توضيح المراد - ج ١

السيد هاشم الحسيني الطهراني

توضيح المراد - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المصطفوي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٠٢

البينة فان العقل يصدق بانها للماهية بمجرد تصور الماهية او تصور الطرفين مع النسبة وكذا كل جزء مستحيل الدفع عن الماهية وليس كل مستحيل الدفع عنها بجزء لصدقه على لوازم الماهية مطلقا.

ان قلت : اطلاق الخاصة عليهما ليس بصحيح لان الخاصة ما لا يوجد فى غير ذى الخاصة بل كل منهما عرض عام على الاصطلاح ، قلت : الخاصة اما حقيقية وهى ما فسرت واما اضافية وهى يأتى تفسيرها عن قريب والخاصتان الاخيرتان اضافيتان.

قول الشارح : ثم ان الذهن مطابق للخارج الخ ـ جعل فرض الكلام فى الجزء الخارجى لمكان قوله : فقد ظهر ان جزء الحقيقة الخ والحقيقة هى الماهية باعتبار الوجود فى الخارج وحكم بان الجزء الخارجى اذا تصور فالواقع منه فى الذهن مطابق للواقع منه فى الخارج من جهة التقدم على الكل فلا يرد عليه ان الجزء العقلى مطلقا ليس جزء خارجيا حتى يتطابقا فى التقدم على الكل.

قوله : فان فاعل الجزء هو فاعل الكل ـ اى الجزء بما هو جزء والا يمكن ان يكون فاعل الكل غير فاعل ذات الجزء.

قوله : وذلك لان المتقدم لا يعقل الخ ـ تعليل لقوله : يستلزم استغناء الجزء عن السبب الجديد ، توضيحه : ان الجزء الّذي يكون متقدما على الكل لا يعقل احتياجه الى السبب الجديد الّذي يكون متأخرا عن الكل الّذي هو متأخر عن الجزء لان الشيء لا يمكن ان يحتاج الى ما هو متأخر عنه واما كون السبب الجديد متأخرا عن الكل فلان فرضه جديدا انما هو بتأخره عن تحقق الكل.

قوله : بل ولا خارجة عن علة المركب ـ اى بل ولا يعقل احتياج الجزء بما هو جزء الى علة غير علة المركب ، وهذا اشارة الى ما ذكرنا من التعليل فى ذيل كلام المصنف.

قوله : فان علة كل جزء الخ ـ اى بما هو جزء.

قوله : فاذا اعتبر هذا التقدم الخ ـ هذا تفسير لقول المصنف : فباعتبار

١٤١

الذهن بين وباعتبار الخارج غنى ، وتقديره بان يرجع الى تفسير ساير الشراح : فاذا اعتبر هذا التقدم المستلزم لاستغناء الجزء عن السبب الجديد بالنسبة الى الذهن فالجزء يسمى بين الثبوت واذا اعتبر بالنسبة الى الخارج فالجزء يسمى غنيا عن السبب فعبر عن الاستغناء بالتقدم اطلاقا للعلة على المعلول فان التقدم علة الاستغناء.

قوله : وهذه الخاصة الخ ـ هذا المطلب غير مذكور فى المتن ومعناه انه كلما تحقق تقدم الجزء تحقق استغنائه عن السبب الجديد وليس كلما تحقق الاستغناء عن السبب الجديد تحقق التقدم لان لوازم الماهية مستغنية عن السبب الجديد وليست متقدمة على الماهية ، ولكنه مذكور التزاما لان الخاصة الثانية اذا كانت اعم من ذى الخاصة اعنى الجزء وكان الجزء مساويا للخاصة الاولى كانت اخص من الخاصة الثانية كالجزء.

قوله : لان الاولى الخ ـ يعنى ان الخاصة الاولى اى التقدم حصولها مقيد بالتقدم واما الخاصة الثانية اى الاستغناء عن السبب فحصولها مطلق سواء كان مع التقدم كما فى الجزء او لم يكن معه كما فى اللازم فهى اعم من الاولى.

قوله : ولهذا قيل الخ ـ هذا استدلال على ذلك المطلب بلازمه كما بينا وهذا هو مطلب المتن.

قوله : لكل ذاتى على الاطلاق ـ اى لكل جزء سواء كان خارجيا او ذهنيا.

قوله : وهاتان الخاصتان اضافيتان ـ الخاصة الاضافية وتسمى أيضا بخاصة الجنس كما تسمى الخاصة الحقيقية بخاصة النوع هى التى تكون خاصة لجنس ذى الخاصة المفروض كالماشى للانسان او لامر غير الجنس مشترك بين ذى الخاصة المفروض وغيره كالغنى عن السبب فانه خاصة لجامع بين الجزء واللازم الاصطلاحى وذلك الجامع عنوان اللازم للماهية بالمعنى اللغوى الّذي يصدق على الجزء واللازم الاصطلاحى.

قوله : اعم منه ـ اى اعم من ذى الخاصة وهو الجزء.

قوله : لمشاركة بعض اللوازم له فى ذلك ـ يعنى لمشاركة اللوازم

١٤٢

البينة للجزء فى مجموع الخاصتين لان اللوازم الغير البينة لا تستغنى عن الواسطة فى الاثبات بل عن الواسطة فى الثبوت.

المسألة الرابعة

( فى احكام الجزء )

قوله : ولا بد من حاجة ما الخ ـ يعنى كما ان الكل من حيث هو كل يحتاج الى الاجزاء فلا بد ان يحتاج بعض الاجزاء الى بعض كى يتحقق امر التركيب.

اعلم ان الامور المتعددة اما بينها ارتباط يستتبع وحدة ما أو لا ، والثانى لا يسمى بالمركب كالحجر الموضوع فى جنب الانسان ، والاول اما ان يحصل من الارتباط والاجتماع اثر غير مجموع آثار الاجزاء أو لا ، والثانى هو المركب الاعتبارى كعشرة يواقيت مجتمعة فى سلك واحد تسمى بالعقد وآلاف انسان مجتمعين فى مكان يقال لهم اهل البلد او مجتمعين فى محل للحراب يقال لهم العسكر او عدة دور مجتمعة فى ارض يقال لها البلد ، فمن هذه الاجتماعات لا يحصل اثر مغاير لمجموع الآثار ، وبعبارة اخرى ان اثر المجموع هو مجموع آثار الاجزاء ، والاول هو المركب الحقيقى.

