الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٣

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-27-8
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٦

الطرفين فيكفي الإتيان بالطرف الواحد ولا يلزم الإتيان بالطرفين ، ولكن حيث انّ المفروض على رأي الشيخ العراقي انّ المعلوم بالعلم الإجمالي ليس هو الجامع بل الواقع فالذي يتنجز هو الواقع ، وبما انّ الواقع لا يحرز تحقّقه بالإتيان بطرف واحد بل بالإتيان بالطرفين فالعلم الإجمالي يكون علّة لوجوب الإتيان بالطرفين.

اعتراض الميرزا على مسلك العلّية

واعترض الميرزا على مسلك العلية بأنّ العلم الإجمالي إذا كان علّة تامة لوجوب الموافقة القطعية فلازم ذلك أنّ العلم الإجمالي متى ما كان ثابتا فوجوب الموافقة القطعية لا بدّ وأن يكون ثابتا أيضا بحيث لا يمكن أن ينفك عنه مع انّنا نرى في باب العلم التفصيلي ـ الذي هو أقوى من العلم الإجمالي ـ انّ العلم التفصيلي بالتكليف قد يكون ثابتا ومع ذلك لا تجب موافقته القطعية ، فإذا دخل وقت صلاة الظهر مثلا فالمكلّف يحصل له علم تفصيلي بثبوت الوجوب في حقّه فإذا صلّى وبعد الفراغ شكّ هل أتى بالركوع أو لا فاللازم لو كان العلم التفصيلي علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعية أن يصلّي من جديد صلاة مشتملة على الركوع ليحرز على على سبيل القطع موافقته للتكليف ، والحال انّ الشارع حكم بالاكتفاء بالصلاة السابقة التي لا يقطع بحصول الموافقة معها. انّ حكم الشارع بعدم وجوب الإعادة من جديد وتطبيق قاعدة الفراغ دليل واضح على انّ العلم التفصيلي بوجوب صلاة الظهر ليس علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعية. وإذا كان العلم التفصيلي هكذا فالعلم الإجمالي أولى بذلك.

٢٢١

جواب الشيخ العراقي

وأجاب الشيخ العراقي عن هذا الاعتراض بأنّ العلم التفصيلي متى ما كان ثابتا فهو علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعية ولا يمكن أن ينفك عن ذلك. وما ذكر من مثال صلاة الظهر لا نسلّم الانفكاك فيه فإنّ المكلّف إذا طبّق قاعدة الفراغ فالموافقة القطعية حاصلة منه إذ هي تقول للمكلّف انّي أحكم بحصول الركوع منك في صلاتك وبالتالي احكم بأنّك قد وافقت الوجوب وامتثلته قطعا غاية الأمر الموافقة التي حصلت منك وإن لم تكن مقطوعة بالقطع الوجداني إلاّ أنّها ثابتة تنزيلا وتعبّدا ، وواضح أنّ هذا المقدار يكفي لإشباع متطلّبات مسلك العلّية فإنّ المسلك المذكور لا يقول انّ العلم التفصيلي أو الإجمالي علّة لخصوص وجوب الموافقة القطعية بالقطع الوجداني بل علّة لوجوب الموافقة أعمّ من أن تكون مقطوعة بالقطع الوجداني أو بالقطع التعبّدي.

ثمّ أضاف العراقي قائلا لو اريد النقض على مسلك العلّية فلا بدّ من النقض بموارد يكون العلم التفصيلي أو الإجمالي ثابتا فيها ويكتفي الشارع بموافقته الاحتمالية دون أن ينزلها منزلة الموافقة القطعية ، انّه بمثل هذه الموارد يصح النقض ، كما لو فرض انّ الشارع أجرى أصل البراءة في موارد العلم التفصيلي أو الإجمالي ، فإنّ لسان رفع التكليف وليس لسان حصول الموافقة القطعية ، تعبّدا وتنزيلا ، حيث يقول رفع عن امّتي ما لا يعلمون ولا يقول انّي أحكم بحصول الموافقة ، وهذا بخلاف قاعدة الفراغ فإن لسانها يدلّ على الحكم بتحقّق الموافقة تعبّدا حيث يقول قد صحّت صلاته ، ومعنى صحّت صلاته انّي أحكم بتحقّق

٢٢٢

الركوع من المصلّي الشاك بعد الصلاة.

مناقشة كلام العراقي

ويمكن التعليق على كلام الشيخ العراقي هذا بأنّ قاعدة الفراغ إذا ارتضي جريانها في موارد العلم التفصيلي أو الإجمالي فيلزم قبول جريان أصل البراءة أيضا ، فإنّ قاعدة الفراغ وأصل البراءة كلاهما من واد واحد ، إذ كلاهما حكم ظاهري ، وقد تقدّم انّ حقيقة الحكم الظاهري حقيقة واحدة ـ وهي عبارة عن الحكم الناشىء من تقديم الغرض الأهمّ الذي هو الغرض غير اللزومي في مثل قاعدة الفراغ وأصل البراءة ـ ولا يؤثّر في تلك الوحدة اختلاف لفظ الدليل ولسانه فإنّ اللسان قد يكون لسان رفع الحكم ـ كما في البراءة ـ وقد يكون لسان التعبّد بحصول الموافقة كما هو لسان قاعدة الفراغ.

