شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

١
٢

بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على القائل « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لامّتي » وعلى عترته الطيّبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

من الواضح المعلوم أنّ الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين أمناء الله على عباده وخلفاؤه في أرضه وهم السبل الواضحة التي تهتدي بها البشريّة وسفن النجاة التي لا يغرق من ركبها وهم معادن علم الله ومحطّ بركاته لا يعرف فضلهم ولا تدرك منزلتهم ولا يوصف ثناؤهم ، ولا يسع لأحد التعرّف عليهم بما هم إلاّ الله ورسوله. ولذالك نرى القرآن الكريم أبان فضلهم وعرّف قدرهم وبيّن مقامهم وأظهر شأنهم ومن جهة أخرى قام الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ببيان مقامهم في ضمن أحاديث كثيرة جمعها أرباب الحديث في تصانيفهم وأخذ كلّ بقدر وسعة منها وسردها في كتابه ، منهم القاضى النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون الإماميّ المذهب في كتاب سمّاه بـ « شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار » وهو لم يطبع بعد بهذا الكيفية ، وقد قام العلاّمة السيّد محمّد الجلالي بتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه ومقابلته مع نسخ خطّية متعدّدة فجزاه الله خير الجزاء وجعله من أحسن موالي البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وقد قامت المؤسّسة ـ بحمد الله ومنّه ـ بطبع ونشر هذا السفر الشريف كي تتعرّف الأمّة الإسلاميّة أكثر على فضائل ومناقب آل الرسول عليهم‌السلام ، سائله المولى عزّ وجلّ لها وللسيّد المحقّق التوفيق لخدمة الإسلام ونشر علوم أهل البيت إنّه سميع مجيب.

مؤسّسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة

٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أفضل رسله وأشرف بريّته أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين. آمين يا ربّ العالمين.

٤

مقدّمة المحقّق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحقائق التاريخية هي منتهى آمال الباحثين ومطمح انظار المحققين ، فمن خلال الدراسة والتحقيق يتمّ التعرف على مدى ثقافة وعظمة الامم السالفة لمعرفة وتثمين وتقصّي النقاط الإيجابية منها. بيد أن الدوافع المادية والنزعات القبلية لذوي النفوس الشريرة فرضت بأساليب مختلفة وطرق متباينة من ترغيب وترهيب وتطميع وتعذيب لتدوين التاريخ المتداول ملائما لميولها ومنسجما مع أغراضها ومجانسا لمآربها ومشبعا لرغباتها ، فلو كان التاريخ على حقيقته لكشف لنا الكثير من نتائج المعادلات المجهولة التي لو كانت لدينا لحصلنا واكتسبنا مزيدا مما نروم إليه في حياتنا العملية وتعاملنا وتفاعلنا مع الحوادث والافراد والامم بالشكل الموضوعي الموصل بالمجتمع الى الخير والسعادة والتقدم والازدهار وتجنبنا المزيد من عوامل التخلف والشقاء والتفرق ، ومن البديهي ـ الغير القابل للجدل ـ أن يحاول المستبدون والجبابرة والمستعمرون بالإضافة الى طمس المعالم الخلقية والظواهر الطيبة والبوادر الخيرة لأجل تمرير أحقادهم وتسييب شعوبهم وتحكيم موقعهم منطلقين من مبادئهم وآرائهم التي تمخّضت عن تلكم النتائج البغيضة ، فرغم توليد الأحقاد وتباعد الشعوب والأفراد حرمان الأجيال القادمة من الارتواء من معرفة أسلافهم إلا النزر القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأوضح مصداق واكبر برهان لما

٥

ذكرنا ما عاناه أهل البيت عليهم‌السلام الذين جعلهم الله نبراسا ومنارا وملاذ لنا لنقتدي بهم ونتمسك بحبلهم ونلجأ إليهم ونستلهم من سيرتهم ، وهم الذين ارتضاهم الله وخصّهم بقوله : « إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » (١).

