توضيح المراد - ج ١

السيد هاشم الحسيني الطهراني

توضيح المراد - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المصطفوي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٠٢

وباق بحاله من التقوم والتعين والوجود ويتوارد عليه فى كل ان اين اخر وكذا معنى حركة الماء فى السخونة هو ان الماء باق بعينه ويتبدل عليه فى كل ان فرد من السخونة وظاهر ان مثل ذلك التبدل والتوارد لا يمكن فى الوجود بالقياس الى الماهية لان الماهية لا يتصور كونها متقومة وموجودة وباقية بنفسها ليتصور توارد الوجود عليها انتهى وما نقل الشارح رحمه‌الله فى هذا المقام مختل كما نبه عليه فى آخر كلامه.

المسألة السابعة

( فى ان الوجود خير والعدم شر )

قول الشارح : انا اذا تاملنا الخ ـ اقول : هاهنا امور لها دخل فى إيضاح هذه المسألة ولا بأس بذكرها.

الاول : ـ مفهوم الخير ليس ذاتيا لما تحته من الافراد لانه منتزع من امور مختلفة لا اشتراك لها فى ذاتى وكذلك الشر.

الثانى : ان الخير حقيقى واضافى وكذلك الشر اما الحقيقيان فالخير هو ما تطلبه الاشياء من حيث هى اشياء والشر ما تنفر عنه الاشياء من حيث هى اشياء واما الاضافيان فالخير هو ما يحبه شيء والشر هو ما يبغضه شيء والمبحوث عنه على ما يظهر من كلماتهم هو الحقيقيان فلذلك ادعى بداهة خيرية الوجود وشرية العدم فان المطلوب لكل شيء من حيث هو شيء مع قطع النظر عما يقع بين الكائنات الفاسدات من الارتباطات هو الوجود والمنفور عنه لكل شيء من حيث هو شيء مع قطع النظر عن ذلك هو العدم والنسبة بين الحقيقى والاضافى عموم من وجه فان بعض الوجودات مبغوض لبعض الاشياء وبعض الاعدام محبوب لبعض الاشياء وبعض الوجودات محبوب لبعض الاشياء والخير والشر الاضافيان هما اللذان اخذا فى تعريف اللذة والالم ويختلفان بالإضافة والاعتبار فان شيئا واحدا يكون خيرا باعتبار وشرا باعتبار اخر ويكون خيرا بالإضافة الى شخص وشرا بالإضافة الى شخص آخر فان

٢١

الدواء الّذي يشربه المريض مثلا مبغوض له باعتبار ذائقته ومحبوب له باعتبار حال مزاجه وقتل زيد مثلا مبغوض بالإضافة الى احبائه ومحبوب بالإضافة الى اعدائه.

الثالث : ان كل ممكن له آثار وتوابع ترجع الى ثلاث حيثيات : الوجود والماهية التى هى حد الوجود والعدم اى عدم امور عن هذا الممكن الموجود ولا شبهة فى ان توابع كل من هذه الحيثيات الثلاث لا بدّ ان تستند الى متبوعها ومنشأها ولكن الناس لا يفرقون بين تلك الحيثيات ولا يميزون تابعا عن تابع حتى يسندوا كلا الى متبوعه بل يرون موجودا ويرتبون عليه كل تابع وهذا هو السر فى ان اهل العلم والتحقيق يرون الخير من الوجود والشر من العدم وان اهل الجهل والتخمين يزعمون ان الشر مستند الى الموجود من حيث هو موجود فبعد ما سلم ان الصادر بالذات من الجاعل هو الوجود والماهية مجعولة بالعرض لانها حده والعدم لا يكون مجعولا اصلا فتوابع كل من هذه الثلاث فى الجعل بالذات او بالعرض او عدم الجعل كمتبوعها.

الرابع : ان المدعى يرجع الى قضايا أربعة : كل وجود خير وعكسه كليا وكل عدم شر وعكسه كليا وقد يتراءى فى كلام صدر المتالهين رحمه‌الله فى مباحث العلة والمعلول من الاسفار ان الماهية منشأ الشرور وكل شر من جهة الماهية قال : ان الماهيات والاعيان الثابتة بحسب اعتبار ذواتها من حيث هى هى وبحسب تميزها عن الوجود عند تحليل العقل منشأ الاحكام الكثيرة ، والامكان وسائر النقائص والذمائم اللازمة لها من تلك الحيثية ، ويرجع إليها الشرور والافات التى هى من لوازم الماهيات من غير جعل وقال فى اواخر المرحلة الثانية من السفر الاول : واما الماهيات الامكانية والاعيان الثابتة فى العقول فهى فى حدود انفسها لا توصف بخيرية ولا شرية لانها لا موجودة ولا معدومة باعتبار انفسها ووجودها المنسوب إليها على النحو الّذي قررناه مرارا خيريتها وعدمها شريتها فالوجود خير محض والعدم شر محض انتهى وقد يتوهم ان بين كلاميه تهافتا وليس لان حاصل كلاميه ان الماهية منشأ للشر وان الشر هو العدم ولا تهافت بينهما وتنتج هاتان القضيتان ان

٢٢

الماهية منشأ للعدم وهذا حق لا مرية فيه اذ الوجود المحدود من حيث هو محدود يستلزم العدم اى عدم امور عن الممكن الموجود وحيث لا حد له كالواجب تعالى فلا يتصور هناك حيثية العدم وحاصل الامر ان الوجود هو الخير والعدم الّذي منشأه الماهية هو الشر وان كانت الماهية من حيث هى هى لا توصف بالشرية والخيرية كما ان منشئيتها للعدم والشر انما هو باعتبار وجودها لانها من حيث هى هى لا تكون منشأ له بل باعتبار انها حد لوجود ما وهاهنا سر راجع الى القضاء والقدر اشار إليه صدر المتالهين رحمه‌الله فى مباحث العلة والمعلول من الاسفار عند ذكر هذا المطلب وليس هاهنا موضع ذكره.

