في الخامس من شعبان سنة ٣٨ للهجرة.
شهادته : بالمدينة المنورة في الخامس والعشرين من شهر المحرم الحرام السنة (٩٥ هـ) ودفن في البقيع.
عمره الشريف : ٥٧ سنة.
٥ ـ الإمام محمد بن علي الباقر عليهالسلام :
أبوه : الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام.
أمه : فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي عليهماالسلام.
مولده : بالمدينة المنورة في غرة رجب سنة ٥٧ للهجرة.
شهادته : بالمدينة المنورة في السابع من ذي الحجة سنة (١١٤ هـ) ودفن في البقيع.
عمره الشريف : ٥٧ سنة.
٦ ـ الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام :
أبوه : الإمام محمد بن علي الباقر عليهالسلام.
أمه : فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
مولده : بالمدينة المنورة في السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ٨٣ للهجرة.
شهادته : بالمدينة المنورة في الخامس والعشرين من شوال سنة (١٤٨ هـ) ودفن في البقيع.
عمره الشريف : ٦٥ سنة.
٧ ـ الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام :
أبوه : الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام.
أمه : حميدة المصفّاة.
مولده : بالأبواء (موضع بين مكة والمدينة) في السابع من شهر صفر سنة ١٢٨ للهجرة.
شهادته : ببغداد في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة (١٨٣ هـ) ودفن في مقابر قريش في الجانب الغربي من بغداد «مدينة الكاظمية».
عمره الشريف : ٥٥ سنة.
٨ ـ الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام :
أبوه : الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام.
أمه : أم البنين وتسمى تكتم وقيل نجمة.
مولده : بالمدينة المنورة في الحادي عشر من ذي القعدة سنة ١٤٨ للهجرة.
شهادته : بطوس من أرض خراسان في السابع عشر من شهر صفر سنة (٢٠٣ هـ) ودفن في طوس.
عمره الشريف : ٥٥ سنة.
٩ ـ الإمام محمد بن علي الجواد عليهالسلام :
أبوه : الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام.
أمه : تدعى سبيكة من أهل بيت مارية القبطية.
مولده : بالمدينة المنورة في العاشر من شهر رجب سنة ١٩٥ للهجرة.
شهادته : ببغداد في أول ذي القعدة وقيل في آخره وقيل في الخامس من ذي الحجة سنة (٢٢٠ هـ) ودفن في مقابر قريش غربي بغداد «الكاظمية».
عمره الشريف : ٢٥ سنة.
١٠ ـ الإمام علي بن محمد الهادي عليهالسلام :
أبوه : الإمام محمد بن علي الجواد عليهالسلام.
أمه : سمانة المغربية وقيل جمانة.
مولده : في «صريا» قريبة من نواحي المدينة المنورة في الأول أو الثاني من شهر رجب وقيل في النصف من ذي الحجة سنة ٢١٢ أو ٢١٤ للهجرة.
شهادته : بسر من رأى «سامراء» في الثالث من شهر رجب سنة (٢٥٤ هـ) ودفن بداره في سامراء.
عمره الشريف : ٤٢ سنة.
١١ ـ الإمام الحسن بن علي العسكري عليهالسلام :
أبوه : الإمام علي بن محمد الهادي عليهالسلام.
أمه : تسمّى «سوسن» أو «حديثة» أو «سليل».
مولده : بالمدينة المنورة في الثامن أو العاشر من شهر ربيع الثاني سنة ٢٣٢ للهجرة.
شهادته : بسامراء في الثامن من شهر ربيع الأول سنة (٢٦٠ هـ) ودفن بداره في سامراء.
عمره الشريف : ٢٨ سنة.
١٢ ـ الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن عليهالسلام :
أبوه : الإمام الحسن بن علي العسكري عليهالسلام.
أمه : تسمى «نرجس».
مولده : بسامراء في النصف من شهر شعبان سنة ٢٥٥ للهجرة.
غيبته : له غيبتان :
١ ـ الغيبة الصغرى : (٢٦٠ ـ ٣٢٩ للهجرة).
٢ ـ الغيبة الكبرى : ابتدأت سنة ٣٢٩ هـ ولا يعلم أمدها إلاّ اللّه عزّ وجل ، وأنّه لابدّ من ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، وعلى طبق ما أخبر به النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله وسائر آبائه الأطهار عليهمالسلام.
