التشيّع

الدكتور محمد زين الدين

التشيّع

المؤلف:

الدكتور محمد زين الدين


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-514-4
الصفحات: ٢١٩

مستحقّا لهذه الصفات ولا يزال ، ووصفنا له تعالى بصفات الأفعال كقولنا خالق ، رازق ، محيي ، مميت ، مبدئ ، معيد ، ألا ترى أنّه قبل خلقه الخلق لايصحّ وصفه بأنّه خالق وقبل إحيائه الأموات لا يقال إنّه محيي. وكذلك القول فيما عدّدناه ، والفرق بين صفات الأفعال وصفات الذّات : أنّ صفات الذّات لا يصحّ لصاحبها الوصف بأضدادها ولا خلوّه منها ، وأوصاف الأفعال يصحّ الوصف لمستحقّها بأضدادها وخروجه عنها ، ألا ترى أنّه لا يصحّ وصف اللّه تعالى بأنّه يموت ، ولا بأنّه يعجز ، ولا بأنّه يجهل ولا يصحّ الوصف له بالخروج عن كونه حيّا عالما قادرا ، ويصحّ الوصف بأنّه غير خالق اليوم ، ولا رازق لزيد ، ولا محيي لميّت بعينه ، ولا مبدئ لشيء في هذه الحال ، ولا معيد له. ويصحّ الوصف له جلّ وعز بأنّه يرزق ويمنع ويحيي ويميت ويبدئ ويعيد ويوجد ويعدم ، فثبتت العبرة في أوصاف الذّات وأوصاف الأفعال ، والفرق بينهما ما ذكرناه (١).

من هنا يتّضح أن الصفات الحقيقية للّه تعالى التي هي عين الذات إنّما هي من النوع الأوّل ، وأما النوع الثاني ، والذي يستلزم تحققه لشيء آخر ، فلا يمكن أن تعتبر صفة لذاته أو عين ذاته تعالى ، فهي من صفات الأفعال.

فالصفات التي يتصف بها تعالى عن تحقق الخلقة ، مثل : الخالقية ، الربانية ، المحيي ، والمميت ، والرازق ، وأمثالها ، لم تكن عين ذاته ، بل زائدة على الذات

__________________

(١) تصحيح الاعتقادات الامامية / الشيخ المفيد : ٤١.

٢١

وصفات للفعل.

والمقصود من صفات الفعل هو أن تتخذ معنى الصفة من الفعل لا من الذات ، مثل الخالقية ، أي يتصف بهذه الصفة بعد تحقق الخلقة للمخلوقات ، فهو قائم منذ قيامها ، أي موجود منذ وجودها ، ولا علاقة لها بذاته تعالى ، كي تتغير من حال إلى حال عند تحقق الصفة.

وتعتبر الشيعة صفتي الإرادة والكلام ، والذي يفهم من معنى اللفظ (الإرادة بمعنى الطلب ، والكلام بمعنى الكشف اللفظي عن المعنى) من صفات الفعل (١).

القضاء والقدر

إن قانون العلية في الكون سارٍ ومهيمن ، بحيث لا يقبل الاستثناء ، ووفقا لهذا القانون فان كل مظهر من مظاهر هذا العالم يرتبط بعلل ، أي بالأسباب والشروط اللازمة للتحقق ، ومع توفر كل تلك الشروط ، والتي تدعى العلة التامّة ، يتحتم وجود تلك الظاهرة (المعلول المفروض). ولو فرضنا عدم تحقق تلك الأسباب كلها أو بعضها ، فإنّه يستحيل تحقق وجود تلك الظاهرة.

مع الإمعان في هذه النظرية ، يتضح لنا موضوعان :

الأوّل : لو قدر أن نقارن بين ظاهرة «المعلول» مع العلة التامة بأجمعها ، وكذلك مع الأجزاء لتلك العلة التامة ، تكون النسبة بينها وبين العلة التامة نسبة

__________________

(١) انظر : الشيخ الطوسي / الاقتصاد في ما يتعلق بالاعتقاد : ٦٤ ـ ٦٥.

