تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ١

الشيخ علي القوچاني

تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

الشيخ علي القوچاني


المحقق: محمّد رضا الدّانيالي
الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-30-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-29-4

الصفحات: ٥٧٠
الجزء ١ الجزء ٢

الفاسدة أو في بعض العبادات الاخرى ، فلا ينكشف منه معنى يكون جامعا ومانعا.

قلت : أولا : الظاهر من الاخبار انحصار مثل هذا الاثر بالصلاة ، فاذا انضم اليه القطع بعدمه في الفاسدة ينتج الجامع المانع.

و [ ثانيا : ] على تقدير تسليمه نقول : انّه بعد الاتفاق بين الصحيحي والأعمي على أنّ الصلاة بمعنى غير شامل للعبادات الاخرى ، فاذا تعلق الامر بها بعنوانها فلا بد بحسب نفس الامر أن يتعلق بخصوصية شاملة للافراد الصحيحة ومانعة من الفاسدة ، وتكون تلك الخصوصية امّا معنى مساويا لمعنى الصلاة بناء على الصحيحي ، أو الاخص منها على الأعمي ؛ ومن المعلوم انّه بعد انضمام تلك الخصوصية [ الى عنوان ] (١) الصلاة الواقعي يستكشف المعنى الجامع للافراد الصحيحة والمانع عن غيرها ؛ وان أبيت عن الاستكشاف فيستكشف عن مثل قوله عليه‌السلام : « بني الاسلام على خمس : الصلاة ... الخ » (٢) كما لا يخفى.

٣٤ ـ قوله : « احدها : أن يكون عبارة عن جملة من أجزاء العبادة ». (٣)

أي مأخوذة لا بشرط كي تصدق الصلاة على مطلق المركب منها سواء كان واجدا لسائر الاجزاء والشرائط أم لا.

وفيه : مضافا الى عدم صدق الصلاة على صلاة المضطجع والمستلقي والغرقى وغيرهم وعدم صدق الجزئية لسائر الاجزاء ، انّه يلزم عليه عدم صدقها على الواجد لجميع الاجزاء والشرائط ، لكون المركب المشتمل عليها وعلى غيرها غير المشتمل عليها فقط.

__________________

(١) في الاصل الحجري ( بعنوان ).

(٢) الكافي ٢ : ١٨ ـ ٢١ باب دعائم الاسلام ، الحديث ١ ، ٣ ، ٥ ، ٧ ، ٨ ؛ الخصال : ٢٧٧ الحديث ٢١.

(٣) كفاية الاصول : ٤٠ ؛ الحجرية ١ : ٢٠ للمتن و ١ : ٢١ العمود ٢ للتعليقة.

٨١

ولا يجدي أخذها لا بشرط لانّ له معنيين :

أحدهما : معنى أخذ أحد المعنيين بنحو من الاتحاد مع الآخر ، بحيث يتحدان في الوجود الخارجي ، ويحمل كل منهما على الآخر ، ويكون التركيب بينهما تركيبا اتحاديا كما في الجنس والفصل.

وثانيهما : بمعنى أخذ أحد الشيئين بحيث لا يأبى عن صدقه على نفسه ولو اجتمع مع غيره وجودا على نحو الانضمام ؛ في مقابل ما أخذ بشرط لا ، بحيث لو اجتمع مع غيره لا يصدق على نفسه حين الاجتماع مع غيره.

ومن المعلوم انّ اعتبار اللابشرط في المركبات الخارجية الموجود كل منها بوجود على حدة انما هو بالمعنى الثاني ، وكلما اخذت اجزاء المركب كذلك لا يصدق الاسم الموضوع لبعض منها لا بشرط على المجموع المركب منه ومن غيره كما فيما نحن فيه بالنسبة الى الاركان لو قلنا بوضع لفظ ( الصلاة ) لها كما هو واضح.

٣٥ ـ قوله : « ثانيها : أن تكون موضوعة لمعظم الاجزاء ». (١)

أو لجملة من الاجزاء لا على التعيين ، ولكن بحيث تقوم بها الهيئة العرفية.

ويختلف ما به قوام الهيئة بحسب الموارد ، فقد يقوم بأزيد أو أنقص ، نظير المركبات الخارجية من مثل البيت وغيره ، فانّه لا شك في اختلاف اجزاء البيت من الاركان والجدران والابواب والاخشاب وغيره بحسب اختلاف وجوده بحسب الامكنة والموارد.

ولكنه لا يخفى انّ المراد من جملة من الاجزاء :

لو كان هو مصداقا منها ، فلا يخفى ورود ما ذكر في المتن بالنسبة الى معظم

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤١ ؛ الحجرية ١ : ٢٠ للمتن و ١ : ٢٢ العمود ١ للتعليقة.

٨٢

الاجزاء عليه أيضا ، سواء كان المراد جملة معينة كالاركان ، أو غير معينة.

وامّا اذا كان المراد طبيعة جملة من الاجزاء لا على التعيين ولا بشرط بالنسبة الى الزيادة والنقيصة ، لا بأن تكون هذه الطبيعة وهذا المفهوم هو الموضوع له حتى يكون لفظ ( الصلاة ) مرادفا لهما ، بل بأن تكون تلك الطبيعة آلة اللحاظ ، مع الالتزام بكون الموضوع له هو المصاديق المختلفة قلة وكثرة بحسب الموارد ، أو بأن يستكشف من دوران الاسم عند العرف مدار تحقق طبيعة جملة من الاجزاء ؛ يتحقق (١) جامع مساو بحسب الصدق لتلك الطبيعة.

