شرح الحلقة الثّالثة - ج ١

الشيخ حسن محمّد فيّاض حسين العاملي

شرح الحلقة الثّالثة - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن محمّد فيّاض حسين العاملي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٨

الشرعيّة يصدرها الشارع ويجعلها من دون أن ينظر إلى تحقّق الموضوع في الخارج وعدمه ؛ لأنّه يجعلها على نهج القضيّة الحقيقيّة التي يكون الموضوع فيها مقدّرا ومفترضا ، سواء كان موجودا في الخارج فعلا أم لا ؛ لأنّه يكفي في صدق القضيّة الشرطيّة صدق طرفيها في عالم الذهن.

وعلى هذا فتكون الشموليّة وتكثّر الحكم في الإطلاق الشمولي ثابتة في مرتبة تختلف عن المرتبة التي هي مفاد الدليل الشرعي والخطاب المولوي ، فإنّ الخطاب مفاده ومدلوله إنّما هو عالم الجعل وفي هذا العالم الحكم والموضوع واحد ، بينما الشموليّة والتكثّر إنّما هي في عالم المجعول أي فعليّة الحكم التابعة لفعليّة الموضوع بعد تحقّق كلّ قيوده وشروطه.

ومن هنا صحّ القول بأنّ السريان بمعنى تعدّد الحكم وتكثّره الثابت بقرينة الحكمة ليس من شئون مدلول الكلام ، بل هو من شئون عالم التحليل والمجعول.

وحاصل الكلام : أنّ السريان والشموليّة التي تعني تكثّر الحكم وتعدّده بعد جريان قرينة الحكمة لإثبات أنّ الموضوع هو الطبيعة من دون قيد ، ليس من شئون مدلول الكلام ؛ لأنّ الكلام لا يدلّ على أكثر من ثبوت الحكم للموضوع ، والموضوع هو الطبيعة وهي واحدة ، فالحكم الثابت لها واحد أيضا.

إذا فلا شموليّة ولا تكثّر بلحاظ مدلول الكلام ومفاده ؛ لأنّ المدلول والمفاد ينظران إلى عالم الجعل والإنشاء والتشريع ، بل السريان والشمول والتكثّر في الحكم من شئون عالم المجعول ، أي فعليّة الموضوع وتحقّقه في الخارج المتوقّف على تحقّق الشروط والقيود المأخوذة في الموضوع. فكلّما تحقّق مصداق للموضوع ثبت له الحكم وهذا في عالم المجعول والفعليّة ، فهناك أحكام عديدة بالتحليل العقلي وإن كان مفاد الكلام حكما واحدا.

* * *

٤٨١
٤٨٢

أدوات العموم

٤٨٣
٤٨٤

أدوات العموم

تعريف العموم وأقسامه :

العموم : هو الاستيعاب المدلول عليه باللفظ ، وباشتراط أن يكون مدلولا عليه باللفظ يخرج المطلق الشمولي ، فإنّ الشموليّة فيه ليست مدلولة للكلام ؛ لأنّها من شئون عالم المجعول ، والكلام إنّما ينظر إلى عالم الجعل ، خلافا للعامّ فإنّ تكثّر الأفراد فيه ملحوظ في نفس مدلول الكلام وفي عالم الجعل.

عرّف السيّد الشهيد العموم بقوله : ( هو الاستيعاب المدلول عليه باللفظ ) من قبيل ( أكرم كلّ عالم ) ، فإنّ شمول الحكم لكلّ أفراد العالم وتعدّد الحكم وتكثّره تبعا ما للموضوع من أفراد ومصاديق إنّما هو بدلالة لفظة ( كلّ ) على العموم والشمول والتكثّر.

وهذا معناه أنّ الاستيعاب والشمول هنا مدلول اللفظ والكلام ، فيكون العموم مفادا للدليل ، وحيث إنّ مفاد الدليل هو عالم الجعل واللحاظ فيكون المتكلّم قد لاحظ الشمول والتكثّر والاستيعاب في مرحلة سابقة عن المجعول.

وبهذا يظهر فرق العموم عن الاطلاق الشمولي وإن كانا معا يفيدان الاستيعاب والشمول والتكثّر ، إلا أنّ الإطلاق الشمولي يدلّ على الاستيعاب بتوسّط قرينة الحكمة ، ولذلك لا يكون الاستيعاب المدلول عليه بالإطلاق مدلولا للّفظ ؛ لأنّ اللفظ لا يدلّ إلا على الطبيعة والماهيّة مجرّدة عن القيود ، بل الاستيعاب فيه بلحاظ عالم التحليل العقلي والمجعول ، كما تقدّم في التنبيه الرابع من تنبيهات الإطلاق.

