الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٣

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-27-8
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٦

الحدّ ليس له محكي وما بازاء في الخارج ـ فإن المحكي في الوجوب المطلق ذات الطبيعة لا أكثر ـ فلا يتنجز ولا تشتغل به الذمة.

قوله ص ١٧٢ س ١١ : بخلاف التقييد : حيث ان له محكيا يراد إيجابه زائدا على ذات الطبيعة فيمكن دخوله في العهدة.

قوله ص ١٧٢ س ١١ : فإن اريد ... : أي وباتضاح هذا نقول ...

قوله ص ١٧٢ س ١٢ : لأنّ الاطلاق لا يقبل التنجيز : أي والتقييد وإن قبل التنجيز الاّ ان الجامع بين ما يقبل التنجيز وما لا يقبله لا يقبل التنجز.

قوله ص ١٧٢ س ١٥ : ولكن سيظهر ... : أي في الجواب الثالث الآتي بقوله « ومنها : إنّه لو لوحظ ... ».

قوله ص ١٧٣ س ١٣ : بتركه رأسا : أي بترك الأكثر رأسا ، فان ترك الاكثر تارة يحصل مع فرض الاتيان بالاقل واخرى يتحقق بترك الاقل ايضا بأن لا يؤتى بشيء من الاجزاء رأسا. والمقصود الاشارة الى هذه الحالة الثانية ، وامّا الحالة الاولى ـ وهي ترك الاكثر مع افتراض الاتيان بالاقل ـ فهي لا تتلائم مع اجراء اصل البراءة.

قوله ص ١٧٣ س ١٧ : وهذا بيان صحيح : أي كالبيان السابق.

قوله ص ١٧٤ س ١ : الاول والثاني : الركن الاول هو اعتبار وجود علم متعلق بالجامع ، والركن الثاني هو عدم سراية العلم من الجامع الى الفرد ، والركن الثالث هو تعارض في الاطراف.

البرهان الثاني

تقدم ان المكلّف لو شك في جزئية بعض الأشياء ـ كما إذا شكّ في جزئية

٤٤١

جلسة الاستراحة للصلاة ـ دار الأمر عنده بين وجوب الأقل ووجوب الأكثر. وفي مثل ذلك قد يقال بوجوب الاحتياط ولزوم الإتيان بالجزء المشكوك ويستدل على ذلك بعدة براهين.

وقد فرغنا من البرهان الأوّل مع مناقشاته الأربع. والآن يقع الكلام في البرهان الثاني على ذلك. وهو مركب من نقاط أربع هي (١) : ـ

١ ـ ان وجوب أي واجب من الواجبات ينشأ من وجود غرض معين يدعو الى وجوبه ، فإنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد في رأي العدلية خلافا للاشاعرة حيث قالوا بعدم لزوم نشوء الأحكام من المصالح والمفاسد.

٢ ـ ان العقل يحكم بلزوم تحصيل الغرض بعد العلم بثبوته واقعا وعدم تردده وإن كنّا لا نشخصه ، فكما ان تحصيل متعلق الوجوب لازم كذلك تحصيل الغرض لازم بنظر العقل لأنّه روح الحكم وحقيقته.

٣ ـ انّ الواجب وان أمكن ان يدور أمره بين الأقل والأكثر إلاّ ان الغرض لا يدور أمره بين الأقل والأكثر بل هو دائما أمر وحداني غاية الأمر يشكّ في حصوله بالأقل أو بالأكثر (٢).

٤ ـ انه إذا شكّ في حصول الغرض بالأقل أو بالأكثر كان المورد من موارد الشكّ في المحصل للغرض. وفي موارد الشكّ في المحصل يحكم العقل بلزوم

__________________

(١) جعل السيد الشهيد النقاط ثلاثا ، ونحن جعلناها أربعا حيث نرى المناسب جعل النقطة الثانية نقطتين. ثمّ انّ هذا البرهان مذكور في كلمات جماعة منهم الآخوند في كفايته

(٢) سيتضح من خلال مناقشة هذا البرهان وجه الحاجة الى هذه النقطة

٤٤٢

الاحتياط والإتيان بالأكثر ليحصل اليقين بتحقق الغرض. وهذا هو المطلوب.

ويمكن مناقشة هذا البرهان تارة بلحاظ النقطة الثالثة واخرى بلحاظ النقطة الثانية.

أمّا بلحاظ النقطة الثالثة فباعتبار انّا لا نسلم ان الغرض أمر وحداني دائما بل من الممكن دورانه بين الأقل والأكثر ، فأكل الطعام مثلا له غرض وهو سدّ الرمق والتلذذ ، وسدّ الرمق يحصل بتناول الطعام بجميع أنواعه بينما التلذذ لا يحصل إلاّ ببعض الأطعمة. إذن المرتبة الأقل من الغرض تحصل بالطعام بأي أنواعه بينما المرتبة العالية منه لا تحصل إلاّ ببعض معين من الطعام.