الخامس : ان للثنوية شبهة هى ان الخيرات لا بدّ ان تصدر من مبدأ خير والشرور من مبدأ شر لوجوب المناسبة بين المبدأ والصادر فيجب الالتزام بمبدإ ذى حيثيتين وهذا ينافى احدية الواجب او مبدءين وهذا ينافى واحديته والجواب اتضح بما مر من البيان حيث لا وجود للشر فى الاعيان حتى نطلب له مبدأ موجودا فالمبدأ احد واحد والصادر منه الخير لا غير واما الشرور الاضافية فمن الممكن ان يكون فيها امر وجودى الا انه ليس شرا فى نفسه بل بالإضافة والاعتبار.

السادس : ان فى المسألة مذهبين الاول لارسطو وهو ان الامور تتصور من حيث الخيرية والشرية على خمسة ضروب : الخير المحض والشر المحض والغالب خيره والغالب شره والمتساوى شره وخيره والموجود فى الخارج على حسب البرهان والوجد ان الاول والثالث وكلاهما صادر ان من مبدأ واحد هو خير محض اما الاول فظاهر واما الثانى فعدم صدوره شر كثير لان منع الخير الاكثرى شر اكثرى وهو لا يليق بالخير المحض والمذهب الثانى لافلاطون وهو ان الصادر خير لا غير لما بيناه ويمكن التوفيق بينهما بان افلاطون ناظر الى الخير والشر الحقيقيين وارسطو ناظر الى الاضافة اى ناظر الى الاشياء مع النظر الى الارتباطات التى بينها حيث نظر الى النار مثلا فوجد فيها خيرات كثيرة فى جنبها شرور قليلة فذهب الى ما ذهب ولكن النار من حيث هى نار اى موجود له آثار مخصوصة خير لا شر فيها

٢٣

الا انها بالنظر الى ارتباطها بسائر الكائنات الفاسدات يتحقق منها امور مبغوضة الى اشخاص معدودة وكذا الماء وكذا الحيات والعقارب وغيرها من حيث هى موجودات خيرات يترتب على وجودها منافع ربما يخفى علينا اكثرها ولكن من جهة ارتباطها بغيرها تقع امور يبغضها الناس ويعدونها شرورا هذا.

اذا تمهدت هذه الامور فاعلم ان بعض القوم كصاحب الشوارق قال ببداهة هذه القضايا اى الوجود خير والعدم شر وعكساهما وقال لو كان فيها خفاء فلعدم تحقيق ماهية الخير والشر ثم اورد امثلة كالشارح هاهنا وحلل كل واحد منها الى امور وجودية وامور عدمية وبين ان الشرور فيها راجعة الى الامور العدمية وظاهر بعضهم انها نظرية واستدل عليها فى اواخر حكمة الاشراق فى مبحث الشر والشقاوة وفى اوائل الموقف الثامن من السفر الثالث من الاسفار بدليل يراجع الطالب له إليه.

المسألة الثامنة

( فى أن الوجود لا ضد له )

قول الشارح : المسألة الثامنة ـ كان ينبغى ان يجعل هذه المسألة واللتين بعدها مسألة واحدة كما صنع صاحب الشوارق رحمه‌الله.

قوله : اقول الضد ذات الخ ـ يعنى الضد موجود جوهرى لا يجتمع مع جوهرى آخرا وعرضى لا يجتمع مع عرضى اخر فى محل واحد والجوهرى كصورة الذهب الحالة فى مادته فانها لا تجتمع مع صورة الفضة مثلا فى تلك المادة والعرضى كالسواد الحال فى الموضوع فانه لا يجتمع مع البياض مثلا فى ذلك الموضوع فحلول صورة الفضة فى تلك المادة والبياض فى ذلك الموضوع انما يمكن عند زوال صورة الذهب عنها وزوال السواد عنه.

قوله : فى الوجود ـ اى فى الخارج لان المتقابلين يمكن اجتماعهما فى الذهن وسيأتى بيانه فى المسألة السابعة والثلاثين.

اعلم ان نفى الضدية عن الوجود وكذا نفى المثلية عنه فى المسألة التاسعة

٢٤

انما يكون فى الوجود العارض على جميع الاشياء الّذي هو كون الماهية وحصولها وفى حقيقة الوجود من دون تحددها بالماهية وانضمامها بها ويظهر هذا من ادلته واما الوجودات الخاصة المتحددة بالماهيات فيمكن فيها فرض التضاد والتماثل باعتبار ماهياتها فان وجود السواد من حيث هو وجوده يضاد وجود البياض من حيث هو وجوده فلا يجتمعان فى موضوع واحد وكذا وجود البياض لا يجتمع مع مثله فى موضوع واحد.

قوله : ولما استحال الخ ـ قياسان من الشكل الثانى صورة الاول الضد ذات وجودية ولا شيء من الوجود بذات وجودية اذ ليس له ماهية حتى يكون ذاتا ولا له وجود حتى يكون وجوديا فلا شيء من الوجود بضد لشيء صورة الثاني الوجود عارض لجميع المعقولات ولا شيء من احد الضدين بعارض لصاحبه فلا شيء من الوجود بضد لشيء.

قوله : على ما يأتى تحقيقه فى نفى المعدوم ـ هذا سهو منه رحمه‌الله والصحيح ان يقال على ما يأتى تحقيقه فى الوجود المطلق والمقيد وهو فى المسألة الرابعة عشرة لا فى مسألة نفى المعدوم او ثبوت المعدوم التى هى المسألة الحادية عشرة.

المسألة التاسعة

( فى انه لا مثل للوجود )

قول الشارح : اقول المثلان الخ ـ هذا الشرح يشتمل على ثلاثة اقيسة من الشكل الثانى صورة الاول المثلان ذاتان وجوديتان ولا شيء من الوجود بذات وجودية صورة الثانى المثلان ما يكون المعقول منهما اى الطبيعة النوعية من كل منهما مساويا للمعقول من الاخر ولا شيء من الوجود يكون كذلك اذ ليس له طبيعة نوعية لما يأتى فى المسألة السادسة عشرة صورة الثالث ما ذكره فى آخر المسألة.

قوله : يسد كل واحدة الخ ـ اى فى الموضوعية كقولنا زيد انسان فانه يصح

٢٥

ان يكون عمرو مكان زيد فيقال عمرو انسان لانهما مثلان اى فردان مندرجان تحت طبيعة واحدة نوعية.

