الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-19-7
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٧

واحد ، واما اذا بني على ان الوجوب يبقى على الجامع ولا يسري الى الافراد فالمثال المذكور ممكن ، اذ لا يلزم اجتماع الامر والنهي في شيء واحد بل يكون الوجوب مستقرا على طبيعي الصلاة والنهي على الحصة.

٢ ـ لو وجب شيء معين وشك في كونه واجبا معينا او مخيرا كما لو قال المولى ان افطرت وجب عليك صوم شهرين وشك في كون الصوم واجبا معينا لا يجزي عتق الرقبة بدله او مخيرا بينه وبين العتق ، ونفترض ان الاطلاق لم يمكن لسبب وآخر التمسك به لاثبات كون الصوم واجبا معينا ففي مثله ان بني على الاتجاه الثاني القائل بان مرجع التخيير الى تعلق الوجوب بالجامع من دون سراية الى الافراد يكون الشك في المثال المذكور راجعا الى الشك في ان الواجب هو الجامع او خصوص الصوم ، وبتعبير ثان يكون الشك راجعا الى الشك في التخيير والتعيين ، فانه اذا كان الواجب خصوص الصوم فلازمه التعيين واذا كان هو الجامع فلازمه التخيير بين الصوم والعتق ، ومتى ما كان الامر دائرا بين التعيين والتخيير فقد ذكر بعض الاعلام (١) ان البراءة تجري عن خصوصية التعيين ولازمه جواز الاكتفاء بالعتق بينما اختار بعض آخر جريان الاشتغال وتعين خصوص الصوم.

واما على الاتجاه الاول القائل بان مرجع التخيير الى الوجوبات المشروطة فالاصل يقتضي البراءة من دون اختلاف فان الصوم اذا كان واجبا مخيرا فلازمه ـ بناء على رجوع التخيير الى وجوبات مشروطة ـ اشتراط وجوب الصوم بعدم العتق ، فعند العتق لا يكون وجوب الصوم ثابتا ، هذا لو كان الصوم واجبا مخيرا ، واذا كان معينا فلازمه كون وجوب الصوم مطلقا وغير مشروط بعدم العتق. اذن

__________________

(١) على ما يأتي في الجزء الثاني من هذه الحلقة انشاء الله

٣٦١

على الاتجاه الاول يرجع الشك الى الشك في كون الصوم هل هو واجب مشروط بعدم العتق او مطلق وبالتالي لو اتينا بالعتق فسوف نشك في ثبوت الوجوب للصوم ـ اذ نحتمل ان يكون وجوب الصوم مشروطا بعدم العتق ـ وعند الشك في ثبوت التكليف يرجع الى البراءة بلا خلاف بين الاعلام.

ولاستيضاح المطلب اكثر نقول : ان الشك في وجوب الصوم يتولد في حالة ما اذا اتي بما يحتمل كونه بديلا وهو العتق فعند الاتيان بالعتق يحصل الشك في وجوب الصوم ، وفي هذه الحالة تجري البراءة عن وجوبه ، واما في حالة عدم الاتيان بالعتق فلنا جزم بوجوب الصوم ولا شك فيه لتجري البراءة عنه فوجوب الصوم معلوم على احد تقديرين ومشكوك على تقدير ثان فهو معلوم على تقدير عدم الاتيان بالعتق ومشكوك على تقدير الاتيان به ، ونحن نريد ان نجري البراءة حالة الاتيان بالعتق ولا نريد اجراءها حالة عدم الاتيان به.

وخلاصة القول في بيان هذه الثمرة : انه على الاتجاه الثاني تجري البراءة على رأي بعض الاعلام والاشتغال على رأي بعض آخر ، بينما على الاتجاه الاول تجري البراءة من دون اختلاف (١).

قوله ص ٣٦٧ س ١٢ ليس من ناحيتها الاعقاب واحد في فرض ترك الجميع : قد يقال بان رجوع الوجوبات المشروطة المتعددة الى وجوب واحد ان كان يدفع اشكال تعدد العقاب فلماذا لا يذكر نفس هذا في الدفاع في حق الاتجاه الاول ، فانه قد اورد على الاتجاه الاول بان لازمه تعدد العقاب فلماذا لا يدفع هذا المحذور ويقال بان الوجوبات المشروطة المتعددة حيث انها ترجع الى وجوب

__________________

(١) نؤكد على ان البراءة المراد اجراؤها هي البراءة عن وجوب الصوم حالة العتق لا البراءة عنه حالة عدمه ، كما ونؤكد ان حصيلة الثمرة ترجع الى انه على الاتجاه الاول يكون اجراء البراءة حتميا وبلا خلاف بينما على الاتجاه الثاني يوجد اختلاف

٣٦٢

واحد فلا يلزم عند مخالفتها تعدد العقاب.

