الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٤

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-28-6
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٤٨٧

التعليل المذكور بل ولا يناسبه.

ومن المحتمل أن يكون تعليلا لقوله أمكن المنع عن جريانه في المقام ، أي أنّ استصحاب الفرد المردد لا يجري في المقام لأنّ أحد فرديه وإن كان مشكوك البقاء ـ وهو الطويل الأمد (١). إلاّ أنّ الثاني مقطوع الانتفاء.

قوله ص ٢٩٧ س ١٧ : عدم الأوّل : أي عدم حدوث الفرد الطويل. والمراد من الثاني : الكلّي.

قوله ص ٢٩٨ س ٩ : والتحقيق إلخ : هذا رد للإعتراض الخامس.

قوله ص ٢٩٨ س ٩ : بما هو وجود له : أي بما هو وجود للكلّي وليس بما هو وجود له في هذا الفرد أو ذاك الفرد.

قوله ص ٢٩٨ س ١١ : ضمن حصة خاصة : المراد من الحصة هنا وفيما بعد الفرد.

قوله ص ٢٩٨ س ١٢ : إلاّ بما هو وجود لهذه الحصة : وبعبارة أوضح يكون مترتبا على وجود الفرد ، فإنّ وجود الكلّي لهذه الحصة أو لتلك ليس إلاّ عبارة اخرى عن الفرد.

قوله ص ٢٩٨ س ١٦ : صرف الوجود : صرف وجود الشيء عبارة عن أقل ما يمكن أن يصدق عليه وجوده ، فصرف وجود الماء عبارة عن أقل ما يمكن أن يصدق عليه الماء كالقطرة الواحدة. وصرف وجود الكلّي في المقام عبارة عن أقل ما يمكن أن يصدق معه الكلّي وهو تحققه ضمن فرد واحد مهما كان.

__________________

(١) الفيل وإن كان مقطوع البقاء على تقدير حدوثه إلاّ أنّه باعتبار أنّ أصل حدوثه مشكوك فمن الصواب أن يقال إنّ بقائه مشكوك

٢٤١

قوله ص ٢٩٩ س ٢ : لا ينقح موضوع الأثر : إذ موضوع الأثر هو الفرد ، وباستصحاب بقاء الكلّي لا يثبت الفرد. والمراد من قوله « ينقح » : يثبت.

قوله ص ٢٩٩ س ١٦ : فلا بدّ أن يكون : أي العنوان الكلّي.

قوله ص ٢٩٩ س ١٧ : ومرآة للوجود الخارجي : عطف تفسير على سابقه.

قوله ص ٣٠٠ س ١ : إذ ليس هناك واقع خارجي إلخ : إلاّ على رأي الرجل الهمداني.

قوله ص ٣٠٠ س ٤ : خلافا للحالة السابقة : أي استصحاب الكلّي من القسم الثاني المشار له بعنوان الحالة الاولى للشق الأوّل.

قوله ص ٣٠٠ س ٥ : من هذا القبيل : أي يمكن الإشارة له ونقول هو متيقن الحدوث مشكوك البقاء.

٢٤٢

الاستصحاب في

الموضوعات المركّبة

٢٤٣
٢٤٤

الاستصحاب في الموضوعات المركبة

قوله ص ٣٠١ س ١ : إذا كان الموضوع للحكم الشرعي الخ : تقدّم ص ٢٧٩ من الحلقة انّ هناك عدّة تطبيقات ومصاديق للاستصحاب وقع الاختلاف في حجّيتها بين الاصوليين. ورابع تلك المصاديق هو الاستصحاب في الموضوعات المركبة.

وتوضيح المقصود : انّ المستصحب تارة يكون أمرا واحدا بسيطا لا يتركّب من جزئين ، واخرى يكون مركّبا.

مثال البسيط : استصحاب عدالة زيد ، فإنّ العدالة شيء واحد.

مثال المركب : انفعال الماء ـ أي تنجّس الماء ـ فإنّه حكم منصب على الماء بشرطين : ملاقاته للنجاسة وعدم كونه كرا ، فموضوع الانفعال إذن مركّب من جزئين : الملاقاة وعدم الكرية.

امّا صورة بساطة الموضوع فلا إشكال في جريان الاستصحاب فيها ، فزيد إذا كان عادلا فيما سبق جرى استصحاب بقائه على العدالة ، وإذا لم يكن عادلا جرى ايضا استصحاب بقائه على عدم العدالة. وهذا ممّا لا إشكال فيه ولم يقع بين الاصوليين اختلاف من ناحيته.