قوله : ويكون المعقول منهما الخ ـ فان الطبيعة النوعية المعقولة من زيد عين ما يعقل من عمرو فانه اذا عقلت من احدهما تلك الطبيعة لم يعقل من الاخر غير ما عقل من الاول لان التمايز والاختلاف بينهما انما يكون بالعوارض.

قوله : لانا نقول انهما الخ ـ اى شرط التماثل ان يكون كل من المثلين مشتركا فى طبيعة واحدة متمايزا من الاخر بالعوارض الحافة بتلك الطبيعة والكلى والجزئى ليسا كذلك لان احدهما وهو الكلى ليس محفوفا بعوارض اصلا بل يعتبر من حيث هو هو نعم ان الكلى متحد فى الوجود مع الجزئى لكن الاتحاد ليس تماثلا.

اعلم ان البرهان على امتناع اجتماع المثلين هو انهما لو اجتمعا فى محل واحد فاما ان لا يتمايزا فليس فى البين مثلان اثنان وهذا خلف واما ان يتمايزا فليسا فى محل واحد فليسا مجتمعين وهذا خلف أيضا واما الدليل على امتناع اجتماع الضدين هو ان من شرائطهما ان يكونا على غاية الخلاف فلو اجتمعا فى محل واحد فليسا كذلك.

المسألة العاشرة

( فى أنه مخالف لغيره من المعقولات ولا ينافيها )

قول الشارح : اذ القسمة حاصرة الخ ـ وجه الحصر ان الاثنين اما ان يكون بينهما غاية الخلاف أو لا والاول هو التضاد والثانى اما ان يكونا مندرجين تحت طبيعة واحدة نوعية أو لا والاول هو التماثل والثانى هو الاختلاف والمختلفان ان لم يجتمعا كالحجر والحركة الارادية مثلا فهما متنافيان والا فهما المختلفان محضا وسيأتى ما له ربط بما هاهنا فى المسألة الحادية عشرة من الفصل الثانى.

قوله : ولهذا افتقر الخ ـ سيأتى بيانه فى المسألة الخامسة عشرة.

قوله : وهذا فيه دقة ـ اعلم ان المتقابلين يمكن ان يكون لا حد

٢٦

او كليهما اعتباران ويكون التقابل بينهما باحد الاعتبارين دون الاخر كالعدم فانه من حيث هو متمثل ذهنى ليس مقابلا للوجود بل معروض له وانما يقابله من حيث هو عدم وسلب وكذلك الوجود مقابل له من حيث هو هو واما من حيث هو مفهوم ذهنى فيعرض عليه العدم فهما من حيث هما هما متقابلان ومن حيث هما مفهومان ذهنيان يعرض كل منهما على الاخر وكذا الكلية والجزئية فان الكلى من حيث هو متمثل فى الذهن وعرض قائم بالنفس جزئى ومن حيث هو هو كلى صادق على كثيرين والجزئى أيضا من حيث هو هو ليس بكلي بل مقابله ومن حيث هو مفهوم من المفاهيم كلى له مصاديق كثيرة.

المسألة الحادية عشرة

( فى مساوقة الوجود للشيئية وان المعدوم منفى ليس بثابت )

قول المصنف : ويساوق الشيئية ـ المساوقة فى اللغة المعية فى السير بحيث يسير كل من السائرين جنب الاخر وفى الاصطلاح قد يراد بها التساوى المنطقى وقد يراد بها الترادف بحسب المفهوم والظاهر ان بين الشيئية والوجود الترادف بحسب الاصطلاح لا اللغة اذ يستعمل الوجود فى العرف واللغة فى غير ما يستعمل فيه الشيئية وبالعكس كما يقال ممكن الوجود ولا يقال ممكن الشيئية ويقال هل عندك شيء من الدرهم ولا يقال هل عندك موجود من الدرهم وهذا آية على انهما ليسا مترادفين فى العرف واللغة اللهم الا ان يقال انه كان كذلك لتداول استعمال الوجود فى موارد وتداول استعمال الشيئية فى موارد أخرى واما فى اصل اللغة فهما مترادفان.

قول الشارح : وتلازمهما ـ هذا قرينة على ان الشارح رحمه‌الله اراد بالمساوقة التساوى المنطقى لان التلازم انما هو بين مفهومين مختلفين يصدق كل منهما على مصاديق الاخر.

قوله : وقال جماعة من المتكلمين الخ ـ اعلم ان كثيرا من المعتزلة على ما نقل عنهم يقولون ان الماهية لها ثبوت ازلى من قبل نفسها قبل وجودها الّذي

٢٧

هو من جهة الفاعل ودار فى ألسنتهم ان الماهيات ثابتات ازلية وليس هذا الثبوت عندهم من جاعل ولا بتبعية وجود شيء اخر وبهذا يفترقون عن الصوفية حيث يقولون ان الماهيات لها ثبوت فى علم الله تعالى ازلا تبعا لوجود اسمائه وصفاته واصطلحوا على انها اعيان ثابتة على ما فصل فى كتبهم وهذا القول من المعتزلة بديهى البطلان اذ الماهية بنفسها ليست الا اياها ومن قال خلاف ذلك فقد كابر عقله وادعى امرا منكرا عند العقول نعم هاهنا شيء هو ان لفظ الموجود عند العرف ينصرف الى الموجود فى الخارج بل اذا اريد الموجود فى الذهن احتيج الى تنبيه وقرينة ولفظ الشيء يستعمل عندهم فى الماهية باعتبار ثبوت ما اعم من الثبوت الذهنى والخارجى كما يقال عندى شيء فلذلك لا يفيد قولنا الماء شيء مثلا فائدة قولنا الماء موجود ولكن لا شيء من ذلك يفيد اولئك الجماعة فى مذهبهم شيئا اذ الموجود الخارجى له ثبوت خارجى والموجود الذهنى له ثبوت ذهنى ولا شيئية ولا ثبوت للماهيات غير هذين الثبوتين حتى يدعى ان لها ثبوتا وشيئية ازلا ففى اى صقع تحققت الشيئية للماهية فهى وجودها ولا يتصور لها شيئية غير الوجود.

قوله : على ما يأتى ـ فى المسألة الثالثة والاربعين.

