توضيح المراد - ج ١

السيد هاشم الحسيني الطهراني

توضيح المراد - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المصطفوي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٠٢

قوله : عند فرض عدم انقسام الملحوق ـ يعنى عند لحاظ عدم انقسام معروض الوحدة.

قوله : وكذا الكثرة ـ اى تحصل فى العقل عند فرض انقسام الملحوق.

قوله : لانه لا يمكن الخ ـ تعليل لقوله : تحصل فى العقل عند فرض الخ.

المسألة التاسعة

( فى كيفية التقابل بين الوحدة والكثرة )

قول الشارح لان المقوم متقدم الخ ـ اى لان الوحدة مقومة للكثرة والمقوم متقدم على المتقوم والمضايف ليس بمتقدم على مقابله فتنتجان من الشكل الثانى ان المقوم ليس بمضايف.

قوله : لامتناع تقوم احد الضدين بالآخر ـ لان المقوم والمتقوم يجب ان يجتمعا والضد ان يجب ان لا يجتمعا فتنتجان من الشكل الثانى ان المقوم والمتقوم يجب ان لا يكونا ضدين.

قوله : هذا النوع من التضايف ـ اى التضايف بالعرض لا بالذات كالتضايف بين الابوة والبنوة ، والحاصل انه ليس بين الكثرة والوحدة تقابل بحسب ذاتهما بل التقابل بينهما بحسب عروض امور خارجة عن ذاتهما عارضة عليهما وهى العلية والمكيالية العارضتان على الوحدة والمعلولية والمكيلية العارضتان على الكثرة وان كان بين نفس العلية والمعلولية وكذا المكيالية والمكيلية تقابل التضايف بالذات والتجوهر

المسألة العاشرة

( فى اقسام الوحدة )

قول المصنف : فجهة الوحدة ـ جهة الوحدة هى الحيثية المتصفة بالوحدة فى المعروض كصورة البيت ، وكذا جهة الكثرة هى الحيثية المتصفة بالكثرة فيه كمواد البيت.

١٦١

قوله : فالوحدة عرضية ـ الوحدة العرضية التى لا تقوم جهة الكثرة ولا تكون عارضية لها قسيمة للوحدة الحقيقية المنقسمة الى الوحدة الذاتية التى جهتها مقومة لجهة الكثرة والى الوحدة العارضية التى جهتها عارضة لجهة الكثرة ، والوحدة الذاتية تنقسم الى الوحدة الجنسية والنوعية والفصلية ، والوحدة العارضية تنقسم الى الوحدة الموضوعية التى تكون جهة الوحدة موضوعة لمحمولات هى جهة الكثرة والى الوحدة المحمولية التى تكون جهة الوحدة محمولة لموضوعات هى جهة الكثرة.

قوله : وان عرضت ـ المراد بالعروض هاهنا كون شيء عرضيا لشيء آخر فان جهة الوحدة فى قولنا : الانسان كاتب ضاحك هى طبيعة الانسان وهى ليست عارضة عليهما بل هى عرضية بالنسبة إليهما اى خارجة عن ماهيتهما ومفهومهما ويصح حمله عليهما ، وبعبارة اخرى ان الانسان خاصة لهما كما ان الحيوان عرضى عام لهما ، اذ كل شيء خارج عن ذات شيء ويصح حمله عليه فهو عرضى بالنسبة إليه سواء كان عارضا له فى الواقع كالماشى بالنسبة الى الحيوان او معروضا له فى الواقع كالحيوان بالنسبة الى الكاتب على ما هو مصطلح المنطق.

قوله كانت موضوعات او محمولات الخ ـ اشارة الى القسمين من الوحدة العارضية وهما الوحدة الموضوعية كقولنا : الانسان ضاحك كاتب متعجب فان الانسان امر واحد عرضى لها ، معروض لكل واحد منها ، موضوع لكل واحد منها بالطبع وان امكن حمله على كل منها ، فوحدته وحدة موضوعية لها ، وان كانت لافراد حقيقته من زيد وعمرو وبكر وحدة نوعية ، والوحدة المحمولية كقولنا : العاج والثلج والقطن ابيض فان الابيض امر واحد عرضى لها ، عارض على كل واحد منها ، محمول على كل منها بالطبع وان امكن وضعه لها فوحدته وحدة محمولية ، وان كانت لافراد مفهومه من هذا الابيض من حيث هو ابيض وذاك الابيض من حيث هو ابيض وحدة نوعية ، وكل واحد مما مثلناه فيه جهة وحدة هى عنوان الانسان او الابيض وجهة كثرة هى واحد من تلك العناوين لا بحياله بل بالقياس الى سائره

١٦٢

كما ان جهة الوحدة كذلك.

وتقدير كلام المصنف : وان عرضت جهة الوحدة لجهة الكثرة فالوحدة عارضية وتحققت موضوعات معروضة لمحمول واحد او محمولات عارضة لموضوع واحد ، وقوله : او بالعكس عطف على عارضة ، يعنى او معروضة لمحمول واحد وهو صفة لموضوعات كما ان عارضة صفة لمحمولات كما ذكرنا فى التقدير ، أخره رحمه‌الله للاختصار فى الكلام.

قوله وان قومت فوحدة جنسية او نوعية او فصلية ـ اى وان قومت جهة الوحدة جهة الكثرة كان يقال : الانسان والبقر والابل حيوان ، فان الحيوان امر واحد فيها مقوم لماهية كل واحد منها لانه جزئها ، وكان يقال : زيد وبكر وعمرو انسان او ناطق كذلك.

قوله : وقد يتغاير ـ عطف على قوله : قد يكون واحدا اى وقد يكون معروض الوحدة غير معروض الكثرة بان يكون موضوع الوحدة شيئا وموضوع الكثرة شيئا آخر مرتبطا به او اجنبيا عنه.