من ذوي النفوس الخبيثة والمآرب الشريرة ـ كذوي الأعين المصابة بالرمد ـ آلوا على أنفسهم وشدوا العزم على إطفاء هذا النور الساطع والضياء المنتشر ، ليدوم سلطانهم ودولتهم بل لم يكتفوا بالقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل حتى شمّروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى الجهود وصرفوا اكثر ما في وسعهم لقلب الحقائق وتشويه الصور وتعكير الأجواء ، ففي أربعين عاما من أيام التاريخ الإسلامي كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يسبّ على منابر المسلمين في خطب الجمعة وغيرها وتلصق به أنواع التهم والإفترءات ، وقتل حتى من يحتمل موالاته ومحبته لعلي عليه‌السلام ، حتى أن الحجاج أمر باحراق محلة بما فيها لأجل اختفاء موال فيها. و ... و ... ولكن ما أسرع أن تبدد الظلام ولاح نور الصباح في الافق وبانت الحقيقة وظهر الحق رغم قسره على الاختفاء. مصداقا لوعده وهو أصدق القائلين « وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ». والكتاب الذي بين يديك من تلك المظاهر مما حدى بي الى اختياره للتحقيق. وقد كانت منذ أمد بعيد تساورني هواجس وخلجات تحفزني فكرة تأليف سفر في هذا المعنى ، ولما وجدت هذا الكتاب موفيا لرغبتي زاد شوقي إليه ، وبادرت الى تحقيقه واخراجه الى عالم الطباعة.

__________________

(١) الاحزاب ٣٣.

٦

نسخ الكتاب :

إنه من الكتب العزيزة النزيرة النسخ ، ولعل السبب في ذلك إضافة الى تعدد أجزائه ، وتفرقة في البلاد هو قلة الناسخين له ، فلم يتعدّ ناسخوه المعدودين بالاصابع المنتمين الى الفرقة الإسماعيلية التي تحرص أشدّ الحرص للحفاظ على كتبها لئلا يطّلع عليها من هو خارج عن هذه الفرقة. ورغم ذلك فقد حاولت حثيثا وجهدت مليا حتى حصلت على جميع أجزاء الكتاب من بلدان عديدة في العالم. فهناك أجزاء وجدت في المكتبات الاوربية صوّرها وأرسلها لي مشكورا الأخ العلاّمة الحاج السيد محمد حسين الحسيني الجلالي دام توفيقه من امريكا وهناك أجزاء عثرت عليها في مكتبة جامعة طهران ، وهناك أجزاء خطية ومصوّرة وقفت عليها في مكتبة السيد المرعشي بقم ـ ولعل اكمل مجموعة من أجزاء الكتاب هي ما وقفت على مصوّرتها أخيرا في مكتبة السيد المرعشي دام ظله ـ.

وأمّا النسخ التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب فهي :

١ ـ نسخة جامعة طهران :

تحتوي على الأجزاء ١ ـ ٧ في ٢١٦ صفحة بمقياس ٢١ * ١٥ سم. وفي كل صفحة ٢١ سطرا.

وهذه النسخة كانت لدى الميرزا النوري ـ صاحب مستدرك الوسائل ـ ثم انتقلت الى السيد محمّد مشكاة الذي أهداها بدوره الى مكتبة جامعة طهران في سنة ١٣٢٨ هجرية.

وقد ذكرها الميرزا النوري في مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢١ بقوله : عثرنا بحمد الله تعالى على نسخة عتيقة منه إلا أنه ناقص من أوله وآخره ، أظنه أوراق

٧

يسيرة.

وفي الحقيقة أن الساقط من الكتاب ـ نسخة الجامعة ـ ما يقارب النصف الأول من الجزء الأول ، ومن آخره هو اكثر من نصف الكتاب ـ أي تسعة أجزاء ـ ، ولعل السبب في توهم العلاّمة النوري ـ ره ـ بأن الساقط أوراق يسيرة هو الكتابة الموجودة على صفحة الغلاف ، من أن الساقط من الكتاب هو ثلاثة أوراق.