قول المصنف : وانحصار الموجود ـ عطف على قوله اثبات القدرة والواو التى بعد القدرة بمعنى مع اتى بها لئلا يتكرر لفظ مع وحاصل كلامه دليلان الاول قوله اثبات القدرة مع انتفاء الاتصاف والثانى قوله انحصار الموجود مع عدم تعقل الزائد والواو التى قبل انحصار الموجود عطفت الدليل الثانى على الاول فلا وجه لقول الشارح رحمه‌الله وانحصار الموجود عطف على الانتفاء لان انحصار الموجود الخ الّذي هو دليل مستقل اذا عطف على الانتفاء صار من تتمة الكلام الاول فلا يكون مستقلا اذا المعطوف والمعطوف عليه فى حكم واحد والعجب انه جرى فى مقام التفسير على ذلك حيث قال ومع انحصار الموجود اذ تكرار مع يدل على عطفه على ما يدخل عليه مع أولا وهو اثبات القدرة وحاصل الدليل الثانى ان لازم كلامهم ثبوت اشخاص غير متناهية من كل نوع فى الازل كما يأتى فى المسألة الثالثة عشرة

٢٨

وهم معترفون بان الكائنات متناهية مع انا لا نعقل للكون معنى زائدا على الثبوت ليقولوا جوابا : ان عدم تناهى الكائنات والموجودات ممتنع لا عدم تناهى الثابتات فلزم التناقض فى كلامهم.

قول الشارح : ان التميز لا يستدعى الثبوت عينا ـ اى فى الخارج بل يكفى فيه الثبوت الذهنى وحاصل الجواب انهم ان ارادوا ان كل متميز ثابت فى الاعيان لم نسلم ذلك للزوم المحالات وان ارادوا فى الذهن لم يفدهم لانهم ادعوا الثبوت فى الخارج.

قوله : والا لم يبق فرق الخ ـ توضيح ذلك ان نفى الامكان هو حال الممتنع كاجتماع النقيضين مثلا فانه ليس بممكن والامكان المنفى هو حال الممكن كالجسم مثلا وتوصيفه بالمنفى لانا ندعى نفيه عن الماهية فى الخارج وثبوته لها فى الذهن واما القائلون بثبوت المعدوم يدعون ثبوته للماهية فى الخارج وحاصل استدلالهم ان امكان الممكن لو كان امرا منفيا عن الخارج لم يبق فرق بين عدم الامكان الّذي هو حال الممتنع والامكان المفروض منفيا فى الخارج الّذي هو حال الممكن والتالى باطل لان بين الحالين فرقا بالضرورة وبيان الملازمة ان عدم الامكان منفى عن الخارج قطعا واذا كان الامكان أيضا منفيا عنه لاستوى المعنيان فالامكان امر ثابت فى الخارج يستدعى محلا ثابتا فيه وهو الماهية الثابتة وحاصل الجواب ان نفى الامكان للممتنع يكون بحسب الذهن والخارج واما الامكان للممكن منفى عن الخارج ثابت فى الذهن لانه امر اعتبارى فالفرق بينهما حاصل.

قوله : وإلا لزم السلسل ـ اى لو كان الامكان ثابتا فى الخارج لكان متصفا بالثبوت وهذا الاتصاف على وجه الامكان لا الوجوب فلزم ان يكون للامكان امكان اخر وننقل الكلام فى الامكان الثانى وهكذا اللهم الا ان يقال ان اتصافه بالثبوت على وجه الوجوب كاتصاف نفس الماهيات به على ما ادعوه فتدبر.

قوله : وان يكون الثبوتى حالا فى محل عدمى ـ عطف على التسلسل اى ولزم ان يكون الثبوتى الخ وهذا لا يلزم على مبناهم لانهم يقولون ان الثبوتى

٢٩

الّذي هو الامكان حال فى المحل الثبوتى الّذي هو الماهية الثابتة الا ان الكلام فى المبنى.

ثم ان ما او هم اولئك لان يعتقدوا بثبوت المعدومات قاعدة ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له فقالوا ان ثبوت الوجود للماهية يستدعى ثبوت الماهيات قبله ولم يتفطنوا ان ما فى الخارج عند الايجاد ليس ثبوت شيء لشيء بل هو ثبوت شيء فقط.

المسألة الثانية عشرة

( فى نفى الحال )

قول الشارح : المسألة الثانية عشرة ـ الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة ان فيها قول بعض المتكلمين بان المعدوم

الممكن له ثبوت قبل وجوده الّذي هو منشأ لآثاره وهو ثابت فى العدم من الازل قبل ان يصير موجودا فالثابت اعم من الموجود وله قسمان الممكن المعدوم والممكن الموجود والمنفى مقابل الثابت ليس له ثبوت اصلا وهو المعدوم الممتنع وعلى هذا فالمعدوم الّذي هو مقابل الموجود اعم من المنفى وله قسمان أيضا المعدوم الممكن والمعدوم الممتنع الّذي هو المنفى فالنسبة بين الثابت والموجود عموم مطلق وكذا بين المعدوم والمنفى وبين الموجود والمعدوم وكذا بين المنفى والثابت تباين كلى واما النسبة بين المعدوم والثابت فعموم من وجه فان بعض المعدوم كالممتنع ليس بثابت وبعض الثابت كالموجود ليس بمعدوم وبعض الثابت كالمعدوم الممكن معدوم وبين الموجود والمنفى تباين كلى لان المنفى اخص من المعدوم الّذي هو مباين للموجود

وفى هذه المسألة قالوا : المفهوم ان كان له ثبوت فى الخارج بالاستقلال فهو الموجود وان كان بالتبعية فهو الحال فالثبوت على قسمين ثبوت استقلالى وهو الوجود وثبوت تبعى وهو لا يسمى باسم خاص بل الموصوف بهذا الثبوت يسمى حالا فالثابت اعم من الموجود والمعدوم اعم من المنفى الّذي هو مقابل الثابت لان المعدوم

٣٠

نقيض الموجود ونقيض الاخص اعم من نقيض الاعم فبين الثابت والمنفى تباين لانهما نقيضان كما بين الموجود والمعدوم واما بين الثابت والمعدوم فعموم من وجه لان بعض الثابت وهو الموجود ليس بمعدوم وبعض المعدوم وهو المنفى ليس بثابت وبعض الثابت ليس بموجود كالحال وهذا مطرد فى كل عام مع نقيض الخاص وبين الموجود والمنفى تباين لان المنفى اخص من المعدوم الّذي هو يباين الموجود

ثم ان الثبوت على القول به فى المسألة السابقة هو شيئية الماهية لا بالتبعية سابقة على الوجود سبقا زمانيا وهذا مما لا يعقل لان الماهية لا شيئية لها من دون وجود ما والثبوت فى هذه المسألة شيئية الصفة تبعا لموجود كالعالمية فانها على ما قالوا موجودة فى الخارج تبعا لذات العالم والجواب انها موجودة فى الذهن معدومة فى الخارج.