قوله : فموضوع مجرد الخ ـ هذا مبتدأ خبره وحدة شخصية اى فالموضوع الّذي يحمل عليه مجرد مفهوم عدم الانقسام الّذي هو الوحدة الكلية ولا يحمل عليه مفهوم آخر وحدة شخصية ، فلا يكون اضافة موضوع الى مجرد بيانية كما توهم صاحب الشوارق اذ مجرد عدم الانقسام مفهوم كلى ليس بوحدة شخصية بل هو محمول عليها كحمل سائر المفاهيم الكلية على ما تحتها ، مع انه لو كان كما قال لما استقام ما المصنف بصدده لانه فى مقام بيان ما يعرض عليه الوحدة ولا يعرض عليه الكثرة بوجه.

قوله بقول مطلق ـ اى الوحدة الشخصية الغير المنضمة بشيء من المفاهيم بان يقال : وحدة النقطة او وحدة الخط او وحدة الانسان مثلا ويعبر عنها بالوحدة المطلقة.

قوله والا نقطة الخ ـ يعنى وان لم يكن معروض الوحدة موضوعا لمجرد

١٦٣

مفهوم عدم الانقسام فقط بل يكون موضوعا لمفهوم آخر أيضا فذلك المعروض اما قابل للانقسام او ليس بقابل له وغير القابل اما ذو وضع فهو نقطة شخصية واما غير ذى وضع فهو موجود مفارق عن المادة كالعقل والنفس والقابل للانقسام اما نفس المقدار كالخط والسطح او معروض للمقدار وهو جسم بسيط كالماء والهواء او مركب كالانسان والشجر.

قوله : ان كان له مفهوم زائد ذو وضع ـ يعنى ان كان لموضوع الوحدة مفهوم زائد على الوحدة اى مفهوم غير مفهوم الوحدة ذو وضع اى ذو قابلية للاشارة الحسية فهو نقطة لو لم ينقسم.

قوله : او مفارق ـ عطف على نقطة.

قول الشارح : كما تقول نسبة الملك الى المدينة الخ ـ يعنى نسبة الملك الى المدينة ونسبة الربان الى السفينة ونسبة النفس الى البدن واحدة وهى نسبة التدبير الّذي هو جهة الوحدة وجهة الكثرة هى النسب والتعلقات فانها مختلفة لاختلاف الطرفين ، والتدبير ليس ذاتيا لتلك النسب ولا عرضيا لها لانه لا يحمل عليها لكنه جهة وحدة فيها.

قوله : بل هما نسبتان ـ اى متحدتان فى التدبير.

قوله : احدها ان يكون موضوعا ـ اى يكون جهة الوحدة موضوعا وجهة الكثرة محمولا ، ولا يخفى ان هذا ليس قسما برأسه بل هو القسم الثانى بعينه على ما جعله المصنف رحمه‌الله مقسما لان المقسم فى كلامه هو ان يكون جهة الوحدة عارضية لجهة الكثرة بحيث تكون موضوعا لها او محمولا عليها وهذا ليس له الا قسمان لان جهة الوحدة اما ان تصلح بالطبع للموضوعية كالانسان للكاتب وغيره واما ان تصلح بالطبع للمحمولية كالابيض للقطن وغيره ، نعم على ما جعله الشيخ ابن سيناء مقسما وهو ان يقارن شيء شيئا آخر هو ذلك الاخر من دون ان يكون احدهما جزء للآخر يصح تثليث الاقسام ، قال الشيخ فى الفصل الثانى من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء : والواحد بالعرض هو ان يقال فى شيء يقارن شيئا آخر انه هو الاخر وانهما

١٦٤

واحد وذلك اما موضوع ومحمول عرضى كقولنا : ان زيدا وابن عبد الله واحد وان زيدا والطبيب واحد واما محمولان فى موضوع كقولنا : ان الطبيب هو وابن عبد الله واحد اذ عرض ان كان شيء واحد طبيبا وابن عبد الله او موضوعان فى محمول واحد عرضى كقولنا : الثلج والجص واحد اى فى البياض اذ قد عرض ان حمل عليهما عرض واحد انتهى ، والشارح العلامة رحمه‌الله احتذى هاهنا مثال الشيخ فى التثليث.

قوله : وان كان موضوعهما كثيرا الخ ـ بان يكون موضوع الوحدة شخصا واحدا وموضوع الكثرة شيئا آخر.

قوله : ان تكون اجزائه مساوية لكله ـ اى فى الطبيعة والحقيقة كالخط الواحد فان بعضه أيضا خط لا حقيقة اخرى ومثله الجسم البسيط فان بعضا من الماء ماء ، بخلاف الجسم المركب فان بعض الانسان ليس بإنسان.

قوله : والوحدة من اقسام الواحد الخ ـ اى الوحدة الشخصية التى قد مر ان ليس لها مفهوم وراء عدم الانقسام اولى من غيرها من الموضوعات بحمل الواحد عليها بان يقال : وحدة واحدة ، كما ان الوجود الحقيقى اولى من غيره بحمل الوجود المطلق عليه بان يقال : وجود الانسان موجود مثلا.

قوله : فلا يعرض المشخص الواحد ـ يعنى لا يكون الهو هو فيما لا يكون فيه كثرة لانه حمل والحمل يستدعى وحدة وكثرة ، ويحتمل ان يكون مراد المصنف ان الهو هو على نحو الوحدة فى التشكيك واولوية بعض على بعض واسم الاشارة القريب يؤيد هذا الاحتمال ، ويحتمل ان يكون مراده فيهما.

قول المصنف : والوحدة فى الوصف العرضى والذاتى ـ المراد بالوصف هو جهة الوحدة فقد مر انها اما ذاتى كالجنس واما عرضى كالخاصة.

قوله : بتغاير المضاف إليه ـ المضاف إليه أيضا هو جهة الوحدة فان الوحدة تضاف إليها ويقال : وحدة الجنس ، وحدة النوع ، وحدة الفصل ، وحدة الوصف العرضى وهذا اما كم او كيف او وضع او غيرها من المقولات.

قول الشارح : سمى مشابهة ـ كالثلج والعاج والقطن فانها متشابهة اى واحدة

١٦٥

فى كيف هو البياض.

