الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-19-7
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٧

٢ ـ واذا حددنا الاجماع تحديدا كميا ، بان قلنا انه اتفاق العلماء بأسرهم على حكم معين سواء حصل العلم ام لا لزم ان تكون الشهرة الفتوائية ـ التي فرضنا انها دون الاجماع ـ عبارة عن افتاء اكثر الفقهاء بفتوى معينة سواء حصل العلم بالحكم ام لا ، فكل فتوى يفتي بها اكثر الفقهاء فهي شهرة فتوائية بدون فرق بين ان نجهل فتوى بقية الفقهاء او نظن بموافقتهم او نعلم بمخالفتهم ، فعلى جميع التقادير تصدق الشهرة الفتوائية.

ثم انه ينبغي الالتفات الى ان الشهرة الفتوائية اذا حصل العلم منها دخلت تحت الاجماع بالتحديد الكيفي فانا ذكرنا في التحديد الكيفي للاجماع انه الاتفاق الموجب للعلم سواء كان اتفاقا لكل الفقهاء ام لأكثرهم ، وبناء عليه اذا افادت الشهرة الفتوائية العلم صارت اجماعا بالتحديد الكيفي وبالتالي من وسائل الاثبات الوجداني.

وطبيعي ان تحصيل الشهرة الفتوائية للعلم يختلف باختلاف الموارد ، فان الاكثر الذي يفتي بالفتوى المشهورة اذا كان فيهم مثل المفيد والطوسى واضرابهم حصل اليقين بشكل اسرع ، بينما اذا لم يكن ضمنهم امثال هؤلاء لم يحصل اليقين بشكل سريع بل ربما لا يحصل ابدا.

كما وان الاعلام الذين لم يدخلوا مع المشهور قد تحرز مخالفتهم وقد لا تحرز ، وعدم الاحراز لربما يسهّل حصول اليقين بخلاف ما اذا احرز ذلك.

ثم ان الموقع العلمي للشخص المخالف له الاثر في هذا المجال ايضا ، فقد لا يكون للمخالف موقع علمي مهم فلا تكون مخالفته مانعة من حصول اليقين بخلاف ما لو كان له ذلك.

وباختصار : ان حصول اليقين من الفتوى المشهورة يتأثر باختلاف

٦١

خصوصيات متعددة لا بد من ملاحظتها.

وفي النهاية نلفت النظر الى ان عدّ الشهرة من وسائل الاثبات الوجداني انما هو باعتبار افادتها (١) للعلم احيانا ضمن الشروط المتقدمة.

قوله ص ٢٢١ س ٥ كما يأتي : اي في المبحث الآتي ص ٢٢٣ من الحلقة.

قوله ص ٢٢١ س ١٠ ما لم يقم دليل على التعبد بحجيته : وهذا البحث ـ اي البحث عن حجية الشهرة الفتوائية تعبدا ـ بحث مشهور بين الاصوليين وتأتي الاشارة اليه ص ٢٢٢ ص ٣.

قوله ص ٢٢١ س ١١ مجموعة الفقهاء : اي جميع الفقهاء بأسرهم. ولعل التعبير بـ « جميع الفقهاء » انسب.

قوله ص ٢٢٢ س ٤ وهذا خارج عن محل الكلام : لأن الكلام انما هو في وسائل الاثبات الوجداني ، وواضح ان الشهرة الفتوائية بناء على حجيتها التعبدية لا تكون من وسائل الاثبات الوجداني.

قوله ص ٢٢٢ س ٤ وانما يدخل في قسم الدليل غير الشرعي : لعل المناسب : وانما يدخل في وسائل الاثبات التعبدي.

__________________

(١) اي الشهره الفتوائيه والا فالشهرة الروائيه لا تفيد العلم كما تقدم

٦٢

وسائل الاثبات التعبدي

أو حجية الخبر

٦٣
٦٤

وسائل الاثبات التعبدي

قوله ص ٢٢٣ س ١ وأهم ما يذكر ... الخ : وسيلة الاثبات التعبدي عبارة اخرى عن الظن الذي قام الدليل القطعي على حجيته ، فيمكننا على هذا ابدال جملة « وسائل الاثبات التعبدي » بجملة « الظنون التي قام الدليل القطعي على حجيتها ».

والظنون التي بحث الاصوليون عن حجيتها متعددة كخبر الواحد ، الشهرة الفتوائية ، الاجماع المنقول وغير ذلك (١). ونحن نبحث عن واحد منها وهو خبر الواحد.

وليس المراد من خبر الواحد الخبر الذي يرويه شخص واحد بل كل خبر لم يبلغ حد التواتر حتى وان كان الراوي له اشخاصا متعددين.

