توضيح المراد - ج ١

السيد هاشم الحسيني الطهراني

توضيح المراد - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المصطفوي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٠٢

الرابع مذهب الطبيعيين وهو ان الابصار بانطباع صورة المرئى فى العين وتأديها الى مجمع النورين عند مقابلته لها.

الخامس مذهب طائفة من الفلاسفة وهو ان الجسم الشفاف الواقع بين العين والمرئى يتكيف بالشعاع الكائن فى العين ويصير بذلك آلة للابصار.

السادس مذهب الشيخ شهاب الدين السهروردى صاحب الاشراق وهو ان الابصار باشراق من النفس الى المرئى بمعنى ان النفس يقع لها علم حضورى بالمرئى عند المقابلة وحصول سائر الشرائط وارتفاع الموانع كعلم النفس بالقوى والاعضاء فلا شعاع ولا انطباع عنده.

السابع مذهب صدر المتألهين صاحب الاسفار الّذي تقبله الحكيم السبزوارى بقبول حسن وهو ان الابصار بانشاء النفس صورة مماثلة لصورة المرئى فى عالم مثالها ومرتبة خيالها عند حصول الشرائط وارتفاع الموانع ، والفرق بين هذا المذهب ومذهب الانطباع ان وقوع الصورة وانطباعها فى الحاسة بتأثير النفس فى مذهبه كما ان التخيل هو وقوع الصورة فى الحس المشترك بفعل المتخيلة وايرادها اياها فيه وفى مذهب الانطباع بتأثير المبصر الخارجى.

قوله : انعكس عنه الى كل ما نسبته الخ ـ يعنى انعكس الشعاع من المرئى الصيقلى الى كل جسم نسبته إليه فى الوضع والمحاذاة كنسبة العين إليه فى ذلك فاذا وضعت المرآة فى مقابل العين بحيث يكون الخط الشعاعى الخارج إليها قائما عليها انطبق الخط الشعاعى المنعكس على الخط الشعاعى الخارج من العين الى المرآة وحدثت زاويتان قائمتان فى جانبى الخط يكتنف على احداهما هذا الخط وخط

آخر واقع على نصف السطح من المرئى الصيقلى ويكتنف على الاخرى هذا الخط وخط آخر واقع على نصفه الآخر ولم تحدث زاوية أخرى للانطباق وليتصور ذلك من هذا الشكل وليكن خط ( ا ـ ب )

ما وقع على سطح المرآة وخط ( ج ـ د ) ما خرج من العين وانعكس على نفسه.

٣٠١

والمدرك اى الناظر فى المرآة يبصر حينئذ وجهه فنسبة الوجه الى المرآة المرئية كنسبة العين إليها بل تؤخذ النسبتان بحسب الحقيقة فى هذه الصورة من العين الى المرآة ومن المرآة الى العين لانطباق الخطين الخارج والمنعكس ، والمراد من الخط الشعاعى هو سهم المخروط الممتد من رأسه الى وسط قاعدته.

واما اذا وضعت المرآة بحيث يقع الخط الشعاعى الخارج إليها مائلا عليها فينعكس الى كل جسم وضعه بالنسبة الى المرآة كوضع العين بالنسبة إليها وتحدث زاويتان يكتنف على احداهما الخط الشعاعى الخارج وخط واقع على سطح المرآة ويكتنف على الاخرى الخط الشعاعى المنعكس وخط آخر واقع على سطح المرآة وهاتان الزاويتان حادتان متساويتان دائما على ما بين فى مظانه تسميان بزاويتى الشعاع والانعكاس وزاوية اخرى يكتنف عليها الخطان الخارج والمنعكس وهذه يمكن ان تكون حادة او قائمة او منفرجة ومجموع الثلاث يساوى القائمتين ، والمدرك يبصر حينئذ ما ينتهى إليه الخط المنعكس وهو قد يكون شيئا من وجهه وقد يكون شيئا آخر خارجا من وجهه.

وليتصور ذلك من هذا الشكل وليكن خط ( ا ـ ب ) ما وقع على سطح المرآة وخط ( د ـ ج ) ما خرج من العين الى المرآة وخط ( ج ـ ه‍ ) ما انعكس من المرآة الى ذلك الشيء.

قوله : شعاع الى العين ـ لو حذف لفظة الى العين لكان اولى.

قوله : وهو باطل لان الصورة الخ ـ يعنى لو انطبعت صورة الجسم المرئى فى المرآة ثم من المرآة فى العين لزم ان لا يتغير وضعه بتغير وضع الرائى الناظر فى المرآة ولا يتحرك بتحركه اذا كانت المرآة ثابتة ولكنا نرى اذا كانت المرآة ثابتة ونظرنا الى جسم فى المرآة ثم تحركنا يتحرك المرئى فى المرآة بتحركنا وليس ذلك الا لتحرك الخط المنعكس التابع للخط الخارج التابع لنا فى الحركة

٣٠٢

قوله : بواسطة الروح المصبوب ـ هذا هو المسمى بالروح البخارى الّذي فى غاية اللطافة والرقة.

قوله : خيال بانفراده ـ الخيال والخيالة بفتح الخاء كل صورة متمثلة فى الذهن او الخارج ، فى النوم او اليقظة ، فى جسم صيقل او فى غيره.

المسألة الرابعة عشرة

( فى انواع القوى الباطنية المتعلقة بادراك الجزئيات )

قول الشارح : فتركب صورة انسان الخ ـ وكذا غير ذلك مما له حقيقة فى الخارج.

