توضيح المراد - ج ١

السيد هاشم الحسيني الطهراني

توضيح المراد - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المصطفوي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٠٢

كما هو مراد المصنف ، نعم هو مبدأ لنفس الحدوث الّذي هو كيفية الوجود التى هى بعدية الوجود عن العدم فان البعدية التى هى صفة للوجود متقومة بالمتقدم الّذي هو العدم كما ان القبلية التى هى صفة للعدم متقومة بذات المتأخر الّذي هو الوجود على ما هو الشأن فى كل متضايفين ، وتفسير الحدوث بالوجود بعد العدم مسامحة بل هو كيفية الوجود كما مر فى كلام المصنف فى المسألة التاسعة والعشرين فى الفصل الاول ، مع انه ليس كل ما اخذ فى تعريف الشيء مقوما له ، فمن قال انه مبدأ عرضى فمراده انه عرضى لذات الحادث ، ومن قال انه مبدأ ذاتى فمراده انه ذاتى لوصف الحدوث ، وهذا طريق الجمع بين كلام الشيخ ابن سيناء الظاهر فى انه مبدأ ذاتى للحادث وكلام المصنف الصريح فى انه مبدأ عرضى له.

قول الشارح : عدم علته ـ اى عدم علته التامة الّذي يلازم عدم المعلول ، ولكن الظاهر من كلام المصنف والصريح من غيره ان المتنازع فيه هو عدم المعلول الحادث السابق على وجوده لا عدم علته فانه لم يتوهم مبدئيته حتى يتنازع فى انه مبدأ ذاتى او عرضى.

قول المصنف : والفاعل فى الطرفين واحد ـ يعنى ان الفاعل فى وجود المعلول وعدمه واحد من حيث الماهية وان كان مغايرا له من حيث وصفى الوجود والعدم فان الحرارة مثلا معلولة للنار وجودها لوجودها وعدمها لعدمها ، وهذا دفع لتوهم ان العلة فى طرف العدم مغايرة للعلة فى طرف الوجود بالماهية.

قول الشارح : على ما بينا أولا ـ فى المسألة الخامسة.

قول المصنف : والموضوع كالمادة ـ اعلم ان المحل ينقسم الى المحل المستغنى فى وجوده عن الحال وهو محل العرض الّذي يقال له فى الاصطلاح الموضوع والى غير المستغنى فيه عنه ويقال له المادة فى الاصطلاح وهو محل الصور الطبيعية كالصورة الجسمية والنارية والشجرية ، واما الصور الصناعية كصورة البيت والفرش والكرسى والصندوق والكوز وامثالها فهى اعراض حكمها حكم القسم الاول من حيث ان محالها مستغنية فى وجودها عنها.

٢٢١

ولا يغفل عن ان التى لا تستغنى فى وجودها عن الصورة هى المادة الاولى التى ليست الا قوة محضة لا فعلية لها بوجه من الوجوه وهى التى يطلق عليها المادة بالحقيقة ، واما المواد الثوانى كالعناصر مثلا فانها فى وجود انفسها لا تحتاج الى الصور اذ لها فعلية من وجوه بل تحتاج إليها فى صيرورتها اشياء اخر فان العناصر تحتاج فى صيرورتها شجرة مثلا الى الصورة الشجرية حتى تتحقق لها فعلية غير ما لها من الفعليات ، ومواد الصور الصناعية أيضا كذلك فى احتياجها الى تلك الصور فى ان تصير اشياء صناعية وفى استغنائها عنها فى وجود انفسها ، ولا يخفى ان الموضوع كالمادة الثانية فى ذلك فان الجسم مستغن عن البياض مثلا من حيث كونه جسما ومحتاج إليه فى صيرورته ابيض ، والحاصل ان المادة الاولى محتاجة فى وجودها الى الحال مطلقا ، واما المواد الثوانى سواء كانت صورها طبيعية او صناعية وكذلك الموضوعات فمستغنية فى وجود انفسها ومرتبة فعليتها عن الحال ومحتاجة فى صيرورتها اشياء اخر إليها بحسب فقدانها لفعلياتها.

فالمادة الاولى والمادة الثانية بقسميها والموضوع بعد اختلافها فيما ذكر تشترك فى ان كلا منها جزء مادى للمركب من الحال والمحل فان الجسم جزء مادى وعلة مادية للابيض المركب منه ومن البياض والبياض جزء صورى وعلة صورية للابيض من حيث هو ابيض كما ان الهيولى الاولى جزء مادى وعلة مادية للجسم والصورة الجسمية جزء صورى وعلة صورية له وكذلك المادة الثانية ، فلذلك لم يعدوا الموضوع علة خامسة لاشتراكه وشباهته مع المادة فى كونه علة مادية للمركب ، وهذا معنى قول المصنف : والموضوع كالمادة ذكره لدفع توهم اختصاص العلة المادية بالمادة ولبيان ان الموضوع أيضا علة مادية وان لم يكن مادة.

المسألة السابعة عشرة

( فى بقية تلك المباحث )

قول المصنف وافتقار الاثر انما هو فى احد طرفيه ـ هذا البحث قد سبق

٢٢٢

فى المسألة الثالثة والاربعين من الفصل الاول ، وانما ذكره هاهنا لوقوع الاشتباه فيه ، وقد مر ذكر الشبهة وجوابها هناك.

قول الشارح : فى ان يجعله الخ ـ اى بالجعل البسيط على ما بين هناك

قوله : فليس السواد سوادا بالفاعل ـ هذا نظير ما نقل عن الشيخ ابن سيناء فى الشوارق فى الفصل الاول فى آخر مسألة حاجة الممكن الى المؤثر من انه حين سئل عن هذه المسألة وهو يأكل المشمش اجاب ان الجاعل لم يجعل المشمش مشمشا بل جعل المشمش موجودا ، ونظير ما نقل الشارح العلامة عن جماعة من الحكماء فى اوائل المسألة الثالثة عشرة من الفصل الاول.