ثم انه ليس المقصود من اثبات الحجية للخبر اثباتها لجميع اقسامه حتى مثل خبر غير الثقة الذي لم يعمل به المشهور بل اثباتها لبعض اقسامه ـ كخبر الثقة ـ في مقابل السيد المرتضى الذي نسب اليه السلب الكلي وانه لا شيء من الخبر بحجة.

والبحث عن حجية الخبر يقع في مرحلتين :

الاولى : اثبات حجيته على نحو الموجبة الجزئية ـ المعبر عنها بالقضية

__________________

(١) تقدمت محاولة ادخال الشهرة الفتوائية والاجماع تحت وسائل الاثبات الوجداني وان كان المشهور بين الاصوليين كونهما من وسائل الاثبات التعبدي

٦٥

المهملة ـ في مقابل السيد المرتض الذي ادعى السلب الكلي.

الثانية : بعد ثبوت حجية الخبر بنحو الموجبة الجزئية يقع الكلام عن تشخيص ذلك الخبر الثابت له الحجية فى الجملة ، فهل الحجة هو خبر الثقة او خبر العادل او الخبر الذي عمل به المشهور او غير ذلك.

المرحلة الاولى.

قوله ٢٢٣ س ٨ والمشهور بين العلماء ... الخ : المشهور ان خبر الواحد حجة بنحو الموجبة الجزئية. وخالف في ذلك المرتضى وابن زهرة وابن ادريس والطبرسي قدس‌سره حيث نسب لهم ان لا شيء من الخبر بحجة.

واستدل المشهور على الحجية بالكتاب والسنة والعقل.

اما الكتاب الكريم فاستدل منه بعدة آيات نذكر منها :

الآية الاولى.

آية النبأ المذكورة في سورة الحجرات : « ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ».

والاستدلال بها على الحجية بوجهين :

الاول : التمسك بمفهوم الشرط.

الثاني : التمسك بمفهوم الوصف (١).

اما تقريب الاستدلال بمفهوم الشرط فبأن يقال : ان الآية الكريمة علقت بمنطوقها وجوب التبين على شرط وهو مجيء الفاسق ، فتدل بمفهومها على عدم

__________________

(١) والفارق بين الوجهين يأتي عند التعرض للوجه الثاني

٦٦

وجوب التبين عند عدم مجىء الفاسق. وهذا المقدار واضح. وقد يتخيل انه به يتم الاستدلال بالآية الكريمة على حجية خبر العادل (١) ، ولكنه باطل ، فانه بمجرد عدم وجوب التبين لا تثبت الحجية ، اذ من الوجيه عدم وجوب التبين عن خبر العادل وفي نفس الوقت لا يكون حجة ولا يجب قبوله.

ولا جل تتميم الاستدلال نقول : اذا لم يجب التبين عن خبر العادل كان حجة اما :

ا ـ لان وجوب التبين عن خبر الفاسق كناية عرفا عن عدم حجيته فحينما يقال تبين عن خبر الفاسق يفهم منه عدم حجيته ، واذا دل المفهوم على عدم وجوب التبين عن خبر العادل كان ذلك عرفا كناية عن حجيته.

ب ـ او لما ذكره الشيخ الاعظم من ان وجوب التبين عن خبر الفاسق لو كان وجوبا نفسيا (٢) فلا يمكن استفادة حجية خبر العادل ، لان عدم وجوب التبين لا يلازم الحجية فلعله لا يجب التبين عن الخبر ومع ذلك لا يجب قبوله ، ولكنا نقول : ان وجوب التبين ليس وجوبا نفسيا بل هو وجوب شرطي ، بمعنى ان التبين شرط لجواز العمل بخبر الفاسق وبالمفهوم يستفاد اذا جاء العادل بالخبر فجواز العمل به ليس مشروطا بالتبين. والشيخ الاعظم اعتقدانه بهذا المقدار يتم الاستدلال بالآية بلا حاجة الى ضم مقدمة الأسوأية ، اذ جواز العمل بخبر العادل

__________________

(١) وذلك بعد ضمّ مقدمه الاسوأيه بان يقال اذا لم يكن خبر العادل حجه بل يرد من دون تبين حاله يلزم ان يكون حاله اسؤ من خبر الفاسق اذ الفاسق لم يرد خبره مباشره بل يفحص عن حاله فان لم يتضح صدقه ردّ وهذا بخلاف خبر العادل فانه يرد مباشره بلا فحص عن حاله فيكون اسوء

(٢) المقصود من الوجوب النفسي ان الفاسق اذا اخبر عن شيء وجب الفحص عن خبره سواء اريد العمل به ام لا

٦٧

اذا لم يكن مشروطا بالتبين فلازمه جواز العمل به بلا حاجة الى تبين وهو المطلوب.