واذا أمكن دوران أمر الغرض بين الأقل والأكثر. فنحتمل في غرض الصلاة وكل واجب من الواجبات الاخرى ان يكون كذلك فالمرتبة الأقل منه تحصل بالاجزاء التسعة بينما المرتبة العالية منه تحصل بالأجزاء العشرة. ومع وجود هذا الإحتمال صح ان نقول نحتمل ان الغرض من الصلاة ذو مراتب ، وبمرتبته الأقل نجزم بوجوده فيلزم تحصيله بالإتيان بالأجزاء التسعة وبمرتبته العالية نشكّ في أصل وجوده ، والأصل عدم وجوده فلا يلزم تحصيله بالإتيان بالأكثر.

وأمّا بلحاظ النقطة الثانية فباعتبار انّه وإن اشتهر على الألسن ان الغرض يجب تحصيله وعند دوران أمر محصّله بين الأقل والأكثر يلزم الاحتياط إلاّ ان هذا بلا مستند ، فإنّ العقل لا يلزم بتحصيل غرض المولى مطلقا وإنّما يحكم بلزوم تحصيله بعد علم المكلّف به ووصوله إليه بالمقدار الذي تصدى المولى لحفظه ، أي بمقدار ما جعل على طبقه حكما ، فلو علمنا بوجود غرض للمولى وفرض انه لم يجعل على طبقه حكما فلا يلزم تحصيله.

٤٤٣

وباتضاح هذا نقول إنا وان كنا نجزم بوجود غرض في الحكم بوجوب الصلاة ونفرض ان ذلك الغرض أمر وحداني ولكن نقول إنّه بمقدار الأجزاء التسعة يلزم تحصيله حيث تصدى المولى لحفظه بهذا المقدار باعتبار الجزم بجعل الوجوب للأقل ، وأمّا بمقدار الجزء العاشر فلم يثبت تصدي المولى لحفظه وجعل حكم على طبقه فلا يحكم العقل بلزوم تحصيله.

البرهان الثالث

إنّا نسلم عدم العلم إلاّ بوجوب الاجزاء التسعة ولكن مع ذلك يجب الإتيان بالجزء العاشر حيث نحتمل انّ وجوب الاجزاء التسعة وجوب ضمني ـ فإنّ الوجوب إذا كان ثابتا للأكثر فوجوب الأقل يصير وجوبا ضمنيا ـ ونحن نعرف ان امتثال الواجبات الضمنية ترابطي بمعنى أنّه لا يحصل امتثال وجوب أحد الأجزاء إلاّ بامتثال وجوب بقية الاجزاء. فلاجل ان يقطع المكلّف بسقوط وجوب الأقل عنه وفراغ ذمته منه يلزمه الإتيان بالجزء العاشر لا لأجل الشكّ في وجوبه ـ الجزء العاشر ـ ليقال ان ذلك شكّ في أصل التكليف وهو مجرى للبراءة بل لعدم الجزم بسقوط الوجوب اليقيني للأقل بدون ذلك ، ومن الواضح ان العقل يحكم في موارد الشكّ في سقوط الوجوب المعلوم بلزوم تحصيل اليقين بسقوطه فإنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية.

وفيه : ان الشكّ في سقوط الوجوب اليقيني ليس مجرى للاحتياط مطلقا بل ينبغي التفصيل بين حالتين ، فمتى ما كان الشكّ في سقوط الوجوب ناشئا من الشكّ في الإتيان بمتعلقه لزم الإحتياط ـ كمن شكّ في الإتيان بصلاة الظهر

٤٤٤

وعدمه ، فإنّ الشكّ المذكور يستتبع الشكّ في سقوط وجوب صلاة الظهر فيلزم العقل بالاحتياط ـ وأمّا إذا جزم المكلّف بالإتيان بمتعلق الوجوب ومع ذلك شكّ في سقوط الوجوب فلا يحكم العقل بلزوم الإحتياط ، وهذا كما هو الحال في مقامنا فإنّ وجوب الأقل متعلق بالأقل جزما. والمفروض أنّ المكلّف اتى به ولكن مع ذلك يشكّ في سقوط الوجوب ـ أي وجوب الأقل ـ عنه من حيث انّه يحتمل كون وجوبه وجوبا ضمنيا يرتبط امتثاله بالإتيان بالجزء العاشر ، وفي مثل ذلك إذا جرى أصل البراءة عن وجوب الجزء العاشر صار المكلّف في أمان من احتمال العقوبة على عدم سقوط الأمر بالأقل الناشىء من إحتمال كون وجوبه وجوبا ضمنيا مرتبطا بالإتيان بالجزء العاشر ، وبعد الحصول على ورقة الأمان هذه من الشارع بوساطة أصل البراءة لم يعد العقل حاكما بلزوم الإحتياط والإتيان بالجزء العاشر ويكتفي بالإتيان بالأقل.

وان شئت قلت : إنّ مخالفة الوجوب المتعلق بالأقل تحصل جزما بترك الأقل ولكنا نشكّ في حصولها بترك الجزء العاشر أيضا فإحدى المخالفتين معلومة والمخالفة الثانية مشكوكة فنجري أصالة البراءة عن أصل ثبوت المخالفة الثانية لأنّ ثبوتها يلزم منه الضيق على المكلّف فاذا شكّ في ثبوت الضيق المذكور أمكن نفيه بالبراءة.