والجواب : انه فرض على الاتجاه الثالث كون الوجوب الصادر من الشارع واحدا وهو الوجوب المتعلق بالجامع بيد ان هذا الوجوب الواحد المنصب على الجامع يسري الى الافراد ، ومعه فيكون القول برجوع الوجوبات المشروطة المتعددة الى الوجوب الواحد المتعلق بالجامع وجيها ، واما على الاتجاه الاول فلم يفرض كون الوجوب الصادر من الشارع واحدا متعلقا بالجامع بل فرض العكس حيث فرض ان الصادر ابتداء متعدد ومتعلق بالافراد تعلقا مشروطا من دون ان يكون في البداية واحدا متعلقا بالجامع حتى يقال برجوع الوجوبات المشروطة المتعددة المتعلقة بالافراد الى ذلك الوجوب الواحد المتعلق بالجامع.

قوله ص ٣٦٧ س ١٤ بالنحو المذكور : اي سريانا مشروطا.

قوله ص ٣٦٧ س ١٥ وعليه : اي على الاتجاه الثاني.

قوله ص ٣٦٨ س ٩ بلا موجب : اي بعد جعل الوجوب على الجامع.

قوله ص ٣٦٨ س ١٣ لأن الكلام هنا : اي في هذا الافتراض الذي نتكلم فيه حيث افترضنا ان السراية الحاصلة ثابتة في مرحلة الشوق والارادة دون مرحلة نفس الوجوب والحكم.

قوله ص ٣٦٨ س ١٤ عن المبادىء التكوينية : وهي الشوق والارادة.

قوله ص ٣٦٨ س ١٤ وهذه الملازمة : اي الملازمة بين حب الجامع والشوق اليه وبين الشوق الى افراده شوقا مشروطا.

قوله ص ٣٦٩ س ٨ اي في ثبوته : اي ان الشك في اطلاق الوجوب واشتراطه معناه بعبارة اخرى هو الشك في ثبوت وجوب الصوم عند الاتيان بالعتق الذي يحتمل كونه بديلا عن الصوم.

٣٦٣

قوله ص ٣٦٩ س ٩ وهذا شك في الوجوب الزائد : اذ وجوب الصوم حالة عدم الاتيان بالعتق معلوم وليس مشكوكا ، واما عند الاتيان به فيحصل الشك في وجوب الصوم وهو شك في وجوب زائد على الوجوب المتيقن حالة عدم العتق.

٣٦٤

الوجوب الغيري

لمقدمات الواجب

٣٦٥
٣٦٦

الوجوب الغيري لمقدمات الواجب :

قوله ص ٣٧٠ س ١ اتضح مما تقدم ... الخ :

هذا هو المبحث المعروف بأن « مقدمة الواجب واجبة او لا » او « ان ما لا يتم الواجب الا به (١) واجب او لا » ويمكن فهرسة مطالب هذا المبحث ضمن خمس نقاط :

١ ـ تقدم ص ٣٣٦ من الحلقة ان الواجب اذا كان له مقدمة يتوقف وجوده عليها ـ كالسفر بالنسبة الى الحج ـ فتحصيلها واجب ، لان وجوب الحج يحرك نحو متعلقه ـ وهو الحج ـ وبالتبع يحرك نحو السفر ايضا لعدم تحقق الحج الا بالسفر ، فالتحريك نحو الحج تحريك نحو السفر.

٢ ـ لرب قائل يقول ان بحث الاصوليين عن وجوب مقدمة الواجب بحث غير وجيه ، اذ من الواضح لدى الجميع ان الحج اذا كان واجبا فمقدمته وهي السفر يلزم الاتيان بها ولا يسوغ تركها ، اذ بتركها لا يتحقق الحج والمفروض وجوبه.

والجواب : ان الاصوليين يسلمون بان مقدمة الواجب واجبة عقلا بمعنى ان السفر لا بدّ من الاتيان به عقلا لتوقف امتثال وجوب الحج عليه ، فالوجوب العقلي الذي هو بمعنى اللابدية العقلية لم يقع فيه اختلاف بين الاصوليين وانما

__________________

(١) « وما لا يتم الواجب الا به » عبارة اخرى عن المقدمة ، حيث ان ذا المقدمة لا يتم ولا يوجد الا بالمقدمة

٣٦٧

الاختلاف وقع في ان مقدمة الواجب التي هي واجبة عقلا هل هي واجبة شرعا ايضا او لا ، فالنزاع انما هو في الوجوب الشرعي دون الوجوب العقلي بمعنى اللابدية.

٣ ـ المشهور بين الاصوليين ثبوت الوجوب الشرعي للمقدمة اي ان مقدمة الواجب واجبة شرعا غير ان وجوبها وجوب تبعي ، وفي المقصود من الوجوب التبعي احتمالان :

أ ـ ان الوجوب النفسي المتعلق بالحج يولد الوجوب الغيري المتعلق بالسفر ، فوجوب السفر حيث انه متولد ومعلول لوجوب الحج يسمى بالتبعي.

