الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٤

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-28-6
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٤٨٧

بعدم الفسق فإنّه يجري استصحاب بقاء اتصافه بعدم الفسق.

من هنا نعرف انّ الاتصاف بعدم القرشية إنّما لا يجري لخصوصية فيه بالخصوص ، وهي أنّ القرشية من الأوصاف التي لا تقبل التغيّر والتبدّل فهي إن كانت ثابتة فهي ثابتة من حين الولادة وإلى الأبد ، وهكذا بالنسبة إلى عدم القرشية ، وهذا بخلافه بالنسبة إلى الفسق وعدمه فإنّه قابل للتغيّر والتبدّل وليس من الأوصاف الثابتة المستمرة من حين الولادة بل من الممكن أن يولد الإنسان ثمّ يتّصف بعد ذلك بالفسق أو بعدمه أو يتّصف بالعدالة أو بعدمها.

الحالة الثالثة

وأمّا الحالة الثالثة التي يكون الحكم فيها منصبّا على العرضين لمحل واحد أو لمحلّين كوجوب التقليد المنصبّ على الاجتهاد والعدالة فقد ذكر فيها الشيخ النائيني أنّه لا يلزم افتراض كون الحكم منصبّا على التقيّد والاتصاف كما كان ذلك لازما في الحالتين السابقتين.

والوجه في ذلك : انّه فيما سبق كان الحكم منصبّا على العدالة والإنسان ، ومن الواضح ان الإنسان بالقياس إلى العدالة يعتبر محلا لها فيلزم أخذه متصّفا بالعدالة ، وهكذا بالنسبة إلى المرأة وعدم القرشية فإنّ المرأة بالقياس إلى عدم القرشية تعتبر محلا له فيلزم أخذها متّصفة بعدم القرشية ، وهذا بخلافه في هذه الحالة الثالثة فإنّ الاجتهاد بالقياس إلى العدالة لا يعتبر محلا لها ليأخذ متّصفا بها ، وهكذا العدالة بالقياس إلى الاجتهاد لا تعتبر محلا له لتأخذ مقيّده ومتّصفه به ، بل الحكم ينصبّ على ذات العدالة وذات الاجتهاد ، ومعه فيجري الاستصحاب فيهما ، فمتى ما ثبت

٢٦١

بالاستصحاب استمرار ذات العدالة وذات الاجتهاد في حقّ إنسان واحد جاز تقليده ولا حاجة إلى إثبات اتّصاف العدالة بالاجتهاد بل ذاك لا معنى له.

هذه حصيلة بيان الشيخ النائيني قدس‌سره في النقطة الثانية. وأمّا مناقشته فترجأ إلى بحث الخارج إنشاء الله تعالى.

قوله ص ٣٠٥ س ١٧ : فالاستصحاب يجري في نفس التقيّد إلخ : أي فنستصحب اتصاف الإنسان بالعدالة إن كان سابقا قد ثبت اتصافه بالعدالة.

قوله ص ٣٠٦ س ٤ : بما هو : أي بما هو عدم لا بما هو وصف لمحلّه.

قوله ص ٣٠٦ س ٥ : إنّما يجري في نفس التقيّد : أي فيما إذا كانت له حالة سابقة متيقّنة ، كما في استصحاب الاتصاف بعدم الفسق ، وأمّا إذا لم تكن له حالة سابقة متيقّنة كما في الاتصاف بعدم القرشية فلا يجري الاستصحاب فيه ، وإلى ذلك أشار قدس‌سره بقوله : « فإذا لم يكن العدم النعتي واجدا الخ ».

قوله ص ٣٠٦ س ٦ : والعدم النعتي : عطف تفسير على التقيّد.

قوله ص ٣٠٦ س ٨ : لم يجر استصحابه : أي العدم المحمولي.

قوله ص ٣٠٦ س ١٢ : وقرشيّتها : عطف تفسير على نسب المرأة.

قوله ص ٣٠٦ س ١٣ : الثابت : صفة لعدم قرشيّتها.

قوله ص ٣٠٦ س ١٦ : مباشرة : أي بلا إثبات العدم النعتي.

قوله ص ٣٠٧ س ١ : لهذا أصل مثبت : الصواب فهذا أصل مثبت.

قوله ص ٣٠٧ س ٣ : واتصاف الخ : عطف تفسير على التقيّد.

النقطة الثالثة

وفي النقطة الثالثة يبحث متى يصدق اليقين السابق والشكّ اللاحق؟

٢٦٢

والجواب : إنّ عدم الكرية الذي يراد استصحابه له حالتان : ـ

١ ـ أن لا يعلم بارتفاعه وتبدله إلى الكرية بل يحتمل بقاؤه على عدم الكرية إلى الآن.

٢ ـ ان يعلم بارتفاعه وتبدله إلى الكرية فهو الآن يرى بالعين أنّه كر ولكن يحتمل ان تحوله إلى الكرية قد حصل بعد الملاقاة فهو الآن نجس ويحتمل أنّه حصل قبل الملاقاة فهو الآن طاهر.