ثم ان المركب الحقيقى اما ان يحصل فيه جوهر يكون منشأ لذلك الاثر المغاير الزائد كالشجر المركب من العناصر الّذي يحصل فيه من اجتماع تلك العناصر نفس نباتية تكون منشأ لآثار مغايرة لآثار نفس العناصر ، واما ان يحصل فيه عرض يكون كذلك كالمعجون المركب من الادوية المختلفة الّذي يحصل فيه من اجتماعها عرض يكون منشأ لاثر هو دفع المرض عن المريض ، والسرير المركب من الخشب والحديد وغيرهما الّذي يحصل فيه من اجتماعها عرض هو هيئة السرير يكون منشأ لاثر هو تهيؤه للجلوس عليه.

ثم ان المحتاج فى المركب الاعتبارى دائما هو الجزء الصورى ، واما المركب الحقيقى فالقسم الثانى منه كذلك وامثلتها موجودة فى كلام الشارح رحمه‌الله ،

١٤٣

واما القسم الاول منه فالحاجة من الطرفين من جهتين وبيانه موجود فى الشرح.

قول الشارح : فانه لو استغنى كل جزء الخ ـ والتالى باطل لانه لو لم يحصل الوحدة لم يكن المركب مركبا وبيان الملازمة ان الاستغناء يستلزم عدم الارتباط وعدم الارتباط ينافى حصول الوحدة.

قوله : وقد يكون هو الجزء المادى الخ ـ اى وقد يكون المحتاج الجزء المادى أيضا مع الجزء الصورى ولكن لا يمكن ان يكونا محتاجين من جهة واحدة ، وانما قدرنا هذا فى الكلام لامتناع ان يكون المحتاج هو الجزء المادى فقط ، فالمحتاج اما هو الجزء الصورى فقط او كلاهما باعتبارين.

قوله : وقد تشمل الحاجة الجزءين الخ ـ هذا تصريح بمقابل ما حكم بامتناعه من شمول الحاجة باعتبار واحد فلا يتوهم التكرار.

قوله : لانه ان ماثل السواد الخ ـ اى لان كل واحد من الجزءين ان كان مماثلا للسواد يعنى ان كان فردا من كلى السواد مماثلا لشخص هذا السواد الموجود فى الخارج الّذي فرض كونه مركبا منهما استحال جعله مقوما لهذا الشخص للترجيح من غير مرجح ولزوم كون حقيقة واحدة مقومة لنفسها اذ يرجع الى كون الشيء الواحد جزء وكلا معا وهو محال.

قوله : فاذا انضاف الفصل الى الجنس ـ اى الفصل والجنس الذين فرض وجود كل منهما فى الخارج حتى يكونا جزءين لماهية السواد فى الخارج.

قوله : والثانى باطل لانه الخ ـ يعنى اذا كان كل واحد منهما غير محسوس فاما ان لا يحصل عرض آخر محسوس كان السواد الّذي هو مركب منهما غير محسوس واما ان يحصل عرض آخر محسوس ولا محالة هذا الحاصل هو السواد لمحسوسيته وهذا امر واحد بالفرض لانه لو قلنا انه مركب يأتى الكلام فيه من رأس فالتركيب لا محالة يكون فى الجزءين الذين حصل منهما هذا الامر الواحد الّذي هو السواد فهما اما موضوع قابل لهذا السواد او فاعل له فالتركيب فى قابله او فاعله لا فيه وهذا خلف لان الكلام فى تركيب السواد لا فى شيء آخر.

١٤٤

اقول : بقى صورة اخرى : هى ان يكون احد الجزءين محسوسا والاخر غير محسوس اذ قوله : والثانى ، لا يشمل هذه الصورة لمكان قوله : كان السواد غير محسوس ، فالاولى بحيث يشمل هذه الصورة ولا يكون فيه هذا التطويل ان يقال : لو كان الجنس والفصل ممتازين بحسب الخارج لكان كل منهما موجودا بحياله ولم يحمل احدهما على الاخر ولا كل منهما على المركب لان الحمل يستدعى الاتحاد من جهة الوجود والتالى باطل لان حمل الجنس على الفصل وبالعكس وحمل كل منهما على المركب الّذي هو النوع وبالعكس حق ومتحقق.

ان قلت : لو كانا ممتازين بحسب الذهن للزم ذلك أيضا اذ بالامتياز يرتفع الاتحاد فى الوجود قلت : نعم ولكن العقل لا يحمل احدهما على الاخر الا بعد لحاظ كل منهما من حيث هو هو فان الانسان مثلا اذا لوحظ من حيث هو موجود فى الذهن صار بشرط لا اذا لوجود ولو ذهنا يعطيه استقلالا فى قبال سائر الاشياء وهو بشرط لا لا يحمل على شيء ولا يحمل عليه شيء.

ان قلت : فليصنع العقل بالممتازين بحسب الخارج ما يصنع بالممتازين بحسب الذهن فيلاحظهما من حيث هما هما ويحمل احدهما على الاخر ، فنرجع الى اصل السؤال ونقول : ان الجنس والفصل يكونان ممتازين بحسب الخارج ولكن العقل يلاحظهما من حيث هما هما ويقطع النظر عن وجودهما فى الخارج ويحمل احدهما على الاخر فلا يدل الحمل على عدم الامتياز فى الخارج قلت : حفظت شيئا وغابت عنك اشياء ، ان العقل لا يقدر على ان يرفع ما لم يضعه ولا ان يضع ما لم يرفعه ، ان امتياز الموجودين فى الخارج ليس من صنع العقل بل هو تابع لوجودهما ووجودهما ليس بيد العقل فلا يقدر على ان يقطع النظر عن امتيازهما فى الواقع ويحكم عليهما بحكم ينافى امتيازهما الواقعى اذ الحكم باتحادهما فى الواقع يستلزم رفع امتيازهما فى الواقع وهو محال ، بخلاف ما لا يكون له وجود الا باعتبار العقل وعنايته فانه يقطع النظر عن امتيازهما التابع لوجودهما الاعتبارى ويحكم عليهما بالاتحاد فى صقعه المطابق للخارج.