قول المصنف : واسباب الماهية غير اسباب الوجود ـ قال هذا لدفع ما ربما يمكن ان يتوهم ان المعلول يحتاج الى الجنس والفصل والمادة والصورة فى الوجود كما يحتاج الى الفاعل والغاية فيه ، فنبه على ذلك بان المعلول فى ماهيته وتقوم ذاته محتاج إليهما لا فى وجوده ، واحتمل صاحب الشوارق فى كلام المصنف احتمالا آخر

قول الشارح : قد بينا ان نسبة الخ ـ فى المسألة الحادية والثلاثين من الفصل الاول.

قوله : فانه يعدم لذاته ـ لان ذاته يقتضي العدم بعد الوجود اذ لو لم ينعدم بعد الوجود لم يكن الحركة حركة والصوت صوتا والتالى باطل بالبديهة ، والجواب ان انعدام الصوت مثلا بعد وجوده ليس من قبل ذاته والا لم يمكن ان يوجد من الاصل بل هو لزوال بعض شرائط علته الّذي هو قرع الجسم على الجسم الموجب لضغط الهواء ، وذكر المصنف هذا لدفع ما توهم من ان العدم لكونه نفيا محضا لا يحتاج الى العلة ولدفع توهم ان الاعراض السيالة كالحركة والصوت لا تحتاج فى عدمها إليها.

قول المصنف : ومن العلل المعدة الخ ـ العلة المعدة هى ما يقرب الفاعل الى الفعل كالمبادى التصورية والتصديقية التى تهيئ الانسان للفكر والنظر وتقربه إليهما وكحركات يد البانى وحركات ما يستعمله فى البناء التى تقربه الى صنع البيت وكحركة الحجر من الفوق الى منتصف المسافة التى تقربه الى صدور الحركة منه

٢٢٣

فيما بعد المنتصف ، او ما يقرب القابل الى القبول سواء كان القابل مادة كحرارة الرحم التى تقرب النطفة وتهيئها لقبول صورة العلقة وهكذا الى ان تصير جنينا ، او موضوعا كحرارة الشمس التى تقرب الثمرات وتهيئها لقبول الالوان ، او بدنا كصورة الجنين التى تقربه وتهيئه لقبول النفس الفائضة من المبدأ المفيض.

تنبيه ـ ان ما سمع من ان العلة المعدة توجد قبل حصول المعلول وتنعدم عند حصوله ليس المراد به انها تنعدم بذاتها بل تنعدم بوصف العلية ومن حيث هى علة بمعنى انها ليس لها تأثير فى بقاء المعلول سواء بقيت بذاتها عند حصول المعلول كصورة الجنين بالنسبة الى النفس الانسانية او انعدمت كالحركة فى الامثلة المذكورة بخلاف سائر العلل ، ولذلك لم يعدوها من العلل بالاستقلال وعدوا العلل اربعا ، والحاصل ان حكمها حكم الشرط لا العلة.

قوله : ومن العلل العرضية ما هو معد ـ قال صاحب الشوارق : يعنى ان بعض العلل الفاعلية العرضية يكون علة معدة ذاتية بالنسبة الى ما هى علة فاعلية عرضية له ، فان شرب السقمونيا علة فاعلية عرضية لحصول البرودة وعلة معدة ذاتية له.

تم المقصد الاول بعون الله الّذي لا حول

ولا قوة الا به فالحمد لله رب العالمين

والصلاة على محمّد اشرف

البرية وآله الاطهار

الابرار

٢٢٤

المقصد الثانى

« فى الجواهر والاعراض »

الفصل الاول

( فى احكام الجواهر )

المسألة الاولى

( فى قسمة الممكنات )

قول المصنف : وهو اما مفارق فى ذاته الخ ـ هذه القسمة على مسلك الفلاسفة ، واما على ما سلك المصنف فى هذا الكتاب فالقسمة ثلاثية لان المادة منفية عنده على ما يأتى فى المسألة السابعة والعقل غير ثابت عنده على ما يأتى فى المسألة الاولى من الفصل الرابع.

قوله : وبين الموضوع والعرض مباينة ـ ان قلت : ان بعض الاعراض يكون محلا لبعض آخر على ما صرح المصنف به بعيد هذا بقوله : ويصدق العرض على المحل ومحل العرض هو الموضوع فبينهما عموم من وجه لصدقهما على عرض هو محل لعرض آخر كالحركة التى هى محل للسرعة والبطء ، قلت : ليس مطلق محل العرض فى اصطلاحهم هو الموضوع بل محل العرض الّذي يتقوم بذاته كما صرح به الشارح قبيل هذا والعرض الّذي هو محل لعرض آخر ليس كذلك فلذا لم يقل : ويصدق العرض على الموضوع

قوله : ويصدق العرض على المحل والحال جزئيا ـ اى بعض المحل عرض

٢٢٥

وكذا بعض الحال عرض ، ولكن عكس الاول أيضا جزئى بخلاف الثانى فان عكسه كلى فبعض العرض محل وكل عرض حال ، وهكذا الجوهر فبعض المحل جوهر وبعض الحال جوهر ولكن عكساهما على عكس عكسيهما فان كل جوهر محل اما للجوهر كالمادة او للعرض كالاربعة الباقية فان كلا منها لا يخلو عن عرض ما وبعض الجوهر حال.

قول الشارح : على خلاف بين الناس فيه ـ المنكر لكون المحل عرضا توهم وجوب كون محل العرض متقوما بنفسه ظنا منه انه والموضوع متساويان فلا يمكن ان يكون عرضا لان العرض لا يمكن ان يتقوم بنفسه ، وهذا التوهم باطل وكون العرض محلا لعرض آخر واقع وان لم يسم بالموضوع.

المسألة الثانية

( فى ان الجوهر والعرض ليسا جنسين لما تحتهما )

قول الشارح : من حيث هذا المفهوم ـ اى لا من حيث ما صدق عليه هذا المفهوم من الكم والكيف وغيرهما فان كل واحد منها جنس لما تحته من الانواع بالاتفاق.