وما دامت روح الحكم الظاهري واحدة فاللازم من قبول تطبيق قاعدة الفراغ في موارد العلم التفصيلي أو الإجمالي قبول تطبيق أصالة البراءة أيضا فإنّ اختلاف لسان الدليل غير مهم.

ترجيح مسلك الاقتضاء

وبعد هذا العرض لمسلك العلّية والاقتضاء والاستدلال عليهما يحق أن نسأل عن الأرجح والأجدر منهما؟ انّ الأجدر هو مسلك الاقتضاء ، فالعلم الإجمالي ليس علّة تامّة لوجوب الموافقة بل مقتضى لذلك بدليل انّه يمكن للمولى جعل الترخيص في أحد الطرفين ، وإمكان ذلك دليل على أنّ وجوب الموافقة

٢٢٣

القطعية يمكن انفكاكه عن العلم الإجمالي وبالتالي يثبت انّه ليس علّة تامّة وإلاّ لما حصل الانفكاك.

امّا كيف نثبت إمكان جعل الترخيص في أحد الطرفين؟ الجواب : انّ نفس النكتة التي صحّحت جعل الترخيص الظاهري في مورد الشبهة البدوية هي بنفسها يمكن أن تصحّح جعل الترخيص الظاهري في بعض أطراف العلم الإجمالي. وتلك النكتة هي انّ المكلّف حينما يشكّ في الحكم الواقعي وانّه الإباحة أو الوجوب مثلا فبإمكان الشارع الحكم بالإباحة ظاهرا فيما إذا كان ملاكها هو الأهمّ في نظره.

انّ هذه النكتة ثابتة أيضا في اطراف العلم الإجمالي ، فلو علم المكلّف إجمالا بوجوب امّا الظهر أو الجمعة عليه فوجوب خصوص الظهر مثلا مشكوك والأمر دائر بين وجوب الظهر وإباحتها فإذا كان ملاك الإباحة أهم في نظر الشارع أمكن جعل الترخيص في تركها.

وعليه فالنتيجة النهائية هي أنّ جعل الترخيص في بعض أطراف العلم الإجمالي أمر ممكن. ومعنى ذلك بعبارة اخرى انّ العلم الإجمالي مقتض لوجوب الموافقة القطعية وليس علّة تامّة.

هذا كلّه في البحث عن إمكان جعل الترخيص في بعض الأطراف بلحاظ عالم الثبوت. وامّا بلحاظ عالم الاثبات فهو ما سنتكلّم عنه.

عالم الإثبات

وبعد أن ثبت إمكان جعل الترخيص ثبوتا ـ واقعا ـ في بعض الأطراف

٢٢٤

نتكلّم الآن بلحاظ عالم الإثبات لنرى هل بالإمكان استفادة الترخيص في بعض الأطراف ـ بعد أن ثبت إمكانه واقعا ـ من أدلة البراءة ، فإنّ أقصى ما أثبتناه في البحث الثبوتي إمكان الترخيص في بعض الأطراف ولم نثبت وقوعه.

وفي هذا المجال قال المشهور لا يمكن أن يستفاد من أدلة البراءة وقوع الترخيص في بعض الأطراف لأنّ تطبيق أدلة البراءة على أطراف العلم الإجمالي فيه احتمالات ثلاثة : ـ

أ ـ فامّا أن نطبّقها على كلا الطرفين ، وهو باطل لأنّ لازمه جواز المخالفة القطعية.

ب ـ أو نطبّقها على هذا الطرف المعيّن دون ذاك ، وهو باطل أيضا لأنّه ترجيح بلا مرجّح.

ج ـ أو نطبّقها على الفرد المردّد ، وهو باطل أيضا لعدم تحقّق الفرد المردّد خارجا.

العراقي وشبهة الترخيص المشروط

والشيخ العراقي قدس‌سره ذكر في هذا المجال انّ بالإمكان تطبيق أصل البراءة في كل واحد من الطرفين دون أن يلزم محذور المخالفة القطعية ، فإذا كان لدينا إناءان نعلم بخمرية أحدهما فنطبق أصل البراءة على كل طرف ولكن تطبيقا مشروطا بترك الطرف الآخر فيقال أنت مرخّص في ارتكاب الإناء الأوّل بشرط ترك الثاني ومرخّص في الثاني بشرط ترك الأوّل.