أمّا في الحالة الاولى : فلا إشكال في صدق عنوان اليقين السابق والشكّ اللاحق ، فالماء ليس بكر سابقا جزما ويشكّ في تحوله إلى الكرية ، ومقتضى الاستصحاب بقاؤه على عدم الكرية وبذلك يحكم بنجاسته.

وأمّا في الحالة الثانية : فقد يقال بأنّ الشكّ في البقاء غير صادق ليجري الاستصحاب إذ المفروض أنّ الماء قد ارتفع عدم كريته وهو الآن كر جزما ومع الجزم بكريته فكيف يستصحب بقاء عدم كريته؟

وأجاب الاعلام عن ذلك بأنّ الماء وإن كان يعلم بتحوله إلى الكرية ولا يوجد فيه شكّ من هذه الناحية إلاّ أنّ ذلك لو لا حظنا عمود الزمان ، أي لا حظنا الساعة الاولى والساعة الثانية والساعة الثالثة وهكذا ، فإنّه بلحاظ الساعات وإن كان لا يوجد شكّ ـ فإذا كان قد ارتفع في الساعة الخامسة مثلا فقبل الساعة الخامسة يجزم ببقائه على عدم الكرية ومن الساعة الخامسة وما بعد يجزم بتحوله إلى الكرية ـ إلاّ أنّه لو لم نلاحظ عمود الزمان بل لا حظناه بالقياس إلى زمن الملاقاة فهو مشكوك البقاء إذ يشكّ في بقائه على عدم الكرية إلى زمن الملاقاة (١).

__________________

(١) ويمكن أن يصطلح على زمن الملاقاة بالزمن النسبي

٢٦٣

ومادام الشكّ بلحاظ زمن الملاقاة صادقا فيجري الاستصحاب إذ موضوع الحكم بالنجاسة هو بقاء الماء على عدم الكرية إلى زمن الملاقاة وليس هو بقائه على عدم الكرية في الساعة الخامسة أو السادسة أو الرابعة وهكذا.

وباختصار : إنّ عدم الكرية لو لوحظ بالقياس إلى عمود الزمان فلا يوجد شكّ من حيث بقائه بينما لو لوحظ بالقياس إلى الزمن النسبي كان في بقائه شكّ فيجري الاستصحاب فيه باللحاظ الثاني.

صور ثلاث

ولتوضيح ما هو الحق في المسألة وتفصيل الكلام نقول :

إنّ تاريخ الملاقاة وتاريخ ارتفاع عدم الكرية إذا كانا معلومين فلا معنى لجريان الاستصحاب من جهة عدم وجود الشكّ ، فلو كنا نعلم أنّ الملاقاة حصلت ظهرا والماء تحول إلى الكرية عصرا فالاستصحاب لا معنى له إذ قبل العصر يعلم بكون الماء ليس بكر وبعده يعلم بصيرورته كرا.

إذن لا بدّ من فرض وجود جهالة أمّا في كلا الأمرين ـ أي الملاقاة والتحول إلى الكرية ـ أو في تاريخ احدهما.

وصور الجهالة المحتملة ثلاث : ـ

١ ـ أن يكون تاريخ كل واحد من الأمرين مجهولا فالملاقاة يجهل تاريخها والتحول إلى الكرية يجهل تاريخه أيضا.

٢ ـ أن يفرض أنّ تاريخ تحول الماء إلى الكرية مجهول وتاريخ الملاقاة معلوم.

٣ ـ أن يفرض العكس فتاريخ التحول إلى الكرية معلوم وتاريخ الملاقاة مجهول.

٢٦٤

والآراء في هذه الصور ثلاثة (١) : ـ

١ ـ ما ذهب إليه جماعة منهم الشيخ الأعظم في الرسائل والسيد الخوئي من جريان الاستصحاب في عدم الكرية في جميع الصور الثلاث غاية الأمر ان الاستصحاب في الطرف الآخر قد يكون جاريا أيضا فيسقط كلا الاستصحابين بالمعارضة (٢). ففي مثال الملاقاة وعدم الكرية قد يقال بأنّ استصحاب بقاء عدم الكرية إلى زمن الملاقاة كما هو قابل للجريان كذلك نشكّ أنّ الملاقاة هل حصلت قبل تحول الماء إلى الكرية أو لا فيجري استصحاب عدم حصول الملاقاة إلى زمن التحول للكرية ، فالاستصحاب الأوّل قابل للجريان في جميع الصور غاية الأمر حيث انّه قد يقال بمعارضته بالاستصحاب الثاني فلا يجري من هذه الناحية (٣) ،

__________________

(١) وهذا البحث هو المعروف في الكتب الاصولية بالاستصحاب في مجهولي التاريخ أو مجهول التاريخ ومعلومه

(٢) ليس المقصود من سقوطهما بالمعارضة انهما يجريان ثم يتعارضان ثم يسقطان ، إنّ هذا لا معنى له إذ التعبد بجريان ما يلزم سقوطه لغو بل المراد انّه لاجل المعارضة لا يجري في نفسه ولا يشمله دليل التعبد

(٣) هذا وقد يقال إنّ استصحاب عدم تحقق الملاقاة قبل تحول الماء إلى الكرية لا يجري لعدم ترتب اثر شرعي عليه ، فإنّ مجرد عدم تحقق الملاقاة ليس له أثر وإنّما الأثر مترتب على الملاقاة فالملاقاة إن كانت حاصلة قبل التحول إلى الكرية فالماء نجس وإن كانت حاصلة بعد ذلك فهو طاهر.