البرهان الرابع

وهذا البرهان للشيخ العراقي ذكره لا في مطلق الموارد التي يشكّ فيها في وجوب الزائد بل في خصوص الواجبات التي يحرم قطعها مثل الصلاة بناء على

٤٤٥

حرمة قطعها.

وحاصل البرهان : ان المكلّف لو شرع في الصلاة بتكبيرة ملحونة وشكّ في إجزائها عن التكبيرة الصحيحة حصل له علم إجمالي امّا بوجوب الإتيان بالزائد ، أي تكبيرة جديدة صحيحة (١) أو بوجوب الإستمرار في الصلاة وحرمة قطعها بالتكبيرة الجديدة. وحيث إنّ أصل البراءة عن وجوب الإتيان بالتكبيرة الجديدة معارض بأصل البراءة في الطرف الثاني فيكون العلم الإجمالي المذكور منجزا ويثبت بذلك وجوب الإحتياط والإتيان بالتكبيرة الجديدة ولا يمكن اجراء البراءة عن وجوبه لفرض المعارضة.

وقد تسأل : كيف يتحقق الإحتياط في المقام ، فإنّ الإتيان بالتكبير الجديد وبالتالي قطع الصلاة كما يحتمل وجوبه كذلك يحتمل حرمته؟ أجاب الشيخ العراقي عن هذا السؤال في نهاية الأفكار (٢) ج ٣ ص ٤١٨ بإنّ الاحتياط يتحقق باتمام الصلاة والشروع بصلاة جديدة.

والنتيجة من خلال هذا البيان كله : انا كنا بصدد إثبات وجوب الإتيان بالزائد عند الشكّ في جزئيته (٣) ، وقد ثبت ذلك بهذا البرهان.

وفيه : انّه لم يتم دليل على حرمة قطع الصلاة مطلقا وإنّما ثبت بالدليل

__________________

(١) وهذا معناه بعبارة اخرى وجوب قطع الصلاة

(٢) وهو كتاب يتضمن تقرير درسه الشريف

(٣) وبهذا اتضح كيفية كون المقام من موارد التردد بين الأقل والأكثر ، فإنّ وجوب الإتيان بالتكبير الجديد معناه وجوب الأكثر بينما عدم وجوب الإتيان بها ـ أي وجوب الإستمرار في الصلاة وحرمة قطعها ـ عبارة اخرى عن وجوب الأقل

٤٤٦

حرمة القطع في حالة واحدة ، وهي ما إذا كانت الصلاة محكومة ظاهرا وفي نظر الشارع بالصحة وعدم لزوم إعادتها من جديد.

وبناء على هذا لا تكون الاصول متعارضة في الطرفين بل يجري الأصل لنفي وجوب الزائد ـ أي التكبير الجديد ـ دون أن يعارض بالأصل في الطرف الثاني.

والوجه في ذلك : ان موضوع حرمة القطع ما دام هو الصلاة المحكومة بالصحة ظاهرا فلا بدّ في المرحلة الاولى من إجراء أصل البراءة عن وجوب الإتيان بالتكبير الجديد ، فاذا جرى الأصل المذكور ثبتت صحة الصلاة في الظاهر ووجوب الاستمرار فيها ، وبعد ثبوت صحة الصلاة ظاهرا بالأصل يثبت حرمة قطعها. إذن حرمة القطع على ضوء هذا البيان موقوفة وفي طول جريان البراءة عن وجوب الزائد ، وما دامت موقوفة على جريان البراءة عن وجوب الزائد فلا معنى لأن يعارض أصل البراءة عن حرمة القطع أصل البراءة عن وجوب الزائد إذ بجريان البراءة عن وجوب التكبير الجديد يثبت وجوب الصلاة وحرمة قطعها فكيف تجري البراءة بعد ذلك عن حرمة القطع ، إنّ لازم ذلك ثبوت حرمة القطع وانتفاؤها معا فهي ثابتة لفرض جريان البراءة عن وجوب التكبير الجديد ، وهي منتفية لفرض جريان البراءة عن الحرمة (١).

__________________

(١) ويمكنك ذكر بيان آخر بان تقول ان جريان أصل البراءة عن حرمة القطع يلزم من وجوده عدمه ، فإنّه بجريانه يثبت جواز قطع الصلاة وعدم صحتها وبثبوت ذلك لا يبقى إحتمال لحرمة القطع ـ بل يكون القطع جائزا جزما ـ حتى تجري البراءة لنفيه

٤٤٧

البرهان الخامس

وقبل عرض هذا البرهان نذكر مقدمة حاصلها : إنّ المكلّف لو أتى بالأكثر وكان الواجب واقعا الأقل فهل يقع عمله صحيحا أو لا؟ والجواب : إنّ في ذلك ثلاث حالات : ـ

أ ـ الإتيان بالأكثر بقصد امتثال الأمر الواقعي الموجه إليه. وفي هذه الحالة لا إشكال في الاجزاء.