انّ تطبيق أصل البراءة بهذه الشكل لا ينجم عنه أي محذور ، فلا يلزم منه

٢٢٥

محذور الترجيح بلا مرجّح كما هو واضح ، ولا يلزم منه محذور الترخيص في المخالفة القطعية ، إذ ذلك ـ أي محذور المخالفة القطعية ـ يلزم لو طبّق أصل البراءة على كل طرف تطبيقا مطلقا بأن قيل : أنت مرخص في الأوّل سواء ارتكبت الثاني أم لا ، وهكذا أنت مرخّص في الثاني سواء ارتكبت الأوّل أم لا ، امّا في فرض الترخيص المشروط فلا يلزم ذلك.

وقد يقال : كيف نستفيد البراءة المشروطة بهذا الشكل مع انّ مفاد حديث « رفع عن امّتي ما لا يعلمون » مثلا هو البراءة المطلقة دون المشروطة ؛ إذ هو يقول رفع وجوب الاجتناب عن الإناء الأوّل من دون تقييد بترك الثاني؟

والجواب : انّ في كيفية تطبيق أصل البراءة ثلاثة احتمالات : ـ

أ ـ فامّا ان لا نطبّقه لا على هذا الإناء ولا على ذاك.

ب ـ أو نطبّقه على أحدهما دون الآخر.

ج ـ أو نطبّقه على كل واحد منهما بالنحو المشروط الذي اقترحه الشيخ العراقي.

ولا إشكال في تعيّن الاحتمال الثالث ، فإنّ عدم طرح الدليل من أساسه في الطرفين معا أو في أحدهما وتطبيقه على كل منهما مع إلغاء إطلاقه أولى من الطرح ؛ إذ الضرورة تقدر بقدرها ، وهي تقتضي عدم تطبيقه في كل منهما تطبيقا مطلقا ولا تقتضي إلغاءه رأسا ومن الأساس في كليهما أو في أحدهما.

هذه حصيلة اعتراض الشيخ العراقي. وهو كما ترى اعتراض لطيف وقوي

٢٢٦

جدّا. وقد استحكم في أذهان أهل العلم تلك الفترة حتّى انّ الشيخ الكاظمي المقرر لدرس الميرزا أطال الكلام كثيرا في دفعه ، وقال انّا لم نطل الكلام إلاّ لدفع ما شاع وترسخ في أذهان أهل العلم من إمكان إجراء البراءة في كلا الطرفين إجراء مشروطا.

تنبيه

انّ لازم هذا الاعتراض أن لا يحكم الميرزا والسيد الخوئي ـ وكل من التزم بعدم عليّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية سواء التزم انّ منجزيته بسبب تعارض الاصول أم بسبب استلزام ذات العلم الإجمالي لذلك بنحو الاقتضاء ـ بوجوب الموافقة القطعية في باب العلم الإجمالي ؛ إذ تنجيز العلم الإجمالي لكلا الطرفين فرع عدم إمكان إجراء البراءة في الأطراف فإذا جرت بالشكل المذكور كانت النتيجة جواز ارتكاب أحد الطرفين وترك الثاني والحال أنّ الالتزام بعدم وجوب الموافقة القطعية أمر صعب جدّا لمخالفته الحسّ الشرعي والعقلائي. ومن هنا صار هذا الاعتراض مهما.

وكأنّ الشيخ العراقي يريد أن يقول : ان لازم عدم البناء على مسلك العلّية ان يكون تنجيز العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية موقوفا على تعارض الاصول فإذا رفعنا التعارض عن طريق الترخيص المشروط لم تكن الموافقة القطعية واجبة. وهذا منبّه على أنّ مسلك فوائد الاصول الذي هو مسلك الاقتضاء باطل فضلا عن مسلك أجود التقريرات الذي يقول بعدم اقتضاء العلم الإجمالي بنفسه لوجوب الموافقة القطعية.

٢٢٧

ونتيجة بطلان كلا هذين المسلكين تعيّن المسلك الثالث القائل باستلزام العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية بذاته بنحو العلّة التامة.

مناقشة شبهة الترخيص المشروط

وقد نوقشت شبهة الترخيص المشروط بعدّة وجوه نذكر منها : ـ

الوجه الأوّل

ما أفاده السيد الخوئي ( دام ظلّه ) (١) من انّه لو كان لدينا إناءان نعلم بأنّ أحدهما خمر فلا يمكن الترخيص في ارتكاب الأوّل بشرط ترك الثاني ، ولا الترخيص في ارتكاب الثاني بشرط ترك الأوّل.

