تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ١

الشيخ علي القوچاني

تعليقة القوچاني على كفاية الأصول - ج ١

المؤلف:

الشيخ علي القوچاني


المحقق: محمّد رضا الدّانيالي
الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-30-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-29-4

الصفحات: ٥٧٠
الجزء ١ الجزء ٢

نقول : انّ الحنث يمكن تحققه في المقام ولو مع تعلق النذر بالصحيح ، حيث انّ المراد منه الصحيح الواجد للاجزاء والشرائط الاوّلية الثابتة بمقتضى الامر الاوّلي مع قطع النظر عن النهي الناشئ من النذر ، لا الصحيح المطلق ولو بعد ملاحظة النذر ؛ ومن المعلوم انّ الصحيح بهذا المعنى لا ينافي الفساد من قبل النذر بالترك ، فلو فعل الصلاة التامة الاجزاء والشرائط كذلك لكان حانثا ، وهذا كما في النهي في حال الحيض ـ بناء على كون الحرمة ذاتية موجبة للبعد لا ارشادية ـ حيث انّ الفعل المنهي عنه هو الصحيح مع قطع النظر عن النهي.

نعم يبقى الكلام في تصوير تعلق النذر بالصحيح المطلق. وبعبارة اخرى : بالقرب الفعلي الموجب لعدم التمكن ـ كما على الوجه الثاني ـ وهو يتعلق بالطبيعة المأمور بها المقربة فعلا ولو بعد تعلق النذر ، غاية الامر تتضيق دائرة الطبيعة بواسطته فلا يمكن الاتيان بها في المكان المكروه.

ولعله قد أشار الى ما ذكرنا من التصوير بقوله : « فافهم » في الحاشية (١) بعد الاشكال على صحة النذر لو تعلق بما يكون [ مقربا ] (٢) فعلا. نعم لو تعلق بما يكون مقربا مطلقا ـ ولو في ذلك المكان ـ فيرد عليه الاشكال لو لم نقل بكفاية فرض الصحة لو لا اقتضاء النهي للفساد ، فتدبر.

٥١ ـ قوله : « الاول : انّ أسامي المعاملات ان كانت موضوعة للمسببات فلا مجال للنزاع في كونها موضوعة للصحيح أو للأعم ». (٣)

لوضوح انّ نزاع الصحيحي والأعمي فيما اذا كان لوجود المعنى حالتان

__________________

(١) أي في تعليق الآخوند على كلام نفسه في كفاية الاصول : ٤٨ اسفل الصفحة.

(٢) في الاصل الحجري ( متقربا ).

(٣) كفاية الاصول : ٤٩ ؛ الحجرية ١ : ٢٨ للمتن و ١ : ٢٧ للتعليقة.

١٠١

يتصف في أحدهما [ بالصحة ] (١) وفي الآخر بالفساد حتى [ يتنازع في ] (٢) انّ اللفظ موضوع لخصوص الصحيح أو الأعم منه ومن فاسده ، لا فيما لم يكن لوجوده ـ من جهة كونه بسيطا ـ إلاّ حالة الصحة بحيث تعدم عند عدمه ، فحينئذ لا مجال للنزاع لعدم حالة الفساد له حتى [ يتنازع ] (٣) في وضعه للأعم أو الاخص.

والظاهر انّ المعاملات حقيقة في خصوص المسببات لتبادرها منها عند الاطلاق وصحة السلب عن مجرد السبب كما لا يخفى.

نعم لو قلنا بأنها أسامي للاسباب فكان للنزاع فيها مجال ؛ وان كان التحقيق انّها كالعبادات أسامي للصحيح ، لا لاجل عدم تصور الجامع بين الصحيح والفاسد كما عرفت فيها ، لعدم الاشتراك في الاثر لمكان تصوره بدونه فيها وهو انشاء التمليك بالعوض في البيع وانشاء التمليك المجاني في الهبة وانشاء تمليك المنفعة في الاجارة وكذا غيرها.

بل لاجل انّ الشارع لم يتصرف في معانيها كما هو التحقيق.

ومن المعلوم انها عند العرف موضوعة بازاء الصحيح من الأسباب ، لتبادرها منها عند الاطلاق وصحة السلب من فاسدها كما لا يخفى بالرجوع الى العرف.

ثم انّه لا ينافي ما قلنا ـ من عدم تصرف الشارع في معانيها ـ ازدياده بعض الشرائط في بعض مصاديقها ، حيث انّ ذلك من باب تخطئة نظرهم في كون المعاملات التي عندهم مؤثرة في المسببات بمعنى كونها منشأ لانتزاعها لانّ المسببات وان كانت اختيارية إلاّ انّها ليست من باب أنياب الأغوال ، بل من

__________________

(١) في الاصل الحجري ( بالصحيحة ).

(٢) في الاصل الحجري ( ينازع ).

(٣) في الاصل الحجري ( ينازع ).