ولكنه يتوقف على أن تؤخذ تلك الطبيعة الكاشفة بنحو يجمع جميع شتات الصلاة الصحيحة حتى الغرقى أو نحوها والفاسدة بأقسامها ويمنع عن غير افراد الصلاة.

واحرازها بهذا النحو ـ مع احراز صدق الاسم عرفا في جميع مصاديق تلك الطبيعة بحيث يكشف عن وجود الجامع ـ بمكان من الاشكال.

وامّا في المركبات الخارجية الاعتبارية ـ من مثل البيت ونحوه ـ فيمكن أن يلتزم انّ الجامع طبيعته بسيطة من مثل ( المسكن ) ونحوه المتقوم بحسب الخارج بالهيئة المعهودة العرفية المؤتلفة من الجدران ونحوها ، ومثله غير معلوم فيما نحن فيه.

٣٦ ـ قوله : « وفيه : انّ الأعلام انما تكون موضوعة للاشخاص ». (٢)

وبعبارة اخرى : انها لم تكن موضوعة للبدن المحسوس بما هو مادة ، بل لما به فعليته و [ تحتفظ ] (٣) به وحدته ـ مع اختلافاته وتبدلاته الواردة عليه ـ وهو

__________________

(١) خبر « كان » الآنفة في أول المقطع.

(٢) كفاية الاصول : ٤١ ؛ الحجرية ١ : ٢٠ للمتن و ١ : ٢٢ العمود ١ للتعليقة.

(٣) في الاصل الحجري ( يتحفّظ ).

٨٣

الصورة باعتبار والنفس باعتبار [ آخر ] على ما هو التحقيق في محله من كونها متحدة مع الوجود الشخصي ، بل عينه ، وانما الاختلاف بحسب المفهوم.

وامّا فيما نحن فيه فليس في البين وجود شخصي يوضع له اللفظ ، بل كل ما فرض من الوجود ، يوجد بين الافراد وجود آخر يباينه بالكلية ، مع عدم كونه بنفسه ذا هوية واحدة شخصية كما لا يخفى.

٣٧ ـ قوله : « رابعها : إنّ ما وضعت له الالفاظ ابتداء هو الصحيح التام الواجد لتمام الاجزاء والشرائط ». (١)

ان قلت : انّ عدّ وضع اللفظ بازاء الصحيح ـ مع مسامحة العرف في اطلاق اللفظ على غيره ـ من وجوه تصوير الجامع لا وجه له.

قلت : لعل الوجه هو انّه بعد المسامحة ينقل اللفظ الى الأعم ؛ أو انّ الموضوع له فيما نحن فيه ابتداء هو الأعم ؛ ويكون ذكر المسامحات العرفية في المركبات العرفية ـ لاجل تصوير الأعم ـ امّا لاجل المسامحة في الصحيح بجعل الفاسد من افراده ، أو لاجل استكشافه من المسامحة ـ الكاشفة عن ما به المشابهة ـ الجامع بين الصحيح والفاسد.

إلاّ أنّ الاشكال عدم مقياس معيّن فيما نحن فيه حتى يتسامح في اطلاق اللفظ الموضوع له على الزائد عنه والناقص كما في المركبات والمعاجين ، لكون الصحيح فيما نحن فيه ابتداء متعددا ، ولا يكون المشابه لواحد منها مشابها لغيره.

ومن هنا ظهر : انّ ما قيل : [ من ] انّ الصلاة مثلا على الأعمي موضوعة للافراد الصحيحة ـ المشار اليها بالعنوان الاجمالي ـ ولما يشابهها في الهيئة ، لا وجه له أيضا ، حيث انّ هيئات الصحيحة مختلفة [ و ] باختلافها يختلف افراد

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٢ ؛ الحجرية ١ : ٢٣ للمتن و ١ : ٢٣ للتعليقة.

٨٤

المشابه لها في الهيئة فكلّ واحد من الهيئات لا يشمل غير ما يشابهه من سائر الافراد الفاسدة.

وان كان المراد هو مفهوم ما يشابه وجود طبيعة الصحيح في الهيئة ـ على اختلافها ـ فيلزم أن يكون اللفظ مشتركا لفظيا بين ذينك المفهومين.

وان جعل الموضوع له هو افرادهما فيصير الامر أشنع.

ولا يتوهم : انّه يستكشف الجامع حينئذ من وجه المشابهة بين طبيعة الصحيح وما يشابهها في الهيئة ، لمكان وجوده في طرفي التشبيه.

لأنّا نقول : لعل وجه المشابهة بين كل من الفاسد بالنسبة الى صحيحه هو خصوص هيئة الصحيح غير المطّردة في الموارد الاخرى.

ثم انّه قد تصدى بعض الافاضل من المعاصرين لاثبات الجامع بين الصحيح والأعم بنفس البرهان الذي اقيم على اثباته بين افراد الصحيح.

بيانه : أنّ تأثير المركب الصحيح في المركب الاعتباري ـ الذي ليس له وجود إلاّ وجودات الاجزاء ـ لا يستند إلاّ الى نفس وجوداتها المتعددة ، وتأثيرها لا بد أن يكون بجامع بينها موجود في ضمن كل منها كما يكون بين الكل ، لما نشاهد من اختلاف اجزاء المركب بحسب الموارد زيادة ونقيصة وتبدلا ، والمفروض انّ المركب ليس إلاّ نفس وجودات الاجزاء ، فان كان بينها جامع يستند اليه الاثر يكون ذلك قدرا مشتركا بينها وبين الكل ، فيكون هو الجامع بين الواجد والفاقد والصحيح والفاسد ، سواء قلنا بالتأثير الفعلي لكل واحد من الاجزاء ـ غاية الامر أضعف من أثر الكل ـ أو لا ، بل كان لها شأنية الاثر كما في الجماعة الرافعة للحجر باجتماعها فانّ كلا منهم لا يترتب عليه إلاّ شأنية الاثر ، وإلاّ فيلزم تأثير المختلفات بما هي كذلك في الواحد.

