أضواء وآراء - ج ١

السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي

أضواء وآراء - ج ١

المؤلف:

السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي
المطبعة: محمّد
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-2730-73-5
ISBN الدورة:
978-964-2730-72-8

الصفحات: ٦٩٤

ونلاحظ هنا :

أوّلاً ـ انّ هذا بالدقة وإن كان من الاختلاف في الماهية بحسب المرتبة وهو من التخيير الشرعي وبين متباينين لكنه من التخيير العقلي عرفاً لأنّ كلاًّ من الفردين نسبته إلى الطبيعة والعنوان واحد ، فبلحاظ عالم الخطاب والجعل يكون التخيير العقلي ممكناً هنا أيضاً ولا يتعين على الشارع أن يجعل خطابين.

هذا لو قبلنا أصل قاعدة عدم امكان صدور الغرض الواحد من الكثير بالنوع الذي هو مسلك صاحب الكفاية في باب الأحكام وأغراضها الشرعية.

وثانياً ـ الاشكال على أصل الجواب الأوّل الذي صوّره صاحب الكفاية للتخيير بين الأقل والأكثر ، فإنّه يرد عليه : انّ الأقل لو لم يؤخذ بشرط لا عن الزائد أي عدم انضمامه إلى ما يتقوم به وجود الأكثر فلا محالة بمجرد تحققه وقبل تحقق حده الوجودي يسقط الأمر فلا يقع حده أي الزيادة التي يتقوم بها الأكثر على صفة الوجوب لا محالة وإن اخذ ذلك رجع إلى الجواب الثاني وكان من التخيير بين المتباينين لا الأقل والأكثر.

وهذا الاشكال أورده المحقق الاصفهاني نفسه في صدر البحث (١) ، والغريب ما في الكتاب في ص ٤٢٠ س ٢ ما ظاهره اندفاع هذا الاشكال وانّه مختار المحقق الاصفهاني في شرحه وتوضيحه لكلام استاذه ؛ وأيّاً ما كان فهذا الذي ذكر من انّ الأكثر وجود واحد مستقل لا وجودات عديدة صحيح إلاّ انّه لا ينافي تحقق أصل وجود الطبيعة ضمن ذات الأقل حينما شرع في رسم الخط

__________________

(١) راجع كلامه في نهاية الدراية : ج ٢ ، ص ٢٧٤ ، ط ـ آل البيت.

٣٤١

وقبل أن ينتهي ، فإنّ دعوى عدم تحقق ذات طبيعة الخط بعد في الخارج واضح البطلان والسخف وإن فرض أنّ شخص الوجود الحاصل بالخط يبقى عند تحقق حده وانّه ليس هناك وجودان في الخارج. والحاصل الامتثال يتحقق بأصل وجود الطبيعة في الخارج لا بوجودها الاستقلالي إذا كان الغرض مترتباً على ذاتها.

اللهم إلاّأن يقال بأنّ الامتثال أيضاً لا يستقل ويتشخص إلاّبتحقق الوجود الواحد فيكون امتثالاً واحداً لا أنّ قسماً منه امتثال وقسم منه وهو حده وما يتقوم به الأكثر ليس امتثالاً.

وإن شئت قلت : انّ وجود الغرض كوجود الطبيعة المحققة له لا يتحقق فرد منه في الخارج إلاّبتحقق وجود الطبيعة فإذا كان وجودها واحداً كان وجود الغرض واحداً أيضاً فالتخيير عقلي لا محالة.

ص ٤٢٠ قوله : ( وهذا الايراد لو تمّ بأن افترضنا ... ).

بل هنا جواب أولى وهو انّ الحدّ والخصوصية ليس فيه زيادة عنوانية ومفهومية ليلزم اللغوية وطلب الحاصل بل تعلّق الأمر بذات الجامع والطبيعة ـ طبيعي الخط ـ بنفسه يقتضي التخيير العقلي بين الأقل والأكثر.

وبعبارة اخرى : طلب ايجاد ذات الطبيعة يقتضي بنفسه التخيير بين الأقل والأكثر عقلاً ؛ لأنّ الأكثر بحده وجود وايجاد واحد وامتثال واحد للطبيعة لا أكثر ، فليست الاستقلالية في الوجود فيها مؤنة وقيد اضافي لمتعلق الأمر لكي يقال بأنّه ايجاب ضمني لغو لكونه تحصيلاً للحاصل.

٣٤٢

ص ٤٢٠ قوله : ( وهكذا اتضح ... سواءً افترض أمر واحد بالجامع أو أمران مشروطان ... ).

