شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١١

شهادة رسول الله لعليّ بالجنّة

وذكر ما له في الآخرة

[٨١٤] الدغشي ، باسناده ، عن ابن الزبير ، أنه قال : كنت جالسا مع ابن عباس في المسجد نتحدث إذ دخل علينا رجل متلثم ، فجلس إلينا ، فقلنا له : من أنت؟

قال : إن آمنتموني تكلمت.

قلنا : لك الأمان.

فأرخى عمامته ، فإذا هو أبو ذر الغفاري رحمة الله عليه (١). وكان عثمان بن عفان قد نفاه من المدينة الى الربذة لما كان يحدث به عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فضائل علي عليه‌السلام ، ورماه بالكذب ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ـ فيما رواه الخاص والعام ـ ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

__________________

(١) وهو جندب بن جنادة الصحابي المهاجري ، غني عن التعريف ، توفي في منفاه سنة ٣٢ هـ في فلاة من الارض قرب قارعة الطريق وليس عنده إلا ابنته حيث توفيّت زوّجته وولده وهلك انعامه لسوء الاحوال الجوية والتغدية في منفاه. وجاء ركب من وجوه المسلمين من العراق قاصدين المدينة فيهم مالك الاشتر وحجر بن عدي وعبد الله بن مسعود وتولوا غسله والصلاة عليه ومواراته الثرى كما أخبر به الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث قال : يسعد به أقوام يتولون أمره واقباره. وحملوا ابنته معهم الى المدينة الى دار أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٤٦١

واظنه دخل المدينة حينئذ لحاجة له مترقبا.

قال ابن الزبير (١) فجعلت اتحدث وأبو ذر رحمة الله ورضوانه عليه يقطع حديثي بذكر فضائل علي عليه‌السلام. فقلت : يا أبا ذر إن المرء قد يحب المرء ثم يقصر. فأغاظ ذلك ابن عباس.

فقال : يا أبا ذر اناشدك الله بما لنا عليك من حق إلا حدثتنا بمناقب علي عليه‌السلام.

ثم قال أبو ذر : نعم ، إن لكم عليّ حقوقا لا أضرب لها أمدا ولا احصي لها عددا.

قال : فأسألك بحق حقوقنا عليك إلا حدثتنا؟

قال [ أبو ذر ] : نعم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحراء (٢) ، وكان علي عليه‌السلام على الصفا عند دار حمزة بن عبد المطلب ، فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : يا علي إني لأرجو أن تكون صاحبي في سفري هذا.

فقال : يا رسول الله ، وأيّ سفر هو؟

فقال : ذكرت لي أرض يقال لها : يثرب ، فان أعجل في القضاء ، فاتبعني.

فأقام بعده ليلتين ، ثم انطلق الى حراء ، فلم يجده ، فخنقته العبرة ، واقشعر ، فأراد أن ينطلق ليتبعه. فذكر أنه لا زاد معه وأنه لا يهتدي الطريق. وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمره في الليلة التي خرج فيها أن يضطجع مضجعه ، وأن يؤدي عنه أمانات كانت

__________________

(١) وهو عبد الله بن الزبير بن العوام ولد ١ هـ ، قتله الحجاج ٧٣ ه‍.

(٢) أي غار حراء مهبط الوحي على رسول الله من جبال مكة.

٤٦٢

عنده (١) ، وأن يحكم أشياء (٢) عهدها إليه في أهله ، ثم يلحق ، ففعل ذلك. فلما قضاه وأراد اللحوق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى أمه ـ فاطمة بنت أسد ـ ليلا ، فقرع الباب عليها.

فقالت : من هذا؟

فقال : أنا علي.

فقالت : إن اللات والعزى منك بريئان.

فقال لها علي : اخفضي من صوتك ولا توقظي نوامك واكرمي ضيفك ، فأما اللات والعزى فهما مني بريئان كما ذكرت ، وأنا منهما بريء.

ففتحت له الباب ، فجلس.

فقال لها : هل عندك من شيء آكله؟

فرقّت له ، فقالت : ارفع الكساء ، فثم خبزة وشيء من تمر.