وأمّا صورة تركّب الموضوع فقد وقع فيها الاختلاف بين الاصوليين ، فإذا كان لدينا ماء وأصابته نجاسة وشككنا في كرّيته فهل يمكن استصحاب عدم

٢٤٥

كريته ويضمّ هذا الاستصحاب الى الوجدان ليلتئم بذلك تمام الموضوع ويحكم بالانفعال؟ إنّ هذه الصورة هي محل الكلام.

حالتان لتركّب الموضوع

ولصورة تركّب الموضوع حالتان : ـ

١ ـ أن لا يكون الموضوع ذات الملاقاة وذات عدم الكرية بل هو الملاقاة المقيّدة بعدم الكرية أو عنوان اقتران الجزئين أو عنوان مجموع الجزئين اللذين من العناوين الانتزاعية.

٢ ـ أن يكون الموضوع ذات الجزئين بمعنى أنّه في الزمان الواحد إذا تحقّقت ذات الملاقاة وذات عدم الكرية كفى ذلك في الحكم بانفعال الماء بلا حاجة إلى إثبات تقيّد الملاقاة بعدم الكرية أو عنوان اقتران الجزئين أو عنوان المجموع.

الحالة الاولى

امّا في الحالة الاولى التي لا يكون العنوان فيها منصبا على ذوات الأجزاء بل على عنوان تقيد الملاقاة بعدم الكرية أو على عنوان اقتران الجزئين أو عنوان مجموع الجزئين فاستصحاب عدم الكرية لا يمكن إجراؤه وضمّه إلى الوجدان لأنّ المقصود من الاستصحاب المذكور : ـ

إن كان هو مجرّد إثبات عدم الكرية وضمّه إلى الملاقاة بدون نظر إلى إثبات عنوان التقيد والاقتران والمجموع فهذا من الواضح عدم كفايته لأنّ المفروض انّ الانفعال لم ينصب على ذوات الأجزاء بل على عنوان التقيد واخويه.

٢٤٦

وإن كان المقصود إثبات التقيد واخويه بمعنى ان نقول انّ الاستصحاب إذا جرى لإثبات عدم الكرية فبضمّه إلى الوجدان يثبت الاقتران والتقيّد وبعد ذلك يثبت الحكم فجوابه انّ هذا لا يتم إلاّ بناء على حجّية الأصل المثبت والملازمة العقلية إذ لم توجد آية أو رواية تقول إذا لم يكن الماء كرّا ولاقته نجاسة بالوجدان فقد تحقّق عنوان مجموع الجزئين أو اقتران أحدهما بالآخر أو تقيّد الملاقاة بعدم الكرية وإنّما ذلك ثابت بسبب الملازمة العقلية.

ولئن كان الاستصحاب قابلا للجريان في هذه الحالة فهو يجري لنفي عنوان التقيّد والاقتران والمجموع بأن يقال انّه قبل إصابة النجاسة للماء لم يكن عنوان تقيّد الملاقاة بعدم الكرية متحقّقا فيجري استصحاب عدم تحقّقه ، وهكذا وبنفس الطريقة يجري استصحاب عدم تحقّق عنوان المجموع أو عنوان الاقتران. وبذلك ينفى موضوع النجاسة ويحكم بالطهارة لقاعدة الطهارة.

الحالة الثانية

وامّا في الحالة الثانية التي يكون الحكم فيها منصبا على ذوات الأجزاء ـ وهي الحالة التي وقعت محلا للكلام بين الاصوليين وإلاّ فالحالة الاولى لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيها في الجزء ـ فالمعروف بين الاصوليين انّ الاستصحاب يجري في بعض الأجزاء فإذا كانت الملاقاة معلومة بالوجدان وشكّ في عدم الكرية فلا محذور في جريان استصحاب عدم الكرية إن كانت الحالة السابقة هي عدم الكرية وبذلك يحكم بالانفعال ، كما ولا بأس باستصحاب الكرية إن كانت الحالة السابقة هي الكرية وبذلك يحكم بعدم الانفعال.

٢٤٧

وبكلمة اخرى : انّ الاستصحاب في بعض الأجزاء يجري بشرطين : ـ

١ ـ أن يكون الحكم منصبا على ذوات الأجزاء دون عنوان التقيّد أو الاقتران أو المجموع.

٢ ـ أن يكون للجزء حالة سابقة متيقّنة يشكّ في بقائها.

