شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

[ بغض أهل البيت ]

[١٠٩] وبآخر عن فضل بن عمرو : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اشتدّ غضب الله على اليهود [ واشتد غضب الله على النصارى و ] اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي.

[١١٠] وبآخر عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : والذي نفسي بيده لا يبغضنا ـ أهل البيت ـ أحد إلا أكبّه الله على وجهه في النار.

[١١١] وبآخر عن جابر [ الانصاري ] إنه قال : كان (١) رجل يجفو عليا عليه‌السلام فلقيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له : إنك قد آذيتني. فقال : بأي شيء يا رسول الله؟ قال : من جفا عليا فقد آذاني. فقال : لا والله لا أجفوه بعدها ابدا يا رسول الله.

[١١٢] وبآخر عنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام : يا علي ، إنه لن يرد على الحوض مبغض لك ، ومن أحبك فهو يرد الحوض معك.

__________________

(١) وفي المناقب أيضا ٣ / ٢١٠ نقله جابر عن عمر بن الخطاب قال : كنت أجفو عليا.

١٦١

[ بين ابن عمر ومبغض لعلي ]

[١١] وبآخر عن ابن عمر : إن رجلا سأله عن علي عليه‌السلام ، فقال : إذا أردت أن تسأل عن علي عليه‌السلام ، فانظر الى منزله من منزل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أنزله فيه (١) فهذا منزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا منزل علي عليه‌السلام.

قال الرجل : فإني أبغضه. قال له ابن عمر : أبغضك الله عز وجل ، [ أتبغض رجلا سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها ] (٢).

[ زيد يتحدث ]

[١١٤] وبآخر عن بحر بن جعدة ، قال : إني لقائم وزيد بن أرقم على باب مصعب بن الزبير إذ تناول قوم عليا عليه‌السلام. فقال زيد : اف لكم إنكم لتذكرون رجلا [ صلّى وصام ] قبل الناس سبع سنين (٣).

وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الصدقة لتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص ، وإن البرّ ليزيد في العمر ، وإن الدعاء ليرد القضاء الذي قد أبرم إبراما. ومن أبغضنا أهل البيت

__________________

(١) هكذا في الاصل وفي الخصائص للنسائي ص ٢٠١.

(٢) هذه الزيادة موجودة في غاية المرام ص ٤٩٧ باب ١٩ الخبر ٢٤.

(٣) ولقد أجاد الحميري :

من فضله انه قد كان أول من

صلّى وآمن بالرحمن إذ كفروا

سنين سبعا وأياما محرمة

مع النبيّ على خوف وما شعروا

( حلية الأبرار للبحراني ١ / ٢٤٣ )

وما بين المعقوفين لم يكن في الأصل ونقله ابن عساكر في تاريخ دمشق ١ / ٦٩.

١٦٢

حشره الله يهوديا أو نصرانيا ، فقال جابر بن عبد الله : وإن صام وصلّى وحج البيت؟ قال : نعم. إنما فعل ذلك احتجازا أن يسفك دمه أو يؤخذ ماله أو يعطي الجزية عن يد وهو صاغر.

[١١٥] وبآخر عن عبد الله بن نجي. قال : قال لي علي عليه‌السلام : إن الحسن والحسين قد اشتركا في حبهما البرّ والفاجر ، وإنه كتب لي ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[ حبّ أهل البيت تسقط الذنوب ]

[١١٦] وبآخر عن الحسين عليه‌السلام ، إنه قال : من أحبنا أهل البيت لله نفعه حبنا ، وإن كان أسيرا بالديلم ، ومن أحبنا للدنيا فإن الله يفعل ما يشاء. والله إن حبنا أهل البيت لتساقط الذنوب كما تساقط الريح الورق اليابس عن الشجر.

[ المنافق لا يحبّ عليا ]

[١١٧] وبآخر عن أبي الطفيل ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : لو ضربت المؤمن على خيشومه ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.