قوله : وهذا الّذي ذكره المصنف الخ ـ بعد ان ثبت زيادة عنوان الجوهرية على الاقسام الخمسة وعنوان العرضية على الاقسام التسعة فلا احتياج الى دليل آخر على كونهما من المعقولات الثانية لان كونهما من الامور الخارجية يستلزم كونهما ذاتيتين لما تحتهما.

قوله : والعرضية فى الوجود ـ عطف على الحاجة ، يعنى ان اشتراك الاقسام التسعة من العرض فى العرضية انما هو بحسب الوجود لان الكيف مثلا انما يحتاج الى المحل اذا وجد فى الخارج ، واما بحسب الماهية فلا ولا اشتراك بينهما بل هى متباينات بالذات ، فلذا قيل : ان العرض ماهية اذا وجدت فى الخارج كانت فى الموضوع والجوهر ماهية اذا وجدت فيه كانت لا فى الموضوع.

٢٢٦

المسألة الثالثة

( فى نفى التضاد عن الجواهر )

قول الشارح : وبيانه ان الضد الخ ـ هذا على القول المشهور من اخذ التعاقب على الموضوع فى تعريف التضاد ، اما لو أخذ على المحل سواء كان موضوعا او مادة فتكون الصورة الهوائية الواردة على المادة عقيب الصورة المائية مثلا مضادة لها وكذا سائر الصور ، نعم لا تضاد بين الصورة الجسمية والصورة النوعية والصورة المركبة اللاتى كل منها فى طول الاخرى ، ويأتى الاشارة إليه عن قريب.

قوله : حيث جعلوا الخ ـ واستدلوا بان الفناء اذا حصل انتفت الاجسام فهو ضد لها.

قوله : لانه اما عرض او جوهر ـ اى الامر الوجودى اما عرض او جوهر والفناء ليس بعرض ولا جوهر ، اما انه ليس بجوهر فظاهر ، واما انه ليس بعرض فلان العرض لا ينافى وجود موضوعه والفناء ينافيه فهو ليس بامر وجودى والضد لا بدّ ان يكون امرا وجوديا فهو ليس بضد لشيء بل تقابله مع غيره تقابل السلب والايجاب

المسألة الرابعة

( فى ان وحدة المحل لا تستلزم وحدة الحال )

قول الشارح : فانه لا يجوز ان يحل المثلان الخ ـ كالبياضين فى جسم واحد وكالصورتين المركبتين كصورتى الكرسى فى مادة واحدة او البسيطتين كصورتى الماء فى مادة واحدة كما لا يجوز حلول الضدين فى محل واحد كالبياض والسواد فى جسم واحد وكالصورة النخلية والصورة العقيقية فى مادة واحدة وكصورة الكرسى وصورة المنشار فى مادة واحدة وكما لا يجوز حلول المتضايفين فى محل واحد كالابوة والبنوة وكما لا يجوز حلول الوجود والعدم فى محل واحد سلبا وايجابا كانا او عدما وملكة ، فبقى جواز حلول المختلفين فى محل واحد من دون التماثل والتقابل.

٢٢٧

قوله : وبالعوارض ـ اى العوارض اللاحقة بالحال والعوارض الحالة فى محله

قوله : وكلام ابى هاشم فى التأليف ـ قال ابو هاشم : ان التأليف عرض واحد قائم بمحال متعددة لان التأليف لا يعقل فى شيء واحد ، وجوابه ان التأليف امر انتزاعى ينتزعه العقل من عدة امور مجتمعة فى الخارج وهى بهذا الاعتبار شيء واحد.

قوله : وبعض الاوائل فى الاضافات ـ قال بعض الفلاسفة الاقدمين ان الجوار قائم بالمتجاورين والتقارب قائم بالمتقاربين والاخوة قائمة بالاخوين وامثال ذلك من الاضافات المتشابهة الاطراف كل منها قائم بالطرفين بخلاف المختلفة الاطراف كالعلية والمعلولية والابوة والبنوة ، والجواب ان كلا من الطرفين معروض لشخص من الاضافة كالاخوة مثلا وتوهم الوحدة نشأ من تشابه الشخصين وتماثلهما ، ويأتى ذكر ذلك فى الفصل الخامس فى آخر مبحث المضاف.

قول المصنف : واما الانقسام فغير مستلزم فى الطرفين ـ يعنى ان انقسام المحل لا يستلزم انقسام الحال وانقسام الحال لا يستلزم انقسام المحل.

قد علمت ان المحل اما مادة او موضوع والحال اما صورة او عرض فاعلم ان الانقسام اما عقلى وهو انقسام الماهية الى الجنس والفصل ، واما خارجى وهو اما بحسب الحقيقة كانقسام الجسم الى المادة والصورة واما بحسب الكم وهو اما فى المتشابه الاجزاء كانقسام الجسم البسيط او السطح او الخط واما فى المختلف الاجزاء كانقسام بدن الانسان الى اللحم والعظم وغيرهما.

ثم ان العرض اما من الامور الاعتبارية العقلية او من الاعراض المتأصلة الخارجية ، والعرض الخارجى اما سار فى جميع اجزاء المعروض بدون الانقسام بذاته كالالوان الحالة السارية فى الاجسام واما مع الانقسام بذاته كالجسم التعليمى السارى فى الجسم الطبيعى واما غير سار مع الانقسام كالسطح والخط او بدون الانقسام كالنقطة والصور الذهنية.

اذا تحققت هذه فاقول : ان الانقسام العقلى فى كل من الحال والمحل لا يستلزم الانقسام فى الاخر كائنين ما كانا لان هذا الانقسام انما هو بتحليل العقل لا يستلزم

٢٢٨

انقسام نفس الشيء بحسب الواقع فكيف بصاحبه ، واما الانقسام بحسب المادة والصورة فلا يعقل فى الحال حتى يستلزم انقسام محله هذا الانقسام لان الحال سواء كان صورة او عرضا بسيط من هذه الجهة لا ينقسم الى المادة والصورة ، ويعقل فى المحل كالجسم المركب من المادة والصورة الا انه لا يقتضيه فى حاله لعدم قابليته لهذا الانقسام فبقى الانقسام بحسب الكم.