هذا ـ أي جريان الاستصحاب في جزء الموضوع في الحالة الثانية ـ بيان لحكم الحالة الثانية على سبيل الإجمال. وأمّا على سبيل التفصيل فالكلام ينبغي أن يقع في نقاط ثلاث : ـ

١ ـ هل الاستصحاب يقبل الجريان في بعض الأجزاء فيما إذا كان الحكم منصبا على ذوات الأجزاء وكان للجزء حالة سابقة متيقّنة يشكّ في بقائها. وهذا تحقيق للحال في الكبرى ، أي كبرى جريان الاستصحاب في بعض الأجزاء فيما إذا توفّر الشرطان السابقان.

٢ ـ متى يكون الحكم منصبّا على ذوات الأجزاء دون عنوان التقيّد والمجموع والاقتران. وهذا تحقيق للحال في صغرى الشرط الأوّل.

٣ ـ متى يكون الجزء متيقّنا سابقا مشكوكا لاحقا. وهذا تحقيق للحال في صغرى الشرط الثاني.

النقطة الاولى

امّا بالنسبة إلى قابلية الاستصحاب للجريان في جزء الموضوع فالمعروف بين الاصوليين ثبوتها وعدم المحذور في جريان الاستصحاب في جزء الموضوع

٢٤٨

فيما إذا كان الجزء الآخر محرزا (١).

والوجه في ذلك : انّ شرط جريان الاستصحاب كونه قابلا للتنجيز ، وفي المقام استصحاب عدم الكرية مثلا قابل لتنجيز وجوب الاجتناب عن الماء فيما إذا كانت الملاقاة محرزة ، فإنّ الملاقاة إذا كانت محرزة فباستصحاب عدم الكرية يتنجز وجوب الاجتناب عن الماء.

هذا ولكن قد يعترض على جريان الاستصحاب في جزء الموضوع بأنّ مفاد حديث « لا تنقض اليقين بالشكّ » بناء على مسلك جعل الحكم المماثل هو جعل حكم ثان ظاهري مماثل للحكم السابق ، وفي مقامنا حيث انّ عدم الكرية ليس له حكم ـ إذ الحكم وهو الانفعال منصبّ على كلا الجزئين دون كل واحد منهما ـ فلا يمكن بإجراء الاستصحاب فيه جعل مماثله ، وما له حكم ـ وهو كلا الجزئين ـ لا يراد إجراء الاستصحاب فيه (٢).

ويردّه : إنّ الاعتراض المذكور مبني على أنّ مفاد دليل الاستصحاب جعل الحكم المماثل ، وامّا بناء على إنكار هذا المبنى ـ كما هو الصحيح ـ والقول بأنّ شرط جريان الاستصحاب قابليته للتنجيز والتعذير فلا محذور في جريان

__________________

(١) المراد من إحراز الجزء الثاني ليس هو خصوص إحرازه بالوجدان بل الأعم من إحرازه بالوجدان أو بالتعبّد وذلك بجريان الاستصحاب فيه فيما إذا كان قابلا لجريان الاستصحاب فيه

(٢) وهذا الإشكال كما نراه مبني على مسلك جعل الحكم المماثل ولكن في التقرير ج ٦ ص ٣٠٤ بيّن الإشكال بشكل آخر لا يختص بمسلك جعل الحكم المماثل فقد ورد فيه : انّ شرط جريان الاستصحاب أن يكون منجزا ، والمنجزية حيث لا تثبت إلاّ للحكم الفعلي إذ الحكم الفعلي هو القابل للتنجز فالاستصحاب لا يجري في جزء الموضوع لأنّه ليس له حكم فعلي ليقبل التنجز بالاستصحاب وإنّما الحكم الفعلي ثابت لكلا الجزئين لا لأحدهما

٢٤٩

الاستصحاب في جزء الموضوع ، إذ التنجز يحصل بالعلم بالكبرى والعلم بالصغرى ، وكلاهما ثابت.

أمّا العلم بالكبرى ـ أي بالجعل والتشريع ـ فلأنّ كل مكلّف له أدنى اطلاع على الأحكام الشرعية يعرف انّ الماء إذا كان قليلا ولاقته نجاسة تنجّس.

وامّا العلم بالصغرى ـ أي العلم بالموضوع وإنّ الملاقاة وعدم الكرية متحقّقان ـ فلأنّ الملاقاة محرزة بالوجدان حسب الفرض ، وعدم الكرية بجريان الاستصحاب فيه يصير معلوما بالتعبّد.

وبكلمة اخرى : انّه بعد العلم بتشريع تنجس الماء عند ملاقاة النجاسة له وعدم كرّيته وبعد افتراض إحراز ملاقاة النجاسة له فاستصحاب عدم الكرية يكون جاريا إذ به يثبت تنجز وجوب الاجتناب عن الماء ، ولا يتوقّف جريان الاستصحاب على أن يكون لعدم الكرية حكم ليجعل مماثله.

