الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٣

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-27-8
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٦

الذي تقدّم حصول الانحلال فيه (١).

التعاصر بين العلمين أو المعلومين

وبعد ان عرفنا حصول الانحلال الحقيقي في موردين : الحالة الثانية والشقّ الاوّل من الحالة الاولى ، نطرح السؤال التالي : هل يلزم لحصول الانحلال الحقيقي التعاصر بين زمان حصول العلمين : الاجمالي والتفصيلي أو يلزم التعاصر بين زمان المعلومين أو لا يشترط هذا ولا ذاك؟

وتوضيح ذلك : انّا لو كنا نعلم اجمالا في الساعة الثانية بتنجس احد الانائين في الساعة الأولى ثم حصل لنا العلم تفصيلا في الساعة الثالثة بأنّ الاناء الذي تنجّس في الساعة الاولى هو الاناء الأوّل فسوف نجد بعد الالتفات إلى هذه الفرضيات أنّ زمان حصول العلم التفصيلي ليس معاصرا لزمان حصول العلم الاجمالي ، بل هو متاخر عنه ، فزمان حصول العلم الإجمالي هو الساعة الثانية وزمان حصول العلم التفصيلي هو الساعة الثالثة ، ولكنّا اذا نظرنا إلى المعلوم بالاجمال والمعلوم بالتفصيل ـ المعلوم بالاجمال هو نجاسة أحد الانائين ، والمعلوم بالتفصيل هو نجاسة الاناء الأوّل ـ وجدنا أنّ زمانهما واحد وهو الساعة الاولى ، فالنجاسة المعلومة بالاجمال ثابتة في الساعة الاولى ، والنجاسة المعلومة

__________________

(١) ولا يدخل في النحو الأوّل ، إذ في النحو الأوّل يكون العلم التفصيلي متعلقا بنفس ما تعلق به العلم الإجمالي ، والمفروض في مقامنا انّ العلم التفصيلي لم يتعلق بنفس ذلك الاناء الذي ثبتت نجاسته بالاستبعاد ، بل تعلق بنجاسة إناء يحتمل كونه عين ما ثبتت نجاسته بالاستبعاد ويحتمل كونه غيره

٣٢١

بالتفصيل ثابتة في الساعة الاولى أيضا.

وباتضاح هذا يتجلّى أنّ اللازم لتحقّق الانحلال الحقيقي هو التعاصر بين زمان المعلوم بالاجمال وزمان المعلوم بالتفصيل ، فإذا كان زمان المعلومين واحدا ـ وهو الساعة الاولى ـ حصل الانحلال حتّى وإن كان زمان حصول العلمين مختلفا. وأمّا اذا لم يكن زمان المعلومين واحدا بل مختلفا ـ كما اذا علمنا بتنجس احد الانائين في الساعة الاولى ثمّ علمنا تفصيلا بأنّ الاناء الأوّل تنجس في ساعة اخرى بنجاسة اخرى جديدة ـ فلا يحصل الانحلال لأن المعلوم الاجمالي مغاير للمعلوم التفصيلي ، فالمعلوم الاجمالي هو تنجس احد الانائين بنجاسة في الساعة الاولى بينما المعلوم التفصيلي هو تنجس الاناء الأوّل بنجاسة اخرى في الساعة الثانية.

قوله ص ١٢٠ س ٣ : بنفس سبب العلم الاجمالي : أي كان متعلّقا بنفس سبب العلم الاجمالي.

قوله ص ١٢٠ س ١٥ : فيه : الضمير يرجع إلى العلم الاجمالي. ولعل حذف كلمة « فيه » اولى لعدم الحاجة اليها بل وجودها مشوش.

قوله ص ١٢٠ س ١٧ : الاناءات : المناسب : الاواني ، فان المفرد : اناء ، والجمع : آنية ، وجمع الجمع : أوان.

قوله ص ١٢١ س ١ : فإنّ هذا الاستبعاد نسبته إلى الأطراف على نحو واحد : يمكن أن يقال انّ ما هو على وزان الاستبعاد هو رؤية وقوع القطرة لا نفس وقوع القطرة إذ ما يكون على وزان وقوع القطرة هو ملاقاة الكلب لا الاستبعاد نفسه.

٣٢٢

ومعه فكما لا يمكن أخذ الاستبعاد قيدا في المعلوم بالاجمال لعدم اختصاصه بطرف معين كذلك لا يمكن أخذ رؤية وقوع القطرة فيه لعدم اختصاص الرؤية بطرف معيّن. وكما يمكن أخذ وقوع القطرة قيدا فيه كذلك يمكن أخذ ملاقاة الكلب قيدا فيه.

وبالجملة لا نعرف وجها للفرق.

قوله ص ١٢١ س ٣ : لا يصلح : أي السبب.

قوله ص ١٢١ س ٧ : بقيد زائد : وهو الاستبعاد مثلا.

