الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ

علي موسى الكعبي

الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ

المؤلف:

علي موسى الكعبي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-51-5
الصفحات: ٣١١

استنشاده الشعراء :

روى المؤرخون عن رجل من بني هاشم ، قال : «كنا عند محمد بن علي بن الحسين ، وأخوه زيد جالس ، فدخل رجل من أهل الكوفة ، فقال له محمد بن علي عليهما‌السلام : إنّك لتروي طرائف من نوادر الشعر ، فكيف قال الأنصاري لأخيه؟

فأنشده :

لعمرك ما إن أبو مالك

بواهٍ ولا بضعيف قواه

ولا بالألد (٢) له وازع

يعادي أخاه إذا ما نهاه

ولكنّه هين لين

كعالية الرمح عرد نساه (٣)

اذا سدته سدت مطواعة

ومهما وكلت إليه كفاه

أبو مالك قاصر فقره

على نفسه ومشيع غناه

فوضع أبو جعفر عليه‌السلام يده على كتف زيد ، وقال له : هذه صفتك يا أخي ، وأعيذك باللّه أن تكون قتيل العراق» (٣).

ورواها الشيخ الصدوق عن جابر الجعفي ، وفيها أن أبا جعفر عليه‌السلام استنشد معروف بن خربوذ المكي ، قائلاً له : «يا معروف ، أنشدني من طرائف ما عندك» فأنشده الأبيات (٤).

وروى أبو الفرج عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنّه كان إذا نظر إلى أخيه زيد تمثّل

__________________

(١) الألد : شديد الخصومة.

(٢) أي شديد ساقه.

(٣) زهرالآداب / القيرواني ١ : ١١٨ ، والأبيات من قصيدة للمتنخل بن عويمر الهذلي.

(٤) الأمالي / الصدوق : ٩٤ / ٧٣ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٢٥١ / ٢ ، وروى القصيدة السيد المرتضى في الأمالي ١ : ٢٢٢.

٢٦١

بهذه الأبيات (٣).

والأبيات التي أراد الإمام عليه‌السلام وصف أخيه زيد بها ، تعني أنّه كان كريماً في طباعه ، صلباً في إرادته ، وإن ساده أخوه في أمر الإمامة فهو مطيع لأخيه لا يعصيه ولا يحسده ، ومهما وكل إليه من أمر عظيم فإنّه أهل للقيام به.

تصحيح الشعر :

روي أنّ الكميت أتى المدينة ، فأنشد الباقر عليه‌السلام قصيدته التي يقول فيها :

من لقلب متيم مستهام

غير ما صبوة ولا أحلام

فلما بلغ إلى قوله :

أخلص اللّه لي هواي فما أُغـ

رقُ نزعا ولا تطيش سهامي (٤)

قال له محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : «من لم يُغرق النزع لم يبلغ غايته بسهمه ، ولكن لو قلت : فقد اُغرق نزعا ولا تطيش سهامي» (٥).

وفي رواية ابن شهر آشوب والطبرسي : فقال الكميت : «يا مولاي ، أنت أشعر منّي في هذا المعنى» (٦).

قال العلاّمة المجلسي : إن فيما ذكره عليه‌السلام معنى لطيفاً كاملاً ، وهو أن المداحين إذا بالغوا في مدح ممدوحهم ، خرجوا عن الحقّ ، وكذبوا فيما يثبتون له ، كما أن

__________________

(١) الأغاني ٢٠ : ١٢٧.

(٢) البيت من أوّل قصيدة في الهاشميّات ، ورد في الهاشميات : ٢٣ ، شرح الهاشميات / أبو رياش القيسي : ٣٧ ، رجال الكشي : ٢٠٦ / ٣٦٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٧ ، اعلام الورى ١ : ٥١٠.

(٣) شرح الهاشميات : ٣٧.

(٤) المناقب ٣ : ٣٣٧ ، اعلام الورى ١ : ٥١٠.

٢٦٢

الرامي إذا أغرق نزعاً أخطأ الهدف ، وإنّي كلّما أبالغ في مدحكم ، لا يعدل سهمي عن هدف الحقّ والصدق (١).

وفي مورد آخر نقل العلاّمة المجلسي عن خط الشيخ ابن فهد الحلي : أنّ رجلاً ورد على أبي جعفر الأول عليه‌السلام بقصيدة مطلعها :

عليك السلام أبا جعفر

فلم يمنحه شيئاً ، فسأله في ذلك وقال : لِمَ لا تمنحني وقد مدحتك؟ فقال : «حييتني تحية الأموات ، أما سمعت قول الشاعر :

ألا طرقتنا آخر الليل زينب

عليك سلام لما فات مطلب

فقلت لها حييت زينب خدنكم

تحية ميت وهو في الحي يشرب

مع أنه كان يكفيك أن تقول : سلام عليك أبا جعفر» (٢).