أجل بناء على أنّ مفاد دليل الاستصحاب جعل الحكم المماثل فجريان الاستصحاب في عدم الكرية مشكل لعدم ثبوت حكم لعدم الكرية ليجعل مماثله بالاستصحاب (١).

هذا ولكن توجد ثلاثة أجوبة لدفع الإشكال على المبنى المذكور ـ مسلك جعل الحكم المماثل ـ كلّها لا يخلو من تأمّل. وهي :

__________________

(١) ممّن استشكل في جريان الاستصحاب في أحد جزئي المركب المحقّق الايرواني في رسالته الصغيرة « الذهب المسكوك في حكم اللباس المشكوك » ص ١٢ لبيان آخر غير ما ذكرناه هنا.

وهو ممّن يختار أيضا انّ مفاد دليل الاستصحاب جعل الحكم المماثل فراجع رسالته المذكورة ص ٣٦

٢٥٠

١ ـ انّ الملاقاة إذا كانت محرزة بالوجدان فحيث انّ ثبوت تنجس الماء حينئذ لا يحتاج إلاّ إلى ثبوت عدم الكرية فكأنّ التنجس يصير حكما لعدم الكرية وليس حكما لكلا الجزئين ، ومعه فلا محذور في جريان الاستصحاب في عدم الكرية لأنّ له ـ عدم الكرية ـ حكما على ضوء هذا.

ويردّه : ان عهدة هذا الكلام على مدعيه فنحن لا نسلّم انّ تحقّق أحد الجزئين يكون موجبا لصيرورة الحكم الثابت لكلا الجزئين حكما للجزء الثاني ، فإنّ الجزء لا ينسلخ عن كونه جزء للموضوع بتحقّقه.

٢ ـ انّ موضوع الحكم إذا كان مركّبا من جزئين فالحكم المنصبّ عليهما ينحل إلى حكمين بعدد الجزئين فالجزء الأوّل يثبت له الحكم بالانفعال والجزء الثاني يثبت له الحكم بالانفعال أيضا. وهذا كما إذا قيل لا تشرب الخمر ، فكما أنّه ينحلّ إلى تحريمات متعدّدة بعدد أفراد الموضوع كذلك في المقام ينحل الحكم إلى أحكام متعدّدة بعدد الأجزاء.

وإذا كان لعدم الكرية حكم انحلالي فبالاستصحاب يثبت الحكم المماثل له.

ويردّه : انّ الحكم الصادر من الحاكم ما دام واحدا منصبّا على كلا الجزئين فلا معنى لانحلاله وثبوته لكل واحد من الجزئين وإلاّ يلزم خلف الفرض إذ الفرض ثبوت الحكم لكلا الجزئين لا لكل واحد منهما.

٣ ـ انّ الحكم بالانفعال إذا كان منصبّا على كلا الجزئين فكل جزء سوف يثبت له الحكم بالانفعال ولكن مشروطا بتحقّق الجزء الآخر. فالحكم بالانفعال ثابت للملاقاة بشرط تحقّق عدم الكرية ، وثابت أيضا لعدم الكرية بشرط تحقّق الملاقاة. ومعه فيمكن جريان الاستصحاب في عدم الكرية حتى بناء على مسلك

٢٥١

جعل الحكم المماثل بعد ثبوت الحكم المشروط لكل واحد من الجزئين.

ويردّه : انّ ثبوت الحكم المشروط لكل واحد من الجزئين بشرط تحقّق الجزء الآخر وإن كان أمرا مسلما إلاّ أنّه ليس حكما مجعولا من قبل الشارع وإنّما هو أمر انتزاعي ينتزعه العقل من ثبوت الحكم لكلا الجزئين ، فإنّ الحكم إذا كان ثابتا لكلا الجزئين فالعقل ينتزع ثبوت الحكم لكل واحد من الجزئين بشرط تحقّق الجزء الثاني. وهذا نظير ما تقدّم في حرمه العصير العنبي عند الغليان ، فكما انّ حرمة العصير العنبي بشرط تحقّق الغليان ليست حرمة مجعولة من قبل الشارع ليجري استصحابها إلى حالة الزبيبية وإنّما هي أمر انتزاعي ينتزع من ثبوت الحرمة للعصير المغلي كذلك في المقام لا يجري الاستصحاب في عدم الكرية لأنّ الحكم المشروط الثابت له ليس حكما مجعولا وإنّما هو أمر انتزاعي.

قوله ص ٣٠١ س ١ : وتمّت فيه أركان الاستصحاب : بأن كان متيقّنا سابقا مشكوك البقاء لا حقا.