وهذه النسخة محفوظة في مكتبة جامعة طهران برقم ٩١٦. وقد رمزنا لها بالحرف الألف.

٢ ـ نسخ مكتبة السيد المرعشي :

أ ـ نسخة خطية تحتوى على الأجزاء ١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ بخط محمّد بن يوسف علي وهو برقم ٤٢٠٢ ، وعدد صفحات هذه النسخة ٢٧٨ صفحة بمقياس ١٤ * ٥ / ٨ سم ، وفي كل صفحة ١٧ سطرا.

وقد رمزنا لها بالحرف ـ ب ـ.

ب ـ نسخة خطية في مجلّدين برقم ٣٧٣١ و ٣٧٥١ تحتوى على الأجزاء ٥ ، ٦ ، ٧ ، ٨ بخط حسين بن عبد العلي المباركفوري الأعظمي.

والمجلّد الأول المرقم ٣٧٣١ يحتوي على الجزءين ٥ و ٦ وهو مؤرخ بتاريخ ١٣١٦ هجرية والمجلّد الثاني المرقم ٣٧٥١ يحتوي على الجزءين ٧ و ٨ مؤرخ بتاريخ ١٣٥٠ هجرية.

وتقع هذه النسخة في ٣٠٦ صفحة بمقياس ٨ * ١٥ سم وفي كل صفحة ١٢ سطرا.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ج ـ.

٣ ـ نسخة مصورة محتوية على الأجزاء ١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ ، ٧ وتقع في ٢٢٧

٨

صفحة بمقياس ٥ / ٢١ * ١١ سم وفي كل صفحة ٢٣ سطرا تقريبا.

وهذه النسخة مجهولة التاريخ والناسخ إلا أنها تمتاز بكونها مشكولة ، وعليها عدة بلاغات مما يدل على مقابلتها وتصحيحها.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ د ـ.

٤ ـ نسخة مصورة اخرى تحتوى على الأجزاء ٩ ـ ١٢ في ٢٦٧ صفحة بمقياس ٥ / ١٣ * ٥ / ٧ سم وفي كل صفحة ١٦ سطرا.

وهذه النسخة مجهولة الناسخ والتاريخ إلا أن عليها تملكا نصّه : مما منّ الله به على عبدوليه ( كلمة لا تقرأ ) بن الشيخ الفاضل الحاج حبيب الله.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ هـ ـ.

٥ ـ نسخة مصورة ـ ثالثة ـ تحتوى على الأجزاء ٦ ـ ١٠ في ٢١٧ صفحة بمقياس ١٣ * ٨ سم ، وفي كل صفحة ١٣ سطرا مؤرخة ١١١٦ هجري وعليها تملّك محمد علي بن فتح بهائي بن سليمان حي بهائي ساكن سكندرپور في محلة كوثر. كما ورد على ظهر النسخة. وهي من كتب الجمعية الاسماعيلية بلندن تحت الرقم ٥٨٤٥.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ و ـ.

٦ ـ نسخة مصورة ـ رابعة ـ تحتوى على الأجزاء ١٣ ـ ١٦ في ٢٨٥ صفحة بمقياس ١٤ * ٥ / ٨ سم وفي كل صفحة ١٥ سطرا.

والنسخة الخطية مؤرخة سنة ١٢٩٥ هجرية محفوظة في الجمعية الاسماعيلية في بمبئي برقم ١٦٧ الف و ١٢٩ ـ ن ـ.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ز ـ.