١٤٥

قول المصنف : واذا اعتبر عروض العموم ومضايفه ـ لا بدّ من تقدير عدم عروضهما بان يقال : اذا اعتبر عروض العموم ومضايفه وعدم عروضهما حتى يصح صورة التباين كما فعل صاحب الشوارق وفى هذا الشرح اشارة إليه.

قوله : فقد تتباين وقد تتداخل ـ اعلم ان اجزاء الماهية الواحدة اما متباينة او متداخلة والتداخل اما ان يكون بالعموم المطلق او بالعموم من وجه فالنسبة بين اجزاء الماهية الواحدة احدى النسب الثلاث واما التساوى بينها فممتنع على مذهب القدماء لما يأتى فى ذيل قول المصنف : وما لا جنس له فلا فصل له.

ثم ان للاجزاء المتباينة تقسيمات :

الاول : الاجزاء المتباينة اما متماثلة كالآحاد المركب منها مرتبة من مراتب العدد كالعشرة فان اشخاص الآحاد متباينة لتباين كل شخص مع آخر ومتماثلة لانها مشتركة فى ماهية العدد ، واما متخالفة وهى على اقسام : اما محسوسة كالسواد والبياض المركب منهما لون البلقة واللون والشكل المركب منهما الخلقة ، واما معقولة كالهيولى والصورة المركب منهما الجسم وكالشجاعة والحكمة والعفة المركب منها العدالة واما مختلفة كالبدن والنفس المركب منهما الانسان.

التقسيم الثانى : الاجزاء المتباينة اما ان يكون المركب منها مأخوذا فيه الاضافة الى احدى علله او الى معلوله او الى شيء غيرهما مرتبط به ارتباطا ، والاول على اقسام : اذ الاضافة المأخوذة اما الى الفاعل كالعطاء فانه فائدة مقرونة بالإضافة الى الفاعل لانه يحد بالفائدة الغير المكتسبة حصلت من فعل الغير ، واما الى القابل كالفطوسة فانها تقعير مقرون بالإضافة الى قابله وهو الانف لانها تحد بالتقعير فى الانف ، واما الى المادة كالنفس فانها جوهر مقرون بالإضافة الى مادتها وهى البدن لانها تحد بالجوهر المجرد ذاتا المادى فعلا المتعلق بالبدن تعلق التدبير ، واما الى الصورة كمادة المركبات فانها جوهر مقرون بالإضافة الى الصورة لانها تحد بالجوهر القابل لما حل فيه من الصور ، واما الى الغاية كالخاتم فانه حلقة تضاف الى التزين الّذي هو غاية له لانه يحد بالحلقة التى يلبسها الاصبع للتزين والتجمل.

١٤٦

والثانى : كالخالق والرازق فان الخالق ذات يصنع شيئا هو معلوله والرازق ذات يفعل العطاء وهو معلوله ، وكالحسد الّذي هو صفة للنفس بها يضمر الانسان عداوة غيره فى نفسه فان اضمار العداوة معلول للحسد.

والثالث : كالحكمة التى يميز بها الانسان الحق من الباطل فان الحق والباطل ليسا علتين لها ولا معلولين لها ولكنهما مرتبطان بها ارتباطا ، ولا يذهب عليك ان المراد بالاجزاء فى هذا التقسيم هى الاجزاء الحدية لا الاجزاء الحقيقية فان الاضافة الى هذه الامور على ما فى كلام صاحب الشوارق او نفس هذه الامور على ما فى كلام الشارح العلامة ليست داخلة فى حقائق هذه المركبات بل فى حدودها ، ولا فرق بين ما عليه صاحب الشوارق وما عليه الشارح العلامة لان الاضافة الى شيء اذا اخذت فى حد شيء فالمضاف إليه أيضا مأخوذ فيه.

التقسيم الثالث : الاجزاء المتباينة اما كلها وجودية كجميع الامثلة التى ذكرت فى التقسيم الاول واما كلها عدمية كسلب ضرورة الوجود وسلب ضرورة العدم المركب منهما الامكان الخاص واما مختلفة مخلوطة من العدمى والوجودى كالسابق وغير المسبوق المركب منهما الاول الحقيقى وكالعدم والاضافة الى البصر المركب منهما العمى

التقسيم الرابع : الاجزاء المتباينة اما كلها اضافات كالاقرب والا بعد فان الاقرب هو القريب مع الاكثرية فى القرب وهما اضافتان وكذا الا بعد ، واما كلها غير اضافة ككثير من الامثلة المذكورة واما مخلوطة من الاضافة وغيرها كالسرير المركب من اخشاب وحديدات مع نسب واضافات بينها.

ثم ان الاجزاء المتداخلة سواء كان التداخل بالعموم المطلق او من وجه اما ان تكون اجزاء للماهية الواحدة أو لا كثر من الواحدة والمراد بالاكثر ان يفرض مجموع مركب من ماهيات ماهية واحدة لم يكن ذلك المجموع اجزا لماهية واحدة بل يفرض وحدتها كالحيوان والصاهل المركب منهما الفرس ، والحيوان والكاتب المركب منهما الحيوان الكاتب المفروض وحدتهما ، والحيوان والناطق

١٤٧

المركب منهما الانسان ، والحيوان والابيض المركب منهما الحيوان الابيض المفروض وحدتهما ، فالنسبة بين الجزءين فى المثال الاول هى العموم المطلق والجزء ان للماهية الواحدة وفى المثال الثانى أيضا العموم المطلق والجزء ان ماهيتان فرض وحدتهما وفى المثال الثالث العموم من وجه لان الحيوان منه ناطق ومنه غير ناطق والناطق منه حيوان وهو الانسان ومنه غير حيوان وهو بعض الملائكة فان المشهور ان النطق فيهم بالمعنى الّذي فينا وان خالف الشيخ ابن سيناء وهما جزء ان من ماهية واحدة وفى المثال الرابع العموم من وجه أيضا وليسا جزءين من ماهية واحدة.

