تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ١

الشيخ علي القوچاني

تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

الشيخ علي القوچاني


المحقق: محمّد رضا الدّانيالي
الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-30-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-29-4

الصفحات: ٥٧٠
الجزء ١ الجزء ٢

الامر لاشتماله على مرتبة الطلب النفسي ، فيرتفع الاشكال. ولعله أشار الى ما ذكرنا بقوله : « فافهم ».

وامّا توهم : عدم تمامية هذا الوجه في التيمم على ما في التقريرات (١) ، لعدم ثبوت المطلوبية النفسية ، فمدفوع :

بثبوته اولا ، بدليل التنزيل من مثل قولهم عليهم‌السلام : « التيمم أحد الطهورين » (٢) ولو حال التكليف به في جميع الحالات.

وبكفاية امكانه ثانيا ، حيث انّه يرتفع به استبعاد كون الامر الغيري موجبا لكون المقدمة من العبادات ، بل استحالته.

كما انّه يندفع توهم عدم ارتفاع الاشكال عن أصله بناء على الالتزام بالعبادية النفسية في الطهارات ، بتوهم : انّ الاشكال فيها كان من جهة انحصار عباديتها بأمرها الغيري.

وجه الاندفاع : انّ مناط الاشكال هو انّ الطهارات لمّا كانت مقدمة ولازمها الاكتفاء بها ولو لم يؤت بها عبادة لكون الغرض منها وهو (٣) يحصل به ، فيجاب بأنّه فيما لم تكن المقدمة من العبادات ذاتا كما عرفت ، لا انّ مناطه هو انحصار العبادية فيها بامتثال أمرها الغيري كي لا يرتفع الاشكال لعدم التفاوت في مناط الامر الغيري بحسب الموارد كي يلزم التعبد به في مورد دون مورد آخر.

مع انّه لو كان ذلك ملاك الاشكال لكان الجواب بأنّ الانحصار بامتثال الامر الغيري انما هو بناء على لزوم قصد الامتثال في العبادات وانّه لكونه مشتملا على

__________________

(١) مطارح الانظار : ٧٠ السطر ٣٣ ، والطبعة الحديثة ١ : ٣٤٨.

(٢) الكافي ٣ : ٦٣ باب ( الوقت الذي يوجب التيمم ... الخ ) الحديث ٤ ؛ ومن لا يحضره الفقيه ١ : ٥٨ باب التيمم الحديث ٣.

(٣) الظاهر ان قوله : « وهو » زائد.

٢٨١

الطلب النفسي فيما نحن فيه ، لا بخصوصية فيه كما عرفت.

ثانيها : انّ الفعل الخارجي في الطهارات لما لم يكن مما يتوقف عليه الواجب في الظاهر مع حكم الشارع بمقدميتها ، فيستكشف من بيانه انّها بلحاظ عنوان من عناوينه الواقعية لا بجميع عناوينها ، فلا بد من اتيانها بحيث يترتب عليها ذلك العنوان ؛ وربّما يكون ذلك من العناوين القصدية بحيث لا يحصل بدونه فلا بد من قصده ، وحيث انّه لم يكن تفصيلا فيشار اليه اجمالا بقصد امتثال الامر الغيري لأنه لا يدعو إلاّ الى واقع المقدمة وليس ذلك إلاّ الفعل فبعنوانه الواقعي.

وفيه : مع عدم كون قصد الامر للاشارة الى تعلقه موجبا لصيرورة الفعل عبادة مصلحة يترتب عليه الثواب والتقرب ، انّه على تقدير التنزل انما يسلّم لو انحصرت الاشارة الى العنوان الواقعي بالامر غاية ، وليس كذلك ، لامكان اتيان الوضوء بداعي التبريد ويشار به الى عنوانه بلا توسيط داعي أمر في البين أصلا فيبقى اشكال عدم الاجتزاء بالطهارات ـ إلاّ باتيانها عبادة ـ بحاله.

ثالثها : انّ الغرض من العبادات كما لا يحصل إلاّ بفعلها بقصد القربة ، كذلك قد لا يحصل إلاّ بفعل بعض المقدمات كذلك أيضا ، لا من جهة اقتضاء مقدميتها لذلك حتى يرد عليه الاشكال ـ ومع انّه غير واف في دفع اشكال ترتب المثوبة كما لا يخفى ـ [ بل من جهة ] ان دخل المقدمة العبادية في تحصيل الغرض من ذي المقدمة ان كان في غرضه فيلزم أن يكون واجبا نفسيا مثله وان كان ذلك مع كونها مقدمة فيلزم الدور من لزوم قصد امتثال الامر فيها ، لتوقف الامر المتوقف مقدميتها على قصد امتثال الامر المتوقف على الامر ، بل يكون الامر كذلك لو كانت العبادة بمعنى قصد التوصل الى ذي المقدمة ، فتدبر.

رابعها : انّه قد يكون الفعل مقدمة بعنوان كونه مما يتوقف عليه الواجب ، بحيث لو لم يؤت به بعنوان التوقف لم يحصل وجوده المقدمي.