قوله : ابو هاشم ـ قال ابن خلكان فى وفيات الاعيان : ابو هاشم عبد السلام بن ابى على محمّد الجبائى بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن ابان مولى عثمان بن عفان رضي‌الله‌عنه المتكلم المشهور العالم ابن العالم كان هو وابوه من كبار المعتزلة ولهما مقالات على مذهب الاعتزال وكتب الكلام مشحونة بمذاهبهما واعتقادهما وكان له ولد يسمى أبا على وكان عاميا لا يعرف شيئا فدخل يوما على صاحب بن عباد فظنه عالما فاكرمه ورفع مرتبته ثم ساله عن مسألة فقال لا اعرف ولا اعرف نصف العلم فقال له الصاحب صدقت يا ولدى الا ان اباك تقدم بالنصف الاخر وكان ولادة ابى هاشم سنة سبع واربعين ومائتين وتوفى يوم الاربعاء لاثنتى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة احدى وعشرين وثلاثمائة ببغداد ودفن فى مقابر البستان من الجانب الشرقى وفى ذلك اليوم توفى ابو بكر محمّد بن دريد اللغوى المشهور وسيأتى ذكر والده إن شاء الله تعالى وحمران بضم الحاء المهملة وسكون الميم وفتح الراء وبعد الألف نون وابان بفتح الهمزة والباء الموحدة وبعد الألف نون والجبائى بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة هذه النسبة الى قرية من قرى البصرة خرج منها جماعة من العلماء هكذا قاله السمعاني فى كتاب الانساب وقال ياقوت الحموى فى

٣١

كتابه المشترك انها كورة وبلد ذات قرى وعمارات من نواحى حوز بغداد والله اعلم

اقول : ابو هاشم هذا وابوه ابو على محمّد بن عبد الوهاب الجبائى هما المعروفان بالجبائيين وسيأتى ذكرهما عن قريب فى كلام الشارح رحمه‌الله.

قوله : والقاضى ـ هذا هو القاضى ابو بكر الباقلانى المشهور عند علماء الاصول والكلام قال ابن خلكان فى وفيات الاعيان : القاضى ابو بكر محمّد بن الطيب بن محمّد بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلانى البصرى المتكلم المشهور كان على مذهب الشيخ ابى الحسن الاشعرى ومؤيدا اعتقاده وناصرا طريقته وسكن بغداد وصنف التصانيف الكثيرة المشهورة فى علم الكلام وغيره وكان فى علمه اوحد زمانه وانتهت إليه الرئاسة فى مذهبه وكان موصوفا بجودة الاستنباط وسرعة الجواب وسمع الحديث وكان كثير التطويل فى المناظرة مشهورا بذلك عند الجماعة وجرى يوما بينه وبين ابى سعيد الهارونى مناظرة فاكثر القاضى ابو بكر المذكور فيها الكلام ووسع العبارة وزاد فى الاسهاب ثم التفت الى الحاضرين وقال اشهدوا على انه ان اعاد ما قلت لا غير لم اطالبه بالجواب فقال الهارونى اشهدوا على انه ان اعاد كلام نفسه سلمت له ما قال وتوفى القاضى ابو بكر المذكور اخر يوم السبت ودفن يوم الاحد لسبع بقين من ذى القعدة سنة ثلاث وأربعمائة ببغداد رحمه الله تعالى وصلى عليه ابنه الحسن ودفنه فى داره بدرب المجوس ثم نقل بعد ذلك فدفن فى مقبرة باب حرب والباقلانى بفتح الباء الموحدة وبعد الألف قاف مكسورة ثم لام الف وبعدها نون.

قوله : والجونى ـ هكذا فى كثير من النسخ والصحيح الجوينى كما فى نسخة طبعت باصبهان وجوين على ما ذكر ابو سعيد السمعاني فى كتاب الانساب بالجيم ثم الواو ثم الياء ثم النون على هيئة التصغير ناحية كبيرة مشتملة على قرى كثيرة بين نيسابور وبيهق.

اقول : بيهق هى التى تسمى اليوم سبزوار.

قال ابن خلكان فى وفيات الاعيان : هو ابو المعالى عبد الملك ابن الشيخ ابى محمّد

٣٢

عبد الله بن ابى يعقوب يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمّد بن حيويه الجوينى الفقيه الشافعى الملقب ضياء الدين المعروف بامام الحرمين اعلم المتأخرين من اصحاب الامام الشافعى على الاطلاق ثم ذكر له احوالا وفضائل الى ان قال : ثم خرج الى الحجاز وجاور بمكة اربع سنين وبالمدينة يدرس ويفتى ويجمع طرق المذهب فلهذا قيل له امام الحرمين ثم عاد الى نيسابور فى اوائل ولاية السلطان الب ارسلان السلجوقى والوزير يومئذ نظام الملك فبنى له المدرسة النظامية بمدينة نيسابور ثم ذكر درسه ووعظه ورئاسته ومصنفاته وبعض محامده وغير ذلك الى ان قال : ومولده فى ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة ولما مرض حمل الى قرية من اعمال نيسابور يقال لها بشتنقان موصوفة باعتدال الهواء وخفة الماء فمات بها ليلة الاربعاء وقت العشاء الآخرة الخامس والعشرين من شهر ربيع الاخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة الى اخر ما نقل من الامور التى وقعت بعد موته من اصحابه وتلامذته وقال فى ذيل ترجمة ابيه ابى محمّد الجوينى : وحيويه بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء المثناة من تحتها وضمها وسكون الواو وفتح الياء الثانية وبعدها هاء.

