شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

كتاب الغدير للطبري ( ت / ٣١٠ هـ ) :

ويعتبر هذا الكتاب المصدر الوحيد الذي ذكره المؤلّف بالاسم ونقل عنه نصوصا كثيرة ، وتظهر أهميّة هذه النقول أن الكتاب ـ اليوم ـ مفقود من المكتبة الاسلامية بالرغم من أنه كان في متناول الباحثين في القرن الثامن الهجري.

فقد نقل عنه المؤرخ الدمشقي عماد الدين أبو الفداء بن كثير ( ت / ٧٧٤ هـ ) حيث عنونه باسم « كتاب غدير خم » ، ونقل عن الجزء الأول منه في كتابه البداية والنهاية (١) أورد فيه سبعة أحاديث من الكتاب المذكور.

واهتمّ علماء الشيعة بهذا الكتاب اهتماما خاصّا وذكروا اسنادهم إليه في كتبهم بالرغم من أن مؤلّفه كان عامّي المذهب لأهمية موضوع الغدير :

فقد ذكر الشيخ الطوسي ( ت / ٤٦٠ هـ ) اسناده إليه قائلا : « محمد بن جرير الطبري يكنى أبا جعفر صاحب التاريخ عامّي المذهب له كتاب غدير خم وشرح أمره ، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن ابن كامل عنه » (٢).

وقال النجاشي ( ت / ٤٥٠ هـ ) : « محمد بن جرير أبو جعفر الطبري عامّي له كتاب الردّ على الحرقوصية ذكر طرق خبر يوم الغدير أخبرنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا محمّد بن جرير بكتابه الردّ على الحرقوصية » (٣).

وحيث صرّح كلّ من الطوسي والنجاشي بعامّيته فلا وجه لما استظهره

__________________

(١) ج ٥ / ٣١٣ الطبعة الاولى سنه ١٣٥٩ / القاهرة.

(٢) الفهرست : ص ١٧٨.

(٣) رجال النجاشي : ص ٢٢٦.

٨١

شيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ هـ ) بقوله : « بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمام المعاصر لصاحب الترجمة ... وانما وقع الخلط من اتحاد الاسم والكنية واسم الأب والنسبة » (١).

فان تصريح كلّ من الطوسي والنجاشي والمؤرخ ابن كثير والمؤلّف هنا يقتضي خلاف ذلك وللتفصيل يراجع الصيانة ، فقد ذكرت فيه ما يفي بذلك إن شاء الله.

وقال المؤلّف ما نصّه : « ورواه [ خبر الغدير ] اكثر أصحاب الحديث وممن رواه وأدخله في كتاب ذكر فيه فضائل علي غير من قدّمت ذكره محمد بن جرير بن الطبري وهو أحد أهل بغداد من العامّة ممن قرب عهده [؟ ] في العلم والحديث والفقه عندهم ، واسناده فيه أنه قال : حدّثنا محمد بن حميد ... » (٢).

ثم أورد طائفة من الروايات ذلك الكتاب وعسى أن يوفّق الله سبحانه العثور عليه.

وكفى لهذا الكتاب أهميّة وجود هذه الطائفة المنقولة من كتاب الغدير للطبري فيه ، فهي وإن كانت محذوفة الأسانيد إلا أنها تلقي الضوء على محتوى ذلك الكتاب.

وختاما :

أبارك جهد الأخ السيّد محمّد الحسينيّ الجلاليّ ـ حفظ الله ـ الذي قام بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه الى عالم المطبوعات ، وكان الله في عون كلّ مخلص أمين.

محمّد حسين الحسينيّ الجلاليّ

__________________

(١) الذريعة : ١٦ / ٢٦.

(٢) شرح الأخبار : ١ / ١١٦.