قول المصنف : المبرسم ـ عطف على القطرة الا ان الرؤية فى الاول مضاف الى المفعول وهنا الى الفاعل ، والمبرسم على صيغة المفعول من عرضه البرسام وهو المرض المسمى بذات الجنب اذا اشتد يرى صاحبه صورا واشكالا ليس لها وجود فى الخارج.

قول الشارح : التى باعتبارها تحكم النفس الخ ـ خبر لهى بعد خبر.

قوله : وهذا كلام ضعيف ـ ان كان مراد الشارح العلامة ان اصل قاعدة امتناع صدور الاثرين عن الواحد من حيث هو واحد من دون واسطة ضعيف كما انكرها المتكلمون فقد مر الكلام فيه فى المسألة الثالثة من الفصل الثالث من المقصد الاول ، وان كان كلامه فى الصغرى وعنى ان الحس المشترك ليس واحدا حقيقيا بل له جهتان وحيثيتان باحداهما يقبل وبالاخرى يحفظ فليس فيه كثير اهمية اذ مرادهم اثبات القوتين سواء فرضناهما لموجودين او لموجود واحد ، اما كتاب الاسرار فلم اظفر أنا به الى الآن.

قوله : ولهم خلاف فى ان المذكرة الخ ـ اعلم ان استعادة المعانى الغائبة فى الحافظة ليست الا الادراك ثانيا فالاستعادة انما هو عمل الوهم كما ان القوة العاقلة تدرك الكليات وتستعيدها من خزينتها عند الحاجة إليها لكن الاستعادة

٣٠٣

باستعانة الحافظة اذ لو لم يستثبت المعانى لم يقدر الوهم على الاستعادة فالتذكر هو ادراك الوهم المعنى المحفوظ فى الخزينة واستحضاره بعد ادراكه الاول فالوهم هو المدرك وتلك القوة هى الحافظة فليس التذكر عملا غير الحفظ والادراك ثانيا كما توهم من ذهب الى تغاير الحافظة والمذكرة وجعل القوى ستا.

قوله : باعتبار استعمال الحس لها ـ فى بعض النسخ باعتبار استعمال الوهم لها وهذا هو الصحيح

٣٠٤

الفصل الخامس

( فى مباحث الاعراض التسعة )

الاول منها الكم

المسألة الثالثة

( فى خواص الكم )

قول الشارح : يوجد فيه شيء غير شيء ـ اى يكون الشيء بحيث يمكن ان يشار الى شيء منه دون شيء آخر منه من دون انفكاك فيه وهذا المعنى من لوازم المقدار ، والمعنى الثانى لقبول القسمة هو استعداد الشيء للافتراق والانفكاك وهذا المعنى من لوازم المادة لا من لوازم المقدار لان المقدار متصل فى ذاته والشيء لا يقبل ما يقابل ذاته اذ القبول يعتبر فيه بقاء القابل والافتراق لو عرض على المتصل فى ذاته لم تبق ذاته.

قوله : على ما سلف البحث فيه ـ فى المسألة السابعة من الفصل الاول.

قوله : امكان وجود العادّ ـ العاد فى اصطلاح اهل الحساب هو العدد الّذي يفنى عددا اكثر باسقاطه عنه مرات ولا يبقى من الاكثر شيء كالاثنين الّذي يفنى العشرة مثلا اذا اسقط عنه خمس مرات وكذا الاربعة والخمسة بالنسبة الى العشرين ، والواحد وان كان له هذه الصفة بالنسبة الى جميع مراتب الاعداد الا انه ليس بعدد ، والكم المتصل يمكن ان يكون له عاد بالعرض لانه اذا تجزى باجزاء فرضية كقطعة خشب يقسم الى عشرة اجزاء يعرض عليه الكم المنفصل فيوجد له العاد بالعرض كما للمنفصل العارض بالذات.

قوله : او عارضها كالسواد الحال فى السطح ـ ان هذا المثال غير لائق

٣٠٥

بالمقام لان السواد وامثاله ليست من الكيفيات العارضة على الكميات مع ان حلول السواد فى السطح غير معقول لان السطح كما انه نهاية الجسم باعتبار مقداره نهاية اللون الحال فى الجسم أيضا ونهاية اللون لا يمكن ان يتكيف باللون كما ان نهاية الجسم لا يمكن ان يكون جسما ، نعم ان العامة يقولون ان هذا السطح اسود ولكنه تسامح فى امر السطح لا يدرونه هم والخاصة يعلمونه ، فالمثال الحق للعارض على الكميات هو الكيفيات المختصة بالكميات كالشكل والخلقة والزوجية والفردية على ما يأتى فى المسألة السابعة والعشرين من مبحث الكيف.

قوله : او ما يجامعه فى المحل ـ كالسواد الحال فى الجسم المجامع للجسم التعليمى الحال فيه ، وقد مر ما يناسب هذا فى المسألة الرابعة من الفصل الاول.

قوله : او ما يتعلق بما يعرض له الخ ـ قد مر لهذا تفصيل فى المسألة الثانية عشرة من الفصل الثالث من المقصد الاول.

والحاصل ان الكم بالعرض اما معروض الكم بالذات او عارضه او مجامعه فى المحل او ما يتعلق بمعروضه او عارضه او مجامعه.

المسألة الرابعة

( فى احكام الكم )

قول المصنف : ويعرض ثانى القسمين فيهما لاولهما ـ اى ويعرض الكم المنفصل الذاتى للكم المتصل بقسميه الذاتى والعرضى ، وكان ينبغى ان يجعل قوله وهو ذاتى وعرضى فى هذه المسألة لا من المسألة السابقة.