٢٢

الضرورة (الجبر). وتكون النسبة بينها وبين كل من أجزاء العلة التامة (والتي تعتبر علة ناقصة) نسبة الإمكان ، لأن جزء العلة بالنسبة إلى المعلول يعطي إمكان التحقق والوجود ، ولا يعطي ضرورة الوجود.

على هذا فالكون وكل جزء من أجزائه يستلزم علة تامة في تحقق وجوده ، والضرورة مهيمنة عليها بأسرها ، وقد نظم هيكلها من مجموعة حوادث ضرورية وقطعية ، فمع الوصف هذا ، فان صفة الإمكان في أجزائها محفوظة.

فالقرآن الكريم في بيانه يسمي هذا الحكم الضروري بالقضاء الإلهي ، لأن الضرورة هذه تنبع من وجود الخالق ، ولهذا يكون حكما وقضاء عادلاً حتميا غير قابل للتخلف ، إذ لا يقبل الاستثناء أو التبعيض.

ويقول جل شأنه : «أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاْءَمْرُ» (١).

ويقول : «وَاللّه يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ» (٢).

الثاني : أن تَحقُّق المعلول وظهوره يطابق مجموع المقادير التي تعينها العلة التامة ، فمثلاً العلل التي تحقق التنفس للانسان ، لا تحقق التنفس المطلق ، بل يتنفس الانسان مقدارا معينا من الهواء المجاور لفمه وأنفه ، وفي زمان ومكان معينين ، ووفق طريقة معينة ، ويتم ذلك عن طريق مجرى التنفس ،

__________________

(١) سورة الأعراف : ٧ / ٥٤.

(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٤١.

٢٣

حيث يصل الهواء إلى الرئتين. وهكذا الرؤية والأبصار ، فإن العلل الموجدة لها في الانسان لا تحقق إبصارا من دون قيد أو شرط ، بل تحقق إبصارا معينا من كل جهة ، بواسطة الوسائل اللازمة له. وهذه الحقيقة سارية في كل ظواهر الطبيعة.

والقرآن الكريم يسمي هذه الحقيقة بـ «القدر» وينسبها إلى خالق الكون ومصدر الوجود ، بقوله تعالى : «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (١).

ويقول : «وَإِن مِن شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ» (٢).

وكما أن كل ظاهرة وحادثة في نظم الخلقة تعتبر ضرورية الوجود وفقا للقضاء الإلهي ، ويتحتم وجودها ، فكذلك وفقا للقدر فان كل ظاهرة أو حادثة عند تحققها لاتتخلف عن المقدار المعين لها من قبل اللّه تعالى.

العدل الإلهي :

يتضمن هذا العنصر عدة مفردات أساسية منها :

المفردة الأولى / الأفعال الإلهية مطابقة للحكمة والصواب :

قال العلامة الحلي : «وقالت الإمامية ومتابعوهم من المعتزلة : إنّ جميع أفعال اللّه تعالى حكمة وصواب ، ليس فيها ظلم ولا جور ولا كذب ولا عبث ولا فاحشة ، والفواحش ، والقبائح والكذب والجهل من أفعال العباد واللّه تعالى

__________________

(١) سورة القمر : ٥٤ / ٤٩.

(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٢١.

٢٤

منزة عنها وبريء منها».

المفردة الثانية / التكاليف الإلهية ليست خارجة عن حدود الطاقة البشرية :

إنّ كلّ ما صدر عن اللّه تعالى من أحكام وتكاليف يقع ضمن دائرة القدرة البشرية ، لأنّ التكليف بما لا يطاق قبيح عقلاً فلا يصدر عن المشرع الحكيم العادل.

قال العلامة الحلي : «وقالت الإمامية : إنّ اللّه سبحانه لم يكلف أحدا فوق طاقته».

وفي الحالات التي تنتفي القدرة التكوينية على الامتثال يتجمد التكليف الشرعي ، كما في الأمثلة الفقهية التالية :

١ ـ في حال فقد القدرة على القيام في الصلاة ، يسقط التكليف المتمثل في وجوب القيام فتؤدى الصلاة من جلوس.