ثم ان للاجزاء المتداخلة بالعموم المطلق اقساما : الاول : ان يكون الجزء العام متقوما بحسب الوجود بالخاص وموصوفا به كالحيوان الصاهل فان الجنس متقوم بالفصل وموصوف به.

الثانى : ان يكون العام متقوما بالخاص وصفة له كالجوهر الموجود فان الموجود متقوم بالجوهر لانه منتزع منه فى الخارج وصفة له والاجزاء فى هذا المثال لاكثر من ماهية واحدة.

الثالث : ان يكون العام مقوما للخاص بحسب الوجود موصوفا به كالانسان الضاحك فان النوع مقوم للخاصة ، واما اخصية الضاحك من الانسان فلان المراد به الضاحك بالفعل ، والاجزاء فى هذا المثال أيضا لاكثر من ماهية واحدة ، واما فرض ان يكون العام مقوما للخاص صفة له فغير موجود ، هذا ، فان فى كلام الشارح رحمه‌الله اشارات الى جميع هذه التفاصيل ولا تغفل.

قول الشارح : او لا يكون فتسمى المتباينة ـ يعنى لا يكون بعضها اعم من البعض ، هذا بحسب المفهوم وان كان شاملا للمتساوية ولكنها ليست بمتحققة فاذا لم يكن بينها العموم فليس الا التباين.

قوله : وقد يكون مضافا ـ اى عاما من وجه فانه عام بالنسبة.

قوله : والمتباينة ما يتركب عن الشيء الخ ـ اشارة الى التقسيم الثانى.

قوله : اما بعضها وجودى الخ ـ اشارة الى التقسيم الثالث.

١٤٨

قوله : كالاول ـ اشارة الى المثال الثالث فى التقسيم الثالث.

قوله : حقيقة متشابهة الخ ـ اشارة الى التقسيم الاول.

قوله : او بعضها اضافى الخ ـ اشارة الى التقسيم الرابع.

قول المصنف : وقد تؤخذ مواد وقد تؤخذ محمولة ـ اعلم ان الاجزاء اما خارجية واما ذهنية ومضى بيانهما والنسبة بينهما ، وهى أيضا اما انضمامية واما اتحادية والاجزاء الانضمامية هى ما يكون لكل منها وجود بحياله والاتحادية ما لا يكون كذلك بل يكون الوجود للبعض والبعض الاخر يكون موجودا بالعرض بذلك الوجود. والنسبة بينهما التباين ، والحمل انما يتحقق فيما اذا كانت الاجزاء اتحادية ، والانضمامية يكون بعضها مواد وبعضها صور فقول المصنف : وقد تؤخذ مواد من باب الاختصار والاكتفاء فى البيان باحد المتقابلين كقوله تعالى : ( سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) اى والبرد.

قول الشارح : فتكون اجزاء حقيقية ـ يعنى اطلاق الاجزاء عليها على سبيل الحقيقة بخلاف ما اذا اخذت محمولة فان اطلاق الاجزاء عليها على سبيل المجاز لان الجزء حقيقة ما يكون موجودا بحياله بالوجود الخارجى او الذهنى والاجزاء المحمولة ليست كذلك.

قوله : ولا تحمل على المركب حمل هو هو ـ ولا بعضها على بعض لاستحالة كون الجزء هو الجزء الاخر.

قوله : صادقة على المركب ـ وصادقا بعضها على بعض لانها اذا اخذت بذلك الاعتبار فكما ان الحيوان هو الانسان فكذلك هو الناطق.

قوله : مع قطع النظر عن القيدين ـ اى الاخذ مع الناطق والاخذ مع التجرد عن الناطق.

ان قلت : مفهوم هذا الكلام ان الحيوان اذا اخذ مع احد القيدين لم يكن محمولا وهذا ليس بصحيح لانه اذا اخذ مع الناطق كان نفس الانسان الّذي هو المركب ويحمل عليه ، قلت : ان الحيوان اذا اخذ مع الناطق لم يكن حيوانا لا بشرط وحمله

١٤٩

على الانسان ليس من حمل الحيوان عليه بل هو حمل الانسان على الانسان لان الحيوان المأخوذ بشرط الناطق هو الانسان.

قول المصنف : فيعرض لها الجنسية والفصلية ـ هذا تفريع على قوله : تؤخذ محمولة وهو واضح.

قوله : وجعلاهما واحد ـ اى بحسب الوجود الخارجى ، يعنى احدهما مجعول بالذات والاخر مجعول بالعرض ، بل المجعول بالذات هو الشخص

قول الشارح : فهى هيئة اما فى السواد ـ اى عرض فيه بان يكون السواد كالجسم موضوعا لنفس اللونية فيلزم ذلك امكان ان يوجد السواد من دون اللونية كما يمكن ان يوجد الجسم من دون السواد.

قوله : او فى محله ـ اى فى محل السواد بان يكون السواد واللونية حالين فى ذلك المحل.

قول المصنف : والجنس منهما كالمادة الخ ـ ان للجنس اعتبارات : اعتبار الابهام والاحتمال لان يصير حقيقة من الحقائق التى تحته وهذا اعتباره لا بشرط وبهذا الاعتبار يقال له الجنس ، ويكون كليا مقولا على كثيرين مختلفين بالحقائق فى جواب ما هو ، ويكون تحصله باحد الفصول ، فكل فصل اوجب بانضمامه إليه تحصله فهو علته اى علة تحصله وتعينه وزوال ابهامه ، فالجنس بهذا الاعتبار كالمادة الاولى فى انها لا تحصل لها فى الخارج الا باحدى الصور وكل صورة انضمت إليها فهى علة تحصلها فى الخارج ، الثانى : اعتبار كونه جزء وهذا اعتباره بشرط لا وبهذا الاعتبار يقال له المادة العقلية ، وله تحصل عقلى فى نفسه ، ولا يكون مقولا على كثيرين ومقوم للنوع تقوم الجزء للكل كالفصل ، ويخرج من ذلك الابهام ولكن لم يتحصل نوعا معينا ، ولا يكون للفصل نسبة العلية إليه ، الثالث : اعتبار كونه مأخوذا مع فصل معين وهذا اعتباره بشرط شيء ، وبهذا الاعتبار يخرج من الابهام ويتحصل نوعا معينا ويحصل لذلك الفصل المعين نسبة العلية إليه ، فالفصل اذا نسب الى المجموع الّذي هو النوع اطلق عليه المقوم بمعنى الجزء وهذا الاطلاق شايع