ب ـ الإتيان بالأكثر بقصد إمتثال الأمر بالأكثر بتخيل أنه هو الأمر الواقعي اشتباها. وفي هذه الحالة لا إشكال في الإجزاء أيضا.

ج ـ الإتيان بالأكثر بقصد امتثال أمر الأكثر على وجه التقييد ، بمعنى تقييد قصد امتثاله بما إذا كان الأمر أمرا بالأكثر بحيث لو كان الامر أمرا بالأقل فلا يكون قاصدا لأمتثاله. وفي هذه الحالة ذهب مشهور الفقهاء الى عدم صحة العمل لعدم قصد امتثال الأمر بالاقل. بيد أنّه يمكن الحكم بصحة العمل أيضا ببيان يأتي فيمّا بعد انشاء ..

وباتضاح هذه المقدمة نعود الى البرهان الخامس. إنّ هذا البرهان مركب من مقدمتين : ـ

١ ـ ان تردد الواجب له ثلاث حالات : ـ

أ ـ ان يكون مترددا بين المتباينين ، كتردد الواجب يوم الجمعة بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر. وفي هذه الحالة لا إشكال في وجوب الاحتياط بالأتيان بكلتا الصلاتين.

٤٤٨

ب ـ ان يكون مترددا بين الأقل والأكثر كتردد اجزاء الصلاة بين التسعة والعشرة. وهذه الحالة هي محل النزاع والكلام في أنّه هل يجب فيها الإحتياط بإتيان الأكثر أو لا.

ج ـ ان يكون مترددا بين عامين من وجه ، كما إذا أمر المولى بالإكرام وتردد بين كونه إكرام العادل أو إكرام الهاشمي ، فإنّ بين إكرام العادل وإكرام الهاشمي عموما من وجه ، إذ قد يجتمعان معا كاكرام شخص واحد يجمع العدالة والهاشمية ، وقد يتحقق أحدهما دون الثاني.

وفي هذه الحالة لا إشكال أيضا في وجوب الإحتياط بالإتيان بكلا الإكرامين ، وذلك بإكرام شخص واحد يجمع العنوانين أو اكرام شخصين أحدهما عادل والآخر هاشمي.

ولكن لماذا يجب الاحتياط؟ النكتة واضحة حيث يوجد علم إجمالي بوجوب أحد الإكرامين فامّا أنّه يجب إكرام العادل أو إكرام الهاشمي فيجب الاحتياط لمنجزية العلم الإجمالي ، وذلك شبيه بالعلم بثبوت الوجوب يوم الجمعة أمّا للظهر أو للجمعة.

وبهذا تنتهي النقطة الاولى. والمقصود منها بيان الحالة الثالثة أي حالة تردد الواجب بين العامين من وجه وبيان أن الإحتياط فيها واجب.

٢ ـ وفي هذه النقطة يراد إثبات ان التردد بين الأقل والأكثر يرجع الى التردد بين العامين من وجه ، ويلزم من ذلك وجوب الاحتياط حيث ذكر في النقطة الاولى ان الإحتياط عند التردد بين العامين من وجه لازم.

ولإثبات ذلك نقول : حيث إنّ امتثال الأمر بالأقل وامتثال الأمر بالأكثر

٤٤٩

قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما بالتحقق دون الآخر فالنسبة بينهما على هذا هي العموم من وجه.

أمّا انهما يجتمعان احيانا فكما لو أتى المكلّف بالأكثر بقصد امتثال الأمر الواقعي. وأمّا تحقق امتثال الأمر بالأقل فقط فكما لو أتى بالأقل بقصد أمره.

وأمّا تحقق امتثال الأمر بالأكثر فقط ففي ذلك شيء من الخفاء باعتبار ان الآتي بالأكثرات بالأقل جزما فكيف يتحقق امتثال الأكثر بدون امتثال الأقل؟

هذا ولكن يمكن تصوير ذلك بناء على المبنى الفقهي لمشهور الفقهاء المشار له في المقدمة ، وهو أن يأتي المكلّف بالأكثر بقصد إمتثال أمره على وجه التقييد بحيث لو كان الواجب هو الأقل فلا يكون قاصدا لامتثاله ، إنّه بناء على هذا يتحقق امتثال الأمر بالأكثر بدون امتثال الأمر بالأقل.

وبعد الفراغ من المقدمة الثانية نقول : إذا ثبت أنّ النسبة بين امتثال الأمر بالأكثر وامتثال الأمر بالأقل هي نسبة العامين من وجه بمقتضى المقدمة الثانية يثبت وجوب الاحتياط بالإتيان بالأكثر بمقتضى المقدمة الاولى.

ويمكن مناقشة البرهان المذكور من حيث المبنى الفقهي بان يقال لا نسلم عدم تحقق الأمتثال في صورة التقييد ، فإنّ اللازم في صحة العبادة اقترانها بالمقربية ، وواضح انّه مع انبعاث المكلّف عن الأمر بالأكثر تكون المقربية منه حاصله بشكل من الإشكال ، وهذا المقدار من المقربية يكفي في وقوع العمل صحيحا ويتحقق امتثال الأمر بالأقل وإن لم ينبعث المكلّف منه بل من الأمر بالأكثر.