هذا ويمكن ان يقال : ان هذا المقدار لا يكفي لتمامية الاستدلال بالآية ، اي ان مجرد عدم اشتراط جواز العمل بالتبين لا يدل على الحجية ، اذ حينما نقول : جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبين ففيه احتمالان :

١ ـ ان يكون المقصود : يجوز العمل بخبر العادل بلا حاجة الى تبين ، ولازم هذا حجية خبره. وهذا الاحتمال هو الذي فهمه الشيخ الاعظم ، وعلى اساسه اعتقد تمامية دلالة الآية على حجية خبر العادل.

٢ ـ ان يكون المقصود : لا يجوز العمل بخبر العادل حتى مع التبين فانه اذا لم يجز العمل به حتى مع التبين صدق ان جواز العمل بخبر العادل غير مشروط بالتبين. وهذا نظير ان يقال : جواز اكل لحم الخنزير ليس مشروطا بالمرض فان في ذلك احتمالين ، فيحتمل كون المقصود يجوز الاكل وان لم يكن هناك مرض ، كما ويحتمل ان يكون المقصود لا يجوز الاكل حتى مع افتراض المرض ، اذ على كلا الاحتمالين يصدق ان جواز الاكل غير مشروط بالمرض.

والى هنا اتضح ان الوجوب لو كان شرطيا فالاية بمفهومها تدل على ان جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبين ، واتضح ان في ذلك احتمالين احدهما يلائم الحجية والآخر لا يلائمها ، وبعد هذا نأخذ بابطال الاحتمال الثاني ـ ليتعين الاحتمال الاول الملائم للحجية ـ بوجهين :

١ ـ ان خبر العادل اذا لم يجز قبوله حتى بعد التبين يلزم ان يكون حال العادل اسوء من حال الفاسق ، اذ الفاسق بعد التبين عن خبره يجوز العمل بخبره ، فاذا فرض ان العادل لا يجوز العمل بخبره حتى بعد التبين لزم كون حاله اسوء.

٦٨

٢ ـ ان العادل اذا فحصنا عن خبره واتضح صدقه حصل العلم بصدقه وبعد العلم بصدقه كيف لا يكون حجة ولا يجب قبوله.

واذا بطل الاحتمال الثاني تعين الاحتمال الاول الذي بموجبه يكون خبر العادل حجة.

اعتراضان على آية النبأ

وقد اعترض على الاستدلال بآية النبأ بعدة اعتراضات ، والمهم منها اثنان :

الاول : ان الاية الكريمة من قبيل الشرطية المسوقة لبيان تحقق الموضوع ـ اي هي نظير « ان رزقت ولدا فاختنه » ـ والشرطية المسوقة لبيان تحقق الموضوع لا مفهوم لها كما هو واضح.

اما لماذا كانت الشرطية من القبيل المذكور؟ تكمن النكتة في كون الشرط هو المحقق للموضوع كما في رزق الولد ، فانه المحقق للولد ، اذ بدون رزق الله تعالى لا يمكن وجوده ، وهكذا في المقام ، فانه من دون مجيء الفاسق بالنبأ لا يتحقق نبأ الفاسق ، وكل شرطيه كان الشرط فيها محققا للموضوع فهي ما نصطلح عليها بالمسوقه لبيان تحقق الموضوع.

والجواب : ان كل شرطية لها موضوع وشرط. وفي المقصود من الموضوع والشرط في الآية الكريمة ثلاثة احتمالات على تقدير بعضها يكون لها مفهوم وعلى تقدير بعضها الآخر لا يكون لها ذلك. والاحتمالات هي :

ا ـ ان يكون الموضوع طبيعي النبأ لا خصوص نبأ الفاسق ويكون الشرط مجيء الفاسق بالنبأ ، فيصير المعنى هكذا : النبأ ان جاء به الفاسق وجب التبين عنه.

٦٩

والشرط ـ وهو مجيء الفاسق ـ بناء على هذا الاحتمال وان كان يحقق النبأ الا ان مجيء الفاسق بالنبأ ليس هو الوسيلة الوحيدة لتحقق اصل النبأ بل يمكن تحققه بمجىء العادل ايضا ، واذا لم يكن مجىء الفاسق هو الوسيلة الوحيدة كان للآية مفهوم اذ مرّ ص ١٧٤ ـ ١٧٥ من الحلقة : ان الشرط اذا لم يكن هو الاسلوب الوحيد لتحقق الموضوع كان له مفهوم.

ب ـ ان يكون الموضوع نبأ الفاسق بالخصوص لا طبيعي النبأ ، ويكون الشرط مجيء الفاسق به ، والتقدير هكذا : نبأ الفاسق اذا جاء به الفاسق وجب التبين عنه ، وبناء عليه يكون الشرط هو الطريق الوحيد لتحقق الموضوع ـ اذ نبأ الفاسق بقيد كونه نبأ الفاسق لا يتحقق الا بمجىء الفاسق ـ ومعه لا يثبت المفهوم جزما.

