شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١١

فصالحوا على الجزية.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي نفسي بيده ، لو لاعنوني ما حال عليهم الحول وبحضرتهم (١) منهم بشر ، ولأهلك الله الظالمين.

[٦٨١] عبد الله بن صالح البصري ، باسناده ، عن الحسن البصري ، قال : جاء اسقفا نجران الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعرض عليهما الإسلام.

فقالا : إنا قد أسلمنا قبلك.

فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يبعدكما عن الإسلام ثلاث : عبادة الصليب. وأكل لحم الخنزير. وقولكما إن لله عزّ وجلّ ولدا (٢).

فقال له أحدهما (٣) : فمن أبو عيسى؟

فسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وكان لا يعجل حتى يكون ربه عزّ وجلّ هو الذي يأمره ـ فأنزل الله عزّ وجلّ ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٤). فدعاهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المبارزة للدعاء ، وأخذ بيد علي

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بخضر.

(٢) وفي شواهد التنزيل ص ١٢٢ : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير.

(٣) وفي نسخة الاصل : احداهما.

(٤) آل عمران : ٥٩ ـ ٦١.

٣٤١

وفاطمة والحسن والحسين صلوات عليهم أجمعين.

فقال أحدهما للآخر : قد أنصفك الرجل فإن بارزته بؤت باللعنة.

فقالا : لا نبارزك.

فأقرا بالجزية وكرها الإسلام.

[٦٨٢] محمّد بن علي بن شافع ، يرفعه ، قال العباس بن عبد المطلب : أنا صاحب سقاية الحاج ، يفخر بذلك.

وقالت بنو شيبة : ونحن حجبة البيت.

وكان ذلك من قولهم لعلي عليه‌السلام يريدون بذلك الفخر عليه.

فقال علي عليه‌السلام : أنا أول من آمن بالله وجاهد في سبيله. فأنزل الله عزّ وجلّ : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ) (١) الآية.

[٦٨٣] بآخر ، أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط (٢) نازع عليا في شيء دار بينهما ، فقال له الوليد بن عقبه بن أبي معيط : أنا أشجع منك.

فأنزل الله عزّ وجلّ فيهما : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ) (٣).

وقد ذكرت خبره بتمامه في موضع غير هذا من هذا الكتاب (٤).

[٦٨٤] عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي ذر أنه أقسم بالله عزّ وجلّ أن هذه

__________________

(١) التوبة : ١٩.

(٢) أبو وهب ، أخو عثمان بن عفان لأمه ، ولاه عثمان الكوفة. وصلّى الصبح فيها وهو سكران ، حرض معاوية على القتال ، مات بالرقة ٦١ ه‍.

(٣) السجدة : ١٨.

(٤) في الجزء السادس ، فراجع.

٣٤٢

الآية نزلت في علي عليه‌السلام وحمزة وعبيدة ، وفي الوليد وشيبة وعتبة لما تبارزوا يوم بدر ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (١).

[٦٨٥] موسى بن سلمة ، باسناده ، أنه لما أنزل الله عزّ وجلّ ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٢) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مني وأنا منه.

[٦٨٦] مبدر (٣) بإسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٤).

قال : كونوا مع علي ، وأصحاب علي عليه‌السلام.

[٦٨٧] الأصبغ بن نباتة ، باسناده ، قال : [ كنت جالسا عند أمير المؤمنين ] فقام ابن الكواء الى علي عليه‌السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (٥).

فقال عليه‌السلام : يا ابن الكواء (٦) ، ويحك نحن باب الله الذي يؤتى منه. [ فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ، ومن

__________________

(١) الحج : ١٩.

(٢) هود : ١٧.

(٣) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : الا مبدل.

(٤) التوبة : ١١٩.

(٥) البقرة : ١٨٩.

(٦) وهو عبد الله بن عمرو من بني يشكر النسابة يقول فيه مسكين الدارمي :

هلمّ الى بني الكواء تقضوا

بحكمهم بأنساب الرجال

وكان من الخوارج ، وكثير السؤال من أمير المؤمنين وكان يسأل تعنتا.

قال الفيروزآبادي : الكواء كشداد : الخبيث الشتام وأبو الكواء من كناهم ، وإنما قيل للخبيث الشتام : الكواء ، لانه يكوي بلسانه كيا.