قوله ص ١٢١ س ١٢ : حقيقة : أي لا ينحل انحلالا حقيقيا. والتقييد بذلك لا للاحتراز عن الانحلال الحكمي ، بل لأنّ محل الكلام انما هو في الانحلال الحقيقي إذ الكلام في الانحلال الحكمي يأتي في الحالة الرابعة.

قوله ص ١٢١ س ١٤ : وانهدام الركن الثاني : وهذا اشبه بعطف التفسير على الانحلال الحقيقي. المقصود من انهدام الركن الثاني سراية العلم من الجامع إلى الفرد.

قوله ص ١٢١ س ١٦ : اذا احرز الخ : أي ما دام المعلوم التفصيلي متّحدا ومصداقا للمعلوم الاجمالي.

٣٢٣
٣٢٤

الحالة الرابعة أو الانحلال الحكمي

والحالة الرابعة من الحالات العشر التي لا يكون العلم الاجمالي فيها منجّزا هي حالة الانحلال الحكمي على خلاف الحالة السابقة حيث كان الحديث فيها عن الانحلال الحقيقي.

وقبل الدخول في البحث ، نستذكر مقدمتين :

١ ـ إنّ انحلال العلم الاجمالي له اقسام ثلاثة :

أ ـ الانحلال الحقيقي. ويقصد به زوال العلم الاجمالي من النفس زوالا حقيقيا ، كما اذا علم المكلّف بنجاسة احد انائين بسبب قطرة دم ثم نظر فيهما فرأى انّ القطرة قد اصابت الاناء الأوّل.

في هذه الحالة يزول العلم الاجمالي من النفس حقيقة ويتحول إلى علم تفصيلي بنجاسة خصوص الاناء الأوّل وشك بدوي في نجاسة الثاني.

ب ـ الانحلال الحكمي. ويقصد به بقاء العلم الاجمالي في النفس حقيقة إلاّ أنّ حكمه ـ وهو التنجيز ـ لا يكون ثابتا ، كما لو كان لدينا إناءان علمنا بوقوع قطرة دم في احدهما ونفرض انّ الإناء الأوّل كانت حالته السابقة هي النجاسة.

في مثل ذلك يحصل علم إجمالي بنجاسة أحد الإنائين إلاّ أنّ هذا العلم الإجمالي ـ مع كونه ثابتا في النفس حقيقة ـ لا يكون منجزا لأنّ الإناء الأوّل حيث انّ حالته السابقة هي النجاسة فيجري فيه استصحاب النجاسة ، وبجريان

٣٢٥

الاستصحاب المذكور لا يجري أصل الطهارة في الإناء الأوّل ـ لأنّ الاستصحاب حاكم على أصل الطهارة ـ بل يجري في الإناء الثاني بلا معارض.

وإذا لم تتعارض الاصول في الأطراف وجرت في طرف دون آخر لم يكن العلم الإجمالي منجزا لأنّه تقدّم أنّ الركن الثالث من أركان منجزية العلم الإجمالي تعارض الاصول في الأطراف.

وعلى ضوء هذا نعرف أنّه كلّما كان في أحد الإنائين امارة تدل على النجاسة (١) أو استصحاب لم تتعارض الاصول في الأطراف ويرتفع تنجيز العلم الإجمالي.

وبالمقارنة بين الانحلال الحكمي والحقيقي يتّضح انّ الانحلال الحقيقي لا يتحقّق إلاّ في موارد حصول العلم التفصيلي بعد الإجمالي ولا يكفي حصول الامارة أو الأصل لتحققه ، بينما الانحلال الحكمي يتحقّق في موارد قيام الامارة أو الأصل.

ج ـ الانحلال التعبّدي. ويقصد به انّه لو كنّا نعلم إجمالا بنجاسة أحد إنائين ثمّ شهد الثقة بنجاسة الإناء الأوّل فإذا قلنا انّ دليل حجّية خبر الثقة يستفاد منه التعبّد بانحلال العلم الإجمالي ثبت الانحلال ، وسمّي ذلك بالانحلال التعبّدي لأنّه تعبّد بالانحلال استفيد من دليل حجّية خبر الثقة.

وهذه الاستفادة من دليل حجّية خبر الثقة إن تمّت ثبت الانحلال حتّى لو

__________________

(١) طبيعي لا بدّ من فرض انّ الامارة التي شهدت بنجاسة الإناء لا تفيد العلم إذ لو أفادت العلم ـ كما قد يحصل ذلك أحيانا ـ فالانحلال حقيقي لا حكمي

٣٢٦

قطعنا النظر عن مسألة عدم تعارض الاصول في الأطراف.