والوجه في ذلك : انّ المكلّف لو فرض تركه لكلا الإنائين وعدم اقترابه من هذا ولا من ذاك فاللازم أن يكون مرخّصا في ارتكاب كلا الإنائين ترخيصا فعليا فهو بالفعل مرخص في ارتكاب الأوّل ـ لأنّه قد ترك الثاني ـ ومرخص في ارتكاب الثاني لأنّه قد ترك الأوّل ، فإن كان كل حكم إذا كان مشروطا بشرط معيّن وفرض الأنسب عدم الفصل بين الضاد وما قبلها تحقّق شرطه بالفعل انقلب وصار فعليا. وحيث انّ الترخيص في كل إناء كان مشروطا بترك الآخر وفرض تحقّق الشرط فاللازم أن يصير الترخيصان فعليين ، أي انّ المكلّف مرخّص بالفعل في ارتكاب هذا الإناء وذاك الإناء معا ، وهو مستحيل لانّه

__________________

(١) الدراسات ص ٣٣٨

٢٢٨

يعلم بخمرية أحدهما ، والترخيص في ارتكابهما ترخيص في ارتكاب المحرم الواقعي.

وقد تقول : انّ ثبوت الترخيص المشروط في كل واحد من الإنائين وإن كان لازمه ثبوت الترخيص الفعلي في ارتكاب كلا الإنائين الذين يعلم بخمرية أحدهما إلاّ أنّ هذا الترخيص الفعلي حيث لا يؤدّي إلى تحقّق المخالفة العملية القطعية خارجا فلا محذور فيه.

والوجه في عدم كونه مؤدّيا إلى حصول المخالفة العملية القطعية : انّ المكلّف إذا أراد أن يخالف ويمدّ يده إلى أحد الإنائين لتناوله فبمجرّد أن يشربه يصير الثاني محرما ولا يسوغ له ارتكابه لأنّ المفروض أنّ الترخيص في كل منهما مشروط بترك الآخر ، وحيث فرض تناول الأوّل فلا يكون الترخيص ثابتا في الثاني بل يكون محرما.

إذن المخالفة القطعية يستحيل تحقّقها خارجا ، وما دام تحقّقها مستحيلا فثبوت الترخيصين الفعليين في كلا الإنائين لا يشكّل محذورا.

وأجاب السيد الخوئي عن هذا الكلام بأنّ نفس الترخيص الفعلي في ارتكاب المحرم الواقعي قبيح وإن لم يكن مؤدّيا إلى تحقّق المخالفة القطعية العملية خارجا ، فإنّ العقل يأبى ولا يقبل من المولى أن يقول لعبده أنت مرخّص في ارتكاب الإنائين الذين تعلم بأنّ أحدهما خمر وإن فرض عدم إمكان تحقّق المخالفة خارجا ، ولذا لو فرض انّ المكلّف علم بحرمة المكث عليه امّا في هذا البلد أو ذاك البلد وفرض أنّه لا يمكنه في وقت واحد المكث في كلا البلدين فإنّ الترخيص بالمكث في كلا البلدين قبيح وإن كان لا يمكنه المكث فيهما معا ولا

٢٢٩

يتحقّق منه المخالفة القطعية خارجا.

دفع الوجه الأوّل

ويمكن دفع الجواب المذكور ببيانين : ـ

أحدهما

إنّ كل ترخيص من الترخيصين المشروطين حكم ظاهري بينما حرمة الإناء الخمري الموجود بين الإنائين حكم واقعي ، ونحن لا نرى تنافيا بين ذاك الحكم الظاهري وهذا الحكم الواقعي ، إذ التنافي بينهما يتصوّر بأحد أشكال ثلاثة : ـ

أ ـ أن يكون التنافي بينهما بلحاظ نفس الحكم والجعل فإنّ ذاك ترخيص وهذا تحريم ، والترخيص والتحريم أمران متضادّان لا يمكن اجتماعهما في شيء واحد ، فالإناء الخمري الثابت بين الإنائين لا يمكن أن يكون محرما ومرخصا فيه للتنافي الواضح بين الحرمة والترخيص.

وفيه : انّه لا مانع من ذلك لأنّ كلا من الترخيص والتحريم اعتبار ، والاعتبار سهل المؤونة فكما يمكن اعتبار الوجود والعدم في وقت واحد كذا يمكن اعتبار الرخصة والحرمة في شيء واحد.

ب ـ انّ يكون التنافي بينهما بلحاظ المبادئ ، فإنّ الإناء الخمري الثابت بين الإنائين إذا كان محرّما ومرخّصا فيه لزم اجتماع المفسدة والمصلحة فيه ـ لنشوء الحرمة عن مفسدة والترخيص عن مصلحة ـ وهو مستحيل.

٢٣٠

وفيه : انّ السيد الخوئي ( دام ظلّه ) يختار ـ كما قرأنا في القسم الأوّل ص ٢٦ من الحلقة الثالثة ـ قيام مبادئ الحكم الواقعي بالمتعلّق وقيام مبادئ الحكم الظاهري بنفس الجعل ، فمفسدة الحرمة الواقعية ثابتة في شرب الخمر بينما مصلحة الترخيص الظاهري ثابتة في نفس جعل الترخيص والحكم به لا بشرب الخمر فلا يلزم بناء على هذا اجتماع المصلحة والمفسدة في شيء واحد.