٣٤٣

خالفنا وفضّل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها ] (١).

[٦٨٨] إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٢).

قال : نحن أهل الذكر.

[٦٨٩] سليمان (٣) الحكيم بن سليمان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية ، أنه قال : والله لقد نزلت في علي عليه‌السلام سبعون آية من كتاب الله عزّ وجلّ كلها أوجبت له الجنة ، وقدمته على الامة.

[٦٩٠] عباد بن يعقوب (٤) ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ « ياسين » : يقول يا محمّد. وقوله ( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (٥).

قال : هم آل محمّد عليهم‌السلام ، ـ أهل بيته ـ.

[٦٩١] وبآخر ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : فينا نزلت هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) (٦).

[٦٩٢] وبآخر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال في قول

__________________

(١) البرهان : ١ / ١٩٠.

(٢) النحل : ٤٣.

(٣) هكذا في الاصل ، وفي نسخة هـ : وبآخر الحكم بن سليمان.

(٤) البخاري الرواجني أبو سعيد من أهل الكوفة فاضل إمامي ، له كتب منها أخبار المهدي المنتظر والمعرفة في الصحابة ، توفي ٢٥٠ ه‍.

(٥) الصافات : ١٣٠.

(٦) القصص : ٥.

٣٤٤

الله عزّ وجلّ ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (١).

قال : فينا نزلت هذه الآية.

[٦٩٣] وبآخر ، عنه عليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (٢).

قال : إيانا عنى بذلك ، منا شهيد على أهل كل زمان.

والوسط : العدل.

[٦٩٤] أحمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن السدي (٣) أنه قال في قول الله عزّ وجلّ ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٤).

قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام لما نام على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الليلة التي تواعد فيها المشركون أن يأتوه ، فيقتلوه (٥).

__________________

(١) العنكبوت : ٦٩.

(٢) البقرة : ١٤٣.

(٣) اسماعيل بن عبد الرحمن السدي تابعي حجازي الاصل سكن الكوفة ، توفي ١٢٨ ه‍.

(٤) البقرة : ٢٠٧.

(٥) وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عليه‌السلام :

وفيت بنفسي خير من وطأ الحصى

وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر

وبتّ أراعي منهم ما ينوبني

وقد صبرت نفسي على القتل والأسر

محمّد لما خاف أن يمكروا به

فنجاه ذو الطول العظيم من المكر

وبات رسول الله في الغار آمنا

فما زال في حفظ الإله وفي ستر

( شواهد التنزيل : ١ / ١٠٣ ـ الحديث ١٤٣ ).

٣٤٥

[٦٩٥] بآخر ، عن مجاهد ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ : ( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (١).

قال : الذي جاء بالصدق محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي صدّق به علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

[ آية التصدّق ]

[٦٩٦] عبد الرزاق ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس أنه قال في قول الله عزّ وجلّ ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) (٢).

قال : نزلت في علي عليه‌السلام ، كانت له أربعة دنانير (٣) ، فتصدّق بدينار منها نهارا ، وبدينار منها ليلا ، وبدينار منها سرا ، وبدينار علانية.

[٦٩٧] عبد الوهاب ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : أخرجت من مالي صدقة يتصدّق بها عني ، وأنا راكع [ أربعا و ] (٤) عشرين مرة على أن ينزل فيّ مثل ما نزل في علي عليه‌السلام فما نزل في شيء.

ومثل ما نزل في علي عليه‌السلام لما تصدق وهو راكع ، وقد تقدم ذكره في قول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥). فأراد عمر أن يكون له ولاية المؤمنين ولا يكون ذلك إلا لمن خصّه الله عزّ وجلّ به.

__________________

(١) الزمر : ٣٣.

(٢) البقرة : ٢٧٤.

(٣) وفي مناقب ابن المغازلي والخوارزمي وكفاية الطالب وتاريخ دمشق : أربعة دراهم.

(٤) ما بين المعقوفتين من بحار الأنوار : ٣٥ / ٢٠٣.

(٥) المائدة : ٥٥.

٣٤٦

[٦٩٨] عبد الله أبو محمّد ، باسناده ، عن عبد الله بن عطاء ، قال : كنت جالسا عند أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين عليه‌السلام ، فمرّ بنا ابن عبد الله بن سلام.