لا معنى لهذا التعميم هنا إذ المقصود في الوجه الأوّل تصوير التخيير العقلي أي فردية الأكثر كالأقل للطبيعة على حدّ واحد ، وامّا التخيير الشرعي ووجود أمرين مشروطين فهو فرع وجود عنوانين وهنا لا يوجد إلاّعنوان واحد وهو الطبيعة ، وامّا الفردان بما هما فردان فهما متباينان وليسا أقل وأكثر كما هو واضح.

والظاهر انّ هذه العبارة من سهو التقرير فإنّه يناسب ذيل الجواب الثاني الذي هو من التخيير الشرعي بين الأقل والأكثر لا العقلي.

ص ٤٢٢ قوله : ( كما انّه إذا افترضنا فرضية الأمرين التعينين المشروطين ... ).

ولكن على هذا التقدير يرد اشكالان آخران :

أحدهما : انّه في فرض تركهما معاً يكون كلا الأمرين أي الأمر بالأقل وبالأكثر فعليين وهو من التكليف بالضدين فيكون محالاً ، وهذا بخلاف ما تقدم في الواجب التخييري الشرعي بناءً على هذه الفرضية حيث لم يكن تضاد بين الواجبين والعدلين بل بين الغرضين فيهما.

وفيه : انّ هذا لا محذور فيه بناءً على امكان الترتب. نعم ، يرد هذا الاشكال بناءً على استحالته كما هو مسلك صاحب الكفاية الذي هو صاحب هذا الجواب وأمّا بناءً على امكانه فلا تطارد بينهما لأنّ كل واحد منهما يرفع بامتثاله موضوع فعلية الآخر فهو من الترتب من الجانبين.

٣٤٣

الثاني : انّه في هذا الفرض يلزم اجتماع الأمر والنهي والذي لا يشفع له امكان الترتب لأنّه سوف يكون فعل الزيادة وتركها معاً مطلوبين ، أي يلزم أن يكون ذات الأقل مطلوباً على كلّ حال ويطلب فعل الزيادة وتركها ، وهذا بنفسه محال لاستحالة تعلق الطلب بالنقيضين أو قل لاستلزام طلب الفعل حرمة النقيض فيلزم اجتماع الأمر والنهي فيه ، ولا ينفع في دفعه امكان الترتب كما هو واضح.

وهذا الاشكال لا دافع له إلاّباخراج الوجوبين المشروطين بحسب المبادىء وعالم الثبوت لا الانشاء عن الوجوبين المشروطين إلى وجوب أحدهما لا محالة أي وجوب ذات الأقل وأحد القيدين والحدين حتى إذا كان هناك غرضان متباينان تعيينيان لا يمكن الجمع بينهما للتضاد بين الأقل بحده والأكثر.

نعم ، إذا أنكرنا تقوّم الحكم بالارادة والحب والشوق وكفاية الغرض في المبادئ للانشاء والجعل أو كان الحب متعلقاً بالغرضين وهما ضدان لا نقيضان ولم يشترط في روح الحكم وقوامه تعلقه بالفعل المأمور به لم يرد هذا الاشكال أيضاً ، إلاّ انّ ذلك خلاف مسلك السيد الشهيد قدس‌سره.

ص ٤٢٤ قوله : ( الاتجاه الأوّل ـ ما حققناه نحن في تفسير ... ).

ويلاحظ عليه :

أوّلاً ـ انّه خلاف ظاهر الدليل في الواجبات الكفائية بل في مطلق الواجبات حيث انّ ظاهره أخذ الانتساب إلى الفاعل تحت الطلب وقد اعترف السيد الشهيد قدس‌سره بهذا الظهور في الخطابات فهذا الاتجاه يستلزم تأويلاً في الخطابات إلاّ ما يعلم منها انّه كذلك من الخارج بحيث لا يرضى الشارع بتركه بأي شكل ، ولعلّ ذلك يثبت في بعض الواجبات العينية أيضاً.

٣٤٤

ثانياً ـ انّ لازمه تحقيق الامتثال ممن دفع غيره ورغّبه في القيام بالفعل بحيث بصدور الفعل منه يصدق تحقق الامتثال من قبلهما ، وهذا أكثر مما هو مفروض في الواجب الكفائي ، وكذلك لازمه انّه إذا كان مكلّف عاجزاً عن العمل بنفسه ولكنه كان يمكنه أن يدفع غيره لأن يعمل وجب عليه ذلك بحيث لو لم يعمل كان عاصياً ، وهذا أيضاً أكثر من حقيقة الوجوب الكفائي.