ثم ان الحال الجوهرى لا انقسام فيه بحسب الكم وكذا المحل الجوهرى ان لم يكن جسما لان هذا الانقسام من خواص الجسم ، والاعراض الاعتبارية بمعزل عن ذلك لانها لا حلول لها فى الحقيقة ، والاعراض الغير السارية بدون الانقسام كالنقطة والصور الذهنية أيضا كذلك لانها لا انقسام لها حتى تقتضيه فى الغير او يكون فيها باقتضاء الغير ، فبقى فرض ذلك فى الجسم والاعراض السارية المتأصلة كالبياض والجسم التعليمى وغير السارية المتأصلة مع الانقسام كالخط.

ثم الانقسام أولا وبالذات للكم ويعرض على الجسم وما حل فى الجسم من سائر الاعراض بواسطته ، والعرض الغير السارى مع الانقسام اما خط او سطح وكل منهما له الانقسام بذاته ولا شيء منهما يقتضي الانقسام فى غيره لان الخط نهاية السطح والسطح نهاية الجسم التعليمى ولا شيء من نهاية الشيء يقتضي انقسام ذلك الشيء واما العرض السارى مع الانقسام بذاته الّذي هو الجسم التعليمى فيقتضى انقسام الجسم الطبيعى لسريانه فيه ، واما انقسام سائر الاعراض السارية فى الجسم فالحق انه بسبب الجسم الطبيعى المنقسم بسبب الجسم التعليمى لانها عارضة على الجسم الطبيعى لا على التعليمى ، فالانقسام الّذي يقتضي الانقسام فى الغير أولا للجسم التعليمى بالذات ثم للجسم الطبيعى بالعرض ، ثم للاعراض الحالة السارية فيه انقسام بالعرض ، فظهر من ذلك ان من الحال ما يقتضي بانقسامه بالذات انقسام المحل بالعرض ومن المحل ما يقتضي بانقسامه بالعرض انقسام الحال بالعرض ، فقول المصنف : فغير مستلزم فى الطرفين نفى الكلى لا النفى الكلى.

قول الشارح : فان الوحدة والنقطة ـ ان الوحدة من الامور الاعتبارية وقد مر

٢٢٩

انها والنقطة بمعزل عن ذلك اصلا.

قوله : والاضافات ـ سيأتى الخلاف فى انها من الامور الاعتبارية او المتأصلة فى الفصل الخامس فى مبحث المضاف فى المسألة الثالثة واى منهما يثبت يتبعه حكمه.

قوله : وذهب قوم الخ ـ هذا حق اذا كان المحل جسما وفرض الانقسام بحسب الكم وكان الحال عرضا متأصلا غير منقسم بالذات ساريا فى الجسم لان الحال فى هذا الفرض لو لم ينقسم مع انقسام المحل فان قام بواحد من الاجزاء كان محله ذلك الواحد دون المجموع وهو خلاف المفروض وان قام بكل واحد من الاجزاء كان الواحد بالشخص حالا فى محال متعددة وقد مر بطلانه عند تفسير قوله : بخلاف العكس وان قام كل جزء منه بكل جزء من اجزاء المحل على سبيل التوزيع كان منقسما وهو خلاف المفروض أيضا مع انه هو المطلوب وان لم يوجد شيء من ذلك الحال فى شيء من اجزاء المحل اصلا لم يكن الحال المفروض حالا فعدم انقسامه مع انقسام محله ممتنع.

قوله : واما الحال فانه لا يقتضي الخ ـ هذا حق فى غير الجسم التعليمى الّذي هو منقسم بالذات وحال فى الجسم سريانا.

قوله : فان الحرارة والحركة الخ ـ هذا المثال غير لائق بما نحن فيه لان المراد بالانقسام هو ان يكون فى عرض واحد لا فى عرضين فان الانقسام غير التعدد.

قوله : اعلم الخ ـ اشارة الى ما اوضحناه تفصيلا.

قوله : لا بالحقائق ـ اشارة الى الانقسام بحسب الجنس والفصل والمادة والصورة

المسألة الخامسة

( فى استحالة انتقال الاعراض )

قول الشارح : والدليل عليه ان العرض الخ ـ توضيحه : ان العرض الموجود متشخص لا محالة وتشخصه ليس معلول ماهيته ولا لوازمها والا لكان نوعه منحصرا فى شخصه لما مر فى المسألة الخامسة من الفصل الثانى من المقصد الاول ، ولا معلول

٢٣٠

امر آخر غير محله او ما يحل فى محله والا لكان ذلك الامر الاخر اما موجده او عرضا حالا فى نفس العرض المفروض فيه الكلام او امرا اجنبيا مباينا والكل باطل اذ لو كان مشخصه هو موجده لاكتفى فى وجوده وتشخصه بموجده المشخص له عن موضوعه وكذا لو كان مشخصه عرضا حالا فيه او امرا اجنبيا لاكتفى فى وجوده بموجده وفى تشخصه بالعرض الحال فيه او بذلك الامر الاجنبى عن موضوعه لان العرض لا يحتاج الى موضوعه فى ماهيته بل فى تشخصه ولو كان تشخصه بامر آخر غير الموضوع لاستغنى به عنه بالكلية ولزم قيامه بنفسه وهذا محال اذ يلزم ان لا يكون العرض عرضا اذ العرض هو المحتاج الى الموضوع ، فيبقى ان يكون تشخصه معلول محله او ما يحل فى محله لان التشخص بما يحل فى المحل تشخص بالاخرة بالمحل ، فاذا كان كذلك فيستحيل انتقاله بشخصه عن موضوعه الى موضوع آخر اذ بصرف الانفكاك عن موضوعه يزول تشخصه فلا يبقى حتى ينتقل الى موضوع آخر.

قوله : ولا ما يحل فيه ـ اى ولا ما يحل فى العرض المفروض فيه الكلام ، ولم يذكر احتمال كون الموجد او الامر الاجنبى مشخصا لبعد الاحتمال فيهما.