١٠٢

الاعتبارات الصحيحة التي لا بد لها من منشأ انتزاع صحيح سواء كان واقعيا فيها كشف عنه الشارع بامضاء العرف ، أو ببيانه للمنشإ ، أو بخصوصياتها ، أو كان للاعتبار والجعل دخل في المنشئية ، لانّ متعلق الاعتبار أيضا لا بد أن يكون ذا خصوصية ينتزع الامر الاعتباري منه دون غيره ؛ ونظر العرف قد يصيب الواقع وقد يخطئ عنه ، ويكشف منه بيان الشارع إمضاء وردعا.

٥٢ ـ قوله : « الثاني : انّ كون الفاظ المعاملات اسامي للصحيحة لا يوجب اجمالها كالفاظ العبادات ». (١)

فلا ينافي ما اشتهر في ألسنتهم من التمسك بالاطلاقات دون العبادات ، حيث انّ المعاملات لما كانت عرفية ذات مصاديق صحيحة عندهم ، فحينئذ لو كان خطاب مطلق من الشارع واجد لمقدمات الحكمة ساق اليهم مساق خطاب بعضهم بعضا ؛ فيكشف عن انّ الصحيح عنده هو الصحيح عندهم وإلاّ لما ساق خطابه كخطاباتهم الموجبة لافادة الصحيح عندهم ، أو نصب قرينة على الخلاف ، وبدونه فالمتبادر هو المصاديق العرفية. وهذا بخلاف العبادات التي لم تكن منها عندهم ـ لو لا بيانه ـ عين ولا أثر.

والحاصل : انّ المعاملات لما كانت عرفية مفهوما ومصداقا فيصح أن تنزل اطلاقات الشارع على العرفية ويكون فهمهم في التعيين متّبعا ما لم يصل من الشارع اعتبار شرط أو شطر ، ومعه فيقيد بمقدار ثبوته ويبقى الاطلاق في غيره بحاله بلا خلل فيه كما في جميع المطلقات. نعم التقييد يوجب التضييق في مجرد الارادة الجدية في غير المقام ، وامّا فيه فيوجب التخطئة أيضا.

فان قلت : انّ فهم العرف يكون هو المتبع في تعيين المفاهيم لا المصاديق ،

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٩ ؛ الحجرية ١ : ٢٨ للمتن و ١ : ٢٧ للتعليقة.

١٠٣

فكيف يرجع في تعيينها اليهم؟ ومع ذلك فكيف لا يحصل لهم الارتداد في موارد التقييد في المعاملات مع كشف خطئهم فيها ، كما في مثل بيع القمار ونحوه؟

قلت : انّ مصاديق المفاهيم على قسمين :

أحدهما : ما كان خارجيا محسوسا بحيث لا يقع الاشتباه فيها إلاّ للعوارض الخارجية من ظلمة ونحوها ، كأفراد الغنم ونحوها.

ثانيهما : ما كان واقعيا غير محسوس خارجا بحيث يقع فيها الاشتباه أيضا من جهة عدم الاطلاع على الواقعيات من غير رجوعه الى الشك في المفهوم ، وان كان ربّما يرجع اليه أيضا ؛ وللاعتبار دخل فيه تارة كما في مثل الملكية ونحوها من الاعتبارات ، وليس له دخل فيه اخرى كما في الطهارة والنجاسة ونحوهما.

ولا يخفى انّ العرف كما كان مرجعا في فهم المفهوم في مثل هذا القسم يكون مرجعا في تعيين المصاديق أيضا بالاطلاق المقامي بحسب الواقع ؛ واللفظي بنظر العرف لو تمت مقدمات الحكمة بالنسبة اليها في مقام ، كما لو كان للموضوع مصاديق معيّنة واقعية عند العرف وكان الشارع في مقام البيان بالنسبة اليها ، ومع ذلك فلو اطلق بلا قرينة على المراد يستكشف انّ الافراد العرفية هي الافراد عند الشرع ، وإلاّ لكان عليه البيان على الخلاف ؛ وبعد ذلك فلو ورد منه قيد في مورد ، يحكم بالتقييد على نحو التخطئة في ذلك المورد بلا انثلام في المطلق بالنسبة الى سائر الموارد ، كما في سائر المطلقات.

ثم انّه في مورد ثبوت القيد يلتزم بتخطئة العرف بالكلية في القسم الذي لا يكون للاعتبار دخل فيه كما في الطهارة والنجاسة ، وتخطئتهم في الجملة في الآخر الذي يكون له دخل فيه بمعنى ارتداعهم في نظرهم التابع لنظر الشارع ، دون نظرهم الآخر العرفي كما لا يخفى.

ثم انّ مدخلية الجعل والاعتبار ليس من قبيل جعل السبب ، فلا محذور فيه

١٠٤

أصلا.

٥٣ ـ قوله : « إنّ دخل شيء وجودي أو عدمي في المأمور به ... الخ ». (١)

ولا يخفى انّ الامر اذا تعلق بجملة امور ووجودات كان لكل منها دخل في الغرض الداعي اليه ، فحينئذ يكون كل منها جزءا للمأمور به ، ويكون مجموع ذوات الاجزاء بالأسر أجزاء المركب ، ومجموعها بشرط الاجتماع وجود الكل.

ثم :

ان كانت تلك الجملة بوجودها المطلق متعلقة للامر فلا يكون لها شرط.