إذن عدم حصول الملاقاة قبل تحول الماء إلى الكرية ليس له أثر إلاّ إذا اريد من استصحاب عدم الملاقاة قبل التحول إلى الكرية إثبات لازم ذلك وهو أنّ الملاقاة قد حصلت بعد التحول إلى الكرية وبذلك يكون الماء طاهرا إلاّ أنّ هذا كما هو واضح أصل مثبت إذ لا توجد آية أو رواية تقول إنّ الملاقاة إذا لم تحصل قبل التحول إلى الكرية فهي حاصلة بعد

٢٦٥

أي من ناحية المعارضة لا لإجل أنّه لا يوجد فيه شكّ في البقاء.

٢ ـ ما ذهب إليه جماعة آخرون من جريان الاستصحاب في الصورة الاولى وفي الصورة الثانية وعدم جريانه في الصورة الثالثة ، أي هو يجري في صورة جهالة تاريخهما كما ويجري في صورة جهالة تاريخ ارتفاع عدم الكرية ، ولا يحري في صورة العلم بتاريخ ارتفاع الكرية وجهالة تاريخ الملاقاة.

٣ ـ ما اختاره الآخوند من عدم جريان استصحاب عدم الكرية في الصورة الاولى والصورة الثالثة وجريانه في خصوص الصورة الثانية فلا يجري استصحاب عدم الكرية فيمّا لو كان تاريخ الأمرين مجهولا كما ولا يجري في صورة العلم بتاريخ ارتفاع عدم الكرية ويجري في صورة الجهل بتاريخ ارتفاع الكرية فيمّا لو كان تاريخ الملاقاة معلوما.

دليل القول الاّول

ولماذا قال أصحاب القول الاوّل بجريان استصحاب بقاء عدم الكرية في

__________________

ـ التحول الى الكرية. وعليه فاستصحاب عدم الكرية إلى زمن الملاقاة يجري بلا معارض وإن كان في أمثلة اخرى قد يكون الاستصحاب في الطرف الآخر قابلا للجريان لترتب الأثر الشرعي عليه فتصحل المعارضة ويسقطان. هكذا قد يقال.

والجواب : ان استصحاب عدم تحقّق الملاقاة قبل التحول إلى الكرية قابل للجريان باعتبار انه به ينفى موضوع الحكم بالتنجس وبالتالي ينفى الحكم بالتنجس إذ موضوع الحكم بالتنجس هو الملاقاة حالة عدم الكريه وبالاستصحاب المذكور ينفى ذلك ، وهذا المقدار يكفي لتحقيق الفائدة والاثر للاستصحاب فان فائدته لا ينبغي حصرها في اثبات الحكم بل هي اعم من اثبات الحكم ونفيه

٢٦٦

جميع الصور الثلاث والحال انّ المفروض في الصورة الثالثة العلم بتاريخ ارتفاع عدم الكرية؟ الوجه في ذلك قد أشرنا إليه فيمّا سبق وهو أنّ التحول إلى الكرية بلحاظ عمود الزمان وان كان لا يوجد فيه شكّ في بعض الصور إلاّ انّه بالقياس إلى الزمن النسبي ـ أي بالقياس إلى زمن الملاقاة ـ يوجد فيه شكّ فيجري الاستصحاب بهذا اللحاظ فانّ الأثر مترتب على بقاء عدم الكرية في زمن الملاقاة وليس مترتبا على بقائه بلحاظ عمود الزمان أي بلحاظ الساعة الخامسة بما هي خامسة أو الساعة الرابعة بما هي رابعة وهكذا.

مناقشة القول الأوّل

إنّ القول الأوّل ذكر انّ الاستصحاب يجري في جميع الصور الثلاث بما في ذلك الصورة الثالثة ، وهي صورة العلم بزمان ارتفاع عدم الكرية. والصحيح أنّه لا يجري في الصورة المذكورة.

والوجه في ذلك : انّ عدم الكرية وإن كان يشكّ في بقائه زمن الملاقاة إلاّ أنّه لا يمكن جريان استصحابه لأنّ تاريخ ارتفاع عدم الكرية قد فرضنا انّه معلوم وليكن هو زوال الشمس ـ الظهر ـ مثلا ، وامّا تاريخ حصول الملاقاة فهو مجهول فلا يعلم انّه زوال الشمس أيضا أو هو قبل ذلك أو هو بعده. ومن باب الفرض نفترض مؤقتا انّ زمن الملاقاة واقعا وفى علم الله سبحانه هو الساعة العاشرة أي قبل زوال الشمس بساعتين.