[١١٨] وبآخر عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنه قال : إن الله [ تعالى ] عهد إليّ عهدا ، فقلت : يا رب بيّنه لي. فقال : اسمع. [ ف ] قلت : قد سمعت. فقال : يا محمد ، إن عليا راية الهدى بعدك وإمام أوليائي ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمه الله المتقين ، فمن أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد

١٦٣

أبغضني ، فبشره بذلك (١).

[ لعن علي ]

[١١٩] وبآخر عن مالك بن ضمرة ، قال : قال علي صلوات الله عليه : ألا إنكم ستعرضون على لعني ودعائي [ كذبا ] (٢) فمن [ لعنني ] منشرح الصدر [ بلغني فلا حجاب بينه وبين الله ولا حجة له عند محمد ] (٣) ومن لعنني كارها مكرها يعلم الله من قلبه ذلك ، جئت أنا وهو يوم القيامة كهاتين ـ وجمع بين [ السبابة ] (٤) والوسطى ـ ألا وان محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بيدي هذه ، فقال : من بايع هؤلاء الخمس ثم مات [ وهو ] يحبك فقد قضى نحبه ، ومن مات وهو يبغضك [ مات ميتة جاهلية ] ويحاسب بما عمل في الإسلام ، ومن بقى بعدك وهو يحبك ، ختم الله له بالأمن والايمان ما طلعت شمس وما غربت.

وهذا مما أثبتناه في هذا الكتاب مما آثره الطبري ـ الذي قدمنا ذكره ـ وذلك كله من الثابت الصحيح المأثور (٥) عن علي عليه‌السلام ، وفيه وفي خبر واحد من هذه الإخبار حجة لله عز وجل على من روى

__________________

(١) وأضاف في حلية الأبرار للبحراني ١ / ٦٦ : فجاء علي فبشرته. فقال : يا رسول الله انا عبد الله وفي قبضته فان يعذبني فبذنبي وان يتم لي الذي بشرتني به فالله اولى بي. قال : فقلت : اللهمّ اجل قلبه واجعل ربيعه الايمان. فقال الله : قد فعلت به ذلك. ثم انه رفع الى انه سيخصّه من البلاء بشيء لم يخصّ به أحدا من أصحابي. فقلت : يا رب أخي وصاحبي. فقال : إن هذا لشيء قد سبق وانه مبتلى ومبتلى به.

(٢) وفي الاصل : كذابا.

(٣) وفي الاصل بين المعقوفين : فلا حاجة لي عند محمد.

(٤) وفي الاصل : المسبحة.

(٥) اي ينقله خلف عن سلف.

١٦٤

ذلك ، وانتهى إليه ، ثم قدم على علي عليه‌السلام أحدا من البشر.

[١٢٠] وما آثرناه مما يدخل في هذا الباب ما روي عن الحسين بن علي عليه‌السلام إنه قال : من أحبنا أهل البيت بقلبه وجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة في الرفيق الأعلى ، ومن أحبنا بقلبه وجاهد معنا بلسانه وضعف عن أن يجاهد معنا بيده فهو معنا في الجنة دون تلك ، ومن أحبنا بقلبه وضعف عن أن يجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة دون ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه ولسانه وكفّ عنا يده فهو في النار فوق ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه وكفّ عنا لسانه ويده فهو في النار فوق ذلك.

[ أمير المؤمنين ينعى نفسه ]

[١٢١] ومما آثرناه عن أبي جعفر عبد الله بن محمّد بن علي بن عطية الدغشي المحازني باسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما اصيب علي عليه‌السلام وضربة ابن ملجم لعنه الله ـ الضربة التي مات منها ـ لزمناه يومه ذلك ، وبتنا عنده ، فاغمي عليه في الليل ، ثم أفاق فنظر إلينا ، فقال : وانكم لهاهنا؟ قلنا : نعم يا أمير المؤمنين. قال : وما الذي أجلسكم؟ قلنا : حبك. قال : والله الذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود والفرقان على محمّد صلوات الله عليه وعليهم ما أجلسكم إلا ذلك. قلنا : نعم. قال : فخفوا ، فخفّ بعض القوم ، ثم اغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : ما أجلسكم؟ قلنا : حبك يا أمير المؤمنين. قال : أما والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد صلوات الله عليه وعليهم لا يحبني عبد إلا ورآني حيث