٢٨٢

وفيه : مع عدم كونه وافيا بدفع الاشكال ، انّه مستلزم للدور كما لا يخفى.

خامسها : انّ المقدمة :

تارة : تكون نفس الفعل الخارجي لا بشرط.

واخرى : يكون ذلك بشرط أن يؤتى به بداعي أمره الغيري.

وحيث انّ هذا الداعي لا يمكن أن يؤخذ في المقدمة بأمر واحد ، فيتوصل اليه بالتعدد ويتعلق أحدهما بذات العمل وثانيهما به مقيدا بداعي أمره فيتمكن من ايجاد المقدمة في الخارج مع ادخال القصد في متعلقه.

ولكنه يرد عليه : انّه على هذا التقدير ليست المقدمة ذات الفعل الخارجي ، فلا يترشح الامر الغيري عليه حتى يتحقق موضوع الامر الثاني إلاّ على نحو دائر ؛ وملاك الامر النفسي ليس موجودا فيه بالفرض ، هذا.

مع انّه يرد عليه اشكال تعدد الامر في العبادات كما حقق في محله.

٢٠٤ ـ قوله : « حيث أنه لا يدعو إلاّ الى ما هو المقدمة ، فافهم ». (١)

لعله اشارة الى انّه انما يتم بناء على عدم لزوم قصد الامتثال في العبادة ، وامّا بناء عليه فالاكتفاء به انما هو لاجل اشتمال الطلب الوجوبي على أصل الطلب الندبي النفسي وان لم يشتمل على مرتبته كما عرفت ، فتدبر.

٢٠٥ ـ قوله : « وامّا ما ربما قيل في تصحيح اعتبار قصد الاطاعة في العبادات ». (٢)

غرضه : الاشارة الى الواجب الخامس الذي قررناه من انّ المقدمة هو الفعل بداعي الامر لا ذاته مطلقا ، وقد عرفت الجواب عنه فلا نعيد.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤٠ ؛ الحجرية ١ : ٩٦ للمتن و ١ : ١٠٣ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٤١ ؛ الحجرية ١ : ٩٧ للمتن و ١ : ١٠٣ للتعليقة.

٢٨٣

٢٠٦ ـ قوله : « الثاني : انّه قد انقدح مما هو التحقيق في وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات ، صحتها ». (١)

اشارة الى الخلاف المعروف من انّ صحة الطهارات هل تتوقف على قصد الغاية أم لا؟

والتحقيق : عدم التوقف ، بناء على ما عرفت من رجحانها النفسي. نعم على التقدير الآخر يلزم ذلك ، وعليه هل تتوقف صحتها على قصد خصوص الغاية الواجبة فعلا أو على مطلق الغاية؟

وعلى التقدير الثاني هل تصح خصوص الغاية المقصودة أو مطلق الغايات؟

وجهان ، مبنيان على اختلاف حقيقة الطهارات باختلاف الغاية وعدمه ؛ والتحقيق هو الثاني ، فيصح مطلقا بمجرد قصد غاية محبوبة ولو لم تكن واجبة ، ويصح غيرها أيضا بتلك الطهارة.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤١ ؛ الحجرية ١ : ٩٧ للمتن و ١ : ١٠٣ للتعليقة.

٢٨٤

المقدمة الموصلة

٢٠٧ ـ قوله : « وهل يعتبر في وقوعها على صفة الوجوب أن يكون الاتيان بها بداعي التوصل بها الى ذي المقدمة؟ ». (١)

الفرق بين قول المعالم (٢) وبين قول الشيخ (٣) والفصول (٤) انّ الوجوب مشروط بناء على قوله ومطلق على قولهما.

وامّا الفرق بينهما :

ان قيد الواجب بناء على قول الشيخ هو قصد التوصل الى ذي المقدمة بحيث لو لم يقصد ذلك لما وقع الفعل على صفة الوجوب بل غير واجب ، يكون مسقطا عنه.

وامّا بناء على قول الفصول انما القيد هو الترتب الخارجي ولو لم يقصد به التوصل أبدا.

فالفرق بين الاقوال الثلاثة لا يكاد يخفى على المتأمل.

٢٠٨ ـ قوله : « نعم إنما اعتبر ذلك في الامتثال لما عرفت من انه لا يكاد يكون

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤٣ ؛ الحجرية ١ : ٩٨ للمتن و ١ : ١٠٤ للتعليقة.

(٢) معالم الدين : ٧١.

(٣) مطارح الانظار : ٧٢ السطر ٢١ ـ ٣٠ ، والطبعة الحديثة ١ : ٣٥٥ ـ ٣٥٦.

(٤) الفصول الغروية : ٨١ السطر ٤ ـ ٨ وص ٨٦ السطر ١٢ ـ ١٨.

٢٨٥

الآتي بها بدونه ممتثلا لامرها ». (١)

مقصوده دام ظله : انّ هنا مقامين :

أحدهما : اتيان المقدمة على نحو العبادية وهو لا يكون إلاّ أن يقصد بها التوصل الى ذي المقدمة ، لقصور الامر الغيري على قابلية التقرب به بنفسه ، إلاّ أن يقع ذيها فيثاب بأشق الاعمال.