وان كانت بوجودها الخاص الذي يكون لها بلحاظ أمر خارج عنها ـ وجوديا كان أو عدميا مقارنا أو سابقا أو لاحقا ـ متعلقة للامر ، بحيث يكون نفس ذاك الامر الخارج خارجا عن متعلق الامر وان كان موجبا لتحقق الخصوصية المعتبرة في المأمور به ، فحينئذ يكون للمأمور به شرط وهو الامر الخارج ، المنشأ للخصوصية.

اذا عرفت ذلك ، فظهر انّ الجزء ما كان داخلا في أصل قيام المركب والشرط ما كان خارجا عنه وان كان منشأ لخصوصيته.

ويفرّق بينهما : بأنّ الشرط ما كان اعتباره لفائدة في غيره ؛ والجزء ما كان اعتباره لفائدة متعلقة به بذاته وان كان تحصيلها منه متوقفا على انضمام سائر الاجزاء اليه.

وبأنّ الشرط ما كان صفة وحالة ؛ والجزء ما كان فعلا. والكل متقارب.

هذا كله في الاجزاء والشرائط الواجبة المأخوذة في أصل قوام الماهية الواجبة.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٠ ؛ الحجرية ١ : ٢٨ للمتن و ١ : ٣٠ للتعليقة.

١٠٥

وامّا غيرها : بأن يأتي شيء في ضمن الواجب بدون أخذه جزءا أو شرطا في الماهية ، وهو على أقسام :

منها : يكون شيء واجبا أو مستحبا نفسيا لا يكون له دخل في الخصوصية الفردية كما لا يكون له دخل في الماهية ، غاية الامر يكون المأمور به مثل الصلاة مثلا ظرفا له ، سواء كان له ظرف في خارج الصلاة أيضا أم لا ؛ وتكون الصلاة في الصورة الاخيرة مستحبا غيريا أو واجبا غيريا له كما لا يخفى.

ومنها : ما كان له دخل في خصوصيته الفردية لا في طبيعة الصلاة وان كانت الصلاة منطبقة على المجموع المركب منه ومن غيره ، كما إذ تتحقق الطبيعة ولو لم يأت بذاك الشيء كما هو شأن كل كلي طبيعي مع فرده ويكون ذاك الامر جزء الفرد ، ثم انّه يكون متحدا وجودا مع وجود الجزء الواجب تارة كالسورة المستحبة ويكون له وجود آخر غير وجودات الاجزاء ، واخرى كالقنوت والسورة بناء على استحبابها.

ولا يخفى انّه يكون المركب حينئذ مستحبا نفسيا بمعنى اشتماله على ملاكه ، ويكون ذاك الجزء مستحبا غيريا.

ثم انّ اشتمال الفرد من الصلاة على ملاك الاستحباب بواسطة ذاك الجزء غير الداخل في الطبيعة :

يكون تارة : من جهة انطباق عنوان آخر استحبابي غير عنوان الواجب ، ويكون ذاك الامر مقوما للاول دون الثاني.

ويكون اخرى : من جهة كونه أشد في وجود الطبيعة وأثرها من سائر الافراد ، وان كان اشتداده حاصلا بواسطة ذاك الامر.

نعم قد يكون ذاك الامر غير موجب للاشدية ولا موجبا لانطباق عنوان آخر استحبابي ، كما في الاتمام بالنسبة الى القصر في مواضع التخيير بناء على عدم

١٠٦

كونهما مختلفين في الماهية وعدم احتياج كل منهما من أول الامر الى التعيين أصلا ، مع عدم أفضلية الاتمام من القصر ، فانّ الزائد عن الركعتين يكون جزء الفرد ليس إلاّ.

اذا عرفت ما ذكرنا من الاقسام فاعلم : انّه لا اشكال في جريان النزاع في الصحيح والأعم بالنسبة الى الاجزاء وكذا في الشرائط على الصحيح ، بل اعتبارها في مقام التسمية أولى ، حيث انّ الفاقد للشرط يكون مباينا مع المسمى دون فاقد الجزء ، فانّه يكون مشتملا على بعض المسمى وان لم يكن مشتملا على تمامه ؛ كما انّهما يتحدان في حصول الاخلال بالمركب بواسطة الاخلال بواحد منهما ؛ وامّا جزء الفرد فليس اعتباره داخلا في المسمى وان كان يتحد معه عند ايجاده ، فليس الاخلال به موجبا للاخلال ، إلاّ اذا استلزم الاخلال ببعض ما اعتبر في الماهية شطرا أو شرطا.

نعم يوجب الاخلال بالماهية المستحبة الاخرى ، أو بالفرد الشديد في الماهية الواجبة كما لا يخفى.

٥٤ ـ قوله : « فيكون مطلوبا نفسيا في واجب أو مستحب ». (١)

فيكون كل منهما مطلوبا بملاك آخر ، بحيث لو انحصر ذاك لانحصر المطلوب في واحد منهما ، مع كون مطلوبيته مطلقة كما لا يخفى.