وبإنكار المبنى الفقهي المتقدم لا تتم المقدمة الثانية التي اريد فيها ارجاع

٤٥٠

التردد بين الأقل والأكثر الى التردد بين العامين من وجه ، وبالتالي يسقط البرهان عن صلاحية اثبات وجوب الاحتياط.

البرهان السادس

وهذا البرهان يتم في الواجبات التي تكون الزيادة فيها مبطلة للعمل.

وحاصله : لو فرض أنّ المجتهد شكّ في وجوب السورة في الصلاة ، تشكّل لديه علم اجمالي امّا بوجوب الاتيان بها أو بحرمة الاتيان بها بقصد الجزئيّة (١) ، لأنّه على تقدير جزئيتها يجب الاتيان بها ، وعلى تقدير عدم جزئيتها يحرم الاتيان بها بقصد الجزئية لأنّه حينئذ يكون الاتيان بها بقصد الجزئية زيادة مبطلة. وحيث انّ الاصول متعارضة في العلم الاجمالي المذكور يكون منجّزا ويجب الاحتياط.

وكيفية الاحتياط تتحقّق بالاتيان بالصلاة مشتملة على السورة بدون قصد الجزئية بل امّا برجاء كونها واجبة أو لمطلوبيّتها الجزميّة الأعم من الوجوبيّة والاستحبابيّة فانّ السورة مع عدم قصد الجزئية بها إن لم تكن واجبة كانت مستحبّة.

ويمكن المناقشة بعدم تعارض الاصول بل يجري أصل البراءة عن وجوب الاتيان بالسورة بلا معارضة بالبراءة عن حرمة الاتيان بها بقصد الجزئية ، فإنّ الاتيان بها بقصد الجزئية حرام بلا شك وزيادة مبطلة بلا ريب ، ومع العلم

__________________

(١) التقييد بقصد الجزئيّة باعتبار أنّ الزيادة لا تتحقّق الاّ على تقدير الاتيان بالشيء بقصد كونه جزء

٤٥١

بحرمته لا معنى لجريان أصل البراءة لنفي الحرمة إذ الاصل يجري حالة الشك دون حالة العلم.

أمّا لماذا كان الاتيان بالسورة بقصد الجزئية محرّما حتما؟ إنّ ذلك باعتبار صدق التشريع إذ مع عدم العلم بجزئية السورة يكون الاتيان بها بقصد الجزئية تشريعا محرّما حتى على تقدير ثبوت الجزئية واقعا

النتيجة النهائيّة

ومن خلال استعراض البراهين الستّة على وجوب الاحتياط عند الشكّ في الجزئية ومناقشتها اتّضح أنّه لا يجب الاحتياط عند الشكّ في الجزئية وأنّ الصحيح هو البراءة.

قوله ص ١٧٤ س ١٢ : يتبيّن مما تقدّم : أي من خلال النقطة الاولى والثانية.

قوله ص ١٧٤ س ١٣ : كما تقدّم : في موارد منها القسم الأوّل من هذه الحلقة في مبحث امكان تعلّق الأمر بقصد القربة ص ٣٦٥ من الحلقة.

قوله ص ١٧٥ س ٤ : فيجري عليه نفس ما جرى على الواجب : أي فكما قيل في الواجب انّه بمقدار الأقل معلوم وبمقدار الأكثر مشكوك تجري البراءة عنه كذلك يقال في الغرض انّه بمقدار الأقل معلوم وبمقدار الزائد حيث انّه مشكوك فيجري الأصل لنفيه.

قوله ص ١٧٥ س ٦ : بالوصول إذا وصل الخ : أي شرط تنجّز الغرض

٤٥٢

أمران : علم المكلّف به ، وتصدّي المولى لحفظه بجعل حكم على طبقه.

قوله ص ١٧٥ س ٨ : أو نحو ذلك : كطلب تحصيله.

قوله ص ١٧٥ س ١٦ : ثبوتا وسقوطا : فلا يثبت بعضها الاّ عند ثبوت البعض الآخر ولا يسقط بعضها بالامتثال الاّ عند سقوط بعضها الآخر بالامتثال.

قوله ص ١٧٦ س ١٦ : لا بمعنى أنّ ذلك الأصل الخ : حتى يقال بأنّ ذلك أصل مثبت ـ وهو ليس حجّة ـ باعتبار أنّ لازم البراءة عن وجوب الزائد سقوط وجوب الأقل ، والملازمة المذكورة عقليّة وليست شرعيّة ، فإنّه لا توجد آية ولا رواية تقول إذا لم يكن وجوب للزائد المشكوك فوجوب الأقل ساقط بالاتيان بالأقل وإنما هي عقليّة ، ومتى ما اجري الأصل لاثبات لازم عقلي فهو أصل مثبت.

هذا مضافا الى أنّا لسنا بحاجة الى اثبات سقوط وجوب الأقل فإنّ اللازم على المكلّف الاتيان بالأقل ـ على تقدير وجوبه ـ لا تحقيق عنوان سقوط الأمر بالأقل.