ب ـ ان الشارع حينما يشرع وجوب الحج لا بدّ من وجود ملاك ومصلحة تقتضي الوجوب ، وهذا الملاك سبب لنشوء وجوبين احدهما الوجوب النفسي للحج وثانيهما الوجوب الغيري للسفر ، بيد ان هذا الملاك لما كان اولا وبالذات يقتضي وجوب الحج وثانيا وبالتبع يقتضي وجوب السفر سمي وجوب السفر بالتبعي حيث ان الملاك يستتبعه ثانيا وبالتبع.

٤ ـ عرّف الواجب الغيري بتعريفين فتارة قيل بانه الواجب الذي وجب لاجل غيره واخرى بأنه ما وجب لاجل واجب آخر (١) ، فالسفر مثلا واجب لاجل غيره وهو الحج كما ويصدق عليه انه وجب لاجل واجب آخر ، هذا بالنسبة الى الواجب الغيري ، واما الواجب النفسي فهو ما وجب لا لأجل الغير ولا لأجل واجب آخر.

٥ ـ اشكل على التعريف المتقدم بان لازمه صيرورة جميع الواجبات النفسية غيرية ، فالصلاة مثلا تصبح واجبا غيريا ، لان تشريع الوجوب لها لا بدّ

__________________

(١) والفارق بين التعريفين يتضح فيما بعد انشاء الله تعالى

٣٦٨

وان يكون لاجل مصلحة تترتب عليها والا كان لغوا ، وبما ان الصلاة شيء مغاير للمصلحة وليس نفسها فيصدق على الصلاة انها وجبت لاجل شيء آخر وهو المصلحة. وهكذا بالنسبة الى الحج والصوم و ... ، ولا يبقى مصداق للواجب النفسي سوى الايمان بالله سبحانه ، فانه لم يجب لاجل مصلحة مترتبة عليه ، اذ هو بنفسه وبذاته محبوب وذو مصلحة لا انه شيء تترتب عليه المصلحة بعد حصوله بحيث تكون المصلحة مغايرة له بل مصلحته ذاتية له (١).

واجيب عن هذا الاشكال بان الصلاة مثلا وان وجبت لاجل المصلحة المترتبة عليها الا ان المصلحة ليست واجبة ، واذا لم تكن واجبة فلا يصدق على الصلاة انها وجبت لاجل واجب آخر ، اجل يصدق عليها انها وجبت لشيء آخر ولا يصدق انها وجبت لاجل واجب آخر (٢) ، ونحن نختار ان الواجب الغيري هو ما وجب لاجل واجب آخر.

وقد يعترض بان المصلحة كيف لا تكون واجبة التحصيل والحال ان الصلاة وجبت لاجلها؟ ان ثبوت الوجوب للصلاة مع عدم ثبوته للمصلحة التي لاجلها صارت الصلاة واجبة ما هو الا من قبيل زيادة الفرع على الاصل.

والجواب : انا نسلم شيئا وننكر شيئا آخر ، فنسلم ان الصلاة اذا كانت محبوبة ومرادة فمن اللازم ان تكون مصلحتها محبوبة ومرادة اذ الصلاة صارت محبوبة لاجل مصلحتها ومعه فلا يمكن ان تكون الصلاة محبوبة دون مصلحتها ، اذن الملازمة في عالم الشوق والارادة مسلمة ، هذا ما نسلمه. واما ما ننكره فهو

__________________

(١) التمثيل بالايمان بالله سبحانه لما كانت مصلحته ذاتيه اولى من تمثيل الاخوند بمعرفة الله سبحانه اذ المعرفة قد يقال انها تجب لا لمصلحة ذاتية بل لاجل توقف شكر المنعم عليها الذي هو امر مغاير للمعرفة

(٢) وبهذا اتضح الفارق بين التعريفين

٣٦٩

الملازمة في عالم الوجوب فلا نسلم ان الصلاة اذا كانت واجبة فمصلحتها واجبة التحصيل اذ الوجوب كما تقدم ص ٢٢ من الحلقة اعتبار وجعل يستعمله المولى لتحديد مركز حق اطاعته فاذا اراد اثبات حق اطاعته على شيء استعمل الوجوب لتحصيل ذلك ، وباتضاح هذا يتضح ان المحبوب والمراد الاصيل للمولى وان كان هو المصلحة والملاك ، والصلاة مقدمة لذلك الا انه قد تقتضي نكتة خاصة تحديد المولى مركز اطاعته في مقدمة مراده الاصيل ـ والمقدمة هي الصلاة ـ لا في نفس مراده الاصيل ـ المصلحة ـ ومع عدم تحديد مركز حق الاطاعة في المصلحة فلا يصدق على المصلحة انها واجبة وبالتالي لا يصدق على الصلاة انها وجبت لاجل واجب آخر وان صدق عليها انها وجبت لشيء آخر ، ومعه فلا تصير واجبا غيريا ، وهذا بخلاف الوضوء مثلا فانه وجب لاجل واجب آخر فهو واجب غيري.

