شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

[٢٨٦] أبو غسان بإسناده عن عبد الله بن عصمة ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : أخذ النبيّ الراية يوم خيبر فهزها ، ثم قال : من يأخذها بحقها ، فجاء الزبير ليأخذها من يده ، فقال له : امط امط ( أي : زل ).

ثم قال : والذي نفسي بيده (١) لأعطيتها رجلا لا يفر (٢)! هاك يا علي. فدفعها إليه. فانطلق حتى فتح الله على يديه خيبر وفدك ، وجاء بعجوتها وقديدها (٣).

[٢٨٧] أبو غسان بإسناده عن اسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فانقطعت نعله ، فرمى بها الى علي صلوات الله عليه ، ثم ذكر القرآن ، فقال : إن منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله ، فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله؟ قال : لا ولكن هو ذلكم خاصف النعل.

[٢٨٨] علي بن هاشم بإسناده عن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : عمّمني رسول الله صلوات الله عليه يوم غدير خم بعمامة سدل طرفها على منكبي.

وقال : إن الله أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معمّمين ، هذه العمامة حاجزة بين المسلمين والمشركين.

[٢٨٩] وبآخر يرفعه الى أبي رافع ، أنه قال : كان علي صلوات الله عليه صاحب راية النبي صلوات الله عليه وآله وحاملها في كل غزوة غزاها ، وكانت راية النبي صلوات الله عليه وآله معه يوم بدر ويوم احد ويوم الأحزاب ويوم بني النضير ويوم بني قريظة ويوم بني المصطلق من خزاعة

__________________

(١) وفي نسخة ـ ب ـ : والذي كرم وجه محمد.

(٢) وفي نسخة الاصل : رجلا لا يغرني بها.

(٣) القديد : اللحم المملوح المجفف في الشمس ـ فعيل بمعنى مفعول والعجوة : نوع من التمر.

٣٢١

ويوم بني لحيان من هذيل ويوم خيبر ويوم الفتح ويوم حنين ويوم الطائف.

[٢٩٠] محمد بن عبد الله الهاشمي ، قال : قلت لسفيان الثوري : حدّثني من فضائل علي صلوات الله عليه بحديث : فقال : حدّثني منصور بن المعتمر عن ابراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلوات الله عليه وآله إذ مرّ علي صلوات الله عليه مسرعا فدعا به رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فقال له : ما لي أراك مسرعا يا علي؟ فقال : لحاجة لأهل البيت يا رسول الله. قال : اذهب أعانك الله فما زلت معينا فرّاجا للكرب.

[٢٩١] محمد بن سعيد بإسناده عن الماجشون ، قال : تخلّف علي صلوات الله عليه من بدر لدفن ابنة رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فجعل رسول الله صلوات الله عليه وآله ينتظره ، ويقوم مرة ويقعد اخرى ، ينظر الى الطريق ويقول : إن يكن لله عز وجل بعلي حاجة فيشهده بدرا ، فهو على ذلك إذ أقبل شخص على البعد. فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله كن عليا ، فقرب فإذا هو علي صلوات الله عليه.

[٢٩٢] محمد بن سعيد بإسناده عن أبي ذر رحمة الله عليه أنه قال : اقسم بالله أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام وحمزة وعبيدة رضوان الله عليهم ، وعتبة وشيبة والوليد لما تبارزوا يوم بدر « هذان خصمان اختصموا في ربهم ».

[٢٩٣] أبو صالح بإسناده عن موسى بن عقبة ، أنه قال : لما كان يوم الأحزاب أقبل عمرو بن عبد ودّ العامري ، وكان من أشدّ الناس شجاعة وإقداما. فضرب فرسه ، فأجازه الخندق ، ثم طفق ينادي : هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد ، فلما طال ذلك به ، أنشد : يقول :

