الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٤

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-28-6
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٤٨٧

البقاء على كلا التقديرين بل يكفي أن يكون الشكّ في البقاء ثابتا ولو على أحد التقديرين كما هو الحال في المقام فإنّ عنوان الفرد على تقدير كونه مرآة لخالد مشكوك البقاء وإن كان على تقدير كونه مرآة لزيد مقطوع الارتفاع إلاّ أنّ هذا غير مهمّ لأنّ الحكم الظاهري لا يتطلّب أكثر من وجود الشكّ ولو على أحد التقديرين.

وأمّا انّه لا يمكن جريانه على البيان الثاني ـ أي لو كان المستند في اعتبار الشكّ في البقاء هو الروايات ـ فلأنّ الروايات وإن لم تصرّح باعتبار عنوان الشكّ في البقاء إلاّ أنّ ذكر كلمة الشكّ بعد كلمة اليقين في قوله عليه‌السلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » يدلّ على أنّ الشكّ واليقين لا بدّ وأن يكون متعلّقهما واحدا ، فالشكّ يلزم أن يكون متعلّقا بنفس ما تعلّق به اليقين ، ومن الواضح انّ عنوان الفرد لو كان مرآة لخالد فالشكّ واليقين وإن كانا متعلّقين بواحد حيث ان خالدا متيقن ونفسه مشكوك ولكنّه لو كان مرآة لزيد فلا يكون الشكّ واليقين متعلّقين بواحد فإنّ المفروض انّ زيدا على تقدير كونه هو الحادث ممّا يقطع بارتفاعه ولا يشك في ذلك. هذه هي حصيلة الثمرة بين البيانين.

المورد الثاني

والمورد الثاني الذي تظهر فيه الثمرة بين البيانين هي كما يلي : انّ زمان المشكوك تارة يكون متأخّرا عن زمان المتيقّن ومتصلا به (١) واخرى يكون من

__________________

(١) ينبغي الالتفات إلى إنّا لم نقل بأنّ زمان الشكّ قد يكون متأخّرا عن زمان اليقين بل قلنا انّ زمان المشكوك قد يكون متأخّرا عن زمان المتيقن. والمراد من المشكوك والمتيقن ما هو المتعلّق للشكّ واليقين ، وبين المطلبين فرق

١٠١

المحتمل اتّحاده معه.

مثال الأوّل : ما هو المتداول في حالات الاستصحاب المتعارفة كما لو علم بنجاسة الثوب صباحا ثمّ شكّ عند المساء في بقاء النجاسة ، فإنّ زمان المشكوك ـ وهو المساء ـ متأخّر عن زمان المتيقّن ـ وهو الصباح ـ ومتّصل به.

ومثال الثاني : ما إذا كان الزمان الذي فيه المكلّف هو الساعة الثانية ، وعلم انّ ثوبه قد لاقى النجاسة امّا في الساعة الثانية التي هو فيها أو في الساعة الاولى ، ونفرض انّه كان يحتمل انّ النجاسة على تقدير إصابتها للثوب في الساعة الاولى قد زالت وطهر الثوب في الساعة الثانية بينما على تقدير حدوثها في الساعة الثانية فهي باقية ولم يطهر الثوب منها.

في هذه الحالة نرى انّ زمان المشكوك هو الساعة الثانية ، إذ في الساعة الثانية يشكّ في بقاء النجاسة ، كما وانّ المتيقّن ـ وهو النجاسة الحادثة امّا في الساعة الاولى أو الثانية ـ يحتمل حدوثه في الساعة الثانية أيضا. فالساعة الثانية إذن هي زمان المشكوك وهي ممّا يحتمل أن تكون زمانا للمتيقّن حيث انّ النجاسة المتيقّنة يحتمل حدوثها في الساعة الثانية.

وفي مثل هذه الفرضية لا يكون الشكّ في البقاء ـ الذي هو الركن الثاني في الاستصحاب ـ محرزا ، فإنّ الشكّ في البقاء يصدق فيما لو كان زمان المتيقّن الساعة الاولى ، أي فيما لو كانت النجاسة المعلومة بالإجمال قد حدثت في الساعة الاولى ، وأمّا إذا كان زمان المتيقّن الساعة الثانية الذي هو زمان المشكوك أيضا على الفرض فلا يصدق الشكّ في البقاء. وعليه فصدق الشكّ في البقاء وإن كان محتملا ولكنّه ليس محرزا على سبيل الجزم.