قوله : سمى مساواة ـ كثلاثة اخشاب يكون كل منها ذرعا فانها متساوية اى واحدة فى مقدار هو الذرع ، والمساواة بين الخطين فى بعد واحد ، وبين السطحين فى بعد واحد او فى بعدين ، وبين الجسمين فى بعد واحد او فى بعدين او فى ثلاثة ابعاد.

قوله : سمى مناسبة ـ كثلاثة اولاد بالإضافة الى آبائهم فانهم متناسبون اى ذوو وحدة فى نسبة واضافة هى البنوة ، وكآلات النجارة بالإضافة إليها فانها متناسبة بالنسبة الى هذه الصناعة ، بخلاف هذه الآلات بالنسبة الى صناعة الخياطة او آلاتها مثلا.

قوله : سمى مشاكلة ـ كزيد وبكر وعمرو فانهم متشاكلون اى ذوو وحدة فى خاصة كالضاحك مثلا.

قوله : سمى مطابقة ـ المطابقة هى المساواة مع جعل اطراف كل مساو على اطراف مساو آخر بحيث لا يخرج عن احدهما شيء من الاخر.

قوله : سمى موازاة ـ كخطى القطار فانهما متوازيان اى لهما وحدة فى الوضع بحيث يكون بعد كل جزء ومقابله مع بعد جزء آخر ومقابله واحدا وهكذا جميع الأجزاء.

قوله : ليس لها اسماء خاصة ـ اى لوحدتها ولكن يستعمل المشابهة فيها

قوله : سمى مجانسة ـ كالانسان والبقر والحمار فلها مجانسة اى وحده فى الجنس.

قوله : سمى مماثلة ـ كافراد الانسان فان لهم مماثلة اى وحدة فى النوع ، واما الوحدة فى الفصل فلم يوضع لها اسم لان حقيقته هى حقيقة النوع ولا يبعد ان يستعمل فيها المماثلة.

قول المصنف : والاتحاد محال ـ يعنى صيرورة الشيئين شيئا واحدا بحيث لا يزول منهما شيء ولا يزيد عليهما شيء ويكون جميع اعتبارات الاثنينية عين اعتبارات

١٦٦

الوحدة وهذا بديهى الاستحالة ، نعم لو زال او زاد كما فى العناصر الاربعة التى يزول عنها كمال كيفياتها ويزيد عليها نفس نباتية مثلا وتصير شجرة او تعدد الاعتبار كما فى ماهية الانسان مثلا التى تكون باعتبار الوجود الذهنى امورا متعددة وباعتبار الوجود الخارجى امرا واحدا امكن ذلك.

قوله : على ما سلف ـ فى المسألة الثامنة والثلاثين من الفصل الاول.

قوله : لا غير ـ اى لا مرتبة من مراتب العدد متقومة بغير الوحدة كأن يكون العشرة مثلا متقومة بخمستين او بثلاثة وسبعة مثلا.

قول الشارح : ذلك النوع ـ اذ كل مرتبة من مراتب العدد نوع مغاير لمرتبة اخرى لان لكل منها خواص ليست لغيرها ، وقد فصلت فى مظانها ويشير الى بعضها الشارح العلامة عن قريب.

قوله : ولا يمكن ان يكون الكل مقوما ـ اى كل ما تتألف منه العشرة من انواع العدد التى تحتها كالاثنين والثمانية او الثلاثة والسبعة او الاربعة والستة وغير ذلك لحصول العشرة بواحدة من هذه المركبات.

قوله : ارسطو ـ قال القفطى فى كتاب اخبار العلماء : ارسطوطاليس ابن نيقوماخس الفيثاغورى الجهراشنى وتفسير ارسطوطاليس تام الفضيلة وكان ارسطوطاليس تلميذ افلاطون المتصدر بعده بعهده فى الموضعين الذين تقدم بهما اصحابه ولازم افلاطون ليتعلم منه مدة عشرين سنة وكان افلاطون يؤثره على سائر تلاميذه ويسميه العقل والى ارسطوطاليس انتهت فلسفة اليونانيين وهو خاتمة حكمائهم وسيد علمائهم وهو اوّل من خلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية وصورها بالاشكال الثلاثة وجعلها آلة للعلوم النظرية حتى لقب بصناعة المنطق وله فى جميع العلوم الفلسفية كتب شريفة كلية وجزئية ، ثم ذكر كتبه اجمالا ، ثم ذكر قصة فى نقل كتب الفلسفة من يونان الى بلاد الاسلام ، ثم ذكر جملة من قصصه واحواله ، ثم ذكر كتبه تفصيلا ، ثم ذكر مذاهب الفلاسفة وعلوم الفلسفة وقضى فيها بما قضى ، تركنا نقلها لطولها

١٦٧

قوله : وتمثيله ـ اى قياسه الّذي يقال له التمثيل فى اصطلاح المنطق.

قوله : كالصمم والمنطقية ـ الصمم كون العدد غير واجد للجذر او احد الكسور التسعة كالثلاثة عشر وجذر العدد ما يحصل ذلك العدد من تربيعه اى ضربه فى نفسه والكسور التسعة هى النصف والثلث والربع الى العشر ، والمنطقية كون العدد واجدا لاحدهما او كليهما ، مثال الواجد لهما الاربعة فان لها الجذر وهو الاثنان والكسر وهو النصف ، مثال الواجد للكسر فقط الستة اذ لا يوجد عدد يحصل الستة من ضربه فى نفسه ، ومثال الواجد للجذر فقط المائة والواحد والعشرون فان لها الجذر وهو الاحد عشر وليس لها احد من الكسور التسعة ، ويسمى العدد الّذي له الصمم الاصم والّذي له المنطقية المنطق على صيغة الفاعل من باب الافعال ، والاصم اما اصم منهما او من احدهما وكذلك المنطق كما ظهر من الامثلة.

قوله : غير متناهية ـ ويقال له اللاتناهى العددى واللاتناهى اللايقفى بمعنى ان العقل لا يقف عند حد لا ان غير المتناهى موجود بالفعل ، ومثله تجزية الجسم الى اجزاء غير متناهية.