٣٢٢

ولقد بححت من النداء

بجمعهم هل من مبارز

ووقفت حين دعوتهم

في موقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل

متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة للفتى

والجود من كرم الغرائز

قال : فقام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله : يا علي إنه عمرو بن عبد ودّ. فقال علي : أستعين بالله عليه يا رسول الله. فأذن له رسول الله صلوات الله عليه وآله ، ودفع إليه سيفه ذا الفقار. ورفع رسول الله صلوات الله عليه وآله يده ، وقال : اللهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته. ومضى علي صلوات الله عليه وهو يقول شعرا :

اثبت أتاك لما دعوت

مجيب صوتك غير عاجز

ذونيّة وبصيرة

والصدق ينجي كل فائز

إني لأرجو أن تقوم

عليك نائحة الجنائز (١)

فقال عمرو : من أنت؟ قال : علي بن أبي طالب. قال : كفو كريم ولست من رجالي. فقال علي صلوات الله عليه : يا عمرو إنه بلغني عنك إنك نذرت أن لا يدعوك أحد الى خصلتين إلا أجبته الى إحداهما ، قال : أجل!. قال : فاني أدعوك الى الله والى رسوله والى الإسلام. قال : ما أبعدني من ذلك. قال : فاني أدعوك الى النزال. قال : نعم ،

__________________

(١) واضاف سبط الجوزي في تذكرة الخواص ص ١٥٧ :

من ضربة نجلاء يسمع

عندها صوت الهزاهز

ضربة نجلاء : واسعة. الهزاهز : الحدوب الشدائد. البحة والبحاح : غلظ وحشونة الصوت. المناجز : المبارز والمقاتل.

٣٢٣

هي أهون الخصلتين عليّ ، فاضطربا بأسيافهما ساعة وثارت عجاجة. ودعا رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي صلوات الله عليه دعاء كثيرا ، فأعانه الله عز وجل على عمرو بن عبد ودّ ، فقتله ، وانجلت العجاجة وعلي صلوات الله عليه يمسح سيفه عنه ، ويقول :

أعلي تقتحم الفوارس هكذا

عني وعنهم حدّثوا أصحابي

يا زرته فتركته متجدلا

بمصمم في الكفّ لبس بنابي

وعففت عن أثوابه ولو أنني

كنت المجدل بزني أثوابي

آلى ليقتلني بحلفة كاذب

وحلفت فاستمعوا الى الكذاب

نصر الحجارة من سفاهة رأيه

ونصرت ربّ محمد بصواب

لا تحسبن الله خاذل دينه

ونبيه يا معشر الأحزاب

[٢٩٤] عبد الله بن زياد بإسناده عن أبي رجا العطاردي ، أنه سمع قوما يقعون في علي صلوات الله عليه ، فقال : إنكم لتقعون في رجل كان والله مقامه ساعة بين يدي رسول الله صلوات الله عليه وآله أفضل من أعماركم جميعا.

[٢٩٥] محمد بن عبد الله بن بكير بإسناده عن محمد بن كعب القرظي قال : تفاخر العباس وعثمان بن طلحة ، فقال العباس : أنا ساقي الحجيج.

وقال عثمان بن طلحة : أنا صاحب البيت ، وعندي مفتاحه. فقال علي عليه‌السلام : لكنني أسلمت وآمنت بالله ورسوله وجاهدت في سبيل الله قبلكما فلي في ذلك من الحظ ما ليس لكما. فأنزل الله عز وجل : « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ

٣٢٤

أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) (١).

قد ذكرت في أول هذا الباب سبق علي صلوات الله عليه وآله الى الجهاد وقد فضّل الله عز وجل السابقين إليه على من جاهد من بعدهم ، فقال الله عز وجل : « لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا » (٢) ، وكذلك فضّل الله عز وجل بعض المجاهدين على بعض ، ففضّل من كافح وقاتل وجاهد على من تخلّف ولم يشهد وقعد ، فقال عز وجل « لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً. دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً » (٣).