٧ ـ نسخة مصورة ـ خامسة ـ تحتوي على الجزءين : ١٣ و ١٤ في ١٥٥ صفحة ١٥ * ٥ / ٩ سم وفي كل صفحة ١٥ سطرا. أرسلها سماحة العلاّمة الأخ السيد محمّد حسين الجلالي وهي نسخة جامعة لندن غير مؤرخة برقم ٢٥٤٣٢. وعلى

٩

النسخة تملّك نصّه : ملك طيب علي ملاجيوا بهائي. وقد ضبط فيضي كلمة : ( ملاچى ) ، وقال : إنها اسرة معروفة لدى طائفة البهرة الداودية لما لها من مكانة علمية متوارثة. ( كما جاء في مقدمة الدعائم ١ / ١٨ / ط / القاهرة ١٢٨٩ هـ ) وعلى النسخة أبيات تدعو الى محبة نجم الدين الداعي وهو نجم الدين بن زكي الدين المتوفى سنة ١٢٣٢ هجرية.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ح ـ.

ولدينا نسخة مطبوعة من الجزء الخامس عشر ـ طبعة إيفانوف ـ غير أن هذه الطبعة منتخب من الجزء الخامس عشر طبعت عام ١٩٤٢ م بمطبعة اوكسفورد ضمن سلسلة البحوث الإسماعيلية وتقع في ٣٤ صفحة.

عملنا في الكتاب :

إن هذا الكتاب من الكتب النادرة ، وقد انفرد القاضي بإيراد روايات عزيزة لم نقف عليها في مصادر اخرى. أضف الى ذلك وجود روايات اخرى لم تكن من السهل العثور عليها في المصادر الحديثية الموجودة بأيدينا لأجل تقطيعها أو ذكر محل الحاجة منها ، ومع ذلك استقصينا الجهد في تخريج الروايات وشرح الغريب من ألفاظها بالاعتماد على المصادر الكثيرة والمراجع اللغوية. وألحقنا بكل جزء من أجزاء الكتاب ملحقا بعنوان ـ تخريج الأحاديث ـ وذكرنا فيه شواهد الروايات التي أوردها المؤلف ومتابعاتها كما حاولنا ذكر المزيد من المؤيدات لتلك الروايات اعتمادا على امّهات المراجع من كتب العامة والخاصة مع تقديم كل نصّ أقرب لما ذكره المؤلف. وذكرنا أسانيدها بايراد أسماء الرواة دون التعرض الى ما لا يلزم ذكره من قبيل الالقاب والكنى ، ومراعات عدم الإطالة والتكرار.

وقد قمنا أساسا في التحقيق بعد ضبط النصّ ومقابلته مع النسخ المتوفّرة

١٠

والمصادر الاخرى بما يلي :

أ ـ ترقيم الأحاديث بالتسلسل وفق ما وجدناه في النسخ المستحضرة لتحقيق الكتاب.

ب ـ جعل ما سقط من نسخة الأصل ووجدناه في النسخ الاخرى بين قوسين ، وما وجدناه في المصادر الاخرى ضمن معقوفتين هكذا [ ].

ج ـ الإشارة الى اختلاف الكلمات أو الجمل الموجودة بين النسخ في الهامش.

د ـ تبديل الكلمات التي وردت في تضاعيف الكتاب الى الرسم المتداول كالزكاة والصلاة الى الزكاة والصلاة.

هـ ـ تبديل ما رمز إليه في بعض النسخ من عبارات الإجلال والتعظيم للفظ الجلالة والصلاة على النبيّ والائمة والترضية على الصحابة الكرام بالعبارات الصريحة.

وختاما أسأل المولى القدير أن يوفقنا لما يحبّ ويرضى إنه سميع مجيب.

محمّد الحسينيّ الجلالي

شهر رمضان المبارك ١٤٠٧ هـ

١١

١٢

١٣

١٤

١٥

١٦

المؤلّف والكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

شارك المؤلّف أبو حنيفة النعمان الشيعي ـ المتوفّى سنة ٣٦٣ هـ ـ في الدعوة الفاطمية في مهدها بالمغرب ، وقام بتأصيل اصولها حتى أصبحت الدعوة تعتمد على النشاط الفكري للمؤلّف بقدر اعتمادها على النشاط السياسي للخلفاء الفاطميين.