وبكلمة ثانية : بناء على فكرة الانحلال التعبّدي يكون دليل حجّية الامارة قد عبّدنا وبلسان التعبّد بأنّ وجود العلم الإجمالي في حكم العدم ، فحينما يقول دليل حجّية الامارة خذ بالامارة واحكم بنجاسة هذا الطرف فمعناه انّي أحكم عليك بعدم السير على طبق علمك الإجمالي ولا يلزمك الاجتناب عن كلا الطرفين بل يكفيك الاجتناب عن هذا الطرف الذي دلت الامارة على نجاسته.

وهذا بخلافه في الانحلال الحكمي فإنّ الأصل حينما يجري في أحد الطرفين بلا معارضة يسقط العلم الإجمالي عن المنجزية بدون افتراض استفادة التعبّد بالانحلال من لسان دليل.

ثمّ انّه قد تقدّم ص ١٠٧ من الحلقة رفض فكرة الانحلال التعبدي وانّ دليل حجّية الامارة لا يستفاد منه ذلك ، ومعه يبقى الانحلال التعبّدي مصطلح بلا مصداق وفكرة بلا واقع.

٢ ـ لمنجزية العلم الإجمالي أربعة أركان ، الثالث منها تعارض الاصول في الأطراف ، فلو لم تتعارض ـ كما إذا كان في أحد الطرفين امارة تدل على نجاسته أو استصحاب ـ لم يكن العلم الإجمالي منجزا.

وتقدّم انّ الركن المذكور بهذه الصياغة يتمّ على مسلك الاقتضاء ؛ إذ على المسلك المذكور يكون تأثير العلم الإجمالي في المنجزية مشروطا بعدم ثبوت الترخيص في بعض الأطراف ـ فكما انّ معنى كون النار مقتضية للاحراق ان تأثيرها مشروط بعدم وجود المانع كذلك معنى كون العلم الإجمالي مقتضيا للمنجزية ان تأثيره في المنجزية مشروط بعدم المانع أي بعدم الترخيص في بعض

٣٢٧

الأطراف ـ ولأجل أن يزول احتمال ثبوت الترخيص في بعض الأطراف لا بدّ وأن نفترض تعارض الاصول في الأطراف.

وامّا على مسلك العلية فلا تكون المنجزية منوطة بعدم ثبوت الترخيص في بعض الأطراف ولا حاجة إلى افتراض تعارض الاصول.

ومن هنا صاغ الشيخ العراقي الركن المذكور بصياغة اخرى فقال : انّه يشترط في منجزية العلم الإجمالي أن لا يكون بعض الأطراف قد تنجز بمنجّز آخر غير العلم الإجمالي فلو كان قد تنجز بعض الأطراف بامارة أو استصحاب لم يكن العلم الإجمالي منجزا للطرف الآخر.

وقد تقدّم البرهان على هذه الصياغة العراقية. كما وتقدّم الفارق العملي بينها وبين الصيغة الميرزائية.

وبالجملة : ان للركن الثالث صياغتين : صياغة ميرزائية وصياغة عراقية.

وبعد اتضاح هاتين المقدّمتين نعود إلى الحالة الرابعة من الحالات التي لا يكون العلم الإجمالي فيها منجزا وهي حالة الانحلال الحكمي. ومثالها : ما لو كان لدينا إناءان نعلم إجمالا بنجاسة أحدهما وكان قبل العلم الإجمالي امارة أو استصحاب يدلاّن على نجاسة الإناء الأوّل مثلا ، انّ العلم الإجمالي في مثل ذلك ينحلّ انحلالا حكميا ، بمعنى انّ العلم الإجمالي وإن كان باقيا في النفس حقيقة إلاّ أنّ منجزيّته تزول بسبب زوال الركن الثالث من أركان المنجزية بكلتا صيغتيه.

أمّا زواله بالصيغة الميرزائية فلأنّه بعد وجود الامارة أو الاستصحاب في الإناء الأوّل لا يتعارض أصل الطهارة في الإنائين بل يجري في الإناء الثاني بلا معارض.

٣٢٨

وأمّا زواله بالصيغة العراقية فلأنّه مع وجود الامارة أو الاستصحاب في الإناء الأوّل لا يكون العلم الإجمالي هو المنجز الوحيد لكلا الطرفين بل يكون الاناء الاول قد تنجز بمنجز آخر غير العلم الإجمالي.

وهذا واضح. والشيء الجديد الذي نريد أن نقوله هو ان قيام الامارة أو الاستصحاب وإن كان يوجب زوال المنجزية وانحلال العلم الإجمالي انحلالا حكميا إلاّ أنّ شرط زوال المنجزية والانحلال الحكمي امور ثلاثة لو تمّت حصل الانحلال الحكمي وإلاّ فلا ، وهي :

١ ـ أن يكون عدد الأطراف التي قامت الامارة على نجاستها يساوي عدد الأطراف المعلوم نجاستها إجمالا ولا يقلّ عنها ، فلو كان لدينا عشرة أواني نعلم إجمالا بنجاسة اثنين منها فمتى ما قامت الامارة على نجاسة اثنين منها انحل العلم الإجمالي لأنّه بعد قيام الامارة على النجاسة في الإنائين لا يجري أصل الطهارة فيهما ويجري في الأواني الثمانية الباقية بلا معارض. وأمّا إذا فرض انّ الامارة دلّت على نجاسة إناء واحد فلا تزول المنجزية عن العلم الإجمالي لأنّ الاصول تبقى متعارضة في الأواني التسعة الباقية.