قوله ص ٣٧٠ س ١ مما تقدم : اي ص ٣٣٦ من الحلقة.

قوله ص ٣٧٠ س ٢ المتعلق بها الصواب : المتعلق به : المتعلق به.

قوله ص ٣٧٠ س ٤ من شؤون حكم العقل بلزوم الامتثال : اي لما كان العقل يحكم بلزوم امتثال الحج فمن لوازم ذلك حكمه بلزوم السفر.

قوله ص ٣٧٠ س ١١ وبضم مقدمية : اي لما كان ذلك الملاك يقتضي بذاته وجوب الحج بينما اقتضاؤه لوجوب السفر ثانيا وبالعرض وباعتبار كونه مقدمة سمي وجوب السفر بالتبعي.

قوله ص ٣٧٢ س ٣ والجعل : عطف تفسير على « الاعتبار » ، ووضع النقطة قبل كلمة « والجعل » خطأ مطبعي.

قوله ص ٣٧٢ س ٤ الذي هو العنصر الثالث : تقدم ص ٢٢ ان الحكم في

٣٧٠

عالم الثبوت له مراحل ثلاث : الملاك ، والارادة ، والوجوب الذي هو عبارة عن الاعتبار.

قوله ص ٣٧٢ س ٧ لا في عالم الجعل والاعتبار : عطف على « عالم الحب والارادة ».

قوله ص ٣٧٢ س ٩ لمركز حب الاصيل : اي لمركز حب المراد الاصيل. وذلك المركز هو المصلحة.

خصائص الوجوب الغيري :

قوله ص ٣٧٣ س ٣ ولا شك لدى الجميع ... الخ : على تقدير ثبوت الوجوب الغيري للمقدمة يقع التساؤل عن خصائص الوجوب المذكور التي بها يمتاز عن الوجوب النفسي الثابت لذي المقدمة. والخصائص اربع هي :

١ ـ ان الوجوب الغيري لا يصلح للمحركية الاستقلالية بخلاف النفسي فانه صالح لذلك. والمقصود من ذلك ان المكلف لا يمكنه في حالة عدم ارادة الحج مثلا التحرك نحو السفر بقصد امتثال الامر الغيري المتعلق به ، فالتحرك نحو امتثال الامر الغيري المتعلق بالسفر من دون التحرك نحو امتثال الامر النفسي المتعلق بالحج امر غير ممكن لان الشارع وان اراد السفر الا انه اراده لاجل التوصل به الى الحج ، اما بقطع النظر عنه فلا يريده ، ومعه فلا يمكن ارادة السفر بدون ارادة الحج فان ارادة المكلف لا بدّ وان تتطابق مع ارادة الشارع ، وحيث فرض ان الشارع لا يريد السفر عند عدم ارادة الحج فلا يمكن للمكلف ان يأتي بالسفر بقصد امتثال وجوبه الغيري ، بل لو راجع المكلف قرارة نفسه لوجد بوضوح ان اتيانه بالسفر عند عدم ارادته للحج لا ينشأ من الوجوب الغيري المتعلق بالسفر

٣٧١

وانما هو ناشىء من دواع اخرى كالتنزه والتجارة فهو يسافر ليتنزه ويتاجر ولا يسافر لاجل امتثال امر الله الغيري المتعلق بالسفر.

٢ ـ ان امتثال الوجوب الغيري لا يوجب استحقاق الثواب فلو اتى المكلف بالسفر بقصد امتثال وجوبه الغيري فلا يستحق الثواب لان اتيانه بالسفر لا يخلو من احدى حالتين ، فاما ان يأتي به بقصد ان يتحقق منه امكان الاتيان بالحج او يأتي به من دون توجه الى الحج ، وعلى الاول وان استحق الثواب ولكن ليس على الاتيان بالسفر بما هو اتيان بالسفر بل عليه بما هو بداية وشروع في امتثال الامر بالحج ، ومعنى هذا بعبارة اخرى استحقاق الثواب على امتثال الواجب النفسي دون امتثال الامر الغيري ، وبكلمة ثانية ان من اتى بالسفر بقصد التوصل الى الحج يصدق عليه من حين الشروع في السفر انه شرع في امتثال الامر النفسي المتعلق بالحج ، ومعه فمن بداية السفر يصير مستحقا للثواب ولكن لاجل امتثال الامر النفسي بالحج وليس على امتثال الامر الغيري بما هو امتثال له ، هذا كله لو اتي بالسفر بقصد امكان الاتيان بالحج.