٢ ـ في حال فقد القدرة على الصيام يسقط التكليف الفعلي بأداء الصيام.

٣ ـ في حالة فقد القدرة على اجتناب «المنهي عنه شرعا» يسقط هذا التكليف.

وقد نصّ الفقهاء على اعتبار «القدرة» من شروط التكليف العامة ...

ذكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر : أنّ للتكليف شروطا عامة هي :

أولاً : البلوغ فلا يتجه التكليف إلى الإنسان ـ رجلاً كان أو امرأة ـ إلاّ إذا

٢٥

بلغ ... فغير البالغ ليس بمكلف ، ونعني بذلك أنّ جانب الإلزام والمسؤولية الأخروية ـ العقاب في الآخرة ـ من أحكام اللّه تعالى لا يثبت بشأن غير البالغ ...

ثانيا : العقل ونقصد به أن يكون لديه من الرشد ما يمكن أن يعي به كونه مكلفا ويحس بمسؤولية تجاه ذلك فلا تكليف للمجنون أو الأبله الذي لايدرك الواضحات لبلاهته وقصور عقله.

ثالثا : القدرة ، قال سبحانه وتعالى : «لاَ يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا» (١).

فمن عجز عن الطاعة كان معذورا وسقط عنه التكليف سواء كان التكليف أمرا وإلزاما بشيء وقد عجز عنه كالمريض يعجز عن القيام في الصلاة ، أو نهيا وتحريما وقد عجز عن اجتنابه وتركه كالغريق يعجز عن اجتناب الخطر.

المفردة الثالثة / الإنسان ليس مسلوب الإرادة فيما يصدر عنه من أفعال الطاعة والمعصية :

وعلى ضوء هذه المفردة يتجه الفكر الشيعي إلى رفض «نظرية الجبر» التي تسلب الإرادة عن الإنسان في جميع ما يصدر عنه من طاعات أو معاصٍ ، وتنسب ذلك إلى اللّه تعالى باعتباره الفاعل الحقيقي لتلك الأعمال ، في الوقت الذي يتحمل فيه الإنسان مسؤوليتها بما يترتب على ذلك من ثواب

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٨٦.

٢٦

وعقاب.

وقد تواتر عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام قولهم : «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين» (١).

المفردة الرابعة / في الجزاء والعوض والعقاب :

قال الشيخ المفيد أبو عبداللّه رحمه‌الله : العدل؛ هو الجزاء على العمل بقدر المستحقّ عليه ، والظّلم؛ هو منع الحقوق ، واللّه تعالى عدل كريم جواد متفضّل رحيم ، قد ضمن الجزاء على الأعمال ، والعوض على المبتدئ من الآلام ، ووعد التفضّل بعد ذلك بزيادة من عنده.

فقال تعالى : «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ» (٢) الآية ، فخبّر أنّ للمحسنين الثواب المستحق وزيادة من عنده وقال : «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» يعني له عشر أمثال ما يستحق عليها. «وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَيُظْلَمُونَ» (٣) يريد أنّه لا يُجازيه بأكثر ممّا يستحقّه ، ثمّ ضمن بعد ذلك العفو ووعد بالغفران.

فقال سبحانه : «وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ» (٤) ، وقال

__________________

(١) التشيع / الغريفي : ٥٣٤ ـ ٥٣٦.

(٢) سورة يونس : ١٠ / ٢٦.

(٣) سورة الأنعام : ٦ / ١٦٠.

(٤) سورة الرعد : ١٣ / ٦.

٢٧

سبحانه : «إِنَّ اللّه لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ» (٥).

وقال سبحانه : «قُلْ بِفَضْلِ اللّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا» (١) ، والحقّ الّذي للعبد هو ما جعله اللّه تعالى حقّا له واقتضاه جود اللّه وكرمه ، وإن كان لو حاسبه بالعدل لم يكن له عليه بعد النّعم التي أسلفها حقّ ، لأنّه تعالى ابتدأ خلقه بالنّعم وأوجب عليهم بها الشّكر ، وليس أحد من الخلق يكافئ نعم اللّه تعالى عليه بعمل ، ولا يشكره أحد إلاّ وهو مقصّر بالشّكر عن حقّ النّعمة.