٨٢

فهرس المصادر

اسم الكتاب

المؤلّف وسنة الوفا

محل وسنة الطبع

١ ـ اتّعاظ الحنفاء بأخبار الخلفاء

تقيّ الدين المقريزي ـ ٨٤٥

القاهرة ١٣٦٧ ه‍

٢_ أعلام الاسماعيلية

مصطفى غالب الاسماعيلي

بيروت ١٩٦٤ م

٣ ـ أمل الآمل

الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي ـ ١١٠٤

النجف ١٣٨٥ ه‍

٤ ـ إيضاح المكنون

إسماعيل پاشا البغدادي ـ ١٣٣٩

استانبول ١٩٤٥ م

٥ ـ بحار الأنوار

الشيخ محمد باقر المجلسي ـ ١١١١

طهران ١٣٧٦ ه‍

٦ ـ البداية والنهاية

أبي الفداء بن كثير ـ ٧٧٤

القاهرة ١٩٢٢ م

٧ ـ تاريخ التراث العربي ـ بالألمانية

فؤاد سزكين

لندن ١٩٦٧ م

٨ ـ تنقيح المقال

الشيخ عبد الله المامقاني ـ ١٣٥١

النجف ١٣٥٢ ه

٩ ـ جامع الرواة

محمد بن علي الأردبيلي ـ بعد ١١٠٠

طهران ١٣٣١ ه‍

١٠ ـ دليل المخطوطات الاسماعيلية

ايفانوف

لندن ١٩٣٣ م

١١ ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة

الشيخ آغابزرگ الطهراني ـ ١٣٨٩

النجف ١٣٥٥ ه‍

١٢ ـ رجال بحر العلوم « الفوائد الرجالية »

السيّد محمد مهدي بحر العلوم ـ ١٢١٢

النجف ١٣٨٦ ه‍

١٣ ـ رجال الطوسي

الشيخ أبي جعفر الطوسي ـ ٤٦٠

النجف ١٣٨١ ه‍

١٤_ رياض العلماء

عبد الله الأفندي ـ ق ١٢

قم ١٤٠١ ه‍

١٥_ شذرات الذهب

العماد الحنبليّ ـ عبد الحي ـ ١٠٨٩

القاهرة ١٩٦٦ م

٨٣

١٦ ـ مصادر الأدب الاسماعيلي

إسماعيل پونا والا

كاليفورنيا ١٩٧٧ م

١٧ ـ الفهرست

الشيخ أبي جعفر الطوسي ـ ٤٦٠

النجف ١٣٨٠ ه

١٨ ـ الفهرس [ رجال النجاشي ]

أبي العبّاس النجاشي ـ ٤٥٠

‍ قم ١٣٩٧ ه‍

١٩ ـ فهرسة الكتب والرسائل

إسماعيل مجدوع ق ١٢

طهران ١٩٦٦ م

٢٠ ـ فهرس المخطوطات العربية

في مكتبه معهد الدراسات

آدم غسك

لندن ١٩٨٤ م

الاسماعيلية بلندن ـ بالانگليزية

٢١ ـ فهرس مكتبة آية ا ... المرعشي

السيّد أحمد الحسيني

قم ١٣٦٤ ش

٢٢ ـ قاموس الرجال

الشيخ محمد تقي التستري

قم ١٣٨٨ ه‍

٢٣ ـ القضاة الذين ولّوا قضاء مصر

أبي عمرو الكندي ـ ٣٥٨

باريس ١٩٠٨ م

٢٤ ـ كشف الظنون

حاجي خليفة ١٠٦٧

استانبول ١٩٤١ م

٢٥ ـ لسان الميزان

أحمد بن حجر العسقلاني ـ ٨٥٢

حيدرآباد ١٣٣١ ه‍

٢٦ ـ معالم العلماء

محمد بن علي بن شهرآشوب ـ ٥٨٨

النجف ١٣٨٠ ه

٢٧ ـ المعزّ لدين الله

حسن إبراهيم حسن

‍ القاهرة ١٩٦٤ م

٢٨ ـ مناقب آل أبي طالب

محمد بن علي بن شهرآشوب ٥٨٨

قم

٢٩ ـ مرآة الجنان

عبد الله اليافعي ـ ٧٦٨

حيدرآباد ١٣٣٨ ه‍

٣٠ ـ مستدرك الوسائل

ميرزا حسين النوري ـ ١٣٢١

طهران ١٣٨٤ ه‍

٣١ ـ وفيات الأعيان

شمس الدين أحمد بن خلكان ـ ٦٨١

بيروت ١٩٦٨ م

٣٢ ـ النجوم الزاهرة

جمال الدين يوسف بن تغرى بردى ـ ٨٧٤

القاهرة ١٩٦٣ م

٣٣ ـ نوابغ الرواة

الشيخ آغابزرگ الطهران ـ ١٣٨٩

بيروت ١٣٩٢ ه

٨٤

٨٥
٨٦

[ خطبة الكتاب ]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين

الحمد لله الأول بلا أحد ، والآخر بلا أمد ، وصلّى الله على خاتم الأنبياء ورسله محمّد النبيّ ، وعلى الأئمة من ذريته ونجله.

