أضواء وآراء - ج ١

السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي

أضواء وآراء - ج ١

المؤلف:

السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي
المطبعة: محمّد
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-2730-73-5
ISBN الدورة:
978-964-2730-72-8

الصفحات: ٦٩٤

ص ٣٢ قوله : ( الثالثة ـ أن يكون هذا العنصر المشترك مرتبطاً بطبيعة الاستدلال الفقهي ... ).

لا حاجة إلى هذه الخصيصة ؛ لأنّ مسائل علم المنطق ترتبط بشكل قياس الاستنباط لا بموادّه ، والقواعد الاصولية ترجع إلى مواد قياس الاستنباط.

وهو المراد بوقوعها في طريق الاستنباط في التعريف ، على أنّ هذه الخصيصة إذا أخذناها لزم خروج أكثر المباحث الاصولية التي تقع في أقيسة علوم اخرى ، كمباحث الألفاظ ومباحث الأحكام العقلية المستقلة وغير المستقلة ، وهذا واضح.

ص ٣٤ قوله : ( وبهذه الصياغة للتعريف قد استغنينا عن ادخال كلمة « الاستنباط » ... ).

قد عرفت أنّ المراد من الاستنباط والتوسيط إن كان تغاير القاعدة مع الجعل الشرعي المستنبط إمّا بأن لا تكون القاعدة الاصولية حكماً شرعياً أصلاً أو إذا كان حكماً شرعياً لابد وأن يكون غير الجعل المستنبط ، والمراد اثباته التنجيزي والتعذيري ، فهذا مطلب صحيح مستفاد من التعريف ومقبول عند السيّد الشهيد قدس‌سره أيضاً.

ص ٥٧ قوله : ( المقترح في تقسيم علم الاصول ... ).

الأصح تقسيمه على أساس نوع الدليلية إلى :

١ ـ الدليل اللفظي ، ويبحث في مقدمته البحوث اللغوية التمهيدية.

٢ ـ الدليل العقلي البرهاني ، غير المستقلات العقلية وهي بحوث

٢١

الاستلزامات والتي تحتاج دائماً إلى ضم مقدمة شرعية.

٣ ـ الدليل العقلي الوجداني ، ويشمل غير المستقلات العقلية ( التحسين والتقبيح العقليين ) والأدلّة القطعية الاستقرائية كالتواتر والسيرة والإجماع.

( ويبحث مقدمة لهذا النوع من الدليل العقلي حجّية القطع ).

٤ ـ الدليل التعبدي الشرعي ( الحجج والاصول العملية ) ، ويبحث مقدمة عن امكان التعبد وحقيقة الحكم الظاهري.

٥ ـ الدليل العقلي العملي أو الاصول العملية العقلية ، ويبحث في ذيل هذين النوعين من الدليلية عن النسبة بين الامارات والاصول العملية فيما بينها.

وخاتمة في حالات التعارض بين الأدلّة.

وهذا التقسيم منسجم مع الوضع التاريخي لعلم الاصول ، ويكون مبنى التقسيم فيه نوع الدليلية ، والتي هي المهم في البحث الاصولي والمرتبط بالغرض منه ، لا ما يكون خارجاً عنه ومربوطاً بعلم الفقه ـ كما في التقسيم الآخر ـ.

كما انّه لا يوجب تكرار البحوث كما في تكرار بحوث حقيقة الحكم الظاهري في الدليل الشرعي والاصول العملية في التقسيم الآخر ، إلى غير ذلك من المميزات.

٢٢

الدلالة اللفظيّة

ص ٦٧ قوله : ( تقسيم البحث ... ).

ينبغي تجميع وتنظيم البحوث التمهيدية والتحليلية للمباحث الاصولية اللفظية التي تعرّض لها الاصوليون في ( مقدمة ) ضمن فصول عديدة بالنحو التالي : ابتداءً يعرّف الدلالة اللفظية ويذكر أنّها تحتوي على دلالات ثلاث طولية :

١ ـ الدلالة الوضعية ، ومدلولها ذات المعنى.

٢ ـ الدلالة الاستعمالية ، ومدلولها المراد الاستعمالي أو قصد التفهيم.

٣ ـ الدلالة الجدية ، ومدلولها المراد الجدي.

ويذكر انّ الاولى دلالة تصورية على المشهور المنصور. والثانية والثالثة تصديقيتان.

الفصل الأوّل : في الدلالة الاولى أو دلالة اللفظ على المعنى الحقيقي والمجازي ، ويبحث فيه عن حقيقة العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى الحقيقي تارة والمجازي اخرى ، وفيه يبحث عن الوضع وحقيقته ، ومن هو الواضع ، وعن نظرية المجاز والدلالة الذاتية بين المعنى الحقيقي والمجازي ومرآتية الدلالة اللفظية التصورية ، وهذه بحوث تحليلية ثبوتية.

٢٣

كما ويبحث اثباتاً عن علامات الحقيقة والمجاز لتشخيص المعنى الحقيقي عن المجازي.