وكأنّ هذا نوع من الواجب الكفائي وهو ايجاب فعل واحد بلا أخذ اضافته إلى شخص معين منهم على المجموع وجعله في عهدتهم بحيث يجب عليهم النتيجة سواءً بأن يتصدى واحد له أو أكثر أو يقوم المجموع به بأن يقوم كل واحد ببعض العمل أو بعض المقدمات والنوع الآخر من الواجب الكفائي ما يكون فيه أفعال عديدة بعدد المكلّفين أي اضافة الفعل إلى كل مكلّف يكون تحت الطلب والأمر إلاّ أنّ الواجب أحدها من أحدهم ، فلو فرض انّ الأوّل داخل في الواجب الكفائي ـ ولا مشاحة في الاصطلاح ـ فلا ينبغي الاشكال بأنّ الواجب الكفائي أعم من ذلك بحيث يكون الفرض الثاني أيضاً منه فيكون التفسير المذكور أخص من المدعى بحيث نحتاج في هذا النحو من الواجب الكفائي إلى تفسير آخر لا محالة وهو الاتجاه الثاني القادم.

ص ٤٢٥ س ٥ قوله : ( وفيه : ... ).

ويمكن جواب آخر حاصله : انّ وحدة الملاك لا تنافي تعدد الخطاب بلحاظ المكلفين إذا كان تحصيله من كل واحد على حدّ سواء وإنّما تنافي تعدد الحكم بلحاظ المكلّف به كما هو واضح.

٣٤٥

ص ٤٢٥ س ١٩ قوله : ( كان الآخر قد جاء بالواجب ولكن لا مطلقاً ... ).

حاصل الاشكال انّه يلزم إطلاق وجوب العمل على من يكون مقدماً على العمل على تقدير فعل الآخر ، ولا شك في عدم الوجوب عليه بحيث لو ترك العمل لم يكن عاصياً ، بل مثل هذا الإطلاق فيه محذور تحصيل للحاصل.

وقد يقال : انّ هذا اشكال في الصياغة فيمكن حلّه بافتراض انّ الشرط عدم اتيان الآخر بالعمل وحده بنحو القضية التعليقية أي لو لم يأت هذا لم يكن العمل متحققاً من الآخر وحده وهذه القضية غير صادقة في المقام على الأوّل فلا وجوب عليه وإن كان صادقاً في حق الآخر ولا محذور فيه بل هو مطابق مع الغرض والتحريك المولوي إذ لو لم يأت لم يتحقق الامتثال حتى من الأوّل لأنّ اتيانه تعليقي بحسب الفرض.

وقد يناقش فيه : بأنّ هذا يلزم منه عدم اتصاف شيء منهما بالوجوب والامتثال إذا كان كل منهما قد جاء بالعمل لنفسه واتفقا معاً ؛ لأنّه سوف لا تصدق القضية الشرطية المذكورة في حق شيء منهما وهو خلاف الخصيصة المتقدمة للواجب الكفائي.

فالحاصل : إذا كان القيد عدم الاتيان بالعمل وحده بنحو القضية التعليقية رجع الاشكال فيما إذا جاءا معاً به كل منهما لنفسه حيث ينتفي الوجوب عنهما معاً وإن كان بنحو القضية الفعلية الصادقة في مورد اتيانهما معاً لزم الاشكال في مورد تعليق اتيان أحدهما على الآخر بالنحو المذكور في المتن.

والجواب : إن اريد بهذا الاشكال انّ إطلاق الوجوب للمكلف الخاص الذي يجعل عمله معلقاً على عمل الآخر لغو فهذا جوابه :

٣٤٦

أوّلاً ـ لا لغوية فيه بل حاله حال من يأتي بالعمل في نفسه مع الآخر من حيث انّه مكلف بالعمل في هذا الفرض لأنّ الوجوب فعلي عليهما إلى ما قبل تحقق العمل منها خارجاً والمفروض انّه تحقق الواجب بعمليهما فيكون كلاهما امتثالاً.

بل لا موجب لاخراج هذا المكلف عن الوجوب بدليل انّه لو لم يفعل الأوّل فلم يفعل الثاني كانا معاً معاقبين وعاصيين كما هو مقتضى خصائص الوجوب الكفائي ، فلا فرق بين هذا وبين من يأتي بالعمل لنفسه فيقترن مع الآخر.

وثانياً ـ بالامكان جعل القيد بنحو يخرج هذا المكلّف ـ لو اريد اخراجه ـ أيضاً وذلك بأن يكون الشرط عدم اتيان الأوّل أو على تقدير اتيانه لا أن يكون اتيان الثاني معلقاً على اتيانه ، فالشرط للايجاب تحقق أحد الأمرين وكلاهما منتفٍ في حقه بخلاف من يأتي بالعمل لنفسه.

وإن اريد ـ كما هو المظنون ـ انّ اشتراط الايجاب على كل مكلف بعدم اتيان الآخر بالعمل وحده مستلزم لاطلاق الوجوب وشموله كل مكلف في صورتين وحالتين :

احداهما : أن لا يأتي الآخر بالعمل أصلاً.