قوله ص ١٧٨ س ١ : أن يستتبع : أي احتمال حرمة القطع.

قوله ص ١٧٨ : س ٢ : له : أي لجريان البراءة عن الزائد.

قوله ص ١٧٨ س ١١ : وتنجّزه : عطف على « تنجيز »

قوله ص ١٧٩ س ١١ : على كل حال : أي حتى للأمر بالأقل. وعلى هذا فجملة « حتى للأمر ... » تفسير لقوله « على كل حال ».

قوله ص ١٧٩ س ١١ : ما دام الانبعاث عن الأمر : أي عن الأمر بالأكثر حاصلا بالفعل.

٤٥٣

قوله ص ١٧٩ س ١٥ : ومبطلة : عطف تفسير لقوله مانعة.

قوله ص ١٧٩ ص ١٧ : مع عدم وقوعه : المناسب : مع كونه الخ.

قوله ص ١٨٠ س ٣ : حقّا : أي واقعا.

قوله ص ١٨٠ س ١٠ : فيكون محرّما : أي الاتيان بالسورة بقصد الجزئية.

قوله ص ١٨٠ س ١٠ : ولا يشمله الخ : فإنّ الأمر النفسي المتعلّق بالصلاة ينحل الى أوامر ضمنيّة نفسيّة بعدد الأجزاء ، فكل جزء يلحقه وجوب نفسي ضمني. والمقصود أنّ الاتيان بالسورة بقصد الجزئية لا يتعلّق به جزما أحد تلك الوجوبات الضمنيّة لأنّ الاتيان بالسورة بقصد الجزئية تشريع محرّم فكيف يحتمل تعلّق الوجوب به.

قوله ص ١٨٠ س ١١ : وهذا يعني كونه زيادة : أي هو زيادة مبطلة جزما على تقدير الاتيان بقصد الجزئية.

٤٥٤

الدوران بين الأقل والأكثر في الشرائط

قوله ص ١٨١ س ١ : والتحقيق فيها الخ : ذكرنا فيما سبق أنّ الدوران بين الأقل والأكثر له عدّة مصاديق : ـ

١ ـ الشك في الجزئية.

٢ ـ الشك في الشرطية.

٣ ـ الشك في التعيين والتخيير.

ولحدّ الآن كنا نتكلّم في الشك في الجزئية وقد فرغنا منه.

والآن نريد التحدّث عن الشك في الشرطية ، كما لو فرض الشك في شرطية الطمأنينة للصلاة.

ويمكن منهجة المباحث المتعرّض لها في المقام ضمن مطالب خمسة : ـ

١ ـ اخترنا في مسألة الشك في الجزئية البراءة باعتبار انحلال العلم الاجمالي ، فالاجزاء التسعة نعلم بوجوبها بينما الجزء العاشر نشك في وجوبه فتجري البراءة عنه.

ونفس هذا نختاره هنا أيضا ، أي في مسألة الشك في الشرطية ، فحينما نشك في شرطية الطمأنينة ففي الحقيقة نحن نشك في تعلّق وجوب زائد بتقيد الصلاة بالطمأنينة (١) ، فإذا كانت شرطا كان هناك وجوب آخر ـ غير وجوب بقية

__________________

(١) إنّما قلنا بتعلّق الوجوب الزائد بالتقيد بالطمأنينة لا بنفس الطمأنينة باعتبار أنّه لو تعلّق ـ

٤٥٥

الأجزاء والشرائط ـ متعلّق بالتقيد ، وإذا لم تكن شرطا لم يكن هذا الوجوب ، ومعه نكون على علم تفصيلي ـ بوجوب الأجزاء والشرائط التسعة ـ وشك بدوي في وجوب التقيد بالطمأنينة فتجري البراءة عنه.

٢ ـ قد يقال انّ الشك في الشرطية داخل في تردّد الواجب بين المتباينين وليس داخلا في التردّد بين الأقل والأكثر باعتبار أنّ فاقد الشرط وواجده يعدّان أمرين متباينين ولا يعدّ أحدهما أقل والآخر أكثر ، فمثلا الصلاة الواجدة للطهارة تعدّ مباينة للصلاة الفاقدة لها لا انها أكثر وهذه أقل ، وهكذا الرقبة الكافرة تعدّ مباينة للرقبة المؤمنة لا انها اقل وهذه أكثر.

والجواب : ان هذا صحيح لو لاحظنا حدّ الواجب أو الوجوب ، فإنّ التقييد بالطهارة وعدمه حدان للواجب ، فالواجب ـ كالصلاة مثلا ـ قد يتحدد مرة بالتقييد بالطهارة وقد يتحدد اخرى بعدم ذلك ، أمّا إذا قطعنا النظر عن هذين الحدين ونظرنا الى عالم العهدة وجدنا التردد ترددا بين الأقل والأكثر حيث نعلم باشتغال الذمة بأصل الصلاة ونشكّ في اشتغالها بالتقييد بالطهارة. إذن عدّ مسألة الشكّ في الشرطية من دوران الأمر بين الأقل والأكثر مبني على النظر الى عالم العهدة دون حدّ الوجوب أو الواجب.