واما لو اتي به بقطع النظر عن الحج فلا يكون هناك قصد لامتثال الامر الغيري المتعلق بالسفر ليستحق الثواب عليه ، فانه تقدم في الخصوصية الاولى ان المكلف لا يمكنه قصد امتثال الامر الغيري المتعلق بالسفر بقطع النظر عن قصد امتثال الامر النفسي المتعلق بالحج.

ويمكن ان نقول : ان ثبوت هذه الخصوصية للوجوب الغيري امر وجداني لا يحتاج الى اثبات ، فان الوجدان قاض بان الحج لو كان له عشر مقدمات واتى المكلف بجميعها فلا يستحق احد عشر ثوابا واحد منها على امتثال الحج والبقية على امتثال المقدمات العشر بل قاض باستحقاقه لثواب واحد على امتثال الحج

٣٧٢

غاية الامر ان ذلك الثواب الواحد يتضاعف ويزداد باعتبار ان الفعل كلما ازدادت مقدماته صار اشق.

٣ ـ ان مخالفة الوجوب الغيري لا توجب استحقاق العقاب ، فالتارك للسفر لا يستحق العقاب على تركه امتثال الوجوب الغيري المتعلق بالسفر وانما يستحقه على عدم امتثال الوجوب النفسي المتعلق بالحج ، فان السفر ليس له ملاك خاص به ليلزم استحقاق العقاب على تفويته وانما الملاك ثابت في الحج فقط ، وبترك السفر يلزم تفويت ملاك الحج وبالتالي يلزم استحقاق العقاب من الناحية المذكورة ، هذا مضافا الى قضاء الوجدان بهذه الخصوصية ، فانه قاض بان التارك للحج بما له من مقدمات لا يستحق عقوبات متعددة بعدد المقدمات المتروكة بل عقوبة واحدة على ترك الحج.

٤ ـ ان الوجوب الغيري توصلي وليس عباديا ، فالمكلف اذا سافر الى مكة المكرمة مثلا لا بقصد الاتيان بالحج بل بقصد التجارة او التنزه بيد انه بعد وصوله اليها قصد الاتيان بالحج فلا يلزمه الرجوع الى بلده والسفر منه الى مكة من جديد ، لان الغرض من وجوب السفر هو الوصول الى مكة والمفروض حصوله فلا وجه للتكرار ، وبكلمة ثانية : المطلوب هو واقع المقدمة دون المقدمة المقيدة بقصد التوصل بها لذيها.

قوله ص ٣٧٣ س ٤ اذا كان ثابتا : يأتي البحث عن ثبوت الوجوب الغيري للمقدمة وعدمه ص ٣٨٢ من الحلقة.

قوله ص ٣٧٣ س ١١ لأن ارادة العبد المنقاد ... الخ : اي لان العبد اذا كان منقادا حقيقة وواقعا فلازمه ان يريد ما أراده المولى ، والمفروض ان المولى يريد السفر عند ارادة الحج ولا يريده بقطع النظر عنه.

٣٧٣

وكلمة « التكوينية » صفة للارادة. ثم ان الارادة على قسمين : تكوينية وتشريعية. والفرق بينهما : ان الشخص المريد اذا كان يريد فعل نفسه فالارادة تسمى بالارادة التكوينية ، واذا كان يريد فعل غيره فالارادة تسمى بالارادة التشريعية ، فاذا اراد الاب من ولده ان يدرس ويجد ويجتهد فارادته تشريعية لانها متعلقة بفعل غيره ، واما اذا أراد ان يكون هو بنفسه مجدا ومجتهدا فارادته تكوينية لتعلقها بفعل نفسه ، ومن هنا يتضح ان ارادة العبد للسفر هي ارادة تكوينية لانها ترتبط بفعل نفسه واما ارادة المولى للسفر فهي تشريعية لانها ترتبط بفعل غيره.

قوله ص ٣٧٤ س ١ بما هو امتثال : اي بما هو امتثال للوجوب الغيري.

قوله ص ٣٧٤ س ٣ من قبل : بكسر القاف وفتح الباء.

قوله ص ٣٧٤ س ٤ وهو منصرف : اي غير قاصد.

مقدمات غير الواجب :

قوله ص ٣٧٥ س ٧ كما تتصف مقدمات الواجب ... الخ : كان الكلام فيما سبق عن مقدمة الواجب. وقد تسأل عن حال مقدمة الحرام والمكروه والمستحب.

اما مقدمة المستحب فحالها حال مقدمة الواجب دون اي فرق ، فاذا قلنا بوجوب مقدمة الواجب لزم القول باستحباب مقدمة المستحب ، لان نكتة وجوب مقدمة الواجب ليست هي الا توقف الواجب عليها ، وهذه النكتة بنفسها ثابتة في مقدمة المستحب.