الفصل الثانّي
تاريخ الفقه الشيعي
لتطور (المدرسة الفقهية) عند الشيعة تاريخ طويل ، كما يكون ذلك لأية ظاهرة اجتماعية أخرى ، وكما يكون ذلك لأيّ كائن حيّ.
ولدراسة تاريخ (تطور الدراسة الفقهية لدى الشيعة) يجب أن نضم حلقات هذا التطور بعضها إلى بعض ، ونربط الظاهرة الفقهية بالظواهر المحيطية الأخرى التي تتصل بها ، والتي تتفاعل معها على امتداد التاريخ.
وعلى هذا الأساس نستطيع أن نصنّف (عصور الفقه الشيعي) على امتداد العصور المتعاقبة ، ضمن المدارس الآتية :
١ ـ مدرسة المدينة المنورة : واستمرت إلى أواسط القرن الثاني (حياة الإمام الصادق عليهالسلام).
٢ ـ مدرسة الكوفة : ظهرت من أواسط القرن الثاني (حياة الإمام الصادق عليهالسلام) واستمرت إلى الربع الأول من القرن الرابع (الغيبة الكبرى).
٣ ـ مدرسة قم والري : ظهرت في الربع الأول من القرن الرابع واستمرت
إلى النصف الأول من القرن الخامس (أيام المرتضى والطوسي).
٤ ـ مدرسة بغداد : ظهرت من النصف الأول للقرن الخامس إلى احتلال بغداد (١).
٥ ـ مدرسة النجف الأشرف : أُسست هذه المدرسة عند ما انتقل الشيخ الطوسي إلى النجف (سنة / ٤٤٨ هـ) بعد وقوع الفتن التي أثارها الحنابلة ببغداد.
والنجف الأشرف أعظم جامعة دينية علمية لمذهب الإمامية قديما وحديثا ، يقصدها رواد العلم وأبناؤه قبل أقاصي البلاد الإسلامية.
٦ ـ مدرسة حلب : كانت امتدادا لمدرسة بغداد.
٧ ـ مدرسة الحلة : ظهرت قبل احتلال بغداد ، واستمرت إلى حياة (الشهيد الثاني).
٨ ـ مدرسة النجف ثانيا : أُسست هذه المدرسة عندما حلَّ فيها مجدد المذهب في القرن الثالث عشر الاستاذ الوحيد البهبهاني.
١ ـ مدرسة المدينة المنورة :
كانت المدينة المنورة الوطن الأول (لفقهاء الشيعة) من الصحابة والتابعين لهم باحسان ، فكان من فقهاء الصحابة بعد الإمام أمير المؤمنين ، والزهراء ،
__________________
(١) أي احتلال بغداد وسقوطها على يد السفاك الوحشي هولاكو.
والحسنين عليهم الصلاة والسلام ، وهم الذين تولى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله تربيتهم وتعليمهم : ابن عباس ، حَبر الأمة وفقيهها ، وسلمان الفارسي ، وأبوذر الغفاري وأبو رافع إبراهيم مولى رسول اللّه.
قال النجاشي : «أسلم أبو رافع قديما بمكة وهاجر إلى المدينة وشهد مع النبي مشاهده ، ولزم أمير المؤمنين عليهالسلام من بعده ، وكان من خيار الشيعة ، ولأبي رافع (كتاب السنن والأحكام والقضايا» (١).
وكان من التابعين جمعٌ كثير من شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام حفظوا السنّة النبوية ، وتداولوها فيما بينهم ، ونقلوها إلى الأجيال التي تليهم بأمانة ، حتى قال الذهبي في ميزان الاعتدال : «فهذا ـ أي التشيع ـ كثر في التابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء ـ أي الشيعة ـ لذهبت جملة الآثار النبوية» (١).
ولما كان عمر بن الخطاب قد منع من تدوين السنّة النبوية واستمر المنع بعده حتى خلافة عمر بن عبد العزيز ، لذا لم يتفق لمحدثي غير الشيعة من الصحابة والتابعين تدوين السنة النبوية قبل هذا الوقت. ولكن فقهاء الشيعة ـ فيما يحدثنا التاريخ ـ دوّنوا عدة مدونات حديثية مهمة ، حتى في تلك الحقبة ، إذ كان أمير المؤمنين عليهالسلام أول من صنف في الفقه ، ودوّن الحديث النبوي ، ولم
__________________
(١) رجال النجاشي : ٤.
(٢) ميزان الاعتدال ١ : ٥.
يوافق عمر بن الخطاب على رأيه.