والاخرى : أن يأتي به ويأتي الملكف الأوّل به أيضاً وإطلاق الوجوب للحالة الثانية لغو ، لأنّه أكثر من اقتضاء الواجب الكفائي وغرضه ، بل فيه اشكال تحصيل الحاصل لأنّ معناه انّه لو أتى به يكون مكلفاً به ، ففي طول اتيانه به يكون مكلفاً باتيانه وينكشف انّه كان واجباً عليه ، وهذا تحصيل للحاصل. وهذا الاشكال لا يختص بمن يأتي بالعمل معلقاً على اتيان الآخر.

ففيه : مع انّ روح هذا الاشكال مشترك جارٍ في الواجب التخييري أيضاً

٣٤٧

بلحاظ المتعلق ، انّه في فرض فعلهما معاً حيث انّ الغرض يتحقق بفعلهما معاً فلا وجه لجعل الايجاب على أحدهما دون الآخر فلا منافاة بين وحدة الغرض وكفائيته وكون الوجوب عليهما معاً في هذه الحالة.

كما انّه ليس تحصيلاً للحاصل لأنّ الايجاب عليه ليس مشروطاً بفعله بل بعدم تحقق الفعل والغرض من الآخر منفرداً ، وهذا لا يتوقف على فعله إلاّإذا كان الآخر قد جاء به في نفس الزمان أيضاً فليس الشرط إلاّالجامع وهو غير مستلزم لتحقق الفعل ، والتعليق على الجامع ليس تعليقاً على ما يلازم أحد شقيه وفرديه كما هو واضح. وهكذا يتضح صحّة تصوير الوجوب المشروط بترك الآخرين في الواجب الكفائي كما كان في الواجب التخييري.

ص ٤٢٦ قوله : ( الاتجاه الرابع ... ).

هذا الاتجاه خلاف ظاهر الوجوب والأمر أيضاً وليس تعبيراً عرفياً عنه جزماً.

ص ٤٢٦ الهامش قوله : ( فإنّه يقال : نختار الأوّل ... ).

أي انّ الفعل متصف بالمطلوبية المجامع مع الترخيص في الترك فيهما معاً غاية الأمر حيث انّ الترخيصين مشروطان فلا يلزم منهما الترخيص في تركهما فلا محذور.

ويمكن اختيار الثاني أيضاً ، والجواب بأنّ فعل الأمر شرط للترخيص بنحو قيد الواجب لا الوجوب أي الترك المقرون بفعل الآخر مرخص فيه والترخيص فعلي من أوّل الأمر ، وهذا واضح الصحة والمعقولية.

٣٤٨

ص ٤٢٧ س ٣ قوله : ( وهكذا يتضح ... ).

هذا بلحاظ عالم الانشاء والجعل ، وامّا بلحاظ عالم الحب والملاك فحاله حال الواجب التخييري من حيث انّه قد يكون هناك غرض واحد في جامع الفعل بنحو صرف الوجود ، وقد يكون أغراض عديدة فيما بينها تضاد في الوجود أو في الترتب وعلى الثاني

سوف يكون تركهم جميعاً فيه تفويت لأغراض عديدة على المولى لا غرضاً واحداً فإذا كان فعل واحد منهم رافعاً لأصل الحاجة والاتصاف بالغرضية كان العقاب عليهم أشد من الفرض الأوّل ، لأنّ كل واحد يكون قد فوّت على المولى أكثر من ملاك وغرض.

ثمّ انّه يترتب فروق وآثار بين التفسيرات المذكورة أشرنا إلى بعضها ونشير إلى غيره أيضاً :

منها ـ انّه إذا شك في فعل الغير وعدمه فعلى الاتجاه الذي اختاره السيد الشهيد قدس‌سره يجب على المكلّف العمل لأنّه من الشك في الامتثال. بينما على الاتجاه المختار يكون من الشك في التكليف ـ مع قطع النظر عن الاستصحاب ـ.

ومنها ـ إذا شك في كون الواجب عينياً أو كفائياً فعلى مبنى السيد الشهيد يكون الشك في أخذ قيد المباشرة وانّ الذي جعل عليه هل هو خصوص فعله أو الأعم منه وفعل غيره فيكون من الشك الدائر بين الأقل والأكثر ، وعلى المختار يكون من الشك في التكليف وانّه عند اتيان الغير به هل عليه تكليف بالصلاة مثلاً أم لا وهو من الشك في التكليف.

ثمّ إنّ في الكفاية وكلمات المحقق العراقي ترسيماً آخر للوجوب التخييري أو الكفائي بالوجوب الناقص المتعلّق بفعل كل واحد من المكلّفين بنحو

٣٤٩

لا يقتضي إلاّالمنع عن بعض أنحاء تروكه وهو تركه في حال ترك بقية المكلفين.

وهذا لا نفهمه ما لم يرجع إلى أحد التحليلات والتفسيرات المذكورة في الكتاب أو تأويل الأمر وتحويله إلى النهي عن الترك في حال ترك الآخرين.