٢ ـ أن لا يكون التكليف الثابت بسبب الامارة مغايرا للتكليف الثابت بسبب العلم الإجمالي فلو كان مغايرا ـ كما لو كنّا نعلم بنجاسة أحد إنائين وقد دلت الامارة على غصبية الإناء الأوّل ـ بقي العلم الإجمالي على المنجزية لأنّ ما تنظر له الامارة وتنجزه يغاير ما ينظر له العلم الإجمالي وينجزه ، فالامارة تنجز وجوب الاجتناب عن المغصوب بينما العلم الإجمالي ينجز وجوب الاجتناب عن

٣٢٩

النجس فلا ربط لأحدهما بالآخر حتّى يحصل الانحلال (١).

٣ ـ أن يكون قيام الامارة أو الأصل ثابتا قبل حصول العلم الإجمالي ، وأمّا لو كان بعده فالعلم الإجمالي يبقى على المنجزية ، فلو فرض انّا علمنا إجمالا في الساعة الثانية بنجاسة أحد إنائين ثمّ قامت امارة في الساعة الثالثة على نجاسة الإناء الأوّل بقي العلم الإجمالي على المنجزية لأنّه بعد قيام الامارة وإن لم يجر أصل الطهارة في الإناء الأوّل ولكن المعارضة تبقى على حالها إذ أصل الطهارة في الإناء الأوّل في الساعه الاولى ـ أي قبل قيام الامارة ـ كان جاريا ، وما دام جاريا يصير معارضا لأصل الطهارة في الإناء الثاني في تمام الساعات.

وبتعبير ثاني : انّه بعد قيام الامارة في الساعة الثالثة يمكننا تشكيل علم إجمالي جديد بان نقول انا نعلم إجمالا بنجاسة اما الإناء الأوّل في الساعة الأولى او بنجاسة الإناء الثاني في تمام الساعات ، ومع ثبوت هذا العلم الإجمالي يتعارض أصل الطهارة فى طرفيه ، فاصل الطهارة في الإناء الأوّل في الساعة الاولى يتعارض مع أصل الطهارة الجاري في الإناء الثاني في تمام الساعات ، وبتعارض الأصل في الطرفين يكون العلم الإجمالي منجزا ويجب الاجتناب عن كلا طرفيه فيجب الاجتناب في الساعة الاولى عن الاناء الأوّل (٢) ، كما ويجب

__________________

(١) قد يقال في تقريب الانحلال الحكمي بأنّ أصل الطهارة يجري في الإناء الثاني دون أن يعارض بأصل الطهارة في الإناء الأوّل ، إذ بعد غصبيته لا معنى لجريان أصل الطهارة فيه لأنّه لغو وبلا فائدة لعدم إمكان شربه من جهة الغصبية.

والجواب : انّه لا لغوية في جريان أصل الطهارة في الإناء الغصبي إذ بجريانه يثبت انّ المكلّف لو شربه عصيانا أو نسيانا أو مسّ ثوبه فلا يجب عليه التطهير

(٢) واما ما بعد الساعة الاولى فإلاجتناب وان كان واجبا إلاّ انه بسبب الامارة لا بالعلم الاجمالي

٣٣٠

الاجتناب عن الإناء الثاني في تمام الساعات (١).

وهذا كله بخلاف ما لو كانت الأمارة قد قامت على نجاسة الاناء الأوّل قبل العلم الإجمالي فان العلم الإجمالي يسقط عن المنجزية ، فلو دلت الامارة في الساعة الاولى على نجاسة الاناء الأوّل ثم حصل العلم الإجمالي في الساعة الثانية بوقوع قطرة دم اما في الإناء الأوّل أو في الإناء الثاني فالعلم الإجمالي المذكور لا يكون منجزا لعدم تعارض الأصل في اطرافه إذ الاناء الأوّل لا يجري فيه أصل الطهارة ابدا لسقوطه قبل العلم الإجمالي (٢).

__________________

(١) ونفس هذا البيان يأتي فيما لو طهّر الاناء الأوّل أو خرج عن محل الابتلاء ونحو ذلك من الأسباب الموجبة لعدم جريان أصل الطهارة فان العلم الإجمالي يبقى على المنجزية لان أصل الطهارة في الإناء الأوّل وان لم يجر بعد خروجه عن محل الابتلاء إلاّ انه حيث كان جاريا قبل الخروج عن الابتلاء فيحصل تعارض بين هذا الأصل الجاري قبل الخروج عن الابتلاء وبين الأصل الجاري في الإناء الثاني في تمام الوقت.