١٦٥

يسره ، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يسؤه ـ ارتفعوا ـ (١) فإن رسول الله صلوات الله عليه وعليهم أخبرني إني اضرب ليلة تسع عشرة من شهر رمضان في الليلة التي مات فيها وصيّ موسى عليه‌السلام (٢) ، وأموت في الليلة احد [ ى ] وعشرين منه في الليلة التي رفع فيها عيسى عليه‌السلام.

قال الأصبغ : فمات والذي لا إله إلا هو فيها. كما قال.

[ أفضل الأعمال ]

[١٢٣] وعنه باسناد آخر له عن يحيى بن كثير [ الضرير ] رأيت زبيد [ بن الحارث ] الأياميّ (٣) في المنام بعد أن مات. فقلت له : ما ذا سرت إليه [ يا أبا عبد الرحمن ]؟ قال : الى رحمة الله. قلت : فأي عملك وجدت أفضل؟ قال : الصلاة وحبّ علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

[ ببغض علي نعرف المنافق ]

[١٢٣] وبآخر عن أبي سعيد الخدري. قال : إنما كنا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليا (٤).

[ بحبّ علي نختبر أولادنا ]

[١٢٤] وسأل رجل عبادة بن صامت عن علي صلوات الله عليه ، قال : أما نحن معاشر الأنصار من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانا نختبر أولادنا بحبه فمن لم يحبه منهم عرفنا إنه ليس منا.

__________________

(١) هكذا في الاصل ، ولعلها تفرقوا.

(٢) يوشع بن نون.

(٣) وفي بحار الانوار ٣٩ / ٢٥٩ : النامي

(٤) هكذا في المناقب لابن شهرآشوب ٣ / ٢٠٧

١٦٦

[ أمّ سلمة وسبّ علي ]

[١٢٥] أبو إسحاق [ السبيعي ] قال : حججت وأنا غلام. فمررت بالمدينة [ فرأيت الناس عنقا واحدا ] فسألتهم ، فقالوا : نريد أمّ سلمة زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نسمع منها. فأتبعتهم حتى دخلنا إليها. فحدثتنا. ثم نادت يا [ شبث ] (١) بن ربعي فأجابها رجل من آخر الناس (٢) : أن لبّيك يا أمّ المؤمنين. قالت : أيسبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ناديكم؟ قال : معاذ الله. قالت : فعلي بن أبي طالب؟ قال : إنهم يقولون شيئا يريدون به عرض [ هذه ] الدنيا. قالت : فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أحبّ عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبه الله ، ومن سبّ عليا فقد سبني ومن سبني فقد سبّ الله.

[ الرسول وسبّ علي ]

[١٢٦] وبآخر عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : بلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوم إنهم يسبون عليا عليه‌السلام فغضب لذلك غضبا شديدا ـ وهو على ذلك يذكره مع أصحابه ـ حتى أقبل علي عليه‌السلام ، فأجلسه الى جانبه ، ثم قال : إنكم لن تدخلوا الجنة حتى تحبوني ، وكذب من زعم إنه يحبني ويبغض هذا ـ ووضع يده على علي عليه‌السلام ـ.

[١٢٧] زيد بن أرقم. قال : دخلت على أمّ سلمة. فقالت : من أين أنت؟

__________________

(١) وفي الأصل : شبيب.

(٢) وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق ٣١٨ : فأجابها رجل جلف جاف. وكذا في كنز العمال ٦ / ٤٠١ مستدرك الصحيحين ٣ / ١٢١.