وقد أجمع أهل القبلة على أنّ من قال : إنّي وفيت جميع ما للّه تعالى عليّ وكافأت نعمه بالشّكر ، فهو ضالّ ، وأجمعوا على أنّهم مقصّرون عن حقّ الشّكر ، وأنّ للّه عليهم حقوقا لو مدّ في أعمارهم إلى آخر مدى الزّمان لما وفوا للّه سبحانه بما لَهُ عليهم ، فدلّ ذلك على أنّ ما جعله حقّا لهم فإنّما جعله بفضله وجوده وكرمه (٢).

الانسان والاختيار :

كل ما يقوم به الإنسان من فعل ، يعتبر ظاهرة من ظواهر عالم الخلقة ، ويرتبط تحققه كسائر الظواهر بالعلة ارتباطا كاملاً.

ومن ناحية أخرى فإنّ الانسان هو جزء من عالم الخلقة ، ويرتبط مع سائر

__________________

(١) سورة النساء : ٤ / ٤٨.

(٢) سورة يونس : ١٠ / ٥٨.

(٣) تصحيح اعتقادات الإمامية / الشيخ المفيد : ١٠٣ ـ ١٠٥.

٢٨

الأجزاء الأخرى من العالم ، وهذا يعني أن لهذه الأجزاء تأثير ما في أفعاله.

وعلى سبيل المثال ، فإن قيام الإنسان بتناول قطعة من الخبز ، يستلزم العديد من الوسائل ، كاليد والفم والعلم والقدرة والإرادة ، ويستلزم أيضا وجود الخبز في الخارج ، وفي متناول يده ، وعدم المانع والحاجز ، وشروط اُخرى ، من زمان أو مكان ، ومع فقدان أحداها يتعذر تحقق الفعل ، ومع تحقق كل تلك العوامل فإنّ تحقق الفعل سيكون ضروريا (حتميا).

وكما أشرنا آنفا ، فإنّ ضرورة الفعل بالنسبة إلى مجموع أجزاء العلة التامة تعتبرنسبة إمكان ، ولا يتنافى مع نسبة الفعل إلى الإنسان الذي هو أحد أجزاء العلة التامّة ، أي مع كون الإنسان مختارا.

ومما يروى عن أهل البيت عليهم‌السلام : وهو مطابق لظاهر تعاليم القرآن ، أن الانسان مختار في أفعاله ، ليس بمستقل ، إذ أن اللّه تعالى قد أراد الفعل عن طريق الاختيار ، وهذاما عبرنا عنه سابقا ، أن اللّه سبحانه أراد الفعل عن طريق مجموع أجزاء العلة التامة ، والتي أحدها إرادة الإنسان. وفي النتيجة ، أن مثل هذا الفعل الذي يرتبط بإرادة اللّه تعالى ضروري ، والإنسان أيضا مختار فيه ، أي أن الفعل يعتبر ضروريا بالنسبة إلى مجموع أجزاء علته ولكنه اختيار وممكن بالنسبة إلى أحد أجزائه وهو الإنسان.

والإمام الصادق عليه‌السلام ، يقول : «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين» (١).

__________________

(١) الشيخ الصدوق / كتاب التوحيد : ٣٦٢ / ٨ باب ٥٩ نفي الجبر والتفويض.

٢٩

وتفسير هذا الحديث يتم بمعرفة المراد بالجبر ، والمراد بالتفويض ، ثم معرفة ما هو متوسط بينها.

قال الشيخ المفيد رحمه‌الله : الجبر هو الحمل على الفعل والاضطرار إليه بالقهر والغلبة ، وحقيقة ذلك إيجاد الفعل في الخلق من غير أن يكون لهم قدرة على دفعه والامتناع من وجوده فيه ، وقد يعبّر عمّا يفعله الإنسان بالقدرة التي معه على وجه الإكراه له على التّخويف والإلجاء أنّه جبر ، والأصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه.

والتّفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال.