قوله : لاكتفى بموجده الخ ـ اى لاكتفى بموجده فى وجوده وبمشخصه الّذي هو العرض الحال فيه فى تشخصه عن موضوعه فيستغنى بالمرة عنه ويقوم بنفسه وهو محال.

قوله : فيستحيل انتقاله عنه ـ يستفاد من بعض الشروح ان هذه العبارة من تتمة المتن وان كانت كان اولى لان الكلام فى استحالة الانتقال.

المسألة السادسة

( فى نفى الجزء الّذي لا يتجزى )

قول الشارح : هذه مسألة اختلف الناس فيها الخ ـ هذه المسألة والتى بعدها فى تحقيق حقيقة الجسم الطبيعى وذكر الاقوال فيها وما اختاره المصنف.

اعلم ان الجسم الطبيعى عرفوه بانه جوهر يمكن ان يفرض فيه خطوط ثلاثة

٢٣١

متقاطعة على زوايا قوائم ، وهو اما مفرد وهو الّذي لم يتألف من اجسام كالماء والهواء او مركب وهو الّذي تألف من اجسام مختلفة كبدن الانسان او غير مختلفة كالمنى واللحم والدم والخشب والحديد ، والنزاع انما هو فى الجسم المفرد لان المركب سواء كان مزاجيا كالشجر واللحم والنطفة والحيوان والدم او امتزاجيا كالدخان والبخار والمعجون والسكنجبين ذو مفاصل بالفعل عند الكل لان المزاج والامتزاج انما يحصلان بتصغر اجزاء كل جزء من اجزاء المركب.

ثم ان الجسم المفرد لا شبهة فى انه قابل للانقسام والانفصال مرة بعد اخرى وهكذا ، فلا يخلو اما ان يكون الانقسامات الممكنة حاصلة فيه بالفعل متناهية او غير متناهية وهذا هو القول بتركب الجسم المفرد من اجزاء لا تتجزى المنشعب الى قولين وهما القول بتركبه من اجزاء متناهية ويلزمه انقسامات متناهية والقول بتركبه من اجزاء غير متناهية ويلزمه انقسامات غير متناهية ، وهذان القولان يفترقان بتناهى الاجزاء وعدم تناهيها ويشتركان فى ان الجزء الّذي سمى عندهم بالجوهر الفرد لا يقبل القسمة بانواعها اصلا ، ويأتى بيان انواع القسمة فى آخر المسألة عند ذكر قول ذى مقراطيس ، وفى ان الجزء ليس بجسم وان تألف منه الجسم ، والقول الاول هو مذهب بعض القدماء واكثر المتكلمين والقول الثانى هو مذهب قوم من القدماء والنظام المتكلم المعتزلى واتباعه ، واما ذى مقراطيس فهو قائل بتركب الجسم من الاجزاء الا انه يقول ان الجزء جسم وقابل للقسمة غير الانفكاكية ويقول ان الاجزاء غير متناهية بالعدد مبثوثة فى خلأ غير متناه واما اذا تألف من جملة منها جسم فهو متناهى الاجزاء.

وفى قبال هذه الاقوال الثلاثة قول بان الجسم المفرد غير مؤلف من الاجزاء بل هو بسيط متصل كاتصاله عند الحس الا انه يقبل الانقسام الى ما يتناهى وهو مذهب محمّد الشهرستانى صاحب كتاب الملل والنحل او الى ما لا يتناهى بمعنى انه لا ينتهى فى الانقسام الى حد يقف عنده ولا يقبل الانقسام بعده اصلا كما زعمه الشهرستانى ، لا بمعنى ان الانقسام يوجد لا يتناهى لانه يستلزم وجود الاجزاء غير المتناهية بالفعل

٢٣٢

وهو محال مع انه يرجع من وجه الى القول الثانى من الاقوال الثلاثة فى الجزء وهذا هو مذهب جمهور الفلاسفة واختاره المصنف ، وهذه خمسة اقوال فى المسألة لم يشر الشارح الى قول ذى مقراطيس هنا ، والمصنف بدء بقوله : ولا وجود لوضعى الخ بابطال الجزء وابطال تركب الجسم منه.

تنبيه : قد مر ان الجسم المركب اما مركب من اجسام مختلفة او من اجسام غير مختلفة اى متشابهة ، والتشابه اما مع المزاج واختلاط العناصر كتشابه اجزاء المنى واللحم والدم وقطعة من الخشب ، وهذا التشابه ليس محضا بل مقارن لاختلاف ما وهو اختلاف العناصر التى تألف منها المنى وان كانت اجزاء المنى من حيث هو منى متشابهة وكذا الخشب وغيره بخلاف بدن الانسان فانه من حيث هو بدن ليست اجزائه متشابهة. واما من دون المزاج كتشابه اجزاء الجسم البسيط كالماء عند ذى مقراطيس فان مذهبه كما مر ذكره ان اجزاء الماء مثلا اجسام أيضا لكن هذا تشابه محض ، فالماء وامثاله من العناصر اجسام مفردة عند المتكلمين بحسب تعريفهم لانها لم تتألف من الاجسام وان كانت مؤلفة من الاجزاء واجسام مركبة بحسب ذلك التعريف على مذهب ذى مقراطيس لانها مؤلفة من الاجسام على مذهبه ، فلذا عدل الحكيم السبزوارى رحمه‌الله من تعبير المفرد الى البسيط وقال فى تعريف الجسم البسيط : هو ما لم يتألف من اجسام مختلفة الطبائع سواء لم يتألف من اجسام اصلا كما هو مذهب غير ذى مقراطيس او تألف من اجسام متشابهة محضا كما هو مذهبه ليدخل الماء وامثاله فى حد البسيط وتخرج من حد المركب على المذهبين ، وعلى هذا فالمركب عنده ما تألف من اجسام مختلفة الطبائع سواء كان اختلاف الطبائع فى عناصر المركب فقط كالمنى وغيره او فيها وفى نفس المركب أيضا كبدن الانسان.