فقلت لأبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام : هذا ابن الذي عنده علم من الكتاب.

قال : [ لا ] (١) الذي عنده علم من الكتاب علي بن أبي طالب عليه‌السلام نزلت فيه أربع آيات :

هذه الآية (٢).

وقوله : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٣). فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي إنك تهدي المهتدين من بعدي.

ونزلت فيه : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٤). فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مني وأنا منك.

وقوله : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٥) فلما أن انزلت أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي عليه‌السلام وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من : ما نزل من القرآن في علي للحبري : ص ٦٣.

(٢) وعنده علم الكتاب.

(٣) الرعد : ٧.

(٤) هود : ١٧.

(٥) المائدة : ٦٧.

٣٤٧

[ آية الولاية ]

[٦٩٩] محمّد بن فضل (١) ، باسناده ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٢) قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الظهر.

فقالوا : يا رسول الله إن بيوتنا قاصية [ من المسجد ] (٣) ولا نجد محدثا دون هذا المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركناهم ودينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلمونا ، فشقّ ذلك علينا [ ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ].

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ نزلت ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

فقرأها عليهم فقالوا : رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين [ وليا ].

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ ، وفي الأصل : قصل ابي محمّد.

(٢) المائدة : ٥٥.

(٣) ما بين المعقوفتين من : النور المشتعل : ص ٦٦.

٣٤٨

وأذن بلال لصلاة الظهر ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المسجد والناس يصلّون بين راكع وساجد وقاعد ، ومسكين يسأل.

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل أعطاك أحد شيئا؟

فقال : نعم.

قال : ما ذا [ أعطاك ].

قال : خاتم فضة.

قال : من أعطاكه؟

قال : ذلك الرجل القائم. وأشار الى علي عليه‌السلام.

قال : على أي حالة أعطاكه؟

قال : [ اعطانيه ] وهو راكع.

فكبّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبر عليا بما نزل فيه (١).

[٧٠٠] عبد الله بن حكيم بن جبير ، عن علي عليه‌السلام أنه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله ، هل نقدر على رؤيتك في الجنة كلما أردنا؟

__________________

(١) قال حسان بن ثابت :

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطىء في الهدى ومسارع

أيذهب مدحي والمحبر ضائع

وما المدح في جنب الاله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا

فدتك نفوس القوم يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وبينها في محكمات الشرائع

أقول : ومن المؤسف أن شيخ الاسلام ابن تيمية أو تمية الذي يدعى ما يدعي من العلم ينكر هذا الحديث المشهور بحد التواتر ويقول بكل وقاحة في منهاج السنة ١ / ١٥٦ : قد وضع بعض الكذابين حديثا مفترى أن هذه الآية ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... ) الآية » نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة. وهذا كذب باجماع اهل العلم بالنقل. يا سبحان الله ، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون.

٣٤٩

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن لكلّ نبي رفيقا وهو أول من يؤمن به من امته. وأنت أول من آمن بي ، فأنت لي رفيقي في الجنة (١).

فأنزل الله عزّ وجلّ : ( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (٢).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي قد أنزل الله عزّ وجلّ جواب ما سألت عنه وجعلك رفيقي في الجنة وأنت الصدّيق الأكبر ، لأنك أول من أسلم.

[٧٠١] أحمد بن محمّد بن زياد ابن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن عباس ، قال (٣) : لما أنزلت ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٤).

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون.

[٧٠٢] وبآخر ، عن ابن عباس أيضا ، أنه قال : في قول الله عزّ وجلّ ( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (٥).

قال : سابق هذه الامة علي بن أبي طالب. (٦)

[٧٠٣] محمّد بن سنان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، أنه قال

__________________

(١) هكذا في الاصل ، وفي نسخة هـ : رفيقا ، وهو أول من آمن به ، فأنت رفيقي في الجنة فأنزل الله ...

(٢) النساء : ٦٩.

(٣) وفي الاصل : قال له.

(٤) الرعد : ٧.

(٥) الواقعة : ١١.