فأخذه ، ثم جعل يلاطفها حتى نامت. فوثب الحائط ، ثم سار ليلته ويومه. فأمسى بالروحاء (٣) واستبطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وظهر الغمّ به عليه.

فقيل له في ذلك ، فقال : ومالي لا أغتم وقد خلفت خليلي ، ابن أبي طالب بمكة أمرته باللحوق بي إذا قضى ما عهدت إليه ، ولا أدري ما فعل الله به ، وإن الله عزّ وجلّ قد أعطاني فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا

__________________

(١) قال ابن هشام في السيرة ٢ / ٩٣ : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٢) في نسخة : والأشياء.

(٣) الروحاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء المهملة ، أكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة ٣٦ ميلا ( خلاصة الوفاء ص ٥٥٨ ).

٤٦٣

في الآخرة :

أعطاني في الدنيا ، فإنه صاحب لوائي ، وهو يواري عورتي ، وإنه صاحب مجلس القضاء من بعدي ، فأنا لا أخشى عليه أن يموت في حياتي.

وأما التي أعطاني به في الآخرة ، فإنه صاحب لوائي ـ لواء الحمد ـ يقدمني به الى الجنة ، وهو عون لي على مفاتيح خزائن الجنة ، وإنه صاحب حوضي يوم القيامة.

فأنا آمن عليه أن يرتد كافرا بعد إذ هداه الله ، ولكني أخاف عليه جهلة قريش. وذكر باقي الحديث.

[ ضغائن في صدور القوم ]

[٨١٥] وبآخر ، عن أنس بن مالك (١) ، قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام معه وخرجت معهما ، فمشينا في حدائق المدينة ، فمررنا على حديقة.

فقال علي عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حديقتك يا علي في الجنة أحسن منها. حتى عدد سبع حدائق كل ذلك يقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ذلك.

ثم بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال علي عليه‌السلام :

__________________

(١) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الانصاري أبو ثمامة أو أبو حمزة ولد بالمدينة ١٠ قبل الهجرة خدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قبض ، ثم رحل الى دمشق ثم الى البصرة فمات فيها ٩٣ هـ وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة.

٤٦٤

ما يبكيك يا رسول الله؟

قال : أبكاني اني ذكرت ضغائن لك في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني (١).

[٨١٦] وبآخر ، عنه ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي بن أبي طالب وعمّار وسلمان.

[ خير الخلق يوم القيامة ]

[٨١٧] وبآخر ، أن عليا عليه‌السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة وقف على أفواه ثلاث سكك. فقال : ألا اخبركم بخير الخلق يوم القيامة؟

قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، فمن هم؟

قال : سبعة من ولد عبد المطلب.

فقام إليه سلمان بن ربيعة ، فقال : أخبرنا بأسمائهم يا أمير المؤمنين.

قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم به ، أولهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووصيه صاحبكم ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والمهدي منا أهل البيت صلوات الله عليهم.

__________________

(١) واضاف ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢ / ٣٢٥ الحديث ٨٣٠ :

فقال علي عليه‌السلام : فما اصنع يا رسول الله؟

قال : تصبر.

قال : فان لم أستطع؟

قال : تلقى جميلا.

قال : ويسلم لي ديني؟

قال : ويسلم لك دينك.

٤٦٥

[٨١٨] وكيع ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال (١) من علي عليه‌السلام ، فقام إليه سعد بن زيد (٢) فقال : إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : علي في الجنة وهو خير البرية.

[ أشبه الناس بالمسيح ]

[٨١٩] وبآخر ، عن سلمان الفارسي (٣) ، أنه قال : لما انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من غزوة بني المصطلق تقدم في مقدمة الناس ، وأمر عليا عليه‌السلام أن يكون في ساقتهم (٤) يحفظهم ، فلما وصل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة أتى إلى باب المسجد ، فجلس ينتظر عليا عليه‌السلام لم يدخل منزله ، فرأيته يمسح العرق من وجهه.

ثم قال : يأتيكم الساعة من هذه الشعبة ـ وأشار بيده الى بعض الشعاب ـ رجل أشبه الناس بالمسيح ، وهو أفضل الناس بعدي يوم القيامة ، وأول من يدخل الجنة. فجعلنا ننظر الى الشعب.