وأمّا العموم فهو مدلول لفظي للكلام حيث يوجد ما يدلّ عليه في الكلام ، ولذلك فهو موجود في عالم التصوّر والوضع ، وعالم الجعل والتشريع.

٤٨٥

ولذلك كان قيد ( المدلول عليه باللفظ ) مخرجا للإطلاق الشمولي ؛ لأنّه ليس مدلولا للّفظ بل هو مدلول لقرينة الحكمة وعالم المجعول والفعليّة (١).

ودلالة الكلام على الاستيعاب تفترض عادة دالّين :

أحدهما : يدلّ على نفس الاستيعاب ، ويسمّى بأداة العموم.

والآخر : يدلّ على المفهوم المستوعب لأفراده ، ويسمّى بمدخول الأداة.

ففي قولنا ( أكرم كلّ فقير ) الدالّ على الاستيعاب كلمة ( كلّ ) ، والدالّ على المفهوم المستوعب لأفراده كلمة ( فقير ).

ثمّ إنّ الدلالة على الاستيعاب والعموم تفترض عادة وجود دالّين ، وهذا يتمّ في الأدوات التي تدلّ على الاستيعاب والعموم بنحو المعنى الاسمي ، من قبيل ( أكرم كلّ عالم ) حيث نحتاج إلى دالّ على الاستيعاب وإلى مدخول لأداة العموم فقط.

وأمّا في الأدوات التي تدلّ على الاستيعاب والعموم بنحو المعنى الحرفي فالدلالة تحتاج إلى ثلاثة دوالّ هي : الأداة والمدخول والنسبة.

ففي الأدوات الدالّة على الاستيعاب بنحو المعنى الاسمي يوجد دالاّن هما :

الأوّل : الدالّ الذي يدلّ على الاستيعاب والعموم ويسمّى بأداة العموم من قبيل كلمة ( كلّ ) في قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) ، فإنّ الدالّ على الاستيعاب هنا هو كلمة ( كلّ ) ؛ لأنّها موضوعة لغة للعموم والاستيعاب. فإذا لم يكن هذا الدالّ موجودا فلا استيعاب ولا عموم من قبيل المركّبات والأعداد ، كالعشرة فإنّها تشمل أفرادها لا من باب العموم بل من باب دلالة الشيء على نفسه وأجزائه التي يتركّب منها ، فإنّ هذه الأجزاء صفة واقعيّة للعشرة إذا فقد جزء منها تنعدم العشرة.

وثانيا : الدالّ الذي يدلّ على المفهوم المستوعب لأفراده ويسمّى بمدخول الأداة من قبيل كلمة ( فقير ) في قولنا : ( أكرم كلّ فقير ) فإنّ الدالّ على المفهوم الذي استوعب أفراده هو كلمة ( فقير ).

__________________

(١) ويمكن تعريف العامّ بقولنا : ( هو استيعاب مفهوم وضعا لمفهوم آخر ) ، فإنّ كلمة ( كلّ ) تستوعب كلّ أفراد مفهوم ( العالم ) في قولنا : ( أكرم كل عالم ) ، فالعموم سنخ مفهوم يدخل على مفهوم آخر فيستوعب أفراده التي ينطبق عليها.

٤٨٦

فالدلالة على العموم تعتمد عادة على هذين الدالّين ، فإذا فقد أحدهما لم يكن هناك عموم واستيعاب.

وأداة العموم الدالّة على الاستيعاب : تارة تكون اسما وتدلّ على الاستيعاب بما هو مفهوم اسمي كما في ( كلّ ) و ( جميع ) وكافّة وعامّة ) ، وأخرى تكون حرفا وتدلّ عليه بما هو نسبة استيعابيّة كما في ( لام الجمع ) في قولنا : ( العلماء ) بناء على أنّ الجمع المعرّف بـ ( اللام ) يدلّ على العموم ، فإنّ أداة العموم فيه هي ( اللام ) ، واللام حرف ، فإذا دلّت على الاستيعاب فهي إنّما تدلّ عليه بما هو نسبة. وسيأتي تصوير ذلك إن شاء الله تعالى.

تنقسم الأدوات الدالّة على العموم إلى قسمين :

الأوّل : الأدوات الدالّة على العموم بنحو المعنى الاسمي فتكون دالّة على الاستيعاب والعموم بما هو مفهوم اسمي ، من قبيل دلالة ( كلّ وجميع وكافّة وعامّة ) ، فإنّ هذه الألفاظ موضوعة لغة للدلالة على العموم ، وبما أنّها أسماء فهي تدلّ على العموم بنحو المعنى الاسمي ، أي على مفهوم العموم والاستيعاب بما هو صورة ذهنيّة يمكن أن يتصوّر مستقلاّ عن الطرفين والنسبة.