٥٥ ـ قوله : « لكنك عرفت انّ الصحيح اعتبارهما فيها ». (٢)

حيث انّ الوجه الذي دل على التسمية للصحيح بالنسبة الى الاجزاء يدل على التسمية له بالنسبة الى الشرائط أيضا ، لعدم ترتب الاثر الكاشف عن ثبوت الجامع على الفاقد للشرط ، فكيف يستكشف وجود الجامع في ضمنه؟ بل قد عرفت أولوية دخلها في التسمية بالاضافة الى الاجزاء.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥١ ؛ الحجرية ١ : ٢٩ للمتن و ١ : ٣١ العمود ١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥١ ؛ الحجرية ١ : ٢٩ للمتن و ١ : ٣١ العمود ١ للتعليقة.

١٠٧

الاشتراك اللفظي

٥٦ ـ قوله : « الحقّ وقوع الاشتراك ». (١)

والمراد به أعم من أن يكون ابتدائيا ، أو مرتجلا ، أو منقولا.

٥٧ ـ قوله : « وإن أحاله بعض لإخلاله بالتفهّم ». (٢)

والمراد بالاستحالة هو الوقوعي لا الذاتي كما هو واضح. ويشهد عليه ما ذكر له من الوجه ؛ كما انّه بالنسبة الى اللغات الاصلية التي لا بد أن يكون واضعها حكيما ، لا في اللغات الحادثة التي تصدر من أمثالنا كثيرا.

٥٨ ـ قوله : « ولو سلّم لم يكد يجدي الاّ في مقدار متناه ». (٣)

أي انّه لا نسلّم امكان الاوضاع غير المتناهية للمعاني كذلك لو كان الواضع غيره تعالى ، وعلى تقدير تسليمه ـ كما لو كان هو الواضع ـ لا يجدي إلاّ في المقدار المتناهي ، حيث انّ الغرض من الوضع هو الاستعمال ؛ ومن المعلوم انّ الاستعمالات متناهية فيكون الوضع الزائد لغوا غير لائق بالحكيم.

نعم يمكن الاستعمال غير المتناهي بناء على قول الحكماء من قدم العالم وعدم تناهي النفوس الناطقة ، وهو خلاف التحقيق كما حقق في محله.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥١ ؛ الحجرية ١ : ٢٩ للمتن و ١ : ٣١ العمود ١ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥١ ؛ الحجرية ١ : ٢٩ للمتن و ١ : ٣١ العمود ١ للتعليقة.

(٣) كفاية الاصول : ٥٢ ؛ الحجرية ١ : ٣٠ للمتن و ١ : ٣١ العمود ١ للتعليقة.

١٠٨

٥٩ ـ قوله : « مع أنّ المجاز باب واسع ، فافهم » (١).

لعلها اشارة الى عدم تطرق المجاز في جميع المعاني ، فيحتاج على تقدير عدم تناهي المعاني والاستعمال الى الاشتراك كما هو واضح.

أو الى انّ عدم تناهي الجزئيات يكفي [ لكفاية ] (٢) الوضع للمعاني الكلية في افادة الجزئيات فيما لو تعلق الغرض بافادتها ، ولا يحصل باللفظ إلاّ بالتزام الوضع بالنسبة اليها كما لا يخفى.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٢ ؛ الحجرية ١ : ٣٠ للمتن و ١ : ٣١ العمود ١ للتعليقة.

(٢) في الاصل الحجري ( كفاية ).

١٠٩

استعمال اللفظ

في

أكثر من معنى

٦٠ ـ قوله : « انّه قد اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى ». (١)

اعلم : انّ ظاهر تعبيرات الاصوليين وان كان في الجواز العرفي بمعنى المطابقة لقواعد أهل المحاورة ، إلاّ انّ الأحسن أن يجعل النزاع في الجواز العقلي ؛ والتحقيق عدمه كما ذهب اليه الاستاذ العلاّمة (٢) أعلى الله مقامه ، ويحتاج بيان ذلك الى امور :

الاول : انّ استعماله في أكثر من معنى يكون :

تارة : في المجموع من حيث المجموع بنحو المعية في الارادة الواحدة ، بحيث يكون المجموع معنى واحدا وكل من المعنيين أو المعاني جزءا منه ، سواء كان كل واحد متعلقا وموضوعا للحكم أم لا.

واخرى : في مفهوم الكل الافرادي ، نظير كلمة ( كل ).

وثالثة : في أحدهما بتوسيط مفهوم أحدهما أولا ، بل بالاستعمال في الفرد المعيّن عند المتكلم دون المخاطب ، وليس كذلك الفرد المبهم ، عندهما لعدم معقولية الاستعمال فيه. والقياس بالنكرة بكونها فردا ما في الطبيعة المعينة ، قياس

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٣ ؛ الحجرية ١ : ٣٠ للمتن و ١ : ٣١ العمود ٢ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥٣.

١١٠

مع الفارق.

ورابعة : في أكثر على سبيل الانفراد والاستقلال في الارادة ، بأن يراد في استعمال واحد هذا بخصوصه بارادة مستقلة ـ كما لو لم يكن إلاّ بوحدته ـ والآخر كذلك ، وهذا هو محل النزاع بين الاصوليين.