الفصل الثاني : في الدلالة الثانية أي الدلالة الاستعمالية وحقيقة الاستعمال ، ويبحث فيه عن الامور التالية :

أ ـ حقيقة الاستعمال ، وما ورائه من الارادة الاستعمالية ( الاخطار الشأني ) والارادة التفهيمية الفعلية والارادة الجدية ( ويبحث هنا عن الفروق بين الدلالتين الاستعمالية والجدية ).

ب ـ مقومات وشروط الاستعمال ، وهي خمسة في الكتاب كالتالي :

١ ـ صلاحية اللفظ للدلالة على المعنى المستعمل فيه.

٢ ـ تغاير اللفظ ( الدال ) مع المعنى ( المدلول ).

٣ ـ مرآتية اللفظ في الاستعمال أو تقوّم الاستعمال بالمرآتية ( وفيه يبحث عن حقيقة المرآتية ، وينبغي أن يذكر هنا انّ المرآتية ليست من شؤون الاستعمال بل من شؤون أصل الدلالة اللفظية الوضعية التصورية وتخصيصه بالاستعمال خطأ ).

٤ ـ استحضار المستعمل للحيثية المصحّحة للدلالة على المعنى المستعمل فيه.

٥ ـ الحاجة إلى الوضع أو اجازة الواضع ( اللغة ) لصحة الاستعمال.

ويبحث أنّه لا يشترط في صحة الاستعمال عدا الأوّل وهو الصلاحية

٢٤

بمعنى عام يشمل حتى الاستعمال الايجادي فإنّه استعمال صحيح عرفاً ، فالشروط الاخرى زائدة ، والصلاحية تكون امّا بالوضع أو بالمناسبة التي هي أمر ذاتي وليس جعلياً ، وهذه نكتة مهمة ينبغي الالتفات إليها ، وهي التي تجعل الاستعمال في غير المعنى الموضوع له مستغنياً عن الوضع النوعي.

ب ـ أنواع الاستعمال الاخطاري ( الحكائي ) أو الايجادي ، والفرق بينهما وكلمات الاصوليين.

ج ـ استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، ويبحث عن إمكانه أوّلاً وصحته ثانياً وكونه حقيقةً أو مجازاً إذا كان صحيحاً ثالثاً.

الفصل الثالث : في الدلالة الثالثة ، أي الدلالة على المراد الجدّي التصديقي ، ويبحث هنا عن منشأ الدلالات اللفظية التصديقية بقسميها.

الفصل الرابع : دور القرينة المتصلة والمنفصلة وتأثيرها على الدلالة اللفظية ، ويبحث في ذلك عن أنحاء تأثير القرينة على كل من الدلالات اللفظيّة الثلاث ورفعها لأصل الدلالة الاولى أو الثانية أو الثالثة أو لحجيّتها ، وهذه بحوث مهمّة أساسية ، وفيها مسالك مختلفة.

الفصل الخامس : تعريف الحكم الشرعي وتقسيماته ومقوّماته.

وأمّا البحث عن الحقيقة الشرعية والصحيح والأعم فهما بحثان في تحديد المدلول الشرعي لألفاظ معينة كالبحوث الاصولية التحديدية ، فالمناسب جعلهما ضمن البحوث اللفظية الاخرى ، فإنّ الألفاظ التي يدّعى فيها الحقيقة

٢٥

الشرعية أو أسماء العبادات أو المعاملات التي يبحث عن اختصاصها بالصحيح أو الأعم وإن كان كل واحد منها مادة خاصّة معينة وليست سيّالة في كل الأبواب الفقهية.

إلاّأنّ البحث في الحقيقة الشرعية عن نوع الألفاظ المخترعة من قبل الشارع ؛ لكونها مخترعة من قبله ، وكذلك في الصحيح والأعم البحث عن مطلق أسامي العبادات والمعاملات لانقسامها إلى صحيح وفاسد.

فبهذا الاعتبار يمكن ادراج هذين البحثين أيضاً في المسائل الاصولية ؛ لكون النوع عاماً ، وملاك البحث سيّالاً في الأبواب الفقهية ، فلا وجه لادراج هذين البحثين في المقدّمة واخراجهما عن المسائل الاصولية.

نعم ، لو اشترطنا في القاعدة الاصولية التي تقع صغرى قياس الاستنباط ـ كما في بحث الظهورات العامة ـ أن تكون ناظرة مباشرة إلى الحكم الشرعي ومرتبطة بمقام جعل الحكم إمّا بأن تكون دالة على أصل الحكم كالوجوب والحرمة أو نفيه كالمفهوم أو عمومه كالعام والخاص والمطلق والمقيّد خرج البحث عن المشتق والمعاني الحرفية والصحيح والأعم والحقيقة الشرعية عن هذا المعيار ؛ لأنّها وإن كانت تستلزم سعة الحكم أو ضيقه ولكنه بتبع سعة المفهوم الافرادي المستقل عن الحكم ، فيمكن جعل البحث عنهما ضمن فصل سادس من البحوث التمهيديّة.