١٦٧

قلت : من أهل الكوفة. قالت : أنت من الذين يسبّ فيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قلت : لا والله يا أمّ المؤمنين ، ما سمعت أحدا فينا يسبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . قالت : بلى. والله إنهم يقولون : فعل الله بعلي ، وصنع به وبمن يحبه ، وقد كان والله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبه ، وكان أحبّ الناس إليه.

[ الأصبغ وابن هود ]

[١٢٨] وبآخر عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لقيني محبس بن هود ، فقال : يا أصبغ ، كيف أنت وأخوك أبو تراب الكذاب؟ فقلت : لعن الله شرّكما أبا وامّا وخالا وعما ، أما إني سمعت عليا عليه‌السلام يقول : وبارئ النسمة وفالق الحبة وناصب الكعبة لا يبغضني إلا ولد زنا ، أو من حملت به أمه [ وهي ] (١) حائض ، أو منافق. أما إني أقول : اللهمّ خذ محبسا أخذة رابية لا تبقي له في الارض باقية.

قال : فما كان إلا بعض أيام حتى دخل اصطبلا فيه دواب ، فانفلتت [ دابة ] فرمحته (٢) بأرجلها ، فقتلته.

[ البراءة من أمير المؤمنين ]

[١٢٩] وبآخر عن أبي صالح مولى عاص (٣). قال : أتيت عليا عليه‌السلام وأنا مملوك. فقلت : ابايعك ، يا أمير المؤمنين فقال : أحرّ أنت؟ قلت : بل مملوك. فقبض يده عني. فقلت : ابايعك يا أمير المؤمنين على أني إن شهدت معك نصرتك وإن غبت عنك نصحتك. قال : فبايعني على

__________________

(١) وفي الاصل ـ وهو ـ.

(٢) أي ضربته.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ مولى عياص.

١٦٨

ذلك. ثم قال : سيظهر عليكم بعدي رجل ، وإنه سيعرضكم على سبي والبراءة مني ، فان خفتموه فسبوني ، فانما هي زكاة ونجاة وإن سألكم [ البراءة مني ] (١) فلا تبرءوا مني فاني على الفطرة.

[١٣٠] بآخر عن سعد بن ظريف. قال : أخذ الحجاج همدان مؤذن علي عليه‌السلام. فقال له : ابرأ من علي واشتمه. فقال : لا والله لا أبرأ ممن أدّبني صغيرا وعلّمني كبيرا. فقتله.

__________________

(١) أورده المفيد في الإرشاد ص ١٦٩.

١٦٩

[ صعصعة مع معاوية ]

[١٣١] وبآخر عن تميم بن مالك القرشي إنه قال : كتب معاوية بن أبي سفيان الى زياد : أن ابعث لي خطباء أهل العراق : وابعث إليّ صعصعة بن صوحان. ففعل. فلما قدموا على معاوية خطبهم. فقال : [ مرحبا بكم يا أهل العراق ] قدمتم على إمامكم ، وهو جنة لكم يعطيكم مسألتكم ، ولا يعظم في عينه كبيرا ، ولا يحقر لكم صغيرا ، وقدمتم على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. ثم قال في خطبته : ولو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا.

ولما فرغ من خطبته ، قال لصعصعة : قم واخطب يا صعصعة. فقام صعصعة : فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : إن معاوية ذكر إنا قدمنا على إمامنا وهو جنة لنا فما يكون حالنا اذا انخرفت الجنة ، وذكر إنا قدمنا على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. فالمحشر والمنشر لا يضرّ بعدهما مؤمنا ولا ينفع قربهما كافرا. والأرض لا تقدس أحدا ، وانما يقدس العباد أعمالهم. ولقد وطأها من الفراعنة أكثر مما وطأها من الأنبياء. وذكر إن أبا سفيان لو ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا ، فقد ولدهم من هو خير من

١٧٠

أبي سفيان آدم ( صلوات الله عليه ) فولد الكيس والأحمق [ والجاهل والعالم ].

ـ فغضب معاوية ـ وقال : اسكت لا أمّ لك ولا أب ولا أرض (١).

فقال صعصعة : الأب والامّ ولداني ومن الأرض خرجت وإليها أعود.