الثاني : انّ الاستعمال :

[ تارة ] : قد يكون بمعنى كون اللفظ علامة لارادة المعيّن بطريق المواضعة.

واخرى : بجعله قالبا بحيث يوجد بينهما نحو اتحاد ، ويكون اللفظ عنوانا ووجها للمعنى حتى انّ القاءه عين القائه ، ولذلك يسري حسنه وقبحه الى اللفظ ؛ فالملحوظ الاستقلالي في هذا الحال هو المعنى دون اللفظ ، ولذا لا يحكم عليه حينئذ بما هو حكم اللفظ وأثره في غير ذلك الحال ، بل يحكم عليه بما هو حكم المعنى ، لانّه في ذلك الاستعمال عنوانه ووجهه الفاني ، بل بوجه نفسه.

والثالث : انّ النظر الاستقلالي الى معنى بنحو يكون النظر الى اللفظ فانيا فيه لا يكون نظرا استقلاليا الى آخر.

وبعبارة اخرى : انّ اظهار اللفظ وجود المعنى ، لا بكون وجود الآخر بغير ذاك الوجود وإلاّ لزم كون الفرد الواحد اثنين ، ولا يمكن أن يكون وجود الكل على حدة بايجاد واحد لأنه يستلزم وجودا واحدا ، لوحدتهما ذاتا وتغايرهما اعتبارا.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم : انّ مرادهم من الاستعمال هو المعنى الثاني ، ولا ريب في امتناعه عقلا ، حيث انّ اللفظ في هذا الحال غير ملتفت اليه إلاّ باللحاظ الآلي ، فالملحوظ على الاستقلال هو المعنى ؛ ومن المعلوم انّ النظر الاستقلالي باللفظ الى معنى ـ بحيث يكون اللفظ فانيا ووجها له ـ لا يكون نظرا استقلاليا به الى معنى آخر يوجد بينهما هذا النحو من الاتحاد في شخص واحد من اللفظ في آن واحد ، بل حكم الاتحاد يسري حتى في الذهن اذا لوحظ فيه المعنى باللفظ ، بل

١١١

لا ينفك لحاظه عن لحاظه كما يظهر بالمراجعة الى الوجدان.

والحاصل : انّ النظرين الاستقلاليين بالنسبة الى معنيين متباينين من لفظ واحد :

لا يمكن اجتماعهما في نظر واحد ، وإلاّ لكان النظر الواحد الخارجي فردين من النظر.

ولا يمكن اجتماعهما بوجودين مستقلين في آن واحد من لفظ واحد ، لقصوره من فنائه بوحدته في اثنين.

بل يلزم ـ على تقدير استعمال اللفظ في الاكثر ـ لحاظه استقلاليا في عين كونه منظورا فنائيا في المعنى الآخر ، فتدبر.

٦١ ـ قوله : « ولو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه ». (١)

أي على نحو الحقيقة ، بناء على جعل اعتبار الوحدة مانعا عن الاستعمال الحقيقي كما فعله في المعالم (٢) ، أو مطلقا بناء على جعله مانعا عن مطلق الاستعمال كما على قوله.

وليعلم : انّ الوحدة الملحوظة في الموضوع له ليس هو مفهومها بل ما هو مصداقها بالحمل الشائع. كما انّه ليس المراد الوحدة في الوجود الخارجي ، لعدم القول به ؛ ولا الانفراد في كونه متعلقا وموضوعا للحكم ، لعدم تأتّي أخذ ما ينشأ من قبل الحكم في مسمى متعلقه ، بل المراد الوحدة في الارادة الاستعمالية ، بأن يكون تمام المراد في الاستعمال بلا اشتراك غيره معه في الارادة كما هو صريح كلام بعض.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٤ ؛ الحجرية ١ : ٣٠ للمتن و ١ : ٣١ العمود ٢ للتعليقة.

(٢) معالم الدين : ٣٩.

١١٢

ولكنه يرد عليه : بأنّه أيضا من خصوصيات الاستعمال ؛ وقد عرفت انّ ما ينشأ من قبل الاستعمال لا يمكن أن يؤخذ في المستعمل فيه.

وامّا ما أفاده المحقق القمي رحمه‌الله (١) من انّ الموضوع له واحد في لحاظ الواضع فلا بد أن يكون كذلك في حال الاستعمال أيضا تبعا له ، ففيه : انّ اللازم متابعة الواضع فيما أخذ قيدا في الموضوع له ، لا في مطلق ما كان موجودا حاله كما هو واضح.

٦٢ ـ قوله : « ثم لو تنزلنا عن ذلك فلا وجه للتفصيل ... الخ ». (٢)

أقول : انّ استعمالهما يتصور على وجوه :

أحدها : في المتعدد من ماهية واحدة ، ولا اشكال في كونه على نحو الحقيقة مطلقا.

ثانيها : في الطبيعة المتعددة بتأويل المفرد الى المسمى ، ولا اشكال في كونه على نحو الحقيقة في علامة التثنية والجمع ، وعلى نحو المجاز في المفرد.