قال السيوطي : كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم ، فكرهها كثير منهم ، وأباحتها طائفة وفعلوها :
منهم : علي وابنه الحسن (١).
فكتب (الجامعة) وهي من إملاء رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وخط علي عليهالسلام ، وكانت من جلد يبلغ سبعين ذراعا ، وقد تواتر نقله في أحاديث الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام (٢).
(كتاب علي) :
وهو مما أملاه رسول اللّه صلىاللهعليهوآله على الإمام عليهالسلام وكتبه الإمام بخطه الشريف.
وقد ذكر باسم (كتاب علي) في عدة من كتب الحديث وكتب الفقه ، وعنونه الشيخ الطهراني بـ (أمالي سيدنا ونبينا أبي القاسم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ) (٤).
وهو ـ كما جاء في وصفه ـ من نوع الكتب المدرجة التي تطوى وتلف ، وإذا أريد قراءتها تفتح ثم تقرأ.
وقد ذكر رجوع الأئمة من أبناء علي عليهالسلام إليه والنقل عنه أكثر من كتاب ، ومن هذا :
__________________
(١) أعيان الشيعة ١ : ٢٧٤.
(٢) راجع تفصيل ذلك في أعيان الشيعة ١ : ٢٩٠.
(٣) الذريعة ٢ : ٣٠٦
ـ ما رواه أبو العباس النجاشي المتوفى سنة ٤٥٠ هـ : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن أحمد بن الحسن ، عن عباد بن ثابت ، عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم ، عن عذافر الصيرفي ، قال : كنت مع الحكم بن عتيبة ، عند أبي جعفر عليهالسلام ، فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر عليهالسلام له مكرما ، فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا بني قم فأخرج كتاب علي عليهالسلام ، فأخرج كتابا مدروجا عظيما ، ففتحه وجعل ينظر ، حتى اخرج المسألة ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : هذا خط علي عليهالسلام وإملاء رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وأقبل على الحكم ، وقال : يا أبا محمد اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يمينا وشمالاً ، فواللّه لاتجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرائيل عليهالسلام » (١).
القطعة التي أوردها الشيخ أبوجعفر بن بابويه الصدوق في المجلس السادس والستين من كتاب أماليه ، وهي مشتملة على كثير من الآداب والسنن وأحكام الحلال والحرام ، يقرب من ثلاثمائة بيت ، رواها بإسناده إلى الإمام الصادق عليهالسلام بروايته عن آبائه الكرام.
وقال الصادق عليهالسلام في آخره : إنه جمعه من الكتاب الذي هو إملاء رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وخط علي بن أبي طالب عليهالسلام (٢).
__________________
(١) رجال النجاشي ٢ : ٢٦٠.
(٢) أمالى الصدوق : ٥٠٩ / ٧٠٧.
وغيرها كثير (١).
والرواية التالية التي ينقلها السيد الأمين في (أعيان الشيعة) عن كتاب (بصائر الدرجات) تبين لنا محتوى (كتاب علي) :
عن جعفر الصادق ، عن أبيه عليهماالسلام قال : «في كتاب علي كل شيء يحتاج إليه حتى أرش الخدش» (٢).
(صحيفة علي) أو (الجامعة) :
هي أيضا من الكتب المدرجة ـ كما جاء في وصفها ـ ومدونة على جلد طوله سبعون ذراعا ، وحجمه ملفوفا حجم فخذ الجمل العظيم.
وصفها الإمام جعفر الصادق عليهالسلام بأنّها : «صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وإملائه من فَلْقِ فيه (٣) ، وخط علي عليهالسلام بيمينه ، فيها كل حلال وحرام ، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الإرش في الخدش» (٤).
وهي أول كتاب جمع فيه العلم على عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله .
وتكرر ذكرها في أخبار الأئمة عموما ، وأخبار المواريث خصوصا.
وكانت عند الإمام أبي جعفر محمد الباقر وابنه الإمام أبي عبداللّه جعفر الصادق عليهماالسلام ، ورآها عندهما ثقات أصحابهما ، وتوارثها الأئمة من بعدهما.
__________________
(١) يراجع مثلاً : تهذيب الأحكام٩ : ٣٢٤ / ١١٦٢ ، و : ٣٢٥ / ١١٧٠ باب٣٠.
(٢) بصائر الدرجات : باب ١٢.
(٣) فلق فيه : شق فمه.
(٤) بصائر الدرجات : ١٦٣ / ٤ (باب ١٢).