ج ـ ان يكون الموضوع هو المخبر ـ اي الجائي بالخبر ـ ويكون الشرط فسقه ، والتقدير هكذا : المخبر ان كان فاسقا وجب التبين عنه. وبناء عليه يثبت المفهوم جزما لان الشرط ليس هو المحقق للموضوع ، اذ فسق المخبر لا يحقق وجود المخبر كما هو واضح.

اذن على الاحتمال الاول والثالث يثبت المفهوم دونه على الاحتمال الثاني ، وحيث ان الظاهر من الآية الكريمة هو الاحتمال الاول ـ لانها اخذت الموضوع طبيعي النبأ ، وقالت : ان جاءكم فاسق بنبأ ولم تقل : ان جاءكم فاسق بنبأ الفاسق ، وهكذا لم تقل : المخبر ان كان فاسقا بل قالت : ان جاءكم فاسق بنبأ فالنبأ هو الموضوع ، ومجيء الفاسق هو الشرط ـ فالمفهوم ثابت.

الثاني : ان الآية ذكرت في ذيلها تعليلا يدل على ان خبر العادل ليس حجة اذ عللت وجوب التبين عن نبأ الفاسق باحتمال اصابة القوم بالجهالة وعدم العلم ،

٧٠

حيث قالت : ان تصيبوا قوما بجهالة ، اي مخافة ان تصيبوا قوما بالجهالة وعدم العلم ، وهذا يدل على ان كل خبر اذا لم يفد العلم فالتبين عنه واجب ، وخبر العادل حيث لا يفيد العلم فالتبين عنه واجب. وبكلمة اخرى : لو سلم دلالة الآية بقطع النظر عن التعليل على حجية خبر العادل لكن بسبب التعليل تدل على عدم حجيته ، وهذا نظير ما اذا قيل : لا تأكل الرمان لانه حامض ، فانه بقطع النظر عن التعليل يدل على النهي عن اكل خصوص الرمان ولكن مع الالتفات الى التعليل يستفاد ان كل حامض لا يجوز اكله وان لم يكن رمانا.

وقد اجيب عن هذا الاعتراض بعدة اجوبة نذكر منها ثلاثة :

١ ـ ان حصيلة الاعتراض ترجع الى معارضة التعليل للمفهوم على تقدير ثبوته ، ويمكن ان يقال : ان المعارضة بين المفهوم والتعليل هي من قبيل معارضة الخاص والعام ، فان التعليل عام يدل على ان كل خبر لا يفيد العلم فهو ليس حجة ، والمفهوم خاص يدل على ان خبر العادل حجة وان لم يفد العلم ، وواضح عند المعارضة بين الخاص والعام يخصص العام بالخاص فتصير النتيجة هكذا : كل ما لا يفيد العلم فهو ليس حجة الا خبر العادل فهو حجة وان لم يفد العلم.

ويمكن مناقشة الجواب المذكور بأنّا لا ندعي ان المفهوم منعقد وثابت ولكنه معارض بالتعليل حتى يقال ما تقدم ، بل ندعي ان التعليل ما دام قد اتصل بالمنطوق ولم يكن منفصلا عنه فلا ينعقد مفهوم اصلا ، اذ التعليل الدال على وجوب التبين حتى في خبر العادل يقتضي عدم انعقاد ظهور للآية في المفهوم ، اي لا يثبت لها ظهور في عدم وجوب التبين عن خبر العادل.

٢ ـ ما ذكره الميرزا بناء على مسلكه في معنى جعل الحجية ، حيث مر

٧١

ص ٢٥ من الحلقة انه يرى (١) ان المولى اذا قال جعلت الخبر حجة فمرجع ذلك الى اني جعلت الخبر علما وطريقا ، فمعنى جعل الحجية اذن هو جعل العلمية والطريقية. وقد استفاد قدس‌سره من هذا المسلك في موارد متعددة منها المقام حيث قال : بناء على المسلك المذكور يرتفع اشكال التعارض بين المفهوم والتعليل ، فان التعليل يقول : كل خبر لا يفيد العلم الوجداني فالتبين عنه واجب ، وهذا المقدار لا يتنافى مع المفهوم ، اذ المفهوم يقول ان خبر العادل لا يجب التبين عنه اي هو حجة ، وحيث ان معنى الحجية جعل العلمية فيصير معنى المفهوم : جعلت خبر العادل علما ، فخبر العادل خارج من موضوع التعليل لان موضوع التعليل هو الخبر الذي لا يفيد العلم ، والمفروض ان خبر العادل علم ومعه فلا منافاة. ثم ان هذا الخروج خروج تعبدي وليس حقيقيا ، اذ بجعل خبر العادل حجة لا يصير علما حقيقة بل علما تعبدا. ومثل هذا الخروج التعبدي يسمى بالحكومة. والدليل المخرج ـ بكسر الراء ـ يسمى بالحاكم ، والدليل الآخر المخرج منه يسمى بالمحكوم ، فالمفهوم حيث انه يخرج خبر العادل من التعليل فهو حاكم ، والتعليل الذي خرج منه خبر العادل محكوم (٢).