وبعد اتضاح هاتين الفرضيتين ـ فرضية انّ زمان ارتفاع الكرية هو الزوال وفرضية انّ الله سبحانه كان يعلم انّ الملاقاة حصلت في الساعة العاشرة وان كنا

٢٦٧

نحن لا نعلم بذلك ـ نقول : انّ دليل تنجس الماء بالملاقاة فيه احتمالان : ـ

١ ـ فامّا ان يكون دالا على ترتب التنجس على بقاء عدم الكرية إلى زمن الملاقاة بما هو زمن الملاقاة ، فإذا كان زمن الملاقاة في علم الله سبحانه هو الساعة العاشرة فالتنجس مترتب على بقاء عدم الكرية إلى الساعة العاشرة شريطة اتصاف الساعة العاشرة بأنّه زمن الملاقاة.

٢ ـ أو يكون دالا على ترتب التنجس على بقاء عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة بدون التقييد بكونه زمن الملاقاة ، فلو كان زمن الملاقاة في علم الله سبحانه هو الساعة العاشرة فلا بدّ من بقاء عدم الكرية إلى واقع الساعة العاشرة بدون حاجة إلى إثبات اتصافها بأنّها زمن الملاقاة.

فعلى الاحتمال الأوّل يكون استصحاب بقاء عدم الكرية إلى زمن الملاقاة من قبيل الأصل المثبت لأنّ أقصى ما يقوله استصحاب عدم الكرية إلى الساعة العاشرة انّ عدم الكرية باق إلى الساعة العاشرة ولا يقول اكثر من ذلك ، أي لا يقول انّه باق إلى الساعة العاشرة التي هي زمن الملاقاة ، إذ المفروض اننا استصحبنا بقاء عدم الكرية ولم نستصحب بقاء عدم الكرية الثابت في الساعة العاشرة بما أنّها زمن الملاقاة ، فالاستصحاب المذكور أصل مثبت إذ لم توجد آية أو رواية تقول انّ عدم الكرية إذا كان باقيا إلى الساعة العاشرة فهو باق إلى الساعة العاشرة بما انّها زمن الملاقاة وانّما ذاك ثابت بسبب حكم العقل فانّ العقل يقول إذا كان عدم الكرية باقيا إلى الساعة العاشرة فحيث انّ الساعة العاشرة متصفة بانّها زمن الملاقاة فهو ـ عدم الكرية ـ باق إلى الساعة العاشرة المتصفة بانها زمن الملاقاة. ونحن فيما سبق ذكرنا انّ الاستصحاب في اجزاء الموضوع انّما

٢٦٨

يجري فيما لو فرض انّ الاثر كان مرتبا على ذوات الاجزاء لا على عنوان الاتصاف والتقيد والاّ فيكون الاستصحاب في ذات الجزء لإثبات عنوان التقيد والإتصاف من قبيل الأصل المثبت (١). هذا كله على الاحتمال الأوّل.

وامّا على الاحتمال الثاني فاستصحاب بقاء عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة وإن لم يكن أصلا مثبتا لأنّه لا يراد بالاستصحاب اثبات شيء زائد على بقاء عدم الكرية إلاّ انّ واقع زمن الملاقاة (٢) كما يحتمل واقعا ان يكون هو ما قبل الظهر كالساعة العاشرة مثلا أو ما بعد الظهر كذلك يحتمل أن يكون هو الظهر ، وبما انّ الظهر قد فرضنا سابقا انّه زمن ارتفاع عدم الكرية فاستصحاب بقاء عدم الكرية إليه يكون ابقاء للمتيقن السابق إلى زمان يعلم فيه بارتفاعه ـ المتيقن ـ لا إلى زمان يشكّ فيه في بقائه ، أي يكون ابقائه إليه من قبيل نقض اليقين باليقين لا من قبيل نقض اليقين بالشكّ ، وواضح انّ شرط جريان الاستصحاب انّ يكون

__________________

(١) ان قلت : ان الاستصحاب في المقام ليس من قبيل الاصل المثبت لأنّ الساعة العاشرة إذا فرضنا إنّها واقعا وفي علم الله سبحانه متصفة بكونها زمن الملاقاة فنحن بالاستصحاب لا نريد أن نثبت انّ الساعة العاشرة متصفة بأنها زمن الملاقاة إذ ذاك ثابت واقعا وفي علم الله سبحانه بلا حاجة إلى استصحاب وانّما نريد بالاستصحاب إثبات بقاء عدم الكرية إلى هذا الزمان المتصف بأنّه في علم الله زمن الملاقاة.