٢٦

ص ٧٣ قوله : ( وقد اعترض على المذهب الأوّل في كلمات السيّد الاستاذ ... ).

كأنّ المقصود انّ السيّد الخوئي يعترض على هذا المسلك ـ والذي ينسب إلى المحقّق العراقي ـ بأنّ السببية التي هي أمر تكويني إن كانت مجعولة مطلقاً حتى لغير العالم باللغة فهذا واضح البطلان ، وإن جعلت لخصوص العالم ومقيداً بالعلم بالوضع فيلزم الدور والتهافت ؛ لأنّ السببية سوف تكون متوقفة على العلم بها توقف المحمول على موضوعه ، والعلم بالسببية أيضاً متوقف عليها توقف العلم على معلومه ، وهذا دور.

وأجاب عليه السيد الشهيد بامكان أخذ العلم بالجعل بمعنى الوضع في موضوع السببية فلا دور ، نظير ما يقال في باب الأحكام الاعتبارية ، أو يؤخذ العلم بالسببية الضمنية بين اللفظ والمعنى ، أي موضوعيته الضمنية جزءً آخر في موضوع السببية فلا دور ولا تهافت.

فالصحيح في الاشكال منع أصل امكان ايجاد السببيّات التي هي امور واقعية بالجعل والاعتبار فإنّه غير معقول.

إلاّأنّه ليس نظر السيد الخوئي إلى جعل السببية الواقعية وايجادها بالوضع أصلاً ، بل مقصوده انّ السببية ليست هي الوضع بل نتيجة مترتبة عليها أي هي العلقة الوضعية والوضع منشأ لها ، ولابد من تشخيص حقيقة الوضع المسبِّب للعلقة.

فالظاهر أنّ القول بأنّ الوضع عبارة عن ايجاد السببية بمعنى انشائها تكويناً بالوضع وبالمباشرة لا قائل به ، وإن نسب إلى المحقّق العراقي قدس‌سره ، وإنّما لابد

٢٧

من جعل البحث في حقيقة الوضع بعد الاعتراف بأنّه أمر اعتباري أو تعهّدي أو حقيقي يتسبب منه حصول تلك الملازمة أو السببية بين اللفظ والمعنى ، والتي هي العلقة الوضعية ونتيجة الوضع لا الوضع نفسه. فيذكر في حقيقة الوضع المباني الثلاثة :

١ ـ الاعتبار.

٢ ـ التعهد.

٣ ـ القرن الأكيد ، والذي هو أمر تكويني واقعي ، كما انّ الملازمة التصورية الحاصلة به أمر تكويني واقعي.

ثمّ إنّ البحث ليس في مفهوم الوضع أو التسمية ليستشهد بالآيات ونحوها ، وإنّما البحث ثبوتي تحليلي عن حقيقة الوضع الذي يحقق التلازم التصوري بين اللفظ والمعنى.

ومسلك الاعتبار يدعي أنّ العملية الاعتبارية الانشائية البحتة هي الوضع ، وهي التي يلزم منها تحقق الملازمة التصورية ، فهي نتيجة ذلك الوضع الاعتباري ، ومسلك التعهّد يقول أنّ الوضع عبارة عن التعهّد وايجاد قضية تعليقية تعهدية ، وهي ملازمة تصديقية بين استعمال اللفظ وارادة المعنى منشأه التعهّد والالتزام من قبل كل مستعمل.

واشكالات مسلك التعهّد مشروحة في الكتاب بالتفصيل ولا زيادة مهمّة عليها.

وأمّا مسلك الاعتبار فهناك صياغات متعدّدة للاعتبار الوضعي :

منها : اعتبار اللفظ عين المعنى ومتحداً معه ـ اعتبار الهوهوية بينهما ـ

٢٨

وبهذا يفسّر انتقال حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ.

ومنها : اعتباره وجوداً تنزيلياً للمعنى.

ومنها : وضعه على المعنى نظير وضع العلامة والنصب ، إلاّأنّ ذاك وضع حقيقي خارجي ، وهذا اعتباري جعلي.

ومنها : اعتباره آلة أو علامة أو ملازماً مع المعنى.

وقد استشكل في كلمات المحقّقين باشكالات غير أساسية وشكلية على كلّ واحدة من هذه الصياغات من قبيل الاشكال بأنّها امور دقيقة والوضع أسهل من ذلك.

أو الاشكال بأنّ المعنى لابد وأن يكون موضوعاً عليه لا موضوعاً له ، وانّ في وضع العلامة توجد امور ثلاثة ، وهنا يوجد أمران لفظ ومعنى ، ومن قبيل لغوية الاعتبار المذكور ؛ لأنّ اللفظ لا يدلّ على وجود المعنى لا في الخارج ولا في الذهن.