فكلمة ( كلّ ) مثلا موضوعة لغة لمفهوم العموم والاستيعاب ، سواء كانت ضمن طرفين أو لا ، ولذلك لا تحتاج إلى النسبة والطرفين في الخارج ، بل هي كصورة ومفهوم تدلّ على العموم ، ولذلك يصحّ وضع كلمة ( عموم ) مكانها.

نعم ، يختلف نحو دلالتها على العموم باختلاف مدخولها ، فتارة تدلّ على استيعاب الأجزاء من قبيل ( اقرأ كلّ الكتاب ) ، وأخرى تدلّ على استيعاب الأفراد من قبيل ( اقرأ كلّ كتاب ). وسيأتي توضيح ذلك.

الثاني : الأدوات الدالّة على العموم بنحو المعنى الحرفي فتكون دالّة على النسبة الاستيعابيّة ، ولذلك فهي تحتاج دائما إلى الطرفين ؛ لأنّ النسبة يستحيل تعقّلها من دون طرفين كما تقدّم في بحث المعاني الحرفيّة.

فمثلا ( الألف ) و ( اللام ) في الجمع تدلّ على العموم بنحو المعنى الحرفي في قولنا : ( أكرم العلماء ) ، ودلالتها عليه بنحو النسبة الاستيعابيّة ؛ لأنّ الحروف موضوعة لغة للنسب باختلاف أنحائها ، فتكون ( الألف ) و ( اللام ) الداخلة على الجمع ـ بناء على

٤٨٧

دلالتها على العموم حيث يوجد خلاف فيها كما سيأتي توضيحه ـ دالّة على العموم بنحو المعنى الحرفي الذي يستحيل تعقّله من دون طرفين.

أقسام العموم :

ثمّ إنّ العموم ينقسم إلى الاستغراقي والبدلي والمجموعي ؛ لأنّ الاستيعاب لكلّ أفراد المفهوم يعني مجموعة تطبيقاته على أفراده ، وهذه التطبيقات : تارة تلحظ عرضيّة ، وأخرى تبادليّة ، فالثاني هو البدلي ، والأوّل إن لوحظت فيه عناية وحدة تلك التطبيقات فهو المجموعي ، وإلا فهو عموم استغراقي.

ينقسم العموم إلى ثلاثة أقسام هي :

الأوّل : العموم الاستغراقي من قبيل ( أكرم كلّ عالم ) ، فإنّ أداة العموم هنا تدلّ على استيعاب كلّ أفراد مفهوم العالم ، بنحو يكون هناك وجوبات وامتثالات متعدّدة بتعدّد ما للعالم من أفراد ، وهذا هو معنى الشموليّة والاستغراقيّة.

الثاني : العموم البدلي من قبيل ( أكرم أيّ عالم ) ، فإنّ أداة العموم تدلّ على استيعاب أفراد العالم بنحو البدليّة ، بمعنى أنّه يكفي تطبيق الحكم على أي فرد من أفراد العالم ، وهذا معناه أنّ الحكم واحد فقط غاية الأمر أنّه توجد عدّة تطبيقات يمكن تطبيق الحكم على واحد منها. فالحكم ثابت لكلّ الأفراد ولكن على سبيل البدل.

الثالث : العموم المجموعي من قبيل ( أكرم كلّ عشرة من العلماء ) فهنا تدلّ الأداة على استيعاب مجموع أجزاء العشرة بنحو يكون إكرام العشرة بكاملها امتثالا واحدا والتخلّف عن واحد منها بمثابة التخلّف عنها جميعا ، فالحكم واحد بالنسبة للعشرة بنحو يكون مجموع العشرة موضوعا

واحدا للحكم ، كالاعتقاد بالأئمّة الاثني عشر مثلا.

والوجه في هذا التقسيم هو : أنّ العموم أو الاستيعاب معناه تطبيق المفهوم على أفراده ، وحينئذ نقول :

تارة تكون تطبيقات المفهوم على أفراده في عرض واحد بحيث تكون نسبة المفهوم إلى أفراده نسبة التساوي وكلّها تمثّله على حدّ سواء من دون أولويّة لبعضها على البعض الآخر.

٤٨٨

وأخرى تكون تطبيقات المفهوم على أفراده طوليّة ، بمعنى أنّ بعضها يكون بديلا عن البعض الآخر في حالة عدم وجوده أو عند عدم تطبيق المفهوم عليه.

فإذا كانت التطبيقات في مرتبة طوليّة تبادليّة كان العموم بدليّا من قبيل ( أكرم أيّ عالم ) أي أنّ كلّ فرد من أفراد العالم يمكن تطبيق المفهوم عليه ويكون صالحا لذلك ، إلا أنّه لا يجب التطبيق عليها جميعا ، بل يكفي تطبيقه على واحد منها فقط على نحو يكون له بدل في حالة عدم تطبيق المفهوم عليه.