ص ٤٣٣ قوله : ( امّا الصورة الاولى فهي خارجة ... ).

هذا صحيح من حيث انّ متعلق دليل التقييد ليس هو نفس مدلول دليل الأمر إلاّ انّه مع ذلك يمكن فرض اجمال دليل الوقت من حيث كونه تقييداً لنفس الوجوب أو بياناً لوجوب آخر ففي فرض الشك يتمسك باطلاق دليل الوجوب المنفصل لاتيانه خارج الوقت وبالتالي اثبات تعدد الوجوب ، فكان الأولى ذكره.

ومثله الصورة الثانية ، فإنّ دليل الأمر وإن لم يكن دالاًّ على مراتب الوجوب ولكن لو أجمل دليل الوقت المنفصل ودار بين كونه تقييداً للمرتبة الأكيدة من الوجوب لا أصله وبين كونه تقييداً للوجوب صحّ التمسك باطلاقه لاثباته خارج الوقت وبالتالي اثبات الصورة الثانية.

ص ٤٣٤ قوله : ( والصحيح عدم تماميته أيضاً كسابقه ... ).

حاصل ما يستفاد من هذا الاشكال أنّ ظاهر دليل الوجوب انّه جعل واحد لا جعلان مستقلان ، وعندئذٍ إذا كان القيد راجعاً إلى المتعلّق في بعض الحالات كالوقت لمن كان قادراً عليه بحيث يكون الواجب داخل الوقت هو المقيد وخارجه ذات المطلق فهذا يستلزم تعدد الجعل إذ لا جامع بينهما إلاّالمطلق وهو خلف.

وإن شئت قلت : المقيد والمطلق متناقضان من حيث أخذ القيد مع الجامع في الأوّل وعدمه في الثاني فلا يمكن اجتماعهما في جعل واحد في طرف المتعلق

٣٥٠

وبلحاظ حالاته فلابد من وجود جعلين لافادتهما وهو خلف الظهور المذكور وخلاف فرض رجوع القيد إلى نفس مدلول دليل الوجوب لا غيره. وما ثبت في مثل وجوب الجهر على خصوص الرجال أو الثنائية في السفر والرباعية في الحضر يرجع إلى الأمر بالجامع بينهما مع تقيد كل شق بموضوعه من كونه في النساء مثلاً أو كونه في السفر أو الحضر ، وهذا لا يمكن في المقام بالنحو المطلوب والذي هو وجوب المقيد في الوقت على كل مكلف ووجوب ذات الفعل خارجه.

نعم ، يمكن أن يكون التكليف بالجامع بين المقيد أو ذات المطلق لمن لم يكن قادراً على الوقت من أوّل الأمر كمن لا يكون قادراً على الواجب في الوقت أصلاً. إلاّ انّ هذا أقل من التبعية المطلوبة.

وهذا الكلام يلزم منه انّه في غير المقام أيضاً يجب أن لا يتمسك باطلاق دليل الواجب ، فمثلاً لو كان الدليل على شرطية الطمأنينة في الصلاة أو القيام لبياً قدره المتيقن القادر لا العاجز ، فلا يمكن اثبات وجوب الصلاة على الذي يعجز عنها بعد أن كان قادراً عليها ولم يصلّ باطلاق الأمر بسائر الأجزاء أو بالصلاة ، مع انّ الظاهر اثباته به سواء في باب الصلاة التي لا تسقط بحال أو في غيره من الأبواب والواجبات.

والتحقيق عدم صحة هذا الاشكال ، وذلك :

أوّلاً ـ لأنّه استشكال من حيث الصياغة فيمكن تصوير الجعل الواحد في المقام بتحويل الواجب إلى ايجاب المقدور من المقيد والمطلق في كل آن على كل مكلّف ، فإذا كان في الوقت فالمقدور إنّما هو المقيد فيجب عليه ، فإذا لم

٣٥١

يفعله ولو عصياناً كان له بعد الوقت مقدور آخر واجب عليه أيضاً فيجب عليه بنفس الجعل. فالحاصل كل من ذات الفعل والفعل في الوقت إذا أصبح مقدوراً للمكلّف كان واجباً في حقه ، وهذا في الوقت يكون المقيد بالوقت فيجب وفي خارجه يصدق على ذات الفعل فيجب عليه لمن لم يأت به في الوقت وهو خطاب وجعل واحد غاية الأمر أصبح المقدور منهما موضوعاً للايجاب بنحو الشمول لا بنحو صرف الوجود ولا ضير فيه بعد كونه جعلاً واحداً قام الدليل عليه.