ثالثها : استعمالهما في الطبائع المتعددة بلا تأويل الى المسمى ولكن بمرة واحدة من التكرار بأن يراد من التثنية طبيعتان ، ولا اشكال في كونه في معنى واحد في التثنية. وفي كونه على نحو الحقيقة أو المجاز يبتني على كون التثنية والجمع لمطلق المتعدد المشترك في اللفظ ، فيكون على نحو الحقيقة أو الخصوص المتعدد من ماهية واحدة ، وبعبارة اخرى : للتعدد الخاص ، فيكون مجازا في التعدد اللفظي.

رابعها : استعمال التثنية في أربعة افراد من الماهية أو الماهيتين أو في اربعة طبائع فيكون استعمالها فيهما في أكثر من معنى.

__________________

(١) القوانين المحكمة ١ : ٦٧ السطر ٢٣ ـ ٢٥.

(٢) كفاية الاصول : ٥٤ ؛ الحجرية ١ : ٣٠ للمتن و ١ : ٣٢ العمود ١ للتعليقة.

١١٣

فعلى قيد الوحدة يكون الاستعمال مجازيا في الصور ، حيث انّه عليه تكون التثنية للتكرار الواحد وارادة الزائد يكون مجازا ، غاية الامر يكون المجاز في الصورة الاخيرة ، لاجل عدم التكرار الخاص أيضا.

وعلى أي حال فالفرق بين التثنية والجمع وبين المفرد بالحقيقة فيه والمجاز فيهما لا وجه [ له ] كما عرفت.

٦٣ ـ قوله : « أو كان المراد من البطون لوازم معناه ». (١)

أو كان المراد مراتب حقيقة واحدة كما في « الميزان » فانّ المراد به مطلق ما يوزن به ، غاية الامر يكون بعض مراتبه واضحة وبعض مراتبه خفية لا يعلم لنا إلاّ بالتفسير ، كوجود الامير والاسلام مثلا.

أو كان المراد من البطون خفاء المعاني واحتجابها من ادراك افهامنا [ القاصرة ] (٢) وان كانت واضحة للاذهان العالية ، وهذا يطابق الآيات المتشابهة.

أو كان المراد ارادة التعدد بارادة واحدة حتى يكون نظير الاستعمال في المعنى الواحد.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٥ ؛ الحجرية ١ : ٣٣ للمتن و ١ : ٣٢ العمود ١ للتعليقة.

(٢) في الاصل الحجري ( القاصرين ).

١١٤

المشتق

٦٤ ـ قوله : « مما يكون مفهومه منتزعا عن الذات بملاحظة اتصافها بالمبدإ ». (١)

اعلم : انّه يطلق المشتق تارة : على اللفظ المأخوذ من لفظ آخر سواء كان فعلا أو اسما ، واخرى : على ما يحكي من عنوان مطلق على الذات بلحاظ تلبسه بالمبدإ. والثاني هو المراد هاهنا فيعمّ مثل الضارب والقاتل ونحوهما.

كما انّ المفاهيم الحاكية عن الشيء المنطبقة عليه على قسمين :

أحدهما : ما ينتزع عن مقام ذاتياته بلا اتصاف الشيء بأمر خارج عنها أصلا ؛ وحينئذ يكون اللفظ الموضوع لمثل هذه المفاهيم جامدا ، كالجسم والحجر ونحوها.

ثانيهما : ما ينتزع لا عن مقام الذات ، بل عن مقام اتصافها بأمر خارج ، فاللفظ الحاكي عنها يسمى مشتقا كالضارب والقاتل ونحوهما ؛ ومن المعلوم انّ محل النزاع في المقام هو القسم الاخير وحده.

ثم انّ المتصور من النزاع في المشتق ، تارة : في تعيين معنى المادة وهو راجع الى اللغة ، واخرى : في كيفية الاشتقاق وهو راجع الى الصرف ، وثالثة في معناه الراجع الى الهيئة امّا من حيث التركيب من النسبة والذات أو الزمان ، وامّا من

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٦ ؛ الحجرية ١ : ٣٣ للمتن و ١ : ٣٢ العمود ١ للتعليقة.

١١٥

حيث كونه بخصوص الذات في حال التلبس أو للأعم منه ومن حال الانقضاء ، وهو محل النزاع في المقام فلا تغفل.

٦٥ ـ قوله : « أو الصدور والايجاد ... الخ ». (١)

أو الاتحاد بنحو العينية مع الذات ، كما في المشتقات الحاكية عن صفاته تعالى شأنه.

٦٦ ـ قوله : « ولعل منشأ توهم كون ما ذكره لكل منها من المعنى ... الخ ». (٢)

المراد من المعنى هو : الأعم الصادق على المتلبس والمنقضي عنه المبدأ.

ووجه قوله : « كما ترى » ما هو المستفاد من قوله : « واختلاف أنحاء التلبسات ... الخ ». وبعبارة اخرى : التوهم هو كون المشتقات حقيقة في الأعم.