قلت : ان هذا هو عين الأصل المثبت فإنّه ـ أي الأصل المثبت ـ يعني تحميل شيء على الاستصحاب من الخارج ، وهنا الأمر كذلك ، فانّ الحالة السابقة المتيقنة هي ثبوت ذات عدم الكرية وامّا ثبوت عدم الكرية في زمن موصوف بانّه زمن الملاقاة فهذا لم يكن متيقنا سابقا ليثبت بقائه في الخارج بالاستصحاب وانّما يراد تحميله عليه من الخارج

(٢) في هذا الموضع قدمنا ما اخر في الكتاب واخرّنا ما قدم

٢٦٩

المورد من مصاديق نقض اليقين بالشكّ لا من مصاديق نقض اليقين باليقين.

ونحن لا نقصد من خلال هذا الكلام دعوى انّ المورد هو على سبيل الحتم والجزم من موارد نقض اليقين باليقين بل نريد أن ندعي احتمال ذلك ، أي نريد ان ندعي انّه على تقدير كون زمن الملاقاة واقعا هو الساعة العاشرة مثلا وان كان لا يلزم نقض اليقين باليقين بل بالشكّ ولكن على تقدير كونه هو الظهر يلزم ذلك ، وهذا الشكّ يكفي للمنع من التمسك بعموم الدليل ، فانّ شرط التمسك بعموم دليل في مورد هو إحراز تحقق موضوعه في ذاك المورد ، فدليل اكرم كل عالم لا يجوز التمسك به لاثبات وجوب اكرام رجل إلاّ مع إحراز انّه عالم ، أمّا مع الشكّ فلا يجوز التمسك به لإثبات وجوب اكرامه إذ ذلك تمسك بالعام في الشبهة المصداقية (١) وهو لا يجوز.

ان قلت : انّ استصحاب عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة وان كان لا يجري من جهة احتمال انّ المورد من موارد نقض اليقين باليقين ولكن هذا المحذور انّما يلزم على تقدير استصحاب عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة ولكن لم لا نستصحب عدم الكرية إلى زمن الملاقاة بما هو زمن الملاقاة ، فانّ زمن الملاقاة بهذا القيد لا يحتمل انطباقه على الظهر وإنّما يحتمل انطباقه عليه لو اخذناه مجردا من القيد المذكور.

قلت : انّ هذا خلف الفرض لأنّ المفروض انا نتكلم على تقدير ترتب الأثر على بقاء عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة لا على بقائه إلى زمن الملاقاة بما

__________________

(١) كما اشير إلى ذلك في التقرير ج ٦ ص ٢١٠. وأمّا ما ذكر في الملاحق فلم نعرف وجهه

٢٧٠

هو زمن الملاقاة وإلاّ كان ذلك هو الإحتمال الأوّل ويرد عليه حينئذ محذور الأصل المثبت.

وجاهة القول الثاني

ومن خلال ما سبق اتضح ان ما يقوله أصحاب القول الثاني ـ وهو انّ استصحاب عدم الكرية لا يجري فيمّا إذا علم بزمان ارتفاع عدم الكرية ـ وجوبه. ولكنا لا نقبل قولهم على اطلاقه فإنّه كان يتضمن انّ استصحاب عدم الكرية يجري فيما إذا كان كلا التاريخين مجهولا ، وجريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ لا يمكن قبوله على اطلاقه فإنّه يوجد في صورة جهالة التاريخين شقان لا يجري في احدهما استصحاب عدم الكرية ويجري في ثانيهما.

أ ـ فالشق الذي لا يجري فيه استصحاب عدم الكرية هو ما إذا كان زمان الملاقاة مرددا بين زمانين وكان زمان ارتفاع عدم الكرية مرددا بين نفس ذنيك الزمانين ، كما لو فرض انّ الملاقاة كانت مرددة بين الساعة الاولى والساعة الثانية وكان زمان ارتفاع عدم الكرية مرددا بنفس هذا المقدار وبهذا الشكل أي كان مرددا بين الساعة الاولى والثانية ، في مثل هذه الحالة يمكن ان نشير إلى الساعة الثانية ونقول انّ هذه الساعة نجزم فيها بارتفاع عدم الكرية ، إذ ارتفاع عدم الكرية سواء كان في الساعة الاولى أو الثانية فلا إشكال في تحققه في الساعة الثانية.

وإذا كنا نجزم بارتفاع عدم الكرية في الساعة الثانية فلا يجري حينئذ استصحاب عدم الكرية إلى واقع زمان الملاقاة إذ من المحتمل ان يكون واقع زمن الملاقاة هو الساعة الثانية ، والمفروض انّه في الساعة المذكورة نجزم بارتفاع عدم

٢٧١

الكرية ، ومعه فيكون ابقاء عدم الكرية الذي هو المتيقن ابقاء له إلى زمن يعلم فيه بانتقاضه لا إلى زمن يشكّ فيه بانتقاضه كما تقدم إيضاح ذلك فيما سبق.