قوله ص ٣٠١ س ١٠ : مباشرة : أي بلا إثبات العنوان الانتزاعي.

قوله ص ٣٠١ س ١١ : المتحصّل : أي الحاصل من حصول كلا الجزئين.

قوله ص ٣٠١ س ١٢ : بإثبات : أي بعد إثبات.

قوله ص ٣٠٢ س ٦ : ثبوتا : كاستصحاب بقاء عدم الكرية فيما إذا كانت الحالة السابقة هي عدم الكرية.

قوله ص ٣٠٢ س ٦ : أو عدما : كاستصحاب عدم عدم الكرية ـ أي الكرية ـ فيما إذا كانت الحالة السابقة هي الكرية.

قوله ص ٣٠٢ س ٩ : وعناصره : عطف تفسير على أجزاء الموضوع.

٢٥٢

قوله ص ٣٠٢ س ١١ : هذا على سبيل الإجمال : أي ما ذكرناه في الحالة الثانية من جريان الاستصحاب.

قوله ص ٣٠٣ س ٣ : أو بتعبّد : فيما إذا كان الجزء الأوّل محرزا بالاستصحاب أيضا. ويمكن افتراض ذلك في بعض الموارد.

قوله ص ٣٠٣ س ١١ : في دليل الاستصحاب : متعلّق بقوله : « بجعل ».

قوله ص ٣٠٣ س ١٣ : كما عرفت سابقا : أي ص ٢٨٤.

قوله ص ٣٠٣ س ١٤ : ذا أثر عملي : حال من استصحاب الجزء. أي انّ الاستصحاب حال كونه ذا أثر عملي ـ وهو تنجيز الحكم ـ لا يحتاج جعله إلى التعبّد بالحكم المماثل.

ولعلّ الإتيان بكلمة « ذا » مجرورة ـ أي ذي أثر عملي ـ أولى كما في التقرير ج ٦ ص ٣٠٤ لتكون وصفا للاستصحاب.

قوله ص ٣٠٣ س ١٦ : الواصلة كبراه : فإن كبرى الحكم واصلة إذ الكل يعرف انّ الماء إذا لم يكن كرا ولاقته نجاسة تنجّس.

قوله ص ٣٠٣ س ١٧ : لأنّ إحراز الخ : هذه الجملة إلى قوله : « المترتب عليه » تتناسب والبيان الثاني للاعتراض المذكور في التقرير والذي نقلناه في الهامش ، ولا يحتاج إليها على البيان المذكور في الكتاب.

قوله ص ٣٠٤ س ١ : المترتّب عليه : أي على الموضوع.

قوله ص ٣٠٤ س ١ : وبهذا نجيب : أي هذا هو الجواب عن الاعتراض المذكور.

قوله ص ٣٠٤ س ٢ : في دليل الاستصحاب : متعلّق بجعل.

٢٥٣

قوله ص ٣٠٤ س ٧ : ظاهرا : متعلّق بقوله : « ويثبت ».

قوله ص ٣٠٤ س ٩ : لأنّ وجود الشرط للحكم الخ : فإنّ وجود الجزء الأوّل شرط لتحقّق الحكم ، وبتحقّقه الوجداني لا تزول شرطيّته لتحقّق الحكم.

النقطة الثانية

قوله ص ٣٠٥ س ١٠ : وامّا النقطة الثانية الخ : وبعد الفراغ من النقطة الاولى يقع الكلام في النقطة الثانية وهي أنّه متى يكون الحكم مترتّبا على ذوات الأجزاء لا على العنوان الانتزاعي. وفي هذا المجال ننقل كلاما للشيخ النائيني حاصله انّ الموضوع لكل حكم لا يخلو من إحدى حالات ثلاث : ـ

١ ـ أن يكون مركّبا من العرض ومحلّه ، كما لو قيل أكرم الإنسان العالم ، فإنّ الحكم بوجوب الإكرام منصبّ على الإنسان والعالم ، أي على العالمية التي هي عرض وعلى محلّها وهو الإنسان.

٢ ـ أن يكون مركّبا من عدم العرض ومحلّه ، كما لو قيل تتحيض إلى الخمسين المرأة غير القرشية ، فإنّ مصبّ الحكم بالتحيّض إلى الخمسين هو المرأة وعدم القرشية ، أي المحلّ وهو المرأة وعدم العرض. وحيث انّ العرض هو القرشية فعدم العرض هو عدم القرشية.

٣ ـ أن يكون مركّبا من عرضين ثابتين امّا لمحل واحد أو لمحلّين.