ولدوره البارز في الدفاع عن حريم التشيّع اعتبرته بعض المصادر الشيعية إماميا اثنا عشريا ، بالرغم من كثرة مؤلّفاته التي تعتبر مصدر عطاء للمذهب الاسماعيلي ، ولا يزال أتباع المذهب الاسماعيلي يعبّرون عنه بألفاظ التجليل التي لا يصفون غيره بها ، كألفاظ « سيّدنا الأوحد » و « القاضي الأجل » و « سيّدنا القاضي ».

وبالرغم من انغلاق أبواب المكتبة الاسماعيلية في وجه الباحثين لعوامل التقيّة التي أصبحت متأصّلة في نفوسهم وحرمت العلم من أصحابه فقد تمكّن الأخ السيّد محمد الحسينيّ الجلالي ـ حفظ الله ـ بسعيه الحثيث أن يجمع أفراط هذا الكتاب « شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار » من مختلف المكتبات ويقدمها سلسلة منضودة كاملة.

ترجمة المؤلّف :

هو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون ، واتفقت

١٧

المصادر على وصفه بالفضل والعلم والنبل ، وصرّحت بتولّيه القضاء ، وانفرد ابن العماد الحنبلي ( ت / ١٠٨٩ هـ ) على نسبته الى التشيّع ظاهرا والزندقة باطنا ، وهو نابع من الخلاف المذهبي.

وقال معاصره المعز لدين الله ( ت / ٣٦٥ هـ ) رابع خلفاء الفاطميين : « ... من يؤدّي جزء ممّا أدّاه النعمان أضمن له الجنّة بجوار ربّه » (١).

ووصفه ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي ( ت / ٣٨٧ هـ ) بقوله : « ... في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه ، وعالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والعقل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف » (٢).

أمّا الأمير المختار عزّ الملك محمد الكاتب المسيحي فوصفه بقوله : « كان من أهل العلم والفقه والرأي والنبل على ما لا مزيد عليه وله عدّة تصانيف » (٣).

وقال عنه محمد بن علي بن شهرآشوب ( ت / ٥٨٨ هـ ) : « ابن فياض القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي وكتبه حسان ... » (٤).

وابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) قال : « أحد الائمة الفضلاء المشار إليهم ... وكان مالكيّ المذهب ثم انتقل الى مذهب الامامية » (٥).

واليافعي ( ت / ٧٦٨ هـ ) قال : « كان من أوعية العلم والفقه والدين » (٦).

وابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ( ت / ٨٥٢ هـ ) قال : « كان مالكيا ثم

__________________

(١) عن عيون الأخبار : للداعي إدريس ، راجع أعلام الاسماعيلية : ص ٥٩.

(٢) ابن خلكان : ٥ / ٤١٦ ، ويراجع البداية والنهاية.

(٣) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٥.

(٤) معالم العلماء : ص ١٢٦.

(٥) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٥.

(٦) مرآة الجنان : ٢ / ٢٧٨.

١٨

تحوّل إماميا وولّي القضاء للمعزّ العبيدي صاحب مصر وصنّف لهم التصانيف على مذهبهم ، وفي تصانيفه ما يدل على انحلاله » (١).

والداعي إدريس عماد الدين القرشي ( ت / ٨٧٢ هـ ) يقول : « إن النعمان كان في مكانة رفيعة جدا قريبة من الأئمة ، وأنه كان دعامة من دعائم الدعوة » (٢).

وابن تغرى بردى يوسف ( ت / ٨٧٤ هـ ) يقول : « قاضي مملكة المعز ، وكان حنفيّ المذهب ، لأن المغرب كان يومذاك غالبه حنفية الى أن حمل الناس على مذهب مالك فقط المعر بن باديس » (٣).