فإذا كان المجاهد في سبيل الله أفضل من القاعد عن الجهاد كان كذلك أكثر المجاهدين عناء في الجهاد وبذلا لنفسه فيه أفضل ممن قصر عنه ، كما يكون من جاهد أدنى جهاد وقاتل أقل قتال أفضل في ذلك ممن شهد ولم يقاتل ، وللشاهد وإن لم يقاتل فضل على من لم يشهد لأن الشاهد وإن لم يقاتل فقد كثر جمع المجاهدين ، وكان في جملة من أرهب المشركين وقد ذكرت في هذا الباب ما جاء من جهاد علي صلوات الله عليه وسبقه الى الجهاد وبذله فيه نفسه ومحاماته عن رسول الله صلوات الله

__________________

(١) التوبة : ١٩ و ٢٠.

(٢) الحديد : ١٠.

(٣) النساء : ٩٥ ـ ٩٦.

٣٢٥

عليه وآله ما قد أجمعوا عليه وما هو معروف ثابت مشهور في مقاماته في الجهاد وكفايته فيه ما ليس لأحد من المسلمين مثله مما قد أجمعوا عليه ، واعترف جميعهم له به وشهد له به رسول الله صلوات الله عليه وآله وجبرائيل عليه‌السلام كما جاء فيما أثبتناه في أول هذا الكتاب من الرواية في ذلك.

٣٢٦

[ أحاديث في الجهاد ]

وقد جاء في فضل الجهاد والمجاهدين عن رسول الله صلوات الله عليه وآله ما يخرج عن حدّ هذا الكتاب ذكره ، من ذلك.

[٢٩٦] قوله صلوات الله عليه وآله : من خير الناس رجل حبس نفسه في سبيل الله ، يجاهد أعداءه يلتمس الموت أو القتل في مطافه.

[٢٩٧] وقال صلوات الله عليه وآله : غدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها.

[٢٩٨] وقال صلوات الله عليه وآله : مقام أحدكم يوما في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ، ويوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه.

[٢٩٩] وقال صلوات الله عليه وآله : يرفع الله عز وجل المجاهد في سبيله على غيره مائة درجة في الجنة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض.

[٣٠٠] وقال صلوات الله عليه وآله : المجاهدون في سبيل الله قواد أهل الجنة.

[٣٠١] وقال صلوات الله عليه وآله : أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل الله عز وجل.

٣٢٧

وقد قال الله سبحانه : « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ » (١) ، فأحبهم إليه أسبقهم لذلك وأقومهم به وأشدهم قياما به واكثرهم عناء فيه ، فمن كان أحب الخلق الى الله تعالى وأفضلهم لديه واكرمهم منزلة عنده أليس هو أوجب من أطاعوه وقدموه ولم يتقدموا عليه ، فإذا كان كما زعموا يجب أن يختاروا لأنفسهم اماما ، فهل يجب أن يقع الاختيار إلا على من هذه صفته ، وهذه عند الله عز وجل منزلته. ومن قول من قال : ان لهم أن يختاروا. إنهم لا يختارون إلا الأفضل منهم ، وقد ذكرت من فضل علي صلوات الله عليه فيما تقدم من هذا الكتاب ، ونذكر إن شاء الله فيما بقى منه ما لا يجب معه لمن نظر فيه ووفّق لفهمه أن يقدم على علي صلوات الله عليه أحدا من الناس.

وإنما رجوت بما صنّفته من هذا الكتاب وألّفته ، وكان قصدي فيه الذي قصدته وما أدخلته من تضاعيف الأخبار فيه من الكلام ، وما بيّنته وشرحته أن يهدي الله به من نظر إليه أو سمع ما فيه فيتولّى من أمر الله عز وجل بولايته ، ويقدم من قدمه الله عز وجل ويؤخر من أخره وينظر في ذلك نظر ناصح لنفسه ، ولا يورطها الهلكة باتباع غيره ، وكراهة أن يفارق من تقدم من سلفه وهم كما قال الله عز وجل : « تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ » (٢). وقال : « كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ » (٣) ، وأقصد بما ذكرته الزراية والرد على من مات وانقضى أمره وفات ، إذ لا يغني ذلك ، ولو قصدناه لم يغن عنهم شيئا ، ولسنا نسمع من في القبور ولا نعارض من

__________________

(١) الصف : ٣.

(٢) البقرة : ١٣٣.