اعلم ان الكم المنفصل اى العدد كالاضافة يعرض لجميع الاشياء حتى الواجب تعالى باعتبار انه موجود فى الموجودات كما قال تعالى : ( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ ) الخ وحتى انه يعرض لنفسه فيقال عشرة آلاف مثلا فان الآلاف اعداد عرضت لها عشرة.

قول الشارح : وأيضا الزمان متصل بذاته الخ ـ هذا مثال لعروض الكم

٣٠٦

المنفصل للكم المتصل العرضى فان الزمان له اعتباران فانه من حيث هو هو كم متصل ذاتى ومن حيث انه عارض على الحركة العارضة على المسافة كم متصل عرضى اذ المسافة التى هى السطح باعتبار وقوع الحركة عليها كم متصل ذاتى والزمان عارض عليها بواسطة الحركة.

قوله : بالمسافة أيضا ـ اشارة الى الاعتبارين يعنى ان الزمان كما يعرض له التقدير اى الكم المنفصل بذاته على ما اشار إليه بقوله : وكذا الزمان يقسم الخ يعرض له بالمسافة أيضا

قوله : ان انواع الكم المنفصل يتقوم الخ ـ هذا ينافى ما مر فى المسألة العاشرة من الفصل الثانى من المقصد الاول من قوله : ان العدد انما يتقوم بالوحدات لا غير.

قوله : فحصول التقويم والقابلية الخ ـ اى حصول التقويم فى انواع الكم المنفصل وحصول القابلية فى انواع الكم المتصل يقتضي انتفاء التضاد بين الانواع من كل منهما ، وكذا حصول قابلية الكم المتصل للكم المنفصل كما مر يقتضي انتفاء التضاد بين المتصل والمنفصل.

قوله : موضوع قريب مشترك ـ اى لا يمكن ان يعرض الثلاثة والخمسة مثلا على سبيل التعاقب على موضوع قريب واحد اذ بزوال الثلاثة ينتفى موضوعها ويحصل موضوع آخر ، وانما قيد الموضوع بالقريب لان العدد له موضوع قريب هو اشخاص المعدودات وموضوع بعيد هو الجسم من حيث هو جسم مثلا ولا شبهة ان الثلاثة والاربعة والخمسة وكذا سائر مراتب الاعداد عارضة على الجسم كل فى عرض الاخر فللاعداد موضوع بعيد مشترك هو الجسم مثلا.

قوله : وكذا المتصل فان الجسم الخ ـ اى لا يمكن عروض الخط على ما يعرض عليه السطح وكذا عروض السطح على ما يعرض عليه الجسم التعليمى كل ذلك بلا واسطة ، واما عروض المتصل والمنفصل على موضوع واحد دفعة او على سبيل التعاقب بان يعرض المنفصل بحسب القسمة الوهمية على المتصل فممكن

٣٠٧

ولكن هذا لا يوجب التضاد بينهما لان المتضادين كما يمتنع حلولهما فى محل واحد معا يمتنع عروض احدهما على الآخر.

قول المصنف : ويوصف بالزيادة الخ ـ قال صاحب الشوارق والسبب فى ذلك هو ان الشدة عبارة عن بعد احد الضدين عن الضد الاخر والضعف عبارة عن قربه منه كما يقال هذه الحرارة اشد من تلك الحرارة فان معناه ان هذه الحرارة ابعد بالقياس الى البرودة من تلك الحرارة وتلك الحرارة اقرب الى البرودة من هذه الحرارة وكذا الحال فى قولنا هذا السواد اشد من ذلك السواد فان معناه ان هذا ابعد من البياض وذلك اقرب إليه الى غير ذلك من الامثلة فتحقق الشدة والضعف فى شيء فرع تحقق التضاد فيه بخلاف الزيادة والكثرة ومقابليهما فتدبر.

قول الشارح : والفرق بين الشدة الخ ـ توضيحه ان الكثرة والقلة تتحققان بالنسبة الى العدد اى يوصف العدد بهما فيقال هذا العدد كثير وذلك العدد قليل ، والزيادة والنقصان يتحققان بالنسبة الى الكم المتصل فيقال مثلا هذا الخط زائد وذلك الخط ناقص ، وكل نوع من انواع الكم المتصل يعتبر الزيادة والنقصان بين افراده لا بالنسبة الى نوع آخر فلا يقال هذا الخط زائد على ذلك السطح وهكذا السطح والجسم ، بل يقال هذا الخط زائد على ذلك الخط وهذا السطح زائد على ذلك السطح وهذا المقدار من الجسم زائد على ذلك المقدار من الجسم وهذا الزمان زائد على ذلك الزمان ، وكذا من جانب النقصان ، ففى ذلك كله يكون حقيقة الزائد والناقص واحدة خطا او سطحا او جسما ، وكذا القليل والكثير فى العدد ، فمراده بالاصل الموجود هو معروض القلة والكثرة ومعروض الزيادة والنقصان فان العدد القليل والعدد الكثير حقيقة واحدة وكذا الخط الزائد والخط الناقص حقيقة واحدة وهكذا السطح الزائد والناقص والجسم الزائد والناقص.

اقول : هذا صحيح فى غير العدد اذ قد مر فى المسألة العاشرة من الفصل الثانى من المقصد الاول ان مراتب الاعداد انواع مختلفة.

قوله : بخلاف الشدة ـ اى ليس حقيقة الشديد والضعيف واحدة فان الشديد

٣٠٨

من الحمرة مثلا حقيقة ونوع والضعيف منها حقيقة اخرى وبيان ذلك يأتى فى المسألة السادسة من مبحث الكيف.