ب ـ والشق الثاني الذي يجري فيه استصحاب عدم الكرية (١) هو ما إذا كان زمن تردد ارتفاع عدم الكرية أوسع من زمن تردد الملاقاة ، كما لو فرض انّ الملاقاة كانت مرددة بين الساعة الاولى والساعة الثانية ولكن ارتفاع عدم الكرية كان مرددا بين الساعة الاولى والساعة الثانية والساعة الثالثة ، ففي مثل هذه الحالة يجري استصحاب بقاء عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة ، لانّ زمن الملاقاة ان كان في علم الله سبحانه هو الساعة الاولى فيجري استصحاب عدم الكرية إلى الساعة الاولى بلا مانع إذ في الساعة المذكورة لا نتيقن بارتفاع عدم الكرية ـ فإنّ الارتفاع واقعا وان كان حصوله في الساعة الاولى محتملا إلاّ انّه لا يقين به ، وهكذا يجري لو كان زمن الملاقاة واقعا هو الساعة الثانية ، اذ الساعة الثانية لا يقين بارتفاع عدم الكرية فيها وإنّما اليقين بارتفاع عدم الكرية ثابت في الساعة الثالثة ، إذ الساعة المذكورة يجزم فيها بارتفاع عدم الكرية على جميع التقادير ، والمفروض انا لا نريد استصحاب عدم الكرية إلى الساعة الثالثة وانّما نريد استصحابه إلى واقع زمن الملاقاة الذي هو مردد بين الساعة الاولى والساعة الثانية.

القول الثالث هو الصحيح

ومن خلال كل هذا اتضح انّ الاستصحاب يجري في الصورة الثانية فقط

__________________

(١) اشير إلى هذا الشق في الكتاب ص ٣١٣ س ٢ بقوله : مثلا نرى جريان إلخ

٢٧٢

ولا يجري في الصورة الاولى في شقها الأوّل كما ولا يجري في الصورة الثالثة. وهذا معناه اختيار القول الثالث ولكن لا على اطلاقه إذ نختلف معه في الصورة الاولى فإنّه يقول بعدم جريان استصحاب عدم الكرية فيها بكلا شقيها بينما نحن نقول بجريانه في الشق الثاني منها فقط.

جريان الاستصحاب في الصورة الثانية

ان البيان المتقدم لعدم جريان استصحاب عدم الكرية ـ وهو امّا لزوم محذور الأصل المثبت أو عدم إحراز كون المورد من موارد نقض اليقين بالشكّ ـ تام كما اتضح في الصورة الثالثة وفي الشق الأوّل من الصورة الاولى ، ولا يتم في الصورة الثانية ، ففي الصورة المذكورة يجري استصحاب عدم الكرية لأنّ المفروض فيها انّ تاريخ الملاقاة معلوم وهو الساعة التاسعة مثلا بخلاف تاريخ ارتفاع الكرية فإنّه مردد بين الساعة الثامنة والساعة التاسعة والساعة العاشرة ، ومن الواضح ان استصحاب عدم الكرية إلى زمن الملاقاة الذي هو الساعة التاسعة ليس من باب نقض اليقين باليقين لأنّ الساعة التاسعة لا يتيقن فيها بارتفاع عدم الكرية وإنّما يتيقن بارتفاعه في الساعة العاشرة ، إذ في الساعة المذكورة يعلم بارتفاع عدم الكرية على جميع التقادير.

قوله ص ٣٠٨ س ١ : في فترة سابقة هي فترة حصول ملاقاة النجس لذلك الماء : هذه العبارة تكرر ذكرها أكثر من مرة ، ولعل ابدالها بقوله : « في فترة حصول الملاقاة » أولى ، إذ هو اخصر وأوضح.

قوله ص ٣٠٨ س ٦ : في الجزء : وهو عدم الكرية في المثال.

٢٧٣

قوله ص ٣٠٨ س ٨ : الاستشكال : تكرر التعبير بكلمة الاستشكال.

ولعل التعبير بالاشكال أولى.

قوله ص ٣٠٨ س ٩ : الزمان في نفسه : أي عمود الزمان. وإنّما عبر عنه بالزمان في نفسه لأجل انّه لم يلحظ بالقياس إلى زمن الملاقاة.

قوله ص ٣٠٨ س ٩ : أي زمان الجزء الآخر : وهو الملاقاة.

قوله ص ٣٠٩ س ٣ : الجزء المراد استصحابه : وهو عدم الكرية.

قوله ص ٣٠٩ س ٤ : تواجد الجزء الآخر : وهو الملاقاة.

قوله ص ٣٠٩ س ١٢ : صورة واحدة : وهي الصورة الثانية.

قوله ص ٣٠٩ س ١٦ : بما أشرنا إليه آنفا : أي ص ٣٠٨ س ٨ بقوله : وقد اتجه المحققون في دفع إلخ.

قوله ص ٣١٠ س ٢ : بما هي : أي بما هي قطعات الزمان في مقابل لحاظها بما هي زمن الملاقاة.