وثانياً ـ لا ملزم لأصل هذا الكلام ، فإنّ دليل التقييد بقيد تارة يرجع إلى تمام مدلول دليل الواجب فيكون مقيداً لتمامه أو في تمام الحالات ، واخرى يرجع إلى قطعة من مدلوله فقط فيقيده لا أكثر ويبقى الباقي على اطلاقه وإن استلزم تعدد الجعل ثبوتاً كما إذا افترضنا انّ وجوب الصلاة الجهرية على الرجال مجعولة بجعل ووجوب مطلق الصلاة الأعم من الجهرية والاخفاتية مجعول على النساء بجعل آخر غاية الأمر استكشفناهما من مجموع المطلق والمقيد ؛ إذ لا اشكال في عرفية مثل هذا التقييد وعدم توقفه على تصوير ذاك الجامع الكذائي البعيد عن ذهن الإنسان العرفي فكذلك في المقام إطلاق الايجاب للطبيعة في داخل الوقت ـ وهو حال القدرة على القيد ـ جزء من مدلول الأمر يمكن رجوع القيد إليه بالخصوص وإن استلزم استكشاف تعدد الجعل ثبوتاً ، فإنّ هذا الظهور أعني الظهور في وحدة الجعل طولي أي في طول عدم وجود ما يدلّ على تعدده اثباتاً فيصلح دليل التقييد للكشف عن ذلك وليس هذا خلفاً ؛ لأنّ المفروض رجوع القيد إلى نفس ما هو مدلول دليل الواجب ، غاية الأمر إلى قطعه من مفاده واطلاقه ، فالميزان وحدة المفاد وعدم تغيّره لا وحدة الجعل وعدم تعدده.

٣٥٢

تعليقات على الجزء الثالث

بحوث النواهي

دلالات صيغة النهي

اجتماع الأمر والنهي

اقتضاء النهي للفساد

المفاهيم

العام والخاص

المطلق والمقيّد

المجمل والمبيّن

٣٥٣
٣٥٤

دلالات صيغة النهي

ص ١٢ قوله : ( أقول ما نسبه إلى المعترضين بهذا المقدار من البيان لا يكون برهاناً على ردّ مقالة السابقين ... ).

وفي أجود التقريرات أضاف نقضاً حاصله أنّه في بعض الواجبات يكون المطلوب الترك كالصوم مع انّه يعد منها لا من المحرمات.

ويمكن الإجابة عليه أيضاً بأنّ المطلوب في الصوم ليس ترك الطبيعة بل مجموع التروك المتصلة من الفجر إلى المغرب وهو أمر وجودي.

وإن شئت قلت : انّ مفهوم الصوم والامساك الذي هو أمر وجودي وفعل من الأفعال ينتزع ويتحقق من مجموع التروك المذكورة ، فما هو متعلق الأمر والطلب في باب الصوم عنوان وجودي لا محالة وإن كان تحققه من مجموعة تروك بقصد خاص. فالنقض غير وارد.

ثمّ إنّ بعضهم ادّعى قيام برهان على انّ المنشأ في باب النواهي لابد وأن يكون هو البعث نحو الترك مستدلاًّ عليه بقوله : انّ التكليف إنّما هو لجعل الداعي وللتحريك نحو المتعلّق بحيث يصدر عن ارادة المكلف ؛ ومن الواضح انّ ما يقصد اعمال الارادة فيه في باب النهي هو الترك وعدم الفعل ولا نظر إلى اعمال الارادة في الفعل كما لا يخفى جداً ، وهذا يقتضي أن يكون المولى في مقام

٣٥٥

تحريك المكلف نحو ما يتعلّق به اختياره وهو الترك ويكون في مقام جعل ما يكون سبباً لاعمال ارادة المكلّف في الترك (١).

ويلاحظ عليه :

أوّلاً ـ انّ ما يقال من انّ التكليف لجعل الداعي والتحريك مربوط بباب الغرض التكويني للآمر من أمره وليس مربوطاً بالمنشأ في الجمل الانشائية والذي لابدّ وأن يكون مربوطاً بما هو مدلول اللفظ وضعاً ولغة وهذا خلط واضح.

وثانياً ـ انّ العبارة المذكورة مجرّد تعبير فيمكن أن يقال انّ التكليف يكون لجعل الداعي والتحريك في الأوامر وللمنع والزجر في النواهي. بل لا يشترط في امتثال الحرام ارادة الترك بل يكفي عدم إرادة الفعل واختياره في تحقق امتثال الحرام.

ص ١٦ قوله : ( وهذا الكلام فيه عدّة مواضع للنظر نقتصر فيه على نكتتين ... ).