ومن الغريب ما اختاره المحقق الايرواني في كتابه نهاية النهاية ج ٢ ص ١٢٧ من عدم المنجزية في الحالات المذكورة

(٢) وقد تقول ان هذا واضح على مسلك الاقتضاء ، ولكن كيف الحال على مسلك العلية؟

والجواب : ان النتيجة على مسلك العلية هي نفسها على مسلك الاقتضاء فان العلم الإجمالي بشكله الجديد الذي صورناه سابقا ثابت من دون فرق بين المسلكين ، فعلى كلا المسلكين يمكننا ان نقول انا نعلم اجمالا اما بنجاسة الإناء الأوّل في الساعة الاولى أو بنجاسة الإناء الثاني في تمام الوقت.

وهذا العلم الاجمالي وجداني ولا يمكن لأحد انكاره ، ومع ثبوته ينجز كلا طرفيه ـ وهما وجوب الاجتناب عن الإناء الأوّل في الساعة الاولى ووجوب الاجتناب عن الإناء الثاني في تمام الوقت ـ فان أصل طهارة الإناء الأوّل في الساعة الاولى يتعارض مع أصل طهارة ـ

٣٣١

تقدم الامارة دون مؤداها

والخلاصة التي انتهينا إليها هي : ان حدوث الأمارة وحصولها لا بدّ وان يكون متقدما على العلم الإجمالي ، فمتى ما اخبرنا الثقة اولا بنجاسة الإناء الأوّل ثم حصل العلم الإجمالي بوقوع قطرة دم اما في الإناء الأوّل أو في الإناء الثاني لم يكن العلم الإجمالي منجزا لأنّ العلم الإجمالي يحدث في وقت لا تكون الأصول متعارضة في اطرافه.

وأمّا اذا انعكس الأمر بان كنّا نعلم إجمالا في الزمان السابق بنجاسة أحد الإنائين ثم اخبرنا الثقة بنجاسة الإناء الأوّل بعد مضي ساعة من حدوث العلم الإجمالي كان العلم الإجمالي باقيا على المنجزية حتى وان كانت النجاسة المخبر

__________________

ـ الإناء الثاني في تمام الوقت.

هذا على مسلك الاقتضاء.

وأما على مسلك العلية فيكون العلم الإجمالي المذكور منجزا أيضا لأن الإناء الأوّل في الساعة الاولى لا يوجد له منجز آخر غير العلم الإجمالي وإنما له منجز آخر فيما بعد الساعة الاولى ، وهكذا الإناء الثاني لا يوجد له منجز غير العلم الإجمالي ، ومعه فيجب هجر كلا الطرفين فيجب هجر الإناء الأوّل في الساعة الاولى كما ويجب هجر الإناء الثاني في تمام الوقت.

وأما هجر الإناء الأوّل فيما بعد الساعة الاولى فهو واجب أيضا ولكن لا من جهة العلم الإجمالي بل من جهة الأمارة.

هذا لو كانت الأمارة قد حصلت بعد العلم الإجمالي. وأمّا لو كانت حاصلة قبل العلم الإجمالي فلا يكون منجزا لأنه حينما يحصل ـ العلم الإجمالي ـ يحصل وأحد طرفيه قد تنجز بمنجز آخر.

هذا مضافا إلى ان العلم الإجمالي بشكله الجديد الذي صورناه سابقا لا يمكن تشكيله هنا

٣٣٢

عنها متقدمة ـ بان كان الثقة يشهد بحدوث النجاسة في الإناء الأوّل قبل زمان حصول العلم الإجمالي ـ فان تقدم مؤدى الخبر على العلم الإجمالي لا يكون سببا لارتفاع المنجزية عن العلم الإجمالي ، وانما المهم تقدم نفس الخبر.

ولكن لماذا ارتفاع المنجزية عن العلم الإجمالي موقوف على تقدم نفس الخبر ولا يكفي تقدم المؤدى؟

وبتعبير ثاني : لماذا جريان الأصل في الإناء الثاني بلا معارضة بالأصل في الإناء الأوّل موقوف على تقدم نفس الخبر؟

وبتعبير ثالث : لماذا يتوقف حصول الانحلال الحكمي على تقدم نفس الخبر؟

والجواب : ان ارتفاع المنجزية عن العلم الإجمالي وبالتالي جريان الأصل في الإناء الثاني بدون معارضة موقوف على ثبوت المنجز في الإناء الأوّل (١) ، وواضح ان المنجز لا يكون ثابتا إلاّ عند قيام الخبر ، فمتى ما قام الخبر وشهد بالنجاسة حدث المنجز وسقط أصل الطهارة من ذاك الحين ، فاذا شهد الثقة بنجاسة الإناء الأوّل بعد مضي ساعة من العلم الإجمالي سقط أصل الطهارة من

__________________

(١) فانه متى ما ثبت المنجز في الإناء الأوّل لم يكن العلم الإجمالي منجزا اذ بعد حصول المنجز في الإناء الأوّل لا يجري الأصل فيه ويجري في الإناء الثاني بلا معارض.