ج ـ أن يكون التنافي بينهما بلحاظ عالم الامتثال. وتصوير التنافي بينهما بلحاظ الامتثال بأحد النحوين التاليين : ـ

النحو الأوّل : انّ حرمة الإناء الخمري تقتضي في مقام الامتثال حرمة المخالفة القطعية ، وواضح انّ حرمة المخالفة القطعية تتنافى والترخيص الفعلي في ارتكاب كلا الإنائين.

وفيه : انّه اتّضح سابقا انّ اجتماع الترخيصين الفعليين في كلا الإنائين لا يؤدّي إلى حصول المخالفة القطعية خارجا بل ذلك مستحيل (١).

النحو الثاني : انّ حرمة الإناء الخمري تقتضي في مقام الامتثال وجوب الموافقة القطعية بترك كلا الإنائين ، وواضح انّ اجتماع الترخيصين الفعليين في كلا الإنائين وإن لم يلزم منه تحقّق المخالفة القطعية خارجا إلاّ أنّه يلزم منه تجويز ارتكاب أحد الإنائين الذي تفوت معه الموافقة القطعية.

وفيه : انّ العلم الإجمالي بحرمة أحد الإنائين وإن كان مستدعيا لوجوب الموافقة القطعية إلاّ ان استدعائه لذلك بنحو المقتضي لا بنحو العلّة التامّة ، فإنّ

__________________

(١) هذا النحو الأوّل للتنافي لم يشر له في عبارة الكتاب واشير له في التقرير ج ٥ ص ١٩٠

٢٣١

ذلك هو المفروض في بحثنا هذا ـ فإنّ بحثنا هذا بحث عن إمكان استفادة الترخيص في أحد الطرفين من طريق الأصل العملي بعد الفراغ عن إمكان الترخيص في أحد الطرفين واقعا ، فبعد الفراغ عن إمكان الترخيص ثبوتا نبحث عن مدى إمكان استفادته إثباتا وبلحاظ الأدلة ، وإذا كان جعل الترخيص في أحد الطرفين ممكنا واقعا فلازمه انّ العلم الإجمالي مقتض لوجوب الموافقة وليس علّة تامّة ؛ إذ لازم العلّية التامة عدم إمكان الترخيص واقعا في أحد الطرفين ـ وما دام استدعائه لذلك بنحو المقتضى فالموافقة القطعية تكون واجبة فيما لو لم يرخّص الشارع في عدمها فإذا فرضنا إمكان استفادة الترخيص في عدمها ببركة أدلّة الاصول العملية فلا تكون واجبة.

والخلاصة : انّه لا تنافي بين الترخيصين الظاهريين المشروطين وبين التحريم الواقعي ؛ إذ التنافي امّا بلحاظ نفس الجعل أو بلحاظ المبادئ أو بلحاظ الامتثال ، وقد اتّضح انّه لا تنافي في جميع هذه المراحل. ولم يبق للسيّد الخوئي إلاّ أن يقول انّي ادّعي التنافي بشكل رابع (١) ، وهو انّ نفس اجتماع الترخيصين الفعليين في ارتكاب المحرم الواقعي قبيح وإن لم تلزم مخالفة عملية قطعية خارجا.

وجوابه : ان هذه دعوى عهدتها على مدعيها ، فانّا لا نرى محذورا في الترخيص الفعلي في ارتكاب المحرم الواقعي ما دام لا يؤدي إلى المخالفة القطعية خارجا.

__________________

(١) التنافي بهذا الشكل الرابع لم يذكره السيد الشهيد في عبارة الكتاب مع انّ تمام نظر السيد الخوئي إليه فكان من المناسب الإشارة له

٢٣٢

والاستشهاد بمثال المكث في أحد المكانين قياس مع الفارق ، فان الترخيصين الفعليين في مقامنا يستحيل ان يؤديا إلى تحقق المخالفة القطعية خارجا ؛ إذ بمجرد ارتكاب أحد الإنائين يزول الترخيص من الثاني ، وهذا بخلافه في مثال المكث ، فان الترخيص بالمكث في كلا المكانين يمكن ان يؤدي إلى تحقق المخالفة القطعية خارجا.

بل يمكن ان نقول أكثر من هذا : ان الترخيصين الظاهريين في كلا الإنائين وان كانا بحسب اللفظ والصياغة ترخيصين إلاّ انهما بحسب الواقع والروح ترخيص واحد في ارتكاب أحد الإنائين ، ولا مانع عقلا من جعل ترخيصين في كلا الإنائين ما داما يرجعان روحا إلى جعل ترخيص واحد.