واما مقدمة الحرام فهي على قسمين ، اذ تارة تكون بشكل لو حصلت فحتما

٣٧٤

يحصل الحرام ولا يمكن تخلفه كمن قبض السكين ووضعها على رقبة غيره واخذ بامرارها ، فان امرارها يستلزم حصول القتل ولا يمكن تحققه من دون تحققه. واخرى يفرض انها لو حصلت فلا يلزم تحتم حصول الحرام كما هو الحال في شراء السكين ، فان تحققه لا يستلزم حصول القتل ، فلربما يشتري الشخص السكين ولا يتحقق منه قتل الغير.

واذا اتضح وجود هذين القسمين لمقدمة الحرام نقول : ان القسم الاول محرم لان ترك الحرام يتوقف على ترك هذا القسم من المقدمة ، واما القسم الثاني فليس بمحرم لعدم توقف ترك الحرام على تركه ، اذ ترك الحرام لا يتوقف على ترك كل واحدة واحدة من مقدماته بل يكفي لتحققه ترك مقدمة واحدة من مقدماته (١).

واما مقدمة المكروه فحالها حال مقدمة الحرام دون اي فرق ، ويأتي فيها التفصيل السابق ، فالمقدمة التي يتوقف على تركها ترك المكروه مكروهة دون غيرها.

قوله ص ٣٧٥ س ٨ عند القائلين بالملازمة : اي عند القائلين بان مقدمة الواجب واجبة.

قوله ص ٣٧٥ س ١٢ من العلة التامة له : اي للحرام.

الثمرة الفقهية للنزاع في الوجوب الغيري :

قوله ص ٣٧٦ س ٦ ومسألة الملازمة بين وجوب الشيء ... الخ : من

__________________

(١) وعلى هذا فشراء السكين لا يكون محرما من باب انه مقدمة للحرام وان احتمل القول بحرمته من جهة اخرى ككونه معاونة على الاثم ونحو ذلك ، ولكن هذا مطلب آخر لو تم فهو اجنبي عن محل الكلام ، فان الكلام انما هو في الحرمة من جهة المقدمية للحرام

٣٧٥

الواضح ان مسألتنا هذه وهي مسألة الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته من المسائل القديمة والاصيلة في علم الاصول ولسنا مبالغين اذا قلنا هي اقدم مسألة فيه ، وبالرغم من ذلك وقع تشكيك في اصوليتها باعتبار انه يلزم في المسألة الاصولية استنباط حكم شرعي منها ، ومسألة الملازمة ليست كذلك ، فان القول بثبوت الملازمة وان استنبط بواسطته ثبوت الوجوب الشرعي للمقدمة كوجوب السفر الى مكة ونحوه ولكن هذا المقدار لا يكفي في اصولية المسألة فانه ذكرنا في البحث السابق ان الوجوب الغيري الثابت للمقدمة لا يحرك تحريكا استقلاليا كما وانه لا عقاب على مخالفته ولا ثواب على موافقته ، ومعه فلا يكون متضمنا لروح الحكم وانما يحمل اسمه فقط ، فان روح الحكم عبارة عن كونه محركا وموجبا للثواب والعقاب والا فهو كالقشر بلا لب وكاللفظ بلا معنى ، وواضح ان المسألة تصير اصولية فيما لو كانت تحصّل حكما شرعيا يشتمل على روح الحكم وحقيقته ولا يكفي تحصيلها لاسم الحكم دون روحه ، ومن هنا اخذ الاصوليون بتصوير ثمرة مسألة الملازمة ، وقد ذكر في الكتاب ثمرتان لذلك.

الثمرة الاولى (١) :

ولتوضيحها نذكر مقدمة تشتمل على نقاط ثلاث هي :

١ ـ قرأنا فيما سبق الفرق بين مصطلحي التعارض والتزاحم ، فان الحكمين تارة يتكاذبان في مقام الجعل بحيث اذا كان احدهما صادرا من الشارع فلا يمكن صدور الثاني منه ، كما لو قال احد الدليلين تجب صلاة الجمعة زمن الغيبة والثاني يقول تحرم الجمعة زمن الغيبة فان الدليل الاول اذا كان صادرا من الشارع فلا يمكن صدور الثاني منه والعكس بالعكس ، ومثل هذه الحالة تسمى بحالة

__________________

(١) هذه الثمرة لم تذكر في الكتب الاصولية الاخرى بل ولم يذكرها قدّس سره في تقرير درسه

٣٧٦

التعارض. اما اذا افترض عدم تكاذب الدليلين بهذا الشكل بيد انه لم يكن بامكان المكلف امتثالهما معا ، كما هو الحال في امر « صل » وامر « انقذ الغريق » فانه لا تكاذب بينهما في مقام الجعل لامكان صدورهما من الشارع بلا اي تناف غير انه قد لا يمكن للمكلف امتثالهما معا كما لو ضاق وقت الصلاة واوشك شخص على الغرق ، فان الجمع بين الصلاة والانقاذ غير ممكن في مقام الامتثال. ومثل هذه الحالة تسمى بالتزاحم.