علم العروض :

في كتاب (الزينة) للحافظ أبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي : كان الخليل بن أحمد أول من استخرج العروض ، فاستنبط منها ومن علل النحو ما لم يستخرجه أحد ، ولم يسبق إلى مثله سابق. وسمعت بعض أهل العلم يذكر أن الخليل بن أحمد أخذ رسم العروض عن رجل من أصحاب محمد بن علي ، أو من أصحاب علي بن الحسين ، فوضع له أصولاً ، وقسم الشعر ضروباً ، وسماه بها ، وجعل لتلك الأقسام دوائر وأسطراً ... (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ٤٦ : ٣٣٩.

(٢) بحار الأنوار ٤٦ : ٣٤٥.

(٣) شرح إحقاق الحق ١٢ : ١٧٠ عن كتاب الزينة : ٨٠.

٢٦٣

٧ ـ دوره في السيرة والتاريخ :

قلما يخلو كتاب من كتب التاريخ عن ذكر الأخبار المنقولة عن الإمام الباقر عليه‌السلام ، فقد أخذ عنه المؤرخون وكتاب السيرة وقصص الأنبياء.

قال الشيخ المفيد : كتب عنه الناس المغازي (١).

وقال ابن شهر آشوب : روى عنه من المصنفين نحو الطبري والبلاذري والسلامي والخطيب في تواريخهم (٢). ونقل عنه غيرهم من المؤرخين كابن اسحاق وابن هشام والواقدي واليعقوبي والمسعودي والمنقري وابن شبة وابن عساكر والشيخ المفيد وأبو الفرج الاصفهاني والذهبي وابن كثير وابن سيد الناس وآخرون غيرهم ، ونقلت عنه عليه‌السلام أخبار في غير كتب التاريخ ، مما يصلح أن يكون مادة تاريخية مهمة. ونكتفي هنا بالاشارة إلى مضامين بعض الأخبار التاريخية المنقولة عن باقر العلم مع ذكر مظانها.

فمن جملة المباحث التي نقلت عنه أخبار ومواعظ وسنن الأنبياء عليهم‌السلام ، ومن ذلك أخبار خلق آدم عليه‌السلام (٣) ، وابنا آدم اذ قربا القربان (٤) ، وولادة عيسى عليه‌السلام وتأديبه ونشأته (٥) ، والذبيح اسماعيل بن ابراهيم (٦) ، وذو القرنين (٧).

ونقلت عنه أخبار في التاريخ العربي والإسلامي ، منها : أصنام

__________________

(١) الارشاد ٢ : ١٦٣.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٧.

(٣) البداية والنهاية ١ : ٧٧.

(٤) البداية والنهاية ١ : ١٠٣ ، قصص الأنبياء / ابن كثير ١ : ٦ و ٥٦.

(٥) التوحيد : ٢٣٦.

(٦) تحف العقول : ٢٩٧.

(٧) البداية والنهاية ١ : ١٢٧.

٢٦٤

العرب (١) ، وما عند العرب من خصال الحنيفية ، وما خالفوا من تلك الخصال (٢) ، ونذر عبد المطلب بذبح ولده العاشر عبد اللّه ، وما فداه به من الابل (٣) ، ومولد البشير النذير رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر تسميته محمداً وأحمد ، وابتداء الوحي ، وصفته وسمته وهديه وصفة حجّه ، وتاريخ نبوته حتى وفاته ، وكيف غسّله علي عليه‌السلام عند وفاته من بئر سعد بن خيثمة ، وذكر أولاده صلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجة ، ووفاة القاسم والطاهر ولدا رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ، وأحكام السيوف التي بعث اللّه بها محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) ، وبعض أحداث وقعة بدر ، ووقعة أحد (٦) ، وزيارة فاطمة عليها‌السلام قبر حمزة ، وأنها كانت ترمّه وتصلحه وتعلّمه بحجر (٧) ، ووفاة فاطمة عليها‌السلام ومقدار عمرها ومدة بقائها بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) ، وغزوة خيبر وتترس علي عليه‌السلام بباب خيبر حتى صعد المسلمون عليه (٩) ، وذكر الخبر عن

__________________

(١) البداية والنهاية ١ : ١١٩ ، قصص الأنبياء / ابن كثير ١ : ٨٦.

(٢) الكافي ٤ : ٢١٠ / ١٧.

(٣) الخصال : ١٥٦ / ١٩٨.