قول المصنف : وكل واحد منها امر اعتبارى ـ لما ذكره الشارح العلامة ولان الوحدة التى يأتلف منها كل مرتبة من مراتب العدد امر اعتبارى لما مر فى المسألة الثامنة.

فائدة : ـ الكثرة على معنيين : الاول هو الوحدات الملتئمة والكثرة بهذا المعنى هى العدد وهى المتقومة بالوحدة ويقال لها الكثرة الحقيقية وتقابل الوحدة مقابلة التضايف بالعرض التى مر بيانها فى المسألة التاسعة ، الثانى كون العدد واجدا لعدد مع زيادة كالعشرة الواجدة للسبعة مع زيادة هى الثلاثة والكثرة بهذا المعنى يقال لها الكثرة الاضافية وتقابل القلة مقابلة التضايف بالذات ، وهذه الكثرة والقلة المقابلة لها التى هى كون العدد فاقد الشيء هو لعدد فوقه كالسبعة بالنسبة الى العشرة مثلا صفتان عارضتان على الكثرة بالمعنى الاول كما يقال ؛ عدد كثير وعدد قليل ، وليست متقومة بالوحدة ، وهما امر ان اعتباريان كمعروضهما ، ويأتى ذكرهما

١٦٨

فى المسألة الرابعة من الفصل الخامس من المقصد الثانى فى مبحث الكم إن شاء الله تعالى.

قول الشارح : يحل فيه العرض الواحد ـ كالاثنينية او الاربعية مثلا.

قوله : يكون الواحد عددا ـ اى متعددا اذ عرضت على كل واحد من الاجزاء او على احدها تلك الاثنينية او الاربعية مثلا.

قوله : فتخصص بالمشهورى ـ الباء للسببية يعنى تخصص كل وحدة وتمتاز عن اخرى بسبب ما تضاف إليه كما يقال : وحدة الانسان ، وحدة الشجر ، والوحدة الكلية اى مفهوم عدم الانقسام جنس للوحدات التى تحتها وفصولها الاضافات الى الاشياء المعروضة لها.

قوله : والوحدة مضاف حقيقى ـ اى بالقياس الى معروضها والا فالوحدة أيضا مضاف مشهورى غير ذاتى كما مر فى المسألة التاسعة اذ المضاف الحقيقى الذاتى ما يكون بماهيته ومفهومه من مقولة الاضافة كالعلية العارضة على الوحدة ، ويأتى بيان المضاف الحقيقى والمشهورى فى الفصل الخامس من المقصد الثانى فى المسألة الاولى من مبحث المضاف ان شاء الله تعالى.

قوله فان عشرية الاناسى ـ اى كونهم عشرة ، والاناسى جمع الانسان كانت الاناسين فابدلت النون الاخيرة ياء وادغمت الياء فى الياء.

قوله وقد يمكن ان يفهم الخ ـ توضيحه : ان هاهنا مفهوما كليا هو كلى الوحدة التى تعرض فى الذهن على آحاد الاشياء ووحدة شخصية قائمة خاصة بكل واحد مما يحمل عليه الوحدة الكلية نظير الوجود العام والوجود الخاص فالوحدة الكلية تختص باسم المشهورى لان المتبادر هو هى كالمتبادر من الوجود ، والوحدة الشخصية باسم الحقيقى اذ هى حقيقة الوحدة والاولى منتزعة منها ، وعلى هذا فالباء متعلقة بمادة الاختصاص لا سببية.

قوله امر مشترك الخ ـ اى امر كلى محمول على كل ما يكون مصداقا للواحد

١٦٩

قوله : فليس واحدا حقيقيا ـ اى فليس الواحد باعتبار اتصافه بالوحدة الكلية واحدا حقيقيا ، او المعنى : فليس مجرد الوحدة الكلية واحدا حقيقيا ، بل الواحد الحقيقى هو الوحدة الحقيقية كالوجود الحقيقى الّذي هو الموجود حقيقة.

قوله : اما الذات التى الخ ـ يعنى اما ذات الوحدة وحقيقتها التى ينتزع منها مفهوم الوحدة الكلية ويحمل عليها فهى احق من سائر الموضوعات باسم الواحد وبان يحمل عليها ذلك المفهوم لانها واحدة بالذات وغيرها واحد بها كالوجود الخاص الّذي هو موجود بالذات وغيره موجود به. وفى بعض النسخ : الا بالذات التى الخ فمعناه : فليس الواحد واحدا حقيقيا الا الوحدة بالذات التى هى حقيقة الوحدة ، وعلى هذا فقوله : فهى احق تفريع على المطلب.

قوله : فانها ممتازة عن غيرها ـ اى الوحدة الحقيقية ممتازة عن غيرها من الموضوعات بحقيقتها وعن سائر الوحدات بالموضوعات ، وهو جملة معترضة فى الكلام.

قوله : فيخصص المشهورى بالواحد الحقيقى ـ يعنى فيتخصص ويتكثر مفهوم الوحدة الكلية الّذي سميناه بالمشهورى فى الاحتمال الثانى بالوحدة الحقيقية ولا يخفى عدم ملائمة هذا المعنى لظاهر المتن ، بل هذا عكس ما فى المتن صريحا.

قوله : اقرب ما يمكن الخ ـ الشارحون متفقون على هذا التفسير.

المسألة الحادية عشرة

( فى البحث عن التقابل وانواعه )

قول الشارح : وانما يعرض للكثير ـ لان التقابل يقتضي الطرفين.

قوله هو عدم الاجتماع الخ ـ فسره الشارح القديم بامتناع اجتماع الشيئين فى موضوع واحد فى زمان واحد من جهة واحدة ، وقد يفسر بتخالف الشيئين بحيث يمتنع اجتماعهما فى محل واحد فى زمان واحد من جهة واحدة ، ولا يخفى ان هذا التخالف المأخوذ فى حد التقابل غير ما مر فى المسألة العاشرة من الفصل الاول اذ هو

١٧٠

قسيم للتضاد وهذا مقسم للتقابل الّذي هو مقسم للتضاد ، وهذا التخالف قسيم للتماثل وهو اما ان يكون بحيث يمتنع الاجتماع واما ان يكون بحيث يمكن الاجتماع والاول مقسم للتقابل.