وابن العماد الحنبلي ( ت / ١٠٨٩ ) يقول : « القاضي أبو حنيفة الشيعي ظاهرا الزنديق باطنا قاضي قضاة الدولة العبيدية » (٤).

هذا ولم يذكر المتأخّرون شيئا جديدا في وصف المؤلّف ، راجع الحرّ العاملي ( ت / ١١٠٤ هـ ) (٥) ، وبحر المعلوم ( ت / ١٢١٢ ) (٦) وشيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ ) (٧) ، ويعتبر ابن شهرآشوب ( ت / ٥٨٨ ) الوحيد الذي وصفه بابن الفيّاض ، ولم اهتد للوجه الصحيح لهذه النسبة سوى أن والد المؤلّف أبو عبد الله محمد القيرواني كان كما يقول ابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) : « قد عمّر ، ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة » فاذا صحّ تلقّبه بالفيّاض ، والمؤلّف بابن الفيّاض ، وربّما

__________________

(١) لسان الميزان : ٦ / ١٦٧.

(٢) عن عيون الأخبار له ، راجع مقدّمة اختلاف اصول المذاهب ص ١٣ لمصطفى غالب.

(٣) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٠٦.

(٤) شذرات الذهب : ٣ / ٤٧.

(٥) أمل الآمل : ٢ / ٣٣٢.

(٦) رجال بحر العلوم « الفوائد الرجالية » : ٤ / ٥.

(٧) نوابغ الرواة : ٤ / ٣٢.

١٩

عثر ابن شهرآشوب على مصدر لذلك ، فإن كتبه تشهد بأنه كان على اطّلاع واسع للمصادر التي لم تصل يد التتبّع إليها.

هذا واتفق المؤرخون على وفاة المؤلّف في سنة ٣٦٣ هـ ، ولكن لم ينصّ أحد منهم على تاريخ ولادته ، ممّا أدّى الى أعمال مجرّد الظنّ والحدس في نصّ ذكره المؤلّف في كتابه « المجالس » الذي يعتبر حافلا بالتواريخ الهامّة في الدعوة الإسماعيلية ، فقد قال : « وخدمت المهدي بالله [ ت ـ ٣٣٢ هـ ] من أواخر عمره تسع سنين وشهورا وأياما » (١).

وحيث إن المهدي هو أول الخلفاء الفاطميين توفى في ١٤ ربيع الأول ٣٢٢ هـ فيكون تاريخ خدمة المؤلّف إيّاه في أواخر عام ٣١٢ هـ في عمر تؤهّله للخدمة ، ويصعب تحديد ذلك ، واذا قدرنا عمره آنذاك انه كان في العشرين من العمر فتكون ولادته حدود منه ٢٩٢ ه‍.

والمؤلّف يذكر في « المجالس » بعض الأعمال والوظائف التي قام بها والتي تعدّ قمّة المسئولية في عهد الخليفة المعز ، وإليك بعض التواريخ الهامّة في حياته.

٢٩٢ (؟ ) هـ حدود تاريخ ميلاده ٣١٣ ـ ٣٢٢ (؟ ) هـ تسع سنين وشهورا وأياما من أواخر عمر المهدي المتوفّى سنة ٣٢٢ هـ وبعده القائم.

وكان المؤلف ينقل « أخبار الحضرة إليهما في كلّ يوم طول تلك المدة إلا أقل الأيام » (٢) ولا أعرف بالضبط طبيعة هذه الوظيفة ، وربما تكون مجرد الخدمة أو المراقبة.

٣٢٢ ـ ٣٣٤ (؟ ) هـ في عهد الخليفة الثاني الفاطمي « القائم بأمر الله أبي القاسم محمد ( ت / ٣٣٤ هـ ) » كان المؤلّف يقوم بنفس دور

__________________

(١) المجالس : ص ٦٩.

(٢) المجالس : ص ٧٩.

٢٠