شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ١

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٦

الناس : أين يدفن؟ (١) فقال علي عليه‌السلام : إنه ليس بأرضكم هذه بقعة أحب الى الله من البقعة التي قبض فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فادفنوه بها.

وكيف تسألوني عن رجل فاضت (٢) نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في يده فمسح بها وجهه؟.

وكيف تسألوني عن رجل وضع يده من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله موضعا لم يضع أحد يده عليه غيره (٣) ( يعني على سوئه عند غسله ). وكان أحب الناس الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقيل لها : فكيف خرجت عليه مع علمك هذا فيه؟ قالت : دعوني من هذا. فلو قدرت أن أفتدي منه بما على الأرض لفعلت (٤).

[٧٤] عن مسروق ، قال : دخلت على عائشة فقالت لي : يا مسروق : إنك من أبرّ ولدي بي ، وإني أسألك عن شيء فأخبرني به. فقلت : سلي يا امّاه عمّا شئت. قالت : [ المخدج ] (٥) من قتله؟ قلت : علي بن أبي طالب عليه‌السلام. قالت : وأين قتله؟ قلت : على نهر يقال لأعلاه تامرا ، ولأسفله (٦) النهروان بين [ اخافيق وطرقا ] (٧). فقالت : لعن الله فلانا

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٩ / ٣٣٦ ط ١ : فقيل : أين تدفنوه؟

(٢) وفي تاريخ دمشق ٣ / ١٥ حديث ١٠٣٧ : سالت.

(٣) وفي بحار الانوار ٩ / ٣٣٦ ط ١ : موضعا لم يضعها احد.

(٤) وفي المناقب لابن شهر اشوب ٣ / ٦٧ : عن الدارى باسناده عن الاصبغ بن نباتة وعن جميع التميمي كليهما عن عائشة : انها لما روت هذا الخبر ، قيل لها : فلم حاربتيه؟ قالت : ما حاربته من ذات نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية : أمر قدر وقضاء غلب.

(٥) وفي الاصل : المخدع في نسخة ـ أ ـ.

(٦) وفي كشف الغمة ١ / ١٥٩ لأسفله تامرا ولأعلاه النهروان.

(٧) وفي الاصل : احافيف وطرق. الاخافيق : شقوق في الأرض. وفي الحديث : فوقصت به ناقته في

١٤١

( تعني عمرو بن العاص ) فإنه أخبرني إنه قتله على نيل مصر (١). قال مسروق : يا امّاه! فأني أسألك بحقّ الله [ وبحقّ رسوله وبحقي ] (٢) ، فأني ابنك (٣) لما أخبرتيني بما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم. قالت : سمعته يقول فيهم [ أهل النهروان ] : هم شرّ الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى الله وسيلة (٤). قال مسروق : وكان الناس يومئذ اخماسا ، فأتيتها بخمسين رجلا ـ عشرة من كل خمس (٥) ـ فشهدوا لها أن عليا عليه‌السلام قتله (٦).

__________________

اخافيق جردان. وقال الاصمعى : انما هى لخافيق واحدها لخفوق. وقال الازهري صحيحه كما جاءت في الحديث اخافيق.

(١) ذكر فضل بن شاذان المتوفى ٢٦٠ هـ في الإيضاح ص ٨٦ : عن ابي خالد الاحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه لقوله : انه قتل ذا الثدية بمصر.

وروى البحراني في غاية المرام ص ٤٥١ الباب الاول الحديث ٢١ نقلا من كتاب صفين للمدائني عن مسروق : ان عائشة قالت له ـ لما عرفت ـ : من قتل ذي الثدية؟ لعن الله عمرو بن العاص فانه كتب إليّ يخبرني انه قتله بالاسكندرية إلا انه ليس يمنعني ما في نفسي ان أقول ما سمعته من رسول الله ، سمعته يقول : يقتله خير امتي من بعدي.

(٢) وفي الاصل : حقّ رسوله وحقى.