ولكنه توهم في غير محله ، لانّ المشاهد ـ بل اللازم ـ في المركبات

٨٥

الخارجية اختلاف الاجزاء فيها كما في المواليد من المعدنيات والنباتات والحيوانات المركبة من العناصر الاربعة بما هي مختلفة مشتملة على صور نوعية وذات كيفيات متباينة من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وسائر أقسام المعاجين المشتملة على المزاج ، فانّه لو لا ذلك لما حصل بينها الكسر والانكسار ، فلا يحصل التركيب والامتزاج.

نعم قد تكون اجزاء المركب متماثلة متشابهة في الاثر كما في مقدار من السكنجبين الرافع للصفراء غير الحاصل بأقلّ منه ، وحينئذ حقيقة لا تركيب إلاّ مجرد الانضمام.

وكذا الحال في المركبات الاعتبارية فانّه قد تكون اجزاء المركب مختلفة في التأثير ، بل كل منها في حالة الانفراد عنه متعلق للغرض أو مبغوض ولكنها عند انضمامها تكون محبوبة ومتعلقة للغرض ، بل لا بد أن يكون الامر بين الواجد للشرط والفاقد له كذلك ، لاختلافهما في الوجود الخاص مع دخل الخصوصية الوجودية في الغرض ، وعند فقدانها لا يكون الفاقد كذلك قطعا [ من ] (١) الواجبات كما في الصلاة في حال الطهر والحيض.

نعم قد يكون اجزاء المركب ذات أثر مشابه لاثر الكل ، ولكنه غير لازم كما هو واضح ؛ وحينئذ فكيف يستكشف الجامع بين الاجزاء وبين الكل؟

فان قلت : بعد ما عرفت انّ الوحدة في المركبات الاعتبارية اعتبارية والكثرة حقيقية ، فكيف يستند التأثير الى الصورة الانضمامية؟ نعم لا بأس به في المركبات الحقيقية ، للوحدة الحقيقية الحاصلة للصورة النوعية التركيبية.

قلت : انّ الاثر في المركبات الاختراعية الاعتبارية [ هو ] الملاءمة والمنافرة

__________________

(١) في الاصل الحجري ( في ).

٨٦

بالنسبة الى القوى الحيوانية الجزئية ، والحسن والقبح بالنسبة الى العقل ؛ وهي قابلة الاستناد الى الاعتباريات ، لما تقرر في محله من اختلاف الملاءمة والمنافرة والحسن والقبح بالوجوه والاعتبار.

ولعل التوهم نشأ من انّ اللازم دخل وجودات الاجزاء ـ ولو في حصول الصورة النوعية ـ في المركبات الحقيقية ، والماهية الاعتبارية في المركبات الاعتبارية ؛ وبدون جامع مشترك بينها وبين الكل يلزم انثلام قاعدة عدم صدور الواحد عن الكثير ، وهو باطل ولو في الواحد الانتزاعي كما في منظومة السبزواري :

لانّ معنى واحدا لا ينتزع

مما لها توحّد ما لم يقع (١)

ولكنه اشتباه قد حصل من عدم التميز بين الواحد البسيط الحقيقي ـ كما في الصادر الاول والمجردات ـ وبين الواحد الاعتباري المشتمل على جهات متكثرة كما في معلولات سجلّ الكون أو الوجودات المادية ، فانّ لكل موجود منها من جواهرها وأعراضها جهات متكثرة يحتاج من كل منها الى علة مباينة للعلة المحتاجة اليها جهاتها الاخرى ، فالعلة لا بد أن تكون مركبة من المادة والصورة والشرائط والمعد ومقتضي الوجود ، ولا يكون التأثير مستندا الى جهة جامعة بينها ، وإلاّ لزم الجزاف من عدّ واحد منها شرطا وآخر معدا وثالث مقتضيا ، ولزم صدور الكثير عن الواحد ، كما انّه لا يكون واحد من الجهات مستندا الى جميع اجزاء العلة وإلاّ لزم صدور الواحد عن الكثير ، بل لا بد من كل من جهات المعلول الى جزء من اجزاء العلة.

فما صدر عن الفاضل المتوهم ـ من عدم صدور أثر المركب عنه مع اختلاف

__________________

(١) شرح المنظومة ( القسم الاول من الجزء الثاني ) : ١٠٤ ؛ والطبعة الحجرية ( قسم الفلسفة ) : ٢٤ في : غرر في بيان الاقوال في وحدة حقيقة الوجود وكثرتها.

٨٧

اجزائه ـ انما نشأ لاجل عدم تميز أقسام الوحدة ، وليس ذلك ببعيد لعدم اطّلاعه على المعقول. وعلى كل حال فقد ظهر عدم لزوم وجود الجامع بين الاجزاء من جهة وحدة الاثر في الكل.

وامّا الافراد الصحيحة فلا بد أن يكون بينها جامع ، لاشتراكها في الاثر.

فان قلت : لعل ذاك الاثر مشترك بين الصلاة الصحيحة والفاسدة ، بل غيرها من العبادات ، فكيف يستكشف منه قدر مشترك جامع ومانع؟

قلت :

أولا : انّ الظاهر من الأخبار كون النهي عن الفحشاء مستندا الى خصوص الصلاة وحدها ، ولا أثر منه في الفاسد منها أصلا.