فأمر بردّه الى زياد ، ثم كتب إليه : أقمه للناس وأمره أن يلعن عليا عليه‌السلام ، فان لم يفعل ، فاقتله. فأخبره زياد بما أمره به فيه وأقامه للناس. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : أيها الناس إن معاوية أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله ، ونزل.

فقال زياد لصعصعة : لا أراك لعنت إلا أمير المؤمنين. قال : إن تركتها مبهمة وإلا بينتها. قال [ زياد ] : لتلعنن عليا ، وإلا نفذت فيك أمر أمير المؤمنين ، فصعد المنبر. فقال : أيها الناس إنهم أبوا عليّ إلا أن أسبّ عليا عليه‌السلام وقد ( قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سبّ عليا فقد سبني ومن سبني فقد سبّ الله ) (٢) ، وما كنت بالذي أسبّ الله ورسوله. فكتب زياد بخبره الى معاوية. فأمره بقطع عطائه وهدم داره. ففعل.

فمشى بعض الشيعة الى بعضهم ، فجمعوا له سبعين الفا.

[ أقول : ]

__________________

(١) وفي رواية اخرى قال له معاوية : والله لأجفينك عن الوساد ولأشردن بك في البلاد. فقال صعصعة : والله إن في الارض لسعة وان في فراقك لدعة ( اعيان الشيعة مجلد ٧ / ٣٨٨.

(٢) وقد مرّ هذا الحديث عن أمّ سلمة رقم الحديث ٦٠.

١٧١

والأخبار عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي والائمة الهدى من أهل بيته في الأمر بمودتهم والنهي عن بغضهم والبراءة من [ أعدائهم ] تخرج عن حدّ هذا الكتاب.

وقد ذكرنا منها ما في بعضه كفاية لمن أراد الله عز وجل [ ان ] يهديهم ويشرح للايمان صدورهم ، وكل ذلك كتاب لله شاهد له بنصّ الله جلّ ذكره فيه على ذلك ، وقد قال جلّ من قائل : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » (١).

[ آية المودة ]

[١٣٢] وجاء في تفسير ذلك : إن الأنصار اجتمعوا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : يا رسول الله إنك قد جئتنا بخير الدنيا والآخرة وهذه أموالنا خذها إليك جزاء لما جئتنا به أو ما شئت منها ، فأنزل الله عز وجل « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ». يعني على ما جئتكم به إلا المودة في القربى.

[ ابن عباس وآية المودة ]

[١٣٣] قال عبد الله بن عباس : فلما نزل ذلك اجتمع الناس الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين فرض الله عز وجل علينا مودتهم؟ فقال : علي وفاطمة وولدهما.

فنصّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على بيان ذلك من قرابته المذكورة مودتهم والمأثور بها ، وروى ذلك عبد الله بن العباس وهو واحد القرابة ،

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

١٧٢

وأخرج نفسه بذلك من القرابة المفروضة مودتهم. وزعم من أراد دفع ذلك عداوة لهم إن ذلك إنما هو إن العرب بأسرها قرابة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فأمرهم عز وجل بمودتهم لقرابته منهم.

والقرآن يشهد على إبطال هذا القول لأن الله عز وجل قال : « ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » فكان الخطاب بذلك لجميع المؤمنين من العرب والعجم وغيرهم ، فمودة علي وذريته الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين فرض من الله عز وجل على جميع المؤمنين فمن أبغضهم أو عاداهم أو سبّهم أو آذاهم فقد خرج من جملة المؤمنين وخالف أمر الله جلّ ذكره وكتابه وما افترضه فيه على المؤمنين من عباده. عصمنا الله وجميع المؤمنين والمؤمنات من ذلك أجمعين. برحمته إنه أرحم الراحمين وخير الغافرين.