(٣) وفي مناقب ابن المغازلي ص ٥٥ : فاني من ولدك.

(٤) واضاف في كشف الغمة ١ / ١٥٩ : يوم القيامة.

(٥) وفي كشف الغمة : ١ / ١٥٩ : فأتيتها بسبعين رجلا من كل سبع عشرة وكان الناس إذ ذاك اسباعا.

(٦) وفي مناقب ابن المغازلي ( ص ٥٦ ) اضاف : قتله على نهر يقال لأعلاه تأمر ولأسفله النهروان بين [ احقافيق ] وطرفاء.

١٤٢

[ حبّ الرسول له ]

[٧٥] وبآخر عن ابن بريدة : إن نفرا دخلوا على أبيه بريدة ، فقالوا له : أخل لنا ، فأمر من حوله بالقيام ، قال : فبقيت معه. فنظروا إليّ. وقالوا : تنحّ. فقال أبي : أما ابني فلا. فقالوا : أما إذا رضيت به فقد رضينا. حدثنا أيّ الناس كان أحب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال [ أبي ] : كان أحب الناس إليه علي بن أبي طالب.

[٧٦] وبآخر عن أبي رافع ، إنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : أما ترضى أن تكون أخي في الدنيا والآخرة ، وإنك خير امتي في الدنيا والآخرة.

[ عليّ خير البشر ]

[٧٧] وبآخر عن الحويرث. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.

[٧٨] وبآخر عن عطاء ، قال : سألت عائشة عن علي عليه‌السلام. فقالت : ذلك خير البشر لا يشكّ فيه إلا من كفر.

[٧٩] وبآخر عن جابر إنه سأل عن علي عليه‌السلام ، فقال رسول الله صلّى الله

١٤٣

عليه وآله : ذلك خير البشر.

[٨٠] وفي رواية اخرى عنه. انه قال : ذلك خير البرية.

[٨١] عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البشر ومن أبي فقد كفر.

[٨٢] وبآخر عن حذيفة أيضا ، انه سئل عن علي عليه‌السلام فقال : ذلك خير هذه الامة بعد نبيها لا يشك فيه إلا منافق.

[٨٣] عن ابن مسعود ، إنه قال : قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعين سورة وختمت القرآن على خير الناس بعده. فقيل من هو؟ فقال : علي بن أبي طالب. صلوات الله عليه.

١٤٤

[ الحسين وعبد الله بن عمرو بن العاص ]

[٨٤] وبآخر عن اسماعيل بن [ رجاء ] (١) عن أبيه ، قال كنت جالسا مع عبد الله بن عمرو بن العاص و[ أبي ] (٢) سعيد الخدري بالمدينة في حلقة بمسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمرّ بنا الحسين بن علي عليه‌السلام [ فسلّم ، ورد عليه القوم ] (٣) ، وسكت عبد الله بن عمرو بن العاص ، ثم اتبعه وعليك السّلام ورحمة الله بعد ما فرغ القوم ، ثم قال : ألا اخبركم بأحب أهل الارض الى أهل السماء. قلنا : بلى. قال : هو هذا المقفى (٤). وما كلّمنى كلاما منذ ليالي صفين ، ولأن رضي عني أحب إليّ من أن يكون لي حمر النعم.

فقال أبو سعيد : فإن شئت انطلقنا إليه ، فاعتذرت إليه ، قال : نعم. فتواعدا أن يغدوا إليه ، فغدوت معهما ، فدخل أبو سعيد ودخلت معه. فجلس أبو سعيد الى جانب الحسين عليه‌السلام ، واستأذنه لعبد الله بن عمرو. فقال له : يا بن رسول الله مررت بنا أمس. فقال لنا [ عبد الله ] :

__________________

(١) وفي الاصل : رحا.

(٢) وفي الاصل : ابن.

(٣) هذه الزيادة موجودة في النصائح الكافية ص ٢٩.