ثانيهما : تعيين أصل المطلوب الذي يكون أعم من وقوعها عبادة ؛ وفي هذا المقام يقع الكلام في تعيين موضوع المقدمية أولا ، وتعيين موضوع اللزوم العقلي ثانيا ، ثم تعيين موضوع الوجوب الشرعي ثالثا ؛ وجميع هذه الجهات طارئة على ذات المقدمة مطلقا ، لانّ المقيد بقصد التوصل على ما هو التحقيق المختار.

٢٠٩ ـ قوله : « بل بداع آخر أكده بقصد التوصل ». (٢)

كأن يؤتى بها للتوصل الى انقاذ غريق فصادف انقاذ المؤمن.

٢١٠ ـ قوله : « وامّا عدم اعتبار ترتب ذي المقدمة عليها في وقوعها على صفة الوجوب ». (٣)

لا يخفى انّ القيد المعتبر بناء على المقدمة الموصلة : امّا هو نفس صفة الايصال على نحو الموضوعية ، وامّا يشار به الى الخصوصية الموجودة في ظرف الايصال وما هو بالحمل الشائع موصل لا بعنوانه ، أو ما ينتزع منه من مثل التعقب بذي المقدمة.

وعلى كل منها فالقيد امّا شرط في الوجوب أو في اتصاف وجود المقدمة

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤٣ ؛ الحجرية ١ : ٩٨ للمتن و ١ : ١٠٤ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٤٤ ؛ الحجرية ١ : ٩٨ للمتن و ١ : ٩٨ للتعليقة.

(٣) كفاية الاصول : ١٤٥ ؛ الحجرية ١ : ٩٩ للمتن و ١ : ١٠٤ للتعليقة.

٢٨٦

بصفة المطلوبية والوجوب ، أو في نفس المقدمية ، وجوه :

خير الامور أوسطها.

لا الاول ، لما عرفت في ردّ قول صاحب المعالم رحمه‌الله بطلان اشتراط وجوب المقدمة مع اطلاق وجوب ذيها.

ولا الاخير ، لانّ الايصال ـ مضافا الى وضوح كونه أمرا اعتباريا غير قابل للدخل في حقيقة المقدمة التي هي من الامور الحقيقية ـ يلزم عليه الدور ، لتوقف الايصال الى ذي المقدمة عليها فلو أخذ فيها التوقف عليه أيضا لتوقف مقيد كل ما هو كذلك على قيده ، فالمراد تقييدها في مقام مطلوبيتها وكونها متعلقة للوجوب.

اذا عرفت ذلك فاعلم : انّ التحقيق ـ على القول بوجوب المقدمة ـ هو وجوب مطلقها موصلة كانت أم لا ، لوجوه :

الاول : اشتراكهما في الغرض الذي يكشف منه العقل وجوبها ، وبيانه يحتاج الى امور :

الاول : انّ الامر تابع للغرض كما هو واضح.

الثاني : انّ الغرض الذي دعا الى ايجاب شيء لا بد أن يحصل من ذاك الشيء ، ولا يكاد يكون الفائدة في وجود شيء داعيا الى ايجاب شيء آخر.

الثالث : انّ الفائدة المترتبة من نفس المقدمة هو الاستلزام العدمي والتمكن الوجودي بمعنى انّه لا يمكن ايجاد ذي المقدمة بدونهما ، ومعهما يتمكن منه ؛ وامّا الايصال الفعلي اليه فهو انما يترتب على فعل نفس ذي المقدمة بمبادئ اختياره كما اذا كان فعلا مباشريا محتاجا بعد المقدمات الى مبادئ ارادية ، لا على المقدمة ، ولا يخفى اشتراك غير الموصلة معها في تحصيل التمكن الى ذيها ؛ فمع هذه المقدمات يكون القول باختصاص الوجوب باحداهما دون الاخرى ترجيحا بلا مرجح.

٢٨٧

الرابع : انّ الانحصار يستلزم القول بتعلق الامر بذات المقدمة ، لتوقف المقيد بما هو كذلك على المطلق ، فما كان منشأ القيد أمرا خارجا عن الشيء فيسري الامر منه الى مقدمته ـ وهو المطلق ـ وهو المطلوب ، ويستلزم اجتماع المثلين من الوجوب النفسي والغيري أيضا في الواجب ، امّا النفسي فواضح ، وامّا الغيري فلكونها شرط الحصول للموصلة في الخارج فيكون مقدمة للمطلوب الغيري ، ولا اشكال في سراية الوجوب الغيري الى مقدمة المقدمة وإلاّ فيكون الواجب هو ذات المقدمة لا بوصف الايصال فيتم المطلوب أيضا كما هو واضح.

الخامس : انّ القول بالانحصار يستلزم انحصار الوجوب الغيري في الجزء الاخير من المقدمات في الافعال التوليدية لكونه مستلزما للايصال الى الواجب دون غيره ، وفيها دون مقدمات الفعل المباشري ، لعدم كون الايصال مترتبا عليها ، فكيف يكون علة لوجوبها؟

فان قلت : ما من شيء إلاّ وله علة تامة ، فيستلزم الايصال.