وهذه الاشكالات كلّها غير فنية ، ويكفي في دفعها أنّه لا دقة في الوضع ، كيف وفي وضع أسماء الأعلام قد يوضع الاسم على الشخص بمثل هذه الصياغات ، كما وأنّ تسمية المعنى بالموضوع له لا ينافي كونه موضوعاً عليه للدلالة على ارادته ، فتكون فيه حيثيتان كما ذكر في الكتاب ، فاللفظ وضع على المعنى ليدل عليه تصوراً أو وضع علامة للمعنى ليدل عليه تصوراً لا تصديقاً ، كما انّه لا لغوية بعد وضوح انّ المقصود تحقّق الدلالة التصورية لا التصديقية على الوجود.

والاشكال الفنّي انّه إذا اريد من الوضع بمعنى الاعتبار ـ بأيّه صيغة كانت ـ ايجاد الدلالة التصديقية على الوجود الخارجي أو الذهني للمعنى فهذا غير

٢٩

معقول وغير مقصود أيضاً لأصحاب هذا المسلك وغير حاصل خارجاً.

وإن اريد الدلالة التصديقية العرفية على ارادة المعنى من استعمال اللفظ ـ وهي دلالة تصديقية بين فعلين للفاعل المختار ـ فهذا متوقف على التعهّد ، وإن اريد ايجاد الدلالة التصورية بين اللفظ والمعنى فهذه فرع الملازمة بين اللفظ والمعنى تصوراً ، وقد ذكرنا أنّ الملازمات سواء التصديقية بين وجودين أو التصورية بين صورتين ذهنيّتين امور واقعية تكوينية لا يمكن تحقيقها بالاعتبار والوضع ، بل لابد امّا أن تكون ذاتية نفس أمرية وهي مفقودة هنا ـ أو تحصل بسبب تكويني واقعي ـ كما سيأتي في شرح نظرية القرن الأكيد ، ومنه يعرف أنّ نظرية القرن الأكيد تندرج في المسلك القائل بأنّ الوضع وأثره كلاهما أمران واقعيان ـ والشاهد على عدم تحقّق الملازمة بالوضع والاعتبار انّنا إذا اعتبرنا الطواف صلاةً لا تحصل الملازمة التصورية ولا التصديقية بينهما ، فاعتبار العلامية والملازمة والهوهوية بين شيئين وجوديين خارجيين أو بين تصورين لا يحقق تلازماً بينهما لا تصوراً ولا تصديقاً. كما أنّه يرد النقض بالوضع التعيّني ، فإنّه ليس فيه اعتبار ولا تعهّد واضح.

ص ٨٠ قوله : ( ٢ ـ انّ الدلالة اللغوية على أساس هذه ... ).

كون التعهد خلاف الوجدان زائداً على ما ذكر من الاشكالات واضح جداً ، كيف والامّ تعلّم أبنائها في الصغر الألفاظ ومعانيها من دون وجود عهد أصلاً ، وإنّما الدلالة الوضعية تصورية يستفيد منها المستعمل في مقام الاخطار للمعاني والمجاورة ، بل الدلالة التصديقية الاستعمالية أيضاً ليست على أساس التعهد بل من باب الظهور الحالي كالدلالة التصديقية الثانية وهي كالدلالات الطبيعية والتكوينية لا التعهدية.

٣٠

ص ٨١ قوله : ( الرأي المختار في حقيقة الوضع ... ).

نظرية القرن المؤكد لا اشكال في صحتها وتعينها ، ويدل عليها أيضاً عدم إمكان تخريج الوضع التعيني والوضع بالاستعمال والوضع بالتلقين كما في الأطفال إلاّعلى أساس ذلك لا نظرية التعهّد ولا الاعتبار فإنّه ليس فيه إلاّكثرة الاستعمال من دون اعتبار ولا تعهّد.

إلاّأنّنا نخالف تعبير السيد الشهيد قدس‌سره في تحليل هذه النظرية ، فنرى أنّ الاقتران الشرطي يتحقق بين الاحساس باللفظ والمعنى لا تصور اللفظ والمعنى ، ففرق بين باب تداعي المعاني كالنوفلي والسكوني وبين باب دلالة الألفاظ حيث انّه في باب تداعي المعاني يكون كل معنى ملحوظاً مستقلاًّ غير فانٍ في الآخر ، بخلاف اللفظ فإنّ تصوره آلي فانٍ في المعنى ، ومن هنا قيل بتنزيله منزلة المعنى أو جعله عينه ومتّحداً معه ويسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ ، فكأنّه نفس المعنى ، وهذا تحليله أنّ الاقتران والرمزية يحصل بين الاحساس الباطني باللفظ والمعنى ابتداءً فيحذف تصور اللفظ من البين.