قال الشارح القوشجى : قال الحكماء الاثنان ان كانا متشاركين فى تمام الماهية فهما متماثلان والا فمتخالفان والمتخالفان اما متقابلان او غير متقابلين والمتقابلان هما المتخالفان اللذان يمتنع اجتماعهما فى محل واحد فى زمان واحد من جهة واحدة فخرج بقيد التخالف المثلان وان امتنع اجتماعهما وبقيد امتناع الاجتماع فى محل مثل السواد والحلاوة مما يمكن اجتماعهما ودخل بقيد وحدة الجهة مثل الابوة والبنوة مما يمكن اجتماعهما باعتبار جهتين ودخل بقيد وحدة المحل المتقابلان اذا امكن اجتماعهما فى الوجود كبياض الرومى وسواد الحبشى واما التقييد بوحدة الزمان فمستدرك لان الاجتماع لا يكون الا فى زمان واحد الا انه قد يقال ولو على سبيل المجاز اجتمع هذان الوصفان فى ذات واحدة وان كانا فى وقتين فصرح بوحدته دفعا لتوهم التجوز فى الاجتماع انتهى.

اقول : والتقييد بوحدة المحل أيضا مستدرك لان الاجتماع الممتنع لا يتصور فرضه الا فى محل واحد بل لا يتحقق اجتماع الشيئين مطلقا الا فى محل واحد والمراد بالاجتماع فى الوجود هو الاشتراك فيه اطلق عليه تجوزا ومسامحة ، وكذا قيد وحدة الجهة أيضا مستدرك لان مثل الابوة والبنوة المجتمعتين فى واحد من جهتين ليس بينهما التضايف حتى نتمحل لدخوله فى الحد بالقيد لان الابوة التى فى زيد مثلا لا تضايف البنوة التى فيه لان المتضايفين لهما معية وجودا وعدما والابوة التى فى زيد بالنسبة الى ابنه والبنوة التى فيه بالنسبة الى ابيه ليستا كذلك اذ كانت فيه هذه البنوة ولم تكن فيه هذه الابوة اذ كان صبيا بل تضايف البنوة التى فى ابنه وكذا البنوة التى فى زيد لا تضايف الابوة التى فيه لذلك بل تضايف الابوة التى فى ابيه ، فالحق ان القيود الثلاثة كلها توضيحية ذكرت لتوضيح مورد امتناع الاجتماع لا يخرج بها شيء ولا يدخل بها شيء ، مع ان شأن القيد ان يخرج افراد مقابله لا ان يدخل شيئا ،

١٧١

فالقيد المدخل موضح لا بمعنى انه مدخل ما كان خارجا بل موضح ما كان داخلا ، والحاصل ان التقابل هو تخالف الشيئين الممتنع اجتماعهما والاجتماع الممتنع لا يكون الا فى محل واحد فى زمان واحد من جهة واحدة ، نعم لو لم يؤخذ الامتناع فى التعريف كتعريف الشارح العلامة رحمه‌الله احتيج الى القيود الثلاثة كما ذكرها فتأمل

قوله : لانه جزئى تحته ـ فيجتمع معه اجتماع المطلق مع ما تحته من المقيدات فلا يقابله.

قوله لان مقابليهما ان لم يتقابلا الخ ـ يعنى لان مقابلى السلبين الخاصين وهما الايجابان الخاصان ان لم يتقابلا كحلاوة السكر وبياضه فظاهر ان السلبين لا يتقابلان لاجتماعهما فى غير ذلك الموضوع كالخشب فانه ليس فيه حلاوة السكر ولا بياضه فاجتمع فيه السلبان وان تقابل الايجابان الخاصان كحلاوة التفاح وحموضته فكذلك أيضا لصدق سلبيهما وتحققهما فى كل موضوع لم يكن فيه ذانك المتقابلان اى الحلاوة والحموضة الخاصتان كالماء.

قوله اذا ثبت هذا فنقول الخ ـ وجه الحصر فى الانواع الاربعة انه لما ثبت ان الامر الوجودى لا بدّ منه فى احد طرفى التقابل فاما ان يكون الطرف الاخر وجوديا او عدميا فان كان عدميا فلا بد ان يكون عدما لطرفه المقابل حتى يتحقق نسبة التقابل بينهما فالطرفان اما ان يؤخذا باعتبار نسبتهما الى موضوع واحد أولا بل باعتبار انفسهما والثانى هو تقابل السلب والايجاب المفرد ويقال له البسيط أيضا الّذي يسمى بالتناقض فى باب التصورات كالفرس واللافرس والاول اما ان يكون الموضوع مطلقا بان لا يقيد بكونه ذا شأنية وقابلية لذلك الامر الوجودى او يكون مقيدا بذلك والاول هو تقابل السلب والايجاب المركب الّذي يسمى بالتناقض فى باب التصديقات والثانى هو تقابل العدم والملكة ، ومن هذا يظهر ان تقابل السلب والايجاب المركب وتقابل العدم والملكة كلاهما راجعان الى القول اى القضية الملفوظة والى العقد او العقل على ما فى نسخة الشوارق اى القضية المعقولة لاعتبار نسبة الطرفين فيهما

١٧٢

الى الموضوع كما هو صريح المصنف وما سلك فيه سائر الشراح واهل التأليف فلا وجه لاخراج الشارح العلامة رحمه‌الله تقابل العدم والملكة من اعتبار القول والعقد.

واما تقابل السلب والايجاب المفرد فما عدوه من انواع التقابل لانهم اعتبروا فى التقابل امتناع اجتماع الطرفين وهو لا يأتى فى الفرس واللافرس مثلا من دون فرضهما لموضوع واحد اذ اجتماع مفهوميهما فى الذهن ليس بممتنع ، وان كان اطلاق التقابل عليه واقعا فى كلام الشيخ على ما نقل القوشجى.