(٤) وفي المناقب لابن شهر اشوب ٤ / ٧٣ : هذا المجتاز. وفي نسخة المرعشي : هذا الفتى.

١٤٥

كيت وكيت. فقلت له : ألا تمضي تعتذر إليه. فقال : نعم. وقد جاء يعتذر إليك ، فأذن له يا بن رسول الله. فأذن له ، فدخل عبد الله بن عمرو بن العاص. وأبو سعيد جالس الى جانب الحسين عليه‌السلام ، فسلّم ، ثم وقف ، فانزجل (١) له أبو سعيد. فجذب الحسين عليه‌السلام أبا سعيد إليه ثم تركه ، فانزجل له ، فجلس بينهما. فقال له أبو سعيد : حديثك يا عبد الله. قال [ عبد الله ] : نعم ، قلت ذلك وأشهد أنه أحب أهل الارض إلى أهل السماء. قال له الحسين عليه‌السلام : [ أ ] فتعلم إني أحب أهل الارض الى أهل السماء وتقاتلني أنا وأبي يوم صفين ، والله إن أبي لخير مني. قال [ عبد الله ] : أجل والله ما أكثرت لهم سوادا ، ولا اخترطت سيفا معهم ، ولا رميت معهم بسهم ، ولا طعنت معهم برمح ، ولكن كان أبي قد شكاني الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : هو يصوم النهار ويقوم الليل ، وقد أمرته أن يرفق بنفسه ، فقد عصاني ، فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أطع أباك. فلما دعاني الى الخروج معه ، فذكرت قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أطع أباك ، فخرجت معه.

فقال له الحسين عليه‌السلام : أما سمعت قول الله [ عز وجل ] (٢) « وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما » (٣) وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما الطاعة في المعروف ، وقوله : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟

قال : بلى ، قد سمعت ذلك يا ابن رسول الله ، وكأني لم أسمعه إلا اليوم. وكان جلّ ذلك مما كان بالحسين عليه‌السلام.

__________________

(١) اي وسع له المكان ليجلس.

(٢) موجودة في المناقب لابن شهرآشوب ٤ / ٧٣.

(٣) لقمان : ١٥.

١٤٦

[ عليّ حبيب الرسول ]

[٨٥] وبآخر عن عائشة [ انها قالت ] : لما احتضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ادعوا لي حبيبي ، فدعوت [ له ] أبا بكر ، فلما دخل ونظر إليه ، ثم أعرض عنه ، وقال : ادعوا لي حبيبي. فدعت حفصة له عمر ، فكان منه مثل ذلك. فقلت : ويحكم ، ادعوا له علي بن أبي طالب ، فو الله لا يريد غيره ، فدعوه. فلما رآه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه فيه ، فلم يزل يحتضنه (١) إلى أن قبض ويده عليه.

[ حديث الراية ]

[٨٦] وبآخر عن بريدة ، انه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعرض له وجع الشقيقة (٢) ، فلما كان يوم خيبر أصابه ذلك ولم يخرج الى الناس.

وإن أبا بكر أخذ الراية وخرج بالناس. فقاتل وقاتلوا (٣) ولم يكن شيء

__________________

(١) الحضن ما دون الابط الى الكشح ، والكشح ما بين الخاصرة الى الضلع الخلف.

(٢) وفي كفاية الطالب ص ١٠١ نقل الكنجي زيادة : وربما اخذته الشقيقة فيمكث يوما أو يومين لا يخرج.

(٣) وفي الكفاية أيضا : ثم نهض وقاتل قتالا شديدا.