وأمّا إذا كانت التطبيقات على الأفراد في مرتبة عرضيّة أي الأفراد كلّها كانت في رتبة واحدة ، فهنا إذا كان هناك عناية توجب كون هذه التطبيقات العرضيّة للأفراد بنحو واحد أي الأفراد مجتمعة معا كان العموم مجموعيّا ، من قبيل ( أكرم مجموع العلماء ) أو ( أكرم كلّ عشرة من العلماء ). وإذا لم يكن هناك عناية زائدة كانت التطبيقات العرضيّة على الأفراد بنحو الاستقلال أي لكلّ فرد منها تطبيق مستقلّ عن الآخر ، فالعموم استغراقي من قبيل ( أكرم كلّ عالم ) أي كلّ فرد فرد مستقلاّ عن الآخر.

وقد يقال (١) : إنّ انقسام العموم إلى هذه الأقسام إنّما هو في مرحلة تعلّق الحكم به ؛ لأنّ الحكم إن كان متكثّرا بتكثّر الأفراد فهو استغراقي ، وإن كان واحدا ويكتفى في امتثاله بأيّ فرد من الأفراد فهو بدلي ، وإن كان يقتضي الجمع بين الأفراد فهو مجموعي.

ذكر صاحب ( الكفاية ) أنّ هذه الأقسام الثلاثة المذكورة لا ترجع إلى العموم ، فإنّ العموم فيها بمعنى واحد وهو شمول المفهوم لما يصلح أن ينطبق عليه من الأفراد للمدخول ، فإنّ المدخول في الثلاثة يصلح لأن ينطبق على كلّ أفراده. فلا فرق بين قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) و ( أكرم أيّ عالم ) و ( أكرم مجموع العلماء ) من ناحية كون العموم فيها جميعا بالنحو الذي ذكرناه.

نعم ، يأتي هذا التقسيم بلحاظ تعلّق الحكم وكيفيّته في عالم الجعل والتشريع.

وتوضيحه : أنّ الحكم إن كان متعدّدا ومتكثّرا بلحاظ تعدّد وتكثّر الأفراد بحيث يكون لكلّ فرد امتثالا وعصيانا خاصّا به كان الحكم بنحو العموم الاستغراقي.

__________________

(١) قاله المحقّق الخراساني في كفاية الأصول : ٢٥٣.

٤٨٩

وإن كان الحكم واحدا وقد تعلّق بالموضوع بنحو يكتفى بفرد من أفراده على نحو البدل ويكون امتثال الفرد الأوّل مجزيا عن غيره فالعموم بدلي.

وإن كان الحكم واحدا ولكنّه يقتضي الجمع بين أفراد الموضوع بحيث يكون الجميع بقوّة امتثال واحد ، فإذا أخلّ ببعضها لم يتحقّق الامتثال أصلا كان العموم مجموعيّا.

والحاصل : أنّ هذه الأقسام الثلاثة راجعة إلى كيفيّة لحاظ المولى لحكمه ، وهل هو حكم واحد على موضوع واحد أو هو حكم واحد على موضوع متعدّد بنحو يكون مجموع الأفراد موضوع الحكم ، أو هو أحكام متعدّدة بتعدّد أفراد الموضوع؟

وأمّا إذا لم يكن هناك حكم فهذه الصور الثلاث تفيد معنى واحدا ، وهو العموم بمعنى شمول المفهوم لكلّ ما يصلح أن ينطبق عليه من الأفراد.

ولكنّ الصحيح : أنّ هذا الانقسام يمكن افتراضه بقطع النظر عن ورود الحكم ؛ لوضوح الفرق بين التصوّرات التي تعطيها كلمات من قبيل ( جميع العلماء ) و ( أحد العلماء ) و ( مجموع العلماء ) ، حتّى لو لوحظت بما هي كلمات مفردة وبدون افتراض حكم ، فالاستغراقيّة والبدليّة والمجموعية تعبّر عن ثلاث صور ذهنيّة للعموم ينسجها ذهن المتكلّم وفقا لغرضه ؛ توطئة لجعل الحكم المناسب عليها.

إلا أنّ الصحيح هو أنّ هذه الأقسام الثلاثة إنّما هي تقسيمات للعموم نفسه ، سواء كان هناك حكم أم لا ، وليس مردّها إلى كيفيّة تعلّق الحكم ولحاظ المولى ، وذلك لوضوح الفرق بين الصور الذهنيّة التي تعطيها هذه الكلمات الثلاث الدالّة على الاستغراقيّة والبدليّة والمجموعيّة ، فإنّ ( جميع العلماء ) يدلّ على صورة ذهنيّة ، وهي كلّ أفراد العلماء تختلف عن الصورة الذهنيّة التي تعطيها كلمة ( مجموع العلماء ) ، فإنّها تدلّ على صفة معيّنة لهؤلاء الأفراد من العلماء وهي كونهم منضمّين ومجتمعين معا ، وتختلف عن الصورة الذهنيّة التي تعطيها كلمة ( أيّ عالم ) فإنّها تدلّ على فرد ما من أفراد العلماء غير معيّن ولا محدّد.