وان كان الطرف الاخر أيضا وجوديا فانهما اما ان يكونا بحيث يعقل كل منهما بالقياس الى الاخر فبينهما تقابل التضايف كالعلية والمعلولية او لا فتقابل التضاد.

ان قلت : لو كان الشيئان يعقل كل منهما بالقياس الى الاخر لزم الدور فى التصور ، قلت : ان المراد ان يؤخذ معروض كل منهما فى حد مقابله كالعلية فانها كون الشيء بحيث يصدر عنه شيء آخر والمعلولية فانها كون الشيء بحيث يصدر عن شيء آخر ، وكالابوة فانها كون الحيوان بحيث تكوّن من بعضه مثله والبنوة فانها كون الحيوان بحيث تكون من بعض مثله ، وكالتقدم فانه اولوية شيء من شيء فى امر والتأخر فانه مرجوحية شيء من شيء فى امر فقد اخذ فى هذه الامثلة وكذا امثالها ذوات المتضايفين وهو ظاهر.

قوله : او بحسب الحقائق انفسها ـ اى من دون اعتبار العقد والقول ويدخل فيه تقابل السلب والايجاب المفرد : وقد مر ان اخذ تقابل العدم والملكة من هذا القبيل ليس بصحيح بل هو داخل فى المتقابلين باعتبار القول والعقد ، نعم انه يأتى مفردا كتقابل السلب والايجاب.

قوله : والاول هو تقابل السلب والايجاب ـ وكذا تقابل العدم والملكة لانه هو مأخوذا باعتبار خصوصية هى كون الموضوع ذا قابلية وشأنية لذلك الامر الوجودى المقابل للعدمى كما مر.

قوله : باعتبار شيء واحد ـ هو تلك القابلية والشأنية.

قوله : واعلم ان الملكة هو وجود شيء فى نفسه ـ اى وجوده فى نفسه لغيره

١٧٣

كوجود الكتابة لزيد ووجود الانسانية له ووجود الحيوانية للانسان لان الملكة وجود مقيد وهو وجود شيء لشيء كما بين فى المسألة الرابعة عشرة والخامسة عشرة من الفصل الاول.

قوله : واعلم ان تقابل التضاد يعاكس الخ ـ اذ تقابل التضاد المشهورى اعم من تقابل التضاد الحقيقى وتقابل العدم والملكة الحقيقى اعم من تقابل العدم والملكة المشهورى فيتعاكسان بحسب الحقيقة والشهرة فى العموم والخصوص.

قوله : لا الثانى ـ ويطلق عليه التعاند فى قبال التضاد الحقيقى.

قوله : على عدم شيء عن شيء ـ اى عن موضوع قابل للملكة سواء كان قبوله بحسب شخصه او نوعه او جنسه فهو تقابل العدم والملكة الحقيقى واما المشهورى منه فما يكون بحسب نوعه او جنسه فقط هذا ما فى هذا الشرح ، واما فى سائر الشروح فقد جعل المشهورى ما يكون بحسب شخصه فى وقت اتصافه بالامر العدمى لان المشهور عند العامة هو هذا القسم والحقيقى اعم منه ومما يكون بحسب شخصه مطلقا او بحسب نوعه او جنسه القريب او البعيد ، والحق معهم ، وهو رحمه‌الله قدسها قلمه الشريف هاهنا او وقع من الناسخ شيء فى الكتابة.

قوله : وسلب بالمعنى الثانى ـ يعنى تقابل السلب والايجاب ، وهذا عجيب لان عدم الملكة بالمعنى الثانى فى كلامه هو ان يقيد الشيء اى الموضوع بان يكون قابليته بحسب النوع او الجنس القريب او البعيد وهذا المثال مما يكون بحسب الجنس البعيد فكيف لا يكون بالمعنى الثانى عدم الملكة فان هذا المثال من قبيل العدم والملكة بالمعنيين على ما فسرهما ، اللهم الا ان من المحتمل وقوع شيء من الناسخ.

قوله : حتى صار كالجنس ـ انما قال كالجنس لان التقابل ليس من الموجودات العينية بل من الامور الاعتبارية العقلية والامر الاعتبارى ليس جنسا لما تحته لانه منتزع منه كالامكان بالنسبة الى الماهيات الممكنة ، بل هو كالجنس فى كونه يشترك فيه الامور المختلفة التى ينتزع هو منها وأيضا ان الجنس لا يقال على ما تحته بالتشكيك وهو مقول عليه به فاطلاق الجنس عليه فى كلام المصنف على التشبيه ، نعم انه

١٧٤

جنس للتقابلات الخاصة المضافة الى الاشياء كمفهوم الامكان الّذي هو جنس للامكانات المضافة الى الماهيات.

قوله : فاذا اخذ السواد مقابلا للبياض ـ يعنى اذا اخذ باعتبار انه ضد له فان كونه ضدا له لا يعقل الا بالقياس إليه.

قوله : كان نوعا من المضاف المشهورى ـ يعنى ان التضاد وكذا كل شيء اذا كان معروضا لحقيقة الاضافة يقال له فى الاصطلاح المضاف المشهورى.

قوله : وهو اخص منه ـ اى ثبوت الضد اخص من سلب الضد الاخر لان ثبوت الضد لا يتحقق من دون سلب الاخر واما سلب الاخر فيتحقق من دون ثبوت الضد بان يكون موضوع خال عن الضدين فسلب الاخر اعم من ثبوت الضد.

قوله : دون العكس ـ اى لا يستلزم سلب الاخر ثبوت الضد.

قوله : فهو اشد فى العناد للآخر من سلبه ـ اى فنفس الضد اشد من سلبه فى العناد بالنسبة الى الضد الاخر لان نفس الضد لا يجتمع مع الاخر واما سلبه فقد يجتمع معه فالعناد بين الضدين اشد من العناد بين سلب الضد وعين الضد الاخر الّذي هو تقابل السلب والايجاب.

اقول : ان هذا مغالطة لان تقابل السلب والايجاب ليس بين سلب شيء وايجاب شيء آخر بل بين سلب شيء وايجابه بعينه.