كلتا النكتتين اثباتيتان قابلتان للمناقشة وعدم القبول من قبل السيّد الخوئي قدس‌سره وكان الأولى الاشكال على مطلبه في المقام باشكال ثبوتي هو الأساس ، وحاصله : انّ ما ذكره في متعلقات النواهي من القرينة العقلية على نفي البدلية غير صحيح ؛ إذ ليس المراد بالاطلاق البدلي هنا أن يكون الحرام أحد أفراد الكذب مثلاً بدلاً ليقال بأنّ مقتضى طبع المطلب أن يترك الإنسان كذباً واحداً على الأقل وانّه ضروري التحقق وإنّما المراد بالبدلية في متعلّق النهي أن يكون النهي واحداً أي متعلّقاً بالطبيعة بنحو صرف الوجود مرة واحدة بحيث

__________________

(١) منتقى الاصول ٣ : ٦.

٣٥٦

لو عصاه لم تكن الطبيعة الموجودة بعد الوجود الأوّل منهياً عنها ، وهذا ممكن وليس غير معقول ولا محذور فيه كما هو واضح.

فالحاصل المراد بالانحلالية المبحوث عنها في النواهي شمول النهي للطبيعة الثانية المتحققة بعد تحقق الاولى وامّا ما ذكر من أن يكون فرداً واحداً من الكذب محرماً بدلاً فهذا خلف القاعدة العقلية المربوطة بالجهة القادمة من انّ الطبيعة بنحو صرف الوجود لو تعلّق بها نهي فلا يتمثل إلاّبترك تمام أفرادها ، فكأنّه وقع خلط هنا بين مدلول القاعدة العقلة وبين انحلالية النهي وكونه نواهٍ عديدة.

وبعبارة اخرى : البدلية بالمعنى المذكور تقييد لمتعلّق النهي بالطبيعة والفرد الواحد ينفيه الإطلاق في طرفي الأمر والنهي معاً وإنّما يكتفى في طرف الأمر بالفرد الواحد لأنّ ذات الطبيعة بنحو صرف الوجود حينما يتعلّق به الأمر تتحقق بذلك لا أنّ الوحدة مأخوذة في متعلقه وفي طرف النهي بالعكس لا ينزجر المكلّف عن ذات الطبيعة إلاّبترك تمام أفرادها.

ص ١٨ قوله : ( وتوضيح ذلك : انّ هناك ... ).

في النفس من هذا التحليل ـ المتقدم أيضاً في بحث المرة والتكرار ـ اشكال وقد ينبّه إليه وجدانية انّ الانحلالية في طرف النهي بالمعنى المتقدم شرحه آنفاً أوضح عرفاً ولغة من النكتة المذكورة في تفسيرها بحيث كأنّ ارادة نهي واحد متعلّق بالطبيعة مرة واحدة فيه تقييد لمتعلق النهي بينما النكتة المذكورة هي ظهور تصديقي حالي ـ على أفضل تقدير ـ تقتضي ملاحظة شيء زائد على ذات الطبيعة الملحوظة بنحو صرف الوجود وهذا خلاف الوجدان.

وبعبارة اخرى : البدلية بمعنى ملاحظة الطبيعة بنحو صرف الوجود

٣٥٧

والانحلالية بمعنى ملاحظتها فانية في كل فرد فرد لحاظان ذهنيان للطبيعة ولا ربط له بمرحلة التطبيق فيكونان أسبق من الإطلاق ومقدمات الحكمة بمعنى نفي أخذ القيد ثبوتاً للسكوت عنه اثباتاً ، إذ هما كيفيّتان في لحاظ الطبيعة وتصورها الذهني ؛ ففي طرف موضوعات الأحكام وكذلك متعلّق النواهي بل الأمر بالترك والاجتناب أيضاً تلحظ الطبيعة فانية في تمام أفرادها المقدرة بخلاف لحاظها في متعلق الأمر بالطبيعة أو النهي عن تركها. ولابدّ من التفتيش عن نكتته الفنية الدقيقة فتأمل جيداً.

ص ٢٢ قوله : ( التنبيه الثاني ... ).

هذا التنبيه الأولى حذفه ؛ لأنّه غير صحيح ، فإنّه إذا قيل لا توجد أحدهما بحيث كان عنوان الأحد والواحد منهما تحت النفي أو النهي كان لا محالة دالاًّ على انتفائهما معاً ، وإنّما قد يستفاد خلافه لأنّ عنوان الأحد أو الواحد يلحظ في طول تعلّق النهي والعدم أي أحد العدمين لا كليهما. فالحاصل النكتة في هذا التنبيه عروض العدم والنفي على عنوان الأحد تارة فيدل على انتفاء تمام الأفراد والعكس اخرى فلا يدلّ ؛ ولا ربط لذلك بالمسألة المنطقية المذكورة في مقام التعليل ، بل صدور ذلك من سيدنا الشهيد قدس‌سره غريب ، لوضوح انّ المنطق الرمزي أو الوضعي أجنبي عن هذه المسألة اللغوية الأدبية ، ووضوح انّ هذه العناوين الانتزاعية من حيث هي مفاهيم كالمفاهيم الاخرى.