فكان أول من طلع منه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فلما انتهى

__________________

(١) وفي نسخة و: فقال.

(٢) قال العاملي في اعيان الشيعة ٧ / ٢٢٢ : ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) أبو عبد الله سلمان الفارسي الصحابي توفي بالمدائن في العراق بسنة ٣٦ هـ ومرقده يزار ويعرف باسم سلمان پاك. روى الكشي بسنده ، عن أسباط بن سالم ، عن موسى بن جعفر : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين حواري محمّد بن عبد الله الذي لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.

(٤) ساقة الجيش : مؤخرته.

٤٦٦

الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قام إليه ، فاعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، ودخلا.

فقال قوم من المنافقين : يشبّه ابن عمه بالمسيح ويمثله به. أفآلهتنا التي كنا نعبدها خير أم علي. فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (١).

[ خير الامة في الدارين ]

[٨٢٠] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي صلوات الله عليه :

أنت خير امتي في الدنيا والآخرة ، زوجتك خير نساء امتي في الدنيا والآخرة ، وابناك سيدا امتي في الدنيا والآخرة.

[٨٢١] عبد الله بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : جلسنا يوما مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

الآن يدخل عليكم رجل من أهل الجنة. ثم جعل يقول : اللهمّ إن شئت جعلته عليا. فأقبل عليه‌السلام فدخل.

[٨٢٢] الأشعث ، عن الحسن البصري (٢) ، أنه سمع رجلا يقع في علي عليه‌السلام فقال : أما أن هذا وقع في رجل هو أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الدنيا (٣) وأخوه في الآخرة.

__________________

(١) الزخرف : ٥٦ ـ ٥٨.

(٢) أبو سعيد ، ولد بالمدينة ٢١ ، وتوفي بالبصرة سنة ١١٠ ه‍.

(٣) وفي نسخة و: الديني.

٤٦٧

[٨٢٣] سليمان بن جعفر ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين عليه‌السلام ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله عزّ وجلّ الخلق عراة ، فيوقفون بالمحشر ، حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما ، وذلك قول الله عزّ وجلّ ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ) (١).

قال : ثم ينادي مناد : وأين نبيّ الرحمة محمّد بن عبد الله الأمي فيتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمام الناس كلهم حتى ينتهي الى حوض طوله ما بين إيلة (٢) الى صنعاء (٣) ، فيقف عليه ، وينادي بصاحبكم ـ يعني عليا عليه‌السلام ـ فيتقدم أمام الناس ، وأنتم معه ـ يعني شيعة آل محمّد عليهم‌السلام ـ ، ثم يؤذن للناس فيمرون ، فمن بين وارد يومئذ ومصدود. فإذا رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من صرف عنه من محبينا بكى ، وقال : يا رب شيعة علي. فيبعث الله عزّ وجلّ إليه ملكا يقول له : ما يبكيك؟

فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا من ورود الحوض.

قال : فيقول له الملك : إن الله عزّ وجلّ يقول لك : إني قد وهبتهم لك ، وألحقتهم بك ، وصفحت عن ذنوبهم وجعلتهم مع من كانوا يتولّون ، وأوردتهم حوضك.

قال أبو جعفر عليه‌السلام : فكم من باك وباكية ينادون يومئذ :

__________________

(١) طه : ١٠٨. والهمس الصوت الخفي.

(٢) ايلة : موضع في أعلى المدينة.

(٣) صنعاء : مدينة باليمن.

٤٦٨

يا محمّداه. إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد كان يتولانا ، ويتبرأ من عدونا إلا كان في حيزنا ومعنا (١).

[٨٢٤] أبو بكر بن أبي داود البغدادي ، عن عبد الله بن عباس (٢) ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن ، أربعة.

فقيل : من هم يا رسول الله؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح (٣) على ناقته التي عقرها قومه ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي على ناقة من نوق الجنة عليه حلّتان خضراوان وعلى رأسه تاج ، ينادي : لا إله الا الله محمّد رسول الله.