١٥٠

فى المنطق واذا نسب الى حصة النوع من الجنس يقال له المقوم أيضا بمعنى علة التحصل وهذا الاطلاق قليل فى المنطق كثير فى الفلسفة ، والجنس بالاعتبار الثانى له شبه بالمادة أيضا فى ان كلا منهما جزء المركب ، فلذا قال الشارح رحمه‌الله : وجد الجنس اشبه بالمادة من الفصل وانما قال اشبه لان الفصل له أيضا شبه بالمادة فى ذلك ، ولكن شبه الجنس اكثر لانه شبيه بها من ثلاثة وجوه والفصل شبيه بها من وجه واحد هو الجزئية للمركب ، وانما قلنا من ثلاثة وجوه لان الجنس بالاعتبار الثالث أيضا له شبه بها فى انها كالجنس تصير مع انضمام صورة معينة حقيقة معينة من حقائق المركبات ؛ والمادة تلك الحقيقة بالقوة كما ان الجنس ذلك المركب بالقوة.

قول الشارح : والفصل اشبه بالصورة منه ـ اى من الجنس ، قس اشبهية الفصل باشبهية الجنس فى جميع ما ذكرنا فيها.

قوله : الى الجنس المطلق ـ اشارة الى الاعتبار الاول لان الجنس بذلك الاعتبار مطلق مقسم للانواع المتخالفة والفصل مقسم له.

قوله : اعنى الجنس المقيد ـ اشارة الى الاعتبار الثالث بحسب نسبة الفصل الى المجموع الّذي هو الجنس المأخوذ مع الفصل وهى نسبة التقويم بمعنى الجزئية.

قوله : والى حصة النوع الخ ـ اشارة الى الاعتبار الثالث بحسب نسبة الفصل الى الجنس الّذي هو حصة النوع وهى نسبة التقويم بمعنى العلية ، وليس فى كلامه اشارة الى الاعتبار الثانى لعدم الاحتياج إليه هنا.

قوله : كان الجنس مساويا للفصل ـ لانه فرض علة للفصل ولا يمكن ان يكون العلة اعم بل يكون مساويا او اخص.

قوله : على ما تقدم ـ فى ذيل قول المصنف آنفا : فيعرض لها الجنسية والفصلية ، او فى منطق هذا الكتاب.

قوله : لم يكن له فصل ـ لانه لم يشارك غيره فى ذاتى حتى يحتاج الى فصل يميزه عما يشاركه فيه ، بل هو منفصل بذاته عن غيره وان كان مشاركا له فى الوجود ، فالاجناس العالية التى لم يكن فوقها جنس متمايز بعضها عن بعض بذاته

١٥١

قوله : وقد ذهب قوم غير محققين الخ ـ اعلم ان المشهور فى تعريف الفصل هو الذاتى الّذي يميز الشيء عما يشاركه فى جنسه ، وقوم فسروه بالذاتى الّذي يميز الشيء عما يشاركه فى جنسه او فى وجوده ، فلا ريب فى انه اذا فرض تركب ماهية واحدة من جزءين متساويين فعلى التفسير الاول لم يكن واحد منهما بفصل لها لانه هو المميز فى الجنس والمتساويان لا يمكن ان يكون احدهما جنسا والاخر فصلا ، واما على التفسير الثانى فيمكن ان يكون احد الجزءين فصلا مميزا لتلك الماهية فى الوجود كما يمكن ان يكون الميز بنفس الماهية.

ثم قد اختلف فى انه هل يجوز تركب ماهية واحدة من جزءين متساويين أم لا فالقدماء على المنع وجمهور المتأخرين على الجواز على ما ذكر صاحب الشوارق ، والشارح اتى بدليلين على امتناع كون ماهية ذات فصلين وان ماهية لو امكن كونها ذات جزءين متساويين لم يلزم ان يكونا فصلين كما توهم.

قوله : ولو افتقر كل مشارك فى الوجود الخ ـ هذا احد الدليلين بيان الملازمة : ان ذلك الفصل أيضا مشارك لغيره فى الوجود فيفتقر الى فصل آخر وهكذا.

قوله : ولو جعل كل واحد منهما الخ ـ هذا ثانى الدليلين ، بيانه : لو جعل كل واحد منهما فصلا للمركب فاما ان يجعل المركب فصلا مميزا لكل واحد منهما لانهما مشاركان أيضا لغيرهما فى الوجود فيلزم الدور وهو توقف تقوم المركب على كل واحد منهما وتوقف تقوم كل منهما على المركب او لا يجعل فيلزم الترجيح من غير مرجح لان نسبة المركب ونسبة كل منهما الى الوجود واحدة.

قوله : لتساوى ـ اللام للتعليل ومدخولها على صيغة المصدر ، وفى العبارة سقط من قلم الناسخ ، وصحيحها : ولو جعل كل واحد منهما فصلا ولم يكن المركب فصلا لكل منهما لزم الترجيح من غير مرجح لمساواة نسبته ونسبتهما الى الوجود ، ومع ذلك لم يذكر رحمه‌الله صورة الدور لوضوحها.

قوله : وهو كمال الجزء المميز ـ ويقال له الفصل القريب ويفسر بالذاتى الّذي يميز الشيء عن جميع مشاركاته فى الجنس كالصاهل بالنسبة الى الفرس

١٥٢

فانه يميزه عن جميع مشاركاته فى مطلق الجنس قريبا كان او بعيدا.

قوله : وهو المميز الذاتى مطلقا ـ وصفه بالإطلاق لانه غير مختص بالإضافة الى النوع بل يضاف الى النوع فيوصف بالبعيد والى الجنس فيوصف بالقريب ، والفصل البعيد يفسر بالذاتى الّذي يميز الشيء عن مشاركاته فى الجنس البعيد فقط كالحساس بالنسبة الى الانسان فانه اذا قيل : الانسان حساس فيتميز عن مشاركاته فى الجسم النامى لا الحيوان ، بخلاف الناطق فانه يضاف الى النوع فقط ويميزه عن جميع مشاركاته فى مطلق الجنس.