تمّ الجزء الأوّل من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار

والحمد لله ربّ العالمين

وصلّى الله عليه سيّدنا محمّد ووصيّه وآلهما الطاهرين

١٧٣
١٧٤

١٧٥

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وحده وصلّى الله على محمّد وآله

١٧٦

[ سبق علي صلوات الله عليه الى الإسلام ]

[١٣٤] الدغشي بإسناده ، عن حبة العرني ، قال : نزلت النبوة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الإثنين ، وصلّى علي عليه‌السلام معه يوم الثلاثاء.

[١٣٥] وبآخر عن [ ابن ] (١) يحيى ، قال : قال علي عليه‌السلام : صلّيت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث سنين قبل أن يصلّي معه أحد.

[١٣٦] وبآخر عن حبة العرني ، قال : [ رأيت عليا ( صلوات الله عليه ) ضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه حتى بدت نواجذه. ثم ] (٢) قال علي عليه‌السلام : بينما أنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ببطن نخلة نصلّي إذ ظهر علينا أبو طالب. فقال : ما تصنعان يا ابن أخي؟ فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورغبة في الإسلام. فقال : ما أرى بالذي تقول وتصنع بأسا ، ولكن والله ما تعلوني استي أبدا. ثم قال علي عليه‌السلام : اللهمّ لا أعرف عبدا من هذه الامة عبدك قبلي غير

__________________

(١) وهو عبد الله بن يحيى وفي الاصل : عن يحيى. أقول : ولعله عبد الله بن نجي ، هو من أصحاب أمير المؤمنين وصاحب مظهرته.

(٢) بين معقوفين موجود في غاية المرام ص ٥٠٣ راجع تخريج الأحاديث لهذا الجزء.

١٧٧

نبيها (١) ، يقولها ثلاث مرات ، ثم قال : لقد صلّيت قبل أن يصلّي أحد سبعا ، يعني سبع سنين.

[١٣٧] وبآخر ، عن مروان [ و ] (٢) عبد الرحمن التميمي [ قالا ] : مكث الإسلام سبع سنين ليس فيه إلا ثلاثة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخديجة رضوان الله عليها وعلي عليه‌السلام.

[١٣٨] وبآخر عن سلمان الفارسي رحمه‌الله إنه قال : إن أول هذه الامة ورودا على نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله أولها إسلاما علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، وإن هذا البيت يخرب على يد رجل من ولد الزبير ـ حدث بذلك قبل أن يكون ـ.

[١٣٩] وبآخر عنه أيضا ، إنه قال : وردت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على رأس ركيّ ، فقال لي : يا سلمان. قلت : لبيك يا رسول الله. قال : أما إنك من أهل الجنة ، وان أول امتي ورودا عليّ الحوض يوم القيامة علي بن أبي طالب. قلت : يا رسول الله قبل أبي بكر وعمر. قال : نعم ، إنما يردون على إسلامهم ، يا سلمان إنه من سبّح الله تسبيحة أو هلّله تهليلة ، أو كبّره تكبيرة ، أو حمده تحميدة ، غرس الله عز وجل له بها شجرة في الجنة أصلها من ذهب ، وفرعها من اللؤلؤ مكلّلة بالياقوت ثمرها كثدي الابكار أحلى من الشهد وألين من الزبد ، كلما جنى منها شيء عاد مكانه مثله.

[١٤٠] وبآخر عن أبي الجحّاف عن رجل ذكره ، قال : دخلنا على أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في الرحبة (٣) ، فأصبناه على سرير قصير.

__________________

(١) وفي مسند أحمد بن حنبل ١ / ٩٩ : نبيك.

(٢) وفي الاصل : عن مروان بن عبد الرحمن التميمي. وكذا في نسخة ـ ب ـ.

(٣) الرحبة : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة.