١٤٧

ثم انصرف وانصرفوا. فأخذها عمر وخرج ، وقاتل ومن معه ، وانصرف وانصرفوا ولم يصنعوا شيئا (١). فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار ، يفتح خيبر عنوة ، وكان علي عليه‌السلام قد رمد ، فتخلّف ، فتطاول لها جماعة [ من ] الناس (٢). فلما أصبح أتاه علي عليه‌السلام وهو أرمد قد عصب على عينيه (٣). فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مالك يا علي. فقال قد رمدت يا رسول الله. قال : ادن مني ، فدنا منه ، فتفل في عينيه (٤) ، ففتحهما في الوقت ما بهما علّة ، وما رمد بعدها ، فأعطاه الراية فأخذها ، وعليه جبة ارجوان حمراء ، وقصد إلى خيبر ، فخرج إليه مرحب صاحب الحصن ، وعليه درع وبيضة ومغفرة وهو يرتجز ويقول :

قد علمت خيبر أني مرحب

[ شاكي ] السلاح بطل مجرب

أطعن أحيانا وحينا أضرب (٥)

فأجابه علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

__________________

(١) وفيه أيضا : ثم رجع فأخبر رسول الله.

(٢) وفي رواية الحسين بن واقد أضاف : وقال بريدة : وأنا ممن تطاول لها. الفضائل لابن حنبل ص ١٣٠.

(٣) وفي كفاية الطالب : قد عصب عينه بشقة برد له قطري.

(٤) روى ابن المغازلي في مناقبه ص ١٨٠ باسناده عن المغيرة عن أمّ موسى ، قالت : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله وجهي وتفل في عيني يوم خيبر.

(٥) ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص ١٠٢ :

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الليوث أقبلت تلهب

وأحجمت عن صولة المغلب

أطعن أحيانا وحينا أضرب

١٤٨

أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة (١)

أكيلكم بالسيف كيل السندرة

كليث غابات شديد القصرة (٢)

[ ضبط الغريب ]

كيل السندرة : ضرب من الكيل غراف جزاف. كذا قال الخليل.

والقصرة : أصل العنق.

واختلفا بينهما ضربتين ، بدره علي عليه‌السلام فضربه على أمّ رأسه فقدّ المغفرة والبيضة ، وشقّ رأسه حتى وصل السيف الى أضراسه ... وافتتح خيبر عنوة.

فجاء الطبري بهذا الخبر وما قبله من الأخبار من طرق كثيرة وهو وما قبله من الأخبار المشهورة المأثورة وإذا ثبت أن عليا عليه‌السلام خير الخلق وأحبهم الى الله ورسوله ، فمن أين يجوز لأحد أن يتقدم عليه؟

وهل يجوز أن يتقدم الخلق الى الله عز وجل وافدهم عليه إلا خيرهم عنده وأحبهم إليه؟. وقد قال عز وجل لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « قُلْ إِنْ كُنْتُمْ

__________________

(١) قال ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص ١٤ : ان فاطمة بنت اسد ( أمه ره ) لما ولدته سمّته حيدرة فغيّر أبو طالب اسمه وسمّاه عليا.

وروى ابن المغازلي في مناقبه ص ٧٩ عن أبي محمد عبد الله بن مسلم : سألت بعضا عن قوله : انا الذي سمّتنى أمي حيدرة ، فذكر ان أمّ علي كانت فاطمة بنت أسد فلما ولدت عليا عليه‌السلام ـ وأبو طالب غائب ـ سمّته أسدا باسم أبيها ، فلما قدم أبو طالب كره هذا الاسم ، وسمّاه عليا ، وقال : وحيدرة اسم من أسماء الأسد.

(٢) قال الرازي في مختار الصحاح ص ٥٣٧ : والقصرة بفتحتين اصل لعنق والجمع قصر ومنه قرأ ابن عباس « انها ترمي بشرر كالقصر » وفسّره بقصر النخل يعني أعناقها. وقال الزمخشري : هذه القراءة بأعناق الابل.

١٤٩

تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ » (١). ولا يجوز أن يتقدم من أحبه الله وكان خير الخلق عنده من هو دونه في ذلك ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يؤم القوم أفضلهم ) ولم يجعل المفضول أن يؤم من هو أفضل منه.