(٤) تاريخ المدينة / ابن شبة ١ : ١٤٢ و ١٦٢ ، البداية والنهاية ٢ : ٣١٤ و ٣٢٠ ، ٣ : ١٠ ، ٥ : ١٨٠ و ٢٩٣ ، السيرة النبوية ٤ : ٣٢٣ ، عيون الأثر / ابن سيد الناس ١ : ٤٥ ، البحار٢٢ : ١٥١ عن قرب الاسناد.

(٥) تحف العقول : ٢٨٧.

(٦) إعلام الورى ١ : ١٧٠ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٤٨ ، السيرة النبويّة / ابن هشام ١ : ١٥٨ ، ٢ : ٤٥٦.

(٧) تاريخ المدينة / ابن شبة ١ : ١٣٢.

(٨) المنتخب من ذيل المذيل / الطبري : ٦ ، البداية والنهاية ٤ : ٦١١ ، ٥ : ٣٣٠ ، السيرة النبوية / ابن كثير ٤ : ٦١١.

(٩) تاريخ الإسلام / الذهبي ـ المغازي : ٤١٢ ، البداية والنهاية ٤ : ٢١٦.

٢٦٥

غزوة رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله هوازن بحنين (١) ، وبعثة خالد بن الوليد إلى بني جذيمة (٢) ، وبعثة علي عليه‌السلام إلى اليمن (٣) ، ومقتل عثمان (٤) ، ومسير علي عليه‌السلام من ذي قار إلى حرب البصرة (٥) ، ومسير علي عليه‌السلام ولقاؤه أهل الشام في صفين (٦) ، وتحكيم الحكمين بعد الحرب (٧) ، وشهادة أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ومحل دفنه (٨) ، وذكر الخبر عن صفته (٩) ، ورووا عنه أحداث الطف ، ومقتل الحسين عليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه (١٠) ، ووقعة الحرة (١١) ، وأخبار المختار (١٢).

وممن صنف في التاريخ من أصحابه : أبان بن تغلب ، له كتاب الفضائل ، وكتاب صفين ، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ، قيل : ان كتب الواقدي سائرها

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ : ٣٤٤ و ٣٤٦.

(٢) السيرة النبويّة / ابن هشام ٤ : ٨٨٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ٣٤١ ، تاريخ الإسلام : ٥٦٨.

(٣) تاريخ الإسلام : ٦٩١.

(٤) البداية والنهاية ٧ : ٢١٨ ، تاريخ المدينة ٤ : ١٢٢٠.

(٥) الجمل / الشيخ المفيد : ١٥٨.

(٦) البداية والنهاية ٧ : ٢٨٩ و ٨ : ١٣٨.

(٧) وقعة صفين : ٥٠٠.

(٨) البداية والنهاية ٧ : ٣٦٥ و ٨ : ١٥.

(٩) تاريخ الطبري ٤ : ١١٧ ، المنتخب من ذيل المذيل : ٦.

(١٠) مقاتل الطالبيين : ٥٤ ـ٦٢ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠ ، مقتل الحسين عليه‌السلام / أبو مخنف : ١٧٣ و ١٩٧ ، تاريخ الطبري ٤ : ٣٤٢ ، ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام / ابن عساكر : ٢٧٠ ، البداية والنهاية ٨ : ٤٢.

(١١) البداية والنهاية ٨ : ٢٥٦.

(١٢) تاريخ الطبري ٤ : ٥٣٢ ، البداية والنهاية ٨ : ٣٠١.

٢٦٦

إنّما هي كتب ابن أبي يحيى ، نقلها الواقدي وادّعاها (١) ، وجابر بن يزيد الجعفي ، له كتاب الفضائل ، وعبد اللّه بن ابراهيم بن محمد الجعفري ، له كتب منها : كتاب خروج محمد بن عبد اللّه ومقتله ، وكتاب خروج صاحب فخ ومقتله (٢) ، وغياث بن ابراهيم التميمي ، له كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) ، ومحمد بن مبشر الثقفي ، له كتاب أخبار السلف ، وكتاب جمل وصية محمد بن الحنفية (٤) ، ومسمع ابن عبد الملك ، له كتاب أيام البسوس (٥).

الملاحم والفتن :

وأخبر الإمام الباقر عليه‌السلام عن وقوع الكثير من الملاحم وحوادث المستقبل وأخبار الغيب التي رواها عن آبائه عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد تحقق بعضها ، وبعض منها لا يزال بظهر الغيب ، منها : اخباره عن عمر بن عبد العزيز بأنّه يلي الأمر (٦) ، وأخباره بزوال دولة بني أمية ، وظهور الرايات السود (٧) ، وقيام ملك بني العباس (٨) ، وأخبر بدخول نافع بن الأزرق المدينة وقتله جماعة كثيرة (٩) ، وشهادة أخيه زيد والطواف برأسه ، وأنه صليب

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٤ ، الذريعة ٧ : ٦١.