قوله : على ما يأتى ـ فى المسألة الخامسة من الفصل الاول من المقصد الثانى.

قوله : وأيضا فان قيام الجنس الخ ـ لان العرض القائم بالعرض الاخر لا بد له من موجوديته فى نفسه وهذا مطرد فى كل عارض ومعروض ولكن الجنس جوهريا كان او عرضيا ليس له فى الخارج موجودية فى نفسه بل هو موجود بوجود الفصل فليس عارضا على الفصل فلذا قالوا ان الفصل مقوم للجنس فى الوجود.

قوله : بالتماثل والاختلاف ـ هذا الاختلاف بالمعنى الاعم الشامل للتضاد فلا تغفل.

قوله : وبراهين الخ ـ سيأتى ذكر هذه البراهين فى المسألة الرابعة من الفصل الثالث.

٣٣

المسألة الثالثة عشرة

( فى فروع القولين )

قول المصنف : وما يتبعها فى الوجود ـ هذا من تتمة الفرع الرابع والمراد بصفة الجنس ما مثله الشارح رحمه‌الله وبتابع صفة الجنس فى الوجود هو الاوصاف التى يتبع الجوهرية حين الوجود كالاستغناء عن الموضوع او العرضية كالحلول فى الموضوع التابع للسوادية مثلا.

قول الشارح : على طريقة الاحداث ـ اذ لا يعقل تاثير المؤثّر فيما هو ثابت ازلا بل يتعلق التأثير بما هو مسبوق بالعدم وهذا طريقة الاحداث.

قوله : وقد صار الى هذا الحكم الخ ـ او هم الشارح رحمه‌الله ان جماعة من الحكماء ومراده المشّاءون يقولون مقالة هذه الطائفة وليس الامر هكذا لان استغناء الماهيات عن الجعل فى كلامهم غير الاستغناء فى كلامهم لان المعتزلة قالوا ان الماهيات ذوات ثابتة ازلية لا يتعلق بها الجعل لانها متحققة فى الخارج وجعلها اثبات للثابت وتحصيل للحاصل والمشّاءون قالوا ان الجعل لا يتعلق بالماهيات لانها مجعولة بجعل الوجود ومع جعلها التبعى بالوجود لا يعقل جعلها لانه ليس فى الخارج مجعولان بالبرهان والاتفاق ولانه لا يعقل جعل الانسان انسانا بل المعقول جعله موجودا وبين المذهبين فرق واضح.

قوله : وقالوا ان كل ما بالفاعل الخ ـ هذا برهان المشائين على ان المجعول ليس هو الماهية ومجمل الكلام فيه ان حمل الانسان مثلا على نفسه فى قولنا الانسان انسان لا يحتاج الى شيء ولا نطلب شيئا فى هذا الحمل وراء الانسان من حيث هو هو ولا يتوقف هذا الحمل على شيء ولا يزول بزوال شيء وهذا معنى قولهم ما جعل الله الانسان انسانا بل اوجده بخلاف قولنا الانسان موجود فانا نحتاج بالضرورة فى هذا الحمل الى الواسطة فى الثبوت والواسطة فى الاثبات والحيثية المحتاجة هى المجعولة وليست هى الماهية ومن اراد التفاصيل فليراجع المرحلة الثالثة من السفر

٣٤

الاول من الاسفار.

قوله : ابن عياش ـ قال ابن النديم فى الفهرست : ومن المعتزلة من لا نعرف من امره غير ذكره ابو اسحاق ابراهيم بن محمّد بن عياش معتزلى وله من الكتب كتاب نقض كتاب ابن ابى بشير فى إيضاح البرهان.

قوله : واما الجبائيان ـ قد مر ذكرهما فى ترجمة ابى هاشم.

قوله : وعبد الجبار ـ هو القاضى عبد الجبار المعتزلى قال الخطيب فى تاريخ بغداد : عبد الجبار بن احمد بن عبد الجبار ابو الحسن الاسدآبادي سمع على بن ابراهيم بن سلمة القزوينى وعد رجالا آخرين سمعهم ثم قال : وكان ينتحل مذهب الشافعى فى الفروع ومذاهب المعتزلة فى الاصول وله فى ذلك مصنفات وولى قضاء القضاة بالرى وورد بغداد حاجا وحدث بها ثم ذكر المحدثين عنه ثم ذكر عنه حديثين بالاسناد الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال : مات عبد الجبار بن احمد قبل دخولى الرى فى رحلتى الى خراسان وذلك فى سنة خمس عشرة وأربعمائة واحسب ان وفاته كانت فى اوّل السنة.

قوله : وابن منويه ـ هكذا بالنون بعد الميم فى كثير من النسخ وفى النسخة المطبوعة باصبهان بالثاء المثلثة بعد الميم والصحيح بالتاء المثناة الفوقانية المشددة المضمومة وقبلها الميم المضمومة وبعدها الواو المفتوحة ثم الياء المثناة من تحت الساكنة ثم الهاء قال ابن ابى الحديد فى مقدمة شرحه لنهج البلاغة : ومن البصريين الذاهبين الى تفضيل على عليه‌السلام ابو محمّد حسن بن متويه صاحب التذكرة نص فى كتاب الكفاية على تفضيله على ابى بكر واحتج لذلك واطال فى الاحتجاج.

قوله : فانهم قالوا صفات الجوهر ـ هذا اختصار فى الكلام والتقدير فانهم ذهبوا الى عدم عراء تلك الماهيات عن الصفات وقالوا فى مقام التقسيم ان صفات الجوهر اى احواله مطلقا سواء كانت فى حال العدم او الوجود اما كذا واما كذا ولا يخفى ان الصفات الاربع التى ذكرها الشارح رحمه‌الله للجوهر ليست من الصفات الحاصلة له فى حال العدم الا الاولى منها فلا تغفل وذكرها لانه اراد ان يذكر

٣٥

صفات الجوهر اى احواله مطلقا على ما ذكروا كما قلنا.