١٠٢

وفي هذا المثال وما يضاهيه تظهر الثمرة بين البيانين فإنّه على البيان الثاني الذي يلاحظ فيه لسان الروايات يمكن الإشكال في جريان الاستصحاب باعتبار عدم إحراز صدق عنوان الشكّ في البقاء ، وأمّا على البيان الأوّل فليس تامّا لأنّ البيان الأوّل كان يقول انّ الاستصحاب حكم ظاهري يعتبر في موضوعه الشك ، ومن الواضح انّ الحكم الظاهري يكفي لإشباع حاجته وجود أصل الشكّ ولا يتوقّف على أن يكون الشكّ شكّا في البقاء بل يكفي أن يكون الشكّ في البقاء صادقا ولو على تقدير دون تقدير آخر ، وهذا في المقام صادق فإنّ عنوان الشكّ في البقاء صادق على تقدير حدوث النجاسة المتيقّنة في الساعة الاولى وإن لم يكن صادقا على تقدير حدوثها في الساعة الثانية.

ثمّ يضيف السيد الشهيد بعد ذلك قائلا : انّه يمكن أن يقال بصحّة جريان الاستصحاب حتّى على تقدير الأخذ بالبيان الثاني الناظر إلى لسان الروايات ، فإنّ الروايات لم تعبّر بالشكّ في البقاء حتّى يقال بعدم جريان الاستصحاب وإنّما ذكرت كلمة « الشكّ » بعد كلمة « اليقين » حيث قالت : « لا تنقض اليقين بالشكّ » ، وهذا أقصى ما يستفاد منه انّ متعلّق الشكّ لا بدّ وأن لا يتغاير مع متعلّق اليقين ـ فإذا كان اليقين متعلّقا بعدالة زيد صباحا فلا بدّ وأن يكون الشكّ مساء متعلّقا بعدالة زيد أيضا ولا يكفي تعلّق الشكّ بعدالة خالد (١) ـ سواء صدق عنوان الشكّ في البقاء أو لا ، فإنّ ذلك غير مهم ، ومن الواضح انّ متعلّق اليقين والشكّ في مقامنا واحد ، فإنّ الشكّ في الساعة الثانية متعلّق بنجاسة الثوب ، واليقين أيضا

__________________

(١) هذا هو المقصود من وحدة متعلّق اليقين والشكّ وليس المقصود تعلّق الشكّ بنفس حدوث المتيقّن حتّى يقال بأنّ ذلك مورد قاعدة اليقين

١٠٣

متعلّق بنجاسة الثوب.

وإذا كان الاستصحاب جاريا حتّى على تقدير الأخذ بلسان الروايات فهذا معناه بطلان الثمرة الثانية وانّ الصحيح هو الثمرة الاولى فقط.

ثمّ إنّ الإشكال في جريان الاستصحاب في المثال السابق إذا لم يندفع بالنكتة المتقدّمة ـ وهي انّ الروايات لم تعبّر بالشكّ في البقاء بل أقصى ما يستفاد منها اعتبار وحدة متعلّق اليقين والشكّ ـ وبقي مستحكما لزم في موارد توارد الحالتين المتضادّتين أن لا يجري الاستصحاب في كل طرف حتّى مع فرض عدم معارضته بالاستصحاب في الطرف الآخر ، والحال انّ المعروف بين الأعلام انّ الاستصحاب في كل طرف قابل للجريان لو لم يكن معارضا بالاستصحاب في الطرف الآخر.

ولاستيضاح ذلك لا بدّ من التعرّف أوّلا على المقصود من موارد توارد الحالتين ثمّ التعرّف على وجه عدم قابلية كل طرف لجريان الاستصحاب فيه حتّى بقطع النظر عن المعارضة.

أمّا توارد الحالتين فالمقصود منه ما إذا كان لدينا موضوع واحد علمنا بطرو حالتين متضادّتين عليه ولم نعلم المتقدّم منهما والمتأخّر ، كما لو فرض انّ المكلّف في الساعة الثانية علم إجمالا بأنّه قد صدر منه الحدث والوضوء جزما ، ولكنّه لا يدري هل صدر منه الحدث أوّلا حتّى يكون على وضوء في الساعة الثانية أو صدر منه الوضوء أوّلا حتّى يكون على حدث في الساعة الثانية.

والمعروف بين الأصحاب في هذه الحالة انّ استصحاب الوضوء في نفسه قابل للجريان لو لا معارضته باستصحاب الحدث ، وهكذا استصحاب الحدث في

١٠٤

نفسه قابل للجريان لو لا معارضته باستصحاب الوضوء. بينما لو كان صدق عنوان الشكّ في البقاء معتبرا في جريان الاستصحاب ولم يكف اتحاد متعلّق الشكّ واليقين فاللازم أن لا يجري الاستصحاب في الحدث حتّى لو لم يكن معارضا بالاستصحاب في الوضوء وهكذا يلزم أن لا يجري الاستصحاب في الوضوء حتّى لو لم يكن معارضا بالاستصحاب في الحدث.

والوجه في ذلك : انّ المكلّف يشكّ في الساعة الثانية في صدور الحدث منه فزمان الحدث المشكوك هو الساعة الثانية ، وحيث انّه يحتمل كون الحدث المعلوم بالإجمال قد حصل في الساعة الثانية فهذا معناه انّه يحتمل اتّحاد زمان المتيقّن مع زمان المشكوك ، ولازمه عدم إحراز صدق عنوان الشكّ في البقاء وبالتالي يلزم عدم جريان الاستصحاب في الحدث حتّى بقطع النظر عن استصحاب الوضوء.