وثانيا : بأنّه يستكشف من خصوص الامر الصلاتي ـ الممتاز عن غيره المردد بين الصحيح والأعم بالفرض ـ خصوصية جامعة لافراد الصلاة الصحيحة غير موجودة في الافراد الفاسدة ، لعدم تعلق الامر بها ، ولا في غير الصلاة لتميّز عنوان الصلاة عن غيره بالاتفاق.

وامّا احتمال كون الصلاة الصحيحة حقائق متباينة مشتركة في تعلق الامر بعنوان واحد ، فمندفع : باتفاق الكل على كونها حقيقة واحدة ، مع القطع بتعلق الامر بها بخصوصية واحدة.

كما انّه يستكشف الجامع أيضا من قوله عليه‌السلام : « بني الاسلام على خمس ... الخ » (١) حيث انّ المعدود من جملة الخمس الصلاة بمعنى واحد وإلاّ لزاد على الخمس كما لا يخفى ؛ مع عدم شموله للفاسد بقرينة جعلها مما بني عليه الاسلام.

__________________

(١) الكافي ٢ : ١٨ ـ ٢١ باب دعائم الاسلام ، الحديث ١ ، ٣ ، ٥ ، ٧ ، ٨ ؛ الخصال : ٢٧٧ الحديث ٢١.

٨٨

والحاصل : انك عرفت عدم طريق لاثبات الجامع للأعمي حتى يدّعى الوضع له وان كان وجوده ممكنا احتمالا ، إلاّ انّه غير مجد كما لا يخفى.

ومن هنا ظهر : أنّ ما رتّبوه من الثمرة بين الصحيحي والأعمي من اجمال المطلقات على الاول وتبيّنها على الثاني في غير محله بعد عدم تصوير الجامع في الثاني ، بل يصير الامر بالعكس بمعنى انّ مفهوم الخطاب يكون مبيّنا على الصحيحي ، مثل كون الصلاة ناهية عن الفحشاء ونحوها. نعم لا بأس بإجمالها مصداقا بمعنى عدم العلم بتقومها في الخارج بأي مقدار من الاجزاء والشرائط كما لا يخفى.

٣٨ ـ قوله : « وجواز الرجوع اليه في ذلك على القول الأعمي ». (١)

لا يقال : انّا نعلم انّ المأمور به هو الصحيح من العبادات دون الفاسد وان كان الموضوع له هو الأعم ، إلاّ انّه لا يجدي في اطلاق المأمور به بعد العلم بتقيده بالصحيح ، فيكون مجملا.

لانّا نقول : ذاك القيد بالتخصيص العقلي ـ وهو الحكم بالتخصيص ـ في المعلوم فساده دون مشكوكه ، بل يحكم بمقتضى الاطلاق انّه لو كان بين افراد المطلق فرد فاسد لكان على الشارع بيانه أو عدم الاطلاق بنحو يشمله ، بعد كونه في مقام البيان وعدم طريق للعقل ـ غير بيانه ـ في العبادات ؛ وإذ ليسا فيحكم ـ لاجل شمول الاطلاق ـ بكونه صحيحا واقعا ، ويكون الاطلاق حجة لنا على الشارع في عدم ترتب العقاب لو لم يكن في الواقع كذلك ، كما في جميع المخصصات اللبّية ؛ بخلاف اللفظية ، لتمامية البيان من الشارع بالنسبة الى كلا الطرفين ، فيجب علينا التوقف بعد الفحص وعدم الوصول الى طريق يلحق

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٣ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٤ للتعليقة.

٨٩

المشكوك بأحد الطرفين.

والحاصل : انّ التخصيص والتقييد العقليين لا يوجب الاجمال ، وإلاّ فلم يجر التمسك بالعمومات والاطلاقات في مورد أصلا كما لا يخفى ، بخلاف اللفظي.

نعم يشكل بعدم ترتب هذه الثمرة خارجا ، لكون المطلقات الواردة في العبادات :

امّا في مقام التشريع.

وامّا في مقام ذكر الآثار والترغيب.

وليس مطلقا واردا في مقام بيان الاجزاء والشرائط فعلا ؛ وعلى يقين كونه في ذاك المقام يكون مقرونا بذكر كل من الاجزاء والشرائط بحيث يحصل ـ بعد الاقتصار عليها ـ العلم والاطمئنان بعدم الزائد ، وإلاّ لبيّنه ؛ من جهة احراز كون الشارع بصدد بيان تمام ما له دخل في المأمور به ، ومع كون جزء آخر في البين يلزم نقض الغرض عليه.

ومع هذه المقدمات يتضح ـ على الصحيحي أيضا ـ التمسك بالاطلاق أيضا.

إلاّ أن يقال : انّ القائل بتلك الثمرة ليس ممن ينكر التمسك بالاطلاق على الصحيحي أصلا ولو مع مقدمات قطعية مفيدة للعلم بالمطلوب ؛ بل الثمرة في جواز التمسك بمجرد اللفظ المطلق.

والمراد بوروده في مقام البيان بناء على مذهب السلطان ليس أزيد من ورود اللفظ مع عدم اقترانه بما يوجب صرفه الى الاهمال والاجمال على اختلافهما موردا ، وحينئذ يصح التمسك على الأعمي دون الصحيحي.

وامّا على المشهور من كون الاطلاق بالوضع فالامر أوضح.