قال القاضي النعمان بن محمّد ( قدّس الله روحه ) : آثرت من الأخبار وجمعت من الآثار في فضل الأئمة الأبرار حسب ما وجدته وغاية ما أمكنني واستطعته ، فصحّحت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا ، وألفته بأن عرضته على وليّ الأمر وصاحب الزمان والعصر مولاي الامام المعز لدين الله (١) أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى سلفه وخلفه ، وأثبتّ منه ما أثبته وصحّ عنده وعرفه ، وآثره من آبائه الطاهرين ، وأجاز لي سماعه منه ، وبأن أرويه ـ لمن يأخذه عني ـ عنه صلوات الله عليه. فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه وعرفه ، وأسقطت ما دفعه من ذلك وأنكره مما نسبه الى أهل الحق المبطلون ، وحرفه من قولهم المحرّفون الضالّون إذ هو صلوات الله عليه والأئمة من آبائه الطاهرين وخلفه الأكرمين الذين عناهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ينفون عنه تحريف الجاهلين المحرفين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين. وأمدّني صلوات الله عليه مع ذلك من نوره

__________________

(١) الفاطمي.

٨٧

وأفادني من علمه ، من بيان ذلك ما أدخلته في تصانيف ما بسطته في هذا الكتاب ، من البيان لما في الأخبار المبسوطة فيه لمن عسى أن يشكل شيء منها أو يقصر فهمه عنها ، وحذفت أسانيدها وتكرار اكثر الروايات فيها واختلاف الحكايات منها إذ قد أثرتها وأثبتها وصححتها بأسنادها الى إمام العصر (ع) ، فقربت بذلك بعيدها واحتصرتها وقويت تأكيدها ، ثم رأيت أن يكون بسطها لفيفا ، كما رويت ، وصنفا صنفا كما حكيت لأن مجيء الصنف بعد الصنف من الأخبار أوقع بالقلوب ، وأقرب الى الحفظ والتذكار ، كما أن الطعام إذا جاء [ لونا بعد لون ] (١) كان أشهى ، وكان من يوتى به إليه أكثر منه أكلا من أن يتلو منه الشيء ما هو مثله وإن كنت قد تابعت شيئا من ذلك تأكيدا فانني لم أطله إطالة تملّ من سمعه.

وبالله التوفيق على فضله ، ومدد وليّه المعول.

__________________

(١) وفي الأصل : جاء الوانا الوانا بعد لون.

٨٨

[ قول رسول الله صلوات الله عليه وعلى الائمة من نسله :

« أنا مدينة العلم وعلي بابها » ]

[١] [ الصنابجي ] (١) عن علي صلوات الله عليه وعلى الائمة من ولده ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

[٢] الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ، إنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب.

[٣] عبد الرزاق عن يحيى بن علي يرفعه الى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، وكذب من دخلها من غير بابها.

[٤] محمّد بن الحسن الجعفري عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام عن آبائه : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها ، فمن دخل المدينة من غير بابها فقد أخطأ الطريق.

وهذا مأثور مشهور ، وقد رواه الخاص والعام وهو مما أبان به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولاية علي عليه‌السلام وإمامته ومكانه منه ، وانه لا يصح اخذ العلم والحكمة عنه في حياة رسول الله ولا بعد وفاته إلا من فيله ولا يؤتى إليه إلا من قبله كما قال الله عز وجل : « وَأْتُوا الْبُيُوتَ

__________________

(١) وفي الاصل : الصباعي ولم أجده في كتب الرجال

٨٩

مِنْ أَبْوابِها » (١). فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن مثله مثل المدينة التي هي جامعة البيوت ذوات الأبواب ، وبأن عليا عليه‌السلام مثله مثل بابها الذي هو باب الأبواب ، كذلك لا يؤتي كل إمام إلا من قبل من نصبه بابا له ولا يؤخذ عنه علمه إلا من جهته ، وفي هذا كلام طويل دونه سرّ ليس هذا موضع كشفه ، فلو كانوا أخذوا علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما أمرهم من قبله واقتصروا في ذلك عليه لم يختلفوا.