وهكذا الكلام نفسه يأتي في استصحاب الوضوء ، أي يلزم عدم جريانه في نفسه حتّى بقطع النظر عن المعارضة لأنّ زمان الوضوء المشكوك هو الساعة الثانية ، وحيث انّ من المحتمل وقوع الوضوء المتيقّن في الساعة الثانية يلزم عدم إحراز صدق عنوان الشكّ في البقاء.

ولعلّ ما ورد في بعض تعابير صاحب الكفاية من تعليل عدم جريان الاستصحاب في بعض الموارد بعدم إحراز اتصال زمان الشكّ بزمان اليقين (١) يراد به هذا المعنى ، أي أنّ زمان المشكوك لمّا كان هو الساعة الثانية وزمان المتيقّن

__________________

(١) يأتي نقل هذا التعبير عند البحث عن جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ ص ٣١٣ من الحلقة وينقل السيد الشهيد لذلك تفسيرين ليس هذا واحدا منهما

١٠٥

حيث انّه يحتمل أن يكون الساعة الثانية أيضا فلا يحرز صدق عنوان الشكّ في البقاء ، أي لا يحرز اتصال زمان الشكّ بزمان اليقين.

صياغة جديدة للركن الثاني

ثمّ انّ الصيغة السابقة للركن الثاني كانت تعبّر بالشكّ في البقاء كما تقدّم.

وقد يصاغ الركن المذكور بصياغة اخرى فيقال : يعتبر في الاستصحاب إحراز صدق عنوان نقض اليقين بالشكّ فيما لو اريد رفع اليد عن اليقين السابق فلو لم يحرز ذلك لم يجر الاستصحاب.

أمّا مثال الحالة التي يحرز فيها صدق عنوان نقض اليقين بالشكّ فواضح حيث انّ ذلك هو الحالة المتعارفة فالثوب إذا كنّا نحرز طهارته صباحا ثمّ شككنا مساء في بقائها فلو لم نرتّب آثار بقائها كان ذلك نقضا لليقين السابق بالشكّ.

وأمّا مثال الحالة التي لا يحرز فيها ذلك فكما لو فرضنا انّ لدينا ثوبين غسلناهما صباحا وتيقّنّا بطهارة كل واحد منهما تفصيلا ، وفي المساء حصل لنا علم إجمالي بأنّ نجاسة قد أصابت ـ أي في المساء ـ أحد الثوبين. فلو أخذنا بالصياغة السابقة وأخذنا عنوان الشكّ في البقاء بعين الاعتبار كان كل واحد من الثوبين قابلا لجريان الاستصحاب لو لا المعارضة إذ كل واحد من الثوبين معلوم الطهارة صباحا ويشك في بقائها مساء.

وأمّا إذا أخذنا بالصياغة الجديدة فلا يقبل الثوبان لجريان الاستصحاب حتّى بقطع النظر عن المعارضة إذ الثوب رقم (١) مثلا حينما نلاحظه نجد الشكّ فيه وإن كان ثابتا ولكنّه في نفس الوقت نحتمل أنّه هو ذاك الثوب الذي علم إجمالا

١٠٦

بطروّ النجاسة عليه ، ومع وجود هذا الاحتمال فلا نحرز انّ رفع اليد عن الطهارة السابقة هو من باب نقض اليقين بالشكّ بل يحتمل أن يكون من باب نقض اليقين باليقين.

ويمكن أن نورد على هذا بإيرادين : ـ

أ ـ انّ ما ذكر مبني على تعلّق العلم الإجمالي بالواقع لا بالجامع وهو مرفوض.

وتوضيح ذلك : انّه لو قلنا بتعلّق العلم الإجمالي بالواقع كما ذهب إلى ذلك الشيخ العراقي ـ وقد مرّ ذلك ص ٧٩ من هذه الحلقة ـ فما ذكر تام ، حيث انّ النجاسة المعلوم طروها بالإجمال إن كانت طارئة واقعا على الثوب رقم (١) فيلزم أن يكون العلم الإجمالي متعلقا بنجاسة الثوب المذكور ، ومعه فلا يكون رفع اليد عن اليقين السابق بالطهارة نقضا له بالشكّ بل باليقين بالنجاسة. ولكنا نرفض هذا المسلك ونقول ان العلم الإجمالي يتعلق بالجامع ، أي بعنوان أحد الثوبين ، فاذا كانت النجاسة واقعا طارئة على الثوب رقم (١) فلا يكون العلم الإجمالي متعلقا به حتى يلزم عدم صدق نقض اليقين بالشكّ بل هو متعلق بنجاسة أحد الإنائين ، فاليقين بالطهارة متعلق بالإناء رقم (١) بينما اليقين الاجمالي بالنجاسة لم يتعلق به بل بأحد الإنائين.