ونختلف مع السيّد الاستاذ الشهيد قدس‌سره أيضاً في أنّ مجرد القرن الأكيد الشديد ليس وضعاً ، فما أكثر الاقترانات الأكيدة التي تحصل بين الأصوات ومعانٍ خارجية ، ولكن ذلك لا يحقق وضعاً ما لم يتبانَ العرف وأهل اللغة على ذلك ، ولعلّ مسلك التعهّد كان ينظر إلى هذه الحيثية ، ولكن لا بالنحو الذي شرحه السيّد الخوئي قدس‌سره من وجود التزام من قبل كل مستعمل بقضية تعليقية انّه كلما جاء باللفظ أراد تفهيم المعنى الخاص لتكون الدلالة الوضعية تصديقية ، بل بمعنى قبول العرف وتوجههم واعترافهم بذاك الاقتران في لغتهم ، وإن شئت قلت : مقبولية ومعروفية ذلك الاقتران الأكيد.

٣١

فالوضع مزيج من القرن المؤكد وقبول أهل اللغة الواحدة بذلك ولو ضمناً ومن خلال الاستعمال باستخدام ذلك اللفظ لافهام ذاك المعنى ، وليس أمراً تكوينياً وقرناً أكيداً محضاً ولا هو تبانٍ عرفي محض بل مزيج منهما ، أي قرن أكيد بين اللفظ والمعنى متبنّى من قبل العرف ـ ولو عملياً ـ باستخدامه كثيراً في مقام المحاورة وتفهيم المعنى ـ كما في الوضع التعيّني ـ أو بالتباني عليه ـ كما في الوضع التعييني ـ ولهذا بعض الأصوات التي تكون لها منبهيّة واقتران طبيعي أو شرطي مع معنى خاص قد تكون فيها نفس الدلالة والارتباط الثابتة بين الألفاظ ومعانيها ، كأصوات الحيوانات الموجب تصوّرها وسماعها للانتقال إلى تصوّر ذلك الحيوان ، ولكنها ليست دلالة لفظية بل يكون استعمالها لاخطار ذاك الحيوان غلطاً بحسب الأعراف اللغوية.

وكذلك الألفاظ التي هي من لغات اخرى ويعرفها أهل هذه اللغة أيضاً في الجملة ، فإنّه لا يكفي ذلك لاعتبارها من هذه اللغة ؛ لكونها لا تنسجم مع قواعد هذه اللغة واصولها. نعم ، الأعلام الشخصية لا فرق فيها بين لغة ولغة ، لمقبوليتها العامة ، وكون أمرها بيد صاحبها.

فالحاصل : لابد زائداً من حصول الاقتران الأكيد بين اللفظ والمعنى من المقبولية النوعية اللغوية ، وهي التي تحصل بكثرة الاستعمال أو بالوضع التعييني ، والله الهادي للصواب.

ص ٩٠ قوله : ( وأمّا الجامع بالنسبة إلى أفراده بالعرض ... ).

لبّ المقصود أنّ الذهن يمكنه أن ينتزع مفهوماً انتزاعياً عن الخصوصيات والأفراد لمفهوم آخر بما هي خواص فيمكنه أن يحكى عنها بذلك المفهوم

٣٢

الانتزاعي بحيث يكون متحداً معها بما هي خواص كمفاهيمها الخاصة التفصيلية المنطبقة عليها فقط ، وهذه براعة الذهن البشري وقدرته على إمكان انتزاع مفاهيم انتزاعية تنطبق على المتباينات بل المتناقضات بما هي متباينة كانتزاع مفهوم الشيء مثلاً ولا يرد اشكال صدور الواحد عن الكثير ولا اتحاد الواحد مع الكثير لكون المفهوم انتزاعياً ذهنياً.

والصحيح انّ كلا الاعتراضين المذكورين يمكن الاجابة عليهما بما تقدّم في أصل تقريب امكان القسم الثالث من الوضع من انّه يكون من خلال عناوين كلية عامة ، ولكن تحكي الخصوصية والتي تكون بالحمل الأولي خاصاً أو جزئياً أو نسبياً وبالحمل الشائع عاماً واسمياً ، فيكون وجهاً للخاص بهذا الاعتبار ، فإنّ هذه النكتة بنفسها تفي بدفع كلا الاشكالين ، أمّا اشكال التباين بين مفهوم العام والخاص ـ الاشكال الأوّل ـ فلأنّ هذا التباين هنا محفوظ ؛ لأنّ مفهوم النسبة أو الخاص بالحمل الأولي غيره بالحمل الشائع فلا يقاس بمفهوم الإنسان وزيد.

وإن شئت قلت : انّ هذا المفهوم العام منتزع من نفس تلك الحيثية الخاصة المراد وضع اللفظ لها بالحمل الأولي.

وأمّا اشكال التجريد وعدم حكاية المفهوم الجزء عن الكل والمركّب ـ الاشكال الثاني ـ فلأنّ هذا لا يصدق على مثل هذه العناوين المنتزعة من الخصوصية والفردية ، فتكون بالحمل الأولي منطبقة على الخاص بما هو خاص ، وإن كانت بالحمل الأولي عاماً وكلّياً ؛ ولعلّ روح المطلب واحد.

٣٣

ص ٩٧ قوله : ( ٣ ـ الوضع بالاستعمال ... ).