والواسطة بين هذين القولين أنّ اللّه تعالى أقدر الخلق على أفعالهم ومكّنهم من أعمالهم ، وحدّ لهم الحدود في ذلك ، ورسم لهم الرّسوم ونهاهم عن القبائح بالزّجر والتّخويف ، والوعد والوعيد ، فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها ، ولم يفوّض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها ، ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها. فهذا هو الفصل بين الجبر والتّفويض على ما بيّنّاه (١).

__________________

(١) تصحيح الاعتقاد : ٤٦ ـ ٤٧.

٣٠

النبوّة

مختصر العقيدة :

يعتقد الشيعة الإمامية : أنّ جميع الأنبياء الذين نصّ عليهم القرآن الكريم رسل من اللّه ، وعباد مكرمون ، بُعثوا لدعوة الخلق إلى الحقّ ، وأنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء ، وسيّد الرسل ، وأنّه معصوم من الخطأ والخطيئة ، وأنّه ما ارتكب المعصية مدة عمره ، وما فعل إلاّ ما يُوافق رضا اللّه سبحانه حتى قبضه اللّه إليه.

وأنّ اللّه سبحانه أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثمّ عرج من هناك بجسده الشريف إلى ما فوق العرش والكرسي وما وراء الحجب والسرادقات ، حتى صار من ربّه قاب قوسين أو أدنى.

وأنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله اللّه إليه لهداية الناس أجمعين ، وللإعجاز والتحدي ، ولتعليم الأحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وأنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة.

ويعتقد الإمامية أنّ كلّ من اعتقد أو ادعى نبوة بعد مُحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو نزول وحي أو كتاب فهو كافر يجب قتله (١).

تفسير ظاهرة النبوّة

أ ـ الهداية العامة :

إن السلوك الخاص والمنتظم الذي يشاهد في كل أنواع الكائنات الحية ،

__________________

(١) أصل الشيعة وأصولها : ٢٠.

٣١

يكشف وببساطة عن حقيقتين ، هما :

١ ـ أن بين جميع المراحل التي يطويها نوع من أنواع الكائنات الحية هناك اتصالاً وارتباطا قائما مادامت الحياة فيه قائمة.

٢ ـ أن هناك قانونا ما ، تسير وفقه وتنتظم تلك المراحل والأدوار ، وصولاً إلى الغاية في التكامل التكويني لكل نوع من أنواع الكائنات الحية.

والقرآن العظيم يؤيد هذه الحركة وهذا الاستنتاج في أن أنواع الكائنات الحية تهتدي بهدي اللّه تعالى في طريق تكاملها وكمالها : «الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» (١).

ويقول جل ذكره : «الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى» (٢).

ب ـ الهداية الخاصة :

بديهي أن النوع الانساني لا يستثنى من هذه الهداية التكوينية التي تهيمن على جميع الكائنات في العالم ، إنها تسيطر على الإنسان أيضا ، وبما أن كل كائن يستمر في طريقه نحو التكامل بما لديه من قدرة وقابلية ، فكذلك الإنسان يُساق نحو الكمال الواقعي بواسطة الهداية التكوينية. غير أن للإنسان امتياز آخر على سائر المخلوقات ، ألاَ وهو العقل. فالعقل يدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر ، وأن ينتفع من كل وسيلة ممكنة ، لتحقق أهدافه وأغراضه.

__________________

(١) سورة طه : ٢٠ / ٥٠.

(٢) سورة الأعلى : ٨٧ / ٢ـ٣.

٣٢

وبواسطة العقل أيضا يدرك الإنسان أن وجوده وجود اجتماعي ، وأن متطلباته في الحياة متعددة ، وأنه لاينالها لوحده وبنفسه فحسب ، بل بالتعاون مع أبناء نوعه ، الذين يتصفون بالغرائز ذاتها ، ويدركون هذا الإدراك ذاته.

ثم إنّ الإنسان بعد تقبله الحياة الاجتماعية التي قوامها التعاون ، يرى ضرورة القانون الحاكم على الحياة ، وهو الذي يعين واجبات كل فرد من أفراد المجتمع ، فإذا عمّ النظام وساد في المجتمع ، عندئذ ينال كل من أفراد المجتمع السعادة المطلوبة ، التي طالما تمنّاها.