ب ـ إنا لو سلمنا تعلق العلم الإجمالي بالواقع فمع ذلك لا يتم ما ذكر ، اذ حينما يقال بتعلق العلم الإجمالي بالواقع فليس المقصود إنّه يتعلق بالواقع بلا أن يشوبه شكّ ، كلا إنّ هذا غير مقصود وإلاّ يلزم عدم الفرق بين العلم الإجمالي والعلم التفصيلي.

١٠٧

واذا كان العلم المتعلق بالواقع يعيش الى جانبه الشكّ فالاستصحاب في كل واحد من الثوبين يكون قابلا للجريان لو لا المعارضة ، اذ كل طرف مادام يحتوي على الشكّ فلو لم يؤخذ باليقين السابق صدق نقض اليقين في المورد الذي يكون بقاء المتيقن فيه مشكوكا.

إن قلت : ان كل طرف اذا كان يحتوي على العلم والشكّ معا فاللازم عدم جريان الاستصحاب لأنا حينما نرفع اليد عن اليقين السابق بالطهارة فلا نرفعها بسبب الشكّ بل بسبب اليقين بالنجاسة فإنّ العاقل لا يقدم على نقض يقينه السابق بالشكّ ما دام يوجد الى جانبه ـ الشكّ ـ اليقين بل يرفع اليد عن اليقين السابق باليقين اللاحق.

قلت : إنّ هذا الكلام صحيح لو حملنا الباء في قوله عليه‌السلام « بالشكّ » على السببية ، أمّا لو حملناها على الباء بمعنى المورد والمحل فلا يتم ، حيث يصير المعنى لا تنقض اليقين في المورد الذي يوجد فيه شكّ ، وحيث إنّ في كل واحد من الثوبين شكا فيشملهما حديث لا تنقض ويكون الاستصحاب فيهما قابلا للجريان لو لا المعارضة.

وقد تقول : ما هو الدليل على أنّ الباء موردية وليست سببية.

والجواب : انّ الباء لو كانت سببية فلازم ذلك أن يكون المنهي عنه حصة خاصة من النقض ، وهي نقض اليقين بسبب الشكّ ، وأمّا نقض اليقين بسبب آخر كالاستخارة أو القرعة فلا (١) ، وهذا ممّا لا يمكن الإلتزام به فإنّ اليقين السابق

__________________

(١) يمكن أن يقال ان النقض بالاستخارة أو القرعة نقض بسبب الشكّ أيضا لأنّ الاستخارة والقرعة لا يفيدان إلاّ الشكّ

١٠٨

لا يجوز رفع اليد عنه حتى بالاستخارة والقرعة ما دام لم يحصل يقين طارىء معارض له.

قوله ص ٢٤٧ س ٦ : ولكن سيظهر إلخ : وذلك بعد سطرين بقوله : وتتفرع على ركنية الشكّ إلخ.

قوله ص ٢٤٧ س ٦ : آثار إضافية : ذكر منها قدس‌سره أثرين أشار الى الأوّل تحت عنوان القضية الاولى والى الثاني تحت عنوان القضية الثانية.

قوله ص ٢٤٧ س ٧ : فانتظر : الاولى حذف كلمة « فانتظر » لأنها تدل على المدى البعيد والحال انّه سيذكر ذلك في السطر الآتي بقوله : وتتفرع على ركنية إلخ.

قوله ص ٢٤٧ س ٨ : وتتفرع على ركنيه إلخ : هذا إشارة الى الثمرة العملية بين البيانين. والقضيتان هما نفس ما عبرنا عنه سابقا بالموردين.

قوله ص ٢٤٧ س ١١ : جامع الإنسان : أي كلي الإنسان.

قوله ص ٢٤٨ س ١ : كما تقدم في الحلقة السابقة : ويأتي في هذه الحلقة ص ٢٩٥.

قوله ص ٢٤٨ س ٣ : بما هي أفراد : أي لا بما هي إنسان مثلا وإلاّ كان ذلك من استصحاب كلي الإنسان.

قوله ص ٢٤٨ س ٨ : لأننا حينما نلحظ الأفراد إلخ : في التعبير المذكور تأمل والمناسب : لأننا حينما نلحظ الفرد المردد بما هو مرآة للأفراد بعناوينها التفصيلية.

قوله ص ٢٤٨ س ٩ : على كل تقدير : بل على تقدير دون آخر.

قوله ص ٢٤٨ س ١٠ : وإذا لا حظناها بعنوان إجمالي : التعبير المناسب هكذا :

وإذا لا حظناه ـ عنوان الفرد المردد ـ لا بما هو مرآة بل نقصر النظر على الفرد أو

١٠٩

الإنسان الذي دخل المسجد واقعا.

قوله ص ٢٤٨ س ١١ : فالشكّ في البقاء ثابت : أي ولكن الركن الرابع ـ وهو ترتب الأثر العملي ـ غير متوفر.