[٥] كما جاء عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليه إن سائلا سأله : فقال : يا ابن رسول الله من أين اختلفت هذه الامة فيما اختلفت فيه من القضايا والأحكام [ من الإحلال والإحرام ] ، ودينهم واحد ، ونبيّهم واحد؟؟. فقال عليه‌السلام : هل علمت إنهم اختلفوا في ذلك أيام حياة رسول الله صلوات الله عليه وآله.

فقال : لا ، وكيف يختلفون وهم يردّون إليه ما جهلوه واختلفوا فيه؟؟. فقال : وكذلك ، لو أقاموا فيه بعده من أمرهم بالأخذ عنه لم يختلفوا ولكنهم أقاموا فيه من لم يعرف كلما ورد عليه ، فردّوه الى الصحابة يسألونهم عنه ، فاختلفوا في الجواب ، فكان سبب الاختلاف ، ولو كان الجواب عن واحد والقصد في السؤال عن واحد كما كان ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن الاختلاف.

__________________

(١) البقرة : ١٨٩.

٩٠

[ قول رسول الله صلى الله عليه وآله : أقضاكم علي ]

[٦] أبو سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : أقضاكم علي.

[٧] حدّث بذلك عنه عطاء بن أبي رياح ، فقيل لعطاء : أكان في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعلم من علي؟ ، فقال : لا والله ، ما أعلمه (١).

والخبر المأثور عن رسول الله بقوله : أقضاكم علي مشهور ، قد رواه الخاص والعام ذلك مما لم يختلف فيه ، وسيأتي في هذا الكتاب بعد هذا إن شاء الله مع ذكر ما جرى له من القضايا في أيام حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن بعده واعتراف الصحابة له بأنه أقضاهم وأعلمهم ، وأنهم كانوا في ذلك محتاجين إليه يسألونه ، ولم يسأل هو أحدا منهم ولا من غيرهم ، وكان يضرب بيده على صدره ، ويقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، إنّ هاهنا لعلما جما لو أجد له حملة ، ويضرب بيده على بطنه ويقول : إنه لعلم كله ، ويقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فلن نجدوا أعلم بما بين اللوحين مني ، ويقول : ما دخل عيني غمض مذ صحبت رسول الله

__________________

(١) وفي فيض القدير للمناوي ٣ / ٤٦ : لا والله لا أعلم.

٩١

صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن قبض ليلة من الليالي حتى علمت ما أنزل عليه في ذلك اليوم ، وفيما أنزل.

وإذا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبرهم إنه أقضاهم فليس ينبغي لهم أن يتحاكموا بعده الى غيره. والقضاء يجمع علوم الدين. وهذا أيضا مما أبان به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فضله ، وأوجب به إمامته لأن القضاء لا يكون إلا للإمام أو لمن أقامه الامام عليه‌السلام.

٩٢

[ قول رسول الله صلى الله عليه وآله : علي مني وأنا من علي ]

[٨] مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عمران بن حصين ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن من بعدي.

[٩] عمرو بن ميمون عن ابن عباس ، إنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي.

[١٠] أعمش بن شيرين ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : أنت مني وأنا منك.

[١١] عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة ، قال : بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعث (١) الى اليمن وبعث عليه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعلى طائفة منه خالد بن الوليد ، وقال : إذا اجتمعتم فعلي على جميع الناس وإذا افترقتم فكل واحد على أصحابه ، فلقينا العدو ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية ، فاصطفى علي عليه‌السلام لنفسه جارية من السبي. فكتب بذلك خالد الى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، ونال من علي ، وأمرني أن أقع فيه عنده وكنت ممن ضم إليه ،

__________________

(١) وفي كفاية الطالب : في سريّة.