(٢) رجال النجاشي : ٢١٦.

(٣) الفهرست / الطوسي : ١٩٦ ، خلاصة الأقوال : ٣٨٥.

(٤) رجال النجاشي : ١٤٦ / ٣٧٩.

(٥) رجال النجاشي : ٤٢٠ ، نقد الرجال ٤ : ٣٧٥.

(٦) الخرائج والجرائح / الراوندي ١ : ٢٧٦.

(٧) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ١١٨.

(٨) الكافي ٨ : ٢١٠ / ٢٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٠ ، الصواعق المحرقة : ١٢١.

(٩) الخرائج والجرائح ١ : ٢٨٩ ، الصراط المستقيم ٢ : ١٨٢.

٢٦٧

الكناسة (١) ، وهدم دار هشام بن عبد الملك في يثرب التي بناها بأحجار الزيت ، وأخبر أن أحجار الزيت هي موضع شهادة النفس الزكية ، وهو ما حدث (٢) ، وأخبر عن شهادة الحسين بن علي بن الحسن صاحب فخ (٣) ، وقال لأهل الكوفة : يخطب على أعوادكم سنة تسع وتسعين ومائة رجل منا أهل البيت ، يباهي اللّه به الملائكة (٤) ، وقام محمد بن إبراهيم بن طباطبا وداعيته أبو السرايا بثورته ضد حكم المأمون ، بنفس التاريخ المذكور (٥) ، كما أُخبر عليه‌السلام بوقوع غيبة الإمام المهدي عليه‌السلام بأحاديث كثيرة جدّاً وحدّد تاريخها بسنة ٢٦٠ هـ (٦).

ووردت عنه عليه‌السلام أخبار لا يبلغها الاحصاء عن أحداث وفتن آخر الزمان ، سيما ما يتعلق بأشراط الظهور وعلاماته ، كظهور اثنتي عشرة راية بالكوفة ، ومقتل أربعة نفر بالشام كلهم ولد خليفة (٧) ، وظهور السفياني وبيان صفته ومدة ملكه ، وغلبته الكندي والترك والروم والأبقع الذي بمصر ، واليماني الذي يأتي من صنعاء بجنوده بعد ملاحم عظيمة ، ثم خروجه إلى العراق ونشر جنوده في

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٨٩.

(٢) دلائل الإمامة : ٢٤٣.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٢٨٩.

(٤) مقاتل الطالبيين : ٣٤٨.

(٥) تاريخ الطبري ٨ : ٥٢٨ ـ ٥٣٥.

(٦) أُصول الكافي ١ : ٣٤١ / ٢٢ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٢٤ / ١ باب (٣٢) ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٤٩ / ١ باب (١٠) ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٠١ ، والهداية الكبرى : ٨٨.

(٧) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ١٧١.

٢٦٨

الآفاق (١) ، وخروج الحسني من خراسان برايات سود وبين يديه شعيب بن صالح ، فيقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم (٢) ، ونزول راياته السود الكوفة ، فاذا ظهر المهدي عليه‌السلام بمكة بعثت إليه بالبيعة (٣) ، ومقتل نفس زكية من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عند أحجار الزيت (٤) ، والخسف بجيش السفياني (٥) ، والنداء من السماء (٦) ، وظهور المهدي عليه‌السلام بمكة عند العشاء ومعه راية رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان (٧) ، وتراث الإمام الباقر عليه‌السلام في هذا الباب واسع جداً (٨).

هذا فضلاً عما قدمناه من أخباره عليه‌السلام في الغيبة.

٨ ـ دوره في علم الطب :

وردت عن الإمام الباقر عليه‌السلام ارشادات كثيرة في مجال الطب الروحاني ، وعلاجات لبعض الأمراض ، ومواصفات لبعض الأدوية والأغذية.

ونقل عنه عليه‌السلام الكثير من العلاجات بطريقة الطب الروحاني ، ولا يخفى أن البحوث الطبية الحديثة أكدت أنّ الطبّ الروحاني من أهمّ الأسباب المؤدّية إلى

__________________

(١) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ١٢٩ و ١٦٥ و ١٧٤ و ١٨٤ و ١٩٢ و ٢٠٢.

(٢) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ١٨٩.

(٣) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ١٩٠ و ١٩٨ و ١٩٩.

(٤) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ٢٠٠.

(٥) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ٢٠٣.

(٦) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ٢٠٨.

(٧) كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ٢١٣.

(٨) راجع : كتاب معجم أحاديث المهدي عليه‌السلام بأجزائه الخمسة ، لتطلع على حجم المرويات عنه عليه‌السلام في هذا الاطار.