قول المصنف : وانواع المتصل القار الخ ـ اعلم ان الجسم التعليمى الّذي هو الطول والعرض والعمق والسطح الّذي هو الطول والعرض فقط والخط الّذي هو الطول فقط موجودة فى الخارج وكل موجود بلحاظ انه موجود له اعتبار بشرط الشيء مع ان الامور المادية مشروطة بالمادة أيضا فى الخارج فلها فى الوجود الخارجى من الاعتبارات الثلاثة اعتبار بشرط الشيء فقط ، واما فى العقل وبحسب مفاهيمها الكلية فلها الاعتبارات الثلاثة كسائر الطبائع الكلية ، واما بحسب الخيال وتصورها جزئية فهى تابعة لما فى الخارج تقع فى الخيال صورها الجزئية الماخوذة من الخارج ولكن النفس لها قدرة ان يلاحظها فى صقع الخيال من غير التفات الى محالها وموادها واعراضها وهذا معنى اللابشرط لهذه الاشياء فى وجودها الخيالى ، وهى بهذا الاعتبار موضوعات للعلوم الرياضية التى تسمى بالعلوم التعليمية والتعاليم لان الفلاسفة كانوا يبتدءون بها فى تعليم الفلسفة رياضة لاذهان المبتدءين وتقويما لافكارهم فان للرياضيات هذا الشأن والتأثير ، ولذلك اطباء النفوس يأمرون من فى فكره اعوجاج ان يشتغل أولا بالرياضيات محضا ثم يشتغل بغيرها ، وأيضا كان غرض الفلاسفة من ابتدائهم بالرياضيات حين التعليم تأنيس النفوس باليقينيات وتبعيدها عن الغلط اذ هى علوم دقيقة يقينية مبتنية على بديهيات توافق عليها العقل والوهم ، وعلى هذا فعلى المحصلين ان لا يتجاوزوا الى غيرها من العلوم ما لم يمارسوا مسائلها كما ان عليهم ان لا يتجاوزوا الى سائر العلوم ما لم يزكوا نفوسهم من مساوى الاخلاق بتعلم علمها ، وكلا الامرين من وصايا السابقين فاحتفظوا عليها كى تكونوا من الفائزين.

قول الشارح : وقد تؤخذ باعتبار آخر ـ هو ما فى كلام المصنف الآتي.

قول المصنف : وان كانت تختلف الخ ـ يعنى يخالف الجسم التعليمى السطح والخط فى انه يمكن تخيله بشرط لا دونهما لان السطح والخط حيث انهما لا يتحققان

٣٠٩

الا عند نهاية الجسم والسطح فى الخارج وفى الخيال فلا يمكن تخيلهما بشرط لا عنهما اذ التقيد بعدم شيء ينافى وجوده نعم يمكن قطع النظر عن الجسم والسطح كما مر بيانه فالخط والسطح اما ان يتخيلا بشرط الشيء الّذي هو غير منفك عنهما واما ان يتخيلا لا بشرط شيء بان لا يلتفت الى ذلك الشيء ولا يمكن اخذهما بشرط لا عن محلهما ، واما الجسم التعليمى فيتخيل بكل من الاعتبارات الثلاثة ، واما النقطة فهى كالخط والسطح فى عدم امكان تخيلها بشرط لا الا انها ليست تعليمية.

قول الشارح : كون الجسم تعليميا الخ ـ فى هذا الكلام مسامحة اذ ليست مفارقة الجسم التعليمى للسطح والخط باعتبار كونها تعليمية بل بذلك الاعتبار الاخر

قوله : لافتقاره الى برهان ـ اى التناهى عارض من عوارض الجسم لان ثبوته للجسم يفتقر الى البرهان كما مضى فى المسألة الاولى من الفصل الثالث.

قوله : ولان السطحين اذا التقيا الخ ـ توضيحه ان التقاء السطحين عند تلاقى الجسمين اما بالاسر واما لا بالاسر والاول يلزمه التداخل وهو محال لان الالتقاء بالاسر هو التقاء كل جزء من الملتقيين بكل جزء من الملتقى الاخر والثانى يلزمه انقسام السطح فى جهة ثالثة غير جهة الطول والعرض أيضا وهذا خلف لان ما فرضناه سطحا ليس بسطح بل جسم لان المنقسم فى الجهات الثلاث هو الجسم فاذا كان الفرضان محالان فوجود السطح محال ، وكذا الكلام فى التقاء الخطين والتقاء النقطتين.

والجواب ان الالتقاء انما هو بالاسر ولا يلزم التداخل المحال لان التداخل المحال هو تداخل الابعاد والسطح ليس له بعد ثالث غير الطول والعرض فالسطحان يجتمعان ولا يشغلان بعدا اصلا فلا يلزم التداخل المحال.

قوله : وهو ثخنه ـ اى احد ابعاد الجسم هو ثخن الجسم ، وفى بعض النسخ وهو الجهة اى عدم احد ابعاد الجسم هو الجهة وهذا اصح.

قوله : ان اتصلا ـ بان يكون الجسمان ما يعين فينعدم السطحان بامتزاجهما.

٣١٠

قوله : وان العدم المطلق الخ ـ يعنى ان المجردات حيث انها ليس فيها الكمية التى هى مناط الاتصاف بالتناهى واللاتناهى تتصف بعدم التناهى عدما مطلقا لا باعتبار الملكة فهى غير متصفة بالتناهى ولا باللاتناهى الّذي يقتضي شأنية المتصف به للاتصاف بالتناهى كالجدار الّذي لا يتصف بالعلم ولا باللاعلم الّذي هو الجهل ، وتقدير العبارة ان عدم التناهى عدما مطلقا يصدق على المجرد الّذي سلب عنه التناهى الّذي لا يصدق باعتباره ان ذلك المجرد متناه ، هذا فى الكم المتصل ، واما المنفصل فيتصف المجردات به كما يقال : العقول العشرة فتتصف بالتناهى العددى.