(٣) المدثر : ٣٧.

٣٢٨

فيها بالنكر ، وإنما نسمع الأحياء « وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ » (١). كما قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين.

ونسأل الله توفيقا لما يرضيه ويزدلف لديه وهداية إليه لنا ولجميع المؤمنين والمسلمين ، وأن يظهر دينه على الدين كله ( كما وعد في كتابه المبين ويورث الأرض ) (٢) كما وعد عباده الصالحين ، ويجمع من فيها على طاعتهم أجمعين. حسبنا الله ونعم الوكيل.

تمّ الجزء الثالث من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار.

والحمد لله وحده وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين وسلّم تسليما.

__________________

(١) يس : ٦٩.

(٢) ما بين القوسين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

٣٢٩
٣٣٠

٣٣١
٣٣٢

٣٣٣

٣٣٤

٣٣٥

٣٣٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين في جميع الأمور

[٣٠٢] الدغشي ، بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فخرج إلينا من بعض بيوت نسائه ، فقمنا معه نمشي ، فانقطع شسع نعله ، فأخذها علي صلوات الله عليه فتخلّف عليها ، ليصلحها ، وقام رسول الله صلوات الله عليه وآله ينتظر ، ونحن معه قيام ـ وفي القوم أبو بكر وعمر ـ.

فقال رسول الله صلوات الله عليه وآله : إنّ منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فاستشرف (١) لها أبو بكر وعمر!

فقال : لا ، ولكنه خاصف النعل.

قال أبو سعيد الخدري : فأتيته بها لا بشره ، فلم يرفع لها رأسا ، فعلمت أنه شيء قد سمعه من رسول الله صلوات الله عليه وآله قبل ذلك.

وفي حديث آخر : أن أبا بكر قال : أنا هو يا رسول الله. وعمر أيضا.

قال : لا ، ولكنه خاصف النعل ، يعني عليا صلوات الله عليه.

__________________

(١) استشرف : اي من تطلع لها وتعرض لها ( النهاية ٢ / ٤٦٢ ).

٣٣٧

[٣٠٣] إسماعيل بن رجا (١) عن أبيه : أن رجلا قام الى علي صلوات الله عليه وهو في الرحبة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أناشدك الله ، أكان في النعل حديث؟؟

قال : اللهمّ نعم ، أنه مما كان يسر إليّ نبيك (٢).

[٣٠٤] وبآخر ، عن ابن عباس : أن النبي صلوات الله عليه وآله قال لنسائه : ليت شعري ، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، التي تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب ، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير.

( والحوأب : عين بين البصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشة لما قفلت الى البصرة في وقعة الجمل ) ثم تنجو بعد أن كادت (٣).

[٣٠٥] وفي حديث آخر يقتل كثير ، قتلى عن يمينها وعن يسارها في النار ثم تنقلت بعد ما كادت.

ثم نظر الى عائشة (٤) فقال لها : انظري يا حميرا ألا تكوني أنت هي؟؟ ثم التفت الى علي عليه‌السلام. فقال له : يا أبا الحسن إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها.

[٣٠٦] وبآخر عن خالد بن الاعصرى أنه قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : أمرني رسول الله صلوات الله عليه وآله ، أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

[٣٠٧] وبآخر عن ابراهيم النخعي قال : مرّ رسول الله صلوات الله عليه وآله

__________________

(١) وفي الاصل : اسماعيل بن رجا عن جابر عن ابيه وهو تصحيف ، راجع تخريج الحديث.

(٢) وفي تاريخ دمشق لابن عساكر ١ / ١٦٩ الحديث ١١٨٦ : أنه مما كان يسره إليّ رسول الله (ص) وأشار بيديه ورفعهما.

(٣) وفي كتاب الجمل للمفيد ص ٢٣٠ : وتنجو بعد ما كادت.

(٤) وفي مناقب الخوارزمي ص ١١٠ : فضحكت عائشة.