هذا بناء على مسلك الاقتضاء.

وأما على مسلك العلية فلأنه بعد حصول المنجز في الإناء الأوّل يصير أحد طرفي العلم الإجمالي قد تنجز بمنجز آخر غير العلم الإجمالي ، والشيخ العراقي يقول في صياغته للركن الثالث : يشترط في منجزية العلم الإجمالي عدم وجود منجز آخر في أحد طرفي العلم الإجمالي

٣٣٣

حين شهادته ولم يسقط في الساعة السابقة حتى وان كانت النجاسة المشهود بها متقدمة. واذا لم يسقط في الساعة السابقة كان الأصل الجاري في تلك الساعة السابقة معارضا لأصل الطهارة الجاري في الإناء الثاني في تمام الوقت. وما دامت الاصول متعارضة يكون العلم الإجمالي منجزا.

مقارنة بين الانحلالين

وبالمقارنة بين الانحلال الحكمي والانحلال الحقيقي يمكن ان نخرج بهذه النتيجة : يلزم في الانحلال الحكمي تقدم وجود المنجز ـ كخبر الثقة مثلا ـ على العلم الإجمالي أو مقارنته معه. والتعبير الجامع ان لا يتاخر وجود المنجز عن العلم الإجمالي.

واما في الانحلال الحقيقي فاللازم المقارنة بين المعلومين ، فالنجاسة المعلومة بالاجمال يلزم ان تكون مقارنة للنجاسة المعلومة بالتفصيل من حيث الزمان ولا يلزم تقدم حدوث العلم التفصيلي على زمان حدوث العلم الإجمالي.

والنكتة في ذلك تكمن في ان معنى الانحلال الحقيقي عبارة اخرى عن سراية العلم من الجامع إلى الفرد ، والسراية تحتاج إلى اتحاد المعلومين ليصير المعلوم التفصيلي مصداقا للمعلوم الإجمالي فلو لا الاتحاد بين المعلومين من حيث الزمان لم ينطبق المعلوم بالاجمال على المعلوم بالتفصيل ولم يصر المعلوم بالتفصيل مصداقا للمعلوم بالاجمال وبالتالي لم يسر العلم من الجامع إلى الفرد حتى يتحقق الانحلال الحقيقي.

فالمهم اذن اتحاد المعلومين من حيث الزمان حتى تتحقق السراية ، واما

٣٣٤

تقدم حدوث العلم التفصيلي على حدوث العلم الإجمالي فهو غير مهم لأنّه لا يؤثر على قضية السراية اللازمة في تحقق الانحلال الحقيقي.

قوله ص ١٢٢ س ٦ : فلا انحلال حقيقي ولا تعبدي : اما إنه لا انحلال حقيقي فلأن شرطه حصول العلم التفصيلي في بعض الأطراف ، والمفروض عدم وجوده وانما الموجود هو الأمارة أو الأصل.

واما أنّه لا انحلال تعبدي فلما تقدم ص ١٠٧ من الحلقة من عدم استفادة التعبد بالانحلال من دليل حجّية خبر الثقة وان الانحلال التعبدي مصطلح بلا مصداق.

قوله ص ١٢٣ س ٣ : على كل تقدير : حيث ينجز وجوب الاجتناب عن الإناء الثاني على تقدير وجود النجاسة فيه ولا ينجز وجوب الاجتناب عن الاناء الأوّل على تقدير وجود النجاسة فيه وانما يتنجز بالامارة.

قوله ص ١٢٣ س ٨ : بلحاظه : أي بلحاظ العدد الزائد وهو التسعة.

قوله ص ١٢٣ س ٩ : في مورد الامارة : وهو الإناء الأوّل. وما ينجزه العلم الإجمالي في الإناء الأوّل هو وجوب الاجتناب عن النجس ، وما تنجزه الأمارة هو وجوب الاجتناب عن المغصوب.

قوله ص ١٢٣ س ١٢ : في غير مورد الامارة الخ : أي غير الاناء الأوّل. والتقدير : إنّ أصل الطهارة الجاري في الإناء الثاني ـ الذي هو ليس موردا للامارة ولا موردا لاستصحاب النجاسة الذي هو أصل منجز ـ معارض باصل الطهارة الجاري في الساعة الأولى في الإناء الأوّل.

قوله ص ١٢٣ س ١٤ : من مورد المنجز الشرعي : المنجز الشرعي هو مثل

٣٣٥

الامارة. ومورده هو الإناء الأوّل. والتقدير : انه لو اخذنا من الإناء الأوّل الساعة الاولى ومن الإناء الثاني تمام الوقت حصلنا على علم إجمالي بشكل جديد حيث نعلم إجمالا بالنجاسة اما في الإناء الأوّل في الساعة الاولى أو في الإناء الثاني في تمام الوقت.