واللّه تعالى لما كان هو الذي جعل للإنسان ، قانون تكامله التكويني ، وكان عالما بخصائصه ونزعاته وما تنطوي عليه من استعدادات ، وتتطلع إليه من حاجيات ضرورية لتكامله الإنساني ، جعل على نفسه جل شأنه ، وبما ينسجم مع لطفه وعدله ، أن يضع للإنسان النظام الكفيل بتحقيق هذا النوع من التكامل.

ولما كان للتكامل الإنساني بعدان : بُعد دنيوي ، وبعد أخروي ، وأن الأخير يشكل ذروة التكامل وغايته النهائية ، فإن النظام ، أو التشريع ، الإلهي سيكون هو الوحيد الذي يضمن تحقيق التكامل ، في بعديه معا ، دون إخلال بأيّ منهما ، وعند ذلك فقط يتحقق التكامل ، وتطوي الأدوار والمراحل المتصلة والمترابطة طريقها نحو الهدف النهائي الذي تسير باتجاهه : «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ» (١)؟

__________________

(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١١٥.

٣٣

وبهذا تتلخّص مهمة الأنبياء عليهم‌السلام ، بالهداية إلى طريقة التكامل وقوانينه ، في بعديه ، الدنيوي والأخروي.

أي أن هذا النظام واكتشافه هو خارج عن نطاق العقل الإنساني وعن قدراته ، فلابد من أن يكون له طريق آخر.

فبمقتضى نظرية الهداية العامة ، التي ترى ضرورة هذا الإدراك في النوع البشري ، لابدمن وجود سبيل آخر يرشد النوع الإنساني إلى ذلك القانون ، إلى الواجبات الواقعية للحياة. ذلك السبيل هو ما يسمى بـ «الوحي».

وبما أن هذا الطريق مختلف عن غيره ، موقوف على استعدادات رفيعة من طراز خاص ، فقد اصطفى اللّه تعالى له أفرادا من عباده ، جعلهم أنبياءه ورسله إلى العباد ، يتلقّون الوحي بوعي تام ، ويبثونه إلى الناس بأمانة تامة.

قال تعالى : «إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ» (١) ، «رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» (١).

الأنبياء وعصمة النبوة :

لما كان الأنبياء يمتازون بـ «الوحي» والنبوة ، فعند ظهورهم في كل زمن كانوا آحادا ، فجعل اللّه هداية الناس على عاتق هؤلاء ، بما اُمروا من دعوة

__________________

(١) سورة النساء : ٤ / ١٦٣.

(١) سورة النساء : ٤ / ١٦٥.

٣٤

وإبلاغ ، وما ذلك إلاّ لتعم وتتم وتكتمل تلك الدعوة.

ومن هنا يتضح وجوب عصمة الأنبياء ، فهم مصونون من الآثام ومن الخطأ في تلقي «الوحي» من جانب اللّه تعالى ، وفي حفظه وإيصاله إلى الناس ، فإنّهم بعيدون كل البعد عن المعصية والخطأ ، لأن تلقي الوحي بنصه وحدوده ، وحفظه وإبلاغه يشتمل على أركان الهداية التكوينية ، ولا معنى بأن يكون هناك خطأ في التكوين.

فضلاً عن أن المعصية والتخلف عن أداء الدعوة والإبلاغ ، عمل يخالف الدعوة ، ويوجب سلب ثقة الناس واطمئنانهم بصحة الدعوة وصدقها ، ونتيجة لذلك ينتفي الغرض والهدف الأساسي للدعوة.

والخالق جل شأنه يشير إلى عصمة الأنبياء في كتابه المجيد بقوله : «وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (٢).

الأنبياء والشرائع السماوية :

أن ما حصل عليه الأنبياء عن طريق الوحي وإبلاغهم الناس على سبيل الخبر ، إن ذلك هو الدين. وباتخاذه نهجا من قبل الناس في سبيل الحياة والوظائف والواجبات الإنسانية ، يضمن لهم السعادة.