قوله : عائدة الى الجملة ـ اى الى مركب من حقائق من حيث هو مركب كالانسان فانه من حيث هو مركب متصف بالحياة وليست الحياة صفة لكل واحد من الحقائق المحققة فيه.

قوله : وما يشترط بها ـ كالعلم والقدرة والإرادة فهى مشروطة بالحياة على ما يأتى فى المسألة الخامسة والعشرين من مبحث الكيف فى الفصل الخامس من المقصد الثانى ولا يخفى ان التعبير بالحياة والعلم وغيرهما تسامح لانها ليست من الاحوال والمراد بالصفات فى هذا المقام هى الاحوال فالتعبير الصحيح الحيية والعالمية وغيرهما.

قوله : تكون عائدة الى الافراد ـ اى كل فرد من كل حقيقة من حيث هو هو متصف بها سواء كان مركبا مع غيره أم لا.

قوله : المعللة بالمعنى ـ المراد من المعنى هاهنا هو صفة التحيز فان الحصول فى الحيز تابع لها وهذا اصطلاح المتكلمين فانهم وضعوا لفظ المعنى للصفة وفى كلام بعضهم ان الله ليس له معان زائدة اى صفات زائدة.

قوله : وليس له صفة زائدة الخ ـ اى الصفات التى هى الاحوال.

قوله : وهى صفة الجنس ـ وهى العرضية كالكمية والكيفية والاضافية وما هو مندرج تحتها كاللونية وغيرها.

قوله : ابو يعقوب الشحام ـ هو ابو يعقوب يوسف بن عبد الله الشحام البصرى رئيس المعتزلة فى البصرة فى عصره وهو استاد ابى على الجبّائى فى علم الكلام وابو على هذا استاد الشيخ ابى الحسن الاشعرى الّذي كان أولا على مذهب المعتزلة ثم تاب ورجع فصار رئيس الاشاعرة وشيخهم وقد مر ذكره وللاشعرى مع الاستاذ مناظرة فى ان افعال الله معللة بالاغراض ذكرها ابن خلكان فى وفيات الاعيان فى ذيل ترجمة ابى على الجبائى.

قوله : وابو عبد الله البصرى ـ قال ابن النديم فى الفهرست : هو ابو عبد الله

٣٦

الحسين بن على بن ابراهيم البصرى المعروف بالكاغذى والجعل المعتزلى من اهل البصرة ومولده بها واستاذه ابو القاسم بن سهلويه ويلقب بقشور كان على مذهب ابى هاشم وإليه انتهت رئاسة اصحابه فى عصره وكان فاضلا فقيها متكلما عالى الذكر نبيه القدر عالما بمذهبه منتشر الذكر فى الاصقاع والبلدان وسيما بخراسان وكان يتفقه على مذهب اهل العراق قرء على ابى الحسن الكرخى ونحن نذكر فى هذا الموضع كتبه فى الكلام ونذكر كتبه فى الفقه فى مقالة الفقهاء إن شاء الله وقرء على ابى جعفر المعروف بسهكلام الصيمرى العباداتى وصحب أبا على بن خلاد وقرء على ابى هاشم عبد السلام بن محمّد ومولده سنة ثمان وثلاثمائة وتوفى بمدينة السلام سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وله من الكتب فعد كتبه فى الكلام.

قوله : كما توصف بالجوهرية ـ اى فى حال العدم.

قوله : اتفق المثبتون الخ ـ العجب من هؤلاء كيف اتفقوا على ان المعدوم لا يتصف بكونه معدوما وليس هذا إلا سلب الشيء عن نفسه الّذي بطلانه من البديهيات هذا على تفسير صاحب الشوارق رحمه‌الله حيث فسر الصفة بالاتصاف واما ان فسرنا الكلام بان المعدوم ليس له صفة لكونه معدوما وعند الوجود يتحقق له الصفة على ما فسر القوشجى وما هو ظاهر الشارح هاهنا فهو كلام معقول ولا يخفى ان مرادهم من هذه الصفة غير صفة الجنس.

قوله : أبا الحسين الخياط ـ قال السمعاني فى الانساب : واما الخياطة ففرقة من المعتزلة ينتمون الى ابى الحسين الخياط استاد الكعبى وهو الّذي شارك المعتزلة فى ضلالة القدر وفى تسمية المعدوم شيئا وشارك البصريين فى تسمية المعدوم جوهرا وعرضا وزاد عليهم ان قال ان الجسم كان قبل وجوده جسما وهذا قول بقدم الاجسام.

قوله : انما تختلف باحوال ـ يعنى ان القائلين بحصول الصفات للذوات جعلوا تلك الصفات كلها احوالا تختلف بها وعلى هذا لا يكون تعريفهم للحال انه صفة لموجود الخ جامعا لجميع الاحوال.

قوله : على بطلان هذا ـ اى بطلان تساوى الذوات فى الماهية.

٣٧

قوله : فيجوز على القديم الخ ـ هذا المثال لا يناسب المقام لان كلامهم ليس فى القديم بل فى المحدثات اللهم الا ان يراد بالقديم ما هو قديم عندهم وهو الثابت الازلى.

قوله : ولان التخصيص الخ ـ اى تخصيص بعض الذوات المتساوية بالجوهرية وبعضها بالكمية وبعضها بالكيفية مثلا.

قوله : وليس ذاتا ـ لان الذوات متساوية.

قوله : والا تسلسل ـ اى لو كان المرجح صفة من الصفات لنقل الكلام الى ان تلك الصفة باى مرجح تخصصت بتلك الذات وهكذا ولا يخفى ان نقل هذه التفاصيل مع بطلان اصل المطلب ليس ينفع شيئا ولذلك تركه سائر الشراح مع ان شروحهم ابسط من هذا المختصر.