قوله : والاول لا يكون الا واحدا ـ ان قلت : كيف لا يكون الفصل التام الا واحدا والحساس والمتحرك بالارادة كل منهما فصل تام للحيوان ، قلت : انهما ليسا فصلين للحيوان بل هما خاصتان قائمتان مقام الفصل فى التمييز فان الفصل الحقيقى قد يجهل به فيقوم مقامه اقرب اللوازم وقد يكون لازمان متساويين فى القرب او يشتبه قربهما فيقوم كلاهما مقام الفصل الحقيقى ، والّذي مثلت به من هذا القبيل.

قوله : لان فصلهما الخ ـ تقرير الدليل : انه لو كان لنوع واحد جنسان فى مرتبة واحدة فاما ان يكون لهما جميعا فصل واحد او يكون لكل منهما فصل واحد ، وعلى الثانى يلزم الخلف لان كل جنس يتحصل بكل فصل ويصير نوعا واحدا فيتحقق حينئذ نوعان فلم يكن الجنسان لنوع واحد بل لنوعين وهذا خلف ، وعلى الاول فاما ان يتحصل كل من الجنسين بذلك الفصل الواحد وحده ويصير نوعا او لا يتحصل الا بالفصل وبذلك الجنس الاخر معا ، والتقدير الاول يستلزم ان يكون واحد من الجنسين لغوا غير داخل فى ذلك النوع الواحد لان المفروض ان احد الجنسين قد تحصل نوعا واحدا بسبب ذلك الفصل وهذا أيضا خلف اذ النوع الّذي فرض له جنسان لم يكن له جنسان بل جنس واحد ، والتقدير الثانى يستلزم الدور لتوقف تحصل كل من الجنسين على الاخر لان المفروض ان كلا من الجنسين يتحصل بالفصل والجنس الاخر معا فيكون كل من الجنسين جزء علة للآخر : ففرض الجنسين القريبين لنوع واحد يستلزم احد المحالات الثلاثة : كون النوع الواحد

١٥٣

نوعين او كون الجنسين جنسا واحدا او الدور.

قوله : كان جعل الجنسين جعلا واحدا ـ اشارة الى المحال الثانى.

قوله : وان تغاير الخ ـ اشارة الى المحال الاول ولم يشر الى فرض الدور لوضوحه

قول المصنف : ولا تركيب عقلى الا منهما ـ اى لا بدّ فى كل مركب من الاجزاء العقلية من تحقق الجنس والفصل معا ولا يجوز ان تكون من الاجناس او من الفصول فقط لما ذكر فى الشرح ، وهذه الجملة فى سائر الشروح عطفت على ما قبلها بالفاء على ان تكون تفريعا على المطالب الثلاثة المذكورة آنفا وهو حسن اذ هذه نتيجتها.

قوله : والاول هو الجنس ـ اى الجنس القريب.

قوله : مساويا له او اعم منه ـ اى مساويا للجنس القريب الّذي هو تمام المشترك او اعم منه ، والاعم من الجنس القريب جنس بعيد بمرتبة او اكثر او فصل بعيد.

قوله : ان يكون فصلا للجنس ـ اى الجنس القريب.

قوله : فيكون فصلا مطلقا ـ اى فذلك الفصل القريب للجنس يكون فصلا مطلقا ، وقد مر وجه التوصيف بالإطلاق فى ذيل قوله : وهو المميز الذاتى مطلقا.

قوله : والاول جنس ـ اى جنس لتمام المشترك الّذي هو جنس قريب للمركب المفروض أولا كالجسم النامى الّذي يكون تمام المشترك بين الحيوان الّذي هو تمام المشترك للانسان وبين غير الحيوان من الاجسام النامية.

قوله : والثانى فصل جنس ـ اى الاعم من الجنس القريب الّذي لا يكون تمام المشترك له يكون فصلا لجنس ذلك الجنس القريب كالنامى الّذي هو فصل للجسم النامى الّذي هو جنس للحيوان الّذي هو جنس قريب للانسان فانه اعم من الحيوان وليس بتمام المشترك له.

قوله : وإلا لزم التسلسل ـ اى وان لم يكن الثانى فصل جنس بان لا يكون

١٥٤

مختصا بتمام المشترك المذكور لزم التسلسل يعنى لزم تركب الماهية من اجزاء غير متناهية ، بيانه : انه لو لم يكن مختصا به لكان مشتركا بينه وبين نوع آخر مباين له فلا بد له من جزء آخر يميزه عنه فى ذلك الامر المشترك فذلك الجزء الاخر ان كان فصلا له اى مختصا به فهو والا فيحتاج الى جزء آخر وهكذا فاما ان ينتهى الى جزء مختص فهو فصل قريب للجزء المشترك الاخير واما ان لا ينتهى إليه فيلزم اجزاء مشتركة غير متناهية كلها داخلة فى المركب المفروض او لا فيلزم تركبه منها وهو محال لاستلزامه امتناع تعقل تلك الماهية بالكنه وهو باطل لان كل ماهية معقولة لعاقل بالكنه.

قوله : فى العموم والخصوص ـ بان يكون جنس اعم من جنس آخر تحته كالجسم والحيوان وفصل اعم من فصل آخر تحته كالنامى والمتحرك بالارادة وتكون كلتا السلسلتين فى مركب واحد.

قوله : وقد لا يترتبان ـ بان يكون جنسان من مقولتين او فصلان كذلك.

قوله : فى الطرفين ـ يعنى فى الاجناس والفصول.

قوله : لانه لو لا تناهى الخ ـ يعنى لو لو تكن احدى السلسلتين متناهية لم تكن الاخرى متناهية لنسبة العلية والمعلولية بينهما.

قوله : وهو محال ـ لما يأتى فى المسألة الرابعة من الفصل الثالث ، وفى هذا التعليل اشكال ذكره صاحب الشوارق.