يشتمل التشريع الإلهي بشكل عام على جانبين : الاعتقادي ، والعملي. فالجانب الاعتقادي يحتوي على مجموعة معتقدات أساسية ، تفرض على

__________________

(١) سورة الأنعام : ٦ / ٨٧.

٣٥

الانسان أن يتخذها أساسا لحياته ، وإذا أهمل أحدها لم يتحقق اتباع الدين.

والجانب العملي يتألف من مجموعة وظائف أخلاقية عملية تحتوي على وظائف معينة يتقيد بها الإنسان أمام اللّه تعالى وأمام المجتمعات البشرية.

ومن جهة أخرى فإنَّ النوع الإنساني يتجه نحو الكمال بصورة تدريجية ، والمجتمع البشري يتكامل بمرور الزمان ، وأن ظهور هذا السنخ من التكامل ضروري في الشرائع السماوية ، ويؤيد القرآن الكريم هذا التكامل التدريجي ، الذي يفيد أن الشرائع اللاحقة أكمل من الشرائع السابقة ، بقوله تعالى : «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ» (١).

ومن هنا نرى أن القرآن الكريم يوضح هذه الحقيقة ويصرح بأنّ الاسلام هو الدين الذي اختاره لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو آخر الأديان السماوية وأكملها ، وأن كتابه العزيز ـ القرآن ـ لايُنسخ ، والنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله هو خاتم الأنبياء ، وأن الاسلام يحتوي على جميع الوظائف والواجبات ، كما في قوله تعالى : «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ» (٢).

وقوله أيضا : «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِجَالِكُمْ وَلكِن رَسُولَ اللّه وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ» (٣).

__________________

(١) سورة المائدة : ٥ / ٤٨.

(٢) سورة فصلت : ٤١ / ٤١ ـ ٤٢.

(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٤٠.

(٤) سورة النحل : ١٦ / ٨٩.

٣٦

وقوله تعالى : «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ» (٤).

الأنبياء ودليل الوحي والنبوة :

إن ادعاء النبوة يحتاج إلى حجة ودليل ، ولا يكفي أن تكون الشريعة التي جاء بها النبي توافق العقل ، فإنّ صحة النبوّة لها طريق آخر للاثبات ، وهو أن يكون صاحبها على اتصال بالعالم العلوي الوحي ، وقد انيطت به هذه المسؤولية من قبل اللّه تعالى ، وهذا الإدعاء يفتقد إلى دليل لإثباته.

ذلك أن الوحي والنبوة اللذين يدعيهما المرسل ، لم يكونا ليحصلا في سائر الناس ، والذين هم مثله ، ولابد من قوة غيبية قد أودعها اللّه تعالى نبيه بنحو يخرق العادة به ، والتي بواسطتها يصغى إلى كلام اللّه تعالى ، ويوصله إلى الناس وفقا لمسؤوليته ، وإذا كان هذا المعجز صحيحا ، فالرسول يريد من اللّه تعالى أن يعينه على معجز آخر ، كي يصدّق الناس نبوته ومدعاه.

ويتضح أن مطالبة الناس الأنبياء بالمعجزة أمر يوافق المنطق الصحيح ، وعلى الأنبياء لإثبات نبوتهم أن يأتوا بالمعجزة ، إما ابتداءً أو وفقا لما يطالب به المجتمع.

والقرآن الكريم يؤيد هذا المنطق ، ويشير إلى معاجز الأنبياء إما ابتداءً أو بعد مطالبة الناس إياهم.

النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن :

كان الناس يطالبون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمعجزة ، كما كانوا يطالبون سائر الأنبياء

__________________

(١) سورة النحل : ١٦ / ٨٩.

٣٧

فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤيد المعاجز لدى الأنبياء ، والقرآن الكريم يصرح بذلك.

وقد ذُكرت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله معاجز كثيرة ، إلاّ أن بعضا منها لا تتصف بالقطعية في روايتها ، ولم تكن مورد قبول واعتماد ، ولكن المعجزة الباقية له صلى‌الله‌عليه‌وآله والتي لا تزال حية هي «القرآن الكريم» كتابه السماوي.