فيقول الخلائق من هذا؟ أنبيّ مرسل ، أم ملك مقرب؟

فيناديهم مناد : ما هو نبيّ مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا إمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[٨٢٥] أبو العباس أحمد ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ، ألا ترضى إذا جمع الله عزّ وجلّ

__________________

(١) وفي أمالي المفيد ص ١٧٩ : إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.

(٢) أبو العباس ، ويكنى بابن عباس ، عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، حبر الامة وترجمان القرآن ، ولد بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وكف بصره في آخر عمره وتوفي بالطائف سنة ٦٨ ه‍. قال العلاّمة في الخلاصة : ... من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان محبا لعلي عليه‌السلام وتلميذه ، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين عليه‌السلام أشهر من أن يخفى. وهناك أخبار ضعيفة السند ذكرها الشيخ الكشي في رجاله في مضمونها قدح في ابن عباس.

(٣) النبي الذي أرسله الله الى قوم ثمود ، ورد ذكره في القرآن.

٤٦٩

الخلق في صعيد واحد (١) ، عراة حفاة مشاة فيها قد قطع أعناقهم العطش ، وكان أول من يدعى إبراهيم عليه‌السلام ، فيكسى ثوبين أبيضين.

ثم يقام عن يمين العرش ، ثم يفجر لي منقب الى الحوض (٢) مثل ما بين بصرى وصنعاء (٣) عليه قدحان من فضة بعدد نجوم السماء ، فأغترف منه ، وأتوضأ ، ثم اكتسي ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، وللعرش يمينان ، ثم تقوم أنت فتشرب وتتوضأ ، ثم تكسى ثوبين أبيضين ، ثم تقوم معي لا أدعى إلى حسنة إلا دعيت معي إليها.

[ السيّد في الدنيا والآخرة ]

[٨٢٦] إسحاق بن أحمد البحراني ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرا ما إذا نظر الى علي عليه‌السلام قال : سيد في الدنيا سيّد في الآخرة.

[٨٢٧] أحمد بن يحيى الأزدي ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا أربعة.

قال له العباس : فداك أبي وأمي من هؤلاء الأربع؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله عزّ وجلّ التي

__________________

(١) الصعيد : الارض المستوية التي لا نبات فيها.

(٢) وفي بشارة المصطفى ص ٢٤٨ : ثم يفجر الى شعب من الجنة ، الى الحوض.

(٣) بصرى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق ، وصنعاء عاصمه اليمن.

٤٧٠

عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد الله وأسد رسول الله على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدلحة (١) الجنبين وعليه حلّتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، في ذلك التاج سبعون ركنا ، في كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء مسيرة ثلاثة أيام للراكب المجد. بيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلا الله محمّد رسول الله.

فيقول الخلائق : من هذا ، أملك مقرب ، أم نبيّ مرسل ، أم حامل عرش؟

فيناديهم مناد من بطنان العرش ليس بملك مقرب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا حامل عرش. هذا علي بن أبي طالب وصيّ رسول الله ، وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[ الراضية المرضية ]

[٨٢٨] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسرى بي إلى السماء أخذ جبرائيل عليه‌السلام بيدي ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك (٢) من درانيك الجنة ، فخرجت عليّ حوراء (٣) ، فقالت : السّلام عليك يا محمّد ، السّلام عليك يا أحمد ، السّلام عليك يا رسول الله.

قلت : وعليك السّلام ، من أنت يرحمك الله؟

__________________

(١) الدلح : الشيء بالحمل الثقيل.

(٢) الدرنوك : نوع من البسط.

(٣) واضاف في الرياض النضرة ٢ / ٢١١ : فخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها.

٤٧١

قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع ، أعلاي من مسك ، ووسطي من عنبر ، وأسفلي من كافور ، عجنت بماء الحيوان. ثم قال لي الجبار : كوني ، فكنت. خلقت لأخيك ووصيك وابن عمك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[ لواء الحمد ]

[٨٢٩] الحسن ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، قال : اكتنفنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد المدينة ، فتذاكرنا من أول أهل الجنة دخولا؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أولكم دخولا الجنة علي بن أبي طالب.