وباختصار : ان التعارض هو تنافي الدليلين في مقام الجعل ، والتزاحم هو تنافيهما في مقام الامتثال بلا تناف في مقام الجعل.

٢ ـ ان العلاج في باب التزاحم هو تقديم الحكم الأهم ملاكا بينما العلاج في باب التعارض هو تقديم الاقوى سندا او دلالة ولا ينظر الى اهمية الملاك.

٣ ـ ان كل حكم من الاحكام هو مشروط بالقدرة على امتثاله ، فامر « صل » مثلا مشروط بالقدرة على امتثاله ، فالنائم لا يكون مأمورا بالصلاة. وهذا واضح ، ولكن قرأنا فيما سبق ان كل حكم من الاحكام كما هو مشروط بالقدرة على امتثاله كذلك هو مشروط بعدم وجود حكم آخر لا يمكن عند امتثاله امتثال الآخر ، اذ في هذه الحالة يكون التكليف متوجها الى الاهم فقط ويبقى المهم لا تكليف به حالة الاشتغال بالاهم ، اجل في حالة عدم الاشتغال بالاهم لا مانع من تعلق التكليف بالمهم. ومن هنا نخرج بهذه النتيجة وهي : انه كلما كان عندنا تكليفان لا يمكن امتثالهما معا فما هو الاهم منهما يكون ثابتا وغيره لا يكون ثابتا الا في حالة عدم الاشتغال بالاهم ، ومثال ذلك : انقاذ الغريق والصلاة عند ضيق وقتها ، ان مثل هذين لا يمكن امتثالهما ، اذ الاتيان باحدهما يفوت امكان الاتيان بالآخر ، وفي مثل ذلك لا بدّ من ملاحظة ان ايهما هو الأهم ، فاذا كان الانقاذ هو

٣٧٧

الاهم كان التكليف متعلقا به وتبقى الصلاة لا امر بها الا عند عدم الاشتغال بالانقاذ.

وبعد الفراغ من هذه المقدمات نعود الى الثمرة وحاصلها : انه بناء على ثبوت الملازمة يتحقق التعارض بين الدليلين ويلزم تطبيق احكام باب التعارض وهي تقديم الاقوى سندا او دلالة ولا ينظر الى اهمية الملاك بينما بناء على عدم ثبوت الملازمة يتحقق التزاحم ولا بدّ من تقديم الاهم ملاكا ، ولا ينظر الى قوة السند او الدلالة.

وهذه الثمرة تظهر فيما لو كان عندنا واجب وحرام وكان الواجب مقدمة لفعل الحرام ونفترض ان الواجب كان مقدمة للحرام بنحو العلة التامة. ومثال ذلك : ما لو قال الظالم : ان صليت قتلت ولدك فان فعل الصلاة علة لقتل الولد ومقدمة له. وفي مثله اذا بني على ان مقدمة الحرام حرام (١) صارت الصلاة واجبة ومحرمة وبذلك يتحقق التعارض ، اذ لا يمكن ان يكون الشيء الواحد واجبا ومحرما. اما انها واجبة فلفرض انها في نفسها كذلك ، واما انها محرمة فلأنها مقدمة وعلة تامة لتحقق الحرام وقد قرأنا سابقا ان مقدمة الحرام محرمة فيما اذا كانت علة تامة لتحقق الحرام (٢).

ولاول وهلة قد يتخيل ان المعارضة تتحقق بين وجوب الصلاة وحرمتها الغيرية ولكنها بالدقة هي بين دليل وجوب الصلاة ودليل حرمة القتل ، فان

__________________

(١) قلنا لو بني على ان مقدمة الحرام حرام ولم نقل لو بني على ان مقدمة الواجب واجبة ، فهذه الثمرة اذن ترتبط بالملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدمته ولا ترتبط بالملازمة بين وجوب الشيء ومقدمته. اجل الثمرة الثانية ترتبط بذلك

(٢) ومن هنا يتضح الوجه في افتراض كون الواجب علة تامة ، اذ لو لم يكن علة تامة لتحقق الحرام فلا يكون محرما فان مقدمة الحرام لا تكون محرمة الا اذا كانت علة تامة لتحقق الحرام

٣٧٨

المعارضة لا تتحقق الا بين التكاليف النفسية ، ودليل حرمة القتل بعد ضم الملازمة اليه يصير مقتضيا لحرمة القتل حرمة نفسية ولحرمة الصلاة حرمة غيرية وبذلك يعارض دليل وجوب الصلاة فدليل وجوب الصلاة يقول الصلاة واجبة ودليل حرمة القتل يقول الصلاة محرمة.

هذا كله لو قلنا بثبوت الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدمته ، واما بناء على انكار ذلك فلا يتحقق التعارض بل التزاحم ، اذ الصلاة لا تصير محرمة وواجبة ليلزم التعارض بل هي واجبة فقط غاية الامر بما ان القتل محرم ـ والمفروض عدم امكان امتثال هذين الحكمين ـ فيتحقق التزاحم بينهما ويقدم الاهم.