قوله ص ١٢٣ س ١٧ : ان انهدام الركن الثالث : أي ان حصول الانحلال الحكمي وبتعبير ثاني جريان الأصل في الإناء الثاني بلا معارضة.

قوله ص ١٢٤ س ١ : مثلا : أي ان ذكر الامارة من باب المثال والاّ فالكلام يجري نفسه لو كان المنجز شيئا آخر غير الامارة.

قوله ص ١٢٤ س ٣ : في حالات قيام المنجز الشرعي : أي في حالة قيام الامارة في الإناء الأوّل.

قوله ص ١٢٤ س ٤ : باحدى الصيغتين السابقتين : أي صيغة الميرزا المبنية على مسلك الاقتضاء وصيغة الشيخ العراقي المبنية على مسلك العلية.

قوله ص ١٢٤ س ١٢ : وهي لازم قهري : أي والسراية لازم قهري الخ.

٣٣٦

الحالة الخامسة أو اشتراك العلمين في طرف

نمثل للحالة الخامسة من الحالات التي يكون العلم الاجمالي فيها ساقطا عن المنجزية بما اذا كان لدينا ثلاثة أواني احدها مرقم برقم (١) والثاني برقم (٢) والثالث برقم (٣). ثم راينا قطرة بول قد وقعت اما في إناء رقم (١) أو في إناء رقم (٢) ، وراينا قطرة ثانية قد وقعت اما في إناء رقم (٢) أو في إناء رقم (٣).

في هذا المثال سوف يتشكل علمان اجماليان اولهما : العلم اجمالا بوقوع القطرة الاولى اما في إناء رقم (١) أو في إناء رقم (٢). وثانيهما : العلم اجمالا بوقوع القطرة الثانية اما في إناء رقم (٢) أو في إناء رقم (٣).

واذا توجهنا قليلا إلى هذين العلمين وجدنا ان الاناء رقم (٢) طرف مشترك في العلمين.

ونحن في هذه الحالة نريد ان نبحث عن حكم هذين العلمين الاجماليين فهل المنجز خصوص الأوّل منهما أو كلاهما.

وتوضيح الحال في ذلك : ان العلمين الإجماليين المذكورين تارة يحصلان دفعة واحدة وفي وقت واحد ـ كما لو رؤي وقوع القطرة الاولى في إناء رقم (١) وإناء رقم (٢) في نفس زمان وقوع القطرة الثانية في إناء (٢) وإناء (٣).

واخرى يحصل العلم الثاني متأخرا عن العلم الأوّل.

فان حصلا في وقت واحد كانا منجزين معا ووجب ترك جميع الأواني

٣٣٧

الثلاثة ، فان العلمين المذكورين يرجعان روحا إلى علم إجمالي واحد ذي اطراف ثلاثة فيعلم بوجوب الاجتناب اما عن الإناء الأوّل أو عن الإناء الثاني أو عن الإناء الثالث (١) فيجب ترك جميع الأواني الثلاثة.

اجل إناء (٢) له ميزة يمتاز بها عن إناء (١) وإناء (٣) وهي ان إناء (٢) يثبت له التنجز من ناحية كلا العلمين إذ المفروض حصولهما معا في وقت واحد فتنجزه باحدهما دون الآخر بلا مرجح.

هذا لو حصل العلمان دفعة واحدة.

واما اذا حصل العلم الثاني متاخرا عن العلم الأوّل فذهب جماعة منهم الميرزا والسيد الخوئي (٢) إلى تنجز خصوص العلم الأوّل دون الثاني فاناء (١) وإناء (٢) يجب تركهما دون إناء (٣).

والوجه في ذلك هو اختلال الركن الثالث ـ من الأركان الأربعة المتقدمة

__________________

(١) العبارة التي ذكرناها اوضح من عبارة الكتاب التي نصها : « لأن مرجع العلمين إلى العلم بثبوت تكليف واحد في الطرف المشترك أو تكليفين في الطرفين الآخرين ». ومضمون العبارتين واحد.

وأولى من ذلك ان يجعل العلم الاجمالي الواحد ذا اطراف أربعة بان يقال هكذا : ان العلمين السابقين يرجعان إلى علم إجمالي بوجوب الاجتناب اما عن (٢) فقط أو عن مجموع ( ١ ، ٣ ) أو عن مجموع ( ١ ، ٢ ) أو عن مجموع ( ٢ ، ٣ ).

انه على هذا نكون قد استقصينا جميع الاحتمالات الثابتة واقعا.