مثال العرضين الثابتين لمحل واحد : يجب تقليد المجتهد العادل ، فإنّ موضوع وجوب التقليد هو الاجتهاد والعدالة ، وهما عرضان لمرجع التقليد الذي هو محل واحد للاجتهاد والعدالة معا.

٢٥٤

ومثال العرضين الثابتين لمحلّين : الحكم بإرث الولد من والده بشرط موت الوالد وكون الولد مسلما حين موت الوالد ، فإنّ موضوع الحكم بالإرث مركب من موت الوالد واسلام الولد ، والموت عرض محلّه الوالد ، والإسلام عرض محلّه الولد ، فالموت والإسلام عرضان في محلّين.

وبعد اتّضاح هذه الحالات الثلاث لموضوع الحكم ذكر الشيخ النائيني قدس‌سره.

الحالة الاولى

انّه في الحالة الاولى التي يكون الموضوع فيها مركّبا من العرض ومحلّه لا يكون الحكم بوجوب الإكرام منصبّا على ذات الإنسان وذات العدالة ، فإنّ العدالة عرض ، والعرض دائما يلحظ بما هو وصف لمحلّه ولا يلحظ في ذاته مجرّدا عن محلّه ، فالإنسان المقيّد بالعدالة هو مصبّ الحكم لا ذات الإنسان بقطع النظر عن التقييد بالعدالة ولا ذات العدالة بقطع النظر عن التقييد بالإنسان ، فإنّ الحكم لو كان منصبّا على ذات الإنسان بقطع النظر عن التقييد بالعدالة وعلى ذات العدالة بقطع النظر عن التقييد بالإنسان فلازم ذلك أنّه متى ما وجدت ذات الإنسان ووجدت ذات العدالة ولو في إنسان آخر فالحكم بوجوب الإكرام يثبت للإنسان الأوّل وإن كان فاسقا لأنّ ذات العدالة متحقّقة حسب الفرض في الإنسان الثاني وذات الإنسان الأوّل متحقّقة. إنّ هذا يكشف بوضوح عن أنّ موضوع الحكم بوجوب الإكرام ليس هو ذات الإنسان وذات العدالة بل العنوان الانتزاعي ـ وهو تقيد الإنسان بالعدالة ـ له المدخلية في موضوع الحكم.

وإذا كان التقيّد له مدخلية في موضوع الحكم فالاستصحاب لا يمكن أن

٢٥٥

يجري في العدالة ، فإذا كان لدينا إنسان وكان في الزمان السابق عادلا ويشكّ الآن في عدالته فالاستصحاب لا يمكن أن يجري في ذات العدالة ، فليس من الصحيح أن نقول إنّ العدالة كانت ثابتة سابقا والآن هي ثابتة أيضا فإنّ هذا الاستصحاب يثبت بقاء ذات العدالة ولا يثبت انّ الإنسان ـ كزيد مثلا ـ متّصف بالعدالة إلاّ من باب الملازمة العقلية إذ لا توجد آية أو رواية تقول إذا كانت العدالة باقية فالإنسان المذكور متّصف بها.

وعليه فإذا أردنا أن نجري الاستصحاب فلا بدّ من إجرائه في الاتصاف والتقيّد بأن نقول هكذا : انّ زيدا مثلا كان متّصفا بالعدالة في السابق فإذا شكّ الآن في بقاء اتصافه بالعدالة فمقتضى الاستصحاب بقاء اتصافه وتقيّده بالعدالة.

الحالة الثانية

وقبل بيان الحالة الثانية نذكر مقدّمة نوضّح فيها مصطلحين :

١ ـ العدم تارة يلحظ وصفا للمحل ، كما إذا قيل : « المرأة المتّصفة بعدم القرشية » ، فإنّ عدم القرشية لوحظ وصفا للمرأة.

ومثل هذا العدم يسمّى بالعدم النعتي لأنّه لو حظ نعتا ووصفا للمرأة.

واخرى لا يلحظ وصفا لمحلّه بل يلحظ في نفسه ، كما إذا قلنا « عدم القرشية ». إنّ عدم القرشية هنا لم يلحظ وصفا للمرأة بل لوحظ في نفسه. ويسمّى مثل هذا العدم بالعدم المحمولي. وإنّما سمّي بالمحمولي لأنّ ذات العدم يقع محمولا فنقول مثلا « زيد معدوم » و « المطر معدوم » و « شريك الباري معدوم » ، إنّ ذات العدم في هذه القضايا وقع محمولا ، ومن هنا فذات العدم يسمّى بالعدم المحمولي.