ويرد على هذا الوجه الميرزائي انه مبني على مسلك جعل العلمية ونحن لا نسلمه ، وعلى تقدير تسليمه فالميرزا ذكر ان المفهوم يصير هكذا : خبر العادل

__________________

(١) وهكذا السيد الخوئي « دام ظله »

(٢) قد يقال : ان جواب الميرزا هذا يتم على تقدير ثبوت المفهوم وانعقاده ، فانه بعد ثبوته يصير حاكما على التعليل ، ولكن مرّ سابقا ان التعليل ما دام متصلا بالمفهوم فلا ينعقد ظهور في المفهوم اصلا فكيف يصير حاكما على التعليل. والجواب : ان التعليل انما يمنع من انعقاد المفهوم فيما لو كان منافيا له ، فاذا قلنا ان المفهوم حاكم على التعليل فلا يكون منافيا له حتى يمنع من انعقاده

٧٢

علم ، وهذا شيء مقبول ، ولكن نقول : كما ان المفهوم جعل الحجية ـ اي العلمية ـ لخبر العادل كذلك المنطوق سلب الحجية عن خبر الفاسق ، واذا كانت الحجية الثابتة في المفهوم معناها جعل العلمية فيلزم ان يكون سلب الحجية الدال عليه المنطوق معناه عدم جعل العلمية فيصير المنطوق هكذا : خبر الفاسق ليس حجة اي ليس علما ، ثم بعد هذا نقول : ان التعليل بعمومه يريد توسعة الحكم الثابت في المنطوق ـ فحينما يقال : لا تاكل الرمان لانه حامض يكون التعليل مفيدا لتوسعة حرمة الاكل لكل حامض وان لم يكن رمانا ـ اي يريد ان يعمم وجوب التبين وعدم الحجية وبالتالي سلب العلمية عن كل خبر لا يفيد العلم الوجداني فيصير مفاد التعليل هكذا : كل ما لا يفيد العلم الوجداني فهو ليس حجة اي لا اجعله علما تعبدا. ثم نقول : لو ضممنا التعليل بعد توسعته الى المفهوم لم نجد بينهما حكومة بل كمال المعارضة ، فان التعليل يقول : كل خبر لا يفيد العلم الوجداني ـ ومنه خبر العادل ـ لم اجعله علما ، والمفهوم يقول : جعلت خبر العادل علما ، وبتعبير آخر : احدهما يقول : خبر العادل ليس علما ، والآخر يقول : خبر العادل علم ، وواضح ان مثل هذين اللسانين ليس بينهما حكومة بل هما متعارضان (١) ، اذ احدهما يثبت العلمية لخبر العادل والآخر ينفيها عنه ، وهذا نظير ما اذا قال شخص : زيد عالم ، وقال آخر : زيد ليس بعالم ، فهل ترى ان احدهما حاكم على الآخر؟ كلا ، بل هما متعارضان.

ولاجل ان يتضح المقصود اكثر نقول : ان هنا نكتتين لم يوجه الميرزا نظره

__________________

(١) اي هما متعارضان بنحو العموم والخصوص ، فالتعليل عام والمفهوم خاص ـ وليس بينهما حكومة كما اعتقد الميرزا ـ ولكن لا يمكن ان يخصص المفهوم التعليل لما مر في الجواب الاول من عدم امكان التخصيص

٧٣

اليهما ، فهو قد التفت الى ان المفهوم يجعل الحجية لخبر العادل وبالتالي يجعله علما ، ونحن نسلم هذا ، ولكن هنا نكتتان احداهما : ان المفهوم كما يثبت الحجية والعلمية لخبر العادل كذلك المنطوق ينفي الحجية والعلمية عن خبر الفاسق. وثانيتهما : ان التعليل يوسع من عدم الحجية وسلب العلمية لكل خبر لا يفيد العلم الوجداني. وبعد الالتفات الى هذا يصير التعليل مفيدا لسلب العلمية عن خبر العادل بينما المفهوم يفيد جعل العلمية له فتحصل المعارضة بينهما ولا يكون احدهما حاكما على الآخر.

٣ ـ ما ذكره الآخوند من ان التعليل لا ينافي المفهوم ، حيث ان هناك فرقا بين الجهل والجهالة ، فمعنى الجهل هو عدم العلم ، بينما الجهالة ليست بمعنى عدم العلم بل بمعنى الفعل السفهي ، اي الفعل الذي لا ينبغي صدوره من العاقل ، ولعل الاستعمالات العرفيه اليوم تشهد بذلك ، فحينما يقال : ما هذه الجهالة منك يراد : ما هذا الفعل السفهي الذي لا ينبغي صدوره من العاقل ولا يراد : ما هذا الفعل غير العلمي (١).