٣١١

الثانى من الاعراض التسعة الكيف

المسألة الثالثة

( فى انقسام الكيفيات المحسوسة الى انفعاليات وانفعالات )

قول الشارح : ان كانت راسخة ـ كصفرة الذهب وحلاوة العسل ورطوبة الماء

قوله : لانفعال الحواس عنها أو لا ـ يعنى ان الحواس فى اوّل الالتفات تدرك غالبا تلك الكيفيات.

قوله : غير راسخة ـ كصفرة الوجل وحمرة الخجل وحرارة الماء المسخن ورائحة الدم وحموضة الحصرم اذا كان على الشجر.

المسألة الرابعة

( فى مغايرة الكيفيات المحسوسة للاشكال والمزاج )

قول الشارح : والملاقى لذلك التقطيع الخ ـ اى الاجزاء المدورة التى تلاقى ذلك التقطيع وتملأه هى الاجزاء الحلوة ، وفى بعض النسخ المتلاقى ، والاصح المتلافى بالفاء كما فى بعض الشروح.

قول المصنف : والمزاج لعمومها ـ يعنى ان الكيفيات المحسوسة مغايرة للمزاج لانها اعم منه اذ هى توجد فيما لا يوجد المزاج كالبسائط والاعم مغاير للاخص فليس المزاج نفس مجموع الكيفيات الموجودة فى المركب على ما هو مذهب بعض الاوائل وان كان هو من الكيفيات فتأمل.

قول الشارح : فاللون والطعم الخ ـ يعنى ان اللون والطعم اللذان هما من الكيفيات المحسوسة ليسا من الملموسات اذ اللون مبصر والطعم مذوق وكذا غيرهما مما ليس بملموس والمزاج من الملموسات لانه كيفية متوسطة بين الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فينتج من الشكل الثانى ان اللون والطعم ليسا بالمزاج.

٣١٢

قوله : وان كان تابعا له الخ ـ يعنى ان اللون والطعم وغيرهما من الكيفيات التى تحصل فى المركب ولا تكون من الملموسات وان كانت تابعة للمزاج الحاصل فيه لكن التابع مغاير للمتبوع.

اقول : ان الشارح العلامة رحمه‌الله لم يأت فى الشرح بما اشار إليه المصنف ، بل اتى لاثبات مغايرتها للمزاج بدليل الاختلاف والتغاير فى المحمول أيضا.

المسألة الخامسة

( فى البحث عن الملموسات )

قول الشارح : اظهر عند الطبيعة ـ يعنى ان الكيفيات الملموسة اظهر من سائر الكيفيات المحسوسة عند طبيعة الاحساس فالمدرك اذا خلى وطبعه ولم يكن فى قصده ادراك محسوس خاصّ اذا لاصق جسما يظهر له أولا كيفيته الملموسة ثم سائر الكيفيات فلذلك سميت الملموسات اوائل المحسوسات كما سميت الكيفيات الاربع الملموسة : الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة اوائل الملموسات اذ هى تدرك أولا عند اللمس ثم تدرك سائر الكيفيات الملموسة بواسطتها.

قوله : لعمومها بالنسبة الخ ـ يعنى لا يخلو حيوان كائنا ما كان من حاسة اللمس بخلاف سائر الحواس كما لا يخلو جسم بسيطا كان او مركبا من الكيفية الملموسة بخلاف سائر الكيفيات ، والسر فى ذلك ان الحيوان لا يتم امر حياته ومعاشه بجلب الملائم ودفع المنافر الا بان يكون حاسة اللمس فى ظاهر جميع بدنه منتشرة.

قوله : دون العكس ـ هذا خلاف التحقيق لان المراد بالفعل ان كان اعطاء كل صورة من الصور العنصرية اثرها للمادة فكل من العناصر فاعل بصورته لكل مادة من مواد العناصر الباقية ومنفعل بمادته من كل صورة من صور العناصر الباقية اذ لو لا ذلك لما حصل التشابه فى المزاج ، وان كان المراد به كسر السورة فكل من الحرارة والبرودة تنكسر سورتها بالاخرى وكذا الرطوبة واليبوسة ، وقد مضى

٣١٣

بيان ذلك مشروحا فى تعليقات المسألة الثالثة من الفصل الثانى.

قوله : كاللطافة والكثافة الخ ـ كل اثنين من هذه الثمانية على الترتيب متضادان ، وعدّ منها أيضا اللين والصلابة ، الخشونة والملاسة ، الغلظ والرقة.

قوله : بينهما غاية التباعد ـ اذا كانت كل منهما فى عنصرها الخاص بها.

قوله : تطلق على معان ـ وقد عدوا لها معنى رابعا هو الحرارة الحاصلة من الحركة.

اقول : كون كل من هذه الحرارات الاربع حقيقة مخالفة للباقية ينافى تمثيلهم بها للمعلول الواحد النوعى بالنسبة الى العلل المختلفة كما مر فى المسألة الثالثة من الفصل الثالث من المقصد الاول عند قول المصنف ، وفى الوحدة النوعية لا عكس.

قوله : والجمهور يطلقون ـ اى جمهور الناس.