أمّا على مسلك القرن المؤكد فباعتبار تحقق القرن والاقتران الخارجي بالاستعمال كما يتحقق بالوضع بجنبته التكوينية قهراً ، فإذا كان مؤكداً أثر لا محالة في ايجاد العلقة الوضعية والسببية لقانون المنبهات الشرطية فيمكن أن يتوصل بهذا الفعل التكويني إلى ذاك الأمر ، أي الملازمة التصورية النفس الآمرية وهو حقيقة الوضع. وأمّا على التعهّد أو الاعتبار فالاستعمال حقيقته قصد اخطار المعنى خارجاً بذكر اللفظ وحده أو مع القرينة ـ كما في المقام ـ وتحقيق ذلك خارجاً ، وهذا فعل آخر غير فعل التعهّد أو الاعتبار ولا يكون كاشفاً عنه بل لو فرض ارادة المستعمل للاعتبار أو التعهّد أيضاً زائداً على الاستعمال كان لابد وأن يفعله ويأتي بما يدل عليه فيكون من قبيل ضم فعلين وكاشفين أحدهما إلى الآخر ، وهذا وإن كان ممكناً إلاّأنّه ليس من الوضع بالاستعمال دقةً وحقيقة ، بل الوضع حاصل بفعل النفس ، ويكون الاستعمال مجرد مبرز عن ذلك لمن يتعقّل ذلك ويمكنه كشف مثل هذه الامور الاعتبارية أو التعهديّة ، مع انّ الوضع بالاستعمال أبسط من ذلك جزماً ، وهذا بنفسه يكون أقوى شاهد على صحة نظرية القرن لوضوح وقوع الوضع بالاستعمال كثيراً كما في موارد تلقين الطفل بالألفاظ وتعليمه اللغة أو في موارد وضع الاصطلاحات في الفنون والأصناف الخاصة.

ولكن الشهيد الصدر قدس‌سره ذكر تخريجين بناءً على مسلك الاعتبار لتصوير الوضع بالاستعمال نصرة لصاحب الكفاية.

١ ـ بناءً على ايجادية المعاني الانشائية يقال بأنّ الوضع ينشأ بنفس الاستعمال.

٣٤

وقد ناقشه مبنىً باعتبار عدم صحة ايجادية المعاني بالألفاظ وما يقال في المسببات الاعتبارية في المعاملات ليست بمعنى الانشائية أيضاً ، بل بمعنى التسبب إلى تحقق موضوع الاعتبار العقلائي أو الشرعي بنفس ابراز الاعتبار الشخصي باللفظ وهو غير ايجادية المعاني.

إلاّأنّ الصحيح منقاشته بناءً أيضاً ، فإنّ الاستعمال اخطار فعلي تكويني للمعنى باللفظ ولو مع القرينة ، وهو تسبّب تكويني باللفظ إلى خطور المعنى وكاشف عن قصده في نفس المستعمل أيضاً ، وهذا لا يصلح لايجادية وضع اللفظ واعتباره عين المعنى وأداة له والذي هو مقولة اخرى ، لا يتحقّق باخطار المعنى باللفظ بالفعل ، فلا يصلح أن ينشأ بهذا ذاك.

وإن شئت قلت : إنّ جعل اللفظ للمعنى بناءً على مسلك الاعتبار معنى انشائي اعتباري أجنبي عن باب الاستعمال وإلاّ كان كل استعمال انشاءً للاعتبار ، فليس الاستعمال الخارجي للفظ من أجل اخطار معناه قالباً صالحاً لانشاء الوضع بمعنى اعتبار العينيّة بين اللفظ والمعنى به بل ذاك يحتاج إلى ما يدل على ايجاد ذاك الفعل الانشائي المباين مع الاستعمال وما يكشف عنه من قصد اخطار المعنى.

٢ ـ بناءً على مسلك صاحب الكفاية من التعبير عن الوضع بتخصيص اللفظ وربطه بالمعنى امّا اعتباراً أو حقيقة وتكويناً يقال بأنّ الاستعمال ايجاد وتحقيق لمصداق هذا الربط فهو يكفي لتحقيق العلقة الوضعية فيكون من الوضع بالاستعمال بلا حاجة إلى عناية اخرى نظير انشاء المبادلة بين المالين بالعقد وايجادها خارجاً بالمعاطاة فتحصل العلقة الوضعية بذلك كما تحصل بالتخصيص الاعتباري.

٣٥

وقد اعترض عليه السيد الشهيد قدس‌سره :

أوّلاً ـ انّ هذا تخصيص لشخص اللفظ أي سماعه الجزئي في هذا الاستعمال وربطه بمعنى ايجاد الحظور الشخصي للمعنى في ذهن السامع في هذا الزمان والمكان وهو غير الوضع الذي هو تخصيص نوع اللفظ بالمعنى وربطه به بنحو القضية الحقيقية الكلية النفس الآمرية والذي هو المنشأ بالتخصيص الاعتباري.