وبعد هذا نقول : بناء على ان الجهالة بمعنى الفعل السفهي لا يكون التعليل عاما لخبر العادل ، اذ الاخذ بخبره ليس سفهيا ومما لا ينبغي صدوره من العاقل. وبكلمة ثانية : ان التعليل يدل على عدم حجية كل خبر يكون الاخذ به سفهيا ، وواضح ان الاخذ بخبر العادل ليس سفهيا حتى يكون التعليل دالا على عدم حجيته (٢).

__________________

(١) والشيخ المظفر قدس‌سره في كتابه « اصول الفقه » ادعى انه لم يجد في اللغة استعمال الجهالة في الجهل وعدم العلم ابدا

(٢) واورد في التقرير ٤ / ص ٣٦٠ على هذا الجواب : انه لا معين لحمل الجهالة على السفاهة ، ـ

٧٤

التقريب الثاني للاستدلال بآية النبأ.

ذكرنا فيما سبق ان اية النبأ يمكن الاستدلال بها على حجية خبر العادل بمفهوم الشرط تارة ومفهوم الوصف اخرى. وفيما سبق كنا نتحدث عن التقريب الاول وهو مفهوم الشرط ، ومن الآن نريد التمسك بمفهوم الوصف (١). وتقريب ذلك : ان كلمة « فاسق » وصف يدل بالمفهوم على انه اذا جاءكم عادل بنبأ فلا تتبينوا ، وهذا هو مطلوبنا. ولأجل ان يتم هذا التقريب لا بد وان نبني على احد امرين :

ا ـ ثبوت المفهوم للوصف خلافا لما تقدم في مبحث الوصف ـ وهو المشهور ايضا ـ من عدم ثبوته.

ب ـ ثبوت المفهوم لوصف الفاسق في خصوص الآية الكريمة ـ وان لم يكن له ذلك في سائر الموارد ـ باعتبار ان لازم عدم ثبوت المفهوم له وجوب التبين عن خبر العادل كما يجب عن خبر الفاسق ، ومع ثبوته نسأل : هل ان وجوب التبين

__________________

ـ ومن المحتمل ارادة عدم العلم منها

(١) ينبغى الالتفات الى انه اذا اردنا اخذ المفهوم من الشرط غيّرنا الشرط والجزاء فقط دون غيرهما ، فحينما نقول : اذا جاءك زيد فاكرمه فالشرط « اذا جاءك » والجزاء « فاكرمه » وحينما نأخذ المفهوم نغيرهما ونقول : اذا لم يجىء زيد فلا تكرمه ، واما في مفهوم الوصف فنغير الحكم والوصف ففي قولنا اكرم الرجل العالم يصير المفهوم لا تكرم الرجل الجاهل. وباتضاح هذا نأتي الى الآية الكريمة ، فالمفهوم فيها ان اردنا اخذه من الشرط صار المعنى : ان لم يجيء الفاسق بنبأ فلا تتبينوا ، بينما لو اردنا اخذه من الوصف صار المعنى : ان جائكم عادل بنبأ فلا تتبينوا. اذن لو اردنا اخذ المفهوم من الوصف فالشرط لا نغيره بل نغير وصف الفاسق الى العادل ، واما اذا اردنا اخذه من الشرط فالوصف لا نغيره بل نغير الشرط

٧٥

الثابت لخبر العادل هو نفس وجوب التبين الثابت لخبر الفاسق او غيره؟ وكلا الاحتمالين باطل.

اما الاول : فلأن وجوب التبين الثابت لخبر الفاسق بما انه مقيد بالفاسق فلا بد وان يكون منتفيا عن العادل وغير ثابت له ، اذ الحكم المقيد بقيد خاص لا بد وان ينتفي عند انتفاء ذلك القيد الخاص طبقا لقاعدة الاحتراز في القيود المتقدمة ص ١٣٤ من الحلقة. اذن وجوب التبين الثابت للعادل لا يمكن ان يكون هو نفس وجوب التبين المقيد بالفاسق بل لا بد وان يكون غيره.

واما الثاني ـ وهو مغايرة وجوب التبين الثابت للعادل لوجوب التبين الثابت للفاسق ـ فلأن تشريع وجوب التبين بنحو يختص بالعادل بحيث يكون موضوعه خصوص العادل امر غير محتمل ، فان كون المخبر عادلا لا يحتمل اقتضاءه لوجوب التبين ، بل المقتضي له اما مطلق الخبر او خصوص ما اذا كان المخبر فاسقا. هذه حصيلة الاستدلال بمفهوم الوصف.

ويرده : ان كلا الامرين اللذين يتوقف على احدهما الاستدلال باطل.