فقام أبو دجانة الأنصاري (١) ، فقال : بأبي وأمي أنت يا رسول الله ، لقد سمعتك تقول قبل هذا : إن الجنة محرمة على الأنبياء والامم حتى تدخلها أنت ، يا رسول الله.

قال : صدقت يا أبا دجانة ، إن لله عزّ وجلّ لواء من نور وعمودا من نور خلقها قبل أن يخلق الدنيا بألف عام مكتوب على ذلك اللواء : أنا الله لا إله إلا أنا ، محمّد عبدي ورسولي الى خلقي [ وآل ] (٢) محمّد خير البرية.

ثم أهوى بيده الى علي عليه‌السلام فقال : هذا حامل ذلك اللواء بين يدي يوم القيامة ، وصاحب لواء القوم أمامهم.

__________________

(١) وهو سماك بن خرشة.

(٢) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار ٣٩ / ٢١٨ الحديث ١١.

٤٧٢

فكبّر الناس تكبيرة واحدة ، وأشرق لون علي عليه‌السلام فقال : الحمد لله الذي شرفنا برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

[٨٣٠] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي امامة الباهلي (٢) ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن قام ، فجاء علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فوافق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( قائما ، فلما رآه جلس ، ثم قال له : يا علي أتدري لم جلست؟

قال : اللهمّ لا.

قال : [ لأخبرك ] (٣) إني ختمت النبيين وإنك يا علي ختمت الوصيين ، إن حقا على الله عزّ وجلّ أن لا يقف موسى بن عمران موقفا يوم القيامة إلا وقف معه وصيه يوشع بن النون ، واني واقف وتقف معي ، ومسئول وتسأل معي ، فأعدّ للجواب.

يا علي ، إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا زلت ، وإن الله عزّ وجلّ قد أخذ ميثاقي وميثاقك وميثاق أهل مودّتك وشيعتك الى يوم القيامة ، فلكم شفاعتي.

[٨٣١] حماد بن سلمة ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : شهد ثلاثة عشرة رجلا كلهم من أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبّل بين عيني علي عليه‌السلام. ثم قال

__________________

(١) واضاف في بحار الأنوار : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ابشر يا علي ما من عبد يحبك وينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا. ثم قرأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) القمر : ٥٤ ـ ٥٥.

(٢) وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي الصحابي ، كان مع أمير المؤمنين في صفين سكن الشام ، توفي في حمص ٨١ ه‍.

(٣) وفي الاصل : الاخبر.

٤٧٣

له : يا ابن أبي طالب إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا ما زلت. أبشر يا علي فما بيني وبينك في الجنة إلا درجة النبوة ، وهي درجة الوسيلة لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها (١) أحد بعدي ، طولها أربعة آلاف فرسخ.

ثم التفت ، فنظر فإذا هو بأبي بكر ، فقال : يا أبا بكر وأنت؟

قال : نعم.

فقال : يا رسول الله جعلت فداك لكدت أهلك فيمن هلك.

قال : أمّا [ ما ] آمنت بالله ، وشهدت أني رسول الله ، وعرفت لهذا ما عرفت بنو إسرائيل لهارون ؛ فإنك لن تضيع.

ثم ضرب بيده على منكب علي عليه‌السلام ، وقال : يا ابن أبي طالب أبشر فإنه لا يخرج بعدي فئة ثلاثمائة فما فوقها أو دونها إلا كنت أنت صاحبها وقائدها وسائقها ، والذي نفس محمّد بيده لأول من يقف أنت وأعداؤك ، وأنا قائم خلفك يدي بين كتفيك يصل برد كفي الى قلبك ) (٢) ، فيثبت الله قدميك ويصدق قولك ، فلا تخاصم منهم أحدا إلا خصمته ، وقذفته في النار.

[٨٣٢] مجاهد ، قال : سئل ابن عمر (٣) عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال : أشهد أني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

يا علي ، إني سألت الله عزّ وجلّ أن يعينني بك في سبع مواطن وعند حالات ، فأنت تلي غسلي من بين أهل بيتي ، وتنجز عداتي ، وتبري ذمتي ، وتقف معي على حوضي تسقي من يرد عليّ من امتي ، وسألت

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : يعلاها.