قول المصنف : وهما مغايرتان للين والصلابة ـ انما قال ذلك دفعا لتوهم انهما هما ، والفرق بين الرطوبة واللين انها لا بد فيها من السيلان والميعان دونه ، وبين الصلابة واليبوسة ان الاولى لا بد فيها من عدم الانغمار دون الثانية ، والنسبة بين كل اثنين عموم مطلق فكل ما كان رطبا فهو لين دون العكس وكل ما هو صلب فهو يابس دون العكس فالهواء رطب ولين والشمعة التى تسخنت قليلا لينة غير رطبة والحديد صلب ويابس وتلك الشمعة يابسة غير صلبة هذا ، واما اللين على ما فسره الشارح من انه يكون للجسم به قوام غير سيال فبينه وبين الرطوبة تباين وعلى هذا فالهواء رطب غير لين كما ان تلك الشمعة لينة غير رطبة ، واما الصلابة واليبوسة فبينهما عموم مطلق البتة اذ لا يمكن ان يكون الجسم صلبا غير يابس.

قول الشارح : لما كان الثقل والخفة الخ ـ يعنى لم يكن المصنف رحمه‌الله بصدد ذكر غير الاوائل من الملموسات ولكن لما كانت الخفة اثر الحرارة والثقل اثر البرودة بحث عنهما.

قوله : واعلم ان كل واحد منهما الخ ـ الثقل اما مطلق واما مضاف وكذا

٣١٤

الخفة كما فى عبارة المتن ، والثقيل المطلق هو الارض والمضاف هو الماء والخفيف المطلق هو النار والمضاف هو الهواء ، وعبر عنهما الشارح بالحقيقي والاضافى ، والاضافة اما ان تلاحظ باعتبار الحركة واما ان تلاحظ باعتبار المتحرك.

بيانه ان الثقيل المضاف هو ما فى طبعه اذا خرج عن مكانه ان يتحرك نحو المركز ويقف بطبعه حيث تكون المسافة بينه وبين المحيط المراد به سطح كرة النار المحدب اكثر من المسافة بينه وبين المركز هذا تفسير الثقيل المضاف باعتبار الحركة ، واما تفسيره باعتبار المتحرك فهو ما يكون الثقيل المطلق سابقا له فى الحركة الى المركز بحيث يصل هو الى نفس المركز ويقف هو ما دونه ، واما الخفيف المضاف بالاعتبارين فهو يفسر كما يفسر الثقيل المضاف الا ان يبدل المحيط فى كل مورد فى العبارة بالمركز ويبدل المركز بالمحيط ، وهذا مراد المصنف بقوله : ويقالان بالإضافة باعتبارين.

اعلم ان الجسم الكروى له مركز ثقل ومركز حجم ، والاول هو نقطة فيه اذا قطع الجسم من اى جهة بنصفين على سطح مستو مارّ بتلك النقطة كان النصفان متساويين فى الوزن سواء كانا متساويين فى المقدار أم لا ، والثانى هو نقطة فيه يكون الخطوط الخارجة منها الى المحيط فى جميع الجوانب متساوية ، وبين المركزين عموم من وجه فان الجسم الكروى اذا كان جميع اجزائه من حقيقة واحدة كالماء مثلا ينطبق المركز ان واما اذا كان بعض اجزائه من الخشب وبعضها من الحديد مثلا يختلف المركز ان من حيث الموضع ، والمراد بالمركز هاهنا هو مركز الثقل فاذا كان منطبقا على مركز الحجم فلا اشكال ، واما اذا لم يكن فواجب على قاعدة اقتضاء الثقل ان ينطبق مركز ثقل الارض على مركز العالم دون مركز حجمها ، وهذا خلاف ظواهر كلمات القوم من ان مركز الارض هو مركز العالم اذ وحدة السياق تقتضى ان يكون المراد بمركز الارض مركز حجمها لان المراد بمركز العالم مركز حجمه قطعا.

قوله : وقد يعرض له ان يتحرك الخ ـ اى قد يعرض للهواء الّذي هو الخفيف

٣١٥

المضاف ان يتحرك عن المحيط الى المركز وذلك اذا يقسره قاسر ويدخله فى مكان النار ، او ان يتحرك عن اعالى كرته الى اسافلها وهذا اظهر.

قوله : فهو عند المحيط الخ ـ اى الهواء ثقيل بالإضافة الى النار وخفيف بالإضافة الى الماء والارض كما ان الماء خفيف بالإضافة الى الارض ثقيل بالإضافة الى الهواء والنار ، وحاصل الكلام الى هنا ان الخفيف ما تحرك بطبعه نحو المحيط سواء وصل به فيكون مطلقا او لا فيكون مضافا والثقيل ما تحرك نحو المركز كذلك

قول المصنف : والميل طبيعى الخ ـ سيأتى إن شاء الله تعالى فى مبحث الحركة بيان هذه الاقسام.

قول الشارح : الموانع الخارجية والداخلية ـ الموانع الخارجية هى القوام الّذي يتحرك الجسم فيه ويعبر عنه بالمعاوق الخارجى فكلما كان اغلظ كان اكثر منعا للمتحرك وكانت الحركة ابطأ وكلما كان ارق كان أقل منعا له وكانت الحركة اسرع ، والموانع الداخلية هى الطبيعة ويعبر عنه بالمعاوق الداخلي وهى تمنع القوة القسرية الحاصلة فى المقسور وتدافعها حتى تضمحل ويرجع الجسم الى حركته الطبيعية او السكون فكلما كانت الطبيعة اكثر كان منعها للقوة القسرية اكثر وكلما كانت اقل كان لها اقل ، وسيأتى بيانهما عن قريب

قوله : وهو ميله العرضى ـ اى خرق الهواء بسبب الحجر هو الميل العرضى له ، وفيه تجوز لان الخرق متفرع على الميل لا هو نفس الميل اذ هو كيفية فى الجسم والخرق انفعال فى القوام الّذي تقع فيه الحركة يتبعه تغير الوضع.