اما الاول ـ وهو ثبوت المفهوم للوصف بشكل عام ـ فلما تقدم في مبحث الوصف من عدم ثبوت المفهوم له خصوصا فيما اذا ذكر من غير موصوف ـ كما في الاية ، فان وصف الفاسق ذكر وحده بلا موصوف ، اذ لم يقل « ان جاءكم رجل فاسق بنبأ » ، بل قيل ان جاءكم فاسق ـ ووجه الخصوصية ان الوصف اذا ذكر بلا موصوف كان اشبه باللقب (١) ، وواضح لدى كل انسان عرفي ان اللقب لا

__________________

(١) اللقب هو كل لفظ يعد ركنا في الكلام كزيد وقائم في قولنا زيد قائم ، فانه تتركب منهما الجملة ولا يمكن الاستغناء عنهما فكل منهما يسمى باللقب. وهو لا مفهوم له والا كان اللازم ـ

٧٦

مفهوم له.

واما الثاني ـ وهو ثبوت المفهوم لوصف الفاسق في خصوص الآية الكريمة ـ فلأن ثبوت وجوب التبين لخصوص خبر العادل انما يكون باطلا فيما لو كان وجوب التبين وجوبا مولويا تكليفيا اذ لا يحتمل ثبوت التكليف بالتبين لخصوص العادل ولكنا نقول انه ليس وجوبا تكليفيا بل ارشاد الى عدم الحجية وكناية عن ذلك ، فكانه قيل ان خبر العادل ليس حجة ولا يقتضي الحجية وليس موضوعا لها ، وواضح ان هذا شيء معقول وان كان اثبات التكليف بوجوب التبين لخبر العادل بخصوصه غير معقول.

قوله ص ٢٢٤ س ١٢ كما تقدم في مباحث الامر : اي ص ١١٨.

قوله ٢٢٥ س ١ لان الشرطية منتفية في كلتا الحالتين : اي ان كون جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبين يصدق سواء كان العمل بخبر العادل جائزا من دون حاجة الى تبين ام كان غير جائز حتى بعد التبين.

قوله ص ٢٢٥ س ١١ تصويرها : المناسب : تصويرهما.

قوله ص ٢٢٦ س ٨ كما تقدم توضيحه : اي ص ١٧٤ ـ ١٧٥ من الحلقة.

قوله ص ٢٢٦ س ١٢ اسراء الحكم المعلل : وهو وجوب التبين الذي هو

__________________

ـ ان نستفيد من كلمة « زيد » ان غير زيد ـ كعمرو وخالد ـ ليس قائما وهو باطل جزما ، اذ اثبات شيء لشيء لا يدل على نفيه عما عداه ، وهكذا كلمة « قائم » ليس لها مفهوم والا استفدنا منها نفي الصفات الاخرى غير القيام عن زيد اي نستفيد ان زيدا ليس بمجتهد ولا بمؤمن ولا بشاعر و .... وهو باطل جزما ، فان اثبات صفة القيام لزيد لا يدل على نفي غيرها عنه. وبهذا اتضح ان كلمة « فاسق » في الاية حيث ذكرت وحدها بلا موصوف فهي ركن اساسي لا يستغنى عنه فتكون من اللقب ، وهذا بخلاف ما اذا ذكر الموصوف معها فانه يمكن الاستغناء عنها حينذاك فتكون وصفا لا لقبا

٧٧

كناية عن عدم الحجية.

قوله ص ٢٢٦ س ١٣ الى سائر موارد عدم العلم : اي ومنها خبر العادل.

قوله ص ٢٢٧ س ٦ عدم انحصار الجزاء : وهو وجوب التبين.

قوله ص ٢٢٨ س ٣ في رتبة واحدة : اي ليس احدهما حاكما على الآخر بل كلاهما ناظر الى شيء واحد وهو خبر العادل واحدهما يثبت له العلمية والآخر ينفيها عنه.

قوله ص ٢٢٨ س ٨ غير المتزن : اي غير العقلائي.

قوله ص ٢٢٨ س ١٠ حيث انيط وجوب التبين بفسق المخبر : لا بد من الالتفات الى انه في الوجه الاول للاستدلال ـ وهو التمسك بمفهوم الشرط ـ حينما اراد قدس‌سره بيان مفهوم الشرط عبّر بان الآية ربطت وجوب التبين بمجىء الفاسق ، واما هنا اي عند بيان مفهوم الوصف لم يعبر ان الآية ربطت وجوب التبين بمجىء الفاسق بل عبّر ربطته بفسق المخبر. ووجه تغيير التعبير واضح على ما اشرنا له سابقا ، فانه عند اخذ مفهوم الشرط لا نتوجه الى الوصف وهو فسق المخبر بل الى الشرط اي مجىء الفاسق فنقول ان الآية علقت وجوب التبين على مجىء الفاسق الذي هو الشرط ، واما عند اخذ مفهوم الوصف فالامر بالعكس تاما اي لا نتوجه الى الشرط بل الى الوصف فنقول ان الاية علقت وجوب التبين على فسق المخبر الذي هو الوصف.