٩٠

٣٩ ـ قوله : « فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع الى البراءة على الأعم ». (١)

حيث انّ المسمى والموضوع له وان كان مبيّنا على الأعمي ومجملا على الصحيحي ، إلاّ انّه بعد عدم الاطلاق في المأمور به ـ مع كونه بحسب الوجود الخارجي ركنا من الاجزاء والشرائط ـ يكون ما تعلق به الامر من المركب مجملا على كلا القولين مرددا بين الاقل والاكثر الارتباطيين ، فلا فرق في استناد اجراء البراءة أو الاشتغال ـ في كلا القولين ـ على كون الاصل في الاقل والاكثر هو الاقل مطلقا ، أو الاشتغال كذلك ، أو التفصيل بين حكم العقل بالاشتغال والنقل بالبراءة كما هو التحقيق في محله ، فلا وجه للتفصيل من جهة التسمية.

وقد عرفت انّ الموضوع له ليس هو مفهوم الصحيح حتى يقال : انّ الشك بناء عليه انّما يكون في المحصل بعد العلم بالمأمور به ، بل هو ما كان صحيحا وتامّ الاجزاء والشرائط بالحمل الشائع ؛ ومن المعلوم انّه لا ينافي كون الماهية عين المركب الخارجي كما انّ المأمور به كذلك على الأعمي ، فلا تحصل الثمرة بينهما.

٤٠ ـ قوله : « وربّما قيل بظهور الثمرة في النذر أيضا ». (٢)

فيما لو نذر أن يعطي من يصلي بمسمى الصلاة حيث [ أنه ] (٣) بناء على الأعمي يحصل البرء باعطاء المنذور [ الى ] (٤) من يراه مصليا لصدق اسم الصلاة عليه ؛ دون الصحيحي ، لعدم احراز صدق الاسم مع الشك في الصحة.

ولا طريق لاحراز الصحة بناء عليه :

[ لا ] من الاصل اللفظي وهو الاطلاق كما هو واضح.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٤ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٥ العمود ١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٤٤ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٥ العمود ١ للتعليقة.

(٣) نسخة. كذا في الاصل.

(٤) في الاصل الحجري ( على ).

٩١

و [ لا من ] الاصل العملي وهو أصالة الصحة ، لأنه مضافا الى الشك في صدق أصل العنوان بناء عليه ـ فلا يجري الاصل ـ انّه : على تقدير التسليم لا يثبت به غير الآثار الشرعية المترتبة على الفعل الصحيح بلا توسيط لازم عقلي أو عادي ، دون ما كان كذلك كما في المقام ، لاحتياج الاثر الشرعي وهو البراءة الى توسيط الوضع للصحيح ، وهو غير ثابت بالاصل.

ومما ذكرنا ظهر انّ ما قيل من احراز الصحة على الصحيحي بأصالة الصحة ، لا وجه له.

٤١ ـ قوله : « أن تكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الاحكام الفرعية ». (١)

الضمير راجع الى المسألة بنحو الاستخدام بأن يراد من ضمير ( ها ) البحث عنها حتى يكون الواقع في طريق الاستنباط نتيجة له ، وإلاّ فالمسألة بنفسها واقعة في الطريق لا النتيجة.

إلاّ أن يقال : « انّ العلم هو الصناعة المقتدر بها على تمهيد القواعد » لا نفس القواعد ، وحينئذ فيراعي ظاهر كلامه دام ظله ، فتدبر.

٤٢ ـ قوله : « أحدها : التبادر ». (٢)

لا يخفى انّ التمسك به موقوف على مقدمتين :

احداهما : أن يستند في زماننا الى حاقّ اللفظ عند المتشرعة :

امّا بالعلم ، بعد الرجوع الى موارد استعمالاتهم الخالية عن القرينة ؛ أو بالظن ، بضميمة أصالة عدم القرينة على الخلاف.

وثانيتهما : انتهاؤه الى زمان الشارع : امّا بنحو الاستكشاف عن مشاهدة الخلف والسلف بتشابه الأزمان ؛ أو بضميمة أصالة عدم النقل بعد العلم بثبوت

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٤ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٥ العمود ١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٤٤ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٥ العمود ١ للتعليقة.

٩٢

الحقيقة الشرعية ، حيث انّه لو لم يكن الموضوع له في زمان الشارع هو الصحيح ـ بل كان هو الأعم ـ لزم النقل عنه في لسان المتشرعة ، فبضميمة أصالة عدمه يثبت انّه هو الصحيح على الخلاف في اثبات الوضع به ؛ وبدون الانتهاء الى زمان الشارع انما يجدي التبادر الى كل زمان ينتهي اليه ، لا أزيد كما لا يخفى. كما انّ الانتهاء انما هو مع الالتزام بالحقيقة الشرعية ؛ ومع الالتزام بعدمه لا نقل ، إلاّ أن يثبت به المجاز العام بالقرينة العامة ، فتدبر.

٤٣ ـ قوله : « ثانيها : صحة السلب عن الفاسد ». (١)

لا يخفى انّه لا بد أن ينضم اليه عدم صحة السلب عما هو المؤثر في النهي عن الفحشاء بالحمل الاوّلي ، وبدون انضمام ذلك يكون الدليل اقناعيا ، فتدبر.

٤٤ ـ قوله : « ثالثها : الاخبار الظاهرة في اثبات بعض الخواص والآثار للمسميات ». (٢)

لا يخفى انّ الاستدلال بها على الصحيحي بأحد وجهين :

أحدهما : أن يقال : انّه مع عدم العلم بمعنى الصلاة الواقعة في هذه الاخبار موضوعا لهذه الآثار يتردد الامر :

بين أن يكون هو الأعم ، فتكون القضية في مقام اثبات الآثار مهملة ، ويكون الحكم على الطبيعة باعتبار بعض افرادها في الجملة.