ودعوى انّ اللفظ ينظر إليه بما هو كلي لا بخصوصيته لا ربط له بالمقام فإنّ اللفظ في الاستعمال لا ينظر إليه إلاّبما هو جزئي والانتقال منه إلى تصور الكلي مطلب آخر أجنبي عن هذا المبنى ، كما انّ مبنى القرن الذي يكتفى فيه بالاقتران بين اللفظ الجزئي والمعنى دائماً أجنبي عن مبنى صاحب الكفاية ، الذي يرى الوضع تخصيصاً اعتبارياً انشائياً وحكماً باللفظ على المعنى غايته يقول انّه كانشاء المبادلة بين المالين يمكن ايجاد مصداقه خارجاً بالمعاطاة فيشكل عليه بأنّه لا يحقق مصداق المنشأ والتخصيص الوضعي وهو التخصيص بين طبيعي اللفظ والمعنى.

فلا يوجد تخصيص حقيقي إلاّبين الجزئيّين أي شخص اللفظ المستعمل وشخص المعنى المتصور وهو لا يجدي في ايجاد الاختصاص الكلي النفس الأمري إلاّبالاعتبار والجعل وهو أمر آخر وعناية اخرى.

وثانياً ـ الوضع تخصيص اللفظ المجرد بالمعنى بحيث يكون طبيعي اللفظ أداةً لخطور المعنى منه بلا قرينة وهذا لا يتحقق مصداقه خارجاً باستعمال اللفظ حتى مع قصد التخصيص لأنّ اللفظ مهمل بحسب الفرض فلا يمكن أن يخطر به

٣٦

المعنى إلاّمع القرينة من اشارة أو غيره إلى المعنى وإلاّ كانت الدلالة ذاتية وهي واضحة البطلان ، فالدلالة والاقتران والتخصيص التكويني لا يقع بين اللفظ المجرد والمعنى الذي هو مصداق التخصيص الوضعي وما يقع لا يكون مصداقاً للتخصيص الوضعي ، ومجرد إرادة ذلك وقصده لا يكون كافياً لتحققه ولا يكون وضعاً وإلاّ لاكتفى الواضع بارادة التخصيص.

والحاصل : دلالة اللفظ على المعنى بنفسه خارجاً ومصداقاً لا يتحقق لكي يكون مصداقاً للوضع وتخصيصاً خارجياً بين ذات اللفظ والمعنى وإن أراده وقصده المستعمل وإنّما هو جمع وقرن بين تصور اللفظ وبين تصوّر المعنى الذي افهم بدال آخر عليه. والمفروض انّ هذا ليس حقيقة الوضع عند أصحاب هذا المسلك وإنّما حقيقته التخصيص وكونه مخطراً للمعنى.

ص ١٠٠ قوله : ( ثمّ انّه قد يعترض ... ).

هذه الاعتراضات عامة ترد حتى على المسلك الصحيح المختار في حقيقة الوضع وانّه القرن المؤكّد. ومن هنا لابد من الاجابة عليها :

الأوّل : لزوم تصور اللحاظ في جانب اللفظ والحكاية وهو محال ؛ لأنّ الاستعمال يلحظ فيه اللفظ أداةً لاخطار المعنى والوضع يلحظ فيه استقلالاً ليحكم على المعنى من دون حكائية فعله وهذان لحاظان لقضيتين وعمليتين لا تجتمعان في قضية وعملية واحدة.

وإن شئت قلت : أنّ اللفظ في الوضع يلحظ استقلالاً ؛ لأنّه محكوم به كما أنّ حكايته ودلالته على المعنى يلحظ لحاظاً اخبارياً لا ايجادياً بخلاف عالم الاستعمال.

٣٧

وحاصل جواب السيد الشهيد قدس‌سره عليه : أنّ المبنى غير تام وهو لزوم كون اللفظ ملحوظاً استقلالاً في مقام الوضع لكونه محكوماً به. فإنّه إنّما يتم على مسلك القوم ، أمّا على مسلكنا فلا حاجة إليه فيكفي اللحاظ الأدائي أو الآلي للفظ لحصول العلقة الوضعية ، لأنّه قرن مؤكّد بين تصور اللفظ والمعنى ، بل لابد وأن يلحظ مرآةً لكي يتحقق الاقتران بين اللحاظ الآلي له والمعنى.

وأمّا على مسلك القوم في حقيقة الوضع فإذا أرادوا في المقام التسبّب بهذا الاستعمال إلى تحقق الوضع لا أنّه بنفسه الوضع أمكن الجواب عليه بما عن العراقي قدس‌سره انّ الملحوظ آلياً شخص هذا اللفظ والملحوظ استقلالياً طبيعي اللفظ في القضية الانشائية الوضعية الايجادية أو الابرازية المنكشفة بالاستعمال فلم يجتمع اللحاظان على ملحوظ واحد ، بل هناك قضيتان وفعلان لكل منهما لحاظاته ، إلاّأنّ هذا هو العناية الزائدة الفائقة على الاستعمال ويكون ضم الاستعمال إليه كضم الحجر إلى الإنسان ، فاشكال الميرزا قدس‌سره الأوّل تعبير فني لأصحاب مسلك الاعتبار إذا أرادوا تحقيق الوضع بالاستعمال بلا عناية زائدة.