قوله : لان الخير لذاته خير وهو ذاتى ـ وانه ليس بشر وانه عرضى واعتقاد انه شر يرفع العرضى واعتقاد انه ليس بخير يرفع الذاتى فيكون منافاة السلب اشد ـ حاصل الكلام ان للخير رافعين : الشر الّذي هو مقابل له تقابل التضاد واللاخير الّذي هو مقابل له تقابل السلب والايجاب والرافع الاول لا يرفع ذات الخير بل يرفع امرا عرضيا لازما له وهو اللاشر فهو رافع للخير بالعرض والالتزام والرافع الثانى يرفع ذات الخير فهو رافع له بالذات والمطابقة والرافع لذات الشيء اشد منافاة له من رافع لازمه فالتنافى فى تقابل السلب والايجاب اشد من التنافى فى تقابل التضاد ، ولا يخفى ان فى فرض التضاد بين الخير والشر تسامحا

١٧٥

لان بينهما كالعلم والجهل تقابل العدم والملكة لان الشر امر عدمى كما يأتى عن قريب ، فالاولى التمثيل بالبياض والسواد وامثالهما.

ويمكن ان يقرر بوجه آخر وهو ان الخير خير بالحمل الذاتى وان الخير ليس بشر بالحمل العرضى ومقابل القضية الاولى ان الخير ليس بخير وهذه القضية ترفع الامر الذاتى ومقابل القضية الثانية ان الخير شر وهذه القضية ترفع الامر العرضى وما يرفع الامر الذاتى اشد فى التنافى مما يرفع الامر العرضى فيكون منافاة السلب والايجاب اشد من التضاد. ومراده بالاعتقاد العقد الّذي هو القضية.

قوله : كقولنا زيد لا زيد فهو تقابل العدم والملكة ـ هذا خلاف ما عليه الجمهور اذ قد مضى ان هذا التقابل كالسلب والايجاب يعتبر نسبة طرفيه الى الموضوع ، بل خلاف ما صرح هو نفسه رحمه‌الله حيث قال عن قريب : والعدم هو انتفاء تلك الملكة عن شيء من شأنه ان يكون له ، وهذا الشيء هو الموضوع ، نعم كما قد يقع التقابل بالسلب والايجاب بين مفردين كزيد ولا زيد قد يقع التقابل بالعدم والملكة بين مفردين كالعلم والجهل.

قوله : فلو قلنا الاسود قابض الخ ـ يعنى ذات الاسود وهو الجسم فليس فى الكلام تهافت.

قول المصنف : بشرائط تسع وهو ـ فى بعض النسخ والشروح فبشرط تاسع وفى البعض الاخر فيشترط تاسع وهذان اصح لمكان ضمير هو.

قوله : بحيث لا يمكن اجتماعهما ـ اى لا يكفى مطلق الاختلاف فى الجهة بل لا بدّ من اختلاف خاص كما مثل له الشارح العلامة وذكر تفصيلا فى كتب المنطق

اعلم انه ليس المراد ان القضية اذا لم تكن موجهة اى لم تكن مذكورة الجهة لم يلزم فيها اختلاف الجهة لان اختلاف الجهة فى الواقع لا بدّ منه لتحقق التناقض فى كل قضية كائنة ما كانت سواء ذكرت جهتها أم لم تذكر بل المراد ان هاهنا شرطا عاشرا هو اختلاف الجهة ، فالتناقض فى القضية الشخصية مشروط بشرائط تسع وفى القضية المحصورة مشروط بشرائط عشر

١٧٦

قوله : واذا قيد العدم الخ ـ يعنى اذا كان محمول القضية عدم ملكة كقولنا : زيد لا كاتب سميت معدولة ، وهذه القضية تقابل الوجودية اى القضية الموجبة التى محمولها تلك الملكة مع وحدة موضوعهما كقولنا : زيد كاتب فى الصدق لا فى الكذب لجواز ارتفاعهما اذا كان الموضوع معدوما فيصدق عند عدم الموضوع مقابلاهما اى السالبتان اللتان تقابلانهما وهما زيد ليس بلا كاتب وزيد ليس بكاتب لان صدق السالبة لا يستلزم وجود الموضوع بخلاف الموجبة فان المعدولة كالمحصلة موجبة.

قوله : وقد لا يستلزم الخ ـ يعنى وقد لا يستلزم الموضوع شيئا من الضدين فحينئذ اما ان يتصف باحدهما كالنفس اذا اتصفت بالعلم او بالجهل المركب فى عقد واحد واما ان لا يتصف ففى هذه الصورة اما ان يكون خاليا من الطرفين والوسط كالفلك الخالى من غاية الحرارة وغاية البرودة والمتوسط بينهما واما متصف بالوسط كالماء الفاتر.

قوله : وهو منفى عن الاجناس ـ لانه يمتنع كون جنسين فى مرتبة واحدة وما يكون تحت غيره لا يضاده بل يجامعه.

ان قلت : يمكن ان يكون جنس من مقولة يضاد جنسا من مقولة اخرى ، قلت : هذا منفى بالاستقراء.

قول الشارح : لانهما ليسا جنسين ـ لانهما عنوانان ينتزعهما العقل من الامور المختلفة التى ليست مشتركة فى ذاتى ، مع ان كلا منهما مفهوم مشكك فليس بجنس لان جنس الشيء ذاتى له والذاتى لا يقع فيه التشكيك.

قوله : ولا ضدين من حيث ذاتيهما ـ اى ان الخير والشر من حيث هما هما بينهما تقابل العدم والملكة لان الخير يرجع الى الحيثية الوجودية فى الشيء والشر يرجع الى الحيثية العدمية فيه كما بين فى المسألة السابعة من الفصل الاول ، ومن هذا يتضح ان بين مصاديقهما أيضا تقابل العدم والملكة ، اللهم الا ان يكونا اضافيين.

قوله : بل تقابلهما من حيث الكمالية والنقص ـ اى تقابل الخير والشر من

١٧٧

حيث ذاتيهما تقابل الكمال والنقص اى العدم والملكة اذ النقص عدم والكمال وجود.