إذا هذه الصور الذهنيّة المختلفة موجودة في عالم الذهن قبل أن يطرأ الحكم على الموضوع ؛ لأنّ الحكم ينصبّ على الصورة الذهنيّة فيلزم أن تكون موجودة قبله لا بعده.

٤٩٠

وبتعبير آخر : أنّ الحكم ينصبّ على ما هو ثابت وموجود في الذهن ، فإذا لم يكن هناك اختلاف في الذهن بين هذه الصورة الثلاث فكيف حصل الاختلاف بينها بعد تعلّق الحكم بها؟! إذ الحكم في عالم الجعل واحد كما تقدّم.

وهذا يستلزم افتراض أنّ الصور الذهنيّة مختلفة فيما بينها من أوّل الأمر ثمّ يتعلّق بها الحكم بما هي كذلك ، فيستنتج منه تكثّر الحكم لكلّ الأفراد أو لمجموع الأفراد أو لأحد الأفراد.

والحاصل : أنّ الاستغراقيّة والمجموعيّة والبدليّة تعبّر عن صور ذهنيّة يخترعها الذهن وإن لم يكن هناك حكم أصلا ، وبعد ذلك تقع موضوعا للحكم فيختلف باختلافها ، ولا يمكن أن تختلف الصور باختلاف الحكم ؛ لأنّ المفروض أنّ الحكم واحد في الجميع وهو ( وجوب الإكرام ).

* * *

٤٩١
٤٩٢

نحو دلالة أدوات العموم

٤٩٣
٤٩٤

نحو دلالة أدوات العموم

لا شكّ في وجود أدوات تدلّ على العموم بالوضع ككلمة ( كلّ ) و ( جميع ) ونحوهما من الألفاظ الخاصّة بإفادة الاستيعاب ، غير أنّ النقطة الجديرة بالبحث فيها وفي كلّ ما يثبت أنّه من أدوات العموم هي : أنّ إسراء الحكم إلى تمام أفراد مدخول الأداة ـ أي ( عالم ) مثلا في قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) ـ هل يتوقّف على إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة في المدخول ، أو أنّ دخول أداة العموم على الكلمة يغنيها عن قرينة الحكمة وتتولّى الأداة نفسها دور تلك القرينة؟

لا إشكال في أنّه توجد أدوات موضوعة لغة لإفادة العموم والاستيعاب من قبيل كلمة ( كلّ وجميع وعامّة وكافّة وقاطبة وعموم وأي ومجموع ) ... إلى آخره ) ، وهذا مما لا شكّ فيه ، وليس هو محلّ الكلام فعلا ، وإنّما الجدير بالبحث هنا هو أنّ العموم معناه استيعاب مفهوم لأفراد مفهوم آخر ، وهذا معناه أنّ الحكم يسري ويشمل كلّ الأفراد ابتداء ومن أوّل الأمر.

فإذا قلنا : ( أكرم كلّ عالم ) كانت الأداة دالّة على إرادة كلّ الأفراد من مدخولها الذي هو العالم. والسؤال هنا هو : هل سريان الحكم إلى الأفراد يتوقّف على إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة في المدخول ليثبت أنّ الأداة قد دخلت على الطبيعة والماهيّة من دون قيد فتستوعب كلّ أفرادها ، أو أنّ سريان الحكم للأفراد يكفي فيه دخول أداة العموم على المدخول ولا تحتاج إلى إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة ، فتكون نفس الأداة تفيد الاستيعاب لكلّ الأفراد بنفسها لغة ووضعا ، فتكون الأداة قد قامت بدور قرينة الحكمة بنفسها واستغنت عنها؟

وجهان بل قولان في المسألة ، ولكلّ وجه منشأ يعتمد عليه ، وهو :

٤٩٥

وظاهر كلام صاحب ( الكفاية ) (١) رحمه‌الله أنّ كلا الوجهين ممكن من الناحية النظريّة ؛ لأنّ أداة العموم إذا كانت موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول تعيّن الوجه الأوّل ؛ لأنّ المراد بالمدخول لا يعرف حينئذ من ناحية الأداة ، بل من قرينة الحكمة. وإذا كانت موضوعة لاستيعاب تمام ما يصلح المدخول للانطباق عليه تعيّن الوجه الثاني ؛ لأن مفاد المدخول صالح ذاتا للانطباق على تمام الأفراد ، فيتمّ تطبيقه عليها فعلا بتوسّط الأداة مباشرة ، وقد استظهر ـ بحقّ ـ الوجه الثاني.