وأمّا إذا اريد جعل الاستعمال بنفسه وضعاً كما يقول صاحب الكفاية قدس‌سره فهذا الاشكال إنّما يتم لو اريد به منع المصداقية للوضع بأن يقال أنّ الوضع هو الاختصاص بين اللفظ الملحوظ استقلالاً والمعنى وانّ هذا هو الذي يحكم به وينشئه الواضع.

وامّا إذا قيل بأنّ الواضع ينشىء الاختصاص بين اللفظ الملحوظ أداةً أو مطلق

٣٨

تصور اللفظ والمعنى سواء كان ملحوظاً استقلالاً أو أداة وان الأداتية تنشأ في طول الوضع بين تصور اللفظ كذلك والمعنى وإن كان حين الوضع يتصور اللفظ مستقلاًّ فلا يرد هذا الاشكال لتحقق المصداقية للمنشأ بالاستعمال.

الثاني : خروج هذا الاستعمال عن الحقيقة والمجاز معاً فيكون غلطاً.

وأجاب عليه في الكفاية بجواب والشهيد الصدر بجواب آخر أيضاً كما في الكتاب.

الثالث : اشكال الدور وجواب العراقي مع جوابه في الكتاب.

ثمّ إنّه يمكن إضافة تقسيم آخر إلى التقسيمات الثلاثة المتقدمة للوضع ، وهو تقسيمه إلى الوضع المطلق والوضع المشروط ، أي المقيّد فيه نفس العلقة الوضعية بقيد كما ذكره المحقّق الأصفهاني قدس‌سره في تفسير مختار المحقّق الخراساني قدس‌سره لشرطية اللحاظ الاستقلالي في الأسماء واللحاظ الآلي في الحروف ، حيث أرجع اللحاظين قيداً للعلقة الوضعية لا للمعنى الموضوع له.

وهذا معقول بناءً على مسلك التعهّد والذي تكون الدلالة الوضعية بناءً عليه تصديقية تعهّدية ، وأمّا على مسلك القرن المؤكّد فغير معقول ؛ لأنّ القرن فعل تكويني خارجي لا يعقل فيه الإطلاق والتقييد ، ونتيجته أيضاً أمر تكويني هو التلازم التصوّري أمره دائر بين الوجود والعدم.

وبناءً على مسلك الاعتبار إذا افترضنا أنّ النتيجة المطلوبة من الوضع التلازم التكويني التصوري فهذا أيضاً لا يعقل فيه الإطلاق والتقييد ، وإن كانت النتيجة أمراً انشائياً وضعياً كما في سائر الامور الانشائية أمكن التقييد فيه.

٣٩

ص ١٠٦ قوله : ( نعم يعقل أن يكون التعهد مشروطاً بطبيعي القصد ... ).

إذا قبلنا مسلك التعهد فلا ينبغي التشكيك في اختصاصه بمقام المحاورة أي أنّ كل مستعمل إنّما يتعهد بقصد اخطار المعنى الحقيقي عند إرادته لأصل التفهيم والمحاورة والمخاطبة لا مطلقاً ، ولو كان في مقام تجربة صوته مثلاً أو غير ذلك. فالتبعية بهذا المعنى على مسلك التعهد متعيّن.

ثمّ إنّ العلمين نظرهم إلى الدلالة الاستعمالية وأنّ اللفظ المشترك بين المعنى المركب وجزئه كالرقبة لا تجتمع دلالته المطابقية مع التضمنية في مورد واحد ؛ لأنّ المستعمل امّا يستعمله في المركب أو في جزئه فيكون تابعاً لارادته ، وهذا لا ربط له ببحث التبعيّة التي خاضها الاصوليون.

ص ١٠٧ قوله : ( وثانياً : انّ الارادة ... ).

هذا جواب مبني على القول بكون الدلالة اللفظية تصورية ، وعلى مسلك القرن فقط لا الاعتبار الذي بناءً عليه ذكر السيد الخوئي لغوية الجعل المطلق.

والصحيح إمكان الجواب عليه حتى على مسلك الاعتبار ، وذلك لأنّ الغرض وإن كان هو المحاورة واخطار المعاني بالألفاظ إلى الاذهان ، إلاّأنّ هذا هو الغرض الأقصى والذي بناءً على كون الدلالة الوضعية تصورية أي تلازماً بين تصور اللفظ وتصور المعنى ، والملازمة التصورية لا يمكن أن يكون أحد طرفيها إلاّ التصور لا الوجود العيني التصديقي فلا محالة يضطر الواضع أن يتوصل إلى غرضه الأقصى بايجاد تلك الملازمة التصورية بالاعتبار ولا تناقض ولا خلف غرض في ذلك كما هو واضح.

٤٠