وكان من المناسب ذكر هذه التكلمة هنا بدل ذكرها بعد أربعه أسطر ليستغنى عن ذكر الأسطر الستة الآتية.

قوله ص ٢٤٨ س ١٢ : فإن اريد باستصحاب الفرد المردد إلخ : هذه العبارة الى نهاية الصفحة تكرار واضح وكان بالإمكان الإستغناء عنها بالطريقة التي أشرنا إليها في التعليق السابق.

قوله ص ٢٤٩ س ١ : ومن هنا نعرف إلخ : هذا شروع في بيان الثمرة بين البيانين.

قوله ص ٢٤٩ س ٤ : مع احتمال قطعنا بخروجه : أوضح من هذا التعبير أن يقال : مع احتمال بقائه على أحد التقديرين.

قوله ص ٢٤٩ س ١١ : وطهر : أي واحتمل أنّه طهر. ولا يلزم فرض القطع بالتطهير بل لعل ذلك مخل ، اذ مع فرض القطع بالتطهير يكون عدم صدق عنوان الشكّ في البقاء مجزوما به لا محتملا كما فرض ذلك قدس‌سره بعد أسطر.

قوله ص ٢٤٩ س ١٢ : أساسا : أي حدوثا.

قوله ص ٢٥٠ س ٢ : وما قبله : كان من المناسب الإشارة بعد هذه العبارة الى الثمرة بين البيانين كما صنع ذلك في القضية الاولى.

قوله ص ٢٥٠ س ٨ : لا من أجل التعارض : هذا بيان لقوله « في نفسه ».

١١٠

الشبهات الحكمية في ضوء الركن الثاني

قوله ص ٢٥٢ س ٦ : وقد يقال إنّ الركن الثاني إلخ : عرفنا سابقا إنّ الركن الثاني للاستصحاب هو الشكّ في البقاء أو ما يقرب من ذلك من صياغات اخرى.

وهنا نقول انّ هذا الركن بجميع صيغه قد يسبب الإشكال في إمكان جريان الاستصحاب في باب الشبهات الحكمية.

ومثال ذلك : المرآة الحائض فان الدم ما دام لم ينقطع عنها أيام العادة يحرم على زوجها الإتصال الجنسي بها فإذا انقطع ولم تغتسل بعد فهل يجوز لزوجها الإتصال بها أو لا؟ إنّ هذه شبهة حكمية حيث انّ المشكوك هو الحكم الشرعي الكلي.

والمعروف صحة جريان الاستصحاب في الشبهة المذكورة (١) فيقال إنّ الحرمة كانت ثابتة سابقا عند نزول الدم فإذا شكّ في إنقطاعها عند انتهاء الدم جرى استصحابها. والإشكال يقول ان لازم الركن الثاني السابق عدم جريان

__________________

(١) وخالف في ذلك الشيخ النراقي قدس‌سره والسيد الخوئي ( دام ظلّه ) حيث ذهبا الى عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية كما يأتي ذلك فيما بعد انشاء الله تعالى.

ثم إنّه يمكن التمثيل أيضا للشبهة الحكمية بمثال الماء المتغير فإنّ ماء الكر اذا تغير بالنجاسة فلا إشكال في تنجسه ، وأمّا إذا زال تغيره من قبل نفسه بدون إلقاء كر عليه ففي ثبوت الطهارة له وزوال النجاسة عنه كلام وإشكال. وقد قيل ببقائه على النجاسة تمسكا باستصحاب نجاسته السابقة. وهذا استصحاب في شبهة حكمية

١١١

الإستصحاب المذكور حيث انّه ـ الركن الثاني ـ يعتبر الشك في البقاء ، وفي الشبهات الحكمية لا يوجد شكّ في البقاء إذ المجال لثبوت الحكم الشرعي ليس هو إلاّ عالم الجعل والتشريع ، فحرمة الاتّصال الجنسي لا وجود لها إلاّ في عالم الجعل والتشريع ، وإذا رجعنا الى هذا العالم نجد انّ الأحكام الثابتة فيه ثابتة في آن واحد بلا تقدم لبعضها وتأخر للآخر ، ففي ذلك العالم ثبت في آن واحد حرمة الإتصال إن كان الدم ينزل والحرمة لو إنقطع الدم قبل الإغتسال والجواز بعد حصول الإغتسال ، إنّ هذا الأحكام شرعها الله سبحانه في آن واحد لا انّه شرع الحرمة الاولى وبقي تشريع الحرمة الثانية ينتظر انقطاع الدم وتشريع الجواز منتظرا حصول الاغتسال.