ذكر صاحب ( الكفاية ) أنّ كلا الوجهين المذكورين من احتياج أدوات العموم إلى قرينة الحكمة وعدم احتياجها إليها ممكن ثبوتا من الناحية النظريّة والتحليل العقلي ؛ وذلك على أساس وجود احتمالين في تفسير المعنى الموضوع له في أدوات العموم. فهنا وجهان :

الأوّل : أن تكون أدوات العموم موضوعة لغة لاستيعاب ما يراد من المدخول ، فهنا يتعيّن الوجه الأوّل من كون الأدوات تحتاج إلى الإطلاق وقرينة الحكمة ؛ وذلك لأنّ المراد مفاد للدلالة التصديقيّة الثانية ، أي الإرادة الجديّة والتي تعتمد على ظهور حال المتكلّم في أنّه في مقام البيان والتفهيم لتمام موضوع الحكم واقعا وثبوتا.

فهنا لا بدّ من تحديد المراد من المفهوم أوّلا وأنّه الطبيعة بما هي هي أو الطبيعة المقيّدة ، فبعد إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة يثبت أنّ المدخول للأداة هو ذات الطبيعة والماهيّة مجرّدة عن أي قيد ، فيثبت أنّ الأداة قد استوعبت كلّ الأفراد لهذه الطبيعة والماهيّة التي لم يؤخذ فيها قيد.

والحاجة إلى قرينة الحكمة على هذا الاحتمال واضحة ؛ إذ قد يكون المدخول مقيّدا وقد يكون مطلقا ؛ لأن وضع الأداة في كلتا الصورتين واحد وهو استيعاب ما يراد من المدخول ، فقد يراد الأفراد لهذا المفهوم المقيّد أو لذاك المفهوم المطلق ، فتحديد المراد لا بدّ أن يتمّ في مرحلة لاحقة عن أداة العموم ؛ ليعرف ما المراد من المدخول الذي أريد استيعاب تمام أفراده.

وهذا الوجه ذهب إليه المحقّق النائيني وجماعة.

الثاني : أن تكون أدوات العموم موضوعة لغة لاستيعاب تمام ما يصلح المدخول

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٥٤.

٤٩٦

للانطباق عليه ، فهنا يتعيّن الوجه الثاني من كون أدوات العموم غير محتاجة إلى قرينة الحكمة ، بل تقوم هي نفسها بدور هذه القرينة ؛ وذلك لأنّ المدخول ـ وهو اسم الجنس ـ موضوع لغة للماهيّة والطبيعة مجرّدة عن الإطلاق والتقييد.

وقد تقدّم سابقا أنّ الطبيعة والماهيّة من لوازمها الذاتيّة أنّ لها قابليّة للشمول والانطباق على كلّ فرد تنحفظ فيه الماهيّة ، ولذلك قلنا : إنّ الإطلاق لازم ذاتي للماهيّة لا ينفكّ عنها حتّى مع وجود الدليل على التقييد ؛ لأنّ الإطلاق يراد به الصلاحيّة والقابليّة للانطباق على كلّ الأفراد.

ومن هنا كان المدخول بنفسه صالحا للانطباق على كلّ الأفراد التي تتضمّن هذا المفهوم. وعليه ، فتكون أداة العموم بنفسها دالّة على استيعاب كلّ الأفراد التي يصلح المفهوم ـ الذي دخلت عليه ـ للانطباق عليها ؛ لأنّ هذه القابليّة ذاتيّة للمفهوم الذي هو مدخول الأداة ، ولذلك لا تحتاج إلى قرينة الحكمة أصلا ، بل هي تدلّ على تمام الأفراد التي يصلح الانطباق عليها ابتداء ومباشرة ، سواء كان مقيّدا بوصف أو بعدمه.

ثمّ إنّ صاحب ( الكفاية ) قد استظهر الوجه الثاني ، وهو الصحيح والمختار عند السيّد الشهيد. إلا أنّ الاستظهار إثباتا لا يكفي دليلا لتعيين أحد الوجهين دون الآخر ، ولذلك لا بدّ من البرهنة على ذلك فنقول :

وقد يبرهن على إبطال الوجه الأوّل ببرهانين :

البرهان الأوّل (١) : لزوم اللغويّة منه ، كما تقدّم توضيحه في الحلقة السابقة (٢).