قوله : بل يكون الجسم ابدا الخ ـ اى الجسم المتحرك بالقوة القاسرة ، ولكن يمكن ان يكون الجسم على صرافة الميل الطبيعى حينما يتحرك بطبعه ولا قاسر ، ولا يمكن ان يكون على صرافة الميل القسرى لان القسر لا يتحقق من دون الطبيعة فمتى تحقق فالميل الطبيعى موجود ولو ضعيفا لوجود الطبيعة لما يأتى عن قريب.

قوله : هذا اشارة الى الدليل الخ ـ وبعبارة اخرى اشارة الى الدليل على

٣١٦

انه لا حركة قسرية حيث لا ميل طبيعى.

قوله : ان المتحرك اذا كان خاليا عن المعاوقة الخ ـ يعنى ان المتحرك بالحركة القسرية اذا كان خاليا عن المعاوقة الداخلية التى هى من الطبيعة ، وهذا البرهان نظير البرهان الّذي اقيم على وجوب القوام الّذي هو المعاوق الخارجى للمتحرك بالطبع وامتناع الخلاء فى المسألة العاشرة من الفصل الاول ، وهنا اقيم على وجوب الطبيعة وميلها الّذي هو المعاوق الداخلي للمتحرك بالقسر ، واطلاق المعاوق على كل من الطبيعة والميل المعلول لها صحيح ، ويجب هنا فرض وحدة القوة القاسرة والمقسور والمسافة والقوام الّذي يتحرك فيه الجسم المقسور ، ونتيجة ما هنا وما هنالك وجوب المعاوق الخارجى فى الحركة الطبيعية ووجوب المعاوق الخارجى والداخلي معا فى الحركة القسرية ، واما الحركة الارادية من حيث المعاوق فحكمها حكم القسرية لان المتحرك حقيقة هو البدن وهو مقسور النفس فى حركته

قول المصنف : وعند آخرين هو جنس الخ ـ اعلم ان الميل كالحركة التى هى معلوله ينقسم الى الذاتى والعرضى ، والميل العرضى كميل جالس السفينة التابع لميلها كحركته ، والميل الذاتى عند الحكماء ينقسم الى ثلاثة اقسام كما مر ، ثم الميل الطبيعى ينقسم الى اقسام باختلاف الطبائع فالميل المعلول لطبيعة الارض مثلا قسم غير الميل المعلول لطبيعة النار ، وكذا الميل النفسانى ينقسم الى اقسام باختلاف النفوس فالميل المعلول لنفس النبات قسم غير الميل المعلول لنفس الفلك مثلا ، وكذا الميل القسرى ينقسم الى اقسام باختلاف القوة القاسرة ، ولكن هذه الاقسام لا تقتضى اختلاف الميول فى الحقيقة والنوع لان اختلاف حقائق العلل لا يستلزم اختلاف حقائق المعلولات فاختلاف الطبائع والنفوس لا يدل على اختلاف الميول وكذا اختلاف الميول لو ثبت لا يدل على اختلاف الحركات بحسب الحقيقة والنوع فمناط اختلاف الحركات غير اختلاف الميول ومناط اختلاف الميول غير اختلاف الطبائع والنفوس كما ان تماثل الحركات لا يدل على تماثل الميول وتماثل

٣١٧

الميول لا يدل على تماثل الطبائع والنفوس فاستدلال المتكلمين بتماثل الحركات من حيث الجهة على تماثل الميول خطأ لان حركة الهواء نحو العلو وحركة الحجر نحوه قسرا وان كانتا متماثلتين من حيث الجهة الا ان الضرورة تشهد بان الميلين مختلفان ، واما المتكلمون فيتنوع الميل عندهم الى ستة انواع بحسب الجهات الست فالميل الى العلو مثلا عندهم نوع والى السفل نوع آخر.

قول الشارح : لان تساوى المعلول يستلزم تساوى العلة ـ يعنى لان وحدة الحركة التى هى معلول للميل بالنوع يستلزم وحدة العلة التى هى الميل بالنوع فالميل الّذي يقتضي الحركة الى جهة العلو مثلا حقيقة واحدة فى جميع الافراد.

اقول : هذا مردود بوجهين : الاول ان وحدة المعلول بالنوع لا يستلزم وحدة العلة بالنوع بل الامر على عكس ذلك لما ذكر فى المسألة الثالثة من الفصل الثالث من المقصد الاول ، الثانى ان وحدة الحركة من حيث الجهة لا يستلزم وحدتها من حيث الحقيقة اذ تختلف من حيث الطبيعة والإرادة والقسر مع وحدة الجهة.