قوله : اعنى الاشياء المشار إليها بالحس ـ انما فسر ذوات الاوضاع بهذا التفسير لان الوضع له معان يأتى ذكرها فى آخر الفصل الخامس فى مبحث الوضع ، والمراد به هنا كون الشيء مشارا بالاشارة الحسية فالوضعى هو ذو الوضع بهذا المعنى وهو اما متجز كالجسم والخط والسطح واما غير متجز وغير المتجزى اما موجود

٢٣٣

لا بالاستقلال اى موجود بوجود عرضى كالنقطة وهذا لا خلاف فيه واما موجود بالاستقلال اى بوجود جوهرى وهذا فيه خلاف ، فالحكماء نفوه والمصنف تبعهم والمتكلمون اثبتوه والمصنف اقام حججا عليهم.

قوله : ثم تحركا الخ ـ اى متوجهين من طرفى الخط المركب من ثلاثة اجزاء الى وسطه كلاهما من فوق الخط او من تحته لا احدهما من فوقه والاخر من تحته ويكونان متساويين بحسب السرعة والبطء وابتداء زمان الحركة.

قوله : وفوق احد طرفيه جزء الخ ـ بان يكون خط مركب من أربعة اجزاء ويكون فوق الاول من طرف جزء وتحت الاول من طرف آخر جزء.

قوله : وتحركا على التبادل الخ ـ اى متوجها كل منهما الى الطرف المقابل للطرف الّذي هو عليه حتى يكون ما كان فوق احد الطرفين فوق الطرف الاخر وما كان تحت احد الطرفين تحت الطرف الاخر ، هذا توضيح ما هو ظاهر كلام الشارح رحمه‌الله ، واما ظاهر كلام المصنف فعلى ما هو مقتضى العطف : او لحركة الموضوعين على طرفى المركب من أربعة اجزاء بان يكون الاربعة مع الجزءين الموضوعين على الطرفين فى اوّل الامر خطا مركبا من ستة اجزاء كما ان الفرض الاول ان كان الخط مركبا من خمسة اجزاء ، وقوله : على التبادل متعلق بالحركة راجع الى الفرض الثانى اى على ان يكون حركة احدهما من فوق الخط والاخر من تحته بخلاف الفرض السابق اذ فيه حركة كليهما اما من فوق واما من تحت ، فتقدير الشارح العلامة كون احدهما فوق احد طرفيه والاخر تحت طرفه الاخر خلاف ظاهر المصنف وان لم يضر بالمطلب ، وخلاصة الفرضين انه ان كان هناك خطان احدهما مركب من خمسة اجزاء والاخر من ستة وتحرك الواقعان فى طرفى الخط الاول من تحت الخط او من فوقه وتحرك الواقعان فى طرفى الخط الثانى احدهما من فوق والاخر من تحت مع التساوى فى السرعة وابتداء زمان الحركة كان كذا وكذا

٢٣٤

قوله : فانهما لا يقطعان الخط الا بعد المحاذاة الخ ـ اى لا يتمان الحركة من اوّل الخط الى آخره الا بعد الوصول الى موضع منه يكون احدهما فوق ذلك الموضع والاخر تحته وذلك الموضع موضع المحاذاة فهو ان كان الثانى او الثالث اى احد الوسطين من الاجزاء الاربعة كان احد المتحركين قد تحرك اكثر من الاخر وهذا خلف فلا بد ان يكون موضع المحاذاة بين الوسطين.

قوله : وذلك يقتضي انقسام الجميع ـ لان كلا من المتحركين فى اوائل الحركة يقع على ملتقى الاول والثانى فيقع نصفه على نصف الاول ونصفه الاخر على نصف الثانى فى كل من الطرفين بهذا الشكل ( ) فينقسم كل من الستة بنصفين ثم اذا وصلا بموضع المحاذاة ينقسم كل من الاربعة المتحركين والوسطين بنصفين.

قوله : هذه وجوه اخرى الخ ـ هذه الوجوه الثلاثة الزامات على القائلين بالجزء بما لزمهم مما يشهد الحس بكذبه وبطلانه.

قوله : المتحركة على الاستدارة ـ يعنى الصفحة المدورة المتحركة من حجر او غيره على قطب كحجر الرحى وفلك الساعة وغيرهما.

قوله : يلزم التفكيك ـ اى بين اجزاء المتحرك.

قوله : اذا تحرك جزء ـ اى اذا تحرك بمقدار مسافة جزء.

قوله : تساوى المداران ـ اى المدار القريب من المنطقة والمدار القريب من القطب يتساويان فى مقدار الحركة والسرعة وهو باطل بالضرورة اذ المدار الاصغر ابطأ فى الحركة بالحس.

قوله : لزم التفكيك ـ اى تفكيك الجزء القريب من القطب عن الجزء القريب من المنطقة بان يزول محاذاتهما وكذا الحال فى سائر الاجزاء فيلزم تفكيك اجزاء الرحى مثلا على مثال دوائر محيط بعضها ببعض منفك بعضها عن بعض ، وقد التزموا بالتفكيك وقالوا ان الرحى تتفكك على مثال دوائر كما ذكرتم لكن الفاعل المختار الخالق لكل شيء يلصق بعضها ببعض ولا يشعر الحس بذلك للطافة الازمنة التى يقع فيها التفكيك.

٢٣٥

قوله : الثانى ان السرعة والبطء الخ ـ توضيحه ان المتحرك السريع كالشمس والمتحرك البطيء بالنسبة إليه كالفرس اذا تحركا بحركتهما فلا شبهة فى ان الفرس لا يزيد سيره من اوّل النهار الى الظهر على خمسين فرسخا واما الشمس فقد سارت فى هذه المدة ربعا من دور الفلك وهذا اكثر من ذاك باضعاف مضاعفة من ضرب ألوف فى ألوف فاذا تحرك السريع بمقدار مسافة جزء فان تحرك البطيء بمقدار مسافة جزء أيضا لزم تساويهما فى مقدار الحركة والسرعة وهو محال ، وان تحرك اقل من مقدار مسافة جزء لزم انقسام تلك المسافة فلزم انقسام الجزء الّذي انطبقت عليه تلك المسافة وهو المطلوب ، وان لم يتحرك اصلا لزم سكون المتحرك فى تلك المسافة وهو محال ، وسائر اجزاء المسافة على هذا القياس ، وهؤلاء التزموا بسكون المتحرك وقالوا ان البطء انما هو بتخلل السكنات بين الحركات فان المتحرك البطيء يسكن بالنسبة ويتحرك بالنسبة ولكن الحس لا يشعر بالسكنات لقصر ازمنتها وقلتها.