ذكر السيّد الخوئي برهانا يبطل فيه الوجه الأوّل من كون الأداة متوقّفة على قرينة الحكمة في الدلالة على الاستيعاب والعموم ؛ وذلك للزوم اللغويّة. ومحذور اللغويّة ذكره في مقامين :

المقام الأوّل : محذور اللغويّة في وضع الأداة للعموم من قبل الواضع ، وتوضيحه : أنّ أدوات العموم ما دامت محتاجة إلى قرينة الحكمة للدلالة وضعا على الاستيعاب ، بمعنى أنّه لا بدّ من جريان قرينة الحكمة أوّلا في المدخول ثمّ بعد ذلك تدلّ الأداة على الاستيعاب ، لأمكن الاستغناء عنها عند جريان الإطلاق وقرينة الحكمة ؛ لأنّ قرينة

__________________

(١) جاء هذا البرهان في المحاضرات ٥ : ١٥٩.

(٢) في بحث العموم ، تحت عنوان : أدوات العموم ونحو دلالتها.

٤٩٧

الحكمة بعد جريانها تثبت أنّ الطبيعة لم يؤخذ فيها قيد فهي تشمل كلّ الأفراد الواجدة للقيد والفاقدة له.

وحينئذ لا يكون هناك فائدة من وضع أدوات للعموم ؛ لأنّ العموم والاستيعاب قد تمّ وحصل بواسطة قرينة الحكمة ، فكانت الأدوات موضوعة لما هو حاصل ومتحقّق فعلا فيكون وضعها لغوا.

ولا يمكن أن نتصوّر كونها مؤكّدة للعموم والاستيعاب ؛ لأنّ الرتبة مختلفة بين أداة العموم وقرينة الحكمة مع أنّ الأداة تدلّ على العموم تصوّرا ، بينما قرينة الحكمة تدلّ عليه تصديقا ، ومعه لا يتعقّل التأكيد لاستلزامه وحدة الرتبة بين المؤكّد والمؤكّد وهي هنا مختلفة.

المقام الثاني : لزوم اللغويّة في مقام الاستعمال والتفهيم للمراد الجدّي من قبل المتكلّم ؛ لأنّ العموم لا وجود له قبل قرينة الحكمة على هذا الوجه فيكون استعمال أداة العموم بلا معنى.

والعموم المستفاد من الكلام إنّما هو بقرينة الحكمة وهو غير العموم وضعا وتصوّرا ؛ لأنّها تدلّ على العموم تصديقا وجدّا. فلا فائدة من استعمال أداة العموم ؛ لأنّها من دون قرينة الحكمة لا تفيد الاستيعاب ، ومعها يكون الاستيعاب لقرينة الحكمة لا للأداة. فكان استعمالها لغوا باطلا.

ولكنّ التحقيق عدم تماميّة هذا البرهان ؛ لعدم لزوم لغويّة وضع الأداة للعموم من قبل الواضع ، ولا لغويّة استعمالها في مقام التفهيم من قبل المتكلّم.

والتحقيق : أنّ هذا البرهان غير تامّ ؛ لأنّه لغويّة لا في عالم الوضع من قبل الواضع ، ولا في عالم الاستعمال من قبل المتكلّم ؛ وذلك لوجود فائدة يمكن على أساسها تصحيح الوضع والاستعمال ، وتوضيح ذلك :

وذلك لأنّ العموم والإطلاق ليس مفادهما مفهوما وتصوّرا شيء واحد ، فإنّ أداة العموم مفادها الاستيعاب وإرادة الأفراد في مرحلة مدلول الخطاب ، وأمّا قرينة الحكمة فلا تفيد الاستيعاب ولا ترى الأفراد في مرحلة مدلول الخطاب ، بل تفيد نفي الخصوصيّات ولحاظ الطبيعة مجرّدة عنها ، فالتكثّر ملحوظ في العموم ، بينما الملحوظ في الإطلاق ذات الطبيعة.

٤٩٨

إنّ محذور اللغويّة المذكور لا مورد له هنا ؛ لأنّه يكفي في رفع اللغويّة أن يكون أحد المفهومين مؤكّدا للآخر أو تكون الصورة الذهنيّة في أحدهما مختلفة عن الصورة الذهنيّة في الآخر وإن كان بينهما في عالم الصدق الخارجي تصادق.

فإذا استطعنا أن نثبت أحد هذين الأمرين بين أدوات العموم وبين قرينة الحكمة لم يكن هناك محذور في وجودهما معا بلحاظ الاستعمال ولم يكن هناك محذور في وضع أدوات العموم.

وفي مقامنا يوجد كلا النحوين الرافعين لمحذور اللغويّة في الوضع والاستعمال.