ثانيهما

ان اجتماع الترخيصات المشروطة لا يؤدي دائما إلى صيرورة الترخيصات المشروطة فعلية ، بل ذلك يلزم لو كان عدد الأواني اثنين ، وأمّا إذا فرضنا عددها ثلاثة وفرض ان الترخيص المشروط لم يجعل بالصياغة السابقة بل جعل بهذه الصياغة : ارخصك في ارتكاب الإناء الأوّل شريطة ترك أحد الإنائين الآخرين وارتكاب الثالث الآخر.

وبتعبير آخر : أنت مرخص في ارتكاب كل إناء بشرطين : عدم ارتكاب الثاني ، وعدم هجر الجميع. أنّه في هذه الحالة لا يلزم إجتماع الترخيصات الفعلية عند ترك الأواني الثلاثة إذ المفروض اشتراط كل ترخيص بإرتكاب أحد

٢٣٣

الأواني وعدم هجر الجميع فاذا هجر الجميع لم يتحقق الترخيص الفعلي (١).

الوجه الثاني

والجواب الثاني عن شبهه التخيير المشروط ما أشار له السيد الخوئي أيضا (٢) من ان الترخيص المشروط كما يمكن حصوله بالشكل الذي اقترحه الشيخ العراقي ـ وهو جعل الترخيص في كل طرف مشروطا بترك الآخر ـ كذلك

__________________

(١) ههنا نكتتان ترتبطان بالمقام نشير لهما : ـ

١ ـ قد يقال ان لازم هذه الصياغة الجديدة ان المكلّف إذا ترك جميع الأواني الثلاثة فلا يكون مرخصا في ارتكاب أي واحد من الأواني ، فاذا اراد ان يمدّ يده لتناول أحد الأواني فلا يكون مرخصا في ذلك وإنما يكون مرخصا بعد الإرتكاب ، وهو باطل جزما فإنه لا يمكن ثبوت الإباحة لشرب الماء مثلا بعد الشرب لا قبله.

ويمكن دفع ذلك بان الترخيص في كل طرف يؤخذ مشروطا بنحو الشرط المتأخر بترك أحد الإنائين الآخرين وفعل الآخر ، فاذا علم المكلّف بأنّه في عمود الزمان سوف يترك الثاني ويفعل الثالث جاز له ارتكاب الأوّل.

وهذا وان كان ينفع في حالة علم المكلّف بانه سوف يترك الثاني ويفعل الثالث ولا ينفع في حالة عدم علمه بحالته المستقبلية إلاّ انه لا يشكّل محذورا لا يمكن الالتزام به.

٢ ـ ما هي النكتة في إعتبار كون الأواني ثلاثة بدلا من كونها اثنين؟

ذلك لأجل انها لو كانت اثنين فاشتراط الترخيص في الأوّل بعدم هجر الاثنين وترك الثاني يرجع إلى كون الترخيص في الأوّل مشروطا بفعل نفس الأوّل ، فان عدم هجر الجميع المنضم الى ترك الثاني ينحصر مصداقه بفعل الأوّل. ومن الواضح ان جعل الترخيص في شيء مشروطا بفعل نفس ذلك الشيء أمر غير معقول

(٢) هذا الجواب غير مذكور لا في الدراسات ولا في مصباح الاصول ، ويتعين حصول السيد الشهيد عليه من السيد الخوئي مشافهة

٢٣٤

يمكن حصوله بشكل ثاني بان يقيد جريان البراءة في كل إناء بكونه قبل ارتكاب الإناء الآخر ، فالإناء الأوّل تجري البراءة فيه شريطة ان يكون ارتكابه قبل ارتكاب الإناء الثاني ، وهكذا الإناء الثاني تجري البراءة فيه شريطة كون إرتكابه قبل ارتكاب الإناء الأوّل ، فالبراءة تجري في كل طرف بشرط ان يكون إرتكابه هو الأوّل والأسبق.

كما ويمكن الحصول على التقييد المشروط بشكل ثالث غير الشكلين السابقين بأن يكون جريان البراءة في كل طرف مشروطا بكون إرتكابه بعد ارتكاب الطرف الآخر ، فالإناء الأوّل تجري البراءة فيه شريطة كون ارتكابه بعد ارتكاب الإناء الثاني ، وهكذا الإناء الثاني تجري فيه البراءة مشروطة بكون ارتكابه بعد ارتكاب الإناء الأوّل ، فالبراءة في كل طرف تجري شريطة كون ارتكابه ثانيا.

وعلى ضوء هذا يكون ارتكاب الإناء الأوّل محرما وارتكاب الإناء الثاني هو السائغ فالمولى لا يرخص لا في ارتكاب الإناء الأوّل ولا في ارتكاب الإناء الثاني ولكنه يقول لو عصيت وارتكبت أحد الإنائين فالإناء الآخر منهما ارخصك في إرتكابه.

وإذا كان الترخيص المشروط يمكن حصوله بأحد هذه الإشكال الثلاثة فلا وجه لتقدم الشكل الأوّل الذي اقترحه الشيخ العراقي على الشكلين الآخرين بل تحصل المعارضة بين إشكال التقييد المذكورة ويتساقط الجميع.