قلت : نعم من جملة اجزاء العلة التامة هي الارادة ، ولا يمكن أن تكون متعلقا للتكليف ، لعدم كونها بالارادة وإلاّ لزم التسلسل ؛ وباقي اجزائها لا يترتب عليه الايصال ، مع انّ الارادة لو كانت متعلقة للتكليف فيلزم ما ذكرنا أيضا من كون الواجب هو الجزء الاخير من المقدمات لا تمامها.

فان قلت : ليس المراد هو الايصال في ايجاب المقدمة حتى ينحصر بالجزء الاخير من العلة ، بل المراد ترتب الايصال مع دخله فيه ولو بنحو الجزئية ، بل ولو بعيدا ، فلا يلزم الانحصار.

قلت : تخصيص الايجاب حينئذ بحال الايصال يحتاج الى أمرين : أحدهما : أن تكون متخصصة لا توجد في غير تلك الحالة. ثانيهما : أن تكون تلك الخصوصية التقدم الذي يكون ملاكا للايجاب الغيري ؛ وحينئذ فمن المعلوم انّ

٢٨٨

ملاك الايجاب هو الخصوصية المقتضية للتأثير في كل من اجزاء العلة ، لأنه ملاك للتقدم لا وصف الايصال الفعلي المنتزع من اتيان ذي المقدمة في الخارج.

وبعبارة اخرى : ليس الملاك العلية الفعلية ، لأنه ملاك التضايف بين العلية والمعلول ، وحينئذ فما هو الملاك للايجاب ـ وهو الخصوصية المقتضية ـ موجود في كلتا الصورتين ، وما يختص بخصوص احداهما ـ وهو الايصال الفعلي ـ لا يكون ملاك الايجاب ، فاختصاصه باحداهما دون الاخرى يكون ترجيحا بلا مرجح كما عرفت.

وان أبيت إلاّ عن تعلق الوجوب ، امّا الموصلة وهو المجموع المركب الموصلة بالفعل فيثبت المطلوب أيضا من تعلق الطلب بذات المقدمة ، لانّ المجموع ليس إلاّ مجموع الاجزاء بالإسراء والمركب ليس واحدا حقيقيا ولا الاجزاء مرتبطا بعضها ببعض فلا بد من سراية الامر الى كل منها وهو ما ذكرنا من اللازم الخامس ؛ مع انّ الاتيان بالمقدمة قبل الاتيان بذيها ان بقيت على وجوبها يلزم طلب الحاصل ، وإلاّ فيثبت المطلوب من كونه ذات المقدمة حيث انّه لم يسقط الامر بدونه.

فان قلت : قد سقط الامر بغير المطلوب أيضا كثيرا.

قلت : انّ السقوط تارة بنفي الموضوع ، واخرى بالعصيان ، وثالثة بسقوط الغرض بغير المأمور به ، ورابعة بالاضافة ؛ والسقوط فيما نحن فيه ليس من قبيل الاولين كما هو واضح ، ولا من قبيل الثالث لعدم كون المقدمة من فعل الغير ولا فاقدا للشرائط من القدرة وواجدا للموانع من الحرمة ونحوها حتى لا يتعلق بها الامر ، فلا بد من الاخير وهو المطلوب.

٢١١ ـ قوله : « نعم فيما كان الواجب من الافعال التسبيبية والتوليدية كان

٢٨٩

مترتبا لا محالة على تمام مقدماته ». (١)

انّما يتم الترتب فيها ايضا على الجزء الاخير منها كما عرفت ، كالقاء الحطب في النار بالنسبة الى سائر المقدمات.

٢١٢ ـ قوله : « والاّ لتسلسل ». (٢)

مع أنه على تقديره يتم بالنسبة الى خصوص الجزء الاخير وهو الارادة ، لا المجموع كما عرفت.

٢١٣ ـ قوله : « فلا جرم يكون التوصل بها اليه وحصوله معتبرا في مطلوبيتها ». (٣)

والأولى أن يجاب :

أولا : بأنّ العلة الاخيرة لمطلوبية المقدمة هو مطلوبية ذي المقدمة ؛ ومن المعلوم انّ مطلوبيته متحققة ولو في ظرف عدم الايصال واقعا فتكون المقدمة مطلوبة أيضا في هذه الصورة ، فاذا وقعت مطلوبة ولو عند عدم الايصال [ يكون ] (٤) هو المطلوب.

وثانيا : على تقدير الاغماض عما ذكرنا يجاب بما ذكره دام ظله :

من منع الصغرى أولا ، حيث انّ الغرض من المقدمة هو التمكن بالنسبة الى ذيها لا التوصل الخارجي الحاصل من فعل ذي المقدمة لعدم حصوله من المقدمة ، فكيف يكون غرضا لايجابها الغيري؟ بل ليس الملاك إلاّ ما يحصل من المقدمة وهو توقف الواجب عليها بحيث لولاها لا يمكن حصولها.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤٥ ؛ الحجرية ١ : ٩٩ للمتن و ١ : ٩٩ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٤٦ ؛ الحجرية ١ : ٩٩ للمتن و ١ : ٩٩ للتعليقة.