٢٥٦

٢ ـ العدم الأزلي هو العدم الثابت من القديم حينما كان الله سبحانه ولم يكن معه شيء ، فمثلا قبل أن تولد المرأة القرشية وترى نور الوجود كانت ذاتها معدومة وكانت قرشيّتها معدومة أيضا. وعدم ذاتها وعدم قرشيّتها ليس ثابتا قبل ولادتها بسنة أو بسنتين أو بمائة سنة بل هو ثابت من القديم حينما كان الله ولم يكن معه شيء فمثل هذا العدم إذن يسمّى بالعدم الأزلي.

وإذا اتّضح لدينا هذا أمكن لو سئلنا : هل العدم المحمولي عدم أزلي أو لا؟ أن نجيب : نعم انّه أزلي إذ العدم المحمولي هو ذات العدم ، وذات كل عدم ثابتة من الأزل.

ولو سئلنا ثانيا : هل العدم النعتي عدم أزلي أو لا؟ فالجواب : كلا ليس أزليا لأنّ العدم النعتي يلحظ بما هو وصف للمرأة مثلا فلا بدّ من وجود المرأة أوّلا ليثبت بعد ذلك اتصافها بعدم القرشية ، فإنّ ثبوت الوصف فرع تحقّق الموصوف.

هذه هي المقدّمة التي أردنا عرضها. والآن نأخذ ببيان حكم الحالة الثانية التي يكون الموضوع فيها مركّبا من عدم العرض ومحلّه.

وفي هذه الحالة يكون الحكم منصبّا على التقيّد والاتصاف أيضا لا على ذوات الأجزاء ، فالحكم بالتحيض إلى خمسين لا يكون منصبا على ذات المرأة وذات عدم القرشية بل على اتصاف المرأة بعدم القرشية فإنّ عدم العرض حينما يقاس إلى محلّه يلحظ بما هو وصف له فالحكم يكون منصبا على اتصاف المحل بعدم العرض (١) إذ لو كان منصبّا على ذات المرأة وذات عدم القرشية (٢) لكان

__________________

(١) أي يكون منصبّا على العدم النعتي فإنّ عدم القرشية حينما يلحظ وصفا للمحل ويقال المرأة المتّصفة بعدم القرشيّة فهو عدم نعتي

(٢) ذات عدم القرشية هو ما يعبّر عنه بالعدم المحمولي

٢٥٧

لازم ذلك أنّه متى ما تحقّق ذات المرأة وتحقّق ذات عدم القرشية ولو في امرأة اخرى كفى ذلك في الحكم بتحيض المرأة الاولى إلى الخمسين ولو لم تكن متّصفة بعدم القرشية ـ بأن كانت قرشية ـ بل كان الاتصاف بعدم القرشية ثابتا في حقّ امرأة اخرى ، وهذا باطل جزما.

وما دام الحكم منصبّا على اتصاف المرأة بعدم القرشية ـ أي على العدم النعتي ـ لا على ذات عدم القرشيّة المسمّى بالعدم المحمولي الذي هو عدم أزلي ثابت من الأزل فالاستصحاب إذا أردنا إجرائه فأين نجريه ، فهل نجريه في العدم المحمولي أو نجريه في العدم النعتي؟ انّه لا يمكن إجراؤه لا في هذا ولا في ذاك.

أمّا أنّه لا يجري في ذات عدم القرشية ـ الذي هو عدم محمولي أزلي ـ فلأنّ ذات عدم القرشية وإن كان ثابتا منذ الأزل ومتيقّن الثبوت سابقا إلاّ أنّ استصحابه لا ينفع لإثبات الحكم إذ المفروض ترتّب الحكم على اتصاف المرأة بعدم القرشية لا على ذات عدم القرشية.

وأمّا أنّه لا يجري في العدم النعتي ـ أي في اتّصاف المرأة بعدم القرشيّة ـ فلأنّه لا يوجد زمان سابق كان فيه الاتصاف بعدم القرشية ثابتا ليستصحب بقائه إلى زمان الشكّ ، فإنّ الاتصاف بعدم القرشية لا يثبت إلاّ بعد وجود المرأة ، لأنّه وصف ، وتحقّق الوصف فرع تحقّق الموصوف ، فقبل وجود المرأة لا يمكن ثبوت الاتصاف بعدم القرشية ، وبعد وجودها لا نجزم باتّصافها بعدم القرشية ليستصحب إلى الآن بل المرأة من حين أن تولد يشكّ في أنّها متّصفة بعدم القرشيّة أو هي متّصفة بالقرشية.

