٢ ـ والنقطة الاخرى التي وقع فيها الخلاف هي انّه لو كان لدينا عامان أحدهما يقول مثلا يجب اكرام الفقراء وثانيهما يقول لا يجب اكرام الفقراء فالنسبة بين هذين الدليلين هي المعارضة والتباين فإذا فرضنا ورود دليل ثالث أخص من الدليل الأوّل يقول لا يجب اكرام الفقراء الفساق (١) فهذا الدليل الثالث يخصص الدليل الأوّل جزما ويصبح مضمون الدليل الأوّل يجب اكرام خصوص الفقراء العدول. وهذا ممّا لا إشكال فيه.
وانّما الإشكال في أنّ النسبة بين الدليلين الأولين العامين هل تلحظ بعد تخصيص العام الأوّل بالدليل الثالث أو تلحظ قبل تخصيصه بذلك ، فانا لو أردنا ان نلحظ النسبة قبل التخصيص بالدليل الثالث كانت نسبة التباين بينما لو أردنا لحاظها بعد التخصيص بالدليل الثالث كانت نسبة العموم والخصوص المطلق ، فانّ العام بعد تخصيصه بالدليل الثالث يصبح هكذا : يجب اكرام الفقراء العدول ، ونسبته إلى الدليل الثاني القائل لا يجب اكرام الفقراء هي نسبة الأخص المطلق إلى الأعم.
__________________
(١) انّما لم يكن هذا الدليل الثالث اخص من الدليل الثاني باعتبار انّه موافق له فذاك يقول لا يجب اكرام الفقراء وهذا يقول أيضا لا يجب اكرام الفقراء ، غاية الأمر الفساق منهم ، فكلاهما ينفيان وجوب اكرام الفساق ويتفقان على ذلك فلا معنى للتخصيص