(٣) كفاية الاصول : ١٤٧ ؛ الحجرية ١ : ١٠٠ للمتن و ١ : ١٠٧ للتعليقة.

(٤) في الاصل الحجري ( و).

٢٩٠

ومنع الكبرى ثانيا ، حيث انّ الحيثية تعليلية لا تقييدية كما هو شأن جميع العلل الغائية ، ولا يمكن دخول الغرض في الموضوع ، فيكون موضوع الوجوب الغيري هو ذات المقدمة لا بوصف الايصال ، وإلاّ فلا بد من سراية الوجوب الغيري منها الى ذيها ، فيلزم فيه اجتماع المثلين كما عرفت في طي الاستدلالات.

٢١٤ ـ قوله : « لو التفت اليها كما لا يخفى ، فافهم ». (١)

لعله اشارة الى انه كما لا يجوز التصريح بعدم حصول نفس المطلوب الغيري عند الالتفات الى المقدمة ، كذلك لا يجوز التصريح بعدم حصول الفائدة الغيرية في هذه الصورة ، وانما يجوز النفي عند عدم الالتفات بالنسبة الى كليهما كما لا يخفى.

٢١٥ ـ قوله : « ففيه : انما كانت مطلوبيتها ... الخ ». (٢)

اشارة الى منع الصغرى وانّ مطلوبيته ليس لاجل الايصال.

٢١٦ ـ قوله : « وصريح الوجدان ... الخ ». (٣)

اشارة الى منع الكبرى.

٢١٧ ـ قوله : « فلا يكون وقوعه ... الخ ». (٤)

هذه نتيجة لاصل المطلب.

٢١٨ ـ قوله : « ثم أنه لا شهادة على الاعتبار ... الخ ». (٥)

أي على اعتبار الايصال.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤٨ ؛ الحجرية ١ : ١٠١ للمتن و ١ : ١٠١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٤٩ ؛ الحجرية ١ : ١٠١ للمتن و ١ : ١٠١ للتعليقة.

(٣) كفاية الاصول : ١٤٩ ؛ الحجرية ١ : ١٠١ للمتن و ١ : ١٠١ للتعليقة.

(٤) كفاية الاصول : ١٥٠ ؛ الحجرية ١ : ١٠٢ للمتن و ١ : ١٠٢ للتعليقة.

(٥) كفاية الاصول : ١٥٠ ؛ الحجرية ١ : ١٠٢ للمتن و ١ : ١٠٢ للتعليقة.

٢٩١

٢١٩ ـ قوله : « وهو محال فانّه يكون من طلب الحاصل المحال ». (١)

حيث انّه عند عدم الاتيان بذي المقدمة فلا قدرة عليه شرعا ، للمنع من جميع مقدماته في هذه الصورة ، والمنع الشرعي كالمنع العقلي ؛ وبعد اخراج هذه الصورة فينحصر الطلب في صورة الاتيان بالواجب وهو طلب الحاصل.

لكن التحقيق : أن يفرّق :

بين أن يؤخذ الايصال شرطا لطلب المقدمة ويسلّم ما ذكر دام ظله حينئذ [ من ] انّ اشتراط الطلب فيها يستلزم الاشتراط في الوجوب النفسي المستلزم لطلب الحاصل كما هو واضح.

وبين أن يؤخذ قيدا لذات المقدمة فلا يلزم اشتراط الوجوبين ، فيبقى الوجوب النفسي على اطلاقه ولو عند عدم الايصال ، غاية الامر يكون المكلف تاركا لامتثاله عصيانا مع قدرته على الواجب بمقدماته الموصلة حيث انّ الايصال مقدور له فأخذه في المقدمة الواجبة لا يصيّره غير مقدور له كما لا يخفى.

نعم يمكن أن يقال : انّ النهي عن المقدمة يكون مشروطا بعدم الاتيان بذيها بنحو الشرط المتأخر ، فمع العلم بما لا يطاق لا يصح إلاّ بالترتب كما لا يخفى.

٢٢٠ ـ قوله : « قلت : وأنت خبير بما بينهما من الفرق ». (٢)

توضيحه يحتاج الى اتيان امور :

الاول : أنّ المراد من النقض ليس بمفهومه الاصطلاحي ـ من انّ نقيض كل شيء رفعه ـ بل مطلق ما يعاند الشيء ويكون مرتبة ذاته عدم الآخر ؛ ومن المعلوم انّ الوجود نقيض لعدمه بهذا المعنى حيث انّه يطرده ويعانده ذاتا مثل العكس.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٠ ؛ الحجرية ١ : ١٠٢ للمتن و ١ : ١٠٧ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٥١ ؛ الحجرية ١ : ١٠٢ للمتن و ١ : ١٠٧ للتعليقة.

٢٩٢

الثاني : انّ وجود شيء لا يكون مصداقا لعدم شيء آخر ، مثلا لا يكون زيد عدما لعمرو وغيره وكذا البياض بالنسبة الى عدم السواد بل يكون ملازما له.