٣ ـ ان الشروط على قسمين فبعضها يرجع الى متعلق الحكم وبعضها الآخر يرجع الى متعلق المتعلق المعبر عنه بالموضوع (١).

__________________

ـ بنفس الطمأنينة كانت جزء لا شرطا ، فإنّ الفارق بين الجزء والشرط انّ الأمر بالصلاة مثلا يكون متعلّقا بنفس الجزء ولا يكون متعلّقا بنفس الشرط بل يكون متعلّقا بالتقييد بالشرط ، كما تقدّمت الاشارة الى ذلك في الحلقة الثانية في مبحث قاعدة تنوّع القيود ص ٢٤٥

(١) فاذا قيل يجب عتق الرقبة كان الوجوب هو الحكم ، والعتق هو المتعلق ، والرقبة هي ـ

٤٥٦

مثال الشرط الراجع الى المتعلق : تجب الصلاة مع الطهارة ، فإنّ الوجوب حكم ، والصلاة متعلقه ، والطهارة شرط راجع الى الصلاة التي هي المتعلق.

ومثال ثان لذلك : يجب العتق بالصيغة العربية ، فإنّ الوجوب حكم والعتق متعلق له ، والصيغة العربية شرط راجع الى العتق الذي هو المتعلق.

ومثال الشرط الراجع الى متعلق المتعلق : يجب عتق الرقبة المؤمنة ، فإنّ الوجوب حكم والعتق متعلقه ، والرقبة متعلق المتعلق ، والإيمان شرط راجع الى الرقبة التي هي متعلق المتعلق.

ومثال ثان لذلك : يجب إطعام الفقير الهاشمي ، فإنّ الوجوب حكم ، والاطعام متعلق ، والفقير متعلق المتعلق ، والهاشمية شرط للفقير الذي هو متعلق المتعلق.

وباتضاح هذا نقول إنّ الشرط المشكوك تارة يشك في شرطيته للمتعلق ، واخرى يشكّ في شرطيته لمتعلق المتعلق. وقد قرأنا في الحلقة الثانية ص ٣٨١ احتمال التفصيل بينهما فيقال إنّه إذا كان يشكّ في ثبوت شرط للمتعلق جرت

__________________

ـ المتعلق للمتعلق حيث انّ العتق الذي هو المتعلق تعلق بالرقبة فهي متعلق للمتعلق.

ويختلف المتعلق عن الموضوع من حيث الحكم ، فإنّ المتعلق يكون المكلّف ملزما بإيجاده أو باعدامه ، بينما الموضوع لا يكون المكلّف ملزما بإيجاده أو اعدامه وإنّما يثبت الحكم على تقدير وجوده ، ففي المثال السابق يكون المكلّف ملزما بإيجاد العتق بينما لا يكون ملزما بإيجاد الرقبة وإنّما يكون ملزما بعتقها على تقدير وجودها.

ومثال آخر لذلك : يحرم شرب الخمر ، فالشرب متعلق والمكلّف ملزم باعدامه بينما الخمر موضوع ولا يكون المكلّف ملزما بإيجاده أو اعدامه وإنّما يكون ملزما بترك شربه على تقدير وجوده

٤٥٧

البراءة لنفيه وإذا كان يشكّ في ثبوت شرط لمتعلق المتعلق لم يمكن جريان البراءة لنفيه (١). هذا تفصيل قرأناه ولكن الصحيح جريان البراءة على كلا التقديرين.

٤ ـ وللشيخ العراقي قدس‌سره تفصيل في باب الشكّ في الشرطية ، فالشكّ في بعض الشرائط تجري البراءة لنفيه بينما الشكّ في بعض الشرائط الاخرى لا تجري البراءة لنفيه.

وتوضيح ذلك : إنّ الشرائط على قسمين ، ففي بعض الشرائط لو فرض أنّ المكلّف أتى بفاقد الشرط أو أراد أن يأتي به لم يقع منه لغوا رأسا بل لزمه تكميله بضم الشرط إليه ، وبعضها الآخر لو أتى المكلّف بفاقد الشرط وقع منه لغوا رأسا.

مثال الأوّل : الإيمان بالنسبة الى الرقبة فإنّه لو كان شرطا وفرض أنّ

__________________

(١) وتوجيه التفصيل المذكور : انّ المولى لو قال تجب الصلاة وشككنا في شرطية الطمانينة للصلاة كانت البراءة جارية لنفيها ، فإنّ الطهارة على تقدير كونها شرطا تكون شرطا للصلاة التي هي المتعلق للحكم ، وحيث ان المتعلق يكون المكلّف ملزما بإيجاده فاذا شكّ في وجود شرط له كان ذلك مستلزما للشكّ في الالزام بإيجاد ذلك الشرط ، وهذا الشكّ بما أنّه شكّ في أصل التكليف فالبراءة تجري لنفيه.