__________________

(١) وتمامه : ( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) آل عمران : ٣١.

١٥٠

[ فصل ]

جاء فيمن ذمّ عليا صلوات الله عليه أو أبغضه أو قصر به عن حقه.

[ الله زيّن عليا ]

[٨٧] عن الطبري باسناد له يرفعه الى عمار بن ياسر ( رحمة الله عليه ) إنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي إن الله عز وجل قد زينك بزينة لم يزين أحدا من العباد ، بزينة أحب إليه منها وهي زينة الأبرار عند الله ، الزهد في الدنيا ، فجعلك لا تزرأ من الدنيا [ شيئا ] ولا تزرأ (١) منك الدنيا [ شيئا ، ووهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم ] (٢) أتباعا [ ويرضون ] بك إماما. فطوبى لمن أحبك وصدق فيك وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، فأما من أحبك وصدق فيك فاولئك جيرانك في دارك وشركاؤك في جنتك ، وأما من أبغضك وكذب عليك [ فحقّ ] (٣) على الله أن يوقفه موقف الكذابين (٤).

__________________

(١) الزرأ : الإصابة من الخبر.

(٢) والعبارة بين المعقوفتين لم تكن في الأصل ( نسخة ـ أ ـ ) ولكن في جميع الكتب التي روت الحديث موجودة ومنها غاية المرام راجع الحديث في قسم السند. أما في نسخة ـ ب ـ فموجودة أيضا.

(٣) وفي الاصل : فيحق.

(٤) كفاية الطالب ص ٦٦ مستدرك الصحيحين ٣ / ١٣٥.

١٥١

[ الايمان في حبّه ]

[٨٨] وبآخر عن [ زر بن حبيش ] (١) انه قال : سمعت عليا يقول : عهد إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يحبّني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا كافر [ أو ] منافق.

[٨٩] وبآخر عن [ زر ] أيضا إنه قال : سمعت عليا يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد [ عهده ] إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق.

[٩٠] وبآخر عن [ حيان الاسدي ] (٢) قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : قال فيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عهد معهود إن الامة ستغدر بك من بعدي. وإنك تعيش على ملّتي ، وتقتل على سنّتي ، من أحبك أحبني ، ومن أبغضك أبغضني ، وأن هذه ستخضب من هذه ( يعني لحيته من رأسه عليه‌السلام ).

[ مبغضو علي ]

[٩١] وبآخر عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي صلوات الله عليه : لا يحبني ثلاثة : ولد زنا ، ومنافق ، ورجل حملت به أمه في بعض حيضها.

[٩٢] وبآخر عن بريدة (٣) عن أبيه ، قال : قال علي صلوات الله عليه : لا يحبني

__________________

(١) وفي الاصل : برير بن جبير. وبعد مراجعة عدة مصادر لم اعثر على هذا الاسم بل كان زر هو الراوي واظنه تصحيفا علما بان في نسخة ـ ب ـ زر بن حبيش.

(٢) وفي الاصل : حسان.

(٣) في الاصل : بريرة ، واظنها بريرة بنت خضيب الاسلمي شقيق بريدة مع اني لم ار اسمها في أي مصدر. ونقلت الرواية المضاهية عن طريق آخر راجع آخر الكتاب. وفي نسخة ـ ب ـ بريدة عن أبيه.

١٥٢

كافر ولا منافق ولا ولد زنا.

[ المبغض لعلي لا يؤمن ]

[٩٣] وبآخر عن أمّ سلمة رضي الله عنها ، إنها قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في علي عليه‌السلام : لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.

[٩٤] وبآخر عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من زعم أنه آمن بي وما انزل عليّ وهو يبغض عليا فهو كاذب ليس بمؤمن.

[٩٥] وبآخر عن جابر بن عبد الله ، إنه قال : والله ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا ببغضهم عليا عليه‌السلام.

وعن أبي سعيد الخدري مثله.