وبين أن يكون بمعنى الصحيح ، فتكون القضية طبيعة الثابت فيها الحكم لنفس الطبيعة بوجودها السعي ، فيخرج عن الاهمال.

ومن المعلوم انّ ظاهر المفرد المحلى باللام في نفسه هو الطبيعة بالوجه الثاني ؛ مضافا الى انّ ظهور حال العقلاء في مقام بيان الآثار هو تعيين المؤثر وذكر

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٥ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٥ العمود ١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٤٥ ؛ الحجرية ١ : ٢٤ للمتن و ١ : ٢٥ العمود ١ للتعليقة.

٩٣

آثار طبيعة الاشياء ، لا ذكر آثار بعض افرادها في الجملة مهملة ، بل يكون ذلك مستهجنا عندهم ، وحينئذ فتكون هذه التراكيب ظاهرة في انّ الموضوع هو نفس الطبيعة الموضوع له اللفظ ؛ ومن المعلوم انّه لا ينطبق في المقام إلاّ على الصحيح ، فيكون هو الموضوع له عملا بظاهر تلك القضايا المستعملة بلا قرينة.

الثاني : أن يقال : انّ من المعلوم انّ المراد من الموضوع في هذه القضايا الواقعة في مقام التشريع هو الصحيح دون الأعم ، ولكنه يتردد الامر :

بين أن يكون هو الموضوع له ، فيكون الاستعمال حقيقيا وبلا قرينة.

وبين أن يكون هو الأعم ، فيكون ارادة الصحيح منه : امّا على نحو المجاز أو ، على نحو تعدد الدال والمدلول ، فبأصالة الحقيقة وعدم الاعتماد على القرينة يثبت انّه الموضوع له أيضا.

إلاّ أن يقال : انّه مع العلم بالمراد ـ ولو مع قرينة المقام ودوران الامر في كيفية الاستعمال ـ لا تجري أصالة عدم القرينة وأصالة الحقيقة في تعيين الكيفية.

وبعبارة اخرى : يكون الشك في هذا المقام في قرينية الموجود ، حيث انّ مقام تشريع الآثار يكون قرينة على ارادة الصحيح ـ بناء على الأعمي ـ ولا يكون قرينة على الصحيحي ، فلا ينعقد ظهور ـ مع وجود هذه القرينة ـ في انّ الموضوع هو المعنى الحقيقي بعد عدم الاجمال في المراد على أي حال حتى يثبت به الوضع.

إلاّ أن يتعبد في اجراء أصالة عدم القرينة ـ بمجرد الظهور البدوي ـ في كون المراد هو الموضوع له ، ويفرّق : بين مورد العلم بالمراد الجدي مع مفهوم المستعمل فيها أيضا ، فيكون الاستعمال أعم من الحقيقة ؛ وبين العلم بالمراد الجدي ودوران الامر : بين التعبير عنه بمفهوم يكون هو الموضوع له ؛ وبين مفهوم لا يكون كذلك ، فيجري فيه أصالة الحقيقة كما في المقام ، فتدبر.

٩٤

ثم انّ الاستدلال بالتراكيب المنفية مثل قوله عليه‌السلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (١) ونحوها بأحد وجهين أيضا :

أحدهما : انّ ظاهر تركيب كلمة « لا » هو نفي الماهية لا نفي الصحة ، ولا مخرج له من هذا الظهور حتى في مثل « لا صلاة لجار المسجد » (٢) ونحوها ، لانّ المنفي في مثله نفي الماهية ادّعاء أيضا كي يترتب عليه المبالغة والتحريض ونحوهما من البدائع المجازية ، فبأصالة الحقيقة في كلمة « لا » يحمل على نفي الماهية ، وحيث انّ مدخولها هو الصلاة وحدها بلا قرينة معه فيكون ظاهر التركيب نفي الطبيعة الموضوع لها الصلاة ، لا المستعمل فيها مجازا أو بتعدد الدال والمدلول.

ثم لا يكاد يحفظ ما ذكر إلاّ بأن يكون المنفي هو الصحيحة مع كونه هو الموضوع له أيضا ، ولا وجه لرفع اليد عن ظهور التركيب فيما ذكر بلا وجه.

ثانيهما : انّه ـ مع العلم بالمراد في ابتداء الامر وانّه هو الصحيح ـ يدور الامر :

بين كونه هو الموضوع له فيبقى ظهور كلمة « لا » ـ بانضمام عدم القرينة في المدخول في كون المنفي هو المعنى الحقيقي ـ بحاله.

وبين عدمه فيلزم رفع اليد عن ظهور كلمة « لا » ، أو عن ظهور المدخول ، أو عن مقتضى أصالة عدم القرينة وكلها خلاف القاعدة ، فيثبت بها انّ الصحيح هو الموضوع له أيضا. إلاّ أن يقال : بعدم الحجية ، مع العلم بالمراد والشك في قرينية

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٤ : ١٥٨ أبواب القراءة في الصلاة ، باب وجوب قراءة الفاتحة في الثنائية ، عدة احاديث.

(٢) تهذيب الاحكام ١ : ٩٢ باب صفة الوضوء ، الحديث ٩٣ باختلاف يسير ؛ دعائم الاسلام ١ : ١٤٨ باب ذكر المساجد.

٩٥

الموجود كما عرفت.