ووجه التوهم هو : تخيل كون المبدأ في هذه المشتقات هو الفعلية منه مع صدقها على الذي انقضى منه المبدأ الفعلي بالاتفاق ؛ والغفلة عن انّ الاتفاق على الصدق انما هو لاجل أعمية المبدأ من الفعلي والشأني والحرفة والملكة ونحوها ؛ أو في خصوص هذا المشتق عرفا.

فلا يشكل تقدم الصدق ولو في المصدر ، أو أعمية الاسناد الى الذات الموجبان لبقاء التلبس ، أو انّ اطلاق المشتق بلحاظ حال التلبس وانما جيء به اشارة اليه فيكون الصدق في هذه الموارد على المتلبس ، وانما يكون الانقضاء بعد زوال الشأنية والملكة ونحوهما على اختلاف المقامات ، وتدخل بعد ذلك في مورد النزاع.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٦ ؛ الحجرية ١ : ٣٣ للمتن و ١ : ٣٢ العمود ٢ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥٧ ؛ الحجرية ١ : ٣٤ للمتن و ١ : ٣٣ للتعليقة.

١١٦

٦٧ ـ قوله : « مع الدخول بالكبيرتين ... الخ ». (١)

ولا بد أن تكون هي الاولى حتى تدخل الثانية في محل النزاع كما لا يخفى.

كما انّ الاولى حينئذ تكون مثل الثانية داخلة في محل النزاع بحسب الدقة.

وانما الخروج بحسب مسامحة العرف لو لم يرجع الى الخطأ في التطبيق ، أو بالاجماع وبالخبر ، أو بالقول باجتماع عنوان الأمّ والزوجة في آن واحد وان لم يجتمعا بقاء ، فتدبر.

٦٨ ـ قوله : « كانت عرضا أو عرضيا ... الخ ». (٢)

ظاهره : انّ الفرق بين العرض والعرضي وجود ما بحذاء للاول في الخارج وعدمه للثاني وأخذ نفس المبادئ مصداقا لهما.

وهذا مخالف لما هو مصطلح عليه بين أهل المعقول :

من كون المراد من الاول نفس المبادئ غير المحمولة وان لم يكن لها ما بحذاء في الخارج كالفوقية ،

والمراد من الثاني المشتقات المحمولة وان اخذت من المبادئ التي لها ما بحذاء في الخارج كالابيض.

والفرق : انّ العرض هو المبدأ ، والعرضي هو المشتق. نعم لا يبعد أن يلتزم باصطلاحين فيهما فيصح حينئذ اطلاقه.

٦٩ ـ قوله : « وإلاّ لما وقع الخلاف فيما وضع له لفظ الجلالة ». (٣)

مع انّ النزاع فيما نحن فيه لم يقع في خصوص اسم الزمان ، بل في مطلق المشتقات فلا بأس بانحصار بعض مصاديقها في الفرد دون النزاع في لفظ الجلالة

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٧ ؛ الحجرية ١ : ٣٤ للمتن و ١ : ٣٣ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥٧ ؛ الحجرية ١ : ٣٤ للمتن و ١ : ٣٣ للتعليقة.

(٣) كفاية الاصول : ٥٨ ؛ الحجرية ١ : ٣٤ للمتن و ١ : ٣٤ للتعليقة.

١١٧

فانّه في خصوصه ، فهو أولى بجريان الاشكال فيه.

ويمكن أن يجاب : بأنّ اسم الزمان مثل « مقتل الحسين عليه‌السلام » ونحوه اسم للنوع لا للشخص ؛ ومن المعلوم انّ نوع العاشر من المحرّم كان له فرد متلبس بالمبدإ وفرد غير متلبس به فهو بما هو وجود النوع قد انقضى عنه المبدأ بعد التلبس به ، وان كان بما هو الفرد لم يتلبس به أصلا ولم يكن له الانقضاء كما لا يخفى ، هذا.

مع انّ هذا الاشكال انما هو على تقدير جعل الموصوف الزمان ، بمعنى امتداد الحركة القطعية مع جعل القطعة بمقدار التلبس ، وامّا على تقدير كون الموصوف الآن السيال أو قطعة من الزمان أوسع من مقدار التلبس كاليوم والشهر مثلا مع جعله واحدا عرفا يكون حدوثه بأول جزء منه وبقاؤه بعدم الانتهاء الى جزئه الآخر ، فلا اشكال ، فتدبر جيدا.

٧٠ ـ قوله : « ضرورة انّ المصادر المزيد فيها كالمجردة في الدلالة ». (١)

مع انّها موضوعة لنفس المبادئ ، فلا يعقل أن تكون مشتركة بين حال وجودها وحال انقضائها ، لعدم اشتراك لفظ الشيء بينه وبين تقديره كما لا يخفى.

٧١ ـ قوله : « ضرورة عدم دلالة الامر ولا النهي عليه ». (٢)

وكذا جميع الافعال الانشائية من المدح والذم والمستعملة في العقود كما لا يخفى ؛ لانّ المبدأ المأخوذ فيها ليس في موطن الخارج كي يؤخذ مقرونا بصدق الزمان الخارجي الذي هو محل النزاع كما في الاخبار ، بل ينشأ بها طلب مبادئها ، هذا.