[٩٦] وبآخر عن أبي سعيد الخدري أيضا انه قال في قوله عز وجل : « وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ » (١) ، قال : ببغضهم لعلي عليه‌السلام.

[٩٧] وبآخر عن أنس بن مالك ، إنه قال : قال فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أيها الناس إني احدثكم حديثا فاعرفوا وعرّفوا به الناس بعدي ، إنه لا يحب عليا إلا من أحبني ولا يبغض عليا إلا من أبغضني ، فمن حدثكم إنه يحبني ويبغض عليا فهو كاذب ، وانه لشيء كتبه الله عز وجل عليه لا يملك غيره (٢).

[٩٨] وبآخر عن أبي رافع ، قال : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا الى اليمن اميرا ، وأخرج معه [ رجل من أسلم يقال له ] (٣) عمرو بن شاس فرجع

__________________

(١) محمّد (ص) : ٣٠.

(٢) هكذا في الاصل.

(٣) الزيادة موجودة في المجمع للهيثمي ٩ / ١٢٩.

١٥٣

وهو يلوم عليا عليه‌السلام ويشكوه ، فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فبعث إليه ، فأتاه فقال له : أخبرني عن علي! هل رأيت منه جورا في حكم ، أو حيفا في قسم (١). قال : اللهمّ لا. قال [ ص ] : فبم تنقمن عليه ، وتقول ما بلغني إنك تقول فيه؟ قال : لبغض له في قلبي لا أملكه. فغضب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى التمع لونه ، وعرفنا الغضب في وجهه ، ثم قال : كذب من زعم إنه يحبني ويبغض عليا ، من أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله [ تعالى ].

[ من آذى عليا فقد آذى الرسول ]

[٩٩] وبآخر [ عن ] عمرو بن شاس هذا : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من آذى عليا فقد آذاني. قال : وكان ذلك إني خرجت مع علي عليه‌السلام الى اليمن [ فرأيت ] منه جفوة ، فانصرفت الى المدينة ، فجعلت أشكوه الى من أجلس إليه في المسجد. واني دخلت يوما الى المسجد ، فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينظر إليّ حتى [ جلست ] (٢) ، فلما اطمأننت. قال : أما والله يا عمرو بن شاس لقد آذيتني. فقلت : أعوذ بالله وبالاسلام أن أوذي رسول الله. قال : بلى من آذى عليا فقد آذاني. قلت : والله لا أوذيه ابدا.

[ عليّ سيد في الدنيا والآخرة ]

[١٠٠] وبآخر عن ابن عباس ، قال : نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى علي

__________________

(١) أي الجور والظلم في التقسيم.

(٢) وفي الاصل : جلسنا.

١٥٤

عليه‌السلام ، فقال [ له ] : إنك (١) سيد في الدنيا [ و ] سيد في الآخرة ، يا علي من أحبك فقد أحبني ومحبي (٢) حبيب الله ، ومن أبغضك أبغضني ومبغضي عدوّ الله والويل لمن أبغضك.

[ من سبّ عليا فقد سبّ الله ]

[١٠١] وبآخر عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال : سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا يسبّ عليا. فقال : إنه من سبّ عليا فقد سبني ، ومن سبني سبّ الله ، ألا والله لا يخلص الإيمان في قلب عبد ابدا حتى تخلص مودتي الى قلبه ، ولا تخلص مودتي الى قلب عبد أبدا حتى تخلص إليه مودة علي ، وكذب من زعم إنه يحبني ويبغض عليا.

[ ابن عباس والسابّ لعلي ]

[١٠٢] وبآخر عن ابن عباس انه مرّ ( بعد ما كفّ بصره ) بمجلس من مجالس قريش ، وهم يسبون عليا عليه‌السلام ، فقال لقائده : ما سمعت هؤلاء يقولون؟ قال سمعتهم يسبون عليا. قال : فردني إليهم ، فرده. فوقف عليهم. فقال : أيكم السابّ لله تبارك وتعالى. قالوا : سبحان الله من سبّ الله فقد أشرك. فقال : أيكم السابّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قالوا : سبحان الله من سبّ رسول الله فقد كفر. قال : فأيكم السابّ علي بن أبي طالب. قالوا : أمّا هذا ، فقد كان.