٢٦٩

تخفيف الأمراض النفسية المستعصية ، والكثيرة الشيوع في زماننا هذا ، ولا ريب أنّ القرآن الكريم والدعاء يقفان على رأس مفردات الطبّ الروحاني والعلاج النفساني ، قال تعالى : «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُوءْمِنِينَ» (١).

من هنا أكد الإمام الباقر عليه‌السلام أن يتعوذ المسلم بالرقى المستخرجة من القرآن ، دون غيرها لأن كثيراً منها قد يؤدي بالمرء إلى الشرك دون أن يشعر.

روى أحمد بن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر محمد الباقر عليه‌السلام : «أنتعوّذ بشيء من هذه الرقى؟ قال : إلاّ من القرآن ، فإن علياً عليه‌السلام كان يقول : إنّ كثيراً من الرقى والتمائم من الإشراك» (٢).

وأكد على خصوصية سورة الحمد والإخلاص في علاج جميع الأمراض ، قال عليه‌السلام : «كل من لم تبرأه سورة الحمد ، وقل هو اللّه أحد ، لم يبرأه شيء ، كلّ علّة تبرأها هاتان السورتان» (٣).

ونقل عن الإمام الباقر عليه‌السلام مزيد من العلاجات والوصفات الروحانية التي تعتمد القرآن أو الدعاء ، منها في علاج آلام الجسد (٤) ، ووجع الرأس والشقيقة (٥) ، والصمم (٦) ، ووجع

__________________

(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٨٢.

(٢) طب الأئمة : ٤٨.

(٣) طب الأئمة : ٣٩.

(٤) طب الأئمة : ١٧.

(٥) طب الأئمة : ١٨ و ٢٠

(٦) طب الأئمة : ٢٣.

٢٧٠

الأضراس (١) ، ووجع الخاصرة (٢) ، ووجع الظهر (٣) ، ووجع الرجلين (٤) ، وبكاء الصبيان (٥) ، والسل (٦) ، وكل ما يشتكي منه الإنسان (٧) ، وشدّة الطلق وعسر الولادة (٨) ، والرمد (٩) ، وعبث الشيطان (١٠) ، وتعرّض الأرواح (١١) ، وشدّة النزع عند الموت (١٢) ، وآثار الهوام (١٣) ، والجراح (١٤).

كما نقلت عن الإمام الباقر عليه‌السلام وصفات طبية لبعض الأمراض ، تعتمد العلاج بالأعشاب ، منها في علاج الطحال (١٥) ، وضعف البدن (١٦) ،

__________________

(١) طب الأئمة : ٢٣.

(٢) طب الأئمة : ٢٨.

(٣) طب الأئمة : ٣٠.

(٤) طب الأئمة : ٣٣.

(٥) طب الأئمة : ٣٦.

(٦) طب الأئمة : ٣٧.

(٧) طب الأئمة : ٣٩.

(٨) طب الأئمة : ٦٩.

(٩) طب الأئمة : ٨٣.

(١٠) طب الأئمة : ٩٧.

(١١) طب الأئمة : ١٠٨.

(١٢) طب الأئمة : ١١٨.

(١٣) طب الأئمة : ١١٩.

(١٤) دعائم الإسلام ٢ : ١٤٢.

(١٥) طب الأئمّة : ٣٠.

(١٦) طب الأئمّة : ٦٤.

٢٧١

والزحير (١) ، والبلغم (٢) ، وتقطير البول (٣) ، والبواسير (٤) ، وبياض العين (٥) ، والحمى (٦) ، وأوجاع الجسد (٧) ، والجنون والصرع (٨) ، وعلاج السموم ولدغ المؤذيات (٩).

وذكر في طب الإمام الباقر عليه‌السلام خواص بعض الأغذية والعلاجات وآثارها الطبية ، منها : السويق (١٠) ، والحبة السوداء (١١) ، والبيض (١٢) ، والتفاح (١٣) ، والكمثرى (١٤) ، والكمأة (١٥) ، والسلجم (١٦) ، والحجامة (١٧) ،

__________________

(١) طب الأئمّة : ٦٥.

(٢) طب الأئمة : ٦٦.

(٣) طب الأئمة : ٦٨.

(٤) طب الأئمة : ٨١.

(٥) طب الأئمة : ٨٧.

(٦) بحار الأنوار ٥٩ : ٩٦.

(٧) طب الأئمة : ٩٤.

(٨) طب الأئمة : ١١٢ ، بحار الأنوار ٥٩ : ١٥٦.

(٩) بحار الأنوار ٥٩ : ٢٠٧.

(١٠) طب الأئمة : ٦٧.