١٧٨

قال : وما جاء بكم؟ قلنا : حبّك يا أمير المؤمنين. قال : إنه ما أحبني أحد إلا رآني حيث يحب ، وما أبغضني أحد إلا رآني حيث يبغض. ثم قال : والله ، ما عبد الله رجل قبلي مع نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذكور هذه الامة ، ثم ضحك وأعرض بوجهه ، وقال : أتدرون ممّ ضحكت؟ قلنا : لا. قال لما ذكرت عرض بي قول أبي طالب ، وقد هجم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا معه ونحن [ لله ] (١) ساجدون. فقال : أو فعلتماها. ثم أخذ بيدي فقال : انظر كيف تنصره يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يرغّبني في ذلك ويحضّني عليه ، فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك طمع في إسلامه ، فدعاه إلى الإسلام ، فقال : يا ابن أخي والله ما أراك تدعو إلا إلى خير ، فأما أن تعلو استي رأسي فلا يعنى السجود ، فضحكت إذ تذكرت قوله هذا (٢).

[١٤١] وبآخر ، عن سعيد ، قال : أسلم علي عليه‌السلام وهو ابن ثمان سنين وهاجر وهو ابن ثمان عشر سنة وشهد بدرا ، فقتل من قتل يومئذ وكان ما كان منه وهذه سنّه.

[١٤٢] وبآخر ، عن عفيف ( أخ الأشعث بن قيس ) قال : أتيت [ في الجاهلية ] مكة لأبتاع [ لأهلي ] من عطرها وثيابها ، فبينا أنا مع العباس بن عبد المطلب جالسا في المسجد إذ نظرت الى شاب قد أقبل وقد حلقت (٣) الشمس ، فجعل ينظر إليها نحو السماء ، ثم توجه الى البيت ثم

__________________

(١) وفي الأصل : له ساجدون.

(٢) ولا يخفى أن جملة : فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما بعدها لم تكن في رواية النهج لابن أبي الحديد راجع تخريج الأحاديث. علما بأنا في الجزء ١٣ ذكرنا بعض الأحاديث تبعا للمؤلف حول إيمان أبي طالب.

(٣) أي ارتفعت.

١٧٩

جاء غلام فوقف الى جانبه ثم جاءت امرأة فوقفت خلفهما ، فركع الشاب وركعا ، وسجد فسجدا حتى أتمّ الصلاة ، فقلت للعباس : أني أرى أمرا عظيما ، قال : نعم ، هذا الشاب وهو محمد بن عبد الله ابن أخي ، وهذا الغلام ابن أخي أيضا علي بن أبي طالب. قلت : فالامرأة؟ قال : خديجة بنت خويلد زوج محمد هذا. وإنه زعم إن الله رب السماوات والأرض بعثه رسولا بهذا الدين ، ودعا إليه ، فلم يجبه إلا من ترى (١).

[١٤٣] وبآخر ، عن الحسن بن علي ( صلوات الله عليهما ) ، إنه خطب الناس بعد أن اصيب علي صلوات الله عليه فقال : لقد قتل أمس رجل ما سبقه الأولون بعمل ، ولا يدرك الآخرون مثله (٢) ، لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يبعثه في السرية ، فيقول : أما (٣) إن جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه فليس يقاتل أحد إلا قتله ، ولا يروم فتح شيء إلا فتحه الله على يديه ، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عنده من عطائه أعدها لخادم (٤).

[١٤٤] وبآخر ، عن عبد الوهاب بن محمد ، عن أبيه ، إنه قال : كل آية في القرآن ـ « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » ـ فعلي عليه‌السلام رأسها ، لأنه أول من آمن بالله ورسوله من جميع المؤمنين.

[١٤٥] وبآخر ، عن أبي بكرية ، عن عمر بن أميّة ، قال : مكث الإسلام

__________________

(١) وفي مسند أحمد بن حنبل ( ١ / ٢٠٩ ) أضاف : ولا والله ما على الأرض كلها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.

(٢) وفي كفاية الطالب ص ٩٢ : ولا يدركه الآخرون.

(٣) وفي أمالي الصدوق ص ٢٦٢ : في السرية فيقاتل جبرائيل عن يمينه.

(٤) وفي خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام للرضي ص ٥٤ : فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. وفي كفاية الطالب : خادما لام كلثوم.

١٨٠