٩٣

فأتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكتاب خالد ، فدفعته إليه ، فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثتني مع رجل ، وأمرتنى بطاعته ، فوجهني إليك ، وأمرني أن أقع (١) في علي عندك ، وهذا مقام العائذ بك. فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بريدة ، لا تقع في علي ، فانما علي مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي.

[١٢] جعفر بن سليمان ، عن عمر بن علاء ، قال : لما كان يوم أحد وتفرق الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضرب رسول الله ستين ضربة بالسيف ، وعليه يومئذ درعان قد تظاهر بينهما ، وكسرت رباعيته وشج في وجهه وتفرق الناس عنه ، وبقي معه علي بن [ أبي ] طالب عليه‌السلام ، فقال له رسول الله : ارجع يا علي ، فقال : الى أين أرجع عنك يا رسول الله؟؟ أرجع كافرا بعد أن أسلمت؟! وأقبل الى رسول الله صلوات الله عليه وآله كردوس (٢) من المشركين. فقال لعلي عليه‌السلام : فاحمل إذن على هؤلاء ، فحمل عليهم ، ففرجهم ، وأصاب منهم.

فقال جبرائيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمّد إن هذه للمواساة. فقال : يا جبرائيل : إنه مني وأنا منه.

فقال جبرائيل : وأنا منكما.

[١٣] عبد الله بن رقيم ، عن سعد بن مالك ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببراءة الى أهل مكة ، ثم أتبعه عليا عليه‌السلام ، فأخذها

__________________

(١) وقع في فلان ، أي : ذمه وعيبه وعنفه. ووقعت فيه إذا عبته وذممته. ( النهاية لابن الأثير ٥ / ٢١٥ ).

(٢) كردوس ، أي : الجماعة من الأعداء.

٩٤

منه. فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أأنزل فيّ شيء. قال : لا ، إلا إنه لا يؤدي عني غيري أو رجل مني ، فعلي مني وأنا منه.

فهذه وغيرها أخبار كثيرة مأثورة معروفة قد رواها الخاص والعام فيما ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيها إن عليّا عليه‌السلام منه ، وهو صلوات الله عليه من علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده وذلك أيضا مما أبان به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولايته وإمامته ، وإنه ولي أمر الأمة من بعده لأن الله عز وجل يقول :

[١٤] « أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ » (١) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) يعني عليا ، فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنه هو ذاك الشاهد على الامة من بعده.

وليس أحد ممن تأمّر على الامة من بعده غيره يدعي إنه من رسول الله صلوات الله عليه وآله وإن رسول الله منه ، ولا إنه قال ذلك فيه ، ولا يدعي ذلك له أحد غيره. والشهداء هم الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن ذلك :

[١٥] قول الله عزّ وجلّ : « فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ » (٢) « وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً » (٣). وقوله عز وجل : « وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ » (٤) والأنبياء أيضا شهداء على أهل زمانهم.

[١٦] ومن ذلك قول الله عز وجل لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً » يعني أهل زمانه لأنه لا يقال هؤلاء إلا للحضور دون من لم يكن بعد.

__________________

(١) هود : ١٧.

(٢) النساء : ٤١.

(٣) النحل : ٨٩.

(٤) الزمر : ٦٩.

٩٥

[١٧] ومن ذلك ما جاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنه قرأ عليه قول الله عز وجل حكاية عن عيسى : « وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ » (١) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وأنا أقول كذلك : يا رب أكون شهيدا على هؤلاء ما دمت فيهم.

وانما اشتق الشاهد والشهيد لمشاهدته ما يشهد به.

فكان علي عليه‌السلام بقول الله وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الشاهد على الامة بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله الذي يتلوه وهو منه وهو وليّ المسلمين ـ كما أخبر ـ من بعده.

__________________

(١) المائدة : ١١٧.

٩٦

[ قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام :

« أنت مني بمنزلة هارون من موسى » ]

[١٨] أسماء بنت عميس ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبيّ بعدي.

[١٩] فضل بن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى غزوة تبوك ، وخلف عليا عليه‌السلام في أهله. فقال بعض الناس : ما منعه أن يخرجه معه ، إلا أنه كره صحبته ، فبلغ بذلك عليا عليه‌السلام ، فذكره لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال له : يا ابن أبي طالب ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، تخلفني في أهلي.