(١١) طب الأئمة : ٦٨ ، دعائم الإسلام ٢ : ١٤٩ ، بحار الأنوار ٥٩ : ٢٢٨.

(١٢) طب الأئمة : ١٣٠.

(١٣) طب الأئمة : ١٣٥.

(١٤) طب الأئمة : ١٣٥.

(١٥) بحار الأنوار ٥٩ : ٢٠٨.

(١٦) بحار الأنوار ٥٩ : ٢١٤.

(١٧) بحار الأنوار ٥٩ : ١٢٠ و ١٢١.

٢٧٢

والكحل المعروف بكحل أبي جعفر (١) ، وبخور مريم (٢) ، والإدهان بالبان والزنبق أو الرازقي (٣).

وهناك مجموعة إرشادات طبّية أثرت عنه عليه‌السلام ، وهي تدخل في صميم هذا العلم ، منها تشخيصه نوع المرض من خلال الأعراض البادية على الوجه ، كاستدلاله على البواسير من خلال امتقاع لون الوجه البادي على إسحاق الجريري وعلاجه إيّاه (٤).

ونقل عنه عليه‌السلام أصناف طب العرب في قوله : «طب العرب في سبعة : شرطة الحجامة ، والحقنة ، والحمام ، والسعوط ، والقيء ، وشربة عسل ، وآخر الدواء الكي. وربّما يزاد فيه النورة» (٥).

وفي هذا الاتجاه ذكر عليه‌السلام أنّ إخراج الحمى في ثلاثة أشياء : في القيء ، وفي العرق ، وفي إسهال البطن (٦).

وفي حديث آخر ذكر عليه‌السلام «أن القيء يخرج كل داء وعلّة» (٧).

وذكر عليه‌السلام أن خير الدواء الحقنة والسعوط والحجامة والحمام (٨).

وعنه عليه‌السلام أنه قال : «إذا دخلتم أرضاً وبيئةً فكلوا من بصلها ، فإنّه يذهب

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٩ : ١٥٠.

(٢) بحار الأنوار ٥٩ : ١٥٦.

(٣) طب الأئمة : ٩٣ و ٩٤.

(٤) طب الأئمة : ٨١.

(٥) طب الأئمة : ٤ و ٥٥.

(٦) طب الأئمة : ٥٠.

(٧) طب الأئمة : ٦٧.

(٨) طب الأئمة : ٥٧.

٢٧٣

عنك وباءها» (٢).

٩ ـ نماذج من مواعظه ووصاياه ورسائله :

كان الإمام الباقر عليه‌السلام يثير بعض الكلمات في مختلف جوانب المعرفة ، كي يزيد من حالة ارتباط الناس وتواصلهم الروحي والتربوي مع شخصيات الإسلام المتحركة مع كل جيل ، ويجعلهم حاضرين معه في عقولهم وتعاملهم ومجالات حياتهم كلها ، من خلال جملة مواعظه ووصاياه تقعد القواعد المشرقة لآداب السلوك ، وتسهم في تنظيم الأسرة وصيانتها من الانحراف ، وتلبي ما يحتاج إليه الناس في حياتهم على مستوى الفرد والمجتمع.

أولاً ـ المواعظ وقصار الحكم :

ذكرنا في الفصل الرابع السيرة العملية للإمام الباقر عليه‌السلام ، وتتجلى فيها حركة التأصيل للمفاهيم التربوية التي رسمها من خلال خصائص شخصه وتحركه في أوساط الأمة ، ونذكر هنا السيرة القولية المتمثلة بما أدلى به من النصح والارشاد والموعظة والحكمة والوصايا والرسائل التي حرص من خلالها على تقويم سلوك الفرد المسلم ، وغرس بذور الخير والصلاح في النفوس وتقويم اعوجاجها ، واعدادها للسير في مدارج الكمال ، والارتقاء إلى مراحل إيمانية عالية ، وإلى حقيقة اليقين المتمثل بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء ، والرضا بالقضاء.

وقد نالت الحكم المنقولة عنه عليه‌السلام اعجاب الأدباء على مر العصور ، لأنها لوحات جميلة من حيث الشكل والمحتوى ، قال الجاحظ : قد جمع محمد بن علي ابن الحسين صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين ، فقال : «صلاح شأن جميع

__________________

(٣) دعائم الإسلام ٢ : ١٤٩.

٢٧٤

المعايش والتعاشر مل ء مكيال : ثلثاه فطنة ، وثلث تغافل» (١).

وفيما يلي نماذج مختارة من المواعظ البليغة والحكم الرائعة والأقوال الجامعة الواردة عنه عليه‌السلام مرتبة على الحروف :

قال الإمام الباقر عليه‌السلام :

١ ـ «إذا علم اللّه تعالى حسن نيّة من أحد ، اكتنفه بالعصمة» (٢).