وتوهم : انّه على تقدير الظهور فهو ظنّ مستفاد من الأخبار وليس بمجد في اثبات الوضع الذي يكون البحث عنه في المقام مسألة اصولية لا فقهية ، مع انّه لا أثر شرعي له وان كان ربّما ينتهي الى الحكم الشرعي في المطلقات الواردة في الكتاب والسنة حيث انّه يثبت انّ المراد هو الصحيح فيترتب عليه كلما كان له من الآثار شرعا ، ومع عدم العلم بالوضع لا يعلم ظهور المطلقات في الصحيح وان ظنّ به لكن ليس بحجة في الالفاظ.

مدفوع : بأنّ حجية الظهور والظنون اللفظية لا فرق فيها بين المسائل الفقهية والاصولية ، وانما الفرق بينهما وبين الاصول الاعتقادية.

ثم انّه يكفي في حجية الامارات الانتهاء الى الاثر الشرعي ولو بوسائط ، بل يكفي الدخل في الاثر الشرعي ولو ضعيفا ، كما في متعلقات الاخبار من ألفاظ السؤالات وتشخيص الرواة وأمكنتها وغيرها التي يختلف باختلافها الحكم الشرعي.

ولا بأس بعدم العلم بالظهور في المطلقات بعد كون لازم ظهور هذه الاخبار ارادة الصحيح فيها ، حيث انّ الظن بالظهور لا يكون بحجة فيما لا ينتهي الى الحجة ، لا فيما ينتهي اليها كما في المقام.

كما انّ الظن بالوضع انما لا يكون بحجة فيما استند الى قول اللغوي وغيره الذي لم تثبت حجيته ، لا فيما استند الى ما ثبتت حجيته كما في المقام ، حيث انّ المعتمد ظهور الاخبار الثابت حجيتها دلالة وسندا.

٤٥ ـ قوله : « رابعها : دعوى القطع ... الخ ». (١)

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٦ ؛ الحجرية ١ : ٢٧ للمتن و ١ : ٢٦ العمود ١ للتعليقة.

٩٦

اثبات الوضع للصحيح بهذا الدليل يحتاج :

أولا : الى احراز طريقة العقلاء على وضعهم الالفاظ للصحيح من مركباتهم المخترعة التي كانت ذات آثار وخواص ثم استعمالهم لها في فاسدها المناسب معه ، مع كون ذلك منهم على طبق الحكمة والقانون.

وثانيا : الى احراز متابعة الشارع للعرف في وضعه للمركبات المخترعة منه ، مع احراز عدم الفارق بين مخترعاته ومركباتهم من حيث كثرة الابتلاء بافادة الصحيح دون الفاسد ؛ إذ مع عدم احراز واحد منهما واحتمال الفارق بين طريقته وطريقهم من جهة حاجته الى بيان أحكام كثيرة للفاسد دونهم ، فلا يثبت الوضع للصحيح كما لا يخفى.

٤٦ ـ قوله : « منها : تبادر الأعم ». (١)

وأنت اذا أحطت خبرا بما ذكرنا من عدم اثبات الجامع للأعمي تعرف ما في التمسك له بالتبادر وعدم صحة السلب ، حيث انّهما يتوقفان على احراز جامع أولا ولو بالاجمال كي يدّعى التبادر وعدم صحة السلب بالنسبة اليه ، وبدونه لا مجال لدعواهما كما هو واضح.

إلاّ أن يدّعى انّه لو علم بالتبادر العرفي وعلم بأنّ ذلك كان بمعنى واحد في الصحيح والفاسد مع عدم العناية في واحد منهما ، فيستكشف وجود الجامع بينهما عندهم وان لم نعرفه تفصيلا ؛ ولكنه بعد الصبر والدوران يعلم بعدم وجود جامع عندهم كان مخفيا علينا.

٤٧ ـ قوله : « ومنها : صحة التقسيم الى الصحيح والسقيم ». (٢)

لا يخفى انّ الأحسن أن يرد الاستدلال به :

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٦ ؛ الحجرية ١ : ٢٧ للمتن و ١ : ٢٦ العمود ١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٤٦ ؛ الحجرية ١ : ٢٧ للمتن و ١ : ٢٦ العمود ١ للتعليقة.

٩٧

أولا : بعدم معنى جامع يصلح أن يكون مقسما بينهما.

وثانيا : بأنّ صحة التقسيم بلحاظ ذلك المعنى ـ أعم من أن يكون ذلك المعنى حقيقيا أو مجازيا ـ استعمل فيه اللفظ كما هو المتعارف في كثير من التقسيمات.

وثالثا : بما ذكر في المتن.

٤٨ ـ قوله : « فانّ الاخذ بالاربع لا يكون ... الخ ». (١)

أي لا يكون على نحو الحقيقة ـ ولو بتعدد الدال والمدلول بمقتضى أصالة الحقيقة ـ إلاّ على الأعم.

الاّ أنه لا يكون مطلقا ولو مجازا إلاّ بناء عليه ، فانّ الاستعمال المجازي على الصحيحي في غاية الامكان ، إلاّ انّه خلاف ظاهر اللفظ ، فلا يصار اليه إلاّ مع الدليل.

٤٩ ـ قوله : « وقوله : عليه‌السلام « دعي الصلاة أيام اقرائك » (٢) ضرورة ... الخ ». (٣)

لانّ من المعلوم عدم تعلق هذه النواهي بالصحيحة الموافقة للغرض ، لعدم القدرة على اتيانها في حال الحيض ؛ مضافا الى عدم امكان استعمال الصلاة في الصحيحة في مثل هذا التركيب ، حيث انّ الصحيحة انما تحصل بعد انشاء مانعية الحيض بالنهي ولا يمكن أخذ عدم الحيض في مسمى الصلاة إلاّ على وجه الدور.