[٢٠] عمار بن سعيد بن مالك (١) ، عن أبيه ، مثل ذلك ، وزاد فيه : إلا أنه لا نبيّ بعدي.

وهذا أيضا خبر مشهور قد جاء من طرق شتى وثبت ، وهو أيضا كذلك مما أبان (٢) به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فضل علي وإمامته ، وكان هارون أخا موسى من الولادة ، ولم يكن علي عليه‌السلام كذلك

__________________

(١) كذا في الأصل.

(٢) مما أظهر.

٩٧

من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان هارون نبيا قد بعثه الله عز وجل مع موسى الى فرعون ، كما ذكر في كتابه ، فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن عليا عليه‌السلام ليس بنبيّ كذلك ، فلم يبق مما يكون به منزلة علي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منزلة هارون من موسى إلا أن يكون وزيره وخليفته كما أخبر الله عز وجل عن موسى في قوله : « وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي » (١). وقوله : « اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي » (٢). وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : أنت وزيري وخليفتي في أهلي. فصرّح بذلك له ، واذا كان خليفته ، فمن أين يجوز لغيره أن يدعي بعده الخلافة؟

__________________

(١) طه : ٢٩.

(٢) الأعراف : ١٤٢.

٩٨

[ قول رسول الله صلى الله عليه وآله :

« من كنت مولاه فعلي مولاه » ]

[٢١] يحيى بن جعدة ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع ، فلما انصرفنا وصرنا الى غدير خم ، نزل ـ وذلك في يوم ما أتى علينا يوم أشد حرا منه ـ فأمر بدوح (١) ، فجمع ، فقمم له ما تحته [ من الشوك ] واستظلّ به ، ونادى في الناس ـ الصلاة جامعة ـ فاجتمعوا إليه أجمع ما كانوا ، لأنه قلّ من بقى من المسلمين لم يخرج معه في تلك الحجة ، فلما اجتمعوا قام فيهم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا عاش نصف ما عاش النبي الذي كان قبله ، وإني أوشك أن ادعى ، فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم [ بهما ] (٢) لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي.

ثم أخذ بيد علي عليه‌السلام ، فأقامه ورفع يده بيده حتى رؤي بياض إبطيهما. وقال : من أولى بكم من أنفسكم. قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : ألست أولى بذلك لقول الله عز وجل : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ

__________________

(١) قال ابن الأثير في النهاية ٢ / ١٣٨ : الدوح : الشجر.

(٢) وفي الأصل : تمسكتم به.

٩٩

أَنْفُسِهِمْ » (١) قالوا : اللهمّ نعم. قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. هل سمعتم وأطعتم؟ قالوا : نعم ، قال : اللهمّ اشهد.

[٢٢] قال : زيد بن أرقم : فسمعت بعد ذلك عليا عليه‌السلام في الرحبة ، ينشد الناس بالله من سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، إلا قام. فقام ممن حضر ، ستة عشر رجلا ، فشهدوا بذلك وكنت فيمن كتم ذلك ، فذهب بصري ، وكان يحدّث بذلك بعد أن عمى.

[٢٣] عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٤] سالم ، قال : كنت في المسجد ونافع بن الازرق الخارجي وأصحابه قعود في ناحية من المسجد ، إذ خرج عبد الله بن عمر من خوخة (٢) ، فقام يصلّي. فسمعت نافعا وهو يقول لأصحابه : اذهبوا بنا الى هذا الشيخ نضحك منه ، ونسخره. فقالوا : نعم. فذهبوا ، فذهبت معهم ، وقلت : لأسمعنّ كلامهم اليوم ، فجلست إليهم ، فسمعت نافعا يقول لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن أسألك؟ قال : سل إن شئت. قال : ما تقول في رجل دعا الناس الى أمر هدى حتى إذا جاء به عنق من الناس (٣) شكّ في أمره؟ قال : إني لأراك تعني علي بن أبي

__________________

(١) الأحزاب : ٦.

(٢) الخوخة : باب صغير كالنافذة الكبيرة ، وتكون بين البيتين ينصب عليها باب ( نهاية ابن الأثير ٢ / ٨٦ )

(٣) عنق من الناس ، أي : جماعة من الناس.

١٠٠