٢ ـ «أربع من كنوز البر : كتمان الحاجة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الوجع ، وكتمان المصيبة» (٣).

٣ ـ قال عليه‌السلام لابنه : «اصبر نفسك على الحق ، فانه من منع شيئاً في حق ، أعطى في باطل مثليه» (٤).

٤ ـ «اعرف مودة أخيك لك بما له في قلبك من المودة ، فان القلوب تتكافأ» (٥).

٥ ـ «إن استطعت أن لا تعامل أحداً إلاّ ولك الفضل عليه فافعل» (٦).

٦ ـ «إن أسرع الخير ثواباً البر ، وإن أسرع الشر عقوبة البغي» (٧).

٧ ـ «إن اللّه يتعهّد عبده المؤمن بالبلاء ، كما يتعهّد الغائب أهله

__________________

(١) البيان والتبيين ١ : ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٤ ، كشف الغمة ٢ : ٣٦١.

(٢) أعلام الدين : ٣٠١.

(٣) تحف العقول : ٢٩٥.

(٤) تحف العقول : ٢٩٦.

(٥) تحف العقول : ٢٩٥ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٧ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٤٠.

(٦) تحف العقول : ٢٩٣.

(٧) حلية الأولياء ٣ : ١٨٧ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٣ ، أعلام الدين : ٣٠١ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٤١.

٢٧٥

بالهدية ، ويحميه عن الدنيا كما يحمي الطبيب المريض» (١).

٨ ـ «إن اللّه يحبّ إفشاء السلام» (٢).

٩ ـ «إن اللّه يعطي الدنيا من يحبّ ويبغض ، ولا يعطي دينه إلاّ من يحبّ» (٣).

١٠ ـ «إنّما يُبتلى المؤمن في الدنيا على قدر دينه» (٤).

١١ ـ «إنّ المؤمن أخ المؤمن لايشتمه ولايحرمه ، ولايسيء به الظن» (٥).

١٢ ـ «إنّ هذه الدنيا تعاطاها البرّ والفاجر ، وإن هذا الدين لا يعطيه اللّه إلاّ أهل خاصّته» (٦).

١٣ ـ «إنّي لأكره أن يكون مقدار لسان الرجل فاضلاً على مقدار علمه ، كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلاً على مقدار عقله» (٧).

١٤ ـ «بئس الأخ أخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً» (٨).

١٥ ـ «بئس العبد عبداً يكون ذا وجهين وذا لسانين ، يطري أخاه شاهداً ، ويأكله غائباً ، إن أعطي حسده ، وإن ابتلي خذله» (٩).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٢٥٥ / ١٧ ، تحف العقول : ٣٠٠.

(٢) تحف العقول : ٣٠٠.

(٣) تحف العقول : ٣٠٠.

(٤) الكافي ٢ : ٢٥٣ / ٩.

(٥) تحف العقول : ٢٩٦.

(٦) تحف العقول : ٢٩٧.

(٧) شرح نهج البلاغة ٧ : ٩٢.

(٨) البداية والنهاية ٩ : ٣٤١.

(٩) عقاب الأعمال : ٢٦٩ ، الخصال : ٣٨ / ٢٠ ، معاني الأخبار : ١٨٥ / ١.

٢٧٦

١٦ ـ «ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة : أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم إذا جهل عليك» (١).

١٧ ـ «ثلاث لم يجعل اللّه عزّوجلّ لأحد فيهنّ رخصة : أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبرّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين» (٢).

١٨ ـ «ثلاث من عمل الجاهلية : الفخر بالأنساب ، والطعن في الأحساب ، والاستقساء بالأنواء» (٣).

١٩ ـ «الحياء والإيمان مقرونان في قرن ، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه» (٤).

٢٠ ـ «سلاح اللئام قبح الكلام» (٥).

٢١ ـ «شرّ الآباء من دعاه البرّ إلى الإفراط ، وشرّ الأبناء من دعاه التقصير إلى العقوق» (٦).

٢٢ ـ «صلة الأرحام تزكّي الأعمال ، وتنمّي الأموال ، وتدفع البلوى ، وتيسّر الحساب ، وتنسئ في الأجل» (٧).

__________________

(١) تحف العقول : ٢٩٣.

(٢) الكافي ٢ : ١٦٢ / ١٥.

(٣) معاني الأخبار : ٣٢٦.

(٤) تحف العقول : ٢٩٧.

(٥) حلية الأولياء ٣ : ١٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٨ ، كشف الغمة ٢ : ٣٣٣.