__________________

(١) لم تكن في نسخة ـ أ ـ ولكن في الرواية التي ذكرها ابن المغازلي في مناقبه ص ١٠٣ : أنت. وفي نسخة ـ ب ـ إنك.

(٢) ونقله ابن المغازلي في مناقبه : حبيبي.

١٥٥

قال ابن عباس : فأنا أشهد بالله لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من سبّ عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سبّ الله عز وجل (١). ثم تولّى عنهم. وقال لقائده (٢) : ما سمعتهم بقولون. قال : ما سمعتهم قالوا شيئا. قال : كيف رأيت نظرهم إليّ حين قلت ما قلت لهم؟ فقال شعرا :

نظروا إليك بأعين مزورة

نظر التيوس إلى شعار الجازر (٣).

فقال : زدني لله ابوك. فقال :

خزر الحواجب ناكسو أذقانهم

نظر الذليل الى العزيز القاهر

فقال : زدني لله ابوك. فقال : ما عندي ما أزيدك.

قال : لكن عندي. ثم قال :

أحياهم خزيا على أمواتهم

والميّتون فضيحة للغابر (٤)

[ أبو سعيد الخدري وسبّ علي ]

[١٠٣] وبآخر عن فطر بن خليفة. قال : قال لي سعد بن مالك (٥) : إنه بلغني

__________________

(١) وفي المناقب لابن شهر اشوب ٣ / ٢٢١ زاد : ومن سبّ الله فقد كفر.

(٢) وهو سعيد بن جبير.

(٣) وقد نقله ابن شهر اشوب في المناقب هكذا :

نظروا إليه بأعين محمرة

نظر التيوس الى شعار الجازر

خزر الحواجب خاضعي أعناقهم

نظر الذليل الى العزيز القاهر

(٤) وذكر في المناقب ٣ / ٢٢١ أيضا هكذا :

سبّوا الإله وكذبوا بمحمّد

والمرتضى ذلك الوصيّ الطاهر

أحياؤهم خزي على أمواتهم

والميّتون فضيحة للغابر

أقول : التيس وهو المعز الحبشي الجازر أولاد البقر الوحشيّة.

(٥) وهو ابو سعيد الخدري راجع آخر الكتاب ـ التراجم ـ.

١٥٦

إنكم تعرضون على سبّ علي عليه‌السلام ، فهل سببته؟ [ ثم ] قال : معاذ الله والذي نفس سعد بيده لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقول في علي عليه‌السلام شيئا لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبه ما سببته أبدا (١).

[ أربعة يسأل العبد عنها ]

[١٠٤] وبآخر عن أبي برزة [ إنه ] قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : [ والذي نفسي بيده ] لا تزول قدم [ عبد ] (٢) يوم القيامة حتى يسأله الله عز وجل عن اربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.

فقال عمر بن الخطاب : وما علامة حبكم يا رسول الله؟ قال [ صلى‌الله‌عليه‌وآله ] : هذا ( ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب عليه‌السلام ) [ علامة حبي من بعدي ].

[ حبّ عليّ أمان ]

[١٠٥] وبآخر عن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله أمرني أن ادنيك فلا اقصيك ، وأن اعلمك فلا أجفوك (٣) ، وحق عليّ أن اطيع ربي عز وجل وحق عليك أن تعي. يا علي من مات وهو يحبك كتب الله له بالأمن والأمان ما طلعت شمس

__________________

(١) وفي الخصائص للنسائي ص ١٧٣ زاد : بعد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما سمعت الترغيب في موالاته والترهيب من معاداته.

(٢) وفي الاصل : العبد.

(٣) هكذا في الاصل.