القرآن الكريم كتاب سماوي يشتمل على أكثر من ستة آلاف آية ، وينقسم إلى مئة وأربع عشرة سورة.

نزلت الآيات القرآنية الكريمة بصورة تدريجية خلال أيام بعثته ودعوته صلى‌الله‌عليه‌وآله طوال ثلاث وعشرين سنة ، وكانت توحى إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله بصور مختلفة ، من سورة أو آية أو أقل من آية ، وفي أوقات متفاوتة ، في ليل أو نهار ، في سفر أو حضر ، في الحرب أو السلم ، وفي أيام شدة أو رخاء.

والقرآن الكريم في آيات عدة ، يصرح تصريحا بأنه معجزة ، وقد تحدى العرب في ذلك اليوم ، مع ما كانت عليه من الفصاحة والبلاغة ، فقال تعالى في كتابه العزيز : «فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ» (١).

«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِن دُونِ اللّه » (٢).

__________________

(١) سورة الطور : ٥٢ / ٣٤.

(٢) سورة هود : ١١ / ١٣.

٣٨

«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ» (١).

فما كان جواب الفصحاء والبلغاء من العرب إلاّ أن قالوا إنه لسحر ويعجز من مثلنا أن يأتي به!

ويمكن النظر من ناحية اُخرى إلى أنّ القرآن الكريم لم يتحد العلماء من ناحية الفصاحة والبلاغة فحسب ، بل تحداهم من ناحية المعنى أيضا ، لأنه يشتمل على البرنامج الكامل للحياة الانسانية ، ولو مُحّص تمحيصا دقيقا ، لوجد أنه الأساس والأصل في مجالات الحياة الإنسانية كلّها ، بما فيها الاعتقادات والأخلاق والأعمال التي ترتبط بالإنسان ، فإنه يعالج كل جانب من جوانبها بدقة تامة ، فهو من اللّه الحق.

هذا فضلاً عن أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يتعلم القراءة والكتابة عند معلِّم ، لقد قضى ثلثي عمره وحياته الشريفة قبل دعوته في بيئة تفتقر إلى حضارة ، ولم تسمع بمدنية ، كانوا يعيشون في أرض صحراء قاحلة ، وجو مهلك ، ومع كل هذه الظروف والأحوال نجد القرآن الكريم يتحدى من طريق آخر ، وهو أنه اُنزل بصورة تدريجية مع ظروف متفاوتة مختلفة ، في أيام الفتن والأيام الاعتيادية ، في الحرب والصلح ، وفي أيام القدرة وأيام الضعف وغيرها ، خلال ثلاث وعشرين سنة.

فلو كان من صنع البشر ، لوجدوا فيه تناقضا وتضادا كثيرا ، وهذا ما يؤكده

__________________

(١) سورة يونس : ١٠ / ٣٨.

٣٩

التحدي القرآني الآخر : «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّه لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً» (١).

المعاد

مختصر العقيدة :

يعتقد الإمامية ـ كما يعتقد سائر المسلمين ـ : أنَّ اللّه سبحانه يُعيد الخلائق ويحييهم بعد موتهم يوم القيامة للحساب والجزاء ، والمُعاد هو الشخص بعينه ـ وبجسده وروحه ـ بحيث لو رآه الرائي لقال : هذا فلان.

ولا يجب أن نعرف كيف تكون الإعادة ، وهل هي من قَبيل إعادة المعدوم ، أو ظهور الموجود ، أو غير ذلك.

ويؤمنون بجميع ما في القرآن والسنّة القطعية من الجنّة والنّار ، ونعيم البرزخ وعذابه ، والميزان ، والصراط ، والأعراف ، والكتاب الذي لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، وأنّ الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ» (٢). إلى غير ذلك من التفاصيل المذكورة في محلّها من كلّ ما صدع به الوحي المبين ، وأخبر به الصادق الأمين (٣).

__________________

(١) سورة النساء : ٤ / ٨٢.

(٢) سورة الزلزلة : ٩٩ / ٧ ـ ٨.

(٣) أصل الشيعة وأصولها : ٢٣٢.

٤٠