وباختصار : انّ العدم الأزلي المحمولي وإن كان متيقّن الثبوت سابقا إلاّ أنّ

٢٥٨

استصحابه لا ينفع لعدم ترتّب الأثر عليه ، والعدم النعتي وإن كان الأثر مترتّبا عليه إلاّ أنّه ليس له حالة سابقة متيقّنة ليجري استصحابها.

إن قلت : لماذا لا نجري استصحاب العدم المحمولي الأزلي لإثبات العدم النعتي ، بأن نقول انّ عدم القرشيّة الأزلي كان ثابتا سابقا فإذا شككنا في بقائه إلى الآن جرى استصحابه وثبت بذلك بقاء العدم الأزلي ، ولازم ذلك اتصاف المرأة بعدم القرشية الذي هو عدم نعتي.

قلت : انّ هذا لا يتمّ إلاّ بناء على الأصل المثبت والملازمة العقلية ، إذ لا توجد آية أو رواية تقول إذا كان عدم القرشية الثابت قبل ولادة المرأة مستمرا بعد ولادتها أيضا فهي متّصفة بعدم القرشية.

ومن هنا نعرف انّ الشيخ النائيني لا يحكم على المرأة التي تشكّ في كونها قرشية بالتحيض إلى الخمسين استنادا إلى استصحاب عدم قرشيتها الثابت قبل ولادتها لأنّه لا أثر له وإنّما الأثر للعدم النعتي وهو لا يجري استصحابه لما تقدم ، وإجراء استصحاب العدم الأزلي لإثبات العدم النعتي مثبت (١).

__________________

(١) أجل يمكن إجراء الاستصحاب بشكل آخر بأن يقال انّ الحكم بالتحيض إلى الخمسين مترتّب على اتصاف المرأة بعدم القرشية فنجري الاستصحاب في نفس الاتصاف بأن نقول انّه قبل ولادة المرأة كانت هناك ثلاثة أعدام أزلية فكانت ذاتها معدومة وكانت قرشيّتها معدومة وكان اتصافها بعدم القرشية معدوما أيضا ، وما دام الاتصاف بعدم القرشية معدوما من الأزل فنحن نجري استصحاب عدم الاتصاف بعدم القرشية الثابت من الأزل.

وهذا الاستصحاب جيد وصحيح ولكن بجريانه لا تتغير النتيجة الثابتة قبل جريانه ، فإنّه قبل جريانه لم يمكن الحكم على المرأة بالتحيض إلى خمسين ، وبعد جريانه لا يمكن الحكم أيضا بتحيّضها إلى خمسين إذ بالاستصحاب المذكور ننفي موضوع الحكم بلزوم ـ

٢٥٩

ينبغي أن لا يخفى

اتّضح من خلال ما سبق انّ الحالة الاولى تشترك مع الحالة الثانية في نقطة وتختلف معها في نقطة اخرى ، فهما يشتركان في أنّ الحكم ليس منصبّا على ذوات الأجزاء ، ففي الحالة الاولى يكون الحكم بوجوب الإكرام منصبّا على الاتصاف بالعدالة لا على ذات العدالة ، وفي الحالة الثانية يكون الحكم بالتحيض إلى خمسين منصبا أيضا على الاتصاف بعدم القرشية لا على ذات عدم القرشية. هذه نقطة اشتراك.

وهناك نقطة اختلاف ، وهي أنّه في الحالة الاولى كان بالإمكان إجراء الاستصحاب في نفس الاتصاف ، بأن يقال : كان الإنسان متّصفا بالعدالة سابقا فإذا شككنا في بقاء اتصافه بها جرى استصحاب بقاء الاتصاف ويثبت بذلك وجوب إكرامه ، وأمّا في الحالة الثانية فلا يمكن ذلك فلا يمكن أن يقال انّ الاتصاف بعدم القرشية كان ثابتا سابقا فإذا شككنا الآن في بقائه جرى استصحابه.

ولكن ليس من الصحيح ان نفهم من هذا الكلام انّ العدم النعتي لا يمكن جريان الاستصحاب فيه في جميع الأحوال بل هناك حالات يجري فيها الاستصحاب في العدم النعتي. ومثال ذلك : ما إذا كان الحكم بوجوب الإكرام منصبّا على الإنسان المتّصف بعدم الفسق ، فإنّ الاتصاف بعدم الفسق عدم نعتي وبالرغم من ذلك يمكن جريان الاستصحاب فيه ، كما لو كان زيد متّصفا سابقا

__________________

ـ التحيّض إلى خمسين فإنّ موضوع الحكم بالتحيّض إلى خمسين هو الاتصاف بعدم القرشية فإذا نفي باستصحاب العدم الأزلي لم يمكن الحكم بالتحيّض إلى خمسين

٢٦٠