وفيه : ـ مضافا الى كون الاستعمال أعم من الحقيقة ، والى احتياج الفرد

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٧ ؛ الحجرية ١ : ٢٧ للمتن و ١ : ٢٦ العمود ١ للتعليقة.

(٢) الكافي ٣ : ٨٨ باب جامع في الحائض والمستحاضة الحديث ١ ؛ تهذيب الاحكام ١ : ٣٨٤ باب ١٩ في الحيض والاستحاضة والنفاس الحديث ٦ ؛ عوالي اللآلي ٢ : ٢٠٧ الحديث ١٢٤ ؛ وسائل الشيعة ٢ : ٥٤٦ باب ٧ من ابواب الحيض الحديث ٢.

(٣) كفاية الاصول : ٤٧ ؛ الحجرية ١ : ٢٧ للمتن و ١ : ٢٦ العمود ١ للتعليقة.

٩٨

الفاسد على الأعمي أيضا الى القرينة ولو بتعدد الدال والمدلول كما في الرواية الاولى وهو خلاف ظاهر اطلاق اللفظ ولا أولوية له على المجاز ـ انّه : على تقدير تسليم المحذورية ، انّ الاستعمال انما هو في الصحيح الذي يكون مبنى الاسلام باعتقاد الآخذين في الرواية الاولى ، وباعتقاد المخاطبين في الرواية الثانية مع قطع النظر عن هذا النهي ، مع انّه يمكن الاستعمال في الصحيح الواقعي فيها حتى بلحاظ الطهارة أيضا بحمل النهي على الارشاد وبيان انّ الصحيح لا يكاد يمكن من الحائض.

ولا تصير التسمية للصحيحة بلحاظ هذا النهي بل بلحاظ الاشتراط الواقعي ، غاية الامر يكون الكشف عنه بهذا النهي كما لا يخفى.

وبعبارة اخرى : تكون التسمية متوقفة على الاشتراط في مقام الثبوت ، لا في مقام الاثبات كما هو مفاد الدليل.

٥٠ ـ قوله : « ومنها : انّه لا شبهة (١) في صحة تعلق النذر وشبهه ». (٢)

ووجه صحة النذر في ترك العبادة ـ مع انّ فعلها لا يخلو عن رجحان ولا بد أن يكون متعلق النذر راجحا ـ :

امّا برجوع نذره الى فعل الصلاة في غير ذلك المكان الذي لا اشكال في رجحانه ، وبعبارة اخرى : الى الترك المقيد بالفعل في مكان [ آخر ] (٣) وبكفاية المرجوحية الاضافية في الفعل في ذاك المكان.

وامّا بالتزام انطباق عنوان راجح على الترك ، ولو بكشفه عن صحة النذر ولو قام الدليل عليه كما في المقام.

__________________

(١) لكنه في طبعة جماعة المدرسين : ٤٨ « لا اشكال ».

(٢) كفاية الاصول : ٤٨ ؛ الحجرية ١ : ٢٧ للمتن و ١ : ٢٦ العمود ٢ للتعليقة.

(٣) في الاصل الحجري ( اخرى ).

٩٩

وحاصل الاستدلال انّه : لا اشكال في صحة النذر على ترك الصلاة في ذاك المكان ، ولا اشكال في حصول الحنث بفعلها فيه بعد النذر ، فلو كانت الصلاة اسما للصحيحة يلزم المحال ، لاستلزامه وجوب الوفاء بالنذر وحرمة الحنث ، ولا بد من كون متعلق التكليف مقدورا للمكلف. ومن المعلوم انّه بعد انعقاد النذر وحرمة الحنث تكون الصلاة في ذاك المكان فاسدة ، لدلالة النص على الفساد ، واذا كانت فاسدة فتكون الصحيحة غير مقدورة ، فترتفع حرمة الحنث ووجوب الوفاء ، فلزم من وجودهما عدمهما وهو محال ، ونشأ ذلك من كون الصلاة اسما للصحيحة فهو باطل. وفيه :

أولا : على تقدير تسليم الاجماع على صحة ذلك النذر ؛ انّ المحذور لا يدور مدار التسمية للصحيح بل على قصد الناذر للصحيح ولو كانت الاسامي للأعم ، واذا كان متعلق النذر هو الأعم فلا يلزم المحذور ولو بناء على الصحيحي ، غاية الامر يكون الاستعمال حينئذ مجازيا.

وثانيا : انّه على تقدير التسليم نلتزم بعدم الحنث ، لعدم القدرة عليه الناشئ من النذر ، غاية الامر يكون الامر بالوفاء حينئذ ارشاديا لا مولويا كما في قوله [ تعالى ] : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) وقوله [ عليه‌السلام ] : « المؤمنون عند شروطهم » (٢) ويكون المقام حينئذ نظير نذر النتيجة ، ولا اجماع على الملازمة بين النذر والتمكن من الحنث ، غاية الامر يختلف حسب اختلاف الموارد : ففي التوصليات يتمكن الناذر من الوفاء والحنث ، وفي العبادات الصحيحة التي تعلق بها النذر لا حنث فيها ، بل ليس فيها إلاّ الوفاء.

وثالثا : على تقدير تسليم الملازمة بين صحة النذر والتمكن من الحنث ؛

__________________

(١) سورة المائدة : ١.

(٢) تهذيب الاحكام ٧ : ٣٧١ باب المهور والاجور ، الحديث ٦٦.

١٠٠