واذا كان تشريع هذه الأحكام الثلاثة قد حصل في وقت واحد فلا يمكن صدق الشكّ في بقاء الحرمة ، إنّ الحرمة الاولى لم تشرع أوّلا ليكون الشكّ في ثبوت الحرمة بعد إنقطاع الدم شكا في بقاء تلك الحرمة. وعليه فالشكّ في الحرمة الاولى ليس شكا في البقاء بل هو شكّ في أصل الحدوث فلا يجري الاستصحاب فيها ، فإنّ جريان الاستصحاب يحتاج الى يقين سابق وشكّ في البقاء ، وكلا هذين غير ثابت. أمّا الأوّل فلأنّ الحرمة المتيقنة هي الحرمة الاولى دون الحرمة الثانية. وأمّا الثاني فلان الحرمة الثانية لا يوجد شكّ في بقائها بل يشكّ في أصل حدوثها.

والجواب عن هذه الشبهة : إنّ موطن ثبوت الحكم لا ينحصر في عالم الجعل ليقال بعدم تحقق الشكّ في البقاء في هذا العالم بل له موطن ثان وهو عالم المجعول والفعلية ، أي عالم الخارج ، فإنّه في الخارج تتصف المرأة الحائض بالحرمة أيضا

١١٢

فيشار الى المرأة خارجا ويقال هذه يحرم الإتصال الجنسي بها. ومثل هذه الحرمة الثابتة في عالم الخارج لها حدوث واستمرار وتقبل ذلك ـ لا كالحرمة في عالم الجعل ـ فيقال إنّ هذه المرأة كانت متصفة حين نزول الدم منها بالحرمة فإذا شكّ الآن في بقاء الحرمة لها جرى استصحابها.

وإن شئت قلت : إنّ الإشكال السابق يبتني على حصر موطن ثبوت الحرمة في عالم الجعل ، وهذا مطلب غير صحيح ـ فإنّ الحرمة لو انحصر موطنها في عالم الجعل لزم عدم ثبوت الحرمة للمرأة في عالم الخارج وكان من الجائز الإتصال الجنسي بها حالة نزول الدم لأنّ الحرمة مختصة بعالم الجعل وليست ثابتة في غيره ـ فإنّ الحرمة تثبت للموضوع الخارجي وتقبل الإتصاف بالحدوث والبقاء ويجري الاستصحاب بلحاظ هذا العالم وإن لم يمكن جريانه بلحاظ عالم الجعل.

قوله ص ٢٥٢ س ٦ : ان الركن الثاني : مهما كانت صيغته.

قوله ص ٢٥٢ س ٨ : بعد زوال التغير : أي من قبل نفسه.

قوله ص ٢٥٢ س ١٠ : فكل المجعول : ليس المقصود من المجعول هنا الحكم الفعلي بل الحكم الذي جعله الله سبحانه وشرّعه.

قوله ص ٢٥٣ س ١ : فإن حصص المجعول فيه : أي الحكم الذي جعل في عالم الجعل.

قوله ص ٢٥٣ س ٢ : عالم المجعول : المراد من عالم المجعول هنا عالم الحكم الفعلي.

١١٣
١١٤

الركن الثالث أو وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة

قوله ص ٢٥٣ س ٧ : وهذا هو الركن الثالث : والركن الثالث من أركان الاستصحاب على ما تقدمت الإشارة له هو اتّحاد المشكوك مع المتيقن.

والوجه في ركنيته : انّه بدونه لا يصدق الركن الثاني ، فبدون إتّحاد المشكوك والمتيقن لا يصدق الشكّ في البقاء ، فاذا كنّا على يقين من عدالة زيد صباحا وحصل الشكّ في عدالة خالد مساء لم يكن الشكّ المذكور شكا في بقاء العدالة السابقة بل شكّ في عدالة اخرى.

ومن خلال هذا يتضح انّ هذا الركن الثالث ليس ركنا مستقلا في مقابل الركن الثاني بل هو أمر متفرع عليه ولا يستحق الذكر مستقلا تحت عنوان الركن الثالث.

ثم إنّ هذا الركن له صياغتان : صياغة للشيخ الآخوند ـ وهي اتحاد المشكوك والمتيقن ، وبكلمة اخرى وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة (١) ـ وصياغة للشيخ الأنصاري ، وهي إحراز بقاء الموضوع.

وقد واجه هذا الركن بصيغته الثانية إشكالا في الشبهات الموضوعية وبكلتا صيغتيه إشكالا في الشبهات الحكمية.

__________________

(١) وهذه الصياغة هي التي ذكرها السيد الشهيد في العنوان حيث كتب في العنوان « وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة »

١١٥

الإشكال في الشبهات الموضوعية

ذكر الشيخ الأعظم قدس‌سره في كتابه الرسائل الصياغة التالية للركن الثالث : يشترط في الاستصحاب إحراز بقاء الموضوع اذ بدون إحراز بقائه لا يكون الشكّ شكا في البقاء. وعلى هذا فلو كان عندنا خشب متنجس وتبدل بالاحتراق الى الرماد وشكّ في بقاء نجاسته لم يجر استصحابها لأنّ موضوع النجاسة وهو الخشب إن لم ينعدم جزما عند صيرورته رمادا فلا أقل من احتمال ذلك.