(٦) وينسب إليه عليه‌السلام :

سبقتكم الى الإسلام طرا

صغيرا ما بلغت أوان حلمي

٣٥٠

في قول الله عزّ وجلّ : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ) (١).

قال : اختار محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته.

[٧٠٤] وقال في قول الله عزّ وجلّ ( وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) : يعني بولاية علي عليه‌السلام ( وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ ) : يعني الّذين كفروا ولايته.

[٧٠٥] ومنه قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام :

لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

[٧٠٦] وقول بعض أصحابه (٣) : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا ببغضهم عليا عليه‌السلام.

[٧٠٧] وإنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) (٤).

وقوله : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ ) (٥). قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ عليهم المواثيق مرتين لأمير المؤمنين علي عليه‌السلام :

فقال : هل تدرون من وليّكم بعدي؟

فقالوا : الله ورسوله أعلم.

قال : إن الله عزّ وجلّ يقول : ( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٦) وأشار الى علي عليه‌السلام فهو

__________________

(١) القصص : ٦٨.

(٢) العنكبوت : ١١.

(٣) وهو أبو سعيد الخدري ، راجع تخريج الاحاديث.

(٤) محمّد : ٢٨.

(٥) محمّد : ٢٦.

(٦) التحريم : ٤.

٣٥١

وليّكم بعدي.

والثانية : أشهدهم على أنفسهم يوم غدير خم. وقد كانوا يقولون : إن قبض ـ يعنون محمّدا رسول الله ـ لا نرجع الأمر في آل محمّد ، ولا نعطيهم الخمس. فأطلع الله عزّ وجلّ نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمرهم ، وأنزل عليه : ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ. أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) (١). وأنزل عليه : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها. إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ) (٢).

[٧٠٨] وقال في قوله الله عزّ وجلّ : ( وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا ) إيمانهم لمحمّد و ( إِيماناً ) (٣) بولاية علي عليه‌السلام.

[٧٠٩] وسئل عن قول الله عزّ وجلّ : ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ ) إن عصيته فيما أمرني ( وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية علي ( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) (٤).

قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الذي كرهتموه من ولاية علي ليس هو لي ولا عن أمري هو لله عزّ وجلّ أمرني به ولا أعصيه ، ولو عصيته لعذبني كما تواعدني.

__________________

(١) الزخرف : ٧٩ و ٨٠.

(٢) محمّد : ٢٢ ـ ٢٥.

(٣) المدثر : ٣١.

(٤) الجن : ٢١ ـ ٢٣.

٣٥٢

[٧١٠] وعنه عليه‌السلام ، أنه قال : نزل في علي عليه‌السلام من سورة هل أتى على الانسان (١) قوله : ( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) الى [ قوله تعالى ]( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (٢).

وقال عليه‌السلام : من أراد أن يعرف ما أنزل الله عزّ وجلّ فينا وما أنزل في عدونا فليقرأ سورة : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا ) (٣) فإنها نزلت آية فيهم وآية فينا.

[٧١١] الحسن بن واسم ، باسناده ، عن طاوس قال : نزلت في علي عليه‌السلام سبعون (٤) آية من كتاب الله عزّ وجلّ ما يشركه فيها أحد من الناس.

[٧١٢] سعد (٥) بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي عليه‌السلام أنه قال : نزل القرآن أرباعا ، فربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سير وأمثال ، وربع فرائض وأحكام. ولنا كرائم القرآن.

فهذا يغني عن التطويل والإكثار. ومن نزل فيه ربع القرآن وكان له كرائمه مع ما ذكرناه أنه نصّ عليه فيه بعد ما تركنا ذكر ما رأينا أن العامة لم نروه ، وكرهنا ذكره لأن لا تعرضه لتكذيبها به اذ فيها ذكرنا من ذلك مالا

__________________

(١) قال المغفور له جدنا آية الله الخراساني في كتاب الألفين ص ١٠٥ :

وإنما الأبرار في النصّ الجلي

سيدهم بالقطع مولانا علي

آيات هل أتى لمن ، وهل أتى

إلا لمن انزل فيه لا فتى

(٢) الإنسان : ٥ ـ ٢٢.

(٣) سورة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٤) هكذا في نسخة هـ ، وفي الاصل : تسعون.

(٥) وفي كلا النسختين : سعيد.