ولتوضيح ذلك نقول : إنّ العموم المدلول عليه بأدوات العموم مفاده التصوّري الاستيعاب والشمول لكلّ الأفراد بنحو يكون المفهوم الموجود في الذهن يري الأفراد ويكشف عنها ، فتكون الأفراد موجودة تصوّرا ومفهوما عند الدلالة على العموم بأدوات العموم ، فإذا قيل : ( أكرم كلّ عالم ) كانت الصورة الذهنيّة لكلمة ( كلّ ) هي الشمول والاستيعاب لكلّ الأفراد فكان لها دلالة تصوّريّة وضعيّة على الأفراد ، وأنّ الأفراد هي الصورة الذهنيّة التي تحكي عنها أداة العموم. فعلى مستوى مفاد الخطاب ومدلوله التصوّري كان هناك استيعاب وشمول لكلّ الأفراد.

وأمّا العموم المدلول عليه بقرينة الحكمة فهو ليس مفادا ومدلولا تصوّريّا للخطاب ؛ لأنّ قرينة الحكمة تفيد الشمول والاستيعاب في مرحلة الدلالة التصديقيّة الثانية عند تحديد المراد الجدّي للمتكلّم.

فإذا قيل مثلا : ( أكرم العالم ) وجرت قرينة الحكمة ثبت أنّ المراد الجدّي هو ماهيّة العالم والطبيعة المجرّدة عن القيود والخصوصيّات ، فيستفاد من قرينة الحكمة العموم بمعنى نفي القيود والخصوصيّات ، وبمعنى أنّ المدلول التصوّري للخطاب هو ذات الطبيعة والماهيّة من دون قيد ، ولا ترى قرينة الحكمة الأفراد في مرحلة المدلول التصوّري ، وإنّما الأفراد تتعيّن في مرحلة المدلول التصديقي والمراد الجدّي.

والحاصل : أنّه يوجد فرق بين العموم المستفاد من أدوات العموم وبين العموم المستفاد من قرينة الحكمة ، وهو أنّ العموم في أدوات العموم مدلول تصوّري للخطاب ، والأدوات ترى الأفراد تصوّرا ومفهوما.

بينما العموم في قرينة الحكمة مدلول تصديقي للخطاب ، وهي لا ترى تصوّرا

٤٩٩

ومفهوما إلا ذات الطبيعة والماهيّة من دون أخذ القيود والخصوصيّات ، فيكون التكثّر في الأدوات ملحوظا تصوّرا بينما الملحوظ تصوّرا في قرينة الحكمة هو الطبيعة والماهيّة ذاتها.

وعندئذ نقول :

وهذا يكفي لتصحيح الوضع حتّى لو لم ينته إلى نتيجة عمليّة بالنسبة الى الحكم الشرعي ؛ لأنّ الفائدة المترتّبة من الوضع إنّما هي إفادة المعاني المختلفة. وكذلك يكفي لتصحيح الاستعمال ؛ إذ قد يتعلّق غرض المستعمل بإفادة التكثّر بنفس مدلول الخطاب.

وبهذا يظهر أنّه لا لغويّة لأدوات العموم لا في الوضع ولا في الاستعمال.

أمّا أنّه لا لغويّة في الوضع فلأنّه يكفي في وضع الألفاظ للمعاني أن تكون هذه المعاني مختلفة ومتغايرة تصوّرا ، بحيث تكون الصورة الذهنيّة لهذا المعنى غير تلك الصورة للمعنى الآخر. وإن كان بينهما تصادق واتّحاد تامّ في الخارج فإنّ الصدق الخارجي بين المعاني لا يضرّ في كونها مختلفة ومتغايرة تصوّرا ومفهوما ، من قبيل ( الإنسان والناطق ) فإنّ الصورة الذهنيّة مختلفة بينهما لكنّهما في عالم الصدق الخارجي متساويان.

وفي مقامنا الصورة الذهنيّة لأدوات العموم هي العموم والاستيعاب للأفراد تصوّرا ، بينما الصورة الذهنيّة لقرينة الحكمة هي ذات الماهيّة والطبيعة ، فلم يكن هناك لغويّة في وضع أدوات العموم ؛ لأنّ الصورة الذهنيّة تختلف عن الصورة الذهنيّة لقرينة الحكمة وإن كان بينهما اتّحاد وتصادق في عالم الصدق الخارجي ؛ إذ لا فرق في الخارج بين العموم المستفاد من الأداة والعموم المستفاد من قرينة الحكمة في كونهما معا يدلاّن على الاستيعاب لكلّ الأفراد.

وأمّا أنّه لا لغويّة في الاستعمال فلأنّه يكفي في تصحيح استعمالهما معا في خطاب واحد أن يكون هناك غرض للمتكلّم من وراء استعمالهما معا. فإنّ قرينة الحكمة تفيد العموم والاستيعاب على أساس دلالة السكوت عن ذكر القيد في الكلام فكانت دلالتها على العموم سلبيّة أو سكوتيّة. بينما أدوات العموم نص صريح في العموم والشمول فكانت دلالتها على العموم إيجابيّة ووجوديّة ؛ لأنّه يوجد في

٥٠٠