هذا الالتزام مكابرة صريحة وحماقة قبيحة لان فضل سكنات الفرس على حركاته فى تلك المدة يكون بمقدار فضل حركات الشمس على حركات الفرس فتكون سكنات الفرس اكثر من حركاته باضعاف مضاعفة من ضرب ألوف فى ألوف فتكون حركات الفرس مغمورة فى سكناته كالعدم بالنسبة إليها كما ان حركات الفرس تكون كذلك بالنسبة الى حركات الشمس فينبغى ان يكون الفرس فى الحس ساكنا وان كان فى الواقع متحركا قليلا وسكون الفرس فى الحس كما هو نتيجة التزامهم وسكونه اصلا كما هو لازم الفرض الثالث كلاهما محالان لانه متحرك بالحس ، وسيأتى فى اواخر الفصل الخامس فى مبحث الحركة بيان هذا المطلب فى كلام المصنف.

قوله : لزم المحال ـ اى سكون المتحرك.

قوله : ان الدائرة موجودة بالحس ـ الدائرة اما سطحية وهى سطح مستو احاط به خط منحن اذا فرضت فى وسط السطح نقطة قد خرجت منها خطوط مستقيمة

٢٣٦

الى الخط المحيط كانت تلك الخطوط متساوية ويقال لذلك الخط المحيط منطقة الدائرة ولتلك النقطة فى وسط السطح مركز الدائرة ، واما خطية وهى كل خط مدور فرض على الدائرة السطحية حتى المنطقة بحيث كانت الخطوط الخارجة منه فى اى جهة الى مركز الدائرة متساوية ، ويمكن فرض الدائرة الخطية على سطح الكرة فاصغرها ما احاط بقطب الكرة واكبرها منطقتها والدائرة بكلا المعنيين موجودة بالضرورة.

قوله : لان الدائرة القطبية الخ ـ اراد بها وبالمنطقية الدائرة بالمعنى الثانى ، يعنى ان الدائرة الصغيرة المحيطة بالمركز او القطب المركبة من اجزاء اذا تلاقت المركز بظواهر اجزائها اى بجوانبها التى الى المنطقة وبواطنها اى جوانبها التى الى المركز انطبقت على نقطة المركز لعدم امتياز جوانبها وانطبقت الدائرة المحيطة بها على نقطة المركز أيضا لعدم امتياز جوانبها كذلك وهكذا الى الدائرة المنطقية لعدم الفرق فى ذلك بين الدوائر فلزم انتفاء جميعها لانطباقها واندكاكها على نقطة واحدة.

قوله : لزم الانقسام ـ لكون كل جزء واقع فى الدائرة ذا طرفين.

قوله : وان لم تكن حقيقية ـ الدائرة غير الحقيقية بالمعنى الاول ما يكون منطقتها مضرسة وبالمعنى الثانى ما يكون نفسها مضرسة فلا ينطبق التعريف عليهما

قوله : لكن المنخفض اذا ملئ بالجزء الخ ـ ذكر هذا الكلام لدفع ما التزموا به من انتفاء الدائرة اذ قالوا ان البصر يخطئ فى امر الدائرة فان الدائرة المحسوسة شكل مضرس وليست بدائرة حقيقية ، فاجاب بان تلك التضاريس تنتفى بامتلاء المواضع المنخفضة وتصير الدائرة حقيقية.

اقول : ان القول بعدم انقسام الجزء الّذي يتركب منه الجسم مطلقا يستلزم انتفاء كل شكل مجسم ومسطح اذ لازم هذا القول عدم ازدياد المقدار بازدياد جزء على جزء فلا ينفعهم ذلك شيئا اذ هم يلزمون بانتفاء كل شكل.

قوله : ولم يفضل ـ يعنى ولم يفضل الجزء على قدر الانخفاض ، واما ان فضل

٢٣٧

فلم تصر الدائرة حقيقية ولكن يلزمه انقسام الجزء لان بعض الجزء وقع فى محل الانخفاض وبعضه فى خارج المحل فينقسم الجزء الى جزءين.

قوله : والجواب انه عرض قائم الخ ـ حاصله ان الخط له اعتباران اعتباره من حيث هو هو واعتباره من حيث لحوق طبيعة اخرى هى التناهى فالنقطة لو كانت قائمة به بالاعتبار الاول لانقسمت بانقسامه ولكنها ليست كذلك لان الخط ينقسم بانقسامات والنقطة باقية بحالها ، بل قائمة به بالاعتبار الثانى اى قائمة بمنتهى الخط لا بنفس الخط حتى يلزم ذلك.

قوله : لان الماضى والمستقبل معدومان ـ يعنى لان الماضى من الحركة والمستقبل منها معدومان كالماضى والمستقبل من الزمان.

قوله : كانت المسافة غير منقسمة ـ اى كانت المسافة التى انطبقت عليها الحركة فى الحال غير منقسمة فكان الجزء الّذي انطبقت عليه المسافة غير منقسم وهو المطلوب.

قوله : والجواب الحركة الخ ـ سيأتى إن شاء الله تعالى فى الفصل الخامس فى اوائل مبحث الاين ذيل قول المصنف : ووجودها ضرورى ان للحركة معنيين احدهما الحركة بمعنى التوسط وهى بهذا المعنى موجودة فى الخارج والثانى الحركة بمعنى القطع وهى بهذا المعنى لا وجود لها فى الخارج ويتضح منه هذا الجواب.