٣٥٣

يدفع فضل من نزل فيه من سمعه ، ولا يقس (١) به غيره وفي ذلك كفاية وبلاغ لذوي الألباب.

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ ، وفي الأصل : ولا يلبس.

٣٥٤

[ زواج فاطمة بعليّ ]

ومناقب ومآثر وفضائل لعلي عليه‌السلام من وجوه شتى

[٧١٣] محمّد بن مسلم أبو عبد الله الرازي ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كانت فاطمة عليه‌السلام تذكر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان لا يذكرها أحد إلا صدّ عنه حتى يئسوا منها ، فلقي سعد بن معاذ الأنصاري (١) عليا عليه‌السلام ، فقال له : والله ما أرى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يريد بها غيرك.

فقال علي عليه‌السلام : أترى ذلك؟ فو الله ما أنا بواحد من الرجلين ما أنا بصاحب دنيا يلتمس لها ما عندي منها. لقد علم أنه مالي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الذي يترفق به عن دينه ويتألفه ، إني لأول من أسلم.

قال : أعزم عليك لتفرجها عني ، فإن لي فرجا. [ لتفعلن ] (٢).

قال : أقول ما ذا؟

قال : تقول جئت خاطبا الى الله ورسوله فاطمة بنت رسول الله

__________________

(١) سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الاوسي من أهل المدينة سيد الأوس وحامل لوائهم في بدر واحد ، ويوم خندق رمي بسهم ادى الى وفاته سنة ٥ هـ ، ودفن بالبقيع عن عمر يناهز ٣٧ سنة وحزن عليه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٢) ما بين المعقوفتين من كشف الغمة ١ / ٣٧٠.

٣٥٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليها.

فانطلق علي حتى أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأراد أن يتكلم ، فانحصر عن الكلام حياء وإجلالا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فلما رأى ذلك قال : كأن لك يا علي حاجة ، فتكلم بما تريده! قال : نعم إني جئت خاطبا الى الله ورسوله فاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرحبا ، كلمة ضعيفة (١).

فاستحى علي عليه‌السلام فرجع الى سعد.

فقال له : ما فعلت؟

قال : فعلت الذي أمرتني به. فما زاد عليّ أن رحب بي ، وقال كلمة ضعيفة.

فقال سعد : قد أنكحك والذي بعثه بالحق نبيا ، لأنه لا خلف عنده ولا كذب ، أعزم عليك لتأتينه ، فلتقولن متى تبنيني بأهلي يا رسول الله؟

قال علي عليه‌السلام : هذه أشد من الاولى ، بل أقول حاجتي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال سعد : قل كما أمرتك.

فانطلق علي عليه‌السلام حتى أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال له : متى تبنيني بأهلي يا رسول الله؟

قال : الليلة إن شاء الله. [ ثم انصرف ].

__________________

(١) وفي كشف الغمة : مرحبا وحبا. ولم يزده على ذلك ثم تفرقا.

٣٥٦

ثم دعا بلالا ، فقال : يا بلال إني قد زوجت ابنتي بابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من سنتي إطعام الطعام عند النكاح ، فاذهب فخذ لنا فخذ شاة وأربعة أمداد ـ أو قال خمسة أمداد ـ واجعل لي قصعة لعلي اجمع عليها المهاجرين والأنصار ، فإذا فرغت منها فأذني بها.

فانطلق بلال ، ففعل الذي أمره به ، ثم أتاه بالقصعة ، فوضعها بين يديه. فطعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في رأسها (١).

ثم قال : ادخل على القوم رفقة رفقة ولا تغادرن أحدا.

فجعل الناس يردّون كلما فرغت رفقة دخلت اخرى حتى فرغ الناس وصدروا عنها ، وهي كما هي.

ثم عمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إليها فتفل فيها وبارك عليها. ثم قال : يا بلال احملها الى امهاتك ، وقل لهن يطعمن من النساء من غشيهن ، ويأكلن. ففعلن ، وأكلن.

ثم قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى النساء ، فقال لهن : إني قد زوجت (٢) ابنتي ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني ، وأنا دافعها إليه الآن إن شاء الله ، فدونكن ابنتكن.

فقمن النساء إليها فعلقنها من طيبهن وعلقن عليها من حليهن.