مناقشة الوجه الثاني

ويمكن مناقشة الجواب المذكور بان اطلاق الدليل لا يصح تقييده بحالة

٢٣٥

معينة إلاّ إذا فرض ان تلك الحالة ليس لها معارض ، اما إذا فرض ان لها معارضا ـ يمكن لو لا محذور المعارضة ان يشمله اطلاق الدليل ـ فلا يصح التقييد بها.

وفي مقامنا نقول ان تقييد دليل البراءة في كل طرف بحالة عدم ارتكاب الثاني تقييد ليس له معارض إذ المعارض ليس إلاّ جريان البراءة في كل طرف حتى في حالة ارتكاب الثاني ، وهذه الحالة لا يمكن ان يشملها اطلاق الدليل حتى لو قطع النظر عن المعارضة ، إذ البراءة في كل طرف حالة ارتكاب الطرف الآخر يعني الترخيص في المخالفة القطعية فان ارتكاب الأوّل بعد فرض ارتكاب الثاني موجب للقطع بإرتكاب المحرم ، وهذا بخلاف السبق واللحوق فان اطلاق دليل البراءة كما هو صالح لشمول السابق كذلك هو صالح لشمول اللاحق فهو صالح لشمول كل منهما في نفسه ، ومعه فيكون التقييد بأحدهما بالخصوص بلا وجه بعد ان كان اطلاق الدليل صالحا لشمول كل منهما فان التقييد كما قلنا لا يصح إلاّ بالحالة التي ليس لها معارض يمكن ان يشمله اطلاق الدليل.

وان شئت قلت : ان السيد الخوئي ذكر ان التقييد له أنحاء ثلاثة ولا مرجح لبعضها على الآخر فتتساقط جميعا ، ونحن نقول ان التقييد المقترح من الشيخ العراقي له مرجح حيث انه تقييد لدليل البراءة بحالة ليس لها معارض يمكن ان يشمله اطلاقه ـ دليل البراءة ـ بخلاف التقييد بشكليه الآخرين فانه تقييد بحالة لها معارض (١).

__________________

(١) لا يخفى ان المعارضة يمكن بيانها بشكلين : ـ

أ ـ ان تقييد الإباحة في الأوّل الإناء مثلا بما إذا كان أسبق معارض بالاباحة الجارية ـ

٢٣٦

الوجه الثالث

والجواب الثالث عن شبهة الترخيص المشروط ما أفاده السيد الخوئي أيضا (١). وحاصله : ان دليل الأصل له اطلاقان : اطلاق افرادي واطلاق احوالي ، فحديث « كل شيء لك حلال » يشمل باطلاقه الافرادي الإناء الأوّل والإناء الثاني معا ، وباطلاقه الاحوالي يدل على ان الاناء الأوّل حلال سواء ترك المكلّف الإناء الثاني أم ارتكبه ، وهكذا الإناء الثاني حلال سواء ترك المكلّف الإناء الأوّل أم ارتكبه.

والشيخ العراقي حافظ على الاطلاق الافرادي ـ ومن هنا جعل دليل الأصل شاملا لكل واحد من الأطراف ـ وقيّد الاطلاق الاحوالي ، حيث جعل الأصل شاملا لكل طرف ودالا على الترخيص فيه مشروطا بترك الطرف الآخر.

والحفاظ على الاطلاق الافرادي في كل طرف وتقييد الاطلاق الاحوالي ليس باولى من إخراج أحد الطرفين من الإطلاق الإفرادي والاحوالي معا مع بقاء الطرف الآخر مشمولا لهما ، ولازم ذلك ثبوت الترخيص في أحد الإنائين

__________________

ـ في الإناء الأوّل نفسه فيما إذا كان متأخرا حيث ان اطلاق « كل شيء لك حلال » كما يشمل الإناء الأوّل حالة سبقه يشمله أيضا حالة تأخره. وهكذا يقال بالنسبة إلى الإناء الثاني.

ب ـ ان تقييد الإباحة في الإناء الأوّل بما إذا كان اسبق معارض بالاباحة الجارية في الإناء الثاني بعد ارتكاب الإناء الأوّل حيث ان اطلاق « كل شيء لك حلال » كما يشمل الإناء الأوّل حالة سبقه كذلك يشمل الإناء الثاني ويدل على اباحته بعد ارتكاب الأوّل.

وعبارة الكتاب ظاهرة في إرادة البيان الثاني. ولعل الأوّل هو الأوجه

(١) لم نجد هذا الجواب أيضا في كلمات السيد الخوئي. وصدوره منه غريب لوضوح وهنه

٢٣٧

سواء ارتكب الطرف الآخر أم لا ، بخلاف الطرف الآخر فلا يكون الترخيص ثابتا فيه حتى عند عدم ارتكاب صاحبه.