أمّا إذا قيل يجب عتق رقبة وشك في شرطية الإيمان للرقبة لم تجر البراءة لنفي شرطية الشرط المذكور ، فان الرقبة حيث انّه لا يكون المكلّف ملزما بإيجادها باعتبار أنّها متعلق المتعلق ، وقد تقدم أنّ متعلق المتعلق لا يكون المكلّف ملزما بإيجاده ـ فالشرط الراجع إليها لا يكون ملزما بإيجاده أيضا ، ومعه فالشكّ في ثبوت شرط للموضوع لا يكون شكا في ثبوت التكليف كي تجري البراءة لنفيه.

والجواب عن ذلك : انّه في الحالة الثانية يكون الشكّ شكا في ثبوت التكليف أيضا ، فإنّ الإيمان لو كان شرطا للرقبة كان الواجب على المكلّف إيجاد العتق المتقيد بإيمان الرقبة المعتوقة ، والشكّ في كونه شرطا شكّ في ثبوت تحصيل العتق المقيّد بذلك فتجري البراءة عنه

٤٥٨

المكلّف أراد عتق الرقبة الكافرة لم يقع عتقه لغوا بل يقال له حاول جعلها مؤمنة ثم اعتقها.

ومثال الثاني : لو قيل أطعم فقيرا هاشميا فلو فرض أنّ المكلّف أطعم أو أراد أن يطعم فقيرا غير هاشمي فلا يقال له يلزمك تكميل ما أتيت به بجعل الفقير غير الهاشمي هاشميا ، إنّ هذا أمر غير ممكن بل ما أتى به أو أراد الإتيان به يقع لغوا رأسا.

وبعد اتضاح هاتين الحالتين ذكر الشيخ العراقي إنّ الشرط المشكوك لو كان من قبيل الحالة الاولى جرت البراءة لنفيه ، وأمّا لو كان من قبيل الحالة الثانية لم تجر البراءة لنفيه.

والوجه في ذلك انّه في الحالة الاولى يمكن للمكلّف أن يشير الى الرقبة الكافرة ويقول انّ عتقها مطلوب جزما وأشك في وجوب تكميلها بارشادها الى الإيمان فتجري البراءة لنفي وجوب التكميل ، بينما في الحالة الثانية لا يمكن للمكلّف أن يشير الى إكرام الفقير غير الهاشمي ويقول بإنّه مطلوب جزما وأشكّ في وجوب تكميله بالهاشمية ، إنّ هذا غير ممكن لأنّ التكميل بالهاشمية حيث انّه غير ممكن فلا يحتمل وجوبه حتى تجري البراءة لنفيه.

هذه حصيلة التفصيل المذكور ، ولكنّه قابل للتأمل باعتبار انّ الشيخ العراقي ـ لاحظ عالم الخارج والتطبيق فأشار الى الرقبة الكافرة خارجا وقال إنّ هذه واجدة لطبيعي العتق المطلوب ويشك في وجوب تكميلها بالإيمان. وفي المثال الآخر كان يشير الى الفقير غير الهاشمي ويقول ان إطعام هذا واجد لطبيعي الإطعام المطلوب والتكميل بالهاشمية لا يحتمل وجوبه حتى ينفى بالبراءة.

٤٥٩

هذا ولكن الصحيح ملاحظة عالم جعل الوجوب والعهدة ، وبملاحظة هذا العالم يكون الشكّ في كلتا الحالتين شكا في أصل التكليف فينفى بالبراءة فإنّ الوجوب يجزم بجعله على طبيعي العتق وطبيعي إطعام الفقير ، والتقييد بالإيمان والهاشمية يشكّ في جعل الوجوب عليه فينفى بالبراءة.

الشكّ في المانعية

٥ ـ والمطلب الخامس الذي تكفله هذا المبحث حالة الشكّ في المانعية ، كما إذا شكّ في مانعية البكاء من صحة الصلاة فهل الأصل يقتضي البراءة من ثبوت المانعية المشكوكة كما كان يقتضي البراءة من ثبوت شرطية الشرط المشكوك أو لا يقتضي ذلك؟

والجواب : نعم إنّ الأصل يقتضي البراءة عن المانعية المشكوكة ، فإنّ الشكّ في المانعية شكّ في الشرطية ـ إذ الأمر الوجودي تارة يكون ثبوته شرطا واخرى يكون عدمه شرطا فالطهارة أمر وجودي وثبوتها معتبر في الصلاة فتسمى بالشرط وأمّا الحدث فهو أمر وجودي أيضا إلاّ ان عدمه شرط في الصلاة ويسمى بالمانع ، فالشكّ في المانعية إذن شكّ في الشرطية أيضا غاية الأمر شكّ في شرطية العدم ـ وقد عرفنا إنّ حكم الشكّ في الشرطية هو البراءة.

قوله ص ١٨١ س ٣ : كما تقدم في موضعه : وذلك في موارد منها ، الحلقة الثانية ص ٢٤٥.

قوله ص ١٨٢ س ٢ : في بعض الحالات : أي حالات الشكّ في الشرطية.

قوله ص ١٨٢ س ٢ ومرد دعواه إلخ : الشيخ العراقي وان فصّل بين الشرط

٤٦٠