ثم إن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قام وبينه وبين النساء سترة. فلما أن رأينه وثبن ، وتخلفت أسماء بنت عميس (٣). فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أنت؟ على رسلك.

__________________

(١) واضاف في كشف الغمة : ثم تفل فيها وبرك.

(٢) وفي الاصل : تزوجت.

(٣) وسوف يأتي في فضل فاطمة الزهراء عليها‌السلام أنها ليست أسماء زوجة جعفر الطيار بل هي غيرها فراجع الجزء الحادي عشر. ومع أن في الاصل أسماء بنت عمش وهو تصحيف.

٣٥٧

قالت : أنا أسماء أحرس ابنتك فاطمة ، إن الفتاة ليلة بنيانها لا بدّ لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها.

فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أسأل الهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك من الشيطان الرجيم.

ثم خرج بفاطمة عليها‌السلام ، فأقبلت ، فلما أن رأت عليا عليه‌السلام جالسا الى جنب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حصرت وبكت. فأشفق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون بكاءها لأن عليا عليه‌السلام لا مال له (١).

فقال لها : ما يبكيك ما ألوتك (٢) ونفسي ، وقد أصبت لك خير أهلي ، وايم الله لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.

ثم قال : يا أسماء املئي لي مخضب ماء وآتيني به.

فملأت وأتته به ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منه ومجه فيه. ثم غسل فيه وجهه وقدميه ، ودعا فاطمة عليها‌السلام ، فأخذ كفا من ذلك الماء فنضحه على صدرها ، وأخذ كفا ثانيا فنضحه على ظهرها [ ثم أمرها أن تشرب بقية الماء ].

__________________

(١) والعجب من المؤلف رحمه‌الله طرح هذا الاحتمال مع علو مقام الزهراء سلام الله عليها ومنزلتها وزهدها وإيثارها في سبيل الله ممّا يشهد لها القرآن بذلك وربما كان ذلك منها لتعرف من حضرها مقام ومنزله أمير المؤمنين (ع) وهذا الاحتمال لا يليق بشأنها.

(٢) ألوتك : أي قصدتك.

٣٥٨

ثم دعا بعلي عليه‌السلام فصنع به مثل ذلك.

ثم قال : اللهمّ إنهما مني وأنا منهما ، فكما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهبه عنهما وطهرهما.

ثم قال : قوما الى بيتكما جمع الله بينكما ، وبارك لكما في سيركما ، وأصلح بالكما.

ثم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قام فأغلق عليها بابهما بيده.

قال ابن عباس : خبرتني أسماء بنت عميس ، أنه لم يزل يدعو لهما لم يشرك (١) في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته صلى‌الله‌عليه‌وآله .

[٧١٤] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه دخل على فاطمة عليها‌السلام بعد أن بنابها علي عليه‌السلام بأيام فصنعت له طعاما كما تصنع الجارية إذا رأت بعض أهلها ، وقدمته له وبكت.

فقال : ما يبكيك [ يا بنية ] ، وقد زوجتك خير من أعلم.

[٧١٥] اسماعيل بن أبان (٢) ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، قال : خطب أبو بكر فاطمة عليها‌السلام الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأعرض عنه ، وخطبها عمر ، فأعرض عنه.

فقال لي عمر : أنت لها يا علي.

فقلت : والله ما عندي إلا درعي وسيفي وحملي.

قال : فسألني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك ، ما عندك. فقلت : ذلك ، فزوجني فاطمة عليها‌السلام.

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : لم يشركما.

(٢) أبو اسحاق اسماعيل بن أبان الوراق الازدي ، توفي ٢١٦ ه‍.

٣٥٩

وقال : لقد زوّجتك أولهم إسلاما ، وأكثرهم علما ، وأفضلهم حلما.

[٧١٦] عمر بن حماد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث مصدقا الى قوم ، فوثبوا عليه ، فقتلوه ، فأرسل إليهم عليا عليه‌السلام فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وانصرف.

وبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خبره ، فتلقاه خارجا من المدينة. فلما لقيه اعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، وقال : بأبي وأمي من شدّ الله به عضدي كما شدّ عضد موسى بهارون عليهما‌السلام.

٣٦٠