قوله : والآن لا تحقق له فى الخارج ـ لان الآن هو الحد المفروض بين القطعتين من الزمان وهو ليس من الزمان فى شيء فعدمه فى الخارج لا يستلزم عدم الزمان ، واما الزمان كيف يكون موجودا فى الخارج فهو تابع للحركة وسيأتى بيانه فى الفصل الخامس فى مبحث المتى.

قوله : ان الجزء المتحرك الخ ـ اى الجزء المتحرك المفروض عدم انقسامه اذا تحرك من جزء من المسافة الى جزء آخر منها.

قوله : تثبت الواسطة ـ وهى الحدود المتوسطة بين ابتداء محل الحركة وانتهائه.

٢٣٨

قوله : من وجه آخر ـ هذا الوجه هو الاول مع الاشارة الى دخل ودفعه وهو ان قائلا لو قال : ان اتصاف الجزء بالحركة حال كونه فى الجزءين من المسافة شق ثالث ، فاشار الى الجواب بان هذا الشق أيضا باطل لانتفاء المجموع بانتفاء كل منهما اى لانتفاء الاتصاف بالحركة حال كون الجزء فى مجموع الجزءين بانتفاء الاتصاف بها حال كونه فى كل من الجزءين.

الى هنا تمت الحجة على القائل بتركب الجسم من الاجزاء لا تتجزى مطلقا من دون النظر الى تناهى الاجزاء وعدم تناهيها فالآن يشرع فى ابطال تركب الجسم من الاجزاء لا تتناهى وهو القول الثانى من الاقوال الثلاثة فى الجزء والقول الثالث هو قول ذى مقراطيس ويأتى قريبا ، ولا يخفى ان هذه الحجج والالزامات غير رادة لمذهبه اذ هو لا يقول بعدم التجزى مطلقا بل قائل بالتجزى وهما وهذه تبطل عدم التجزى مطلقا وبعبارة اخرى ان هذه لا تثبت الا التجزى بحسب الوهم وهو قائل به.

قوله : فنقول كل جسم فانه متناه فى المقدار ـ لما يأتى فى المسألة الاولى من الفصل الثالث.

قوله : لم يلحق السريع البطيء ـ اى ابدا ولو تحركا ابدا الا اذا يقف البطيء ويستمر السريع فى الحركة فيصل إليه.

قوله : بيان الشرطية ان البطيء اذا قطع مسافة الخ ـ توضيحه ان البطيء اذا قطع مسافة من مبدأ تم تحرك السريع بعد زمان من ذلك المبدأ فلا شبهة فى ان بينهما فى اوّل الامر مسافة فاذا قطع السريع جزء من المسافة قطع البطيء أيضا جزء اذ لا اقل من الجزء وهكذا فتلك المسافة التى كانت بينهما فى اوّل الامر تكون باقية بينهما ابدا فلا يلحق السريع بالبطيء ابدا ، واما اذا كانت الاجزاء متناهية فيقف البطيء عند تناهيها ثم يلحق به السريع فلا يكون عدم اللحوق ابديا ، وبهذا البيان يظهر ان هذا الوجه من الابطال يختص بمذهب من يقول بعدم تناهى الاجزاء فلا وجه لما اورد الشارح القوشجى على المصنف من ان هذا الوجه لا يختص بابطال قول النظام بل هو جار فيما اذا كانت الاجزاء متناهية أيضا

٢٣٩

اقول : فى هذا الوجه نظر اذ لا يلزم من ذلك عدم لحوق السريع بالبطيء اذ لا ينكر على القول بالجزء ان السريع اذا قطع جزء من المسافة قطع البطيء أيضا جزء منها ، ولكن السريع يقطع جزء فى زمان اقصر من زمان يقطع فيه البطيء جزء فاذا قطع البطيء الف جزء مثلا فى ساعة قطع السريع الفى جزء فى ساعة اذا كانت سرعته ضعف سرعة البطيء مثلا فحينئذ يصل السريع إليه بعد ساعة من اوّل حركته فيما اذا كان السريع تحرك بعد حركة البطيء بساعة.

قوله : لانه لا يمكن قطعها الخ ـ الاولى فى تقريرها ان يقال : ان المتحرك على مسافة انما يقطعها جزء بعد جزء لامتناع الطفرة فى المكان لما يأتى عن قريب فلو كانت مركبة من اجزاء غير متناهية فالى متى سار عليها لم يصل الى منتهاها لعدم تناهيها فلا يمكنه ان يقطع مسافة من المسافات فى زمان متناه.

ثم الفرق بين هذا الوجه والوجه الثانى ان ذاك يحتاج الى فرض المتحركين السريع والبطيء بخلاف هذا ، وان التالى الفاسد فى ذاك عدم لحوق السريع بالبطيء ابدا وفى هذا عدم قطع المسافة فى زمان متناه ، وان ذاك اخذ فيه زمان فاصل بين ابتداء الحركتين وان هذا اخذ فيه نفس زمان الحركة فلا وجه لقول الشارح العلامة رحمه‌الله : هذا قريب من الوجه الثانى ولا لقول الشارح القوشجى تبعا لصاحب المواقف : الاولى ان يجعل هذا وذاك وجها واحدا.

اقول : ان بطلان عدم تجزئة الجسم وان وصل فى الصغر الى ما وصل بالمعنى الّذي ذهب إليه الفريقان الاولان بديهى لا يحتاج الى مئونة البرهنة والاستدلال ، واطالة القوم الكلام فيه لكثرة المخالفين من المتكلمين والفلاسفة الاقدمين ، نعم ان امكن استحالة الجسم عن الطبيعة الجسمية الى غيرها كما يستحيل عن الطبيعة النوعية الى غيرها امكن ان يزول عنه قبوله للانقسام مطلقا ، ولكنه سلب بانتفاء الموضوع ولا نزاع فيه.

قول المصنف : والقسمة بانواعها الخ ـ اعلم ان قسمة الشيء المتكلم اما ان توجب انفصالا فيه أو لا فالاولى هى القسمة الانفكاكية المنقسمة الى القطع الّذي

٢٤٠