قال صاحب الشوارق نقلا عن الشيخ : واما الخير والشر فليسا بالحقيقة اجناسا عالية ولا الخير يدل على معنى متواط فيه ولا الشر ومع ذلك فالشر يدل فى كل شيء بوجه ما على عدم الكمال الّذي له والخير يدل على وجوده فبينهما مخالفة العدم والوجود

قوله : ولا ينتقض بالشجاعة والتهور ـ بان يقال : انهما نوعان متضادان مع انهما غير مندرجين تحت جنس واحد بل تحت جنسين هما الفضيلة والرذيلة ، فاجاب انهما ليستا جنسين لهما بل هما عنوانان منتزعان كالخيرية والشرية. وجنسهما هو الكيف النفسانى وهو واحد ، ودليل هذا الحكم أيضا الاستقراء.

قوله : قد مضى تقريرها ـ فى المسألة الرابعة.

قوله : لا للفصول الاعتبارية ـ اى لا للفصول التى يكون امتيازها عن الاجناس فى الذهن ووجودها مستقلا عن وجود الاجناس باعتبار العقل.

قوله : ولعل غيرى يفهم منه غير ذلك ـ الشارحون متفقون على ان الغرض من ذكرها ذلك ، الا ان الشارح القوشجى اورد اشكالا على انحصار التضاد فى الامور العينية.

ثم قال فى آخر هذا المبحث : اعلم ان هذه الاحكام انما هو للتضاد الحقيقى لا للمشهورى ولم يتعرض هاهنا من اقسام التقابل للاضافة ولم يبين احوالها لان بحث الاضافة يجيء مفصلا فى مباحث الاعراض.

١٧٨

الفصل الثالث

( فى احكام العلة والمعلول )

قول الشارح : لانهما من لواحق الماهية ـ هذا على القول باصالة الماهية مع ان العلية الحقة الحقيقية ليست الا لذات الواجب الوجود الّذي هو صرف حقيقة الوجود.

المسألة الثالثة

( فى احكام العلة التامة )

قول المصنف : فالفاعل مبدأ التأثير الخ ـ هذا احد احكام العلة التامة وهو وجوب وجود المعلول عند وجودها ، وبعبارة اخرى امتناع تخلف المعلول عن وجود علته التامة ، وهذا الحكم بديهى بعد تصور الاطراف الا انه استدل عليه تنبيها وتذكرة.

قوله : عند وجوده بجميع جهات التأثير ـ وجود الفاعل مع جميع جهات التأثير هو العلة التامة ، وعبر عن العلة التامة بالفاعل المستجمع لشرائط التأثير لان العمدة فى العلة التامة هى الفاعل

قول الشارح : لزم ترجيح احد طرفى الممكن الخ ـ اى ترجيح طرف العدم على طرف الوجود لا لمرجح بل مع مرجح موجب لطرف الوجود.

قوله : وهو محال ـ ان قلت : الترجيح بلا مرجح من المختار جائز اذ يجوز ان يكون هناك فاعل مختار مستجمع لجميع شرائط التأثير لم يرد بعد وجود المعلول قلت : ان هذا الفاعل مع تلك الشرائط ليس بالعلة التامة لان ارادته جزء منها وهى لم تتحقق بعد فاذا تحققت ولم يجب وجود المعلول لزم الترجح بلا مرجح بل لزم ترجح المرجوح لا الترجيح لان ترجيح الفاعل المريد المستجمع لجميع الشرائط

١٧٩

عند تحقق ارادته غير معقول لان المفعول حينئذ لا محالة موجود فاذا لم يوجد فهو ترجح لطرف العدم بلا مرجح بل مع وجود المرجح الموجب لطرف الوجود وهو محال بديهة واتفاقا حتى عند الاشاعرة القائلين بجواز الترجيح بلا مرجح اذ هم يقولون بجواز ترجيح الفاعل المختار احد المتساويين على الاخر بلا مرجح لا بترجيح الممتنع على الواجب ، فالاحسن ان يقال هاهنا الترجح مكان الترجيح ، واما الترجيح بلا مرجح محال او ممكن فلبحثه موضع آخر

قول المصنف : ولا يجب مقارنة العدم ـ اى ولا يجب مقارنة وجود العلة التامة لعدم المعلول عدما زمانيا غير مجامع لوجود المعلول ، واما العدم الذاتى المجامع له فوجود العلة مقارن له لانه كالامكان لا ينفك عن ذات المعلول ، ولا فرق فى ذلك بين ان يكون الفاعل مختارا او موجبا لان فرض الكلام فى العلة التامة وتخلف المعلول عنها حتى يقارن هى عدمه ممتنع كما مر ، وتحقق العلة التامة فى مورد الفاعل المختار بتحقق الإرادة وعند تحقق الإرادة لا معنى لتخلف المعلول

ان قلت : اذا امتنع تأخر المعلول زمانا عن العلة التامة كما مر امتنع مقارنة العلة التامة لعدم المعلول زمانا ، فلم قال المصنف : ولا يجب وعدم الوجوب هو الجواز والجواز ينافى الامتناع ، قلت : أولا ان هذا بحسب انصراف الكلام والا فعدم الوجوب يشمل الامكان والامتناع ولا بأس بإرادة الامتناع من عدم الوجوب ، وثانيا ان امتناع المقارنة قد فهم من الحكم السابق التزاما وليس مراد المصنف بهذا الكلام التصريح بلازم ذلك الحكم بل التصريح برد من قال من المتكلمين بوجوب مقارنه العلة التامة للعالم التى هى الواجب تعالى لعدم المعلول الّذي هو العالم لما ذهبوا إليه من حدوثه.

ان قلت : ان المصنف يوافق المتكلمين فى هذا المذهب على ما اشار إليه فى المسألة الخامسة والاربعين من الفصل الاول : قلت : نعم ولكن القول بحدوث العالم لا يستلزم نقض هذه القاعدة البديهية.

قول المصنف : ولا يجوز بقاء المعلول بعده ـ اى بعد انعدام الفاعل

١٨٠