الثالث : انّ المتلازمين في الوجود لا يلزم اتحادهما في الحكم ، بل غايته أن لا يكونا مختلفين في الحكم الفعلي.

اذا عرفت ذلك فيظهر : انّ الفعل عين النقيض لتركه المطلق بمقتضى المقدمة الاولى ؛ وانّه ليس مصداقا لنقيض الترك الموصل ـ وهو ترك هذا الترك ـ بل يكون ملازما له بمقتضى المقدمة الثانية ؛ وانّه لا يكون محرّما بحرمته بمقتضى المقدمة الثالثة بل يبقى ما هو عليه من الرجحان الذاتي ، فبناء على صحة الترتب يكون مأمورا به أيضا ، وبناء على عدمه يكون راجحا ذاتا بلا أمر فعلي ، وعلى كل حال فيصح عبادة بناء على المقدمة الموصلة ، فتحصل الثمرة.

نعم يرد عليه : انّ مقدمة ترك الضد لفعل ضد ، باطل كما يأتي في مبحث الضد ان شاء الله ، مع انّه بناء على الالتزام بوجوب خصوص الترك الموصل يلزم التسلسل في المقدمية ، حيث انّ الترك الموصل ضد للفعل أيضا وايجابه يقتضي ايجاب تركه الموصل الى هذا الترك أيضا ، وهكذا فيتسلسل.

٢٩٣

الاصلي والتبعي

٢٢١ ـ قوله : « ومنها : تقسيمه الى الاصلي والتبعي ». (١)

اعلم : انّهما قد يلحظان تارة بالنسبة الى مقام الاثبات ، واخرى بالنسبة الى مقام الثبوت.

امّا الاول : فنقول :

انّ الاصلي : ما كان مقصودا بالافادة من الخطاب ومدلولا عليه باحدى الدلالات ولو بالالتزام البيّن بالمعنى الاخص ؛ والأعم فيما كان تصور الملزوم ولازمه والنسبة بينهما كافيا في الجزم بارادة المتكلم له.

والتبعي : ما لم يكن مقصودا بالخطاب ولا مدلولا عليه به بأحد أنحاء الدلالة ، بل بارادة تبعية لازمة لارادة المقصود الاصلي منه قهرا كاستفادة أقل الحمل من الآيتين ، وحينئذ تكون الدلالة باللزوم العقلي غير البيّن اللفظي بنحو يحتاج عليه باللزوم ـ بعد التصورات الثلاث ـ الى توسيط عقلي أيضا.

وامّا الثاني : فنقول :

انّ الواجب الاصلي : ما كان الطلب المتعلق به بمبادئ مستقلة من التصور له ولما يترتب عليه من الفوائد والرغبة اليه ثم الجزم ثم الارادة ، والحاصل : ان يكون طلبه بالانقداح النفسي بالنسبة اليه مستقلا.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٢ ؛ الحجرية ١ : ١٠٣ للمتن و ١ : ١٠٩ للتعليقة.

٢٩٤

والتبعي : ما كان الطلب المتعلق به قهريا تابعا لطلب ذي المقدمة بالمبادئ المذكورة لاجل حكم العقل بعدم الانفكاك بينهما ، بل ربّما لا يلتفت الطالب الى المقدمة أو الى المقدمية فكيف الى طلبها. نعم اذا التفت اليها لحكم بوجوبها القهري التبعي تفصيلا.

اذا عرفت ذلك فاعلم : انّ كلا من الواجب النفسي أو الغيري ينقسم الى الاصلي والتبعي بلحاظ مقام الاثبات ، حيث انّ كلا منهما يكون مقصودا بالافادة من الخطاب تارة ، وغير مقصود منه وان كان لازم المراد اخرى.

وامّا بالنسبة الى مقام الثبوت : فالنفسي منحصر بالاصلي ، حيث انّ المصلحة النفسية قد لا تكون ملحوظة تفصيلا ولكنها ملحوظة ارتكازا ، كما في انقاذ الولد الغريق اذا لم يكن الوالد ملتفتا اليه ؛ وهذا غير التبعي اللازم للغير كما لا يخفى.

وامّا الغيري ، فكونه تبعيا لا اشكال فيه وامّا كونه أصليا :

فان كان بمعنى حدوث الطلب انشاء باللحاظ الاستقلالي فالحق انّه غير مقصود فيه ، حيث انّه مع طلب ذي المقدمة سابقا فقد تحقق الطلب بالنسبة الى المقدمة قهرا سابقا على اللحاظ الاستقلالي ، وبدونه فلا يمكن أن يتحقق باللحاظ الاستقلالي أبدا.

وان كان بمعنى صيرورة الطلب التبعي الارتكازي بقالب التفصيلي عند لحاظه مستقلا فلا بأس به.

ومما ذكرنا ظهر ما في تقسيم المصنف الطلب الغيري الى الاصلي والتبعي ثبوتا ؛ إلاّ أن يكون مراده ما ذكرنا.