قوله ص ٢٢٨ س ١٥ انتفاء شخص ذلك الوجوب : اي انتفاء وجوب التبين الثابت للفاسق ، ان مثل هذا الوجوب لا بد وان يكون منتفيا عن العادل ، فلو كان ثابتا له فهو وجوب آخر غير الوجوب الثابت للفاسق.

قوله ص ٢٢٩ س ٢ له : اي لخبر العادل.

٧٨

قوله ص ٢٢٩ س ٢ خلاف القاعدة المذكورة : اي قاعدة الاحتراز في القيود.

قوله ص ٢٢٩ س ٥ هذا : اي الثابت لخبر العادل.

قوله ص ٢٢٩ س ٩ اما اللحاظ الاول : هذا رد للامر الاول الذي يبتني عليه الاستدلال بمفهوم الوصف. وقوله « واما اللحاظ الثاني » فهو اشارة الى رد الامر الثاني.

قوله ص ٢٢٩ س ١٣ ليس حكما مجعولا : اي ليس حكما تكليفيا مجعولا.

قوله ص ٢٢٩ س ١٤ ومرجع ربطه بعنوان : اي عنوان خبر العادل.

قوله ص ٢٢٩ س ١٧ بهذا المعنى : اي بمعنى عدم الحجية.

الاية الثانية.

قوله ص ٢٣٠ س ١ ومنها آية النفر ... الخ : والاية الثانية التي استدل بها على حجية الخبر قوله تعالى في سورة برائة : « فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون » (١). وتقريب الاستدلال بها يتوقف على مقدمات ثلاث :

١ ـ انها دلت على وجوب حذر القوم الباقين الذين انذرهم المنذرون.

٢ ـ ان وجوب الحذر ثابت مطلقا ولا يختص بما اذا حصل العلم من انذار المنذرين.

__________________

(١) ـ مضمون الآية الكريمة ان كل قبيلة من القبائل يلزم ان يرحل جماعة منها الى بلد العلم كالمدينة المنورة في ذلك الزمان ليتعلموا الفقه الاسلامي ثم يرجعوا الى اوطانهم لينذروا قومهم الباقين ليحذر هؤلاء الباقون. وقد يبين معنى الآية بشكل آخر

٧٩

٣ ـ ان وجوب الحذر مطلقا يدل على حجية انذار المنذرين ، والا لما وجب الحذر الا عند ما يحصل العلم من انذارهم.

وعلينا اثبات المقدمة الاولى ، اذ بامكان قائل ان يقول انه الآية قالت « لعلهم يحذرون » ، وكلمة « لعل » لا تدل على الوجوب ، ومعه كيف يستفاد وجوب الحذر؟ ولا ثبات ذلك يمكن تقديم بيانات ثلاثة :

ا ـ ما في معالم الاصول من ان كلمة « لعل » وان لم تدل على الوجوب لكنها على الاقل تدل على ان ما يقع بعدها شيء محبوب وراحج ، فالحذر الواقع بعد « لعل » شيء محبوب ، وهذا يفهمه كل من يقرأ الآية. واذا ثبت رجحان الحذر ثبت كونه واجبا ، فرجحان الحذر يستلزم وجوبه. ووجه ذلك : ان الحذر اذا كان راحجا فالمقتضي له ـ الحذر ـ لا بد وان يكون ثابتا والا كيف يكون راجحا ، ومع ثبوت المقتضي للحذر يلزم وجوبه ، اذ كيف لا يكون الحذر واجبا مع افتراض ثبوت المقتضي له.

وباختصار : توجد ملازمة بين رجحان الحذر ووجوبه ، وحيث ان الآية تدل على رجحانه يثبت وجوبه ايضا (١).

ب ـ ان الغاية المقصودة من النفر هي الحذر ، فالنفر والانذار وجبا لأجل ان يتحقق الحذر ، وبما ان النفر واجب (٢) فغايته لا بد وان تكون واجبة ايضا ، لان غاية الواجب لا بد وان تكون واجبة ، اذ كيف يكون الشيء واجبا ولا تكون

__________________

(١) الملازمة بين الرجحان والوجوب يدعيها صاحب المعالم في خصوص الحذر لا في جميع الاشياء ، ومعه فلا يشكل بان غسل الجمعة وغيره من المستحبات راجح وليس بواجب

(٢) الدليل على كون النفر واجبا كلمة « لو لا » ، فانها تدل على التحضيض اي الطلب بشدة ، والطلب بشدة عبارة اخرى عن الوجوب

٨٠