مناقشة الجواب الثالث

وفيه ما تقدم في مناقشة الجواب الثاني فنفس ما أوردناه هناك نورده هنا ونقول ان صيغة التقييد التي اقترحها الشيخ العراقي أولى إذ لا يلزم بناء عليها حصول معارضه ، حيث ان الاطلاق الافرادي يكون شاملا للطرفين والاطلاق الاحوالي ساقط عنهما جزما ، وهذا بخلافه على هذه الصيغة الجديدة فان إخراج هذا الطرف من الاطلاق الافرادي والاحوالي معا ليس باولى من إخراج ذلك الطرف الآخر منهما.

الوجه الرابع

والجواب الرابع عن شبهة الترخيص المشروط ما أفاده السيد الخوئي أيضا (١). وحاصله : ان كل واحد من الترخيصين المشروطين حكم ظاهري ، والحكم الظاهري لا يمكن جعله وتشريعه إلاّ إذا كان من المحتمل مطابقته للحكم الواقعي. ونحن لو لاحظنا الترخيص المشروط لوجدنا ان مطابقته للواقع غير محتملة إذ لو كان المحرم هو الإناء الأوّل فحرمته حرمة مطلقة ـ أي سواء ارتكب الإناء الثاني أم لا ـ ولو كان مباحا فاباحته إباحة مطلقة أيضا. وهكذا الحال في

__________________

(١) كما في مصباح الاصول ج ٢ ص ٣٥٥ ولم يذكر فيه غير هذا الجواب

٢٣٨

الإناء الثاني.

فالترخيص المشروط إذن لا يحتمل مطابقته للواقع لا في هذا الإناء ولا في ذاك فلا يكون تشريعه معقولا.

مناقشة الجواب الرابع

وفيه : ان اللازم في الحكم الظاهري تواجد ركنين : ـ

أحدهما : الشكّ في الحكم الواقعي وعدم معلوميته ، إذ الغرض من جعل الحكم الظاهري هو التحفظ على الحكم الواقعي فاذا كان الحكم الواقعي معلوما فلا معنى للتحفظ عليه.

وتوفر هذا الركن واضح.

ثانيهما : كونه صالحا لتنجيز الحكم الواقعي أو التعذير عنه ولو ببعض المراتب. وهذا الركن متوفر أيضا ، فان الملاك اللزومي التحريمي لو كان ثابتا في الطرف المتروك كان الاجتناب عنه منجزا ، ولو كان ثابتا في الطرف المرتكب كان المكلّف معذورا.

هذا ما يعتبر توفره في الحكم الظاهري. وأكثر من ذلك ـ بان يكون محتمل المطابقة للحكم الواقعي ـ فغير لازم لعدم الدليل عليه (١).

__________________

(١) لا يقال : ان جعل الحكم الظاهري مع العلم بمخالفته للواقع لغو وغير معقول.

فانه يقال : ان اللغوية مسلمة لو لم يكن الحكم الظاهري قابلا لتنجيز الحكم الواقعي والتعذير عنه ولو ببعض المراتب وإلاّ كان معقولا

٢٣٩

الوجه الخامس

وتبنى السيد الشهيد قدس‌سره وجها آخر يرتكز على مبناه في تفسير حقيقة الحكم الظاهري ، فإنه يفسر الحكم الظاهري بالحكم الناشيء من تقديم الملاك الأهم.

وتوضيح الجواب المذكور الذي يرتكز على المبنى السابق يتم ضمن النقاط التالية : ـ

أ ـ ان الترخيص المشروط في كل طرف حكم ظاهري ، وما دام حكما ظاهريا فهو وليد عدم اهتمام المولى بالملاك اللزومي.

ب ـ ان الملاك الأهم لا يخلو واقعا من أحد اشكال ثلاثة. فاما ان يكون الأهم هو ملاك الحرام ، ولازم ذلك جعل الاحتياط وعدم الترخيص لا في هذا الإناء ولا في ذاك.

أو يكون الأهم هو ملاك المباح فيلزم جعل الترخيص في كلا الإنائين.

أو تكون الأهمية بلحاظ حرمة المخالفة القطعية دون وجوب الموافقة القطعية ، ولازم ذلك الترخيص في أحد الإنائين دون الآخر. ولا يوجد شكل رابع.

وبهذا نعرف ان الاحتمالات المتصورة في أهمية الملاك واقعا لا يتناسب شيء منها والترخيص المشروط ويرفض كل واحد منها الترخيص المشروط ، فان لازم الترخيص المشروط ان يكون عدم الاهتمام في كل طرف منوطا بترك الطرف الآخر وبالتالي يلزم عند ترك كلا الطرفين ان لا اهتمام راسا ، وذلك مما لا يتلائم مع الإشكال المحتملة في أهمية الملاك.

٢٤٠