٢٩٥

٢٢٢ ـ قوله : « واتصافه بالاصالة والتبعية كلتيهما ». (١)

قد عرفت عدم صحته لو كان المراد الارادة المستقلة الحادثة وانه لا بد أن يكون المراد صيرورة الاجمالية التبعية بقالب التفصيل.

٢٢٣ ـ قوله : « ومعها يتعلق الطلب بها مستقلا ». (٢)

ولو ارتكازا فيما لم تكن المصلحة النفسية ملتفتا اليها تفصيلا بل ارتكازا ، غايته يفرّق حينئذ بين التبعي والارتكازي النفسي : بأنّ الاول معلول لطلب نفسي ملتفت اليه تفصيلا وهو وجوب ذي المقدمة ، دون الثاني فانّه لم يكن معلولا للغير بل لما في نفس الواجب من المصلحة كما لا يخفى.

٢٢٤ ـ قوله : « بل افيد بتبع غيره ... الخ ». (٣)

كما لو دل دليل على قصر الصلاة في أربعة فراسخ بلا دلالة لحكم الصوم لفظا ولكنه يستفاد منه من جهة الملازمة الخارجية بينه وبين الصلاة.

٢٢٥ ـ قوله : « إلاّ على القول بالاصل المثبت كما هو واضح ، فافهم ». (٤)

نعم تجري أصالة عدم الوجوب رأسا فيما اذا كان الدوران بين الاصلي النفسي وبين التبعي الغيري قبل فعلية وجوب ذاك الغير ، حيث انّه بناء عليه يكون الشك في أصل الوجوب. ولعل قوله : « فافهم » اشارة اليه.

٢٢٦ ـ قوله : « ومنه قد انقدح ... الخ ». (٥)

لانّ المرجع في كل من هذه الامور تعيين موضوع الحكم الفرعي بمسألة

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٢ ؛ الحجرية ١ : ١٠٣ للمتن و ١ : ١٠٣ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٥٣ ؛ الحجرية ١ : ١٠٣ للمتن و ١ : ١٠٣ للتعليقة. لكن نسخة جماعة المدرّسين هكذا : « ومعها يتعلق بها الطلب مستقلا ».

(٣) كفاية الاصول : ١٥٣ ؛ الحجرية ١ : ١٠٣ للمتن و ١ : ١٠٣ للتعليقة.

(٤) كفاية الاصول : ١٥٣ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

(٥) كفاية الاصول : ١٥٤ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

٢٩٦

الملازمة الآنفة ، حيث انّ الحكم الفرعي في كل منهما معلوم وانما الشك في الموضوع تعلق به ، وهو وان كان من الموضوعات المستنبطة إلاّ انّ البحث عن القاعدة المقررة لتعيينها انما هو من شغل الفقيه الاصولي.

٢٢٧ ـ قوله : « مع ان البرء وعدمه إنما يتبعان قصد الناذر ». (١)

نعم لو قصد الواجب الشرعي بأي نحو كان لحصل البرء على الوجوب ، ولا يحصل على عدمه.

٢٢٨ ـ قوله : « ولا يكاد يحصل الإصرار على الحرام بترك واجب ». (٢)

أقول : اذا كانت المقدمات متدرّجة بحيث كان ترك أول مقدمة منها موجبا لسلب القدرة على سائرها وعلى ذيها دفعة ، يكون سقوط الامر في كل منها بالمخالفة الحاصلة بالامتناع بسوء الاختيار ، لكونه أسبق من ارتفاع الامر عن ذيها ، فيستند المعلول الى أسبق العلتين ، فينحصر الاصرار ـ لو لا اشتراط كثرة الزمان ـ فيه.

فالأولى الجواب : بعدم تعدد العصيان ، لما مر من عدم العقاب على ترك المقدمة.

٢٢٩ ـ قوله : « اذا لم يكن ايجابه على المكلف مجانا وبلا عوض ». (٣)

لا يقال : اذا دل الدليل على ايجاب الاتيان مجانا ، تظهر الثمرة بين وجوب المقدمة وعدمه.

لأنّا نقول : هذا كذلك اذا لم يكن دليل ذي المقدمة على وجوب اتيانه مجانا بجميع مقدماته ولو لم تكن واجبة ، وإلاّ فلا كما لا يخفى.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٤ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٤ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٥٤ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

(٣) كفاية الاصول : ١٥٤ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

٢٩٧

٢٣٠ ـ قوله : « لا على نفس الاتيان كي ينافي عباديتها ». (١)

يمكن أن يقال : بالصحة اذا كانت الأجزاء بازاء نفس العمل لا بشرط حيث انّ أمر الاجازة توصلي لا يحتاج الى قصد الامتثال ، والمفروض انتفاع المستأجر بالعمل بوجود الخاص الواقع قريبا.

نعم لو أخذ بشرط لا بالنسبة الى قصد الامتثال تكون الاجارة باطلة وأخذ الاجرة بازائه باطلا.

٢٣١ ـ قوله : « وفيه : أولا : ... الخ ». (٢)

نعم لو كانت المقدمة في نفسها ذات عنوان آخر غير عنوان المقدمية ـ كما لو كانت الصلاة بعنوانها مقدمة لواجب آخر ـ ومع ذلك قد اجتمعت مع الغصبية لكان من قبيل الاجتماع من هذه الجهة.