والركن الثالث بهذه الصياغة يلزم منه عدم جريان الاستصحاب في بعض الموارد نذكر منها اثنين : ـ

أ ـ اذا كان عندنا شيء موجود ثم شكّ في بقائه على الوجود فلا إشكال في صحة جريان استصحاب وجوده ، مع أنّ لازم الركن الثالث عدم جريانه لأنّ المستصحب هو الوجود ، وموضوعه هو الماهية ، ولازم الشكّ في بقاء الوجود الشكّ في بقاء الماهية لأنّ الماهية لا تتحقق إلاّ بالوجود فعند الشكّ في بقائه يشك في بقاء الماهية فيلزم عدم إحراز بقاء الموضوع فلا يجري الاستصحاب.

ب ـ إذا كان زيد عادلا في الزمان السابق ثم شكّ في بقاء عدالته فتارة يحرز بقائه على قيد الحياة ويشكّ في بقاء عدالته ، وفي هذه الحالة لا إشكال في صحة جريان استصحاب العدالة لأنّ الموضوع وهو حياة زيد محرز التحقق ، واخرى يفرض الشكّ في بقائه على قيد الحياة فيلزم عدم جريان استصحاب العدالة لعدم إحراز تحقق موضوعها وهو الحياة (١).

__________________

(١) أجل يمكن استصحاب الحياة أوّلا ليحرز بذلك الموضوع ثم يجرى استصحاب العدالة ـ

١١٦

والإشكال في الموردين المذكورين نشأ من صياغة الركن الثالث المقترحة من قبل الشيخ الأعظم حيث عبّر بأنّه يلزم في جريان الاستصحاب احراز بقاء الموضوع ، وفي هذين الموردين حيث لا يحرز بقاء الموضوع فيرد الإشكال. وحيث انّه لا وجه صحيح لهذه الصياغة ـ اذ الأخبار عبّرت بلا تنقض اليقين بالشكّ ، وهذا لا يستفاد منه الصياغة المذكورة بل أقصى ما يستفاد منه أنّ المشكوك لا بدّ من اتحاده مع المتيقن بقرينه ذكر الشكّ بعد اليقين ، والتعبير بالنقض اذ بدون ذلك لا يصدق النقض ـ عدل الشيخ الآخوند الى صياغة اخرى للركن الثالث ، وهي أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد المشكوك مع المتيقن.

وبناء على هذه الصياغة لا مانع من جريان الاستصحاب في الموردين السابقين ، ففي المورد الأوّل حيث انّ متعلق الشكّ هو وجود الماهية ومتعلق اليقين هو وجود الماهية أيضا فاستصحاب الوجود يجري وإن كان موضوعه وهو الماهية غير محرز البقاء. وهكذا في المورد الثاني لا مانع من جريان الاستصحاب إذ متعلّق الشكّ هو عدالة زيد ومتعلق اليقين هو عدالة زيد أيضا فيجري استصحاب بقائها وإن كان موضوعها وهو حياة زيد ليس محرزا.

والخلاصة إنّ ما ذكره الشيخ الأعظم من افتراض أنّ المستصحب عرض كالعدالة مثلا ـ حيث إنها هي المستصحب في المورد الثاني وهي عرض ـ وافتراض موضوع لها ، وهو حياة زيد ، وافتراض لزوم إحراز بقاء الموضوع لا مبرر له.

__________________

ـ بعد ذلك.

وقد صرح بذلك الشيخ الأعظم نفسه في الرسائل ص ٤٠٠ س ١٣ طبع رحمة الله

١١٧

قوله ص ٢٥٣ س ١٤ : وواجه في كلا المجالين إلخ : ولكن الإشكال في الشبهة الموضوعية لم ينشأ من صياغة الركن الثالث بالشكل المذكور في العنوان ، أي « وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة » وإنّما نشأ من الصياغة الاخرى المقترحة من قبل الشيخ الأعظم ، فكان من المناسب الإشارة الى أنّه واجه الإشكال في الشبهات الموضوعية على صياغة الشيخ الأعظم وواجهه بكلتا صيغتيه في الشبهات الحكمية.

قوله ص ٢٥٤ س ١٢ : من الصفات الثانوية : كالعدالة فإنّها صفة ثانية متأخرة عن الوجود.

الإشكال في الشبهات الحكمية

قوله ص ٢٥٥ س ٩ : وعند تطبيق هذا الركن إلخ : ذكرنا انّه بناء على الركن الثالث بكلتا صيغتيه يرد الإشكال على الاستصحاب في الشبهات الحكمية. ولنذكر أولا مثالا للاستصحاب في الشبهات الحكمية ثم نوضح كيفية ورود الإشكال عليه.

مثال ذلك : الماء المتغير بالنجاسة ، فإنّه نجس بلا إشكال ولكن اذا زال تغيره من قبل نفسه يحصل الشكّ في بقاء نجاسته. والمعروف التمسك لإثبات بقاء نجاسته بالاستصحاب فيقال انه كان نجسا حالة التغير فاذا شكّ في زوالها استصحب.