(٦) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠.

(٧) تحف العقول : ٢٩٩.

٢٧٧

٢٣ ـ «صمت الأديب عند اللّه ، أفضل من تسبيح الجاهل» (١).

٢٤ ـ «عليكم بالورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم عليها بَرّاً كان أو فاجراً ، فلو أن قاتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ائتمنني على أمانة لأدّيتها إليه» (٢).

٢٥ ـ «في كلّ قضاء اللّه خير للمؤمن» (٣).

٢٦ ـ «كان لي أخ في عيني عظيم ، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه» (٤).

٢٧ ـ «الكسل يضرّ بالدين والدنيا» (٥).

٢٨ ـ «كفى بالمرء غشّاً لنفسه أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من أمر نفسه ، أو يعيب غيره بما لا يستطيع تركه ، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه» (٦).

٢٩ ـ «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ موسى عليه‌السلام خرج ليقتبس ناراً فرجع نبيّاً مرسلاً» (٧).

٣٠ ـ «كفى العبد من اللّه ناصراً أن يرى عدوّه يعصي اللّه» (٨).

__________________

(١) أعلام الدين : ٩٦.

(٢) تحف العقول : ٢٩٩.

(٣) تحف العقول : ٢٩٣.

(٤) حلية الأولياء ٣ : ١٨٦ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٤٠.

(٥) تحف العقول : ٣٠٠.

(٦) تحف العقول : ٢٩٦ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٧ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٣.

(٧) أعلام الدين : ٣٠١.

(٨) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠.

٢٧٨

٣١ ـ «لا تجالسوا أصحاب الخصومات ، فإنّهم الذين يخوضون في آيات اللّه» (١).

٣٢ ـ «ما استوى رجلان في حسب ودين قط ، إلاّ كان أفضلهما عند اللّه آدبهما» (٢).

٣٣ ـ «ما عرف اللّه من عصاه» (٣).

٣٤ ـ «من أعطي الخلق والرفق فقد أعطي الخير والراحة ، وحسن حاله في دنياه وآخرته ، ومن حرم الخلق والرفق كان ذلك سبيلاً إلى كل شر وبلية إلاّ من عصمه اللّه» (٤).

٣٥ ـ وقيل له عليه‌السلام : من أخسر الناس صفقة؟ فقال عليه‌السلام : «من باع الباقي بالفاني» (٥).

٣٦ ـ «من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيّته زِيد في رزقه ، ومن حسن برّه بأهله زِيد في عمره» (٦).

٣٧ ـ «من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه ، فأما الأمر الظاهر منه مثل الحِدّة والعجلة فلا بأس أن تقوله ، وإن البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه» (٧).

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٥ : ٢٤٦ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٤ ، كشف الغمة ٢ : ٣٣٢.

(٢) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٢.

(٣) تحف العقول : ٢٩٤.

(٤) البداية والنهاية ٩ : ٣٤٠ ، كشف الغمة ٢ : ٣٤٦ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٦.

(٥) البيان والتبيين : ١٥٩.

(٦) تحف العقول : ٢٩٥.

(٧) تحف العقول : ٢٩٨.

٢٧٩

٣٨ ـ «من قسم له الخُرق حجب عنه الإيمان» (٣).

٣٩ ـ «من كان ظاهره أرجح من باطنه خفّ ميزانه» (٤).

٤٠ ـ وقيل له : من أعظم الناس قدراً؟ فقال عليه‌السلام : «من لا يبالي في يد من كانت الدنيا» (٥).

٤١ ـ «من لم يجعل اللّه له من نفسه واعظاً ، فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً» (٦).

٤٢ ـ وقال جرير بن يزيد : قلت لمحمد بن علي بن حسين عليهم‌السلام : «عظني. قال : يا جرير ، اجعل الدنيا مالاً أصبته في منامك ثم انتبهت وليس معك منه شيء» (٧).

ثانياً ـ الوصايا :

ترك الإمام الباقر عليه‌السلام وصايا كثيرة حافلة بالحكم والمعارف والآداب ، حرص من خلالها على التوجيه والإصلاح ، والحفاظ على الشريعة الغراء ، وكان منها عدة وصايا لأولاده ولأصحابه سيما جابر الجعفي ، ونقل عدة وصايا من كتاب التوراة ، وعن أبيه السجاد عليه‌السلام ، وعن جده رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيما يلي نماذج منها :

__________________

(١) تحف العقول : ٢٩٦.

(٢) تحف العقول : ٢٩٤.

(٣) البيان والتبيين : ١٥٩ ، أعلام الدين : ٣٠٢ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٤٠.

(٤) تحف العقول : ٢٩٤.

(٥) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٢.

٢٨٠