قوله ص ٣١٠ س ٢ : كما إذا كان زمان الارتفاع معلوما : فانّه إذا كان زمن ارتفاع عدم الكرية معلوما فلا يوجد شكّ بلحاظ قطعات الزمان بما هي قطعات الزمان.

قوله ص ٣١٠ س ٦ : ونلاحظ على هذا القول انّ زمان إلخ : أي نلاحظ عليه انّ استصحاب عدم الكرية لا يمكن ان يجري في الصورة الثالثة التي يعلم فيها بزمان ارتفاع عدم الكرية.

قوله ص ٣١٠ س ١٢ : في جميع الصور : فانا فيما سبق وان خصصنا عدم الجريان بخصوص الصورة الثالثة إلاّ انّه الآن نقول انّه على التقدير الأوّل لا يمكن

٢٧٤

جريان استصحاب عدم الكرية في جميع الصور الثلاث لا في خصوص الثالثة.

قوله ص ٣١٠ س ١٤ : منذ البداية : أي ص ٣٠١ س ٩.

قوله ص ٣١١ س ٧ : بما هو كذلك : أي بالوقوع في زمن الملاقاة بما هو زمن الملاقاة.

قوله ص ٣١١ س ١٠ : هو الزوال : فيما سبق عبر بالظهر. والمناسب توحيد التعبير.

قوله ص ٣١١ س ١٨ : فيهما : أي في مجهولي التاريخ.

قوله ص ٣١٢ س ٩ : قد تعبدنا : بضم التاء والعين وكسر الباء وسكون الدال.

قوله ص ٣١٢ س ١٣ : معا : أي لا يجري في كلتيهما.

قوله ص ٣١٢ س ١٧ : جزما : قيد لقوله لا علم.

قوله ص ٣١٣ س ٥ : مرة : الصواب : مرددة.

قوله ص ٣١٣ س ٧ : لأنّه : أي واقع زمن الملاقاة.

قوله ص ٣١٣ س ١١ : ابدا : قيد لقوله فليس من المحتمل.

٢٧٥
٢٧٦

شبهة انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين

ذكرنا فيما سبق انا نختار القول الثالث (١) الذي هو قول الآخوند بيد ان المستند الذي نعتمد عليه يغاير مستند الآخوند فنحن تمسكنا بانّ المورد لا يحرز كونه من موارد نقض اليقين بالشكّ بل لعله من موارد نقض اليقين باليقين ، بينما الآخوند علل عدم جريان استصحاب عدم الكرّيّة في صورة جهالة التاريخين بان المورد لا يحرز فيه اتصال زمان الشكّ بزمان اليقين. وفي المقصود من هذا الكلام يوجد تفسيران : ـ

١ ـ انّه لو فرض اليقين بعدم كرية الماء قبل الظهر وفرض وجود ساعتين بعد الظهر يعلم في احدى الساعتين بارتفاع عدم الكرّيّة وتبدله إلى الكريه وفي الساعة الاخرى يعلم بحدوث الملاقاة من دون أن يميّز المتقّدم عن المتأخر ، ففي مثل هذه الحالة إذا اردنا استصحاب عدم الكرّيّة إلى زمن الشكّ الذي هو زمن الملاقاة فإن كان زمن الملاقاة الذي هو زمن الشكّ هو الساعة الاولى فهذا لازمه اتصال زمان الشكّ بزمان اليقين ويجري الاستصحاب على هذا التقدير دون أي محذور ، وأمّا إذا كان هو الساعة الثانية فلا يمكن جريان الاستصحاب إذ لازم

__________________

(١) ولكن لا على اطلاقه بل مع فارق وهو انا لا نقول بعدم جريان استصحاب عدم الكرية في صورة جهالة التاريخين بكلا شقيها بل في خصوص الشق الأوّل

٢٧٧

وقوع الملاقاة في الساعة الثانية أن ارتفاع عدم الكرّيّة وتبدّله إلى الكريه قد حصل في الساعة الاولى ، وحيث ان ارتفاع عدم الكرّيّة أمر معلوم ومتيقّن فيلزم حصول فاصل بين زمان اليقين بعدم الكريه وزمان الشكّ في بقائه ، وذلك الفاصل هو اليقين بارتفاع عدم الكرّيّة في الساعة الاولى ، ومعه فلا يجري الاستصحاب لأنّ شرط جريان الاستصحاب احراز عدم تخلّل اليقين بانتقاض المتيقّن السابق ، أمّا مع احتمال تخلّل اليقين بالانتقاض بين زمان اليقين وزمان الشكّ فلا يجري.

ويرد على هذا البيان : ـ

أ ـ ان الملاقاة لو كانت حادثة في الساعة الثانية فالكرّيّة وان كان من المحتّم حدوثها في الساعة الاولى ولكن هذا لا يعني انها سوف تصير معلومة الحدوث في الساعة المذكورة ، بل هي معلومة على سبيل الاجمال أي يعلم بحدوثها في إحدى الساعتين لا في الساعة الاولى بالخصوص فان العلم الاجمالي يتعلق بالجامع ـ وهو حدوث الكرية في احدى الساعتين ـ لا بالواقع كما كان يقوله الشيخ العراقي (١) ، فالكرّيّة إذا كانت حادثة واقعا في الساعة الاولى فالعلم الاجمالي لا يتعلّق بحدوثها في الساعة الاولى وإنّما يكون متعلّقا بالجامع أي بالكرّيّة في إحدى الساعتين.