وكان الواجب اهم ملاكا من الحرام

وقد قيدت عبارة الكتاب هذه الثمرة بما اذا كان الواجب اهم من الحرام. وفي وجه التقييد المذكور خفاء.

وقد يقال في بيانه بان ملاك الحرام اذا كان هو الاهم فلا يمكن الامر بالصلاة لا بنحو مطلق ولا بنحو مشروط بعصيان حرمة القتل ، اما انه لا يمكن الامر بها بنحو مطلق فواضح ، اذ كيف يقال يحرم القتل مطلقا وتجب الصلاة مطلقا ، ما هذا الا امر بالضدين ، واما انه لا يمكن الامر بها بشرط عصيان حرمة القتل فلأن فرض مخالفة الحرمة معناه تحقق قتل الولد ، ولازم تحقق القتل تحقق الصلاة ، ومعه يكون الامر بالصلاة امرا بتحصيل الحاصل. وهذا بخلاف ما اذا كان الواجب هو الاهم فانه يمكن ثبوت الحرمة مشروطة بعدم الصلاة ، اذ مخالفة الواجب التي هي بعبارة اخرى ترك الصلاة لا تلازم امتثال حرمة القتل حتى

٣٧٩

يكون ثبوتها تكليفا بما هو حاصل فيمكن ان يقال ان لم تصل فلا تعرّض النفس المحترمة للقتل (١).

__________________

(١) هكذا قد يقال. وفيه : انا لا نسلم بان فرض مخالفة حرمة القتل يستلزم فرض تحقق الصلاة حتى يكون الامر بها امرا بتحصيل الحاصل ، اذ يمكن تحقق تعريض النفس المحترمة للقتل لا لأجل الصلاة بل لاغراض اخرى من قبيل التشفي ، وحينئذ يصح ان يقال ان خالفت النهي عن القتل وعرّضت النفس المحترمة للقتل فالصلاة واجبة عليك.

ان قلت : ان المقصود من مخالفة الحرمة هو مخالفة حرمة القتل الحاصلة بسبب الصلاة ، وواضح ان مخالفة هذه الحصة الخاصة من الحرمة لا يمكن فرض تحققها الا بتحقق الصلاة. قلت : اذا كان هذا هو المقصود فلازم ذلك عدم صحة الامر الترتبي من الجانب الآخر ايضا فلا يمكن ان يقال ان خالفت الامر بالصلاة ولم تصل فلا تعرّض النفس المحترمة للقتل ، لانه مع ترك الصلاة فالقتل الناشىء من الصلاة لا يمكن تحققه وبالتالي لا يمكن تحقق مخالفة الحرمة المتعلقة به ، فالتكليف بعدم مخالفة الحرمة يكون تكليفا بغير المقدور ، وعليه فالتقييد المذكور لم يتضح لنا وجهه.

التأمل في اصل الثمرة

ويمكن التأمل في اصل الثمرة باعتبار ان تحقق التعارض بين دليل حرمة القتل ودليل وجوب الصلاة ليس مبنيا على القول بسراية الحرمة من حرمة القتل الى الصلاة بل حتى لو لم نقل بالملازمة والسراية يتحقق التعارض بين وجوب الصلاة شرعا وحرمة قتل المؤمن بعد الالتفات الى اللابدية العقلية وانه لا بدّ عقلا لامتثال حرمة القتل من ترك الصلاة ، انه بعد الالتفات الى هذه اللابدية العقلية لا يمكن الامر بالصلاة ويرى العرف استحالة صدورهما من المولى وتشريعهما معا ، اذ كيف يمكن ان تكون العلة واجبة والمعلول محرما. ان قلت : ان لازم هذا البيان دخول جميع موارد التزاحم تحت باب التعارض ، ولا يبقى مورد للتزاحم ، ففي مثل الازالة والصلاة مثلا يقال : مع الامر بالازالة التي لا يمكن ان تجتمع مع الصلاة لا يمكن الامر بالصلاة ويتحقق التعارض بينهما.

قلت : ان كل تكليف بما انه مشروط عقلا بعدم الاشتغال بالمساوي او الاهم فلا يتحقق التعارض بينهما لامكان الامر بالازالة والصلاة تحت ظل الشرط العقلي المذكور ، وفي المقام اذا اريد رفع التعارض بين الامر بالصلاة والنهي عن القتل من خلال الطريق المذكور ـ وذلك بتشريع كل من الامر بالصلاة والنهي عن القتل مشروطا بعدم الاشتغال بالمساوي او الاهم ـ كان الجواب ان هذا وان كان متينا الا ان التخلص من التعارض بهذا البيان وعدمه لا يفرق فيه بين القول بالملازمة وعدمه فان اللابدية العقلية تكفي للقيام مقام القول بالملازمة. ـ

٣٨٠