(٢) ما بين القوسين سقط من نسخة و.

(٣) وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب ، هاجر الى المدينة قبل ابيه ، توفي بمكة سنة ٧٣ ه‍.

٤٧٤

الله عزّ وجلّ أن يعينني بك على فتح أبواب الجنة.

قيل : يا رسول الله ، وما فتح أبواب الجنة؟

قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، والإقرار بولاية علي بن أبي طالب من بعدي.

[٨٣٣] ابن عجلان ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : شكوت من حسد الناس لي الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي ووزيري في الدنيا والآخرة ، وأن أول من دخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وفاطمة ، وذرياتنا ، وأزواجنا ، خلف ذرياتنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.

يا علي ، أنا أكرم ولد آدم ولا فخر ، وليس بيني وبين ربي حجاب إلا النور. وأول من يكسى كسوة الجنة ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الكلام ولا فخر ، وأول من يؤذن له في السجود ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الشفاعة ولا فخر ، وأول من يسعى نوره أمامه ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة ولا فخر ، وأول من يعطى سؤله ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة بشفاعته ولا فخر ، واعطى لواء الحمد يوم القيامة ، فأعطيك يا علي تسعى به أمامي وتدخل الجنة بين يدي.

[٨٣٤] وبآخر ، عن أبي امامة الباهلي (١) ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

إن الله عزّ وجلّ اختار يوشع بن نون وصيا لموسى عليه‌السلام ،

__________________

(١) وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي.

٤٧٥

وجعله من بعده نبيا ، ولو لا أن الله عزّ وجلّ ختم بي المرسلين وقضى أنه لا نبيّ بعدي لكنت يا علي من بعدي نبيا. ولكن الله عزّ وجلّ قد اختارك لي وصيا هاديا لامتي من بعدي ، فأنت صدّيقها وسائقها وقائدها الى الجنة برحمة الله عزّ وجلّ.

[٨٣٥] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

إن علي بن أبي طالب ليزهر في الجنة لأهل الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا.

[٨٣٦] وبآخر ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما ـ وأنا بين يديه أخدمه ـ يقول :

ليدخلن عليّ الساعة من هذا الباب رجل هو خير الأوصياء وسيد الشهداء ، وأقرب الناس من النبيين يوم القيامة مجلسا.

قال أنس بن مالك : اللهمّ اجعله من الأنصار.

فدخل عليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

[٨٣٧] أبو البختري (١) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات الله عليهما ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : منزلتي ومنزلتك يا علي في الآخرة متواجهتان كمنزلتي الأخوان.

[٨٣٨] مالك بن أنس (٢) ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : لما آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه جاء علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقام قائما بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم

__________________

(١) واظنه وهب بن وهب.

(٢) أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الاصبحي الحميري وأحد الائمة الاربعة عند أهل السنة وإليه تنسب المالكية ، مولده ووفاته في المدينة ٩٣ هـ ـ ١٧٩ ه‍.

٤٧٦

قال : يا رسول الله ، قد رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، وتركتني. فإن يكن ذلك لموجدة منك عليّ فلك العتبى ، فقد ضاقت عليّ الأرض برحبها.

فتبسم إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : ما الذي فعلت بأصحابي ، ولم أفعله بك يا علي؟

قال : آخيت بين كل اثنين منهم وأعطيت كل واحد منهم فضيلة ، وتركتني.

فقال له : مه يا علي ، تركتك لنفسي أنت أخي ووصيي ، وأنت معي في الجنة في قصر مع فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة ابنتي ومع الحسن والحسين ابنيّ وابنيكما.

يا علي إنما مثلنا مثل الشجرة أنا أصلها وأنت فرعها وفاطمة أغصانها والحسن والحسين ثمارها.

يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي.

يا علي يدك في يدي حتى أدخل الجنة.

يا علي إن الله عزّ وجلّ يبعث مناديا يوم القيامة من بطنان العرش مناديا ينادي : معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم حتى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط.

يا علي إنه من أحبك في حياتي وبعد وفاتي كنت له آمنا وأمانا ما طلعت الشمس وما غربت.

يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام.

يا علي أنت معي في الجنة.

يا علي وخصلة اخرى ادّخرها الله عزّ وجلّ لك.

٤٧٧

قال : يا رسول الله ، وما هي؟

قال : إن لواء الحمد يوم القيامة بيدي وأنت معي تسقي المؤمنين من حوضي ، فإذا سرنا الى الجنة أعطيتك لواء الحمد ، وقدمت به بين يدي ، وهم خلفي.

يا علي ومن أبغضك أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أصلاه جهنم وساءت مصيرا.

[٨٣٩] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن أبي ذر ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام :

أنت أول عن آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة.

قد ذكرت فيما تقدم من الأخبار كثيرا مما جرى فيها ذكر ما أفردت له هذا الباب من شهادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي صلوات الله عليه بالجنة ، واختصاصه بما أعد الله عزّ وجلّ له فيها من الكرامة والمنزلة التي لا تنبغي إلا لمن قام مقامه ، وحلّ محله من الوصية والامامة ، والمقام الذي أقامه له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان قد عهد الجنة لغيره ، فإنه لم يأت عنه أنه بلغ بأحد منهم في ذلك مبلغه ، ولا ذكر فيه مثل ما ذكر في علي عليه‌السلام. وقد وعد الله عزّ وجل المؤمنين الجنة ، ولكنه لم يجعل لهم فيها مثل هذه المنازل والدرجات التي ذكرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام وفي ذلك أبين البيان على مقامه ، وأنه كما قال فيه ، ونصّ عليه فيما ذكره وصيه من بعده كأحد أوصياء النبيين بعدهم وأفضلهم ، وصاحب أمر الامة بعده كما كان ، كذلك وصيّ كل نبي ، وصاحب أمر أمته من بعده ، وبانه لم يكن يجب لاحد أن يتقدم عليه ، ولا أن يدعي مقامه بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٧٨

فضائل أهل البيت (ع)

وممّا جاء في الاخبار مجملا في ذكر أهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين :

[٨٤٠] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي ذر رضوان الله عليه ، أنه أخذ بحلقتي باب الكعبة ، وقد اجتمع الناس للموسم (١) ، وحوّل وجهه الى الناس وهم أجمع ما كانوا في الطواف حول البيت.

فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، وإلا فأنا أعرفه بنفسي ، أنا أبو ذر الغفاري ، لا أخبركم إلا بما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سمعته يقول :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، [ ألا وإن ] مثلهما فيكم (٢) سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق.

[٨٤١] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض طرف منه عند الله ، وطرف منه في

__________________

(١) أي : موسم الحج.

(٢) هكذا صححناه من كتاب البحار ٢٣ / ١٣٤ الحديث ٧٤. وفي الاصل : مثلهما مثل سفينة.

٤٧٩

أيديكم ، فاستمسكوا به ، وعترتي.

قال فضيل : فقلت لعطية (١) : ما عترته؟

قال : أهل بيته.

[ أقول : ] وقول أصحاب اللغة في هذا أوضح وأصح.

قال الخليل (٢) بن أحمد : عترة الرجل أقرباؤه من ولده وولد ولده وبني عمه.

فولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة وولد ولده الحسن والحسين وابن عمه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

[٨٤٣] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أن رجلا سأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قوله الله عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٣) من عنى به؟

فقال علي عليه‌السلام : والذي نفسي بيده ، ما أحد ضرب عليه المواسى من قريش إلا وقد نزل فيه من كتاب الله طائفة. والذي نفسي بيده ، ما قضاه الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أحبّ إليّ من أن يكون لي [ ملء ] هذه الرحبة ذهبا وفضة ، وما بي إلا يكون قد جفّ وجرى القلم بما هو كائن. ولكن لتعلموا ، والله ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح في قومه ، أو باب حطة في بني إسرائيل.

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٢٣ / ١٣١ الحديث ٦٤ : فقلت لأبي سعيد : من عترته.

(٢) هكذا في نسخة و، وفي الاصل : قال قيل بن.

(٣) هود : ١٧.

٤٨٠