٣٣٨

بعلي عليه‌السلام ، فقال له : لتقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

[٣٠٨] وبآخر عن علي صلوات الله عليه وآله ، أنه قال : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فأما الناكثون فأصحاب الجمل ، وأما القاسطون فأهل الشام (١) ، وأما المارقون فالخوارج (٢).

[٣٠٩] وبآخر عن أبي مخنف (٣) أنه قال : دخلت على أبي أيوب الأنصاري ، وهو يعلف خيلا له ، فقلت له : يا أبا أيوب قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فلما أن أظهر الله الاسلام ، جئت الى المسلمين تقاتلهم به؟؟

فقال : نعم ، أمرنا رسول الله صلوات الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فقد قاتلنا الناكثين ، وهم أهل الجمل ، والقاسطين ، وهم أهل الشام. وأنا مقيم حتى اقاتل المارقين بالنهروان والطرقات (٤) ، وو الله ما أدري أين هي. [ ولكن لا بدّ من قتالهم إن شاء الله ] (٥).

[٣١٠] وبآخر عن أبي كعب الحارثي ، أنه قال : خرجت حتى أتيت المدينة وذلك في أيام عثمان بن عفان ، فدخلت إليه وسألته عن شيء من أمر الدين ، وقلت : يا أمير المؤمنين إني امرؤ من أهل اليمن من بني

__________________

(١) وفي النهاية لابن الاثير ٤ / ٦٠ الناكثون : أصحاب الجمل لأنهم نكثوا بيعتهم [ مع علي عليه‌السلام ]. والقاسطون : لأنهم جاروا في حكمهم وبغوا عليه ؛ المارقون : لأنهم مرقوا من الدين.

(٢) وهم : معاوية وأصحابه.

(٣) هكذا في النسخ ولكن في المصادر التي راجعتها وهي مجمع الزوائد ٩ / ٢٣٥ وكفاية الطالب ص ١٦٩ : عن أبي صادق عن مخنف بن سليم أتينا أبا أيوب.

(٤) وفي مجمع الزوائد ٩ / ٢٣٥ : بالسعفات بالطرقات بالنهروانات.

(٥) هذه الزيادة من تاريخ دمشق ٣ / ١٧٠.

٣٣٩

الحارث (١) ، وإني أريد أن أسألك عن أشياء فأمر حاجبك ألا يحجبني.

فقال : يا وثاب ، إذا جاءك هذا الحارثي ، فأذن له.

قال : فكنت إذا جئت ، قال : من هذا؟؟ فقلت : الحارثي. اذن لي. فجئت يوما فقرعت الباب. فقال : من ذا؟ فقلت : الحارثي ، فقال : ادخل. فدخلت ، فإذا عثمان جالس وحوله نفر من أصحاب النبي (٢) صلوات الله عليه وآله سكوت لا يتكلمون كأنّ على رءوسهم الطير ، فسلّمت ، ثم جلست ولم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم ، فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر ، فقالوا : أبى أن يجيء. فغضب عثمان ، وقال : أبى أن يجيء؟؟! اذهبوا فجيئوا به!! فإن أبى أن يجىء فجروه جرا ، فمكثت قليلا ، وانصرفوا فجاء معهم رجل آدم طوال أصلع ـ في مقدم رأسه شعرات [ وفي قفائه شعرات ] ـ.

فقلت : من هذا؟؟ فقالوا : عمار بن ياسر. فقال له عثمان : أنت الذي تأتيك رسلنا ، فتأبى أن تأتي؟ ، فكلمه عمار بن ياسر بشيء لا أدري ما هو ، ثم خرج ، فما زالوا ينفضون من حوله حتى ما بقي أحد [ معه غيري ].

فقام عثمان وقمت معه حتى أتى المسجد ، فإذا عمار بن ياسر جالس الى سارية من سواري المسجد ، وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو يحدثهم ، وهم يبكون.

__________________

(١) وفي بحار الانوار مجلد ٨ ط قديم / ٣٢٦ : بني الحارث بن كعب.

(٢) وكلمة : « من أصحاب النبي » لم تكن في الرواية التي نقلها صاحب بحار الأنوار والموجود : نفر من أصحابه مسكون.

٣٤٠