فما افاده الشيخ الآخوند يتم بناء على ما يقوله الشيخ العراقي ولا يتم على مقالة غيره القائلة بتعلّق العلم الاجمالي بالجامع. وعليه فلا احتمال أبدا لانفصال

__________________

(١) راجع القسم الثاني من الحلقة الثالثة ص ٧٩

٢٧٨

الشكّ عن اليقين بالعلم بالانتقاض ، أي بالعلم بالكرّيّة.

ب ـ ان بيان الآخوند المذكور لو تمّ فلازمه عدم جريان استصحاب عدم الكرّيّة حتى في الصورة الثانية التي التزم فيها بجريان الاستصحاب فإنّه في الصورة المذكورة يفرض العلم بتاريخ حدوث الملاقاة وانه الساعة الثانية مثلا بينما تاريخ حدوث الكرّيّة مجهول فلعلّه الساعة الاولى أو الساعة الثانية أو الساعة الثالثة أو الساعة الرابعة أو ... وحيث ان من المحتمل واقعا حدوثها في الساعة الاولى فيلزم على بيان الآخوند ان تصير الساعة الاولى ساعة العلم بالكريه والانتقاض وبذلك يحصل فاصل بين الشكّ واليقين وهو الساعة الاولى التي يعلم فيها بالانتقاض.

٢ ـ والتفسير الثاني لمقصود الآخوند هو ان تنجّس الماء لم يثبت بحسب دليله الشرعي لمجرد ثبوت عدم الكرّيّة في الساعة الاولى ـ إذ لم يقل الدليل الشرعي ان الماء يتنجّس إذا لم يكن كرّا في الساعة الاولى ـ وإنّما هو ثابت للماء بشرط عدم كرّيّته في زمن الملاقاة ، فعدم الكرّيّة المقيّد بزمن الملاقاة هو موضوع التنجّس. وما دام الموضوع للتنجّس هو ذلك فمتعلّق الشكّ في البقاء لا يكون هو ذات عدم الكرّيّة بل هو بقاء عدم الكرّيّة المقيّد بزمن الملاقاة لأنّ العدم المقيّد هو الموضوع للأثر ، ولازم هذا أنّا لو فرضنا ان زمن الملاقاة في علم الله سبحانه هو الساعة الثانية فزمان الشكّ يصير هو الساعة الثانية ولا يكون هو الساعة الاولى إذ المفروض تقيّد الشكّ في بقاء عدم الكرّيّة بزمن الملاقاة فقبل زمن الملاقاة لا شكّ. وإذا لم يكن الشكّ ثابتا في الساعة الاولى يلزم وجود فاصل بين زمان اليقين ـ وهو ما قبل الظهر ـ وزمان الشكّ وهو الساعة الثانية ، وذلك الفاصل هو

٢٧٩

الساعة الاولى.

وبكلمة اخرى ان الأثر اذا كان مترتّبا على عدم الكرّيّة المقيّد بزمن الملاقاة فزمن الشكّ يصير مردّدا بين الساعة الاولى والساعة الثانية ، فلربّما هو الساعة الاولى فيما إذا كانت الملاقاة حادثة واقعا في الساعة الاولى ولربّما هو الساعة الثانية فيما إذا كانت الملاقاة حادثة واقعا في الساعة الثانية. وحيث اننا نحتمل حدوث الملاقاة في علم الله سبحانه في الساعة الثانية ، فيلزم على هذا التقدير ان تصير الساعة الاولى فاصلا بين زمان الشكّ وزمان اليقين.

أجل لو فرض ان الدليل رتّب الأثر على بقاء عدم الكرّيّة الى الساعة الاولى فالساعة الاولى تصير زمن الشكّ ولا يحصل حينذاك فاصل بين زمان اليقين وزمان الشكّ ولكن المفروض ان الدليل لم يرتّب الأثر على ذلك بل رتّبه على عدم الكرّيّة المقيّد بزمن الملاقاة.

الفارق بين التفسيرين

والفرق بين التفسيرين هو أنّه على الأوّل كان يقال من المحتمل وجود فاصل هو العلم بانتقاض الحالة السابقة ، أي العلم بحدوث الكرّيّة ، بينما على هذا التفسير يقال من المحتمل وجول فاصل هو نفس الساعة الاولى بما هي ساعة اولى (١).

__________________

(١) يمكن ان يورد على التفسير الثاني ما ذكره السيّد الخوئي من انه لا محذور في وجود فاصل بين الشك واليقين ما دام لم يكن هو العلم بالانتقاض

٢٨٠