مع انّ الزمان لم يكن مدلولا للمادة اتفاقا ولا للهيئة ، لانّ معناها هو المعنى

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٨ ؛ الحجرية ١ : ٣٥ للمتن و ١ : ٣٤ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥٩ ؛ الحجرية ١ : ٣٥ للمتن و ١ : ٣٤ للتعليقة.

١١٨

الحرفي والزمان المدلول عليه الفعل ـ على القول به ـ هو المعنى الاسمي.

ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بدلالة صيغة افعل على الفور بمعنى أول أزمنة الامكان وعدمه كما لا يخفى.

٧٢ ـ قوله : « نعم لا يبعد أن يكون لكل من الماضي والمضارع ». (١)

مثل اعتبار التحقق في الخارج في ظرف النسبة في مبدأ الماضي ، فانّه لا يكون معه إلاّ في المضي ؛ واعتبار اتصاف الفاعل بالصفة الموجدة في ظرف النسبة أو الترقب في المبدأ ؛ كذلك في المضارع ، فانّه لا يصدق إلاّ في غير الماضي حال النسبة ولو كان حالا عرفيا.

ثم انّ الماضي في الفعل الماضي ومقابله في المضارع انما يضافان الى حال النطق لو اطلقت النسبة منه في الزمانيات ، وإلاّ فاذا عيّن ظرف النسبة فيها فيضافان اليه كما يشير اليه قدس‌سره في المثالين الآتيين.

٧٣ ـ قوله : « ويؤيده : انّ المضارع يكون مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال ». (٢)

حيث انّ من المعلوم انّ النحويين قائلون بكون المأخوذ من الزمان أحد الثلاثة على التعيين ، فحيث لا تعيين فيكشف عن عدم الدلالة.

وانطباقه على القدر الجامع لا بد أن يكون لاجل خصوصية في المبدأ يصلح للانطباق على المعيّن مرة كما في الماضي ، وعلى غير المعين اخرى كما في المضارع ؛ ويدل على ذلك أيضا قوله عليه‌السلام في رواية أبي الاسود الدؤلي : « والفعل ما دل على حركة المسمى ... الخ » (٣) بلا أخذ الزمان في مفهومه.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٥٩ ؛ الحجرية ١ : ٣٥ للمتن و ١ : ٣٤ للتعليقة.

(٢) كفاية الاصول : ٥٩ ؛ الحجرية ١ : ٣٥ للمتن و ١ : ٣٥ للتعليقة.

(٣) بحار الانوار ٤٠ : ١٦٢ الباب ٩٣ في علمه وان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علّمه الف باب ، في ذيل الحديث ٥٤ ؛ ـ الفصول المختارة للشيخ المفيد : ٥٩ عند قول الامام الصادق عليه‌السلام : « اعربوا حديثنا فانّا قوم فصحاء » ؛ مناقب آل ابي طالب ٢ : ٤٧ في فصل المسابقة بالعلم. لكن في المصادر الثلاثة جميعا : « والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى ».

١١٩

٧٤ ـ قوله : « وانما الفرق هو انّه وضع ليستعمل ». (١)

بمعنى أن يكون الاستعمال الآلي في الحرف والاستقلالي في الاسم لوحظ شرطا في حال الوضع في طرفه لا في الموضوع له فيكون نظير الواجب المشروط لا المعلق ؛ لا بالتزام على حدة بعد الوضع ، لعدم انقلاب المطلق ـ بعد وقوعه ـ الى التقييد ؛ ولا بنحو الشرط المتقدم حتى يكون حصول الوضع مرّات بالاستعمال الآلي (٢) بل بنحو الشرط المتأخر كما لا يخفى.

ثم انّ هذا كله بناء على عدم كون المعنى آليا أو استقلاليا إلاّ من قبل اللحاظ ؛ وامّا بناء على كون كل منهما في نفس المعنى في أي موطن كان بأن تكون كلمة الابتداء حاكية عن وجوده في نفسه بمفاد كان التامة ولفظ من حاكية عن وجوده في غيره بمفاد كان الناقصة ، فلا امكان حتى يلتزم لاجله بكونه قيدا في الاستعمال ومن كيفياته كما لا يخفى.

٧٥ ـ قوله : « فالمعنى في كليهما في نفسه كلي طبيعي ». (٣)

مقصوده : انّ المعنى اذا اخذ لا بشرط عن جميع الاعتبارات حتى عن اللحاظ فهو كلي طبيعي ، واذا اخذ مقيدا به بنحو يكون لمجرد تعيين الموطن فهو كلي عقلي ؛ وامّا المعروض فهو نفس الماهية المقيدة ، واذا أخذ مع الوجود الذهني بنحو يكون المعروض الشخص فهو جزئي ذهني.

__________________

(١) كفاية الاصول : ٦٠ ؛ الحجرية ١ : ٣٥ للمتن و ١ : ٣٥ للتعليقة.

(٢) نسخة ( كذا في الاصل الحجري ).

(٣) كفاية الاصول : ٦٠ ؛ الحجرية ١ : ٣٦ للمتن و ١ : ٣٥ للتعليقة.

١٢٠