١٥٧

وما غربت (١) ، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة الجاهلية وحوسب بعمله في الاسلام (٢).

[١٠٦] وبآخر عن أبي عبد الله الجدلي قال : قال لي علي عليه‌السلام : يا أبا عبد الله ألا اخبرك بالحسنة التي من جاء أمن من فزع يوم القيامة ، والسيّئة التي من جاء بها [ أ ] كبّه الله لوجهه في النار؟ قلت : بلى يا أمير المؤمنين. قال عليه‌السلام : الحسنة حبّنا والسيّئة بغضنا.

[١٠٧] عن أبي جعفر عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لعلي عليه‌السلام : يا علي قل : اللهمّ [ اجعل لي عندك عهدا ] واقذف لي الودّ في صدور المؤمنين. فقالها ، فأنزل الله عز وجل : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا » (٣).

__________________

(١) وذكر المتقي في كنز العمال هكذا : بالأمن والأمان وآمنه يوم الفزع.

(٢) وذكر أيضا : مات ميتة الجاهلية ويحاسبه الله بما عمل في الاسلام.

(٣) مريم : ٩٦.

١٥٨

[ خطبة عليّ على منبر الكوفة ]

[١٠٨] عن الشعبي أنه كان يقول : سمعت رشيد الهجري والحارث الأعور [ الهمداني ] (١) وصعصعة بن صوحان [ العبدي ] ، وسالم بن دينار الازدي ، كلهم (٢) يذكرون إنهم سمعوا علي بن أبي طالب عليه‌السلام على منبر الكوفة يقول في خطبته :

يا معشر أهل الكوفة ، والله لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن الله [ عليكم ] أقواما أنتم أولى بالحق منهم ، فيعذبكم الله بهم ثم يعذبهم بما شاء من عنده ، أو من قتلة بالسيف تفرون الى الموت على الفراش. فأني أشهد إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن معالجة ملك الموت لأشد من ضربة الف سيف [ اخبرني جبرئيل ] : يا علي إنه يصيبكم بعدي أثرة وزلزال ، فعليكم بالصبر الجميل.

وقال لي أيضا : قضاء مقضي على لسان النبي الامي : إنه لا يبغضك يا علي مؤمن ولا يحبك كافر ، وقد خاب من حمل ظلما

__________________

(١) وفي الاصل : الحمداني. والعمدي مكان العبدي.

(٢) وفي الاصل : وكلهم.

١٥٩

واقترى (١).

ثم جعل يقول لنفسه : يا علي إنك ميّت أو مقتول ، بل مقتول إن شاء الله. فما ينتظر (٢) أشقاها أن يخضب هذه من هذا ( ثم أمرّ يده اليمنى على لحيته ثم وضعها على رأسه ) ثم قال : أما لقد رأيت في منامي ، إنه يهلك فيّ اثنان ( ولا ذنب لي ) محب غال ، ومبغض قال.

ثم قال : ألا إنكم ستعرضون على البراءة مني ، فلا تتبرءوا مني ، فإن صاحبكم والله على فطرة الله التي فطر الناس عليها (٣).

ثم نزل عن المنبر.

__________________

(١) وفي الارشاد للمفيد ص ٢٥ بسنده عن الحارث الهمداني : قضاء قضاه الله تعالى على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق وقد خاب من افترى.

واما المحمودي في نهج السعادة ٢ / ٥٨٩ فقد نقل : وذلك إنه قضى ما قضى على لسان النبي الامي :

انه لا يبغضك مؤمن ولا بحبك كافر وقد خاب من حمل ظلما وافترى.

(٢) ذكر القزويني في مقتل أمير المؤمنين ص ٦٩ عن علي عن النبيّ : فانتظر اشقاها يخضب هذه من هذه.

(٣) وفي المناقب لابن شهرآشوب ٢ / ٣٧٢ أضاف : وسبقت الى الإسلام والهجرة.

١٦٠