ولكن نظر القائل بالثمرة هو عنوان المقدمة فيرد عليه ما أورده دام ظله.

٢٣٢ ـ قوله : « وثانيا : (٣) لا يكاد يلزم الاجتماع اصلا ... الخ ».

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٥ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٥٥ ؛ الحجرية ١ : ١٠٤ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

(٣) متن الكفاية المرتبط بهذه التعليقة لا يوجد في طبعة جماعة المدرسين ولا في طبعة مؤسسة آل البيت ، وانما يوجد في الطبعة الحجرية الموشحة بتعليقة القوچاني وكذا في الطبعة الحجرية الموشحة بتعليقة المشكيني ؛ ونحن إذ ندرج المتن المحذوف هنا ( إتماما للفائدة ) ننبه على ان الموجود في الطبعة الموشحة بتعليقة القوچاني ـ وكذا المشكيني ـ هو ثلاث اشكالات بعنوان : « أولا » و « ثانيا » و « ثالثا » ، والآخوند قدس‌سره قد حذف « ثانيا » وجعل « ثالثا » بدلا منه وعنونه بـ « ثانيا » ، فالمعلق القوچاني يكون قد علّق على « ثانيا » التي حذفها الآخوند ، ويكون قول الآخوند « ثانيا » المثبت في طبعة جماعة المدرسين وطبعة مؤسسة آل البيت هو في الواقع نفس قوله « ثالثا » الموجود في طبعة تعليقة القوچاني والمشكيني. راجع كفاية الاصول : ١٥٥ ؛ وطبعة مؤسسة آل البيت : ١٢٥ ؛ والطبعة الحجرية الموشحة بتعليقة المشكيني ١ : ١٩٨ ؛ واما الطبعة الحجرية الموشحة بتعليقة القوچاني فراجع الجزء الاول للمتن ص ١٠٤ وللحاشية ص ١٠٩ العمود ٢.

اما المتن المحذوف فهو : « وثانيا : لا يكاد يلزم الاجتماع اصلا لاختصاص الوجوب بغير المحرّم في غير صورة الانحصار به ، وفيها اما لا وجوب للمقدمة لعدم وجوب ذي المقدمة لاجل المزاحمة ، واما لا حرمة لها لذلك ، كما لا يخفى ».

٢٩٨

وفيه : انّه لا وجه للانحصار بغير المحرّم في صورة عدم الانحصار بناء على الجواز ، وإلاّ لزم عدم الاجتماع في غير المقدمة في صورة المندوحة أيضا ، كما انّ فرض التزاحم في صورة الانحصار انما هو بناء على اشتراط المندوحة في تلك المسألة ، دون ما اذا لم يشترط فيها ذلك كما لا يخفى ؛ وعلى تقديره فلا اختصاص له بالمقام.

فالأولى اسقاط هذا الايراد كما اعترف به في المبحث.

٢٣٣ ـ قوله : « وثالثا : (١) انّ الاجتماع وعدمه لا دخل له في التوصل ( التوسل ) بالمقدمة المحرّمة ». (٢)

لا يقال : ظاهره انّ التوصل بالمقدمة مطلقا ولو في العبادات لا يتوقف على جواز الاجتماع وكذا عدمه لا يتوقف على الامتناع ، وهو ينافي تفريع التوصل في العبادة على جواز الاجتماع وعدمه على الامتناع في الذيل.

لأنّا نقول : انّ ما نفي عنه الدخل هو اجتماع الامر الذي مع النهي ، لما مر سابقا انّ مناط عبادية المقدمة ليس ذلك.

وامّا ما فرّع عليه التوصل وعدمه هو : أصل كلي الاجتماع الناشئ في خصوص المقام ، لملاحظة الرجحان النفسي في المقدمة ، أو قصد التوصل الى ذي المقدمة على ما قرر سابقا من [ كون عبادية ] (٣) المقدمة باحداهما ؛ فالمنفي عند الثمرة هو غير الثابت.

__________________

(١) أي « وثانيا ». راجع التعليق على الحاشية السابقة.

(٢) كفاية الاصول : ١٥٥ ؛ الحجرية ١ : ١٠٥ للمتن و ١ : ١٠٩ العمود ٢ للتعليقة.

(٣) في الاصل الحجري ( كونه عبادته ).

٢٩٩

٢٣٤ ـ قوله : « وبالجملة لا يتفاوت الحال في جواز التوصل ( التوسل ) بها ». (١)

أقول : هذا الايراد عليه موجّه لو كان نظر القائل حصول الثمرة العلمية [ في ] (٢) صورة الاجتماع ، وامّا لو كان نظره مجرد تعلق الوجوب بالمقدمة المحرّمة بناء على جواز الاجتماع دونه على عدم الوجوب ـ كما هو شأن ثمرة المسألة الاصولية ـ فلا كما لا يخفى.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٥ ؛ الحجرية ١ : ١٠٥ للمتن و ١ : ١١٠ العمود ١ للتعليقة.

(٢) في الاصل الحجري ( بين ).

٣٠٠