قوله : واختلف ابو على وابو هاشم الخ ـ تحقيق الحق ان اجتماع الميلين الذاتيين سواء كانا طبيعيين او قسريين او اراديين او مختلفين فى جسم واحد الى جهتين مختلفتين بحيث يظهر اثرهما ويتحقق حركتهما الى تينك الجهتين ممتنع بالضرورة لامتناع الحركتين الذاتيتين لجسم واحد الى جهتين مختلفتين بالضرورة ، واما اجتماع الميل الذاتى والميل العرضى كما فى السائر فى السفينة الى جهة غير الجهة التى تسير إليها السفينة ، او اجتماع الذاتيين الى جهة واحدة كما فى الحجر المرمى من فوق الى سفل بقوة ، والانسان المندفع الى جهة يريد السير إليها ، والانسان الساقط من مرتفع يريد السقوط منه الى سفل او اجتماع الميلين الذاتيين الى جهتين بحيث لم يظهر اثر احدهما لكونه مغلوبا للآخر ويظهر اثر الاخر لكونه غالبا كما فى الحجر الصاعد قسرا ، والانسان المندفع الى جهة يريد الذهاب الى جهة اخرى ، والانسان الساقط من شاهق يريد عدم السقوط منه بل وقع السقوط لزلقه وغفلته. او لم يظهر اثر منهما لكونهما متساويين فى القوة كما فى الحلقة

٣١٨

التى يتجاذبها اثنان بحيث تبقى الحلقة فى ايديهما ساكنة فان فيها ميلين قسريين الى جهتين مختلفتين وميل طبيعى الى جهة السفل ، والانسان المندفع الى جهة يريد الذهاب الى جهة أخرى يكون قوته مساوية لقوة الدافع فغير ممتنع كما يشهد به الامثلة.

قوله : من اجناس الاعتماد ـ يعنى من انواعه التى تحت جنس واحد.

قوله : وقال ابو على ان الثقل راجع الخ ـ يعنى ان الثقل عنده هو تزايد اجزاء الجسم بسبب شدة انضمامها فالجسمان اذا تساويا فى المقدار وكان اجزاء احدهما ازيد من اجزاء الاخر فالازيد اجزاء اثقل من الاخر.

قوله : لان تزايد الاجزاء الخفيفة الخ ـ هذا نقض على ابى على ، بيانه ان زيادة اجزاء احد الجسمين على اجزاء الاخر واقع فى الجسمين الخفيفين كالهوائين كما ينفخ فى احد الزقين المتساويين اكثر مما نفخ فى الاخر ولا يصح ان يقال ان الهوائين ثقيلان فضلا ان يكون احدهما اثقل من الاخر.

قوله : فى كلية الحكمين ـ اى فى ان كل عرض مفتقر الى محل وان كل عرض يمتنع حلوله فى محلين والطاعن فى كليه الحكم الثانى ابو هاشم وبعض الاوائل وقد مر ذكر مقالتهما فى المسألة الرابعة من الفصل الاول ، واما الطاعن فى كلية الحكم الاول فلم اظفر به الى الآن.

قوله : بان صفة ذاته الخ ـ حتى عرفوه بانه كيفية بها يكون الجسم مدافعا لما يمانعه ، وحاصل الاستدلال انه لو لم يكن له محل لم يكن له وجود لان مدافعة المحل من ذاتياته فلو انتفى المحل انتفت المدافعة فانتفت ذاته.

قوله : يستلزم الاشتراك فى الذات ـ فيكون التأليف والاعتماد حقيقة واحدة وهو باطل قطعا.

قوله : وان كان تولدهما الخ ـ اى وان كان تولد الأكوان والاعتماد فى غير محل الاعتماد يحتاج الى التماسّ كما اذا اوجد جسم فى جسم اعتمادا او حركة او سكونا او اجتماعا مع جسم ثالث او افتراقا عن جسم ثالث فانها لا تمكن الا بتماس

٣١٩

الجسم الاول للجسم الثانى.

قوله : حال حركته ـ وكذا حال سائر الاكوان.

قوله : وفى غير محل القدرة الخ ـ مراده بغير محل القدرة حجران مثلا يتصادمان ويتكون الصوت من تصادمهما من غير دخالة ذى إرادة ، ومراده بمحل القدرة كفان من انسان مثلا يضرب احداهما على الاخرى ويتكون الصوت من ضربها عليها.

قوله : والتفريق يولد الالم ـ اذا كان التفريق فى جسم حلت فيه الحياة.

المسألة السادسة

( فى البحث عن المبصرات )

قول الشارح : وفى الضوء النور الخارق والظلمة ـ النور الخارق هو نور الشمس الخارق النافذ فى جميع ما تحتها الواصل الى الارض ، وعدّ الظلمة احد طرفى النور غير صحيح لان المراد بالطرفين هما الطرفان الداخلان فى حقيقة النور ، والظلمة خارجة عنها ، فالصحيح ان يقال النور الضعيف القريب من الظلمة الصرفة.

قوله : وهذا تنبيه على الخ ـ يعنى قول المصنف : طرفاه تنبيه على ان اصول الالوان هى البياض والسواد والبواقى تابعة لهما حاصلة منهما خلافا لقوم ذهبوا الى ان اصول الالوان خمسة وتحصل البواقى بالتركيب من بعضها او جميعها.

قوله : كما فى الغبرة ـ لا شبهة ان لون الغبرة يحصل من اختلاط الجسم الاسود مع الجسم الابيض وذلك لا يستلزم اجتماع البياض والسواد فى محل واحد لانه محال بالبديهة ، بل حصول الغبرة اما باستحالة كل من البياض والسواد من حد صرافته الى حد آخر كما فى امتزاج الماء الحار والماء البارد كما مر توضيح ذلك فى بعض تعليقات المسألة الثالثة من الفصل الثانى ، او بتصغر اجزاء كل من الملونين وبقاء كل من اللونين على حاله وعدم ادراك البصر بياض الجزء الابيض لصغره وسواد الجزء الاسود لذلك أيضا ، بل يدرك للمجموع لونا متوسطا بين السواد والبياض.

٣٢٠