وهذا الاستصحاب يمكن الإشكال عليه بناء على صياغة الشيخ الآخوند للركن الثالث ـ وهي اشتراط اتحاد المشكوك والمتيقن ـ بأنّ الشكّ في بقاء الحكم

١١٨

السابق لا يمكن حصوله الاّ إذا إفترض زوال بعض الخصوصيات السابقة الثابتة حالة اليقين اذ مع بقاء الخصوصيات بكاملها لا يتصور الشكّ كي يجري الإستصحاب ، فخصوصية الماء وخصوصية التغير إذا كانتا باقيتين ولم تنعدم إحداهما كان بقاء النجاسة قطعيا ولا يمكن جريان الاستصحاب. ومع افتراض زوال بعض الخصوصيات ـ كما لو افترض زوال خصوصية التغير ـ فلا يكون المشكوك متحدا مع المتيقن اذ المتيقن هو نجاسة الماء المتغير بينما المشكوك هو نجاسة الماء غير المتغير.

أجل هناك صورة واحدة يمكن فيها افتراض بقاء الخصوصيات بكامل حذافيرها ورغم ذلك يحصل الشكّ في بقاء الحكم ، وهذا كما في حالة احتمال النسخ ، فإنّ خصوصية الماء وخصوصية التغير قد تكونان باقيتين ومع ذلك يحتمل ارتفاع النجاسة من جهة احتمال نسخ الحكم بالنجاسة ورفعه عن الماء المتغير في التشريع الإسلامي فيجري استصحاب بقاءه بلا اختلال للركن الثالث.

ولكن هذا لا يمكن افتراضه الاّ في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم ، إذ في زمانه يمكن احتمال النسخ ، وأمّا في زماننا الذي نعيش فيه وهو ما بعد زمان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحيث لا يحتمل فيه النسخ فلا يمكن تصور الشكّ في بقاء الحكم الاّ مع انتفاء بعض الخصوصيات (١).

__________________

(١) الخصوصية الزائلة على نحوين فتارة تكون مدخليتها في ثبوت الحكم سابقا متيقنة ـ كما في مثال الماء المتغير ، فإنّ خصوصية التغير لها مدخلية في ثبوت النجاسة ولولاها لم تثبت النجاسة سابقا ـ ويشكّ في مدخليتها بقاء ، واخرى تكون مدخليتها في ثبوت الحكم سابقا محتملة كما هو الحال في خصوصية الحضور زمن المعصوم عليه‌السلام ، فإنّ المكلّف إذا كان يعيش زمن المعصوم ـ

١١٩

هذا على صياغة الشيخ الآخوند للركن الثالث.

وأمّا على صياغة الشيخ الأنصاري ـ وهي أنّه لا بدّ من إحراز بقاء الموضوع ـ فوجه الإشكال انّ الموضوع ليس الاّ عبارة عن خصوصية الماء وخصوصية التغير ، اذ الموضوع ليس الاّ عبارة عن مجموع الخصوصيات التي يفترضها المولى عند تشريعه للحكم ، فالمولى عند جعله للحكم بالنجاسة يفترض الماء والتغير ويقول لو كان هناك ماء وكان متغيرا بالنجاسة فهو نجس. واذا فرضنا تركب الموضوع من خصوصية الماء وخصوصية التغير وافترضنا انتفاء خصوصية التغير ـ ليحصل الشكّ في البقاء ـ فلازم ذلك عدم إحراز بقاء الموضوع لاحتمال مدخلية خصوصية التغير في موضوع الحكم بالنجاسة.

هذا هو حصيلة الإشكال على كلتا الصياغتين للركن الثالث.

وقبل الجواب عنه نذكر مقدمة حاصلها : إنّ كل عرض من الأعراض يحتاج الى موضوع والى سبب. وهو ـ العرض ـ يتعدد بتعدد موضوعه ولا يتعدد بتعدد سببه. فمثلا الحرارة عرض من الأعراض ، وتحتاج الى موضوع كالماء أو الخشب ، وأمّا مع افتراض وحدة الموضوع فالحرارة واحدة وإن تعدد سببها ، فالماء الواحد إذا حدثت له الحرارة سابقا بسبب النار ثم بقت بسبب الشمس لم يكن ذلك سببا لتعددها بل هي واحدة وإن كانت ذات سببين.

وباتضاح هذه المقدمة نأخذ بعرض الجواب. وحاصله : إنّ النجاسة مثلا عرض تحتاج الى موضوع وهو الماء أو البول ، وتحتاج الى سبب كالتغير مثلا.

__________________

ـ فيتيقن بثبوت وجوب صلاة الجمعة عليه وإذا عاش زمن الغيبة شك في بقاء ذاك الوجوب عليه لاحتماله مدخلية خصوصية الحضور في ثبوت الوجوب سابقا

١٢٠