قوله وهو فصل الجنس العالى ـ اى فصل يقسم الجنس العالى كالقابل للابعاد الثلاثة المقسم للجوهر الى الجسم وغير الجسم فانه فصل عال ليس فوقه فصل.

اقول : فى شرح القوشجى زيادة فى المتن هاهنا وهى : وفصل كل جنس يكون فى مرتبته ، يعنى من حيث التعالى والتسافل والتوسط كالجوهر وفصله القابل للابعاد الثلاثة مثلا فانهما جنس عال وفصل عال وكالحيوان وفصله الناطق مثلا فانهما جنس سافل وفصل سافل وكذا فيما بينهما.

قول المصنف ومن الجنس ما هو مفرد ـ قال الشارح القديم وصاحب الشوارق :

١٥٥

ان القياس يقتضي ان يكون من الفصل أيضا ما هو مفرد وهو فصل الجنس المفرد.

قول الشارح صدق الجنس على انواعه ـ بان يكون كل فرد حقيقة مباينة لفرد آخر.

قوله : وذلك كالادراك الخ ـ الاولى ان يقال : كالمدرك فانه فصل للحيوان وجنس للسميع والبصير كما فى سائر الشروح.

اعلم ان الادراك جنس للاحساس والتخيل والتوهم والتعقل ، والاحساس جنس للسمع والبصر والذوق والشم واللمس.

قوله : فالوجه الّذي به احتياج النوع إليه الخ ـ يعنى فوجه احتياج النوع الى الفصل وهو اشتراكه فى الجنس مع سائر الانواع هو بعينه يصير سببا لان يكون الفصل محتاجا الى فصل آخر ، والشارح رحمه‌الله جعل محتاج خبرا للضمير الراجع الى الوجه من باب اسناد الفعل الى السبب.

قوله : بل عرضا عاما بالنسبة إليه ـ دفع لدخل مقدر ، كان قائلا قال : أليس الجنس يحمل على الفصل فأي نسبة له إليه؟ فاجاب بان حمله عليه باعتبار انه عرض عام لازم له لا باعتبار انه جنس له بان يكون جزء لماهيته كما يكون للنوع.

المسألة الخامسة

( فى التشخص )

قول الشارح والجواب انه امر اعتبارى عقلى ـ يعنى ان التشخص امر عقلى له تشخص فى العقل ولتشخصه تشخص وهكذا ويلزم التسلسل فى الامر الاعتبارى ولا بأس به لانقطاعه بانقطاع الاعتبار

قوله : لان الماهية علة الخ ـ توضيحه انه اذا كانت نفس الماهية علة لتشخصها فاذا وجد منها شخص ثم فرض وجود شخص آخر منها فاما ان يكون تشخص الاول مع الثانى أو لا والاول محال لان تشخص كل شخص يختص به لا يتعدى منه الى آخر والثانى أيضا محال لوجود الماهية من دون ذلك التشخص فيلزم انفكاك المعلول

١٥٦

عن العلة اذ المفروض ان الماهية علة لذلك التشخص.

قوله : فلو وجدت مع غيره الخ ـ اى فلو وجدت الماهية مع شخص آخر ولا محالة تكون من دون تشخص الاول انفكت العلة عن المعلول وهذا خلف اذ ما فرض علة ليس بعلة.

قوله : فلا بد من مادة الخ ـ اذ المفروض ان التشخص ليس من نفس الماهية ووجود الشخص من دون التشخص محال فلا بد من شيء آخر يحصل به التشخص وهو المادة ، وحيث ان المادة قابلة للتكثر فالاشخاص المادية أيضا ممكنة التكثر.

قول المصنف : ولا يحصل التشخص الخ ـ قد علم فى المنطق ان الكلى ما لا يمتنع تصوره من وقوع الشركة فيه وان لم يوجد فى الخارج فرد منه او لم يوجد إلا فرد منه والجزئى ما يمتنع تصوره من ذلك ، ومراد المصنف ان التشخص اللازم للجزئية الحقيقية لا يحصل بانضمام كلى الى آخر ولو وصل الامر بسبب الانضمام الى ان لا يوجد لذلك الكلى الّذي تألف من الكليات المتعددة فرد كالآدمي العالم الواجد لخمسين الف سنة فى دار الدنيا او ينحصر فى فرد كالجسم المحيط لجميع الاجسام.

قول الشارح : لانه ليس فى الخارج شركة ولا كلية ـ يعنى ان المراد بالتقييد بالكلي ليس اثبات الحكم على الكلى العقلى المذكور فى المنطق ، بل المراد به ان هذا الحكم اى عدم حصول التشخص بانضمام كلى الى آخر انما هو بحسب العقل واما فى الخارج فليس الكلى موجودا بكليته حتى يفرض انضمام كلى الى آخر فان الموجود فى الخارج انما هو الشخص ، نعم يمكن ان يحلل الشخص فى العقل الى طبائع.

قوله : وامتيازه انما هو الخ ـ امتياز كل شيء مع آخر ان كانا فردين مشتركين فى حقيقة واحدة فبالاعراض اللاحقة بكل منهما ، وان كانا نوعين مشتركين فى جنس واحد فبالفصول ، والا فكل منهما ممتاز عن الاخر بذاته.

قوله : فلا دور ـ اذ لا يتوقف امتياز هذا على امتياز صاحبه ولا ذاته على ذاته

١٥٧

بل يتوقف امتياز كل منهما على ذات الاخر ويعبر عن هذا بالدور المعى ولا استحالة فيه.

قوله : بين هاهنا عدم العموم المطلق بينهما ـ اذ فى بادى النظر يمكن ان يتوهم ان التميز هو التشخص مع اعتبار القياس الى الغير فيكون اعم من التميز مطلقا فبين مادة الافتراق من جانب التميز أيضا فى الكلى المندرج تحت كلى آخر فبينهما عموم من وجه.

المسألة السادسة

( فى البحث عن الوحدة والكثرة )

اقول : البحث من هنا الى آخر الفصل فى احوال الوحدة والكثرة ، وما فعل الشارح العلامة رحمه‌الله من جعله فى مسائل متعددة لا يخلو من وجه.