والسبب في اقتصار عبارة الكتاب على الاحتمالين الأولين وعدم ذكر الأخيرين هو ان ضمهما ليس له زيادة تاثير بحسب النتيجة إذ بالاحتمالين الأولين يثبت وجوب الاجتناب عن جميع الأواني الثلاثة سواء ضممنا الاحتمالين الأخيرين أم لا

(٢) اجل الميرزا يشترط تأخر المعلوم بالعلم الثاني ولا يكتفي بتأخر نفس العلم بينما السيد الخوئي يكتفي بتأخر نفس العلم

٣٣٨

لمنجزية العلم الإجمالي ـ في العلم الثاني بكلتا صيغتيه (١).

اما اختلاله على صيغة الميرزا فلأن العلم الثاني لا يتعارض أصلا الطهارة في طرفيه بل يجري أصل الطهارة في إناء (٣) دون معارضة بجريانه في إناء رقم (٢) ، إذ أصل الطهارة في إناء (٢) قد سقط في الزمان السابق بسبب معارضته مع أصل الطهارة في إناء (١) ، وما دام قد سقط سابقا ، والمفروض ان الساقط لا يعود فلا يمكن ان يقع من جديد طرفا للمعارضة مع أصل الطهارة في إناء (٣).

وأمّا اختلاله على صيغة الشيخ العراقي فلأن العلم الثاني ـ حينما يحدث ـ يحدث وأحد طرفيه قد تنجز بمنجز سابق إذ طرفه الأوّل وهو إناء (٢) قد تنجز تركه بسبب العلم الإجمالي الأوّل.

هذه حصيلة توجيه عدم منجزية العلم الإجمالي الثاني.

والصحيح منجزية كلا العلمين لبطلان كلا التوجيهين.

اما توجيه الشيخ العراقي فلأن العلم الإجمالي الأوّل حينما حدث في الساعة الاولى مثلا لم يكن منجزا لطرفيه إلى الأبد بل هو في كل آن ينجز في خصوص ذاك الآن ، ففي الدقيقة الاولى من الساعة الاولى حيث كان ثابتا فهو ينجز في خصوص الدقيقة المذكورة ولا ينجز في الدقيقة الثانية وما بعدها. واذا حلت الدقيقة الثانية وكان موجودا فيها نجّز طرفيه في خصوص الدقيقة المذكورة ولم ينجز في الدقيقة الثالثة وما بعدها ، وهكذا حتى الدقيقة الاولى من الساعة الثانية

__________________

(١) أي صيغة الميرزا التي تقول ان شرط منجزية العلم الإجمالي تعارض الأصول في الأطراف ، وصيغة الشيخ العراقي التي تقول ان شرط منجزية العلم الإجمالي عدم تنجز أحد طرفيه بمنجز آخر

٣٣٩

التي نفترض حصول العلم الإجمالي فيها ـ الساعة الثانية ـ ، وفي الدقيقة الاولى المذكورة حيث كان العلم الإجمالي الأوّل ثابتا فيها فيكون منجزا لإناء (٢) ، وحيث كان العلم الإجمالي الثاني ثابتا فيها أيضا فيكون منجزا أيضا لإناء (٢) إذ العلمان حيث انهما ثابتان معا في الدقيقة المذكورة فمنجزية الإناء المذكور تكون ثابتة بهما معا ولا معنى لنسبة المنجزية إلى العلم الأوّل فقط إذ العلم الثاني حينما حدث لم يحدث في حالة تنجز أحد طرفيه ـ أي إناء (٢) ـ بالعلم الأوّل فان العلم الأوّل في الدقيقة الأخيرة من الساعة الاولى لم يكن منجزا إلاّ في خصوص الدقيقة المذكورة دون الدقيقة الاولى من الساعة الثانية. هذا على صيغة الشيخ العراقي.

وأمّا على صيغة الميرزا فلأن الأصل في كل دقيقة يجري في خصوص تلك الدقيقة ، ففي الدقيقة الاولى من الساعة الاولى يجري أصل الطهارة في إناء (٢) ولكن حيث أنّ له معارضا ـ وهو أصل الطهارة في إناء (١) ـ فلا يترتب عليه أثر ، وفي الدقيقة الثانية يجري أيضا ولكن حيث ان له معارضا أيضا فلا يترتب عليه اثر ، وهكذا حتى نصل إلى الدقيقة الاولى من الساعة الثانية.

وفي هذه الدقيقة يجري أصل الطهارة في إناء (٢) أيضا بيد انه يواجه معارضين : أصل الطهارة في إناء (١) وأصل الطهارة في إناء (٣) ، وبالتعارض يسقط الكل ويجب الاجتناب عن جميع الأواني الثلاثة.

وان شئت قلت : ان تساقط الأصلين في كل دقيقة ينشأ من وجود العلم الإجمالي المنجز في تلك الدقيقة ، وحيث ذكرنا فيما سبق ان العلم الإجمالي الموجود في كل دقيقة ينجز في تلك الدقيقة دون غيرها فالأصول تسقط في تلك الدقيقة دون ما بعدها ، ففي الدقيقة الأخيرة من الساعة الاولى يسقط الأصلان في هذه

٣٤٠