وما ذكر من البرهان في الذيل أيضاً غير تام ، لأنّ انطباق هذه العناوين الانتزاعية على الخصوصية بما هي خصوصية إنّما يصحّ لأنّ الجهة المشتركة في هذا المفهوم الانتزاعي تكون بدرجة من السعة والابهام والكلية بحيث تنطبق على النقيضين فكيف بالخصوصية فهذا لا ينافي التجريد ، والله العالم بالحقائق.

٣٥٨

اجتماع الأمر والنهي

ص ٢٨ قوله : ( وهذا رغم كونه وجدانياً يمكن البرهنة عليه بأحد بيانين ... ).

حاصل البيان الأوّل : انكار انحلال مبغوضية المركب بلحاظ أجزائه ، بأن يكون جزء المركب مبغوضاً ضمناً ؛ لأنّ هذه المبغوضية إذا كانت لا تقتضي شيئاً فهو خلف فرض فعلية البغض ، وإذا كانت تقتضي اعدام ذلك الجزء كان معناه زيادة اقتضاء البغض الضمني على البغض الاستقلالي ، وانّه لابد من اعدام جميع الأجزاء ، وهو غير معقول وخلف المطلب ، وإن كانت تقتضي اعدم المجموع فهذا هو المبغوض الاستقلالي لا الضمني.

إن قلت : يمكن افتراض انّ البغض الضمني يقتضي اعدام الجزء مشروطاً ومقيداً بفرض تحقق الأجزاء الاخرى للمركب ، فهو بغض مشروط ، وهذا نظير ما سيأتي قبوله من السيد الشهيد من انّ حب الجامع يستلزم حب الفرد مشروطاً بانتفاء سائر الأفراد.

قلنا : هذا أيضاً غير معقول ؛ لاستلزامه فعلية بغض كل الأجزاء حين تحققها جميعاً لتحقق شرط مبغوضيّة جميعها ، فيكون أكثر من البغض الاستقلالي المتعلّق بالمجموع ، وهذا محال أيضاً ، فإنّ تحقّق المبغوض لا يوجب تبدّل المبغوضية من المجموع إلى الجميع.

٣٥٩

وهذا البيان غير تام ، بل الصحيح معقولية البغض الضمني ، أي انحلال البغض كالحب بلحاظ اجزاء متعلّقه فيكون كلّ جزء مبغوضاً ضمناً كما في الحب ، إلاّ انّ الفرق بينهما انّ الحبّ الضمني للجزء مطلق ، بخلاف البغض الضمني للجزء ـ كما أشرنا ـ فإنّه مشروط بتحقق سائر الأجزاء ، وما ذكر من اشكال لزوم فعلية بغض كلّ الأجزاء حين تحققها غير صحيح ؛ لأنّ تحقق المبغوض يوجب زوال البغض فعلية أو فاعليةً واقتضاءً على الأقل ، فلا يلزم أن يكون اقتضاء المبغوض الضمني أكثر من الاستقلالي ، وهذا واضح. بل لا معنى لانكار انحلال البغض المتعلّق بالمركب بلحاظ اجزائه ضمناً ، فإنّ هذا الانحلال عقلي بديهي ، وانكاره يستلزم التناقض والخلف ؛ لأنّ فرض كون المتعلّق مركباً مساوق مع وجود اجزاء لمعروض البغض ، فيكون كل جزء منه أيضاً معروضاً لعرض البغض ، وغير هذا خلف ومحال.

والصحيح قبول روح البيان الثاني بتوضيح انّ البغض الضمني حيث انّه مشروط فعليةً أو فاعلية واقتضاءً بتحقق سائر الأجزاء فلا محالة يكون متعلقه مقيداً أيضاً بسائر الأجزاء لا مطلقاً ـ لأنّ قيود الحرمة قيود للحرام أيضاً ـ فلا ينافي تعلّق البغض الضمني بالطبيعة المقيدة مع تعلّق الحب بجامع تلك الطبيعة لتعدد المحبوب والمبغوض بالذات ، فإنّ الجامع والطبيعي في الذهن بنحو صرف الوجود غير الفرد والحصة المقيدة منه ، كما أنّ اقتضاء حب الجامع لا ينافي مع اقتضاء بغض الحصة المقيدة والفرد ، فلا تنافي بينهما لا بلحاظ المعروض ولا بلحاظ الاقتضاء ، ومنه يعرف انّه لا نحتاج إلى جعل التضاد بين الحب والبغض بالعرض وبلحاظ اقتضائهما لا نفسيهما ـ كما هو ظاهر البيان الثاني في الكتاب ، ولا يبعد صحته أيضاً ـ والنتيجة إلى هنا انّه لا محذور في تعلّق الحب بالجامع بنحو صرف الوجود والبغض بحصة مقيدة وفرد منه.

٣٦٠