قول الشارح من حيث هو واحد ـ قيد الحيثية لان الواحد يمكن ان يكون كثيرا من غير جهة وحدته كالبيت الواحد فانه من حيث هو بيت واحد واما من حيث انه حجر وآجر وطين وغيرها فمتعدد.

قوله : من دون صدق التشخص ـ فبينهما عموم مطلق لان كل متشخص واحد وليس كل واحد متشخص لوجود الواحد النوعى والجنسى.

قول المصنف وتساوقه ـ ان المساوقة قد يراد بها الترادف وقد يراد بها المساواة ، والمساواة اما حملية وهى النسبة بين الشيئين يحمل كل منهما على الاخر كالانسان والضاحك ، واما لزومية وهى النسبة بين الشيئين لا ينفك احدهما عن الاخر فى الوجود من دون حمل بينهما كالجسم والكم ، والنسبة بين الوجود والوحدة من القبيل الثانى.

قول الشارح فانه لا يلزم من الملازمة الاتحاد ـ اى لا يلزم من المساواة اللزومية المساواة الحملية.

قوله : وكل موجود فهو واحد ـ هذا لا يناقض ما قبله من ان الكثير موجود

١٥٨

وليس بواحد لاستدراكه بقوله : والكثرة يصدق عليها الواحد لا من حيث هى كثرة ، وحاصل الكلام ان الوجود والوحدة كما انهما متلازمان من حيث انفسهما متلازمان من حيث موضوعهما فان كل موجود سواء عرض له الكثرة أم لا واحد لانه يصح ان يقال : كثير واحد فى قبال سائر الكثرات ، كما يصح ان يقال لكثرته : كثرة واحدة ، نعم معروض الكثرة من حيث هو معروضها ليس بواحد اذ لا يمكن ان يكون معروض الكثرة معروض الوحدة ، وتلك القضية تنعكس كليا وعكسه ان كل واحد فهو موجود فى الخارج ان كان جزئيا او فى العقل ان كان كليا ، فالمغايرة بين الوجود والوحدة فى الحمل بينهما وفى معروض الكثرة من حيث هو معروضها.

المسألة السابعة

( فى بداهة الوحدة والكثرة )

قول المصنف بالاقتسام ـ يعنى ان الوحدة والكثرة تقتسمان بالسوية الاعرفية فتأخذ الوحدة اعرفيتها من الكثرة عند العقل وتأخذ الكثرة اعرفيتها من الوحدة عند الخيال مع ان كل واحدة منهما معروفة عند كل واحد منهما ، وبعبارة اخرى ان الوحدة اعرف عند العقل من الكثرة عنده والكثرة اعرف عند الخيال من الوحدة عنده وذلك لان العقل من حيث الادراك اشد ألفة بالبسائط من الخيال والخيال من حيث الادراك اشد ألفة بالمركبات من العقل ، وفى هذا المطلب بحث ذكره صاحب الشوارق رحمه الله تعالى ، والمراد بالخيال المتخيلة

المسألة الثامنة

( فى ان الوحدة والكثرة ليستا فى الاعيان )

قول المصنف بل هى من ثوانى المعقولات ـ من القسم الّذي يكون الاتصاف به فى الخارج وعروضه فى الذهن ، ومربيانه وبيان القسم الاخر الّذي يكون كلاهما فى الذهن فى المسألة السادسة والثلاثين من الفصل الاول

١٥٩

قول الشارح : الوحدة ان كانت سلبية الخ ـ اعلم ان تعريف الوحدة والكثرة وان كان لفظيا ولكن مع ذلك قد تفسران بمفاهيم سلبية وقد تفسران بمفاهيم ثبوتية ، فيقال فى تفسير الوحدة : هى عدم الانقسام ، او عدم الكثرة ، او هى ما لا يعد ، او هى الشيء الّذي ليس فيه عد ولا جمع ولا كثرة ، او هى ما لا يتكثر ، او هى مبدأ الكثرة ، او هى ما يساوق الوجود ، ويقال فى تفسير الكثرة : هى المجتمعة من الوحدات ، او هى التى تعد بالواحد ، او هى عدم الوحدة ، ويأتى فى تعريفهما لو اخذناه حقيقيا ما يأتى فى تعريف الوجود والعدم من المحالات التى ذكرت فى المسألة الواحدة من الفصل الاول ثم ان توضيح كلام الشارح ان الوحدة اما فى الواقع سلبية او ثبوتية ، وعلى الاول واضح انها ليست أمرا عينيا ، وعلى الثانى انها لو كانت أمرا عينيا موجودا فى الخارج لزم التسلسل اى وجود الوحدات الغير المتناهية فى الخارج على سبيل التعاقب فى الحصول لان الوحدة الموجودة فيه لها وحدة ولوحدتها وحدة اخرى وهكذا كما مر فى بيان اعتبارية الوجود ، ثم الكثرة على اى من التقديرين اى تقديرى سلبية الوحدة وثبوتيتها اما سلبية واما ثبوتية ، واما على تقدير سلبية الوحدة فلا تمكن ان تكون سلبية للزوم الخلف اذ الوحدة مقابلة للكثرة فلو كانت الكثرة عدمية كانت الوحدة عدما للعدم فتكون ثبوتية مع انا فرضناها سلبية ، ولكن ثبوتية الكثرة محالة على هذا التقدير أيضا اذ الكثرة مجتمعة من الوحدات والمفروض ان الوحدات عدمات فيلزم ان يكون المجتمع من العدمات امرا وجوديا وهو محال ، واما على تقدير ثبوتية الوحدة فظاهر انها ثبوتية لان الكثرة مؤتلفة من الوحدات ، ولكنها ثابتة فى الذهن لان مبدئها وهى الوحدة ثابتة فيه ، والحاصل ان الوحدة ثبوتية لان سلبيتها تستلزم ارتفاع النقيضين عن الكثرة ، ولكنها ثابتة فى الذهن وكذا الكثرة المؤتلفة منها ، فهما امران ثابتان فى الذهن لا فى العين.

قوله : فتكون ثبوتية ـ اى الكثرة.

قوله : وان كانت وجودية ـ اى الكثرة.

قوله : وان كانت ثبوتية ـ اى الوحدة

١٦٠