المسألة الرابعة عشرة

( فى الوجود المطلق والمقيد )

قول الشارح : المسألة الرابعة عشرة ـ كان ينبغى ان تجعل هذه مع المسألة الآتية واحدة

قوله : ان الوجود عبارة عن الكون فى الاعيان الخ ـ اعلم ان الوجود قد يؤخذ من حيث هو هو فهو عبارة عن كون الماهيات وحصولها والعدم المقابل له هو لا حصولها وهما بهذا الاعتبار يلزمها اضافة الى ماهية مبهمة من دون تعيين ولا يلزم من ذلك ان يكونا اضافتين بل معنيان يلزمهما الاضافة كالعلم وقد يؤخذ من حيث هو مضاف الى ماهية خاصة معينة كوجود الانسان ووجود البياض والكتابة وامثالها من الجواهر والاعراض وكذا العدم وقد يؤخذ ان من حيث هما مفهومان فى الذهن مع قطع النظر عن الاضافتين المبهمة والمعينة فان الامر الّذي يلزمه الاضافة يمكن ان ينظر إليه مع قطع النظر عن لازمه بخلاف المعنى الّذي هو نفس الاضافة والوجود بالاعتبار الاول هو المأخوذ فى المحمولات اذا كان المحمول نفس

٣٨

الوجود كقولنا الانسان موجود والبياض موجود وتقابله للعدم تقابل السلب والايجاب وسيجيء اقسام التقابل فى المسألة الحادية عشرة من الفصل الثانى وبالاعتبار الثانى هو المأخوذ فى المحمولات اذا لم يكن المحمول نفس الوجود كقولنا الانسان كاتب والجسم ابيض وزيد انسان والانسان حيوان فان الوجود فى هذه القضايا لموضوعاتها مقيد بماهيات خاصة كالكتابة والانسانية وغيرهما وان لم يتلفظ به وتقابل هذا المقيد للعدم تقابل العدم والملكة فمرجع القضية بالاعتبار الاول ثبوت شيء وبالاعتبار الثانى ثبوت شيء لشيء ولا يتوهم من هذا التعبير ان الوجود فيهما مقيد بالموضوع لان المحمول مرسل عن الموضوع وان هذا التعبير نتيجة انعقاد القضية ومرتبة المحمول متقدمة على القضية فالوجود فى الاول مطلق وفى الثانى مقيد بالماهية الماخوذة فى المحمول كالكتابة واما الوجود بالاعتبار الثالث فيقع موضوعا فقط.

ثم انه لا فرق بين الوجود العام والمطلق ولا بين الخاص والمقيد الا ان المطلق باعتبار وقوعه فى المحمولات واما العام فلا يلاحظ فيه هذا الاعتبار وكذا المقيد والخاص ولان الفرق بينهما اعتبارى لم يتحاش الشارح رحمه‌الله عن ان عبر عن المقيد بالخاص وعن المطلق بالعام هذا هو الحق فى تفسير المطلق والمقيد على ما فى هذا الشرح وفى الشوارق وتفسير الشارح القوشجى تبعا للشارح القديم من ان المطلق ما لا يقيد بشيء اصلا لا معينا ولا مبهما خطا ظاهر لان الوجود من حيث هو مفهوم من المفهومات لا يؤخذ فى المحمولات ولا يقابله العدم بل يجتمعان ويعقلان معا قوله : لماهية ما ـ اى ماهية خاصة معينة.

قوله : وهذا الوجود المطلق والعدم المطلق قد يجتمعان الخ ـ لا شبهة فى ان اجتماعهما باعتبار التقابل مستحيل واختلف فى الاعتبار الّذي يجتمع به الوجود والعدم على ثلاثة اقوال : احدها ما فى شرح محمود بن عبد الرحمن شمس الدين الاصفهانى احد شراح التجريد المعروف بالشارح القديم المسمى شرحه بتسديد القواعد فى شرح تجريد العقائد الّذي لم يطبع بعد وهو اعتبار العروض فان الوجود العارض على مفهوم العدم فى الذهن مجتمع معه اجتماع العارض

٣٩

والمعروض وكذا العدم العارض على مفهوم الوجود فى الذهن ومعلوم ان اعتبار العروض الّذي مناطه ملاحظة العقل مفهوم العدم او الوجود من حيث هو مفهوم غير اعتبار التقابل الّذي مناطه اضافة العدم الى ما يضاف إليه الوجود وهذا القول يرجع الى ان احدهما يؤخذ بالاعتبار الثالث من الاعتبارات التى مضى بيانها والاخر بالاعتبار الاول منها.

الثانى : ما بينه الشارح العلامة رحمه‌الله فى هذا الشرح وهو اعتبار اختلاف ظرفى الوجود والعدم وحاصله ان الوجود والعدم يجتمعان فى الصدق اجتماع العارضين فى معروض واحد ويحملان على موضوع واحد اذا كان ظرف احدهما الخارج وظرف الاخر الذهن وهذا القول يرجع الى ان كليهما يؤخذ ان بالاعتبار الاول من تلك الاعتبارات الثلاثة.

الثالث ما ذهب إليه القوشجى وصاحب الشوارق وهو اعتبار المفروضية لاحدهما ونفس الامرية للآخر بان نتصور موضوعا ونفرض له العدم فى الذهن فانه متصف بالوجود الذهنى بحسب نفس الامر وبالعدم الذهنى بحسب الفرض او يكون فى الخارج موضوع موجود نفرض له العدم فى الخارج فانه موجود بالوجود الخارجى حقيقة وبالعدم الخارجى فرضا وهذا الاجتماع ليس من اجتماع المتقابلين المستحيل لانه يكون اذا كانا كلاهما بحسب نفس الامر وهذا أيضا يرجع الى ان كليهما يؤخذان بالاعتبار الاول من تلك الاعتبارات الثلاثة.

اقول : هذا بعيد عن ظاهر المصنف لان ظواهر الالفاظ يستفاد منها الواقعيات وإرادة الفرضيات يحتاج الى قرينة صارفة ظاهرة وليس منها شيء فى كلام المصنف رحمه‌الله فالموجه احد القولين الآخرين وقول الشارح العلامة اقوى لان الاجتماع فيما نحن فيه منصرف الى اجتماعهما فى محل واحد واصح لان الضمير المثنى فى يجتمعان يرجع الى الوجود والعدم المطلقين اى اخذهما بالاعتبار الاول وارجاعه الى مفهوم الوجود والعدم المطلق او مفهوم العدم والوجود المطلق اى اخذ احدهما بالاعتبار الثالث واخذ الاخر بالاعتبار الاول خلاف الظاهر.

٤٠